اقرأ
بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. كانت أول قبلة من السماء على جبين الأرض ، وأول خيوط النور التي مدت ، وأول لمسة حانية وأول أسباب الهدى ونفحات اليقين ، وأول دلائل الحق وبراهين الحقيقة ، وأول بيان يحمل ومضات الرحمة وعلامات النجاة .. كانت ( اقرأ ) . مفتاح المعارف وترقيق النفوس وعطر الأبدان وتعديل الهمم ، وتنقية القرائح وجلاء العتمات ، وتبديد الظلمات ، إنها شرف الأمة وعزتها ويدها وعقلها وأكبر أسباب رفعتها .
معاشر السادة .. لا يقسم الرب العظيم إلا بالشيء العظيم ، وقد أقسم الله بالقلم قال سبحانه : ( ن والقلم وما يسطرون ) . فما هي عظمة القلم ؟ وما هي هيبته وجلاله وجماله وما هو تأثيره ؟ هل فكرت في الإجابة ؟ ؟ ؟
في الصحيح من حديث ابن عباس( أن أول ما خلق الله القلم) . وما أروعها قصيدة القلم لأبي تمام حين تقرأها .
إذا وضع القلم رأسه ربما يكون أقوى من الجيوش الجرارة ، من حمله بحقه وأمانته أحيا ووعظ وهدى وأيقظ .
لو لم ينفعك عقلك فما قيمته ؟ ولو لم تهدك فكرتك فما قيمتك ؟؟
لو خانتك نفسك فذلك عملك فيها مد عمرك . لأن الجَنَى من جنس الزرع والحصاد على قدر الجهد
اسمع .. قال الله ( اقرأ ) . وذلك فعل أمر والذي أمر هو علام الغيوب، فإذا كان الأمر يأتي على قدر الآمر فمن أعظم من الله يأمرك فتطيع ؟؟؟ لقد رفعت صوتي بها فهل زلزلتك ؟ وإذا كان الامتثال لأمر الله (اقرأ) أعظم ما يكون إذا اقترن بالقرآن الكريم والسعي في فهمه وإدراك معانيه والعمل بما فيه .. فإن العلوم والمعارف وفهم التاريخ والسعي في أسباب ذلك كله لا يكون إلا من طاعة الله في أمره العظيم (اقرأ) ...
لماذا يكون غذاء بطوننا أولى دائما من غذاء عقولنا وهانت علينا العقول ..؟؟؟
وكم من أمم سقطت برأسها وكم من رجل هلك بفكره وشقي بعقله .. قال الله ( اقرأ )
مُدت الموائد وضجت بألوانها وفاحت الروائح حتى وصلت إلى بلدان يعز على المرء فيها أن يجد **رة خبز يقتات بها .. فملأت البطون واسترخت الأبدان .. ثم أخذ كل واحد منا مكانه أمام الشاشات .. وتحولنا إلى صناديق قمامة تنهل من كل غث رديء ... أين أمر الله (اقرأ) ؟؟؟
عجز الظالم أن يدرك إحساس المظلوم ، وانزوى العلماء وضاعت الحقوق وتألمت الحقيقة ... لم تفهم الزوجة زوجها ، ولم يفهم الزوج زوجته ، وعظمت بيننا المسافات ، وتفككت الأسر . قال الله ( أقرأ ) .
من ظن أنه سيهتدي بغير علم فهو غارق في الوهم . إذا تحريت العلم النافع بالله قل لي .. من في هذه الدنيا أعز عليك من كتاب تتخذه رفيقا ؟؟؟ قال الله ( اقرأ ) .
اقرأ .. نعمة من النعم ،.. دليل المرء ومصباحه المنير .. غناه إذا كان فقيرا ، وعزه إذا كان ذليلا .. و**وته إذا كان عاريا ، ودرعه وحصنه الحصين .. كل دميم بها يصير جميلا ، وكل حقير بها يصير عظيما .. تخرج من الجهل إلى العلم ، ومن الشك إلى اليقين .. ومن الأسر إلى العتق ، ومن التطاير إلى الرسوخ .. ومن البلاهة إلى الحكمة ، ومن الخفة إلى الرصانة .
من حسنت قراءته نضج فكره .. ومن نضج فكره ارتقى وجدانه .. ومن ارتقى وجدانه حسن كلامه .. فكان أهلا إذا قال أن يسمع ، وإذا أمر أن يطاع .
إن واحدا من الناس يساوي أمة ، وواحدا يساوي ألفا ، وواحدا لا يساوي شيء .
يذهب الإنسان إلى المدارس ودور العلم والجامعات حتى إذا أُعطي ورقة تحمل اسمه خرج ليجعلها زينة على الجدران فإذا سُئل عن أركان الصلاة قال لا أدري .
لا بأس في طول في الجسم أو قصر *** أجسام البغال وأحلام العصافير
لو لم تكتب كلمة فاقرأها ، ولو لم تلق محاضرة فاحضرها
إن كلمة غيرت وجه التاريخ .. وكلمة أحيت القلوب .. وكلمة تحركت بها العزائم وتقدمت بها الأمم قال الله ( اقرأ ) .
أنت تقرأ إذن أنت كبير .. أنت تقرأ إذن أنت تشعر .. أنت تقرأ إذن أنت على قيد الحياة .
اقرأ .. فإذا كان للناس يدان كانت لك أياد كثيرة .. وإذا كان للناس عينان كانت لك أعين شتى .
اسمع .. احترم الزمن فإن له قداسة .. إنه عمرك .. إن تهمله فأنت قاتل نفسك . تتطاير السنون فلا أنت أنت ولا الدنيا هي الدنيا . وتبحث في ذاتك عن معنى لك فلا تجد . إذا تكلم الناس تسكت وإذا ارتفع الناس تهبط .
قال الله ( اقرأ )
حتى متى تترك الآخر يشكل عقلك ووجدانك وهويتك ؟؟؟ كيف بك تسلم مفتاح عقلك وقلبك ووجدانك لغيرك .. فيملأك بما يشاء ويوقفك على ما يشاء ويضعك حيث يشاء ؟؟؟
تسأل ماذا تأكل وماذا تشرب وكيف تعيش ؟ وتحولت رأسك إلى علامة استفهام كبيرة .. لأن حب العلم ليس من شأنك وتقديس المعارف ليس من قِيَمك ، تسلم بما تسمع ، وتستسلم لما يقال .. فمن أنت ؟؟؟ وما هي فكرتك ؟ وما هي غايتك ؟؟؟ قال الله (اقرأ ) . وعصت الأمة أمر الله فتحولت في معظمها إلى مسخ .
لنا الريادة ، ولكن في الجهل .. ولنا الصدارة ، لكن في التفاهة ، معنا دكتوراه ، لكن في قتل الزمن وهدم النفوس وازدراء العقول .. عندنا عبقريات ، لكن في الذل والخضوع .. ولدينا أبحاث ، لكن في تخريج المغنيين والمغنيات وأشباه الرجال . قال الله ( اقرأ ) .
إن أعظم جريمة عرفها تاريخ هذه الأمة هي اغتيال ( اقرأ ) .. وغيابها في صدورنا وتهميشها وتحقيرها ..
ولنعلم جميعا أنه لا حياة لهذه الأمة ولا نهوض ولا تحرر ولا عزة ولا كرامة بغير ( اقرأ ) كن شيئا.. واخرج من قلب العتمة .. البس ثوب الحق وقدم للدنيا شمعة .. وستعرف أن الفرق كبير .. تتمنى لو كنت قديما تعرف .. لو أن الساعة كانت تتوقف .
منقول