أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أمس، مهرجان الجنادرية في يوبيله الفضي بمشاركة واسعة من قيادات خليجية وعربية، ونحو 400 شخصية ثقافية عالمية، إضافة إلى حضور خاص لوزير الثقافة الفرنسي فريدريك ميتران والسفير برتران بزانسنو اللذين تحتل بلادهما كرسي الضيافة في جنادرية هذا العام.
وجال الملك، قبيل انطلاق المهرجان، يرافقه ملك البحرين حمد بن عيسى على عدد من أجنحة المعرض، مستمعاً إلى شروحات تعريفية عبر مجموعة من الشباب من الجنسين يمثلون المؤسسات التعليمية وفي مقدمتهم فتاتان من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ليختتم جولته بزيارة الجناح الفرنسي مصحوباً بموسيقى ترحيبية من روح الثقافة الفرنسية.
واستعرض الملك سيفاً ذهبياً عمر نصله نحو 470 سنة، إضافة إلى ميدالية من النسخة الأولى من الجنادرية قدمهما نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية ونائب رئيس اللجنة العليا المنظمة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية الأمير متعب بن عبدالله بعد أن ألقى كلمة موجزة تألقت عباراتها في استظهار روح الجنادرية المتفتحة.
وكرمت الجنادرية الشاعر الناقد عبدالله بن إدريس إذ منحه خادم الحرمين الشريفين وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، وشد على يديه طويلاً تقديراً لجهوده المميزة والعميقة في خدمة الثقافة والأدب السعوديين عبر مسيرته الطويلة.
وثمن وزير الثقافة الفرنسي لفتة الملك في اختيار بلاده ضيفا ثقافياً متناولاً الإرث المشترك بين البلدين وعملهما، تاريخيا، على صياغة رؤية حضارية وعادلة تجمع متناقضات العالم، وتختزل اختلافاته خصوصاً جهود الملك عبدالله، من خلال مبادراته المتعددة في بناء هذه العلاقة، وإسهامه في تشكيل رؤية منفتحة للعالم أجمع، مثنياً على القيم الدينية والشخصية لعبدالله بن عبدالعزيز التي تشكل المنطلق الأصيل والثابت في تأصيل الحق البشري في التقارب والتلاحم.
واعتبر ميتران أن الجنادرية لا تؤسس للفرادة السعودية فقط بل تدعم الهوية الذاتية وتحميها من طغيان العولمة. وفي ختام كلمته قدم حرس فرنسي تحية من عمق التاريخ الفرنسي رفعت السيوف إجلالاً لا تحديا.
واتسم أوبريت (وحدة وطن) الذي صاغ كلماته الشاعر ساري بالتفاتات مميزة ونابهة نحو تأكيد مساهمة المرأة، والاحتفاء بالطفولة، ورؤية منصفة للجهاد وتحديد أطر الولاء الوطنية، فضلاً عن نبذ العصبية وتأكيد الوحدة. وجاءت صورته المسرحية لوحة فنية متكاملة ممتلئة حركة، ومشعة إضاءة مشبعة برقصات ترسم صورة جسدية نابضة وشديدة التعبير لمضامين الكلمات الفياضة التي أجاد المطربون تأديتها بتناغم مع الأداء الدرامي، وبمشاركة غير مسبوقة لصوتين نسائيين هما فدوى ويارا. وأنعش الأداء الجميل المتناسق حضور الحفل الذين تفاعلوا مع كلماته وإيقاعه بشكل لافت.
وألقى الشاعر جاسم الصحيح قصيدة استلهم فيها إرث الشعر العربي شكلاً، وملأ جوانبها برؤية تدعو للانفتاح والتكامل متكئاً على مزج جميل لمفردات الثقافة السعودية الاجتماعية ليبني صورة تصل في خاتمتها إلى التغني بما قدمه ويقدمه الملك عبدالله من حب لشعبه، وحرص على توحيد أطيافه التي اجتمعت على حبه وطاعته، وسعيه إلى ترسيخ الحوار والانفتاح والمعرفة لتكون سلاح الأمة في دربها الحضاري.
أما شاعر الجنادرية خلف بن هذال، الذي لا تكتمل نكهة الجنادرية من دونه، فجاءت قصيدته الممتلئة حماسة استعراضاً شعبياً يرسم إطاراً للمتحقق ما بين جنادريتين، ويستحضر حلماً للآتي.
اللافت أن جميع كلمات الحفل هذا العام، بما فيها مقدمات المذيع سليمان العيسى، اشتركت في الإيجاز والجمالية الشعرية والتركيز على الانفتاح والحوار والتواصل الحضاري والإنساني
قصيدة الشاعر خلف بن هذال العتيبي
حمل القصيدة من هنــــــــــا