الــزعــيــم
15-09-2007, 10:00 PM
الزرنيخ مصدر تهديد في بنغلادش
ثمة دلائل متزايدة تشير الى ان مستويات الزرنيخ العالية في المياه المستخدمة لزراعة المحاصيل يمكن ان تؤدي الى تدهور التربة وخفض الغلال - وأن تشق طريقها الى الأغذية...
يهدد تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ في بنغلادش صحة نحو 30 مليون انسان. وقد نشأت هذه المشكلة في صخر الأديم الغني بالزرنيخ لحوض نهر براهمابوترا الذي يصفّي مياه الشرب التي يجري ضخها الى السطح عبر ملايين الآبار الأنبوبية. حيث وصلت مستويات الزرنيخ العالية في مياه الشرب الى حدٍ جعل منظمة الصحة العالمية تصف تلوث إمدادات المياه بالزرنيخ في بنغلادش بأنه "أكبر عملية تسميمٍ لشعبٍ في التاريخ".
ويشير تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة الآن الى أن الزرنيخ الموجود في المياه الجوفية يمكن ان يشكل تهديداً أكثر غدراً. ومن خلال مراجعة كبيرة لدراسات أجريت في بنغلادش وفي أماكن أخرى في آسيا، يخلص التقرير الى أن الناس يمكن أن يتعرضوا [للتسمم] بالزرنيخ ليس من خلال مياه الشرب فحسب، بل وكذلك بصورة غير مباشرة من خلال المحاصيل الغذائية المروية بالمياه الجوفية الملوثة.
مادة شديدة السمّية
________________________________________
الزرنيخ أحد أفراد عائلة النتروجين، وهو شبه معدن عديم الرائحة عديم المذاق، ويوجد بصورة طبيعية في الصخور والتربة. ويمكنه أن يتحد مع عناصر أخرى ليكوّن مركبات زرنيخية عضوية وغير عضوية، حيث تكون الأخيرة منها بوجه عام أكثر سمّية وأكثر شيوعاً في المياه. وتقول منظمة الصحة العالمية أن استهلاك مياه شرب تحتوي على الزرنيخ بنسبة تزيد على 10 مايكروغرام/ لتر لمدة طويلة من الزمن يمكن أن يؤدي الى التسمم بالزرنيخ، وهو مرض مزمن يؤدي الى اضطرابات جلدية والغنغرينا وسرطان الكلية والمثانة. المزيد عن التسمم بالزرنيخ من منظمة الصحة العالمية...
حيث يقول خبير جودة المياه والبيئة لدى المنظمة ساشا كو- أوشيما: "أينما كانت نسب تركيز الزرنيخ في التربة والمياه مرتفعة، وجدنا علاقة متبادلة مع محتوى عالٍ من الزرنيخ في المحاصيل. كما أفادت دراسات عديدة بوجود علاقة متبادلة بين وجود الزرنيخ في التربة وبين انخفاض غلال المحاصيل، خاصةً الأرز. ولأن الأرز هو غذاء القوت في الإقليم، فإنه يمكن للتلوث بالزرنيخ كذلك أن يؤثر سلبياً على الأمن الغذائي اذا ما وصل تركيزه الى مستويات سامة للمحاصيل".
كيف غيرت مراجعة المنظمة اتجاهها؟
"يقوم التقرير على أساس دراسة أجرتها المنظمة بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) سنة 2001 في بنغلادش، وهو القطر الأكثر تضرراً من تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ. وقد بحثت تلك الدراسة الكيفية التي يمكن للزرنيخ أن ينتقل بها الى الأرز من خلال الري. حتى ذلك الوقت، كانت دراسات كثيرة قد نظرت في مشكلة الزرنيخ في بنغلادش، ولكن من زاوية مياه الشرب فقط. إلا أن دراسة سنة 2001 توصلت الى بعض الاستنتاجات الأولية - منها مثلاً، دلائل على تراكم الزرنيخ في أجزاء مختلفة من نبات الأرز - ثم تبعتها دراسات، أجرتها الوكالة الأميركية للإنماء االدولي (USAID) وكذلك جهات مانحة ثنائية أخرى، أكدت وجود مستويات عالية من الزرنيخ في الأرز والخضراوات المروية. وفي وقت لاحق، عثر ممثل المنظمة في بنغلادش على موارد لمواصلة عمليات الاستقصاء الخاصة بنا، ما أدى الى مراجعة ما كنا قد كتبناه. وتكمن أهمية هذا التقرير في أنه يقدم استعراضاً مفصلاً لآثار الزرنيخ الموجود في مياه الري على الأمن الغذائي وسلامة الأغذية في بنغلادش، وكذلك في بلدان أخرى تواجه المشكلة ذاتها في الإقليم."
ما هي الاستنتاجات الرئيسة للمراجعة فيما يخص الري كمصدر للتلوث بالزرنيخ؟
"خلال السنوات العشرين الماضية كانت هناك زيادة كبيرة في استخراج المياه الجوفية لأغراض الري في بنغلادش. ومن بين الأربعة ملايين هكتار من الأراضي المروية، يجري الآن ري زهاء 2.4 مليون هكتار من آبار أنبوبية ضحلة. والحقيقة أن نحو 95 بالمئة من المياه الجوفية المستخرجة تستخدم للري، بصورة رئيسة لإنتاج الأرز خلال موسم الجفاف. أما نسبة خمسة بالمئة الباقية فتستخدم للأغراض المنـزلية. واذا ما اعتبرنا أن ربع الآبار الأنبوبية المستخدمة لمياه الشرب في بنغلادش يُظَنُّ بأنها ملوثة بالزرنيخ، فإنه يمكننا أن نتوقع وجود نسبة مئوية عالية من آبار الري الأنبوبية الملوثة. وقد قدّرت إحدى الدراسات التي راجعناها أن كمية الزرنيخ التي تضاف كل عام للتربة الزراعية، حقول أرز بصورة رئيسة، من خلال الري تصل زهاء 1000 طن. وفي غرب - جنوب غرب بنغلادش، حيث وجدت أعلى تركيزات زرنيخ في التربة، كانت المستويات في الأراضي المروية أعلى بالمقارنة مع الحقول غير المروية المجاورة لها. وبناءً على البيانات المحدودة المتاحة، ثمة مؤشرات على أن تركيزات الزرنيخ في التربة في تزايد مع مرور الوقت بسبب الري. إلا أنه من غير الواضح تحت أي ظروف وضمن أي إطار زمني تحدث هذه الزيادة، ما يجعل تحديد كميات (أحجام) المخاطر صعباً للغاية."
ما الذي نعرفه عن نقل الزرنيخ من المياه الى المحاصيل؟
http://www.jawaher-qtr.net/uploads/9362f34fea.gif (http://www.jawaher-qtr.net)
طبقات صخرية مائية ذات مياه جوفية بها نسبة عالية من الزرنيخ
طبقات صخرية مائية فيها بعض مصادر مياه جوفية بها نسبة عالية من الزرنيخ
________________________________________
منذ أوائل التسعينات، عرف تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ باعتباره مشكلة صحة عامة في بنغلادش والصين والهند، وبعد ذلك في كمبوديا وإيران ولاوس وميانمار ونيبال وباكستان وفيتنام. حيث تشير الدراسات التي أجريت في الهند الى أن المياه الجوفية في جزء واسع من سهول غانغا-ميغنا- براهمابوترا، التي تغطي بنغلادش كلها ومعظم مساحة الهند، يوجد بها مستويات عالية للتلوث بالزرنيخ، ما يعرض زهاء 500 مليون شخص للخطر. [خارطة: BGS / البنك الدولي]
"كانت غالبية البحوث بشأن الزرنيخ في الزراعة قد ركزت على المحاصيل التي تزرع في ظروف تربة حيهوائية (غير غمرية). وحتى تاريخه، كان عملٌ قليل نسبياً قد أجري على سلوك الزرنيخ في نظم النباتات - التربة الغمرية، وهي النظم الشائعة في إنتاج الأرز في الأراضي المنخفضة، على الرغم من أن الأرز هو غذاء القوت الأهم في آسيا، كما يعدّ مصدر 70% من المتحصل اليومي من السعرات في بنغلادش. وقد توصلنا من خلال الدراسات التي راجعناها الى أن مستويات الزرنيخ في حبوب أصناف الأرز المختلفة في بنغلادش كانت عالية، حيث وصلت الى 1.8 جزءً بالمليون، مقارنةً بمستويات تبلغ 0.05 جزءً بالمليون فقط في أوروبا والولايات المتحدة. وكان التلوث أكثر من ذلك في الخضراوات الورقية - ففي القطيفة (سالف العروس) والسبانخ يمكن أن يكون محتوى النبات من الزرنيخ ضعفي أو ثلاثة أضعاف المستويات التي وجدت في الأرز. وبالنسبة لمياه الشرب، توصي منظمة الصحة العالمية بأن لا يتجاوز مستوى الزرنيخ 0.01 جزءً بالمليون كحدٍ أقصى، ما يشير الى - أنه بالنسبة لبعض الناس - ربما كانت الأغذية مصدراً هاماً للتعرض للتسمم بالزرنيخ."
ما هي كمية ذلك الزرنيخ التي تعبر الى الأغذية بالفعل؟
"إن ما نعرفه عن وجود الزرنيخ في السلسلة الغذائية ضئيل جداً بسبب قلة البيانات. ولكي نتمكن من تقدير المخاطر الصحية لوجود الزرنيخ في الأغذية، نحتاج الى بيانات موثوقة وممثلة عن تركيزات الزرنيخ فيها وكذلك عن أنماط الاستهلاك الغذائية، وهي بيانات غير قوية بما فيه الكفاية بعد في بنغلادش. كما أنه يجب بناء تقديرات المخاطر على أساس الزرنيخ غير العضوي - وهو أكثر سمّية بكثير من الشكل العضوي - في حين بنيت غالبية تقديرات التعرض حتى تاريخه على أساس الزرنيخ المحض. ولذلك يتعذر عمل تقديرٍ كمّيٍّ موثوق لمخاطر الزرنيخ في الأغذية في هذه المرحلة. ذلك على الرغم من أنه لا يمكننا استبعاد أن تركيزات الزرنيخ المعروفة في المحاصيل، ومن ثم تعرض البشر من خلال الأغذية لها، سوف يزيدان مع مرور الوقت نتيجة استخدام مياه الري الملوثة بالزرنيخ لمدة طويلة."
ما الذي يمكن عمله لتخفيض تلوث التربة والمحاصيل بالزرنيخ؟
"إننا ندرس استراتيجيات عديدة يمكن تطبيقها في بنغلادش وفي بلدان أخرى تواجه نفس المشكلة. والخيار الرئيس هو رفع كفاءة استخدام مياه الري في زراعة الأرز. إذ تشير تقديرات معهد بحوث الأرز في بنغلادش الى أنه يمكن للمزارعين استخدام مياه ري أقل بنسبة تصل الى 40% دون أية خسائر في الغلة. وحالما يتم تخفيض المدخل من الزرنيخ، قد تكون آليات الإزالة الموجودة طبيعياً كافية للحيلولة دون تراكمه في التربة السطحية. واذا ما أمكن خفض المدخل من المياه حتى تصبح التربة أكثر تهوية، فسيتم كذلك إبقاء قابلية انحلال الزرنيخ - ومن ثم امتصاصه - عند الحد الأدنى. ثمة خيار آخر، وهو تشجيع الأنماط المحصولية التي تتطلب مياه ري أقل مثلاً، و - تبعاً لحالة التربة - استبدال الأرز الغمري بمحاصيل، كالقمح والذرة، تحتاج الى مياه أقل. كما يجب ان تركز تربية النباتات على أصناف الأرز المتحملة للزرنيخ وتمتاز بتدني امتصاصها له. وقد أظهرت أصناف الأرز تفاوتاً في استجابتها للتعرض للزرنيخ، إلا أن عدد الأصناف التي تم اختبارها حتى الآن قليل جداً. وثمة حاجة ملحة كذلك للقيام باختبارات نظامية من اجل تحديد الاختلافات في امتصاص الزرنيخ وتحمّله ونقله من مكان الى آخر."
كيف تنوي المنظمة متابعة استنتاجات هذه المراجعة؟
"إن أحد أهداف المراجعة هو زيادة وعي الحكومة على حجم المشكلة. ولكسب مزيد من الزخم للعمل على هذه القضية، قمنا مؤخراً بعرض استنتاجاتنا أمام المنتدى العالمي للمياه في المكسيك، كما أننا نخطط حالياً لعقد حلقة عمل آسيوية إقليمية بشأن قضايا الزراعة وجودة المياه، ومن ضمنها التلوث بالزرنيخ، في شنغهاي. وإضافة الى ذلك، فاننا ننسق مع صندوق الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) - المعنيتين بالجانب المتصل بمياه الشرب من هذه المشكلة - بهدف تطوير ورقة سياسات كي توجّه الحكومات في معالجتها للتلوث بالزرنيخ. وقد تحققت نتيجة هامة حتى الآن، وهي أن حكومة بنغلادش طلبت من المنظمة مساعدتها في إجراء تقدير واسع لمخاطر الزرنيخ ليس على إنتاج المحاصيل فحسب، بل وكذلك في قطاعي الثروة الحيوانية ومصايد الأسماك.
"تمثل مراجعتنا نقطة الانطلاق لعمل مستقبلي سيحتاج الى تمويل. وهناك الكثير مما يجب عمله من اجل التوصل الى فهمٍ أفضل لسلوك الزرنيخ في نظم الانتاج الزراعي، وتحديد المستوى الآمن للزرنيخ في مياه الري والتربة والمحاصيل تحت النظم المحصولية المختلفة. كما أنه لا بد لنا من تقدير حجم وكميات مخاطر الزرنيخ في السلسلة الغذائية، وتطوير بدائل للتخفيف من آثار الزرنيخ وتقنيات لإدارته. إن ما نعرفه في الوقت الحاضر عن مخاطر الزرنيخ في الزراعة مثير للقلق. لكن الأكثر إثارة منه هو ما لم نعرفه بعد."
ثمة دلائل متزايدة تشير الى ان مستويات الزرنيخ العالية في المياه المستخدمة لزراعة المحاصيل يمكن ان تؤدي الى تدهور التربة وخفض الغلال - وأن تشق طريقها الى الأغذية...
يهدد تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ في بنغلادش صحة نحو 30 مليون انسان. وقد نشأت هذه المشكلة في صخر الأديم الغني بالزرنيخ لحوض نهر براهمابوترا الذي يصفّي مياه الشرب التي يجري ضخها الى السطح عبر ملايين الآبار الأنبوبية. حيث وصلت مستويات الزرنيخ العالية في مياه الشرب الى حدٍ جعل منظمة الصحة العالمية تصف تلوث إمدادات المياه بالزرنيخ في بنغلادش بأنه "أكبر عملية تسميمٍ لشعبٍ في التاريخ".
ويشير تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة الآن الى أن الزرنيخ الموجود في المياه الجوفية يمكن ان يشكل تهديداً أكثر غدراً. ومن خلال مراجعة كبيرة لدراسات أجريت في بنغلادش وفي أماكن أخرى في آسيا، يخلص التقرير الى أن الناس يمكن أن يتعرضوا [للتسمم] بالزرنيخ ليس من خلال مياه الشرب فحسب، بل وكذلك بصورة غير مباشرة من خلال المحاصيل الغذائية المروية بالمياه الجوفية الملوثة.
مادة شديدة السمّية
________________________________________
الزرنيخ أحد أفراد عائلة النتروجين، وهو شبه معدن عديم الرائحة عديم المذاق، ويوجد بصورة طبيعية في الصخور والتربة. ويمكنه أن يتحد مع عناصر أخرى ليكوّن مركبات زرنيخية عضوية وغير عضوية، حيث تكون الأخيرة منها بوجه عام أكثر سمّية وأكثر شيوعاً في المياه. وتقول منظمة الصحة العالمية أن استهلاك مياه شرب تحتوي على الزرنيخ بنسبة تزيد على 10 مايكروغرام/ لتر لمدة طويلة من الزمن يمكن أن يؤدي الى التسمم بالزرنيخ، وهو مرض مزمن يؤدي الى اضطرابات جلدية والغنغرينا وسرطان الكلية والمثانة. المزيد عن التسمم بالزرنيخ من منظمة الصحة العالمية...
حيث يقول خبير جودة المياه والبيئة لدى المنظمة ساشا كو- أوشيما: "أينما كانت نسب تركيز الزرنيخ في التربة والمياه مرتفعة، وجدنا علاقة متبادلة مع محتوى عالٍ من الزرنيخ في المحاصيل. كما أفادت دراسات عديدة بوجود علاقة متبادلة بين وجود الزرنيخ في التربة وبين انخفاض غلال المحاصيل، خاصةً الأرز. ولأن الأرز هو غذاء القوت في الإقليم، فإنه يمكن للتلوث بالزرنيخ كذلك أن يؤثر سلبياً على الأمن الغذائي اذا ما وصل تركيزه الى مستويات سامة للمحاصيل".
كيف غيرت مراجعة المنظمة اتجاهها؟
"يقوم التقرير على أساس دراسة أجرتها المنظمة بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) سنة 2001 في بنغلادش، وهو القطر الأكثر تضرراً من تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ. وقد بحثت تلك الدراسة الكيفية التي يمكن للزرنيخ أن ينتقل بها الى الأرز من خلال الري. حتى ذلك الوقت، كانت دراسات كثيرة قد نظرت في مشكلة الزرنيخ في بنغلادش، ولكن من زاوية مياه الشرب فقط. إلا أن دراسة سنة 2001 توصلت الى بعض الاستنتاجات الأولية - منها مثلاً، دلائل على تراكم الزرنيخ في أجزاء مختلفة من نبات الأرز - ثم تبعتها دراسات، أجرتها الوكالة الأميركية للإنماء االدولي (USAID) وكذلك جهات مانحة ثنائية أخرى، أكدت وجود مستويات عالية من الزرنيخ في الأرز والخضراوات المروية. وفي وقت لاحق، عثر ممثل المنظمة في بنغلادش على موارد لمواصلة عمليات الاستقصاء الخاصة بنا، ما أدى الى مراجعة ما كنا قد كتبناه. وتكمن أهمية هذا التقرير في أنه يقدم استعراضاً مفصلاً لآثار الزرنيخ الموجود في مياه الري على الأمن الغذائي وسلامة الأغذية في بنغلادش، وكذلك في بلدان أخرى تواجه المشكلة ذاتها في الإقليم."
ما هي الاستنتاجات الرئيسة للمراجعة فيما يخص الري كمصدر للتلوث بالزرنيخ؟
"خلال السنوات العشرين الماضية كانت هناك زيادة كبيرة في استخراج المياه الجوفية لأغراض الري في بنغلادش. ومن بين الأربعة ملايين هكتار من الأراضي المروية، يجري الآن ري زهاء 2.4 مليون هكتار من آبار أنبوبية ضحلة. والحقيقة أن نحو 95 بالمئة من المياه الجوفية المستخرجة تستخدم للري، بصورة رئيسة لإنتاج الأرز خلال موسم الجفاف. أما نسبة خمسة بالمئة الباقية فتستخدم للأغراض المنـزلية. واذا ما اعتبرنا أن ربع الآبار الأنبوبية المستخدمة لمياه الشرب في بنغلادش يُظَنُّ بأنها ملوثة بالزرنيخ، فإنه يمكننا أن نتوقع وجود نسبة مئوية عالية من آبار الري الأنبوبية الملوثة. وقد قدّرت إحدى الدراسات التي راجعناها أن كمية الزرنيخ التي تضاف كل عام للتربة الزراعية، حقول أرز بصورة رئيسة، من خلال الري تصل زهاء 1000 طن. وفي غرب - جنوب غرب بنغلادش، حيث وجدت أعلى تركيزات زرنيخ في التربة، كانت المستويات في الأراضي المروية أعلى بالمقارنة مع الحقول غير المروية المجاورة لها. وبناءً على البيانات المحدودة المتاحة، ثمة مؤشرات على أن تركيزات الزرنيخ في التربة في تزايد مع مرور الوقت بسبب الري. إلا أنه من غير الواضح تحت أي ظروف وضمن أي إطار زمني تحدث هذه الزيادة، ما يجعل تحديد كميات (أحجام) المخاطر صعباً للغاية."
ما الذي نعرفه عن نقل الزرنيخ من المياه الى المحاصيل؟
http://www.jawaher-qtr.net/uploads/9362f34fea.gif (http://www.jawaher-qtr.net)
طبقات صخرية مائية ذات مياه جوفية بها نسبة عالية من الزرنيخ
طبقات صخرية مائية فيها بعض مصادر مياه جوفية بها نسبة عالية من الزرنيخ
________________________________________
منذ أوائل التسعينات، عرف تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ باعتباره مشكلة صحة عامة في بنغلادش والصين والهند، وبعد ذلك في كمبوديا وإيران ولاوس وميانمار ونيبال وباكستان وفيتنام. حيث تشير الدراسات التي أجريت في الهند الى أن المياه الجوفية في جزء واسع من سهول غانغا-ميغنا- براهمابوترا، التي تغطي بنغلادش كلها ومعظم مساحة الهند، يوجد بها مستويات عالية للتلوث بالزرنيخ، ما يعرض زهاء 500 مليون شخص للخطر. [خارطة: BGS / البنك الدولي]
"كانت غالبية البحوث بشأن الزرنيخ في الزراعة قد ركزت على المحاصيل التي تزرع في ظروف تربة حيهوائية (غير غمرية). وحتى تاريخه، كان عملٌ قليل نسبياً قد أجري على سلوك الزرنيخ في نظم النباتات - التربة الغمرية، وهي النظم الشائعة في إنتاج الأرز في الأراضي المنخفضة، على الرغم من أن الأرز هو غذاء القوت الأهم في آسيا، كما يعدّ مصدر 70% من المتحصل اليومي من السعرات في بنغلادش. وقد توصلنا من خلال الدراسات التي راجعناها الى أن مستويات الزرنيخ في حبوب أصناف الأرز المختلفة في بنغلادش كانت عالية، حيث وصلت الى 1.8 جزءً بالمليون، مقارنةً بمستويات تبلغ 0.05 جزءً بالمليون فقط في أوروبا والولايات المتحدة. وكان التلوث أكثر من ذلك في الخضراوات الورقية - ففي القطيفة (سالف العروس) والسبانخ يمكن أن يكون محتوى النبات من الزرنيخ ضعفي أو ثلاثة أضعاف المستويات التي وجدت في الأرز. وبالنسبة لمياه الشرب، توصي منظمة الصحة العالمية بأن لا يتجاوز مستوى الزرنيخ 0.01 جزءً بالمليون كحدٍ أقصى، ما يشير الى - أنه بالنسبة لبعض الناس - ربما كانت الأغذية مصدراً هاماً للتعرض للتسمم بالزرنيخ."
ما هي كمية ذلك الزرنيخ التي تعبر الى الأغذية بالفعل؟
"إن ما نعرفه عن وجود الزرنيخ في السلسلة الغذائية ضئيل جداً بسبب قلة البيانات. ولكي نتمكن من تقدير المخاطر الصحية لوجود الزرنيخ في الأغذية، نحتاج الى بيانات موثوقة وممثلة عن تركيزات الزرنيخ فيها وكذلك عن أنماط الاستهلاك الغذائية، وهي بيانات غير قوية بما فيه الكفاية بعد في بنغلادش. كما أنه يجب بناء تقديرات المخاطر على أساس الزرنيخ غير العضوي - وهو أكثر سمّية بكثير من الشكل العضوي - في حين بنيت غالبية تقديرات التعرض حتى تاريخه على أساس الزرنيخ المحض. ولذلك يتعذر عمل تقديرٍ كمّيٍّ موثوق لمخاطر الزرنيخ في الأغذية في هذه المرحلة. ذلك على الرغم من أنه لا يمكننا استبعاد أن تركيزات الزرنيخ المعروفة في المحاصيل، ومن ثم تعرض البشر من خلال الأغذية لها، سوف يزيدان مع مرور الوقت نتيجة استخدام مياه الري الملوثة بالزرنيخ لمدة طويلة."
ما الذي يمكن عمله لتخفيض تلوث التربة والمحاصيل بالزرنيخ؟
"إننا ندرس استراتيجيات عديدة يمكن تطبيقها في بنغلادش وفي بلدان أخرى تواجه نفس المشكلة. والخيار الرئيس هو رفع كفاءة استخدام مياه الري في زراعة الأرز. إذ تشير تقديرات معهد بحوث الأرز في بنغلادش الى أنه يمكن للمزارعين استخدام مياه ري أقل بنسبة تصل الى 40% دون أية خسائر في الغلة. وحالما يتم تخفيض المدخل من الزرنيخ، قد تكون آليات الإزالة الموجودة طبيعياً كافية للحيلولة دون تراكمه في التربة السطحية. واذا ما أمكن خفض المدخل من المياه حتى تصبح التربة أكثر تهوية، فسيتم كذلك إبقاء قابلية انحلال الزرنيخ - ومن ثم امتصاصه - عند الحد الأدنى. ثمة خيار آخر، وهو تشجيع الأنماط المحصولية التي تتطلب مياه ري أقل مثلاً، و - تبعاً لحالة التربة - استبدال الأرز الغمري بمحاصيل، كالقمح والذرة، تحتاج الى مياه أقل. كما يجب ان تركز تربية النباتات على أصناف الأرز المتحملة للزرنيخ وتمتاز بتدني امتصاصها له. وقد أظهرت أصناف الأرز تفاوتاً في استجابتها للتعرض للزرنيخ، إلا أن عدد الأصناف التي تم اختبارها حتى الآن قليل جداً. وثمة حاجة ملحة كذلك للقيام باختبارات نظامية من اجل تحديد الاختلافات في امتصاص الزرنيخ وتحمّله ونقله من مكان الى آخر."
كيف تنوي المنظمة متابعة استنتاجات هذه المراجعة؟
"إن أحد أهداف المراجعة هو زيادة وعي الحكومة على حجم المشكلة. ولكسب مزيد من الزخم للعمل على هذه القضية، قمنا مؤخراً بعرض استنتاجاتنا أمام المنتدى العالمي للمياه في المكسيك، كما أننا نخطط حالياً لعقد حلقة عمل آسيوية إقليمية بشأن قضايا الزراعة وجودة المياه، ومن ضمنها التلوث بالزرنيخ، في شنغهاي. وإضافة الى ذلك، فاننا ننسق مع صندوق الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) - المعنيتين بالجانب المتصل بمياه الشرب من هذه المشكلة - بهدف تطوير ورقة سياسات كي توجّه الحكومات في معالجتها للتلوث بالزرنيخ. وقد تحققت نتيجة هامة حتى الآن، وهي أن حكومة بنغلادش طلبت من المنظمة مساعدتها في إجراء تقدير واسع لمخاطر الزرنيخ ليس على إنتاج المحاصيل فحسب، بل وكذلك في قطاعي الثروة الحيوانية ومصايد الأسماك.
"تمثل مراجعتنا نقطة الانطلاق لعمل مستقبلي سيحتاج الى تمويل. وهناك الكثير مما يجب عمله من اجل التوصل الى فهمٍ أفضل لسلوك الزرنيخ في نظم الانتاج الزراعي، وتحديد المستوى الآمن للزرنيخ في مياه الري والتربة والمحاصيل تحت النظم المحصولية المختلفة. كما أنه لا بد لنا من تقدير حجم وكميات مخاطر الزرنيخ في السلسلة الغذائية، وتطوير بدائل للتخفيف من آثار الزرنيخ وتقنيات لإدارته. إن ما نعرفه في الوقت الحاضر عن مخاطر الزرنيخ في الزراعة مثير للقلق. لكن الأكثر إثارة منه هو ما لم نعرفه بعد."