يحكى أن رجلا كبيرا في السن قد أوصى ابنه بثلاث وصايا وهي
الأولى: لا تعطي سرك للمرأة حتى لو كانت أمك
والثانية: لا تزوّج الردي اللي ما فيه خير حتى لو كان غنيا وزوّج الرجل الطيّب حتى لو كان فقيرا معدما
والثالثة: لا تخاوي الحاكم والسلطان
وبعد فترة توفي الشايب تعجب لبنه من هذه الوصايا وقال في نفسه يجب أن أجرب الوصايا لأكتشف السبب فزوّج خواته الثنتين واحدة لشهم كريم والثانية لتاجر لم يذكر بطيب ثم تعرف على الحاكم حتى أصبحت صداقتهم قوية لدرجة أن الحاكم إذا لم يراه في المجلس ضاق صدره وفي أحد الأيام قام بسرقة نعامة الحاكم وأخفاها في مكان لا يراها أحد ثم ذهب وأحضر عنز وذبحها وقال لأمه هذه نعامة الحاكم سرقتها وذبحتها فلا تخبري أحد وإلا قتلني الحاكم وخلي هذا سر بيننا فقالت الأم أبدا لن يعلم بها أحد وسرك في بئر وبعد يومين أخبرت جارتها وقالت بعلمك بسر بس لا يدري عنه أحد فقالت الجارة لا تخافي لن يعلم أحد بسرك نهائيا فأخبرتها بأنهم قبل يومين أكلوا نعامة الحاكم وبدأ السر ينتشر بين النساء حتى وصل لزوجة الحاكم التي أخبرت زوجها فغضب الحاكم أشد الغضب واستدعى الرجل ليتأكد من الخبر ، فاعترف له بذبحه للنعامة فنسي الحاكم الصداقة وقال له يجب أن تموت جزاء فعلتك فقال الرجل سوف أعوضك عنها فأطلب ما تريد وأعتقني، فطلب الحاكم منه مائة ناقة وضحا ثمنا للنعامة، فطلب الرجل مهلة كي يفتدي نفسه ويحظر المائة ناقة المطلوبة
فذهب لزوج أخته الردي وكان غنيا جدا وأخبره بالقصة فقال له زوج الأخت الردي ليس لك عندي إلا هذا التيس فأخذه، ثم ذهب لزوج أخته الشهم الفقير وأخبره بالقصة فقال له زوج الأخت الشهم أبشر ما طلبت وذهب لجماعته وأخبرهم بقصة نسيبه وما هو مطلوب منه ولطيبه ومراجله لبّوا جماعته طلبه وجمعوا المائة ناقة فأخذها الرجل وذهب لبلدته ومر نعامة الحاكم في طريق عودته وأخذها معه وذهب لبيت الحاكم الذي استغرب ما يحدث أمام عينيه فالإبل أتت ومعها النعامة والتيس
فسأله عن حقيقة الأمر، فأخبره الرجل بوصايا والده الثلاث وأنه جربّها بنفسه وثبتت صحتها فالمرأة لا تعطى السر حتى وإن كانت الأم فأمي أفشت بالسر الذي يتسبب بقتلي، والحاكم لا تثق في صداقته فقد يتنكر لك وأنت كدت أن تقتلني بسبب نعامة، والنسيب الطيّب تجده وقت الحاجة وهذه الإبل عطيته لي، والنسيب الردي لا ينفعك بشيء وهذا التيس عطيته لي فأعجب الحاكم بهذا الموقف الذي أدهش الناس جميعا وأمر بأن يوضع على كل ناقة عدلين محملين بكل ما يحتاجه البدو في ذلك الوقت فرجع الرجل إلى أنسبائه ومر بالنسيب الردي وأعطاه تيسه ومربوط على قرونه شيلة سوداء ثم ذهب إلى نسيبه الشهم وأعطاه المائة ناقة الوضح محملة بالخيرات وكل ناقة عادت لأهلها بما تحمله