كاتب المقالة :عبدالله مغرم
مرت اليابان خلال مسيرتها بعدد كبير من الأزمات الطاحنة إبتداء بهزيمتها في الحرب العالمية الثانية ومرورا بالإحتلال الأمريكي وانتهاء بالزلازال الذي ضرب شرق اليابان، كل ذلك يضعنا أمام سؤال بديهي وهو ماهو حافز اليابانيين على النهوض مجدداً بعد كل أزمة؟ وما هو السر الذي يجعلهم يسعون جاهدين لإحراز تقدم في مختلف المجالات متجاوزين الضروف التي يمرون بها!
إن التعبئة الثقافية للمجتمع الياباني المتمثلة في الرغبة العارمة في التفرد والعمل بإتقان و الإنتاج والإبداع والإبتكار هي من تساهم في تعزيز رغبة الإنسان الياباني في مواصلة مسيرته مهما بلغت التحديات وهي من مكن الانسان الياباني من التطوع في العمل لساعتين إضافية يومياً دون أجر بعد الحرب العالمية الثانية في سبيل تحقيق نجاح للصناعة اليابانية كل ذلك وأكثر هو ثمرة التعبة الثقافية اليابانية، وهنا علينا أن نسأل أنفسنا عن طبيعة التعبئة الثقافية في المجتمع وإلى أين تقود المجتمع؟ هل تقوده إلى الرغبة الجامحة في الحصول على المال دون جهد؟ و إلى الرغبة في الحصول على شهادات عليا للحصول على مداخيل مالية دون إكتراث للقيمة الحقيقية للعلم وأهميته في تقدم إنسان هذا الوطن؟ وهل تقود المجتمع إلى الإحباط إننا بكل أسف ضحايا التعبة الثقافية التي يغذي المجتمع ذاته منها ويشتكي من آثارها المروعة.
إن التعبئة الثقافية للمجتمع هي من سهلت للبعض الإنخراط في عمليات الفساد بأنواعه لاسيما الفساد المالي من رشى وخلافه، وهي من ساهمت في غض الطرف عن المشاريع التي تنفذ دون إتقان ، وهي كذلك من تجعل الموظف يعطل مصالح المراجعين ويشتكي من ذات الواقع عندما يكون في الطرف الآخر وهي بكل تأكيد من يجعلنا جميعنا والتنمية ضحايا دون عي أنها من تكبل تقدمنا.
إن المطلوب الآن في ظل هذا الواقع هو إعادة التفكير في نمط التعبئة الثقافية في المجتمع ومدى تأثيرها على المجتمع وبالتالي لا بديل عن اعداد دراسات نفسية وإجتماعية لبحث رواسب التنمية الثقافية وسبل تناغم التنمية الاجتماعية مع التنمية الاقتصادية وتطوير مفهوم المسؤلية الاجتماعية للقطاع الخاص وإلزام القطاع العام بالتفاعل مع المواطنين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها في سبيل تطوير ثقافة المجتمع بما يمكن الوطن من الاستفادة من وفوراته النقدية في الحاضر وبما ينعكس على مستقبل الأجيال.