حورية البحر
25-04-2009, 01:15 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين
الْشَّجَاعَةُ طَرِيْقُ الْهِدَايَةِ
الحمد لله الذي وفق من شاء برحمته إلى طاعته، ويسر الهداية لمن أحب من خلقه، والصلاة والسلام على من جعله ربه هاديا مهدياً، بشيراً ونذيراً، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فإن طلب الهداية مُنية الطالبين، ورغبة العارفين، ولذة المشتاقين، وراحة الوالهين، وأنس السائرين إلى الله رب العالمين.
إن الهداية نور يقذفه الله في قلب من شاء من عباده، وحلاوة يذيقها الله أولياءه، وطلاوة يظهرها الله على محيا من أحب من خلقه؛ بها ينشرح الصدر، ويفرح القلب، فإذا فُقد هذا النور من قلب العبد، ضاق وحَرِج، وصار في أضيق سجن وأصعبه.
إن الهداية والاستقامة روح تحيا بها الأجساد، ويخرج بها العبد من الظلمات إلى النور.
الهداية من أجل ما ينعم الله به على العبد، فهي نعمة وأجل نعمة، ومِنَّة وأجل مِنَّة، وعطية وأجزل عطية، وهدية وأحسن هدية.
طلب قوم الهداية في غير مظانها فما أصابت القدم في سيرها، وما بلغت القلوب مطلوبها، وما هديت النفوس لمرغوبها، فكان ما كان أن عاد هؤلاء القوم بعد دهر أو دهور، أو شهر أو شهور، وهم في الضلال هائمون، وفي أوحال الغواية هالكون، فحرموا اللذة، وامتلأت نفوسهم حسرة وألماً، وخيبة وندماً، وصدق الله الجليل إذ يقول {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه:124]. وقال سبحانه: {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام: 125].
وقوم طلبوا الهداية في مظانها فوصلوا لها وحازوا فَخَارها .. بل لو كانت عند الثريا لنالها أصحاب الهمم العوالي، والنفوس البواسل...
كانوا قبل أن يعرفوا الهداية بعيدين عن الله، ليس لهم في السماء ذكراً، ولا في الأرض خبراً.
ولكنهم ما إن عرفوا عين الحقيقة، والنور الساطع ؛ حتى سجدوا سجدة التحرير، وسارعوا إلى ربهم يحثون الخطى لنيل أعلى المنازل، وبلوغ أعلى المراتب، وكلٌ على قدر سعيه وسيره إلى الله تعالى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى } [ الليل: 4 ]، فهم عرفوا الطريق، وهدوا إلى المحجة؛ فكانوا مثالاً للدهر، وقدوة للخلق، وحسنة في جبين الزمان.
وهناك قوم عرفوا الهداية، وعرفوا أهلها، وصار لديهم يقين وبرهان بأنها هي الأصل والصواب، لكن أبت تلك النفس اللقسة – الخبيثة -، وتلك الهمة الدنيئة إلا أن تكون جبانة عن طلب الحق والسعي إليه...
فهم قوم لا ينقصهم قناعة فهم مقتنعون بهذا الطريق أشد القناعة، ولا ينقصهم علم فهم يعلمونه حق العلم، ولا ينقصهم فهم فقد أوتوا فهماً...
فماذا ينقصهم يا ترى؟، هل ينقصهم عبر وعظات؟
فالعبر والعظات كل يوم يرونها، موت وقتل، ونهاية أقوام، وذهاب آخرين وغير ذلك.
لا ينقصهم إلا شيءٌ واحد، هذا الشيء لم يطقه أبو طالب فكان من أهل النار والسعير، وما استطاعه هرقل فكان محروماً، بل ساقه ذلك الوصف القبيح حتى كان من أهل الجحيم.
هذا الوصف صد كثيراً من الناس عن السير إلى الله، وعن التذلل والانكسار بين يديه.
أتدري ما هو هذا الوصف إنه وصف: الجُبْن، نعم إنهم قوم جبناء.
فالجبناء لا يفلحون أبداً، لا في أمر دين ولا في أمر دنيا.
الجبناء لا يصلحون للقيادة، ولا لنصرة الدين.
الجبناء لا يأمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر.
الجبناء لا يقولون حقاً، ولا يعرفون بذلاً.
لا ينطق الجبناء إلا في الخفاء، ولا يظهرون ما يبطنون إلا في الظلماء.
أصبحت الشجاعة عند الجبناء شبحاً يهابونه، وتنيناً يخافونه، بل ويظنون فيمن اتصف بهذه الصفة الحميدة الظنونا.
لما حرم هؤلاء القوم الشجاعة، كانوا محرومين من لذة الحياة الدنيا، بل قد يحرمون من لذة الحياة الآخرة.
إن هذه الصفة القبيحة حرمت كثيراً من الناس من تحقيق الهداية في المظهر والملبس، وفي الرفقة الصالحة، وحملتهم إلى الخوف من إقامة الدين في النفس والأهل، والمحافظة على شرائع الدين؛ فحرموا من تحقيق العبودية الحقة لله في فعل جميع أوامره واجتناب نواهيه.
ولك أخي أن تتساءل كيف الخلاص، والنجاة من هذه المهلكة، وهذه المدحضة؟
فأقول لك - باختصار - لا خلاص من هذه الصفة المشينة إلا بسلوك ضدها، وضدها هي: صفة الشجاعة.
لكن ما هي الشجاعة التي نريدها؟ هل هي البطش والظلم؟ أم التطاول والبغي؟ أم الضرب والنهب؟ أم ماذا؟
الجواب: الشجاعة التي نريد هي: الشجاعة الإيمانية، تلك الشجاعة التي تقود إلى التغلب على النفس والهوى والشيطان والدنيا، وعلى حب الملذات والشهوات، وعلى الأنس بأصحاب المعاصي والزلات، الشجاعة التي تحمل النفس على ترك القبائح وفعل الطاعات.
الشجاعة الإيمانية: بها يتحرر العبد من رق الشيطان، ورق النفس، والهوى، وحب الدنيا.
أخي لن تبلغ ما تريد من صلاح الدين والدنيا، إلا عندما تكون شجاعاً في اتخاذ قرارك، حازماً في حسم أمرك.
أخي المفضال: اعلم أن الجبان:( أضيق الناس صدراً وأحصرهم قلباً، لا فرحة له ولا سرور، ولا لذة، ولا نعيم إلا من جنس ما للحيوان البهيمي، وأما سرور الروح، ولذتها، ونعيمها، وابتهاجها، فمحرم على كل جبان، كما هو محرم على كل بخيل، وعلى كل معرض عن الله سبحانه غافل عن ذكره جاهل به وبأسمائه وصفاته ودينه، متعلق القلب بغيره...
اعلم أيها الشجاع أن لك في الدنيا سعادةٌ ونعيمٌ وهذا النعيم والسرور يصير في القبر رياضاً وجنةً؛ واعلم يا جبان أن لك في الدنيا ضيق وحصر وهذا الضيق والحصر ينقلب في القبر عذاباً وسجناً، فحال العبد في القبر كحال القلب في الصدر نعيماً وعذاباً، وسجناً وانطلاقاً؛ ولا عبرة بضيق صدر الشجاع لعارض، ولا عبرة بانشراح صدر الجبان لعارض، فإن العوارض تزول بزوال أسبابها، وإنما المعول على الصفة التي قامت بالقلب تُوجب انشراحه وحبه فهي الميزان والله المستعان) زاد المعاد (2/26) بتصرف.
وبعدُ: فتأمل معي هذا الموقف لهذا الشجاع الذي بتَّ الجُبْنَ بطلاقٍ بائن بغير رجعة، كان هذا الشجاع في أرغد عيش وأهناه، كان في كفالة عمه، يتلذذ بعيشه، وما إن سمع بخبر ذلك النبي العظيم محمد بن عبدالله الكريم - صلى الله عليه وسلم - حتى طار قلبه سروراً، وابتهجت نفسه سعادة وحبوراً ، فما زال يبحث عن أخباره، ويسأل عن أحواله، فما زال يتخيل شكل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكانت أمنية رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - رابطة على فؤاده، لا تفارق ناظريه، حتى تاقت تلك النفس الطيبة للهجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ يحدث نفسه بالهجرة.
فكان بين أهله شارد الذهن، كثير السرحان، حتى أوجس بعض أهله خبره، وعلموا همه، فما إن علم عمه - الذي يقوم على رعايته، وينفق عليه - بهمه ومراده، غضب غضباً شديداً، بل أرغى وأزبد، وصرخ وهدد، ونهى هذا الشاب عن إسلامه وهجرته.
حتى أن عمه هدده وهو صاحب النفقة واليد العليا عليه إن هو ذهب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يجرده من كل شيء، نعم كل شيء.. حتى ما أعطاه من الثياب.
لكنه قابل عقيدة وثباتاً، وشجاعة ورباطة جأش، فكان في صلابته كالجبل الأشم، وفي وضوحه كالسيف الصقيل، فلم تصده تلك التهديدات، ولم يردعه ذلك الوعيد، بل زاده ذلك ثباتاً، وعزماً على السير إلى الله ورسوله.
ولما جمع الشاب متاعه، وعزم على الهجرة، قامت الدنيا ولم تقعد، وحصل بعد ذلك ما يحصل بين باغي الخير والصاد عنه.
لكن صاحبنا كان ذا شجاعة عالية، ونفس أبية تواقة؛ ولسان حاله يقول: خذ كل شيء: الأموال، والطعام، والمسكن، بل حتى الثياب، بل حتى الجسد خذه، لكن دع فؤادي يطير إلى عشه ومسكنه، دع قلبي يرفرف بين يدي رسول رب العالمين ليهنأ بلقياه.
فصح فيه قول القائل:
ضع في يدي القيد ألهب أضلعي *** بالسوط ضع عنقي على السكينِ
لن تستطيع حصار فكري سـاعة *** أو نزع إيمـــــــاني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقـــلبي في يَدَيْ *** ربي وربي حـــــافظي ومـعـيني
فعزم الشجاع على الهجرة، ونفذ العم ما وعد به فجرده من كل شيءٍ حتى الثياب التي أنعم بها عليه، وطرده حتى يصبح لا مأوى ولا مسكن بل ولا ملبس.
فأعطته أمه بجاداً - قطعة قماش- فقسمه نصفين اتزر بأحدهما، وارتدى الآخر.
ثم سار الشجاع الذي طلق الدنيا، وداس ذل الكفر، وهوان المعصية بقدميه الطاهرتين، يحدوه الشوق، ويسوقه الأمل.
سار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس له ومعه إلا بجادين، فبلغ ذو البجادين غايته وهدي إلى خيري الدنيا والآخرة، فلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به وصدق، وكان حسن السيرة والسريرة - رضي الله عنه -، هذا هو الصحابي الجليل ( ذو البجادين ) عبد الله بن عبد نهم- رضي الله عنه -.
أما خاتمة هذا المهاجر الشجاع فكانت خاتمة أهل السعادة والحياة الطيبة، فقد واراه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بيديه الشريفتين وقال:( اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه) فهنيئاً له، ثم هنيئاً له حيث قُبِرَ بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا له.
فهذه هي الشجاعة المحمودة التي ساقت صاحبها إلى رضوان الله، والفوز بدعاء رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
فتأمل يا أخي شجاعة هذا الصحابي، على ما لاقاه في طريقه إلى الله ورسوله من العسر والمشقة، والعناء.
فهل تملك شيء من الشجاعة الإيمانية لتنطلق من قيود المعاصي والآثام، وأوحال الزلات والشهوات؟
كن كعبدالله تكن من السعداء، كن كذي البجادين لتُكْسَى لباساً هو خير من الدنيا وما فيها، إنه لباس التقوى خير لباس :{وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26].
أخي الحبيب: أعلنها بأعلى صوت داخل نفسك، قلها ولا تتردد، قل: أنا من هذه الساعة لله تائب، وله منيب ومخبت.
أخي: أعلن التوبة لله، وأَبِنِ العودة والإنابة إليه، دع عنك المعاصي والآثام، وتحرر من رق الشيطان، وادخل في عبودية ربك الرحمن، واعلم أن الله - عز وجل - يفرح فرحاً شديداً بتوبتك الصادقة، وهو الغني عني وعنك وعن جميع عباده، لكن هذه رحمته سبحانه.
وتأمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث:« لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَموتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ » أخرجه مسلم(2744).
واعلم يا أخي: أنها مهما بلغت ذنوبك، وعظم على نفسك إسرافك، وكثرت منك زلاتك، فإن الله قد فتح باب التوبة، وقرب لعباده الرحمة فقال في كتابه الكريم:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر:53].
وقد جاء من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :« قَالَ الله: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ: لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ: إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ».أخرجه أحمد(5/167) الترمذي(3540)، وحسنه الألباني في السلسلة(127). فأبشر يا أخي بالخير
واعلم أخي أنك متى صدقت العزم، وأحسنت في الطلب، فإن الله معك ومؤيدك وحافظك، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } [النحل:128]
وبعد صدق العزم والتوكل على الله سر على بركة الله يحدوك أمل التوبة والشوق إلى لقاء الله، ويلازمك الخوف منه ومحبته ورجاه، مع المجاهدة على ذلك قال تعالى{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت:69] .
وفي الختام اعلم أخي الهُمام: أن الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، وتذكر دائماً هادم اللذات ومفرق الجماعات فقد قال - صلى الله عليه وسلم -:« أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ ». أخرجه أحمد(2/292) الترمذي(2307)، والنسائي(1824)، وابن ماجه(4258).
فالمؤمن الشجاع دائماً ذكَّاراً للموت، ولذا فهو يعمل لما بعده.
وتذكر دائماً: أن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه؛ ومن ثمار طريق الخير خاتمة الخير، فلن ينطق بالشهادة عند الموت إلا من يسرها الله له، وكان عمله خيراً.
أسأل الله
لي ولك الهداية والتوفيق،
وخاتمة الحسنى والسعادة إنه قريب مجيب،
والحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
منقوووووووول للفائدة
وبه أستعين
الْشَّجَاعَةُ طَرِيْقُ الْهِدَايَةِ
الحمد لله الذي وفق من شاء برحمته إلى طاعته، ويسر الهداية لمن أحب من خلقه، والصلاة والسلام على من جعله ربه هاديا مهدياً، بشيراً ونذيراً، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فإن طلب الهداية مُنية الطالبين، ورغبة العارفين، ولذة المشتاقين، وراحة الوالهين، وأنس السائرين إلى الله رب العالمين.
إن الهداية نور يقذفه الله في قلب من شاء من عباده، وحلاوة يذيقها الله أولياءه، وطلاوة يظهرها الله على محيا من أحب من خلقه؛ بها ينشرح الصدر، ويفرح القلب، فإذا فُقد هذا النور من قلب العبد، ضاق وحَرِج، وصار في أضيق سجن وأصعبه.
إن الهداية والاستقامة روح تحيا بها الأجساد، ويخرج بها العبد من الظلمات إلى النور.
الهداية من أجل ما ينعم الله به على العبد، فهي نعمة وأجل نعمة، ومِنَّة وأجل مِنَّة، وعطية وأجزل عطية، وهدية وأحسن هدية.
طلب قوم الهداية في غير مظانها فما أصابت القدم في سيرها، وما بلغت القلوب مطلوبها، وما هديت النفوس لمرغوبها، فكان ما كان أن عاد هؤلاء القوم بعد دهر أو دهور، أو شهر أو شهور، وهم في الضلال هائمون، وفي أوحال الغواية هالكون، فحرموا اللذة، وامتلأت نفوسهم حسرة وألماً، وخيبة وندماً، وصدق الله الجليل إذ يقول {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه:124]. وقال سبحانه: {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام: 125].
وقوم طلبوا الهداية في مظانها فوصلوا لها وحازوا فَخَارها .. بل لو كانت عند الثريا لنالها أصحاب الهمم العوالي، والنفوس البواسل...
كانوا قبل أن يعرفوا الهداية بعيدين عن الله، ليس لهم في السماء ذكراً، ولا في الأرض خبراً.
ولكنهم ما إن عرفوا عين الحقيقة، والنور الساطع ؛ حتى سجدوا سجدة التحرير، وسارعوا إلى ربهم يحثون الخطى لنيل أعلى المنازل، وبلوغ أعلى المراتب، وكلٌ على قدر سعيه وسيره إلى الله تعالى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى } [ الليل: 4 ]، فهم عرفوا الطريق، وهدوا إلى المحجة؛ فكانوا مثالاً للدهر، وقدوة للخلق، وحسنة في جبين الزمان.
وهناك قوم عرفوا الهداية، وعرفوا أهلها، وصار لديهم يقين وبرهان بأنها هي الأصل والصواب، لكن أبت تلك النفس اللقسة – الخبيثة -، وتلك الهمة الدنيئة إلا أن تكون جبانة عن طلب الحق والسعي إليه...
فهم قوم لا ينقصهم قناعة فهم مقتنعون بهذا الطريق أشد القناعة، ولا ينقصهم علم فهم يعلمونه حق العلم، ولا ينقصهم فهم فقد أوتوا فهماً...
فماذا ينقصهم يا ترى؟، هل ينقصهم عبر وعظات؟
فالعبر والعظات كل يوم يرونها، موت وقتل، ونهاية أقوام، وذهاب آخرين وغير ذلك.
لا ينقصهم إلا شيءٌ واحد، هذا الشيء لم يطقه أبو طالب فكان من أهل النار والسعير، وما استطاعه هرقل فكان محروماً، بل ساقه ذلك الوصف القبيح حتى كان من أهل الجحيم.
هذا الوصف صد كثيراً من الناس عن السير إلى الله، وعن التذلل والانكسار بين يديه.
أتدري ما هو هذا الوصف إنه وصف: الجُبْن، نعم إنهم قوم جبناء.
فالجبناء لا يفلحون أبداً، لا في أمر دين ولا في أمر دنيا.
الجبناء لا يصلحون للقيادة، ولا لنصرة الدين.
الجبناء لا يأمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر.
الجبناء لا يقولون حقاً، ولا يعرفون بذلاً.
لا ينطق الجبناء إلا في الخفاء، ولا يظهرون ما يبطنون إلا في الظلماء.
أصبحت الشجاعة عند الجبناء شبحاً يهابونه، وتنيناً يخافونه، بل ويظنون فيمن اتصف بهذه الصفة الحميدة الظنونا.
لما حرم هؤلاء القوم الشجاعة، كانوا محرومين من لذة الحياة الدنيا، بل قد يحرمون من لذة الحياة الآخرة.
إن هذه الصفة القبيحة حرمت كثيراً من الناس من تحقيق الهداية في المظهر والملبس، وفي الرفقة الصالحة، وحملتهم إلى الخوف من إقامة الدين في النفس والأهل، والمحافظة على شرائع الدين؛ فحرموا من تحقيق العبودية الحقة لله في فعل جميع أوامره واجتناب نواهيه.
ولك أخي أن تتساءل كيف الخلاص، والنجاة من هذه المهلكة، وهذه المدحضة؟
فأقول لك - باختصار - لا خلاص من هذه الصفة المشينة إلا بسلوك ضدها، وضدها هي: صفة الشجاعة.
لكن ما هي الشجاعة التي نريدها؟ هل هي البطش والظلم؟ أم التطاول والبغي؟ أم الضرب والنهب؟ أم ماذا؟
الجواب: الشجاعة التي نريد هي: الشجاعة الإيمانية، تلك الشجاعة التي تقود إلى التغلب على النفس والهوى والشيطان والدنيا، وعلى حب الملذات والشهوات، وعلى الأنس بأصحاب المعاصي والزلات، الشجاعة التي تحمل النفس على ترك القبائح وفعل الطاعات.
الشجاعة الإيمانية: بها يتحرر العبد من رق الشيطان، ورق النفس، والهوى، وحب الدنيا.
أخي لن تبلغ ما تريد من صلاح الدين والدنيا، إلا عندما تكون شجاعاً في اتخاذ قرارك، حازماً في حسم أمرك.
أخي المفضال: اعلم أن الجبان:( أضيق الناس صدراً وأحصرهم قلباً، لا فرحة له ولا سرور، ولا لذة، ولا نعيم إلا من جنس ما للحيوان البهيمي، وأما سرور الروح، ولذتها، ونعيمها، وابتهاجها، فمحرم على كل جبان، كما هو محرم على كل بخيل، وعلى كل معرض عن الله سبحانه غافل عن ذكره جاهل به وبأسمائه وصفاته ودينه، متعلق القلب بغيره...
اعلم أيها الشجاع أن لك في الدنيا سعادةٌ ونعيمٌ وهذا النعيم والسرور يصير في القبر رياضاً وجنةً؛ واعلم يا جبان أن لك في الدنيا ضيق وحصر وهذا الضيق والحصر ينقلب في القبر عذاباً وسجناً، فحال العبد في القبر كحال القلب في الصدر نعيماً وعذاباً، وسجناً وانطلاقاً؛ ولا عبرة بضيق صدر الشجاع لعارض، ولا عبرة بانشراح صدر الجبان لعارض، فإن العوارض تزول بزوال أسبابها، وإنما المعول على الصفة التي قامت بالقلب تُوجب انشراحه وحبه فهي الميزان والله المستعان) زاد المعاد (2/26) بتصرف.
وبعدُ: فتأمل معي هذا الموقف لهذا الشجاع الذي بتَّ الجُبْنَ بطلاقٍ بائن بغير رجعة، كان هذا الشجاع في أرغد عيش وأهناه، كان في كفالة عمه، يتلذذ بعيشه، وما إن سمع بخبر ذلك النبي العظيم محمد بن عبدالله الكريم - صلى الله عليه وسلم - حتى طار قلبه سروراً، وابتهجت نفسه سعادة وحبوراً ، فما زال يبحث عن أخباره، ويسأل عن أحواله، فما زال يتخيل شكل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكانت أمنية رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - رابطة على فؤاده، لا تفارق ناظريه، حتى تاقت تلك النفس الطيبة للهجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ يحدث نفسه بالهجرة.
فكان بين أهله شارد الذهن، كثير السرحان، حتى أوجس بعض أهله خبره، وعلموا همه، فما إن علم عمه - الذي يقوم على رعايته، وينفق عليه - بهمه ومراده، غضب غضباً شديداً، بل أرغى وأزبد، وصرخ وهدد، ونهى هذا الشاب عن إسلامه وهجرته.
حتى أن عمه هدده وهو صاحب النفقة واليد العليا عليه إن هو ذهب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يجرده من كل شيء، نعم كل شيء.. حتى ما أعطاه من الثياب.
لكنه قابل عقيدة وثباتاً، وشجاعة ورباطة جأش، فكان في صلابته كالجبل الأشم، وفي وضوحه كالسيف الصقيل، فلم تصده تلك التهديدات، ولم يردعه ذلك الوعيد، بل زاده ذلك ثباتاً، وعزماً على السير إلى الله ورسوله.
ولما جمع الشاب متاعه، وعزم على الهجرة، قامت الدنيا ولم تقعد، وحصل بعد ذلك ما يحصل بين باغي الخير والصاد عنه.
لكن صاحبنا كان ذا شجاعة عالية، ونفس أبية تواقة؛ ولسان حاله يقول: خذ كل شيء: الأموال، والطعام، والمسكن، بل حتى الثياب، بل حتى الجسد خذه، لكن دع فؤادي يطير إلى عشه ومسكنه، دع قلبي يرفرف بين يدي رسول رب العالمين ليهنأ بلقياه.
فصح فيه قول القائل:
ضع في يدي القيد ألهب أضلعي *** بالسوط ضع عنقي على السكينِ
لن تستطيع حصار فكري سـاعة *** أو نزع إيمـــــــاني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقـــلبي في يَدَيْ *** ربي وربي حـــــافظي ومـعـيني
فعزم الشجاع على الهجرة، ونفذ العم ما وعد به فجرده من كل شيءٍ حتى الثياب التي أنعم بها عليه، وطرده حتى يصبح لا مأوى ولا مسكن بل ولا ملبس.
فأعطته أمه بجاداً - قطعة قماش- فقسمه نصفين اتزر بأحدهما، وارتدى الآخر.
ثم سار الشجاع الذي طلق الدنيا، وداس ذل الكفر، وهوان المعصية بقدميه الطاهرتين، يحدوه الشوق، ويسوقه الأمل.
سار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس له ومعه إلا بجادين، فبلغ ذو البجادين غايته وهدي إلى خيري الدنيا والآخرة، فلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به وصدق، وكان حسن السيرة والسريرة - رضي الله عنه -، هذا هو الصحابي الجليل ( ذو البجادين ) عبد الله بن عبد نهم- رضي الله عنه -.
أما خاتمة هذا المهاجر الشجاع فكانت خاتمة أهل السعادة والحياة الطيبة، فقد واراه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بيديه الشريفتين وقال:( اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه) فهنيئاً له، ثم هنيئاً له حيث قُبِرَ بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا له.
فهذه هي الشجاعة المحمودة التي ساقت صاحبها إلى رضوان الله، والفوز بدعاء رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
فتأمل يا أخي شجاعة هذا الصحابي، على ما لاقاه في طريقه إلى الله ورسوله من العسر والمشقة، والعناء.
فهل تملك شيء من الشجاعة الإيمانية لتنطلق من قيود المعاصي والآثام، وأوحال الزلات والشهوات؟
كن كعبدالله تكن من السعداء، كن كذي البجادين لتُكْسَى لباساً هو خير من الدنيا وما فيها، إنه لباس التقوى خير لباس :{وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26].
أخي الحبيب: أعلنها بأعلى صوت داخل نفسك، قلها ولا تتردد، قل: أنا من هذه الساعة لله تائب، وله منيب ومخبت.
أخي: أعلن التوبة لله، وأَبِنِ العودة والإنابة إليه، دع عنك المعاصي والآثام، وتحرر من رق الشيطان، وادخل في عبودية ربك الرحمن، واعلم أن الله - عز وجل - يفرح فرحاً شديداً بتوبتك الصادقة، وهو الغني عني وعنك وعن جميع عباده، لكن هذه رحمته سبحانه.
وتأمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث:« لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَموتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ » أخرجه مسلم(2744).
واعلم يا أخي: أنها مهما بلغت ذنوبك، وعظم على نفسك إسرافك، وكثرت منك زلاتك، فإن الله قد فتح باب التوبة، وقرب لعباده الرحمة فقال في كتابه الكريم:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر:53].
وقد جاء من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :« قَالَ الله: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ: لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ: إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ».أخرجه أحمد(5/167) الترمذي(3540)، وحسنه الألباني في السلسلة(127). فأبشر يا أخي بالخير
واعلم أخي أنك متى صدقت العزم، وأحسنت في الطلب، فإن الله معك ومؤيدك وحافظك، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } [النحل:128]
وبعد صدق العزم والتوكل على الله سر على بركة الله يحدوك أمل التوبة والشوق إلى لقاء الله، ويلازمك الخوف منه ومحبته ورجاه، مع المجاهدة على ذلك قال تعالى{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت:69] .
وفي الختام اعلم أخي الهُمام: أن الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، وتذكر دائماً هادم اللذات ومفرق الجماعات فقد قال - صلى الله عليه وسلم -:« أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ ». أخرجه أحمد(2/292) الترمذي(2307)، والنسائي(1824)، وابن ماجه(4258).
فالمؤمن الشجاع دائماً ذكَّاراً للموت، ولذا فهو يعمل لما بعده.
وتذكر دائماً: أن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه؛ ومن ثمار طريق الخير خاتمة الخير، فلن ينطق بالشهادة عند الموت إلا من يسرها الله له، وكان عمله خيراً.
أسأل الله
لي ولك الهداية والتوفيق،
وخاتمة الحسنى والسعادة إنه قريب مجيب،
والحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
منقوووووووول للفائدة