فجأة ، يعلن طفلك معارضتك في كل شيء ، فيرفض أن يستحم ويرفض أن يوضع في عربة التسوق ، ويصر على عدم الإمساك بيدك أثناء عبوركما الشارع . إنه يعاندك باستمرار وأنت على وشك أن تفقدي أعصابك ، فهل يعد هذا الوضع طبيعيا ؟؟؟
تمر أغلبية الأطفال بمرحلة (المعارضة المنظمة) أو ما يطلق عليه الخبراء فترة الرفض ، التي تبدا عادة بالعمر من 18 شهرا ، وهي في الإجمال فترة صعبة عليكٍ . من هنا ، ينصحك العلماء بالتحلي بالكثير من الصبر ، لأن موجة الرفض هذه تعتبر ضرورية لنمو طفلك ، فمن خلال معارضته لكي يتمكن من تحديد موقعه ككائن مستقل ومختلف عنك وعن بقية افراد الاسرة .
رحلة الاستكشاف والتجارب
يعي الطفل بين عمر الثمانية و العشرة أشهر ، وهي مرحلة يصفها الخبراء بمرحلة المرآة ، أن الشخص الصغير المستقل الذي يراه الطفل في المرآه ليس سوى هو . ويزداد وعي الطفل بهذا الواقع مع مرور الأشهر ، إلى أن يصبح حقيقة واضحة . كيف ؟يبدأ طفلك باختيار الأشياء الجديدة بعيدا عنك ، وفي أغلب الأحيان دون إذنك ، فهو يتفحص الأشياء ويقلبها بين يديه ، وينتقل من مكان لأخر بمفرده ويفكر بمفرده أيضا ، تدعوه هذه الاستقلالية الجديدة إلى استكشاف رغباته الخاصة مبتعدا بذلك عن رغباتك . في هذه المرحلة ، يشعر الطفل بأن لديه القدرة على فعل كل شيء ، لهذا ترينه يختبر مدى تأثير قوته وسلطته فيك . يخوض طفلك تجربة جديدة من خلال إعلانه الرفض ، إضافة إلى محاولته العثور على حدود جديدة . إنه يسعى إلى فهم قواعد المنزل و الأسرة ، ولا يتوانى عن استفزازك لكي يحصل على جواب واضح وأكيد .
التعامل مع الطفل المعارض
ليس من السهل أن تحافظي دائما على برودة أعصابك ، في الوقت الذي تجتاح طفلك موجة الرفض هذه . غير أن الخبراء ينصحونك بالهدوء ، وبالتفكير في أن كل الأمهات اختبرن هذه المرحلة وأن سلوكه هذا لا يقلل من خبراتك و قدراتك كمربية . تذكري دائما أنها مرحلة ضرورية في حياة طفلك لا أكثر ولا أقل . كذلك يشدد الخبراء على عدم اعارة نظرات الاخرين أي اهتمام ، بل ترك طفلك يصرخ ويبكي ، ثم أخبريه أنك تتفهمين غضبه ، إلا انك لن تخضعي لمطلبه . أظهري لطفلك أنك تسيطرين على الوضع من خلال الحفاظ على رباطة جأشك و عدم الوقوع في فخ الصراخ عليه بصوت عالٍٍٍ. إصرارك على موقفك وعدم ترجعك عنه يعلم طفلك أصول احترام القوانين و الأنظمة و القواعد بشكل جيد .
النظرة البناءة
من المهم جدا فتح حوار مع طفلك ، ما إن يهدأ غضبه ، بهدف مناقشة ما حصل . يمكنك أن تخبريه بأنك تتفهمين استياءه وغضبه ، لكنه لم يعد وحيدا . الآن و قد أصبح طفلا كبيرا عليه أن يتعلم التعايش مع الآخرين . انتبهي جيدا إلى التعابير التي تستخدمينها في حوارك معه ، فلا تقولين له مثلا "أنت شرير ، أو أنت لا تحتمل " ، فهذه العبارات قد تجرح مشاعره ، وربما تؤدي إلى انطوائه على ذاته . في المقابل ، يمكنك القول إنك لا توافقين على تصرفاته بهذا الشكل.
كذلك يعد الاتفاق فيما بين الأهل على القواعد و الحدود التي يرغبون في تعليمها للطفل ، أمرا ضروريا في تمرير هذه المرحلة الحساسة في حياة الطفل . لهذا يجب تفادي مناقضة ذاتك أمامه او تغيير رأيك باستمرار ، لأنك بذلك تعززين شكوكه و تعطينه مبررا لقول دائما "لا" .
المهم سلامته
إذا كانت التجارب تساعد طفلك على الانفتاح و التقدم و النمو فإن هذا لا يعني تركه يخوض التجارب من دون رقيب أو حسيب ، لا سيما لناحية الحفاظ على سلامته . ما إن يدخل طفلك مرحلة الاستكشاف و يبدأ خوض مايسمى فترة الرفض ، تحققي من جميع الإمدادات الكهربائية و اخرصي أن تكون آمنة و تأكدي من تغطية القوابض الكهربائية . في حال كنت في زيارة أحد الأقارب ، أخبريهم عن تصرفات طفلك الصغير ، واطلبي منهم إحكام إغلاق الخزائن التي تحتوي على أشياء يمكن أن تعرض سلامته للخطر ، واحرصي أيضا على إبعاد الكراسي عن النوافذ أو أي شيء يمكن أن يصعد عليه . تأكدي دوما من إغلاق النوافذ عندما تتركين طفلك بمفرده في الغرفة . من المهم جدا توضيب الأدوية و المواد الخطيرة بعيدا عن متناوله . بعد ذلك ، اتركيه يستكشف الأشياء و ذاته في الوقت نفسه .
ودي لكم ,..