رمش الغلا
24-10-2008, 02:06 AM
العبادة:
أ - معناها ب - شروطها ج - أركانها د - أنواعها .
أ- معنى العبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
فكل حياة الإنسان عبادة لله سبحانه وتعالى، فالإنسان عبد لله في المسجد والسوق والمنزل والعمل، وفي كل مكان.
ب- شروط العبادة:
لا تقبل العبادة إلا بشرطين:
الأول: الإخلاص: فلابد أن تكون أعمال الإنسان وعبادته خالصة لله سبحانه، لا يشرك مع الله أحداً، ولا يرجو ثناءً ولا مدحاً من أحد.
قال عز وجل: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } [البينة: 5].
وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله ورَسُوله فَهِجْرَتُه إِلَى الله ورَسُوله، ومَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ) رواه البخاري.
الثاني: أن تكون عبادته على وفق ما شرعه الله ورسوله، فمن عبد الله بشيء لم يشرعه الله، فعبادته مردودة عليه غير مقبولة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ منهِ فَهُوَ رَدٌّ ) متفق عليه.
ج- أركان العبادة وأصولها:
العبادة تقوم على أركان ثلاثة هي: المحبة، والرجاء، والخوف.
1. المحبة لله تعالى:
فهي أصل الإسلام، وهي التي تحدد صلة العبد بربه تبارك وتعالى، وهي نعمة لا يدركها إلا من ذاقها، وإذا كان حب الله لعبد من عبيده أمراً هائلاً عظيماً وفضلاَ غامراً جزيلاً، فإن إنعام الله على العبد بهدايته لحبه وتعريفه هذا المذاق الجميل الفريد الذي لا نظير له في مذاقات الحب كلها، ولا شبيه له، هو إنعام عظيم وفضل غامر جزيل أيضا. وقد تواردت الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بهذه المعاني، فقال الله عز وجل: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً } [مريم: 24].
وقال عز وجل: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } [التوبة: 24].
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّار ) رواه البخاري.
وحب الله تعالى ليس مجرد دعوى باللسان، ولا هياماً بالوجدان، بل لابد أن يصاحبه الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على هداه وتحقيق منهجه في الحياة، والإيمان ليس كلمات تقال، ولا مشاعر تجيش ولكنه طاعة لله والرسول، وعمل بمنهج الله الذي يحمله الرسول، قال الله عز وجل: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } [آل عمران: 31].
تنبيه:
ولكن بقي أن نشير هنا -تأكيداً لما سبق - إلى أن هذه المحبة هي غير المحبة الطبيعية للشيء، وغير محبة الرحمة والإشفاق ، كمحبة الوالد لولده الطفل، وليست محبة الإلف والأنس كمحبة الإخوة لبعضهم، أو لمن يجمعهم عمل واحد أو صناعة واحدة. وإنما هي المحبة الخاصة التي لا تصلح إلا لله تعالى، ومتى أحب العبد بها غيره كانت شركاً لا يغفره الله، وهي محبة العبودية المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم وكمال الطاعة، وإيثاره سبحانه وتعالى على غيره. فهذه المحبة لا يجوز تعلقها أصلاً بغير الله.
2. الرجاء:
تعريفه: هو الاستبشار بجود الرب تبارك وتعالى، ومطالعة كرمه وفضله والثقة به.
الفرق بين الرجاء والتمني: أن الرجاء هو أن العبد يرجو ما عند الله عز وجل في الدار الآخرة، والرجاء لا يكون إلا مع العمل، فإذا كان بدون عمل فهو التمني المذموم، قال عز وجل: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً } [الكهف: 110].
فالرجاء هو التمني المقرون بالعمل وفعل السبب، أما التمني فهو الرغبة المجردة عن العمل وبذل الأسباب.
عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث يقول: (لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَل ) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قَالَ اللَّهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) رواه البخاري.
3. الخوف:
فكما أن العبد يرجو ثواب الله ومغفرته، كذلك فهو يخاف الله ويخشاه، قال عز وجل: {فلا تخافوهم وخافون } [آل عمران: 175].
فمن اتخذ مع الله نداً يخافه فهو مشرك.
قال الله عز وجل: {ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء علماً أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون } [البقرة: 80-81].
والقلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قُطع الرأس مات الطائر، ومتى فُقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر.
د- أنواع العبادة:
أنواعها من حيث العموم والخصوص نوعان:
1. عبادة عامة:
وهي تشمل عبودية جميع الكائنات لله عز وجل، يدخل فيها المؤمن والكافر والإنسان والحيوان، بمعنى: أن كل من في الكون تحت تصرف الله وقهره، قال عز وجل: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً } [مريم: 93].
2. عبادة خاصة:
وهي عبادة المؤمنين لربهم، وهي التي عناها الله عز وجل بقوله: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً } [النساء: 36].
وهذه هي العبودية التي تحصل بها النجاة يوم القيامة.
هـ- أنواع العبادات من حيث تعلقها بالعباد:
1. عبادات اعتقادية:
وهذه أساسها أن تعتقد أن الله هو الرب الواحد الأحد الذي ينفرد بالخلق والأمر وبيده الضر والنفع ولا يشفع عنده إلا بإذنه، ولا معبود بحق غيره.
ومن ذلك أيضا: الاعتقاد والتصديق بما أخبر الله تعالى عنه، كالإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر في آيات كثيرة كقوله عز وجل: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين } [البقرة: 177].
2. عبادات قلبية:
وهي الأعمال القلبية التي لا يجوز أن يقصد بها إلا الله تعالى وحده، فمنها:
المحبة التي لا تصلح إلا لله تعالى وحده، فالمسلم يحب الله تعالى، ويحب عباده الذين يحبونه سبحانه، ويحب دينه، قال الله عز وجل: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله } [البقرة: 165].
ومنها التوكل: وهو الاعتماد على الله تعالى والاستسلام له، وتفويض الأمر إليه مع الأخذ بالأسباب، قال الله عز وجل: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } [المائدة: 23].
ومنها الخشية والخوف من إصابة مكروه أو ضر، فلا يخاف العبد أحداً غير الله تعالى أن يصيبه بمكروه إلا بمشيئة الله وتقديره، قال الله عز وجل: {فلا تخشوا الناس واخشون } [المائدة: 44].
3. عبادات لفظية أو قولية:
وهي النطق بكلمة التوحيد، فمن اعتقدها ولم ينطق بها لم يحقن دمه ولا ماله، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّه ) رواه البخاري.
دعاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، سواء كان طلباً للشفاعة أو غيرها من المطالب، قال الله عز وجل: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين } [يونس: 16].
4. عبادات بدنية:
كالصلاة والركوع والسجود، قال الله عز وجل: {فصل لربك وانحر } [الكوثر: 2].
ومنها الطواف بالبيت، حيث لا يجوز الطواف إلا به، قال عز وجل: {وليطوفوا بالبيت العتيق } [الحج: 29].
ومنها الجـهاد في سبيل الله تعالى، قال عز وجل: {فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً } [النساء: 74]. وكذلك وسائر أنواع العبادات البدنية كالصوم والحج.
5. عبادات مالية:
كإخراج جزء من المال لامتثال أمر الله تعالى به، وهي الزكاة. ومما يدخل في العبادة المالية أيضاً: النذر، قال الله عز وجل: {يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً } [لإنسان: 7].
أ - معناها ب - شروطها ج - أركانها د - أنواعها .
أ- معنى العبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
فكل حياة الإنسان عبادة لله سبحانه وتعالى، فالإنسان عبد لله في المسجد والسوق والمنزل والعمل، وفي كل مكان.
ب- شروط العبادة:
لا تقبل العبادة إلا بشرطين:
الأول: الإخلاص: فلابد أن تكون أعمال الإنسان وعبادته خالصة لله سبحانه، لا يشرك مع الله أحداً، ولا يرجو ثناءً ولا مدحاً من أحد.
قال عز وجل: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } [البينة: 5].
وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله ورَسُوله فَهِجْرَتُه إِلَى الله ورَسُوله، ومَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ) رواه البخاري.
الثاني: أن تكون عبادته على وفق ما شرعه الله ورسوله، فمن عبد الله بشيء لم يشرعه الله، فعبادته مردودة عليه غير مقبولة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ منهِ فَهُوَ رَدٌّ ) متفق عليه.
ج- أركان العبادة وأصولها:
العبادة تقوم على أركان ثلاثة هي: المحبة، والرجاء، والخوف.
1. المحبة لله تعالى:
فهي أصل الإسلام، وهي التي تحدد صلة العبد بربه تبارك وتعالى، وهي نعمة لا يدركها إلا من ذاقها، وإذا كان حب الله لعبد من عبيده أمراً هائلاً عظيماً وفضلاَ غامراً جزيلاً، فإن إنعام الله على العبد بهدايته لحبه وتعريفه هذا المذاق الجميل الفريد الذي لا نظير له في مذاقات الحب كلها، ولا شبيه له، هو إنعام عظيم وفضل غامر جزيل أيضا. وقد تواردت الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بهذه المعاني، فقال الله عز وجل: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً } [مريم: 24].
وقال عز وجل: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } [التوبة: 24].
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّار ) رواه البخاري.
وحب الله تعالى ليس مجرد دعوى باللسان، ولا هياماً بالوجدان، بل لابد أن يصاحبه الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على هداه وتحقيق منهجه في الحياة، والإيمان ليس كلمات تقال، ولا مشاعر تجيش ولكنه طاعة لله والرسول، وعمل بمنهج الله الذي يحمله الرسول، قال الله عز وجل: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } [آل عمران: 31].
تنبيه:
ولكن بقي أن نشير هنا -تأكيداً لما سبق - إلى أن هذه المحبة هي غير المحبة الطبيعية للشيء، وغير محبة الرحمة والإشفاق ، كمحبة الوالد لولده الطفل، وليست محبة الإلف والأنس كمحبة الإخوة لبعضهم، أو لمن يجمعهم عمل واحد أو صناعة واحدة. وإنما هي المحبة الخاصة التي لا تصلح إلا لله تعالى، ومتى أحب العبد بها غيره كانت شركاً لا يغفره الله، وهي محبة العبودية المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم وكمال الطاعة، وإيثاره سبحانه وتعالى على غيره. فهذه المحبة لا يجوز تعلقها أصلاً بغير الله.
2. الرجاء:
تعريفه: هو الاستبشار بجود الرب تبارك وتعالى، ومطالعة كرمه وفضله والثقة به.
الفرق بين الرجاء والتمني: أن الرجاء هو أن العبد يرجو ما عند الله عز وجل في الدار الآخرة، والرجاء لا يكون إلا مع العمل، فإذا كان بدون عمل فهو التمني المذموم، قال عز وجل: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً } [الكهف: 110].
فالرجاء هو التمني المقرون بالعمل وفعل السبب، أما التمني فهو الرغبة المجردة عن العمل وبذل الأسباب.
عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث يقول: (لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَل ) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قَالَ اللَّهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) رواه البخاري.
3. الخوف:
فكما أن العبد يرجو ثواب الله ومغفرته، كذلك فهو يخاف الله ويخشاه، قال عز وجل: {فلا تخافوهم وخافون } [آل عمران: 175].
فمن اتخذ مع الله نداً يخافه فهو مشرك.
قال الله عز وجل: {ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء علماً أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون } [البقرة: 80-81].
والقلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قُطع الرأس مات الطائر، ومتى فُقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر.
د- أنواع العبادة:
أنواعها من حيث العموم والخصوص نوعان:
1. عبادة عامة:
وهي تشمل عبودية جميع الكائنات لله عز وجل، يدخل فيها المؤمن والكافر والإنسان والحيوان، بمعنى: أن كل من في الكون تحت تصرف الله وقهره، قال عز وجل: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً } [مريم: 93].
2. عبادة خاصة:
وهي عبادة المؤمنين لربهم، وهي التي عناها الله عز وجل بقوله: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً } [النساء: 36].
وهذه هي العبودية التي تحصل بها النجاة يوم القيامة.
هـ- أنواع العبادات من حيث تعلقها بالعباد:
1. عبادات اعتقادية:
وهذه أساسها أن تعتقد أن الله هو الرب الواحد الأحد الذي ينفرد بالخلق والأمر وبيده الضر والنفع ولا يشفع عنده إلا بإذنه، ولا معبود بحق غيره.
ومن ذلك أيضا: الاعتقاد والتصديق بما أخبر الله تعالى عنه، كالإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر في آيات كثيرة كقوله عز وجل: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين } [البقرة: 177].
2. عبادات قلبية:
وهي الأعمال القلبية التي لا يجوز أن يقصد بها إلا الله تعالى وحده، فمنها:
المحبة التي لا تصلح إلا لله تعالى وحده، فالمسلم يحب الله تعالى، ويحب عباده الذين يحبونه سبحانه، ويحب دينه، قال الله عز وجل: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله } [البقرة: 165].
ومنها التوكل: وهو الاعتماد على الله تعالى والاستسلام له، وتفويض الأمر إليه مع الأخذ بالأسباب، قال الله عز وجل: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين } [المائدة: 23].
ومنها الخشية والخوف من إصابة مكروه أو ضر، فلا يخاف العبد أحداً غير الله تعالى أن يصيبه بمكروه إلا بمشيئة الله وتقديره، قال الله عز وجل: {فلا تخشوا الناس واخشون } [المائدة: 44].
3. عبادات لفظية أو قولية:
وهي النطق بكلمة التوحيد، فمن اعتقدها ولم ينطق بها لم يحقن دمه ولا ماله، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّه ) رواه البخاري.
دعاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، سواء كان طلباً للشفاعة أو غيرها من المطالب، قال الله عز وجل: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين } [يونس: 16].
4. عبادات بدنية:
كالصلاة والركوع والسجود، قال الله عز وجل: {فصل لربك وانحر } [الكوثر: 2].
ومنها الطواف بالبيت، حيث لا يجوز الطواف إلا به، قال عز وجل: {وليطوفوا بالبيت العتيق } [الحج: 29].
ومنها الجـهاد في سبيل الله تعالى، قال عز وجل: {فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً } [النساء: 74]. وكذلك وسائر أنواع العبادات البدنية كالصوم والحج.
5. عبادات مالية:
كإخراج جزء من المال لامتثال أمر الله تعالى به، وهي الزكاة. ومما يدخل في العبادة المالية أيضاً: النذر، قال الله عز وجل: {يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً } [لإنسان: 7].