سؤال بسيط للملحم: هل احترام الناس يحتاج "خصخصة"؟
مدير عام الخطوط السعودية المهندس خالد الملحم وكبار المسؤولين في المؤسسة يمتعضون من الأحكام السلبية العامة التي تطلق على (السعودية)، وهم على حق، إذ لا يجوز أن يطلق أي أحد حكما عاما فيقول – مثلا – إنها سيئة
مدير عام الخطوط السعودية المهندس خالد الملحم وكبار المسؤولين في المؤسسة يمتعضون من الأحكام السلبية العامة التي تطلق على (السعودية)، وهم على حق، إذ لا يجوز أن يطلق أي أحد حكما عاما فيقول – مثلا – إنها سيئة دون استثناء، فالخطوط ليست كلها سيئة قطعا، ولهذا فإن هؤلاء المسؤولين وعلى رأسهم الملحم – فيما أظن – يقبلون النقد المحدد المدعوم بالدليل، فإن كانوا كذلك فعليهم أن يضعوا النقاط فوق الحروف عند سؤالهم عن خطأ، أو إرشادهم إلى خلل، حتى يؤكدوا للجمهور أنهم فعلا يتتبعون الأخطاء ومكامن الخلل لإصلاحها أولا بأول.
وتأسيسا على ما تقدم أقول: إن كل خطوط الطيران المحترمة تعتبر ركابها شركاء، ولذلك لا تخفي عنهم شيئا، فهي تعلن بانتظام لهم أخطاءها وتعترف بها وتوضح أسبابها وتعتذر لهم وتعوضهم عن أي أضرار تلحق بهم، بل وتدلعهم، أما الخطوط السعودية فهي فضلا عن أنها تتعامل مع ركابها – في الداخل خاصة – كمستهلكين غير مرغوب فيهم، لا كشركاء، فإنها لا تحترمهم مطلقا ولا تقيم لهم وزنا، بل إنها تحتقر وعيهم، وتهين إنسانيتهم، ولا تكترث أبدا بوقتهم ولا ظروفهم، ولا حقوقهم، وأبسطها حق المعرفة البسيطة للمعلومات التي تهمهم. وقبل أن أقدم الدليل من واقع الميدان، سأسأل ركاب السعودية في الداخل، كم مرة تأخرت رحلتك أو ألغيت وتلقيت اعتذارا – مجرد اعتذار "يعني كلام" – سواء من الموظف الذي على الكاونتر في المطار أو من الكابتن في الطائرة؟ وكم مرة علمت عن سبب التأخير أو الإلغاء فورا، ومتى موعد الإقلاع القادم أو الرحلة البديلة القادمة؟ البعض سيقول ولا مرة، والبعض سيقول مرة واحدة أو حالات نادرة، لكنني أتحدى أن أجد راكبا واحدا على مدار السنين العشر الماضية وإلى اليوم يقول ويثبت أن السعودية تعتذر له وتوضح السبب دائما، أي إنها إن فعلت فتلك (بيضة الديك).
السعودية لديها ظروف اقتصادية وتشغيلية مختلفة، ومشكلات متعددة، لكنها لا تعلنها للناس، وكأنها مؤسسة أمنية قومية عليا، لا مؤسسة خدمة، ورحلاتها تتأخر وبعضها يلغى في اللحظات الأخيرة تبعا لتلك الظروف السرية، وهنا فإنني لا أطالبها بأن لا تؤخر الرحلات ولا تلغيها، فذلك دونه خرط القتاد، أطالبها بالكلام الطيب، أطالبها باحترام إنسانية الناس.
يوم الخميس الماضي كانت رحلتي من الدمام إلى جدة عند الساعة السادسة مساء، ووصلت مطار الملك فهد عند الساعة الخامسة، واتجهت إلى صالة الفرسان – السيئة جدا – مباشرة بحكم أنني حصلت على (البوردنق) من النت مسبقا، وجلست فإذا بأخوين إلى جواري يتحدثان عن أن الرحلة 1117 ستقلع عند السابعة والثلث، فنظرت في ورقتي فإذا هذا رقم رحلتي، فقمت إلى الموظف الموجود وسألته، فأكد أن الموعد تغير، فقلت: ولماذا لم تبلغوا أو تعلنوا؟ فقال بنفس شينه: هذا ما عندي، هذا ليس مسؤوليتي، وهنا تدخل أحد الإخوة الركاب كان يستمع لي، وقال: احمد ربك نحن من الساعة التاسعة صباحا جلوس هنا، ولا ندري حتى الآن متى سنسافر، فالتفت إليه متعجبا متسائلا؟ وعلمت أن رحلات الساعة 10،12،4 كلها قد ألغيت وركابها كلهم في المطار ولا يعلمون لماذا ألغيت ولا متى البديل ولا أي شيء، ولا يوجد موظف واحد يجيب على تساؤلاتهم، ولم يعتذر لهم أحد مجرد اعتذار، فجأة جاء أحد الركاب اللاهثين وراء معلومة وأعلن في القاعة أن جزءا من المتأخرين سيسافر السادسة والنصف وجزء بعدها بساعة، وقال بسخرية واضحة يقولون حرارة الجو هي السبب مع أن رحلة الساعة الثانية أقلعت في موعدها في عز الظهيرة، وما إن انتهى من إعلانه وسخريته حتى ارتفعت أصوات أخرى متعبة تسأل عن رحلات الرياض متى؟ فقال مازحا: إذا وصلت جدة أتصل بكم وأعلمكم.
صعدنا الطائرة دون إعلان وبعد ساعة من الموعد المقرر للإقلاع تحركت (الجامبو) وبصفة خاصة علمت أن سبب التأخير الجديد هو تأخر أوراق الحمولة!
تخيلوا عوائل وأطفال ومحرمون ومرضى وأصحاب عمل في المطار من التاسعة صباحا إلى بعد العشاء في رحاب (السعودية)، ولم يعطهم أحد أي معلومة عن مصيرهم، وكلهم كانوا يشعرون بالإرهاق وأهم من ذلك بالإهانة!
وبعد: هذا أنموذج يتكرر، فيا خطوطنا العزيزة نشكرك لاختيارك لنا لتعذيبنا، تأخري وألغي كما تشائين، فقط احترمي الناس بالكلام، هل هذا المطلب يحتاج خصخصة؟
الوطن
الكاتب قينان الغامدي