مشاهدة النسخة كاملة : فقه المكتشفات و المخترعات العلمية تستدعي الضرورة ا


المجروح
20-03-2009, 11:53 PM
فقه المكتشفات و المخترعات العلمية تستدعي الضرورة الشرعية وجوده لدرء الشبهات

الكاتب : الدكتور / عبدالله اللامي الشهري

تقاطرت المقالات تباعا- هذه الأيام- في معظم الصحف السعودية ؛ لتناقش تقنية استمطار السحب التي طبقت على بعض مناطق المملكة , و التي كان آخرها تجربتها على منطقة عسير, و بغض النظر عن نجاح أو فشل هذه التجارب التي طبقت لعدة سنوات في المملكة – فانه بطبيعة الحال ليس لنا قصب السبق في ابتكار هذه التقنية , فقد جربت في بعض الدول الغربية. و قد تباينت وجهات النظر العلمية حول جدواها؛ فهناك من يرى محدوديتها في الأجواء الصحراوية التي يكون تكون السحب بها ضئيلا. و بعض العلماء يرى أن استخدام المواد الكيميائية التي تساعد على تكثيف بخار الماء في السحب و استمطارها قد يكون له تأثير سلبي في زعزعة التوازن البيئي و انعكاس الضرر على النباتات و الحيوانات و أيضا الإنسان. و يرفض الأيكولوجيون ( أنصار البيئة) هذه التقنية , و يستندون على بعض الأبحاث العلمية التي تدعم وجهة نظرهم . و هناك من يرى أنها مجرد دعاية تسويقية للشركات التي تنفذها, و يكون الغرض منها العائد المادي, و استغلال حاجة الدول التي تعاني شح المياه. و من الناحية الشرعية لهذه التقنية ؛ فقد أوردت الصحف السعودية بعض المقالات لبعض المتخصصين في أمور الشريعة , و قد بينوا أن الإسلام لا يتعارض مع العلم , و لا يحارب المكتشفات الجديدة؛ و لكنهم أبدوا تخوفهم حول تقنية الاستمطار , وبينوا أنهم يخشون من بعض الألسن التي قد تقول أننا مطرنا بسبب تقنية الاستمطار , أو الخوف من اعتقاد بعض العقول المحدودة التي تظن أن هذه التقنية بديلا عن صلاة الاستسقاء!!. و لاشك أن هذه الاعتقادات قد تفضي إلى الشرك و ربما في أكبر صوره كما حذر منه القرآن الكريم ؛ حيث قال جل جلاله " إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء" الآية. و لو تتبعنا المقالات أو المجهودات الشرعية التي حاولت أن تعالج اللبس بين ما هو معتقد و ما هو واقع لوجدنا أنها فردية , و ليست صادرة من جهة مؤسسية مخططة , و ربما في بعض أحوالها قد تستند على فتوى بعض أعضاء هيئة كبار العلماء الموقرة – كجهة رسمية و التي يفترض حضورها هذه الأيام سيما وأن تطبيق هذه التقنية يتزامن مع تزايد أسئلة الناس عن شرعيتها. و الحقيقة أن المستقبل القريب و البعيد بمشيئة الله سوف يشهد الكثير من المخترعات و المكتشفات العلمية التي قد تمس الأمور الحساسة التي قد تسبب بعض اللبس بين نتائج هذه المكتشفات و بين ما هو موجود في النصوص الدينية المقدسة لدينا بوصفنا مسلمين. و لو رجعنا بالذاكرة إلى القرن الميلادي المنصرم و ما قبله لوجدنا أن هناك كشوفا ومخترعات علمية قد حصلت , و منها اكتشاف سلسلة من الكواكب الشمسية التي اعتقد بعض مفكري المسلمين في ذلك الوقت أنها السبع الأراضين التي تحدث عنها القرآن الكريم . و مثال آخر يتعلق بقدرة العلم على تصوير الجنين في بطن أمه و تحديد هل هو ذكر أم أنثى؟ و التي أثارت هذه التقنية العديد من الشبهات في ذلك العصر, و لا زالت تثور الأسئلة الشرعية كلما تعمق العلم في مسألة الإنجاب و نحوها. ومن الأشياء الطريفة أن هناك من حارب استخدام السيارات باعتبارها منتجات ليست إسلامية. و في أيامنا هذه نجد أن هناك مخترعات كانت في بدايتها محرمة أو شبه محرمة مثل الطبق الفضائي ( الدش) أو جوال الكاميرا أو الإنترنت ونحوها, ولكنها الآن في شبه المألوف أو المباح. و نقطة الضعف المشاكسة في سلوكنا- بوصفنا مسلمين- تتعلق بمقاومتنا للجديد في بداية ظهوره, و لكنه سرعان ما يتحول لدينا كسلعة مباحة, و ربما جعلناها رقم واحد في الاستهلاك. و لعلي أضرب مثالا توضيحا حول هذه المسألة فقد مر فترة على بعض مشايخنا تحريمهم للتليفزيون أو كراهة مشاهدته أو المشاركة فيه . و لكن في هذه الفترة المعاصرة تغيرت الصورة و أصبحت الفتوى و البرامج الدينية -بشكل عام- محل تنافس للمشائخ و طلبة العلم بغض النظر عن أهداف القنوات الفضائية التي أنشئت من أجلها , بل و أصبحت بعض القنوات تتعاقد مع المشائخ كما تتعاقد مع الفنانين و المحللين الرياضيين. فهذا المثال يبين كيف يستجيب الناس للمخترع الجديد سواء عن قناعة أو خلافه. و ربما قد يكون هذا السلوك المستجيب نتيجة قاعدة" إذا كثر الإمساس قل الإحساس" . و لدرء الشبهات التي قد تفرزها المكتشفات و المخترعات العلمية فإني أقترح إيجاد ما أسميه " فقه المكتشفات و المخترعات العلمية " أو سمه إن شئت " فقه الآفاق " , الذي يبحث في الإستراتيجية الفقهية لمسائل الكشوف و المخترعات العلمية , و الذي يتابع الأمور العلمية و التقنية أول بأول , و يضعها في إطارها الصحيح و فق الأصول الفقهية الشرعية , و يضع قواعد و حدود شرعية و أخلاقية تحد من الغرور العلمي للإنسان الذي قد يقوده غروره إلى العبث بالنواميس التي أوجدها الله في الطبيعة والكون بشكل عام. و لاشك أن هذا المشروع الكبير يحتاج إلى مجهودات ذات طابع مؤسسي له ميزانية مستقلة و تدعمه "إدارة مبدعة" بعيدة عن النمطية السائدة و المذهبية المتحيزة , و أن تستفيد من الموضوعية العلمية و الكوادر العلمية الشرعية و العلمية التي تدرك روح العصر الذي تعيش فيه , و يكون لها نظرة إستراتيجية للتوقع بمسيرة إفرازات هذه العلوم الدنيوية و مدى تأثيراتها على جوانب العقيدة لدى المسلمين. وإذا كان قد نادى بعض العلماء المتخصصين بإيجاد ما يسمى " بفقه الواقع " الذي يعالج ما أشكل على المسلمين في جوانب حياتهم الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية ؛ فإن فقه المكتشفات و المخترعات العلمية يتعلق فقط بالجوانب الفيزيقية ( المادية) التي لها علاقة مباشرة بالنواحي التطبيقية للعلوم الطبيعية و مدى توافقها مع البعد الديني و الأخلاقي وفق قواعد الشريعة الإسلامية , و هذه نقطة مفصلية و جوهرية تبين حدود هذا الفقه. ويمكن بصفة مبدئية تجميع موضوعات هذا الفقه الجديد من ما هو متوفر من أبحاث علمية لدى هيئة الإعجاز العلمي أو لدى بعض الجامعات أو المراكز البحثية أو لدى بعض العلماء الذين لهم بعض الاهتمامات بالكشوف العلمية من وجهة شرعية , و محاولة جذبهم و الاستفادة من خبراتهم كمؤسسين لهذا المشروع البحثي العملاق. و لهذا الفقه الجديد العديد من الفوائد الجمة , ومنها توجيه العقول المسلمة إلى العودة بالتفكير العلمي التجريبي كما كان منهجا للأسلاف من علماء المسلمين السابقين , و توجيه الطاقات إلى أهمية الكشوف و المخترعات العلمية , و إيجاد الأرضية الأخلاقية لتطبيقات العلوم , و قد يقود هذا إلى اتفاق دولي يدعوا إلى جعل التطبيقات العلمية تحمل الصبغة الأخلاقية . و لعل تقنية الاستنساخ أثارت جوانب أخلاقية دارت حولها النقاشات في كثير من الدوائر البحثية حول العالم . و لو وضعنا الأصول الشرعية كمنطلقات , و بطريقة علمية و عصرية لكسبنا الجولة في إقناع الآخرين بضرورة الحفاظ على المسار الصحيح في تطبيقات العلوم. ومن الفوائد أيضا ترسيخ القاعدة الذهبية التي جوهرها يؤكد " عدم التناقض بين الإسلام والعلم " و من ثم بث روح الطمأنينة لدى المسلمين من حيث الانسجام ما بين النصوص الشرعية و المكتشفات و المخترعات العلمية و عدم وجود ما يسمى وهما " بالفجوة المعرفية في العقلية المسلمة" , و تعزيز الثقة في الكوادر العلمية و الشرعية التي تسعى _ وفق العمل المؤسسي الإستراتيجي- إلى النهوض بالتقنيات فيما يخدم البشرية . و كذلك من ضمن فوائد هذا الفقه الجديد أنه يغرس في البشرية ما أسميه " المسؤولية الكونية " والتي تعني الحفاظ على النواميس التي أوجدها الخالق عز وجل في الطبيعة و الكون بشكل عام , و عدم العبث بها , و أن نوجد المواثيق و القوانين الدولية التي تعمق هذه المسؤولية و عدم المساس أو تشويه نواميس الخلق في جميع المخلوقات ؛ لأن ذلك –بلا شك- يقود إلى الفساد الذي ظهر آثاره و تلوثاته في البر و البحر , وكل ذلك بسب العبث البشري في نواميس الأشياء كما أخبر بذلك القرآن الكريم , و خير مثال على ذلك ثقب الأوزون الذي من ضمن آثاره ظاهرة التقلبات المناخية و التسخين الحراري. ولعل التحدي القادم للبشرية هو كيف تحافظ على استمرار حياتها من أعاصير الفساد الأخلاقي و المادي ؟ و هذا يلاشك يدعوا إلى الحلول الجادة و ليس الحلول الوقتية.


الكاتب : الدكتور /عبدالله اللامي الشهري

binhlailبن هليــل
20-03-2009, 11:59 PM
المجروح...


الله يعطيك العافية


طرح موفق سعدت بقراءته



أشكرك على التواصل المستمر والحضور المميز


وبنتظار مزيدا من التألق


لك مني خالص


تحيتي

المجروح
21-03-2009, 12:04 AM
بن هليل


مشكووووووووووور


على الرد



وتقبل تحيتي