يعرف معظم الأهالي أن غذاء أطفالهم يؤثّر على صحّتهم. لكنّهم يتفاجأون حين يسمعون أنّ نظاماً غذائياً فقيراً بالمغذيات قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على مستوى الدماغ لا الجسم فحسب.لا يمكن أن يعمل الدماغ بأقصى قدراته من دون تناول وجبات متوازنة في ساعات محددة. نتيجة لذلك، تتراجع قوة التركيز والقدرة على الحفظ والتعلّم. لا يوفّر الغذاء المكوّن من المأكولات السريعة (كالهمبرغر، قطع الدجاج المقلي، رقائق البطاطا، السكاكر، البسكويت، والمشروبات الغازية) أياً من المغذيات المفيدة التي يحتاج إليها دماغ الطفل وجسمه لتقديم أداء جيد والتمتّع بصحة ممتازة.
السكر
---------
السكر المكرَّر الموجود في المنتجات المصنّعة (سكاكر، قوالب حلوى، بسكويت، حبوب الفطور) من أبرز المتّهمين في إيذاء الصحة. القيمة الغذائية في السكر المكرر ضعيفة جداً، بل هي شبه معدومة. لذا يؤدي استهلاك هذا السكر بكميات كبيرة إلى 'إعتام' الدماغ، إتلاف الأسنان، وتعزيز السمنة. تؤثر التقلبات في معدل سكر الدم على الجسم والنفس. بعد تناول طعام غني بالسكر، يرتفع معدل الغلوكوز في الدم فجأةً، ما يُترجَم في استعادة الطاقة، قبل أن يهبط معدل السكر دفعةً واحدة. عندها يجد الأطفال صعوبة في التركيز ويشعرون بالتعب والانزعاج.
يولّد العسل، قصب السكر، وشراب القيقب، المفعول نفسه الذي يولّده السكر المكرر في الجسم والدماغ، لذا يجب استهلاك هذه الأنواع باعتدال حتى لو كان قصب السكر غنياً بالمعادن والعناصر الغذائية الأساسية والعسل معروفاً بخصائصه العلاجية.
يؤكد بعض الباحثين مفعول السكر المخدّر. يبدو أنّ هذا 'الوقود' الذي يستهدف الدماغ يحفّز إنتاج مادة السيروتونين التي تثير النعاس لدى البعض خلال الساعتين اللتين تتبعان وجبة الطعام.
تحتوي المأكولات الغنية بالسكر على دهون يصعب هضمها. خلال عملية الهضم، لا يعمل الدماغ بأقصى قدراته وعلى المدى الطويل، تسدّ الدهون الشرايين، ما يبطّئ مرور الدم نحوه.
يؤدي الإفراط في استهلاك السكر إلى منع امتصاص الجسم بعض المغذيات، وإضعاف جهاز المناعة، ونشوء حساسية تجاه الغلوكوز، ما يُترجَم بتقلّبات مهمة في معدل سكر الدم. من بين أكثر العوارض شيوعاً: شعور بالازعاج، حالة اكتئاب، نوبات بكاء، إرهاق، نقص في التركيز، وأرق.
انتبهوا...
-----------
يؤدي استهلاك السكر، بمختلف أشكاله، إلى تبدّل معدل السكر في الدم. في الواقع، يُعتبر الفروكتوز، الغلوكوز، شراب الذرة، السكر المنقلب، والدكسترين، أنواعاً من السكر المكرر. لا تنخدعوا بالمنتجات 'القليلة السكر' لأن المصنّعين يستبدلون السكر بالأسبارتام والساكارين، وهي مواد اصطناعية قد تقود إلى إفراط في الحركة وحالة إسهال لدى الطفل.
ما البديل؟
-----------
يفضّل الأطفال عموماً السكريات على غيرها من المأكولات، ولا ننسَ أن حليب الأم غني بالسكر. لا يطرح الأمر مشكلة إذا كان نظامهم الغذائي متوازناً وإذا لم يفرطوا في استهلاك السكر.
على الأهل ألا يمنعوا أطفالهم عن أكل السكريات، لأنهم سيلتهمون السكاكر خفيةً عنهم. لذا يجب استبدال التحلية الغنية بالسكر المكرر بمأكولات صحية أكثر. حتى لو أدت هذه المنتجات إلى تقلُّب معدل سكر الدم، تساهم الألياف والبروتينات التي تحتويها في تخفيف آثارها السلبية. كذلك، الفيتامينات والعناصر الغذائية الموجودة فيها مفيدة للجسم.
أطعمة لذيذة وصحيّة
-----------------------
- فاكهة طازجة أو مجففة: تساهم حصة غذائية من المشمش المجفف، التمر، أو العنب المجفف، في تهدئة الجوع الخفيف خلال فترة الاستراحة في المدرسة أو رحلة سفر.
- قطعة صغيرة من الشوكولا ذات نوعية ممتازة.
- فطيرة محلاّة، قطعة حلوى بالفاكهة، أو بسكويت مكوّن من طحين حبة كاملة.
- لبن بالفاكهة الطازجة أو حليب مخفوق.
- حلوى، خبز محلّى، أو كعكة مافن بالجبنة البيضاء.
- فشار منزلي.
- قالب حلوى منزلي أو جاهز من محل حلويات معروف بجودة منتجاته.
- فطائر بالشوفان مع مربّى غنيّ بالفاكهة وقليل من السكر.
- ألبان بالفاكهة، جبنة بيضاء، أو ألبان طبيعية تضيفين إليها ملعقة من الفاكهة المطبوخة أو العسل العضوي.
أطعمة فقيرة بالمغذيات
-----------------------------
يميل الأطفال إلى استهلاك المنتجات المصنّعة التي تكون فقيرة بالمغذيات وغنية بالسكر، والمواد الملوّنة، والإضافات، والدهون. إذا كان الأهل يعجزون عن حرمان أطفالهم من هذه المنتجات كلها، عليهم معرفة أن الفيتامينات والعناصر الغذائية الضرورية للدماغ تتدمّر خلال تصنيع هذه المأكولات، ما يهدد صحة الأطفال. لكن حتى لو استُبدلت بعض المغذيات بمنتجات اصطناعية (كما يحصل في حبوب الفطور)، لا إثبات على أن الجسم يمتصّها بفاعلية.
الكافيين
-----------
نجده في الشاي، القهوة، الشوكولا (يمكن أن يحتوي لوح الشوكولا على 50 ملليغراماً من الكافيين)، وبعض المشروبات الغازية. تقود هذه المادة المحفّزة والمدرّة للبول إلى تقلّبات مزاجية لأن الجسم يجد صعوبة في التحكّم بمعدل السكر في الدم.
أشار باحثون في جامعة بريستول إلى أنّ الكافيين يسيء إلى القدرات العقلية على المدى الطويل. وفقاً لهذه الدراسة، يستغرق تلاميذ الصفوف الابتدائية الذين يشربون كوب شاي صباحاً لمساعدتهم في الاستيقاظ جيداً وقتاً أطول ليعطوا أداء جيداً، ويشعرون بحاجة إلى شرب كوب آخر في منتصف اليوم، كما يحصل مع الكبار، لاستعادة طاقتهم جسدياً وذهنياً. على صعيد آخر، يؤدي استهلاك الكافيين إلى تراجع امتصاص بعض المغذيات الضرورية لسلامة عمل الدماغ (فيتامين b، زنك، بوتاسيوم، كالسيوم، حديد).
المشروبات الغازية
----------------------
يشهد استهلاك المشروبات الغازية تزايداً مستمراً. لكنّ هذه المنتجات الغنية بإضافات السكر، المواد الملوّنة، الكافيين، والمواد الحافظة، لا تفيد الجسم في شيء. وفقاً لدراسة بريطانية، يشرب 21% من الأطفال، بين عمر السابعة والعاشرة، عشر علب من المشروبات الغازية أسبوعياً. تحتوي هذه المشروبات على نسبة مرتفعة من الفوسفور، ما يمنع امتصاص الجسم للكالسيوم الذي يؤدي دوراً أساسياً في إنتاج الناقلات العصبية التي تنظّم العواطف.
مواد حافظة
-------------
يُضاف عدد من المواد الاصطناعية إلى جميع المنتجات الغذائية الصناعية لتحسين مذاقها وتركيبتها أو إطالة مدة صلاحيّتها.
لكن أشارت دراسات عدة إلى أن طفلاً من أصل سبعة لا يتقبّل الإضافات الغذائية. يكون الأطفال الرضّع والأولاد حسّاسين تجاه هذه المنتجات لأن وظائف الجسم الحيوية لا تكون ناضجة لديهم حتى تلك المرحلة، لذا يكونون أكثر عرضة للمخاطر. حتى لو لم تطرح جميع الإضافات خطراً على الصحة، يقود بعضها إلى آثار مضرّة لدى الأطفال: حركة مفرطة، اضطرابات في الذاكرة، اكتئاب، وتقلبات مزاجية. يمكن رصد الإضافات والمواد الحافظة بسهولة الى المنتجات لأن المصنّعين ملزمون بذكر المواد المستعملة في منتج معيّن.
يستحيل تجنّب جميع المأكولات التي تحتوي على إضافات. يستعمل جميع مصنّعي أكياس رقائق البطاطا مثلاً مادة غلوتامات أحادي الصوديوم لتعزيز نكهة المنتج. حين تجتمع هذه المادة مع ظاهرة 'متلازمة المطعم الصيني'، يصاب الأشخاص الحسّاسون بدوار، نوبات قلق، عطش مفرط، وتقلبات مزاجية.
تحتوي المأكولات الصفراء اللون على مادة تارترازين التي تؤثر على السلوك. تتعدد أنواع المواد الملوّنة الموجودة في المنتجات المصنعة، فضلاً عن بعض مضادات الأكسدة التي تضرّ بالصحة (bha وbht). أشارت دراسة استرالية أُجريت عام 1994 على عدد من الأطفال إلى أن 55% ممن تناولوا منتجات تحتوي على مادة ملونة واحدة، كالتارترازين مثلاً، أُصيبوا بالحساسية وأصبحوا كثيري الحركة وعانوا من اضطرابات في النوم.
إذا كانت السلطات الصحية ترفض اتخاذ إجراءات لمعالجة مخاطر الإضافات الغذائية بحجة أن نتائج الدراسات متناقضة وغير جازمة، على الأهل التصرّف بطريقة مختلفة من خلال مراقبة ما يستهلكه أطفالهم والحرص على أن يتناولوا حدّاً أدنى من المأكولات التي تحتوي على إضافات. أُجري اختبار آخر على عدد من الأطفال وتبيّن أن الذين امتنعوا عن تناول الوجبات التي تحتوي على مواد ملونة وحافظة أصبحوا أكثر هدوءاً وارتفع معدل ذكائهم. في هذا المجال، أكّد 57% من الأهالي أنهم لاحظوا تحسناً في سلوك أطفالهم.
باختصار، يجب تفضيل المأكولات الخالية من الإضافات والمواد الملونة والحافظة. إذا كان الطفل حساساً تجاه الإضافات الغذائية، ننصح الأهل بتدوين ملاحظات حول سلوكه وفقاً لأنواع الطعام التي يستهلكها ثم استشارة الطبيب.
دورها
-------
- مضادات الأكسدة تمنع إفساد الطعام.
- المواد الملونة تلوّن الطعام أو تزيد حدة لونه.
- المواد المستحلبة والمثلجة تغيّر تركيبة الطعام وتجمع بين مختلف المقادير.
- مقوّيات الطعم تعزز نكهة المنتجات أو رائحتها.
- المواد الحافظة تمنع إفساد الطعام أو تبطئ هذه العملية. تحتوي جميع المنتجات التي تتمتع بمدة صلاحية طويلة على مواد حافظة.
أنواع يجب شطبها
---------------------
- البيتزا، الهمبرغر العادي، الهمبرغر بالجبنة، النقانق المصنّعة التي لا تحتوي على مغذيات.
- مغلّفات الجبنة المصنعة.
- اللحم المقطع إلى شرائح والغني بالماء، الدهون، والمواد الحافظة.
- الإسكالوب وقطع الدجاج المقلي أو السمك الذي لا يحتوي على نسبة كبيرة من اللحم أو السمك.
- فطائر اللحم والسمك التي تحتوي على نسبة قليلة من المغذيات ونسبة كبيرة من الدهون.
- حبوب الفطور الغنية بالسكر.
- رقائق البطاطا المقرمشة.
- المشروبات الغازية السكريّة جداً وعصير الفاكهة الاصطناعي.
- المشروبات الخالية من السكر والغنية بالمواد الحافظة.
- السكاكر الملونة الغنية بالمواد الملونة الاصطناعية والجيلاتين.
· المثلجات الاصطناعية والمصاصات الملوّنة.
- الألبان المعطّرة الاصطناعية.
- ألواح الحبوب الغنية بالسكر، البسكويت وقوالب الحلوى الغنية بنسبة كبيرة من الإضافات والدهون والسكريات.
معادن ثقيلة ومبيدات
-----------------------
تتراكم المعادن الثقيلة مثل الرصاص، الكادميوم، الزئبق، والألمنيوم، في الدماغ، ما يؤدي إلى تراجع القدرات الفكرية ونشوء اضطرابات في التركيز والذاكرة والسلوك. تقود المعادن المختلطة التي تحتوي على الزئبق إلى آثار مضرّة على الدماغ. تساعد المأكولات الغنية بالزنك والسيلينيوم الجسم في التخلص من المعادن الثقيلة. لا تزال سلبيات بقايا المبيدات الكيماوية في الجسم والدماغ مجهولة على المدى الطويل. لكن يبدو أن هذه المبيدات تؤدي إلى حركة مفرطة و/أو حساسية معينة لدى الأطفال الحسّاسين.