أهمية الارتيمياء في إنتاج اليرقات السمكية
المقدمة
الموارد البحرية الحية هي احدي أهم المصادر الطبيعية التي تعمل على سد الحاجة الغذائية للإنسان منذ العهود القديمة وحتى عصرنا الحالي, بالإضافة إلى أنها احدي المصادر التي تعمل علي توفير فرص العمل والمنافع الاقتصادية الأخرى لأولئك العاملين في هذا النشاط التقليدي الهام.
ونسبة للزيادة الكبيرة لأعداد السكان في العالم في السنوات الأخيرة فقد اتجهت أنظار الدول لاستغلال ثرواتها الطبيعية البرية منها والبحرية لتامين حاجة شعوبها الغذائية بما يتماشى وهذه الزيادة المضطردة, وقد برزت أهمية إكثار يرقات الأسماك صناعياً أو ما يعرف بالاستزراع السمكي وإنتاج الأسماك لدعم المخزونات السمكية الطبيعية, وكان لابد من استحداث تقنيات جديدة تغطي أي قصور قد يحدث في أنظمة استزراع الأسماك, لذا قام الخبراء والمختصون بإنتاج وتربية اليرقات الســمكية من تطوير أنظمة غذائية تعمل على تغطية الاحتياجات الغذائية لليرقات خلال المراحل العمرية المختلفة كما هو الحال في مركز أبحاث الأحياء البحرية التابع لوزارة الزراعة والثروة السمكية, وذلك ضمن جهود الوزارة الرامية لدعم المخزون السمكي في البلاد, وذلك بإنتاج يرقات الأنواع الهامة تجارياً وإطلاقها في المناطق المحمية بالدولة, كما هو متبع في العديد من دول العالم المتقدمة .
بدايةً يتم تغذية اليرقات السمكية حديثة الفقس خلال الفترة من 2 ـ 4 يوم, ( بعد فتح الفم في اليرقة ) بالهائمات الحيوانية الروتيفيرا , حيث تسـتمر هذه المرحلة (التغذية بالروتيفيرا ) لفترة قد تتجـــاوزالأسبوعين إلي الثلاثة , تتطور خلال هذه الفترة اليرقة فتصبح قادرة على السباحة الأفقية وتتضح عليها أعضاء الجسم (الرأس – الجسم – الذيل ) , ويسهل عليها التقاط غذائها , عندها تبداء مرحلة التغذية بالارتيميا والتي تعتبر اكبر حجماً من هائمات الروتيفيرا .
تمثل الأرتيميا المرحلة الثانية من تغذية اليرقات بعد التغذية بواسطة الروتيفيرا. (مرحلتي التغذية بواســـطة الغذاء الحي سهل الهضم ).
تعريف الأرتيميا
يمكن تعريف الأرتيميا بان احد أنواع الحيوانات الدقيقة التي تنتمي إلي طائفة القشريات وتنتشر بالمسطحات المائية شديدة الملوحة (من 100الي أكثر من 150جرام / لتر ) بالإضافة لانتشارها بالمناطق الاستوائية والشبه ستوائية , وتتغذي هذه الكائنات بترشيح المياه , حيث تتغذي على الهائمات النباتية والبكتريا الدقيقة .
بيض الأرتيميا قبل مرحلة الفقس
يتراوح طول حيوان الأرتيميا الكامل النمو بين 10 ـــــ 20 ملليمتر ويصل عمر الحيوان لنحو 6 اشهر , و الأرتيميا تتميز بتكاثرها السريع وذلك للحفاظ على النوع حيث أنها تتكاثر إما جنسياً أو بكرياً ففي حالة التكاثر البكري ( التكاثر الذاتي ) تضع الأنثى البالغة من 200 ـ 300 يرقة كل أربعة أيام وان كانت
بعض أنواع الأرتيميا تتباين فيها أعداد البيض واليرقات التي يتم وضعها حسب النوع ) ويصل طول اليرقة الواحدة إلي نصف ملليمتر ويمكن لهذه اليرقات أن تصل لطور النمو الكامل خلال مدة أسبوعين , ثم تبداء مرحلة التكاثر بعد ذلك .
أما في حالة عدم ملائمة الظروف البيئية فتنشط في الأنثى غدة تقوم بإفراز مادة كيتينية تغلف كل جنين قبل ولادته لحمايته من الظروف الخارجية, ويبلغ قطر البيضة من 200 ـ 300 ميكرون
وفي حالة تحسن الظروف البيئية المحيطة تفقس البيضة المتحوصلة خلال يوم لتخرج منها اليرقة حيث تنمو وتتكاثر خلال أسبوعين لإعادة دورة التكاثر مرة ثانية .
وتوجد حوالي سبعة أنواع من الأرتيميا ثنائية الجنس ( طول الحيوان الناضج اكبر من 1 سم ) في العالم وهي :-
1. Artemia: ويعتبر هذا النوع منقرضاً حالياً , وقد كان منتشراً في الأصل في بريطانيا, إلا انه يحتفظ حتى الآن ببعض الحويصلات منه في مركز الأرتيميا ( بلجيكا ) وذلك بهدف إجراء الدراسات البحثية التي يمكن من خلالها التأكد من انقراض أو انتشار هذا النوع الفريد.
2. Artemia tunisiana:(منتشـر بقارة أوربـا وشـمال أفـريقيـا).
3. Artemia franciscana: (منتشر بقارتي أمريكا الشـــمالية والجنوبية).
4. Artemia persimilis: (منتشـر بالأرجــنتين).
5. Artemia urmiana: (منتشر بإيران ووســـط الصين).
6. Artemia sinica: (منتشر بإيران ووســـط الصين).
7. Artemia monica: (منتشر بالولايات المتحدة الأمريكية).
وقد حدث في الآونة الأخيرة نقل بعض هذه الأنواع لاماكن مختلفة من العالم حيث نتج عن ذلك تغير في توزيعها الجغرافي , وتعتبر ارتيميا (Artemia franciscana) من أكثر الأنواع انتشاراً فهنالك أكثر من 350 سلالة من هذا النوع منتشرة على مستوي العالم .
ويتم إنتاج حوالي (80%) من الإنتاج العالمي للأرتيميا في الولايات المتحدة حيث يتم حصادها من البحيرة الكبرى المالحة (SALT LAKE) وتنبع أهمية الأرتيميا بالنسبة لإنتاج يرقات الأسـماك كون أنها ( الأرتيميا) تعتبر من الأغذية الهامة التي لايمكن الاستغناء عنها في تحضين اليرقات السـمكية, وذلك لصغر حجمها (400 – 450 ميكرون), وارتفـاع محتواها الغذائي نتيجة احتوائها على نسـبة عالية من
البروتين الحيواني الغنى بالاحماض الأمينية الأساسية والتي لاتقل عن 55% , بالإضافة الى احتوائها على كميات عالية ومتنوعة من الأحماض الدهنية غير المشبعة بشقيها ( قصيرة وطويلة السـلسلة الكربونية ).
والمحدد لجودة نوع الأرتيميا عدة عوامل أهمها الحجم و نسبة فقس البيض بالإضافة لمحتواها من البروتين والطاقة وخاصة أنواع الدهون من السلاسل الكربونية الغير مشــبعة.
تفريخ الأرتيميا
يتراوح قطر بيضة الأرتيميا في الحالة الجافة من 200 – 300 ميكرون وتأخذ البيضة شكلاً دائرياً غير مكتمل أما بعد عملية الهيدرجة لمدة ساعة أو ساعتين فان البيضة تأخذ الشكل الدائري المكتمل وتحدث زيادة قليلة في الحجم
.وتفريخ الأرتيمياتؤثر عليه العديد من العوامل البيئية والتي يمكن إيجازها في الآتي :
الحرارة
تتراوح درجات الحرارة المثلي للتفريخ بين 25 الى 30 درجة مئوية وان كان من المفضــل ثبات درجة الحرارة خلال هذا المدى , حيث ينخفض معدل التفريــخ إذا انخفضـــت الحرارة عن 25 درجة مئوية , بينما يتعرض الجنين للنفوق إذا زادت عن 31 درجة مئوية .
الملوحة
يمكن تفريخ بيض الأرتيميا في درجات ملوحة متفاوتة تتراوح بين 5 الى 35 جرام / لتر طبقاً لأنواعها , إلا أن درجة الملوحة المثلي لمعظم الأنواع تتراوح بين 15 الى 20 جرام / لتر .
الأس الهيدروجيني Ph
تنتهي عملية التفريخ وتطور الجنين الى ظهور يرقة النيوبلس وخلال هذه المرحلة ينتج غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يذوب بدوره في الوسط المائي للتفريخ مسبباً انخفاض الأس الهيدروجيني , لذلك يفضل إضافة بيكربونات الصوديوم بمعدل يتراوح من 1 الى 2 جرام / لتر.
الأوكسجين الذائب في الماء
يعتبر مصدر التهوية من العوامل الهامة لنجاح عملية الفقس , بشرط أن لا يقل تركيز الأوكسجين عن 4 أجزاء في المليون.
الكثـافة
يجب أن تتناسب كثافة البيض في وعاء التفريخ مع الاحتياجات من الأوكسجين الذائب , حيث أن الجنين يستهلك معدلات عالية من الأكسجين , ولهذا فان زيادة عدد الأجنة أو البيض بالوعاء قد يودي لاختناق الأجنة ونفوقها , وقد وجد أن أفضل الكثافات لبيض الأرتيميا بالمفرخات قد تراوحت بين 2 – 3 جرام / لتر .
الضــــوء
يعتبر الضوء من العوامل الهامة لإكتمال تطور الجنين عند بداية التفريخ , وللوصول لأعلى معدلات تفريخ تضبط الكثافة الضوئية على 2000 وحدة لوكس .
التـطهير
تعتبر عملية التطهير من العمليات الضرورية , حيث تتراكم البكتريا والفطريات وبعض الشوائب على ســــــطح البيض , وبإجراء عملية التطهير تقتل البكتريا والفطر الضــارتين .
ويتم التطهير بواســـــطة الكلور, بعد تحـــديد عدد البيض وحجم الوعاء, وذلك لتحــديد كمية الكلـور ( التركيز يجب أن يكون 200 جزء في المليون ) التي من المفترض إضافتها.
شكل وحجم وعاء التفريخ
من المفضل أن يكون شكل وعاء التفريخ اسطواني مخروطي ليحتفظ بالبيض معلقاً دون أن يترســـب في القاع , ويختلف حجم الوعاء وفقاً للكميات المطلوب تفريخها , وتتراوح الأحجام بصورة عامة من 10 لتر إلي 100 لتر في المفرخات التجارية .
الحصـــاد
يتم حصاد الأجنة ( يرقات النيوبلس ) بعد حوالي 24 ساعة , ويمكن أن تمتد الى 48 ساعة طبقاً لمصدر الأرتيميا.
فإذا كان الغرض هو الحصول على اكبر قدر من فقس البيض دون النظر للمحتويات الباعثة للطاقة أو صغر حجم اليرقات فتتم عملية جمع اليرقات خلال مدة لأتقل عن 36 ساعة .
أما في حالة الحاجة الى اليرقات وبها اكبر قدر من المحتويات للطاقة فيتم الحصاد خلال مدة 24 ساعة, وذلك قبل تطور اليرقات من الطور الأول الى الطور الثاني وفي النهاية الى الطور الثالث .
وتتم عملية الحصاد بغلق مصدر التهوية وتغطية الوعاء بغطاء اسود لحجب الضوء , علي أن يتم توجيه الضوء لأسفل الوعاء, وذلك لجذب يرقات الأرتيميا وبالتالي يمكن جمعها بسهولة بطريق السيفون .
ومن العمليات الهامة قبل تقديم الأرتيميا إلي يرقات الأسماك , إجراء عملية الغسيل لمدة لأتقل عن الخمسة دقائق بواسطة المياه العذبة , وذلك بهدف التخلص من نواتج عملية انفجار الحويصلات وظهور مواد تساعد في انتشار البكتريا بخزانات تربية اليرقات .