مجلس الشورى السعودي يقر ضوابط قيادة المرأة للسيارة ويرفض تبني اتفاقية تحرم الإساءة للأديان
صالح بن حميد
الرياض - آفاق
قال مصدر في مجلس الشورى السعودي يوم الإثنين، إن المجلس أقر توصية تحدد ضوابط قيادة المرأة للسيارة في السعودية كالسن وأوقات القيادة ونوعية الملابس. فيما أسقط المجلس توصية بتبني اتفاقية دولية "تحرم الإساءة للأديان والرموز والشخصيات الدينية"، وقال عضو معارض للتوصية إن الاتفاقية تتصادم مع النصوص القرآنية.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه في حديثه لموقع "العربية نت" إن هذه الضوابط تنص على ألا يقل عمر المرأة عن 30 سنة، وموافقة ولي أمرها على قيادتها للسيارة، والحصول على رخصة قيادة من مركز تعليم القيادة النسائية، وأن تكون السائقة محتشمة في ملابسها ولا تضع أي مواد للزينة، وأن يسمح لها بالقيادة بمفردها داخل المدن، أما خارجها فتكون بمرافقة محرم.
وأضاف ونصت الضوابط أيضا على تحديد أوقات القيادة من الساعة السابعة صباحا وحتى الثامنة ليلا من السبت حتى الأربعاء، وأما يوما الخميس والجمعة فمن الساعة الثانية عشرة بعد الظهر الى الساعة الثامنه مساء، وأن تحمل المرأة معها جهاز الهاتف الجوال للاستعانة به عند تعرضها لحالات طارئة، والاتصال بمركز المرور النسائي في حال حصول تعديات، ودفع مبالغ معينة عند اصدار الرخصة من هيئة المرور النسائي، تخصص لتصليح الاعطال التي قد تتعرض لها سيارتها أثناء القيادة.
واشار الى ان مجلس الشورى أوصى بتأسيس قسم مرور نسائي مختص يتلقى البلاغات، ورقم هاتف مجاني للاتصال به عند الطوارئ، ووضع مراكز داخل المدن للمرور النسائي بإشراف جهات دينية، كما طالبت دراسة مجلس الشورى معاقبة من يتحدث إلى سائقة من سيارات أخرى أو من العابرين، بـ"السجن لشهر واحد ودفع مبلغ مالي"، ومعاقبة من يثبت تحرشه بها بـ"السجن ثمانية أشهر وغرامة مالية"، فيما تعاقب سائقة السيارة المخالفة للأنظمة بسحب الرخصة فقط.
وكان عضو مجلس الشورى الدكتور محمد آل زلفة، قد تبنى فكرة السماح بقيادة المرأة للسيارة، وتم تحويل الموضوع للنقاش داخل المجلس، والذي انتهى بإصدار هذا النظام ورفعه لمجلس الوزراء السعودي لدراسته واصدار قرار بشأنه.
وكانت الناشطة السعودية وجيهة الحويدر قد قادت سيارتها بنفسها في خطوة رمزية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة لتذكير المسؤولين في السعودية بحق المرأة في القيادة في الدولة الوحيدة التي لا تسمح للنساء بقيادة السيارات.
في الوقت نفسه أسقط مجلس الشورى السعودي خلال مداولاته توصية بتبني اتفاقية دولية "تحرم الإساءة للأديان والرموز والشخصيات الدينية"، حيث أوضح معارضو التوصية أن مثل تلك الاتفاقية تستوجب الاعتراف بديانات وثنية غير معترف بها. وأكد أحد أعضاء المجلس معارضة الإتفاقية للنصوص القرانية.
وسقطت التوصية التي تقدم بها عضو مجلس الشورى المهندس محمد القويحص بحسب صحيفة "الوطن" خلال التصويت على توصيات لجنة الشؤون لخارجية بالمجلس على التقرير السنوي لوزارة الخارجية، بعد أن عارض التوصية 77 صوتا مقابل 33 صوتا مؤيدا، والتي كان نصها "تنسق وزارة الخارجية مع المجموعة العربية الإسلامية وغيرها في الأمم المتحدة لتبني اتفاقية دولية تحرم الإساءة للأديان والشخصيات والرموز الدينية بأي شكل من الأشكال".
وأكد عضو المجلس الدكتور خليل الخليل أن التوصية فخ خطير ربما تكون آثاره السلبية على المسلمين أكثر من غيرهم، لأن كثيرا من المسلمين بجهل أو تشدد يسيئون لغيرهم من المنابر. وذكر عدد من الاعتبارات التي تجعله يعارضها، أهمها أن هذه الفكرة تتعارض مع الحريات الفكرية في المفهوم العالمي، وبين أن النقد للإسلام والمسلمين في حالة المد الإسلامي الموجود في الغرب أمر طبيعي.
وقال الخليل "إنه ربما تتعرض الأقليات المسلمة بسبب التوصية لو أخذ بها لكثير من العراقيل والمشاكل، وأوضح أن التوصية تحمل بعض المصطلحات مثل الأديان، والرموز الدينية"، لافتا إلى أن مفهومهما يختلف من دولة لدولة ومن حضارة إلى أخرى، فالبوذية والقديانية والبهائية تعتبر ديانات عند البعض. وتساءل "هل يلزم المسلمين احترام تلك الديانات وعدم نقدها؟".
من جهته أكد عضو مجلس الشورى مقدم التوصية المهندس محمد القويحص أنه لم يكن يتوقع سقوط توصيته خصوصا بعد موافقة 77 عضوا على مناقشتها، وتمت مناقشتها دون الموافقة عليها، وأضاف "يجب احترام وجهات النظر وهذا مبدأ الشورى". مشيرا إلى أنه لم يقتنع بسقوطها، ولفت عدد من زملائه إلى أن مبدأ الشورى يستوجب احترام وجهات النظر الأخرى.
وأوضح القويحص أن الدافع وراء تقديم التوصية هو إقدام البعض على الإساءة المستمرة للإسلام بصفة عامة والرسول صلى الله عليه وسلم بصفة خاصة، من رسوم كاريكاتيرية وأفلام تعرض في أمريكا وهولندا، مبينا أن القضية بدأت تتوسع في أكثر من اتجاه.
وأشار مقدم القويحص إلى أن معالجة المشكلة بدل المظاهرات وبيانات الاستنكار والتهديدات تكون باتباع أسلوب منهجي للمعالجة. وذلك عن طريق اتفاقية دولية تحرم الإساءة للأديان السماوية، ويكون هناك اتفاق جماعي على عدم الإساءة، وبالتالي ينتهي الموضوع من جذوره.
وقال القويحص "إن الغرب أساسا للأسف الشديد لديه ما يسمى بحرية النشر والآراء ولكن إذا كان هناك أنظمة تحرم بعض المواضيع فلا أحد يجرؤ على أن يمس تلك النقاط"، مشيرا إلى أن هذا هو الهدف الأساسي من تقديمه تلك التوصية.
من جانبه اعتبر رئيس مجلس الشورى الدكتور صالح بن حميد القضية المطروحة "كبيرة جدا على مستوى العالم" وطالب الأعضاء بالتأني في نقاشها، وقال "إن المجلس يناقش مدى ملاءمة التوصية للظروف وفهم الآخرين لها وأبعادها وحساسيتها بمعنى "نملك أو لا نملك، ضعفنا، قوتنا، مدى التزام الأمم بالاتفاقية".
وأضاف حميد "فحينما يقول زميل أنا ضد فهو ليس ضد المبدأ ولا الدين ولا الرسول ولا القرآن، متمنيا أن يفهم ذلك وينقل بالشكل الصحيح، وأرجو أن يعذر المسلمون بعضهم بعضا، وأن يحملوا كلام إخوانهم على الحق".
وجاءت مطالبات من معظم الأعضاء بحذف الشخصيات والرموز الدينية، وعلق على تلك التوصية عقب الموافقة على مناقشتها نحو عشرة أعضاء في مداخلات حامية خصوصا من المؤيدين للتوصية.
فيما أكد عدد من المعارضين أنهم يخافون من النتائج السلبية والتي أكدوا أنها ستفوق آثارها الإيجابية " لأنه لا يوجد اعتراف بجميع الأديان" وأن التوقيع عليها يوجب الاعتراف بجميع الأديان.
وذكر الدكتور طلال بكري أنه كان معارضا للتوصية، لأن التوصية إن أقرت ستدعو للاعتراف ببعض الأديان وستدعو إلى إقامة المعابد المختلفة في بلاد المسلمين من مبدأ عدم الإساءة للأديان.
ووصف الشيخ علي الحكمي التوصية بأن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، مؤكدا تصادمها مع النصوص القرآنية وأوضح أن المسلمين في حالة ضعف ولا يلزمهم اتخاذ هذا الموقف، أما العضو حمد القاضي فأكد عدم تأييده للتوصية والتركيز في نفس الوقت على الجانب الاقتصادي، وتشجيع المقاطعة الاقتصادية.
فيما أكد عائض الردادي أنه كان يؤيدها بعاطفة وطلب المداخلة من أجل ذلك وعارضها بعد استماعه لمداخلات زملائه.
وكانت أغلبية المداخلات معارضة لتلك التوصية على الرغم من تعديل القويحص لها عقب تقديمها للمجلس حيث حذف الشخصيات والرموز الدينية واكتفى بالأديان السماوية والرسل والأنبياء.