يد من فولاذ وقفاز من حرير
أتاني وكأن عفاريت السماء والأرض قد ركبت على ظهره، حاولت أن أهدئ عليه، ولكن عندما (عيل صبري) تركته يتخبط وذهبت لأغسل يدي، وعندما عدت وجدته منطرحاً على (الكنبة) وفاتحاً فمه كأي تمساح وقت الظهيرة، فكرت أن اقرأ عليه (المعوذتين) غير إنني صرفت النظر عن ذلك، لأني قدرت أنه أتفه من أن افعل من اجله ذلك.
جلست غير بعيد عنه، ورحت اعبث بأوراق قديمة ورسائل وصور وأمزقها الواحدة تلو الأخرى، لأنها كلها تدينني إدانة لا يطهرني منها ولا مياه البحر الأحمر.
وفجأة اعتدل رفيقي في جلسته وقال لي بصوت (مضطرب): اسمع، فحركت واحدة من أذنيَّ ناحيته قائلا: ها أنا ذا أسمع، تكلم، هات ما عندك.
قال: إنني أعيش في (ورطة)، أجبته: (كلنا ذلك الرجل)، قال: ولكن ورطتي تختلف عن أي ورطة، سألته: لماذا، هل جلست يا ترى على (قنفذ) دون أن تشعر؟!، قال: يا ليتني جلست على قنفذ، إنني جلست على أنثى، سألته: هل عندما فعلت ذلك غضبت منك وعضتك لا سمح الله مثلا؟!، قال: أرجوك لا تمزح وتقلبها (سوطره).
صمت ولم أرد عليه، وبعد خمس دقائق أو تزيد سألني: ماذا تعتقد هو التصرف الحكيم لرجل (انزرع) الباب في وجهه بفعل امرأة مجنونة؟! فقلت له: أرجوك دلني عليها (لأبوس) يدها.
فعاد هو للصمت مرّة أخرى، وعدت أنا للتمزيق بكل همة ونشاط، وعندما انتهيت جمعت كل (القصاصات)، ووضعتها في حوض الغسيل وأشعلت فيها النار وأحرقتها بكل ما فيها من كلمات وأشخاص، ورحت اغني عليها أغنية عبد الحليم: (حبك نار).
وعندما رجعت تذكرت حقيقة تقول: إن للذكر استجابتين طبيعيتين حيال الأنثى: فإما أن يختبئ منها أو يحاول السيطرة عليها، عند ذلك سألته: أي استجابة من هاتين الاستجابتين أنت تواجه بها الأنثى، قال: الاستجابة الأولى، لهذا أنا أتيت لك اليوم لأختبئ عندك.
فحاولت أن اخفف عليه وقلت له: كن شديداً، فالرجال الأشداء يذوبون في النساء، فسألني: وهل أنت رجل شديد؟!، أجبته: وفوق ذلك (ارعن)، فالمرأة يا عزيزي بها الشيء الكثير من (لعانة) القطة، فهي تحب من (يربت) على ظهرها، لا من (يدبجه)، فلا بأس أن تكون يدك من فولاذ، ولكن ادخلها في قفاز من الحرير ) وسوف تشاهد النتائج المذهلة بأم عينك.. ثم يا أخي قل الكلمة المناسبة في الوقت المناسب، فالغواني مثلما قال الشاعر (يغرهن الثناء) ـ حتى لو كان ذلك الثناء كاذبا ـ فالكذب مثلما هو ملح الرجال، فهو أيضاً يعتبر (حميداً) إذا أردت بواسطته أن تعتقل امرأة وتجعلها طوع بنانك.
عندها انتفض قائلا لي: يا لك من شرير، فرددت عليه قائلا: ويا لك من جبان.
وقف واتجه للباب وخرج ولم يعد.
أطفأت الأنوار وأغمضت جفني، ورحت أفكر بكلامي وألوم نفسي وأفخر بها كذلك.
مشعل السديري