يوسف أعرض عن هذا
اتّسَعت دائرة الأعمال الروائية في المملكة، وتراوحت أسباب رَوَاج هذه الأعمال بين الإبداع الفني والأدبي، وبين ملامسة المستور والمحظور الاجتماعي.
يظل الكثير من الكتاب والكاتبات أبناء فطرة وانتماء، اتفقنا معهم أو اختلفنا، وهم جزء من هذا المجتمع، الذي يحتاج في هذه المرحلة إلى تَفهّم التنوع بين أطيافه، شريطة اتفاق الجميع على القواعد الأساسية التي تحكم وجوده، وهي قواعد ثقافية وشرعية ووطنية.
وهؤلاء المبدعون يمكن أن يكونوا صوتاً إيجابياً، معبراً عن وطنهم وأبناء جنسهم، أو عن معاناة إنسانية أوسع، أو حادياً يحفز الركب إلى الانجاز والعمل، ومحاولة العبور.
لذا فإنني أعتبر أن حضور أحدهم في مؤتمر ثقافي؛ ينظمه سلمان رشدي في الولايات المتحدة الأمريكية، تحت رعاية مؤسسة (قلم) التي يرأسها؛ لم يكن مقبولاً بحال.
أنت لا تمثل نفسك؛ فأنت عضو في مجتمع سعودي، وانتماء عربي، ونسيج إسلامي، والرجل الذي تقابله وتحاوره هو من الاستثناءات التي يجب عزلها، وليس تقوقعاً أن ترفضه؛ كما رفضه العالم الإسلامي كله.
مُرتدّ؛ يسخر بالله ودينه وآياته ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويصوّر بيت النبوة على أنه وكر للرذيلة، ويزدري أمهات المؤمنين، وأصحاب النبي الكريم، ويتوقّح في تصوير جنسي لمقام النبوة، ووصمٍ بالشذوذ، في رواية يقول النقّاد عنها: إنها تفتقد الحسّ الأدبي، وإن انتشارها هو بسبب انتهاكها للمقدس، واستفزازها لمليار وثلاثمائة مليون مسلم، ربّما لم يحسن بعضهم التعاطي معها كما يجب، فأشهرها بدلا من أن يتجاهلها؛ لتموت بالصمت والإعراض.
بيد أن الذي حدث هو أن الرجل أصبح لدى دوائر متطرفة في الغرب مثالاً يُحتذى للمسلم الشجاع، الذي يرتد عن دينه، ويكتب مقالات "لماذا تركت الإسلام؟" ويشارك في مؤتمر عن "المسلمين الكفار"! فيكون رأس حربة في حملة لتشكيك المسلمين، وتشجيعهم على الكفر بعد الإيمان.
ثمة فرص عالمية للمشاركة، وتمثيل الإبداع الأدبي والفني، وأنت تملك روح الإبداع، والتوفّز للنجاح، وتحقيق الطّموح الإنساني، بيد أنّ يَدَك إن صافحت يداً ملوثة بالوقيعة في أعراض الأنبياء والمرسلين، وقادة الموكب الإنساني الطهور، ورجالات خَيرِ جيل، وأمهات المؤمنين المشمولات بالرضوان والرحمة؛ فإنها سوف تعثر عن مواصلة طريقها الواعد، إلا أن تستعيد جدارتها بماء الوضوء، وتتنصل من سابقتها، وتحاول الرِّيادة لتقول: جئتكم من عند هذا السبيل الذي لا بِرّ فيه ولا خير، وقد كفيتكم أمره؛ فدعوه.
ليس الروائي أو الأديب أو المبدع بفقيه يتحدث بلغة شرعية، ولا يلزمه أن يكون واعظاً أو مرشداً، على أنه حين ينسجم مع روحه المسكونة بفطرة الأمهات المشفقات، والمعجونة بذرّات رمل البيت الطِيني، الذي حضن الأجيال بعد الأجيال من السائرين على الطريق, المعطّرة بقطرات الماء التي تشكلت على نور التلاوات الصافية؛ فهذه الروح ستكون خيطاً خفياً؛ يلتقطه القارئ ضمن خيوط أخرى؛ لتكون معبراً أميناً صادقاً عن معايشته ورؤيته.
هي لا ترسم مجتمعاً ملائكياً طهوراً، لكنها لا تصدّ عن قراءة البساطة والعفوية والإيمان لدى من حولها.
والفرص العالمية للحضور والتأهّل والمنافسة كبيرة، ويمكن لشبابنا أن ينافسوا فيها، وأن يحصدوا الجوائز الإبداعية بجدارة لا تشوبها شائبة جائزة سلمان رشدي.