الاعجاز الالهي في امية الرسول علية الصلاة و السلام
بواسطة : القبس
11 أيلول, 2009 | ولد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أميّاً، وظل على ذلك إلى أن بعث وهو أميّ، وهذا كمال في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ومعجزة من معجزاته الشريفة، قال الله تعالى« «هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين».
وفي وصف الرسول الأميّ بأنه يتلو على الأميين آيات الله، أي وحيه، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب، أي يلقنهم إياه، كما كانت الرسل تلقن الأمم الكتاب بالكتابة، ويعلمهم الحكمة التي علمتها الرسل السابقون أممهم، في كل هذه الأوصاف تحد بمعجزة الأميّة في هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو مع كونه أميّاً قد أتى أمته بجميع الفوائد التي أتى بها الرسل غير الأميين أممهم لا ينقص عنهم شيئاً.
ولا شك أن إبقاء الله لنبيه على الأميّة كان لحكمة عظيمة، قال الفخر الرازي عند قوله تعالى: «رسولاً منهم». يعني محمداً صلى الله عليه وسلم نسبه من نسبهم، وهو من جنسهم، كما قال تعالى: «لقد جاءكم رسول من أنفسكم»، قال أهل المعاني: وكان هو صلى الله عليه وسلم أيضاً أميّاً مثل الأمة التي بعث فيهم، وكانت البشارة به في الكتب قد تقدمت بأنه النبي الأميّ، وكونه بهذه الصفة أبعد من توهم الاستعانة على ما أتى به من الحكمة بالكتابة، فكانت حاله مشاكلة لحال الذين بعث فيهم، وذلك أقرب إلى صدقه.
ومن الآيات التي تشير الى الحكمة من كونه أميّاً قوله تعالى: «وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون» (العنكبوت: 48). قال ابن عاشور في تفسيره هذا استدلال بصفة الأميّة المعروف بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ودلالتها على أنه موحى إليه من الله أعظم دلالة، وقد ورد الاستدلال بها في مواضع كقوله: «ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان» وقوله: «فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون» (يونس: 16). ومعنى «ما كنت تتلو من قبله من كتاب» إنك لم تكن تقرأ كتابا حتى يقول أحد: هذا القرآن الذي جاء به هو مما كان يتلوه من قبل. ولا تخطه أي لا تكتب كتابا، ولو كنت لا تتلوه، فالمقصود نفي حالتي التعلم، وهما: التعلم بالقراءة، والتعلم بالكتابة، استقصاء في تحقيق وصف الأميّة.. «بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون».. أي بل القرآن آيات ليست مما كان يتلى قبل نز وله، بل هو آيات في صدر النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمراد من «صدور الذين أوتوا العلم» صدر النبي صلى الله عليه وسلم عبر عنه بالجمع تعظيماً له، والعلم الذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم هو النبوة. ويحسن بنا هنا أن نشير إلى أنه هل ظل الرسول صلى الله عليه وسلم على أميته إلى أن توفي؟ أم تعلم القراءة والكتابة بعد أن بعث بفترة؟ وهل قرأ الرسول صلى الله عليه وسلم كتاباً؟ وهل كتب بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم؟
نقل الإمام النووي عن القاضي عياض الخلاف في ذلك، وعزى إليه أن الباجي وغيره ذهبوا الى ان النبي لم يمت حتى كتب، كما في قصة صلح الحديبية من رواية البخاري وفيه: «أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب، فكتب» وزاد عنه في طريق آخر «ولا يحسن أن يكتب فكتب» قالوا: وهذا لا يقدح في أميته، بينما ذهب الأكثرون إلى منع ذلك كله. وقالوا: قوله «كتب» أي: أمر بالكتابة.
منقول