مشاهدة النسخة كاملة : كيف يتكلم الله تعالى؟؟.


المجروح
20-02-2009, 01:46 AM
في قسمنا الخاص على منتديات الجفر الثقافية وجه إليناالأخ الكريم(ابن الأحساء)عشرة أسئلة أصولية وفقهية وعقائديه ،فأجبناه عنهااجابة مفصلة أخرجناهابعدذلك في كتاب بعنوان (مع ابن الأحساء في أسئلته)،وكان من بين هذه الأسئله سؤال عن كيفية كلام الله وآخرعن القرآن الكريم هل هو مخلوق أم غير مخلوق؟.وهاأنا أطرح الآن جواب سؤاله عن كلام الله وفي حلقة أخرى أطرح جواب سؤال خلق القرآن إنشاءالله تعالى.


الحلقة الخامسة من إجابة أسئلة ابن الأحساء
( كيف يتكلم الله ؟)

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطاهرين ..
كان السؤال السابع من أسئلتكم أخي العزيز ( ابن الأحساء ) عن كلام الله تعالى ، فهو يقول : كيف كلم الله موسى تكليماً؟ ، والكلام يدل على التجسيم ، فكيف يتكلم الله ؟!
الجواب :
قضية ( كلام الله تعالى ) من أقدم القضايا العقائدية المطروحة في ( علم الكلام ) وقد كثر الجدل والنقاش فيها بين المسلمين حتى أن الكثيرين يذهبون إلى أن ( علم الكلام ) إنما سمي بهذا الإسم لأن البحث في مسألة ( كلام الله ) هي أول مسألة كلامية طرحت على بساط البحث، كما أنه لم يدر حوار ـ بل صراع ـ بين سائر المسلمين في أي مسألة كلامية أخرى كما دار حول هذه المسألة التي تشعبت فيها الآراء إلى حد بعيد ، كما تدخلت اليد السياسية فيها ـ في العصر العباسي ـ حتى أخرجتها من إطارها الفكري إلى الإطار السياسي فخلف ذلك الكثير من المآسي .
ومن خلال ما ذكرناه يتضح لنا أن لقضية ( كلام الله ) أبعادها الكبيرة وتشعباتها الكثيرة التي لا يمكن حصرها والحديث عن تفاصيلها ضمن إطار الإجابة عن هذا السؤال الذي تفضل به الأخ الكريم ( ابن الأحساء ).
لذا فإننا سنحاول أن نحصر أنفسنا في نطاق السؤال ونجيب عنه باختصار دون التطرق إلى ما يرتبط به من قضايا متشعبة كثر الجدل حولها كما أشرنا .
فقد أجمع المسلمون أن لله كلاماً وأنه تعالى متكلم وهذا الإجماع إنما هو نتيجة للنصوص الإسلامية الكثيرة كتاباً وسنة التي تثبت أن لله كلاماً وأنه سبحانه متكلم والتي من بينها قوله تعالى حين أشار إلى تفضيل بعض الأنبياء على بعض: ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله )، وقوله سبحانه : ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ). وغير ذلك من آيات كثيرة واردة في هذا المعنى عدا ما ورد في السنة الشريفة .

وبعد ما اتفق المسلمون على أن لله تعالى كلاماً ، اختلفوا في كلامه تعالى هل هو من صفات الذات كالعلم والحياة والقدرة ... أو من صفات الفعل كالرزق والإحياء والإماتة ... فذهب المعتزلة والإمامية إلى أن كلامه سبحانه من صفات الفعل في حين ذهب الحنابلة والأشاعرة إلى أنه من صفات الذات .
وهذه واحدة من التشعبات المرتبطة بمسألة ( كلام الله ) والدليل فيها عقلاً ونقلاً يؤيد رأي المعتزلة والإمامية دون غيرهم كما يعلم ذلك المطلعون على أدلة الفريقين .
وكما اختلف المسلمون في كلامه تعالى من أي الصفات هو ؟ كذلك اختلفوا في ماهية ذلك الكلام وحقيقته وكيف يكون ؟ .
فللإمامية والمعتزلة رأي يخالف رأي الحنابلة كما أن الأشاعرة يخالفون الإمامية والمعتزلة ،ويتفقون مع الحنابلة من جهة ويختلفون معهم من جهة أخرى ، كما أن للحكماء الفلاسفة تفسيرهم الخاص لمعنى ( كلام الله ) الذي لا نختلف معهم فيه ولكنه غير الكلام المخلوق الذي نحن الآن بصدد الحديث عنه .
والذي تؤيده الأدلة والبراهين أن لله تعالى كلاماً مكوناً من حروف وكلمات وجمل منظومة وأصوات مقطعة مسموعة .
وقد وقع منه سبحانه هذا النوع من التكليم لبعض الناس في الجملة كبعض رسله ، كما يدل على ذلك قوله تعالى: ( منهم من كلم الله ) وقوله: ( وكلم الله موسى تكليما ). وغيرها من آيات تدل على وقوع هذا النوع من الكلام وقوعاً حقيقياً وليس مجازيا .
ولكن يجب أن نلتفت إلى أن وقوع هذا الكلام منه سبحانه وتعالى ليس على شاكلة وقوعه منا نحن البشر، فنحن حين نتكلم إنما نخرج الصوت عن طريق حناجرنا معتمدين على مقاطع النفس .. ولو كان الكلام يقع منه سبحانه على هذه الشاكلة للزم منه التجسيم ـ كما في السؤال ـ والله تعالى منـزه عن ذلك .

إذن فالكلام المخلوق بالنسبة إلى الله تعالى هو حقيقة ثابتة ، ذلك أن الهدف من الكلام هو إفهام الآخرين بما نريد، إذ من خلال الكلام نترجم للآخرين ما يدون في أذهاننا ولولا الكلام لما استطعنا إخبارهم عما هو مكنون في عقولنا ، وقد شرحنا هذا ـ بعض الشرح ـ في الحلقة الأولى من إجابتنا على هذه الأسئلة حين تحدثنا عن الألفاظ .
وإذا عرفنا أن الكلام هو وسيلتنا إلى إظهار ما في عقولنا إلى الآخرين، وتعريفهم به. استطعنا أن نفهم أن إعلام الله لرسله بما يريد منهم ،أو حين يريد سبحانه إظهارهم وإطلاعهم على ما هو مكنون في علمه سبحانه ،إنما يتوقف ذلك على تكليمهم تكليماً حقيقياً مشتملاً على الحروف والكلمات والجمل وله صوت يسمعه الذين يكلمهم سبحانه وتعالى .
فأصل التكلم ـ بالنسبة إلى الله ـ هو حقيقة ثابتة لا مجال لأحد مهما كابر وعاند نفيها أو تفنيدها ، ولكن ـ كما قلنا ـ فإن الكلام الصادر عنه سبحانه ليس كالكلام الصادر عنا ،وإنما هو على نحو خاص لا يستلزم التجسيم ولا يتعارض مع التنـزيه ، وهذا النحو الخاص الذي نشير إليه هو أن الله عز وجل يخلق الكلام ، كما يخلق غيره من سائر الأشياء .
فإذا أراد الله أن يكلم أحداً خلق الكلام ، ولا يسمع هذا الكلام أحد إلا من شاء الله تعالى أن يسمعه .
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تثبت صحة ما نقول، كما يفهم ذلك المتدبرون ، ولكننا نكتفي من كل تلك الآيات بآية واحدة تثبت أن لله تعالى كلاماً على وجه الحقيقة وليس المجاز ، وتقسم هذا الكلام إلى ثلاثة أقسام ،وهي قوله تبارك وتعالى: ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلاّّ وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي قدير ).
فالآية الشريفة تثبت أن لله كلاماً يكلم به من يريد سبحانه من البشر،وأن هذا الكلام ينقسم إلى أقسام ثلاثة هي أن يكون كلامه وحياً، أو يكون من وراء حجاب ،أو أن يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء .
وهنـاك فرق بين هذه الأقسام الثلاثة لكي نفهمه لابد أن نسلط الضوء عليها الواحد تلو الآخر .

الأول : (الكلام عن طريق الوحي ) :
وهو أعلى مراتب التكليم ،لأن الله تعالى في هذا النوع من التكليم يكلم رسله وأنبياءه من دون وجود واسطة بينه جل وعلا وبين النبي الذي يكلمه .
فالوحي هنا كناية عن الكلام الذي يلقيه سبحانه وتعالى في روع الأنبياء وقلوبهم بسرعة وخفاء ، وبدون توسيط الوسائط ، بل هو كلام صادر منه سبحانه إلى قلوب أنبيائه بصورة مباشرة .
ومن هذا القبيل تكليمه جل وعلا لرسوله المصطفى ( ص ) حين عرج به إلى السماء فكان ( ص ) في أعلى درجات القرب من الله ، وفي الإشارة إلى هذا النوع من القرب وهذا النوع من التكليم يقول تعالى : ( ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ).
والآيات صريحة في أن النبي ( ص ) كان في ليلة المعراج في أعلى درجات القرب من الله ، وأن الله أوحى إلى عبده المصطفى من الكلام ما أوحى بدون واسطة .
ويؤيد ما قلناه ويؤكده ما ذكره " الطباطبائي " في بحثه الروائي حول هذه الآيات عن تفسير القمي في بيان معنى قوله تعالى ( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) قال : وحي مشافهة .

الثاني: ( الكلام من وراء حجاب ) :
وهو الكلام المسموع الذي يخلقه الله في شيء من الأشياء فيكون ذلك الشيء محلاً لكلامه وذلك الشيء هو المقصود بالحجاب .

وإلى هذا النوع من الكلام والتكليم أشار الله تبارك وتعالى حين قال في قصة تكليمه عز وجل لنبيه موسى بن عمران ( ع ) : ( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارً قال لأهله امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من نار لعلكم تصطلون فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين .... ) فالنداء لموسى إنما كان من قبل الله وقد سمع موسى نداء الله وكلامه يصدر من الشجرة التي خلق الله فيها الصوت وجعلها محلاً لكلامه سبحانه وتعالى .
فالشجرة هنا ـ كما يقول المفسرون ـ : ( لم تكن إلا حجاباً احتجب سبحانه به، فكلمه من ورائه بما يليق بساحة قدسه من معنى الاحتجاب وهو على كل شيء محيط ) .

الثالث : (الكلام عن طريق توسيط الملائكة ) :
وإليه الإشارة بقوله تعالى : ( أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء ).
فهو كلام الله إلى أنبيائه عن طريق توسيط ملائكته الذين يتلقون الوحي منه سبحانه، ثم يبلغونه إلى رسله وأنبيائه ، يقول تعالى : ( نزل به الروح الأمين على قلبك ) .
فالكلام كلامه سبحانه في الأقسام الثلاثة ، فتارة يكون الكلام من غير واسطة وإنما عن طريق الإلقاء في الروع ، وأخرى يكون الكلام من وراء حجاب، وثالثة عن طريق توسيط الملائكة .
وفي الحديث عن زرارة قال : قلت لأبي عبدالله ( ع ) : جعلت فداك ، الغشية التي كانت تصيب رسول الله " ص " إذا نزل عليه الوحي ؟.
فقال ( ع ) : ( ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد ، ذاك إذا تجلى الله له ).
وعن هشام بن سالم قال : سأل بعض أصحابنا الإمام الصادق ( ع ) فقال : أصلحك الله . كان رسول الله ( ص ) يقول : قال جبرائيل ، وهذا جبرائيل يأمرني .
ثم يكون في حال أخرى يغمى عليه ( ص ) ؟
فقال أبو عبدالله ( ع ) : (إنه إذا كان الوحي من الله ليس بينهما جبرائيل أصابه ذلك لثقل الوحي من الله ، وإذا كان بينهما جبرائيل لم يصبه ذلك فقال : قال لي جبرائيل وهذا جبرائيل) .
إذن فالقرآن الكريم يثبت أن لله تعالى كلاماً حقيقياً يتكلم به سبحانه وتعالى على نحو من الأنحاء ولا يلزم منه التجسيم .

وقد أوضح هذا المعنى خير إيضاح علي أمير المؤمنين بقوله ( ع ) عن كلام الله وحقيقته وكيف يكون : ( يخبر لا بلسان ولهوات، ويسمع لا بخروق وأدوات ،يقول ولا يلفظ ، يحفظ ولا يتحفظ ، ويريد ولا يضمر ، يحب ويرضى من غير رقة ، ويبغض ويغضب من غير مشقة ).
وفيه إشارة إلى أن الله يتكلم ويسمع ويريد ويحب ويرضى ويبغض ويغضب على وجه لا يلزم منه التجسيم .
وقال ( ع ) : ( الذي كلم موسى تكليماً، واراه من آياته عظيما ، بلا جوارح ولا أدوات ولا نطق ولا لهوات ) .

هذا هو الحق في بيان حقيقة كلامه سبحانه وتعالى وبه تنتقض سائر النظريات الأخرى المتعلقة بهذا الموضوع مما يغنينا عن الإطالة بطرحها ومناقشتها، ولو أردنا لفعلنا وإنّا على ذلك لمقتدرون، ولكننا أعرضنا عن ذلك ليقيننا أنه إذا سطعت الشمس أنارت الوجود وبددت كل ظلام .
كذلك لا نريد التوسع بذكر وشرح نظرية الحكماء والفلاسفة القائلة أن كلامه سبحانه هو فعله المظهر لجماله وكماله .
وهي كما قلنا نظرية صحيحة لكنها ناظرة إلى نوع خاص من كلامه عز وجل، ونحن إنما نعرض عنها لئلا نخرج ـ بذكرها ـ عن نطاق السؤال المطروح .
أما الحديث عن القرآن الكريم ـ وهو فرع من كلام الله عز وجل ـ وهل هو حادث أو قديم؟، فطويل وعريض والخلاف حوله كبير وكثير، وإلى ذلك كنا نشير بما افتتحنا به إجابة هذا السؤال حين قلنــــا : أن المسلمين لم يختلفوا في قضية كلامية ، ويكثر الجدل فيها بينهم كقضية ( كلام الله ) .
وسوف نقف على الحق في أن القرآن مخلوق أو غير مخلوق حين نأتي إلى جواب السؤال العاشر والأخير من هذه الأسئلة الموجهة إلي،نا فلا تعجل بكتابي من قبل أن يقضى إليك وحيه .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

binhlailبن هليــل
20-02-2009, 01:51 AM
المجروح...


الله يعطيك العافية


طرح موفق سعدت بقراءته



أشكرك على التواصل المستمر والحضور المميز


ولله الأسماء الحسنى والصفات العلا فما يتبغي لنا أن نخوض فيما ليس لنا به علم


بارك الله فيك


وبنتظار مزيدا من التألق


لك مني خالص


تحيتي


ملاحظة:الموضوع وجدته بقسم أخر غير مناسب له


أرجو طرح المواضيع بمكانها الصحيح بالقسم المناسب

المجروح
20-02-2009, 01:58 AM
الله يعطيك العافيه



ودمت بخير

حورية البحر
20-02-2009, 02:20 AM
جزاك الله كل خير

وجعله في موازين حسناتك

يعطيك العافيه

كلـــــ الــــــــــود

عاشق ال البيت
20-02-2009, 04:13 AM
جزاك الله كل خير

وجعله في موازين حسناتك

المجروح
20-02-2009, 04:27 AM
مشكورين على الرد الجميل






ودمتو بخير

المبدع
21-02-2009, 03:59 PM
المجروح



لك مني جزيل الشكر



الله يعطيك ألف عافيه


لك تحيتي

المجروح
09-03-2009, 12:02 AM
شكرااااااااااا




الله يعطيك العافيه


على الرد الرائع


لك مني جزيل الشكر

منير مراد
16-03-2009, 12:21 AM
المجروح
جزاك الله خيرا
جعله الله فى ميزان حسناتك

المجروح
17-03-2009, 12:10 AM
شكراااااااااا


على الرد الجميل


وتقب تحيتي

آحسـ إنسآن ـآس
14-07-2009, 08:22 AM
المجروح . .

جعله الله فى ميزان حسناتك

تحيآآآآآآآآآآآآآآآتي

عبير الشوق
14-07-2009, 05:57 PM
اخي الكريم المجروح جزاك الله خيرا وفي موازين اعمالك ان شاء الله على جميل ما قدمت بارك الله فيك