بسم الله الرحمن الرحيم
من المعروف أن الأنساب تتوارثها الأجيال كابراً عن كابر, ولولا هذا التوارث لجهلت كثيرٌ من الأنساب, ومن هذا الطريق, ألّفت كتب الأنساب, فالنسّابة ليس عالماً بالغيب, ولا يأتيه وحيٌ من السماء, ينبّئه بأنساب العرب, بل هو ناقل عن أبناء القبائل, فيما توارثوه عن أسلافهم, وبما أنّ الأنساب تنقل بالتوارث, فقد جمعت العديد من الروايات التي رويت عن رواة من عتيبة, تشير هذه الروايات إلى نسب قبيلة عتيبة, إضافة إلى العديد من المصادر التاريخية التي تفيد هذه الحقيقة. وجعلت الروايات المنقولة من وراة عتيبة أولا ثم عكفت على ذكر ما ورد في كتب التاريخ عن نسب عتيبة.
= فمن هذه الروايات:
1- قال الشاعر أحمد بن دبيس القسوري (من أعيان النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري) من قصيدة له أمام أحد اشراف مكّة:
حِنَّا عَوَانِيْـــكُم فالايَّـام القِدِيمَة وان كِنْت جَاحِدٍ عِنْدِي أولاد الحَلال
جَــدّك رسـول الله رابِيتِه حِلِيمَة ظَلَّت تِشِيلِه من حَلال اليا حَلال
أي أقرباءكم من جهة النساء, يقال لمن يقرب للرجل من جهة النساء عاني وجمعها عواني.
2- وروى لي سعدون بن فهد الهِرس, نقلاً عن الراوي دُليم بن عائض المقعار الحافي, عن الشيخ عمر بن عبدالرحمن بن ربيعان (ت 1400هـ): أن الشيخ مسلط بن محمّد بن ربيعان, (ت 1311هـ) كان في ضيافة الأمير ابن رشيد حاكم حائِل, فاحتدم النقاش بينهم عن أصول الخيل, فبدر من ابن رشيد كلامٌ أغضب الشيخ مسلط, فقال الشيخ مسلط: "الخيل نعرفها من يوم طاردنا عليها الصحابة يوم حنين" ا.هـ
3- وقال دليم الطِرّ المرشدي (من أعيان النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري) في قصيدة له:
وحنّا شبابة نَاخِذ الفِعِل بالدَوْل حــبلٍ يمـــدُّونِه وحَــبلٍ نِشْدّه
4- وقال سلطان المريبض (من أعيان النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري):
لا جَاك طِرْقِي العتيبي عِقِب يَاَس يَنْـِشد عن العــتبان بَاغٍ شِـبَابَة
5- وروى لي سعدون بن فهد الهِرس, عن الراوي محمّد بن حويل العصيمي, أن الشاعر الشهير عبدالله بن حمود بن سبيِّل (ت 1352هـ) قال في قصيدةٍ يمدح الرباعين:
أنْتُم هَوَازِن من عُصُور الصَحَابَة أَهْلَ السُيوف اللِّي يقصِّن الارْقَاَب
6- وقال الشاعر محمّد بن سالِم بن جروان العليّاني القحطاني (ت 1403هـ) في قصيدة يمدح بها قومه:
سِقْنَا حَلِيمَة لِين جَوّ الحَرَّه اللِّي على لَطْم الحِفِيف اجْسَار
وهذه الرواية تفيدنا أن بني سعد, كانوا يعرفون إلى وقتٍ قريب, باسم: حليمة. ويعنون بها حليمة السعديّة, ظئر النبي .
قلت: وهذه الروايات الشفويّة, تفيد عدّة أمور:
أولها: أن عتيبة هم أظآر النبي, الذي فيهم استرضع, كما صرّحت بذلك ألأبيات الشعريّة, المرويّة عن ابن دبيس القسوري.
ثانيها: أنهم القوم الذين حاربوا الصحابة يوم حنين, كما صرّحت بذلك الرواية المنقولة عن الشيخ مسلط بن ربيعان.
ثالثها: أنهم هم هوازن كما صرّحت بذلك ألأبيات الشعريّة المرويّة عن ابن سبيّل الباهلي.
رابعها: أنهم بنو حليمة, وممّا لا شكّ فيه, أنّ المقصود بها حليمة السعديّة, ظئر النبي , ونسبة أمومتها إلى عتيبة, ربما تكون حقيقيّة, وربما تكون مجازيّة, فإن كانت النسبة مجازيّة, وهو الأغلب, فإنّهم إنّما نسبوا إليها؛ لشرفها وعظيم منزلتها برضاعة وحضانة النبي , فيكون نسبة العتبان إليها؛ لشهرتها فيهم, والله أعلم.
خامسها: أنّ المقصود ببني سعد عتيبة, هم بنو سعد بن بكر بن هوازن, كما أشارت إلى ذلك أبيات ابن دبيس, وأبيات ابن جروان.
سادسها: أنّ عتيبة فرعٌ من شبابة, كما أشارت إلى ذلك أبيات المرشدي والرويس, وشبابة عند نسّابة عتيبة, حلفٌ من أحلاف العرب.
منقول