بسم الله الرحمن الرحيم.
الإهمال عدو لدود لكل شئ يتعرض له .. يفقد الإنسان تحت ظله وبسببه أحباءه
وأصدقاءه إن هو أهملهم .. وتتهدم صحته إن هو لم يعنى بها ويرعاها من خلال أداء
التمارين الرياضية والأكل بشكل صحي ومتوازن ولأشياء مفيدة ..
ويفشل الإنسان في عمله إذا هو لم يؤدي الواجبات المناطة به والمسئوليات الملقاة
على عاتقه كما يجب ..
والمزارع يفقد حقوله المملوءة بالنباتات والأشجار والأزهار والورود والأعشاب ،
وكلها تذوي وتموت ، إذا هو لم يعطها العناية الكافية
التي تستحق من ري وتسميد وتشذيب ..
والزواج الناجح ينتهي إلى فشل ذريع إن لم يعتني العناية اللازمة والدءوبة
كل طرف من طرفي العلاقة بنصفه الآخر .
وفي مجتمعنا يكثر إهمال الرجال لنسائهم والعكس حتى بات الأمر من الظواهر البارزة
على السطح والمزعجة والتي من شأن استمرارها تقويض أركان كثير من البيوت
وتشريد أفراد أعداد لا حصر لها من الأسر إذا لم يتم دراسة أسبابها ومعالجة نتائجها .
والدارس لهذه الظاهرة يلحظ بسهولة أن من الأسباب التي أدت إلى ذلك الضغوطات
الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الأسر المعاصرة بعد أن تنامت احتياجاتها المادية
وغير المادية مما يتطلب بذل جهود جبارة وخارقة لتلبيتها ..
تطمح الأسرة إلى أن تكون ثرية بشكل يمكن أفرادها من تلبية متطلباتهم المادية
في الغالب الضرورية والكمالية ..
التي تزيد كل يوم حتى بات عيش الناس مترف بدرجة لم يسبق لها مثيل ..
المنازل في نظر كثير من الناس اليوم لا بد أن تكون مواقعها في أرقى أحياء المدينة ،
وتصميماتها من أفضل التصميمات ووفقاً لأحدث الأساليب المعمارية الغربية والشرقية ..
محتوياتها ينبغي إن تكون من أفخر الماركات العالمية وبشكل تتماهى فيه الأذواق
الشرقية بالغربية ويتناسق فيه القديم والحديث ..
والسيارات فارهة وفخمة ومن أرقى الموديلات وأجود الصناعات ،
والجواهر متنوعة من مختلف المعادن والأحجار الكريمة غالية الثمن ،
والملابس لا بد إن تكون مصممة وفقاً لأحدث خطوط الموضة وصرعات الأزياء ،
وهكذا ..
بعض الأسر تهتم بأن يكون لأفرادها حظوظ متميزة من التعليم العالي في تخصصات
متقدمة وأكثر ارتباطاً بالتقنية الحديثة .
وغالباً ما يدفع الزوج .. رب البيت الثمن لتحقيق كل هذه المتطلبات وغيرها ،
فيصبح العمل هو الهم الوحيد الذي يستغرق كل أوقاته وهو بؤرة حياته ومرتكز تفكيره ..
يدفع الثمن لإنجاز المشاغل الكثيرة والأعمال التي ينوء بحملها كاهله ولا تستقيم حياة
الأسرة إن هو لم يتصدى لإنجازها ، لدرجة أنه يهمل مع ذلك حتى نفسه وحقها في
العناية والراحة ..
أما الزوجة ، وفي ظل المساعدات والخدمات التي تتلقاها من الخادمات والأدوات المنزلية
التي يسرت عليها العناية ببيتها وأولادها فتنشغل غالباً بالزيارات الاجتماعية وزيارات
الأسواق والأماكن العامة لشراء الاحتياجات والتنزه وتغيير الجو .
والترف في حياة الناس زاد ، فزاد الطين بله ، وبالتالي اعتراهم الكسل والخمول
والاتكالية فلم يعد أحدهم يهتم بتلبية احتياجات الآخر ومعاونته لإنجازها ..
أصبح لكل عالمه وأهدافه وطموحاته التي يروم تحقيقها ..
ورويداً رويدا ..
وبهدوء يتوارى الحب ..
وينسرب من عش الزوجية كانسراب الروح من الجسد .. ليبقى جثة هامدة أو يكاد ..
ثم بعد حين .. وفي غمرة الفقد ..
يحاول كل من الطرفين النفخ ليعود الاشتعال والوهج لنار الحب ..
لكن هيهات لم يبقى الا بقايا رماد تذروه الرياح ..
وتتصاعد حدة المشكلة فيبدأ كل منهما بالبحث عن الكنز المفقود خارج العش ..
ويصبح مستقبل الأسرة بجميع أفرادها على كف عفريت ومذروء في مهب الريح ..
هذه فقط أمثلة أوردتها للأسباب الباعثة على الإهمال والدافعة الى ما يسمى بالبرود
العاطفي بين الزوجين خاصة وأفراد الأسرة عامة .. أكملوا الباقي من غير أمر عليكم ..
لكم خالص الشكر والتقدير .. ووفق الله الجميع لكل ما يحبه ويرضاه .
م/ن