صقـر عتيبـة
02-05-2008, 03:17 PM
عن انس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تعذبوا صبيانكم بالغمز وعليكم بالقسط " [رواه البخاري].و عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيّما امرأة أصاب ولدها عُذرة أو وجع في رأسه فلتأخذ قسطاً فتحكه بماء ثم تسعطه إيّاه " [رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجّام أجره واستعَطَّ. [رواه البخاري ومسلم] وعن ابن عباس أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنّ خير ما تداويتم به السُّعوط " [رواه الترمذي]
و قد روى الشيخان عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها وعندها صبي يسيل منخريه فقال: ما هذا؟ فقالت: إنه العذرة. فقال: ويلكن لا تقتلن أولادكن، أيما امرأة أصاب ولدها العذرة أو وجع في رأسه فلتأخذ قسطاً هندياً فلتحكه ثم يسعط به، فأمرت عائشة فصنعت به فبرئ. وقد روى البخاري أن أم قيس بنت محصن الأسدية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها قد أعلقت عليه من العذرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: علام تدغرن أولادكن بهذا العلاق؟ عليكن بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب، يريد الكُست...
و في رواية أخرى للبخاري عن أم قيس بنت محصن أنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " عليكم بهذا العود الهندي فإنّ فيه سبعة أشفية: يستعط به من العذرة ويُلَدُّ به من ذات الجنب ".
قال ابن حجر: والسعوط ما يُجعل في الأنف مما يتداوى به وقوله " استعطّ " أي استعمل السعوط وهو أن يستلقي على ظهره ويجعل ما بين كتفيه يرفعهما لينحدر رأسه ويقطر في أنفه ماءً أو دهناً فيه دواء _ ينطبق القول على أيّ قطرة _ ليتمكن بذلك من الوصول إلى دماغه _ المقصود بلعومه الخلفي _ لاستخراج ما فيه من الداء بالعطاس.
و العُذرة _ بضم العين _ وجع في الحلق يهيج من الدم وتسميها العامة ببنات الأذن. وهذا التفسير يوافق في الطب أمراض الحلق التي تترافق باحتقان دموي سواء أكان التهاب لوزات أو التهاب لهاة أم التهاب بلعوم. وكان نساء المدينة وما يزال نساؤنا حتى اليوم يلجأن إلى معالجة العذرة بالإصبع أو غمز الحلق بها. والإعلاق الدغر أيضاً في اللغة تعني غمز العذرة بالإصبع. وقد يلجأن إلى إدخال فتيل من خرقة في أنف المريض فيطعن به البلعوم الأنفي فينفجر منه دم ويقال عذرت المرأة الصبي إذا غمزت أو أعلقت أو دغرت حَلقَهُ من العذرة.
و من توجيهات النبي الكريم في هذا المجال أنه نّبه إلى وجوب تجنب الخطأ في بعض المعالجات الشعبية والتي لا تستند إلى أساس علمي فنهى النساء عن مثل هذه المعالجة والمؤذية أحياناً مقدماً لهن العلاج الأمثل في هذه الحالة وهو القسط.
قوله " ويُلَد به من ذات الجنب " يعني يسقاه في أحد شقي فمه وهو تنبيه إلى طريقة لسقي المريض دواءه عندما لا يتمكن من الجلوس أو من تناوله بيده أو عندما يثير ذلك ألماً شديداً لديه، واللدود ما يسقى الإنسان في أحد شقي الفم، أُخذ من لديدَي الوادي وهما جنباه، واللُّدود _ بضم اللام _ الفعل. فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير ما تداويتم به اللدود والسعوط والحجامة والمشيّ " [رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب]. وروى زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تداووا من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت " [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد والحاكم وقال: صحيح الإسناد].
و لقد ذكر ابن سينا في معالجة سقوط اللهاة القسط مع الشب اليماني وزر الورد، وسقوط اللهاة هو ضخامتها المتأتية عن التهابها.
و قال الموفق البغدادي: وذات الجنب قسمان: حقيقي وهو ورم حاد يعرض في الغشاء
المستبطن للأعضاء، وغير الحقيقي وهو ما يعرض في نواحي الجنب من رياح غليظة تحتقن بين الصفاقات، إلا أن الوجع في هذا القسم ممدود وفي الحقيقي ناخس. وقال الدكتور القلعجي معلقاً: تنطبق هذه العلامات على التهاب الغشاء المبطن للرئة Pleurisy الذي يترافق بألم حاد شديد يتفاقم مع التنفس العميق أو السعال بالإضافة إلى سعال جاف وارتفاع حرارة وإنهاك القوى العامة وقد يتجمع في الغشاء سوائل في بعض الحالات. ويرى النسيمي أن ذات الجنب الواردة في الأحاديث هي الألم الجانبي الناتج غالباً عن البرد أو الرثية _ الروماتيزم _
و ذكر ابن الكحال ابن طرخان طريقة المعالجة بالقسط للألم الجانبي فقال: يُدقُّ القسط ناعماً ويخلط بالزيت المسخن دون غلي أو قلي ويدلك به مكان الألم، ويلعق.
أما ابن القيم فقد أكد هذا المعنى بقوله: والعلاج الموجود في الحديث عن آفة في الصدر تنجم عن ريح غليظة فإن القسط البحري إذا دُقَّ ناعماً وخلط بالزيت المسخن ودلك به مكان الريح المذكور أو لُعق كان دواءً موافقاً لذلك نافعاً له محللاً لمادته مذهباً لها، مقوياً للأعضاء الباطنة.
قوله صلى الله عليه وسلم: " فإن فيه سبعة أشفية " قال البخاري: قال الراوي: فسمعت الزهري يقول: بّين لنا اثنتين ولم يبين لنا خمسة. وقال ابن حجر: كذا وقع الاختصار في الحديث عن السبعة على اثنين، فإما أن يكون ذكر السبعة فاختصره الراوي أو اقتصر على الاثنين لوجودهما حينئذ دون غيرهما. وقد ذكر الأطباء من منافع القسط أنه يدر الطمث والبول ويقتل ديدان الأمعاء ويدفع السُّم وحمى الربع والورد ويسخن المعدة ويحرك شهوة الجماع ويذهب الكلف طلاءً.
و عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري " [رواه البخاري ومسلم والإمام مالك في موطئه وأخرجه الإمام أحمد في المسند]. قال الموفق البغدادي: وفي جمعه صلى الله عليه وسلم بين الحجامة والقسط سرٌّ لطيف وهون أنه إذا طُلي به شرط الحجامة لم يتخلف في الجلد أثر المشاريط وهذا من غرائب الطب فإن هذه الآثار إذا نبتت في الجلد قد يتوهم من رآها أنها بهق أو برق والطباع تنفر من هذه الآثار. فحيث علم ذلك مع الحجامة ما يؤمن من ذلك. والقسط قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أمثل ما يتداوى به لكثرة منافعه، ينفع الفالج ويحرك الباه وهو ترياق لسمّ الأفاعي، واشتمامه على الزكام يذهبه ودهنه ينفع وجع الظهر.
قال ابن حجر: ويحتمل أن تكون السبعة أصول التداوي بها لأنها إما طلاءٌ أو شربٌ أو تكميدٌ أو تقطيرٌ أو تبخيرٌ أو سعوطٌ أو لدود. فالطلاء يدخل في المراهم ويحل يالزيت ويلطخ، ,كذا التكميد. والشرب يسحق ويجعل في عسل أو ماء وغيرها. وكذا التقطير والسعوط يسحق في زيت ويقطر في الأنف والدهن والتبخير واضح. وتحت كل واحدة من السبعة منافع لأدواء مختلفة ولا يستغرب ذلك ممن أوتي جوامع الكلم.
و لكن... ما هو القسط Costus؟
ذكر المرشد إلى المصادر العالمية للنباتات النافعة [صدر بالروسية وألفه العالمان: فول ومالييفا - موسكو: 1952] أن للقسط أنواعاً كثيرة، وأكدّ على المنافع الطبية لثلاثة أنواع:
القسط الجميل Costus Speciosus:
و هو المسمى أيضاً بالقسط العربي Costus Arabicus وهو ينتشر تلقائياً في جنوب شرقي آسيا من جبال هيمالايا وحتى سيلان وفي الهند الصينية والفليبين وتايوان. ويزرع في الهند وأندونيسيا وتؤكل سوقه الحاوية على 24 % من تركيبها على النشاء. ويستعمل علاجياً في آفات الصدر والسعال والربو.
القسط الإفريقي Costus Afrri:
و يسميه الإنكليز Ginger Lily وهو منتشر في إفريقيا الاستوائية، تستخدم جذوره لتحضير عجينة لصنع الورق. أما طبياً فيستعمل مسحوق سوقه لمعالجة السعال. أما الصبغة المحضرة من جذوره فتدخل في عداد تركيبة دوائية من داء النوم. وتطبق أوراقه المسلوقة موضعياً لمعالجة الرثية، أما الجذور المسلوقة فتفيد موضعياً لشفاء التقرحات الجلدية.
القسط الموبّر Costus Villosissimus:
و من أسمائه Costus Spicatus , Costus Spetimus. وينتشر في كولمبيا وأمريكا الاستوائية وخاصة في البيرو وغويانا ويستعمل طبياً لعلاج النزلات الشعبية وخاصة المعوية منها وفي حمىّ التيفوس.
و في كتاب النباتات النافعة في غرب أفريقيا أشار J. Dolziel فقط إلى القسط الإفريقي وأكد فائدته كدواء للسعال حيث يؤخذ مغلي سوقه أو مدقوق ثمرته أو تعلك سوقه طازجة وقد يستعمل مغلي جذوره لنفس الغرض. كما تطبق أوراقه المسلوقة كمادة محمّرة لمعالجة الآلام الرثوية. ويشير إلى ما يعتقده سكان سيراليون وساحل الذهب وغيرها حول القدسية لهذه المادة العلاجية عندهم.
و خلاصة ما كتبه شراح الحديث أن نبات القسط _ الموصوف في السنة _ نبات يعيش في الهند وخاصة كشمير وفي الصين، وتستعمل قشور جذوره التي قد تكون بيضاء أو سوداء، وكان التجار العرب يجلبونها إلى الجزيرة العربية عن طريق البحر لذا سميت بالقسط البحري. كما كان يسمى بالقسط الهندي. وقد يُدعى الأبيض بالقسط البحري وز الأسود بالقسط الهندي الذي يتخذ في البخور وله نفس الاسم مع أنهما نباتان مختلفان. وقال البخاري تحت باب السعوط الهندي أو البحري، وهو الكُست _ بالقاف والكاف _ مثل كافور وقافور وكشطت وقشطت.
قال ابن القيم: القسط نوعان: أبيض يقال له البحري وأسود هو الهندي وهو أشدهما حرارة والأبيض ألينهما ومنافعهما كثيرة: ينشفان البلغم، قاطعان للزكام، وإذا شربا نفعا من ضعف الكبد والمعدة وقطعا وجع الجنب ونفعا من السموم وإذا طلي الوجه بمعجونه مع الماء والعسل قلع الكلف.
أما الدكتور أحمد الرشيدي [عن كتابه (عمدة المحتاج في علمي الأدوية والعلاج)] فقد ذكر أن للقسط نحواً من 15 صنفاً وأن الأصلي منه هو القسط الجميل C. Speciosus ومأواه الهند، ومن أنواعه القسط العربي. وذكر أن ابن سينا نقل عن ديسقوريدس بأن للقسط ثلاثة أنواع: صنف أبيض خفيف عطري هو القسط العربي أو البحري،و صنف أسود خفيف غليظ قليل العطرية هو الهندي، وصنف ثالث ثقيل يشبه خشب البقس، رائحته ساطعة هو القسط الشامي.
و ينقل عن الدكتور ميره قوله أننا إذا أجرينا على كلام المؤلفين نسبنا الجذر الذي يسمى عندنا الآن بالقسط العربي للقسط الجميل وهو أبيض فطري مائي عذب الطعم يقرب قليلاً لرائحة الزنجبيل،, هذا يوافق ما يسمى بالقسط الحلو Costus Duleis.
و يرى الدكتور النسيمي أن القسط الأبيض المر الذي يكون بلون البقس والذي يكثر في بلاد الشام والمسمى لذلك بالقسط الشامي والذي يعرف أيضاً بـ الرندة ليس هو القسط الذي وصفه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وليس له فائدة القسط الهندي أو البحري.
أما قسط أظفار فهو نوع من الطيب غير القسط الذي نتداوى به، وقد ورد ذكره في صحيح البخاري عن حفصة عن أم عطية قالت: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس مصبوغاً إلا ثوب عصب وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كُست أظفار.
و ذكر ابن حجر في تعليقه على حديث القسط البحري: وهو محمول على أنه وصف لكلٍ ما يلائمه، فحيث وصف الهندي كانت الحاجة إلى معالجة أشدَّ حرارة، وحيث وصف البحري كان دون ذلك في الحرارة.
و حيث لم نجد أبحاثاً حديثة تكشف أسرار هذه المادة العلاجية النبوية الذي دعانا للتداوي بها من لا ينطق عن الهوى فإننا نحث همم الباحثين من علمائنا وأطبائنا على دراسة هذه النبتة ومعرفة خواصها الدوائية واستطباباتها السريرية في مختلف المجالات.
الأترج
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحه طيب " [رواه البخاري ومسلم].
قال ابن القيم: وفي الأترج منافع كثيرة من قشر ولحم وحمض وبزر. ومن منافع قشره أن رائحته تصلح فساد الهواء، ويطيب النكهة إذا أمسكها بالفم وإذا جعل في الطعام أعان على الهضم. وأما لحمه فملطف للمعدة.
و قال الغافقي: أكل لحمه ينفع من البواسير. وأما حماضه فقابض، كاسر للصفراء، ومسكن للخفقان، نافع من اليرقان، مشه للطعام ونافع من الإسهال الصفراوي، وتنفع طلاءً من الكلف، وله قوة تطفئ حرارة الكبد، وتقوي المعدة، وتسكن العطش... وأما بزره فله قوة مجففة.
و قال ابن ماسويه: خاصة حبة النفع من السموم القاتلة إذا شرب منه وزن مثقالين مقشراً بماء فاتر، وإن دق ووضع على موضع اللسعة نفع... وحقيق بشيء من منافعه أن يشبه النبي صلى الله عليه وسلم خلاصة الوجود وهو المؤمن الذي يقرأ القرآن.
و الأترج Citrus Medica Cedrata من الحمضيات، ومن أسمائه تفاح العجم وليمون اليهود. وهناك اختلاف بين المؤلفين. هل هو نفسه ما يدعى بالكباد (في ديار الشام) أو أن الكبّاد هو نوع قريب من نفس الفصيلة البرتقالية Aurantiaceae.
يزرع في المناطق المعتدلة الحارة وثمره كالليمون الكبار ذهبي اللون، ذكي الراحة، حامض الماء. وقد جاء ذكره في سفر اللاوّيين من التوراة: {تأخذون لأنفسكم ثمر الأترج بهجة}.
و هو نبات دائم الخضرة من أشجار الحمضيات، يؤكل طازجاً ويشرب عصيره بعد مزجه بالماء وتحليته بالسكر كشراب منعش ومرطب ومهضم. وهو مصدر جيد للفيتامينات " ج " و" ب 1 " و" ب 2 ".
و يصنع من قشره مربى لذيذ الطعم. والقشر هاضم وطارد للرياح لاحتوائه على زيت عطري. كما يفيد كمقشع صدري ومضاد لداء الحفر.
و ذكر ابن سينا أن حامض الأترج يجلو العين _ إن اكتحل به _ ويذهب الكلف من الوجه _ طلاء _ ويسكن غلمة النساء _ شرباً _.
و مغلي أوراقه يسكن النفخ، ويقوي المعدة، ويقوي الأحشاء، وزهره ألطف في تسكين النفخ.
اكتحلوا بالاثمد
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر وينبت الشعر "، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل يكتحل في اليمنى ثلاثة يبتدئ بها ويختم بها وفي اليسرى ثنتين [رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة والإمام أحمد وقال الترمذي: حديث حسن]. عن ابن عباس أيضاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر " [رواه الترمذي وحسنه وابن ماجة، وصححه ابن حيان].
قال ابن حجر: والإثمد حجر معروف أسود يضرب إلى الحمرة يكون في بلاد الحجاز وأجوده ما يؤتى من أصفهان. وفي هذه الأحاديث استحباب الكحبل بالإثمد للرجال وللنساء قال الرئيس ابن سينا عن الإثمد أنه يحفظ صحة العين ويذهب وسخ قروحها. وقال العلامة البغدادي: الإثمد ينبت الهدب ويحسن العيون ويحببها إلى القلوب ولا يوافق الرمد الحارّ، وقال الكحال ابن طرخان: هو أجود أكحال العين لا سيما للمشايخ والذين ضعفت أبصارهم إذا جعل فيه شيء من المسك.
و الإثمد من أشباه المعادن ورمزه Sb ويدعى بالأنتموان Antimony. ويوجد في الطبيعة بشكل حر ولكن الأغلب وجوده بحالة سولفيد أو أكسيد أو أوكسي سولفيد وشكله بحالة سولفيد هو المصدر الرئيسي للمعدن. وهو معدن هشّ سريع التفتت، لامع ذو تركيب رقائقي بلون أبيض فضي عندما يكون نقيّاً وبلون سنجابي عندما يكون مرتبطاً وعندما يفرك بين الأصابع ينشر رائحة واضحة [هذا التعريف عن الإثمد منقول عن كتاب Rewington
و يوجد للإثمد مركبات عضوية كالأنتومالين والفؤادين والغلوكانتيم، وأخرى معدنية مثل طرطرات الإثمد والبوتاسيوم، طرطرات الإثمد والصوديوم، وله خصائص دوائية عديدة من مقشعة ومقيئة، كما تصنع منها بعض المراهم الجلدية. كما ويؤثر على زمر جرثومية كثيرة ويبيد العديد من الطفيليات كاللايشمانيا والبلهارسيا والمثقبيات والخيطيات. ويستعمل في بريطانيا لمعالجة البلهارسيا.
و يؤكد الدكتور حسن هويدي أن جلاء البصر بالإثمد إنما بتأثيره على زمر جرثومية متعددة، وبذلك يحفظ العين وصحتها، إذ أن آفات العين التهابية جرثومية، وعندما تسلم الملتحمة من الاحتقان يمكن أن يكون البصر جيداً. ويقول أن إنباته للشعر ثابت علمياً، إذ أن من خصائص الإثمد الدوائية تأثيره على البشرة والأدمة فينبه جذر الشعرة ويكون عاملاً في نموها، لذا يستعملون مركباته (طرطرات الإثمد والبوتاسيوم) لمعالجة بعض السعفات والصلع، تطبق على شكل مرهم بنسبة 2 _ 3 %. وهذه الفائدة في إنبات الشعر تنفع العين أيضاً لأنها تساعد على نمو الأهداب التي تحفظ العين وتزيد جمالها.
يا لروعة الاختيار النبوي. لقد كان عند العرب زمن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأكحال استعملوها للزينة، وكما يقول الدكتور محمود ناظم النسيمي: فقد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم كحل الإثمد لأنه يقوي بصيلات أهداب العين فيحفظ الرموش فتطول أكثر، وبذلك تزداد قدرتها في حفظ العين من أشعة الشمس، وفي تصفية الغبار والأوساخ، فتزيد الرؤيا وضوحاً وجلاءً أكثر منها في استعمال الأكحال الخالية من الإثمد.
و إذا كان البعض يريد أن يطعن في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للاكتحال بالإثمد من جراء وجود حوادث انسمام عند بعض الحوامل نتيجة الاكتحال بأكحال مغشوشة تحتوي على عنصر الرصاص السام، فالانسمام إنما يحصل من غش الإثمد بالرصاص وليس من الاكتحال بالإثمد كما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
و إننا نتوجه بالدعوة إلى صناع الدواء ومواد التجميل من المسلمين الغيورين أن يقدموا لأمتهم كحلاً صافياً من الإثمد، خالياً من مركبات الرصاص السّامة، كي يتمكن أن يطبقه بأمان، كل من رغب في إحياء سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام بالاكتحال بالإثمد.
التكميد Pomentation
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مكان الكي التكميد " [رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن في سنده إبراهيم النخعي وهولم يسمع من عائشة إلا أن عدم سماعه لا يضر لأن مراسليه صحيحة عند أهل الحديث (الأستاذ محمد عوامة)].
عن عبد الله بن مسعود أن ناساً أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن لنا صاحباً لنا اشتكى أفنكويه؟ فسكت ساعة ثم قال: " إن شئتم فاكووه، وإن شئتم فارضغوه " [رواه الطبراني وقال الهيثمي رجاله ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. إلا أن البخاري نقل في كتاب (الكنى) ما يفيد سماعه عن أبيه]. قال ابن الأثير: أي كمده بالرضف وهي الحجارة المحّماة على النار وواحدتها رضفة.
لقد أكثر العرب في جاهليتهم من استعمال الكي ولا سيما في معالجة الآلام، وجاء الإسلام فنهاهم عن الكي دون وجود استطباب صحيح من ذوي الخبرة وأهل الفن. وأشار عليه الصلاة والسلام إلى أن البديل هو واسطة علاجية فيزيائية مسكنة للألم، لها فوائدها الجمة وهي التكميد.
و تكميد العضو: تسخينه بخرق ونحوها وكذا الكِمادُ بالكسر، فإذا أطلق الكماد فالمراد به الحار. ولا يزال الطب الشعبي حتى زماننا هذا يعالج مغص البطن وبعض الآلام لا سيما من منشأ بردي وذلك بتكميدها بخرقة (بشكير) مسخن أو بحجرة أو فخارة مسخنة بعد لفها بخرقة لتحاشي حدوث حرق جلدي.
و الطب الحديث يستعمل التكميد لمكافحة الألم ويستعمل لذلك القماش البلول بالماء الحار في حرارة محتملة وقد يضاف إليه بعض الأدوية. وتحضر الكمادات الحارة بغطس منشفة أو قطعة من الشاش الطري، مطوية عدة طيات، في الماء الحار، ثم يلف بها العضو المراد تكميده من صدر أو بطن أو أحد الأطراف، وقد يوضع فوقها قطعة من المشمع الكتيم أو المطاط أ والنايلون ويلف فوقها رباط لحفظها.
و تفيد الكمادات الحارة في معالجة احتقانات الرئة وذات القصبات، وذات القصبات والرئة، وآلام البطن والحوض، وفي الالتصاقات المختلفة التالية للالتهابات أو العمليات المختلفة أو تسريع عملية نضج القيح في الخراجات والدمامل وبذلك تخفف من آلامها وينحصر القيح في الخراج وذلك يساعد على انبثاقه وخروجه أو إلى تفجيره بالمبضع.
الذريرة
عن عائشة رضي الله عنها قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة في حجة الوداع لحلّه وإحرامه [رواه البخاري ومسلم].
و روى ابن السني عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل عَلَي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرج في إصبعي بثرة فقال: عندك ذريرة؟ قلت: نعم. قال: ضعيها عليها وقولي: اللهم مصغر الكبير ومكبر الصغير صغّر ما بي، [أخرجه الحاكم وصححه وأقره الذهبي].
و عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: دخل عليها _ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عندك ذريرة؟ قالت: نعم، فدعا بها فوضعها على بثر بين أصابع رجليه ثم قال: اللهم مصغر الكبير ومكبر الصغير أطفئها عني فطفئت، [رواه الإمام أحمد، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: إسناد أحمد رجاله رجال الصحيح عدا مريم بنت إياس فهي مقبولة]
قال ابن القيم: والذريرة دواء هندي يتخذ من قصب الذريرة، تنفع من أورام المعدة والكبد والاستسقاء، وتقوي القلب لطيبها. أما البثرة فهي خراج صغير يكون عن مادة حارّة تدفعها الطلبعة فتسترق مكاناً من الجسد تخرج منه، فهي تحتاج إلى ما ينضجها ويخرجها والذريرة تفعل بها ذلك فإن فيها إنضاجاً وإخراجاً مع طيب رائحتها.
و قال ابن سينا: إنه لأفضل لحرق النار من الذريرة بدهن الورد والخل، وقصب الذريرة ملطف وفيه قبض يسير مع حرافته ... وتجفيفه أكثر يحلل الأورام.
و قصب الذريرة Acorus Calamus , Sweet Flag نبات عشبي معمر من جنس القصب من فصيلة القلقسيات، أحمر اللون عطر الرائحة، له ريزومات متفرعة وأفرعاً هوائية قصبية الشكل، ويسمى بقصب الطيب لرائحته الزكية وقد ورد ذكره في التوراة ضمن أفخر الأطياب، وإذا كسرت فروعه ظهر منها ذرور أبيض هو الذريرة، تضاف إلى الحناء لتعطيرها وتدخل في صنع الصابون المعطر.
منابته في الأهواز ومصر والصين.
يستخرج من ريزوماته _ الجذامير _ زيت عطري مذكور في دستور الأدوية الألماني كعقار طبي يحتوي على الإيجبينول والآزارون وحمض النخل وسيتيلك وفيتامين " ب " والكولين والعفص. تستعمل خلاصة جذاميره أو زيته، إذ هو نافع للمعدة مقو لها، هاضم، ومطمث، طارد للغازات، ويعالج به النهاك والملاريا وسوء الهضم. يعطى للمصابين بالحيات كمخفف للحرارة، ومسكن في الآلام العضلية والمفصلية _ الرثية _. وإذا مزج مع الكرفس وشرب نفع من برد الكلى والالتهابات البولية.
الثُفّاء
عن قيس بن رافع القيسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ماذا في الأمرين من الشفاء: الثفاء والصبر " [أخرجه أبو داود في مراسليه والبيهقي، ونقله عنهما السييوطي رمز له بالضعف (فيض القدير)].
عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ماذا في الأمرين من الشفاء: الثفاء والصبر " [في الجامع الأصول: أخرجه رزين، وأثبته الحافظ الذهبي من إخراج الترمذي].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بالثفاء فإن الله جعل فيه شفاء من كل داء " [رواه ابن السني وأبو نعيم في الطب، وعنهما السيوطي، وسكت عنه مما يرمز عادة للحسن (فيض القدير)].
قال الكحال بن طرخان: الحرف وهو الثُفّاء _ وتسميه العامة حب الرشاد _ وهو يسخن ويلين البطن ويخرج الدود ويحرك شهوة الجماع. وإذا طبخ مع الأحساء _ جمع حساء _ أخرج الفضول من الصدر، ويمسك تساقط الشعر، وإذا تضمد به مع الماء والملح أنضج الدمامل، وينفع الربو وعسر التنفس وينقي الرئة ويدر الطمث. وإن شرب منه بعد سحقه وزن خمسة دراهم بالماء الحار أسهل الطبيعة وحلل الرياح ونفع من وجع القولنج البارد، وإذا سحق وشرب نفع من البرص وإن لطخ عليه وعلى البهق الأبيض نفع منهما ونفع من الصداع الكائن من البرد والبلغم.
و قد نقل ابن القيم ما ذكره الكحال دون أن يشير إليه وزاد عن جالينوس: قوته مثل قوة بزر الخردل لذلك قد يسخن به أوجاع الورك المعروفة بالنساء وأوجاع الرأس ...
و الثُفّاء Cresson أو Lepidium Sativum نبات عشبي حولي قائم من الفصيلة الصليبية Cruciferae موطنه منطقة الشرق الأوسط والحجاز ونجد. وأزهاره بيضاء متعددة.
و من أسماء الثفّاء _ الرشاد _ في سورية _ البقدونس الحاد _ يؤكل من غير طبخ حيث تضاف أوراقه الغضة إلى السلطات والحساء ومع اللحوم والسمك كمادة مشهية، مسهلة للهضم. ويجب ألا يضاف إليه الملح للاستفادة من خواصه الطبيعية. وتفيد مادة اليخضور الموجودة فيه امتصاص الروائح من الجسم، كما أن أوراقه مدرة للحليب عند المرضعات.
و هو أكثر النباتات غنى بمادة اليود وهذا ما يجعله سهل الهضم كما يحتوي على الحديد والكبريت والكلس والفوسفور والمنغنيز والزرنيخ، وهو غني بالفيتامين " ج " = " C " وفيه نسبة قليلة من الفيتامين " أ " و" ب " و" PP " والكاروتين، وتدل دراسات حديثة على احتوائه عنصراً من المضادات الحيوية المبيدة للجراثيم.
و يرى الدكتور جان فالينه أن الثفّاء مقو ومرمم ومشه، مفيد لمعالجة فقر الدم، وضد داء الحفر، مدر للبول، مقشع ومهدئ، خافض للضغط، ومنشط لحيوية بصيلات الشعر حيث تطبق عصارته على فروة الرأس لمنع تساقط الشعر، ولمعالجة التقرحات الجلدية.
تؤخذ عصارة الأوراق بمقدار 60 _ 150 غ مع الماء أو الحساء لطرد الدود ومكافحة التسمم وينصح بتناوله المصابون بالتعب والإعياء وللحوامل والمرضعات والمصابين بتحسس في الطرق التنفسية والجلدية كما في الأكزيما، وهو نافع للبواسير النازفة. أما البذور فيستعمل مغليها أو منقوعها او مسحوقها لمعالجة الزحار والإسهال والأمراض الجلدية وتضخم الطحال، ويصنع كمادة من المسحوق كمسكن لمعالجة آلام البطن والآلام الرئوية وغيرها، كما يفيد تناوله داخلاً كطارد ومقو جنسي ومطمث للنساء.
عليكم بالسّنا والسّنوت
عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: بِمَ تستمشين؟ فقالت: بالشُبرم. فقال: حارٌّ جارٌّ. فقالت: ثم استمشيت بالسَّنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو أن شيئاً كان فيه شفاء من الموت لكان السَّنا " [أخرجه الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد والحاكم وقال حديث صحيح الإسناد].
و له شاهدٌ قوي من حديث البصريين ووافقه الذهبي فقال: عن أسماء بنت عميس أن رسول الله دخل عليها ذات يوم وعندها شبرم تدقه فقال: ما تصنعين بهذا؟ فقال: يشربه فلان. فقال: " لو أن شيئاً يدفع الموت أو ينفع من الموت شيئاً نفع السَّنا " [حديث صحيح ".
و في رواية لرزين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بالسَّنا والسَّوت فإنه لو كان شيء ينفع من الموت كان السَّنا.
و عن عبد الله بن حِرام قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " عليكم بالسّنا والسّنوت فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السّام. قيل يا رسول الله وما السّام؟ قال: الموت. [الحديث رمز السيوطي لحسنه وأخرجه ابن ماجة والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي بأن عمر بن بكر اتهمه ابن حبان وقال ابن عدي له مناكير.]
و قد روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث فيهن شفاء من كلّ داء إلا السّام: السّنا والسّنوت " قالوا: هذا السّنا عرفناه فما السّنوت؟ قال: لو شاء الله لعرفكموه، قال محمد ونسيت الثالثة [أخرجه النّسائي وذكره السيوطي في الجامع الصغير وأشار إليه بالصحة إليه بالصحة (فيض القدير)].
قوله: بم تستمشين: أي بم تستطلقين؟ وبأي دواء تسهلين بطنك، فكّنى عن ذلك بالمشي لأن الإنسان يحتاج إلى المشي إلى أن يتردد إلى الخلاء مع شرب الدواء. والشّبرم حب صغير شبيه بالحمص يُتخذ في الأدوية.
أما النسيمي فيعرفه بأنه قشور جذور شجيرة مسهلة. وقوله حارٌّ جارٌّ، اتباع له كقوله حار يار وحران يّران، وهو الشديد الإسهال.
و السَّنا Cassia - Senna شجيرة من الفصيلة البقلية يصل طولها من 2 - 3 متر. أوراقها خماسية أو سباعية الأزواج. لها أنواع عديدة منها السنامكي والسنا الإسكندري _ المصرية _ وفي الهند الكاسيا أكوتيفوليا والكاسيا أنجستوفوليا، وتستعمل وريقاتها ملّينة ومسهلة.
و قد ذكر الدكتور زيتوني أنَّ المادة المؤثرة هي حمض الكريزفاني وبعض أشباه السكريات الحاوية على أنتراكينون وأمودين. أما H. Carni [H. Carni: Sch. Rundschau (Praxis) 7Y. (6) , 1985.] وأحمد محمد عوض [مقالته عن العطارات الملينة (المجلة العربية) حزيران: 1982] فيذكران أن الجوهر المؤثر كمسهل أو ملين هو السنوسايد Sinnoside الذي ينشط غدد الأنبوب الهضمي ويحرض عضلاته الملس. وأكثر تأثيره يقع على حركات القولون بمقاديره القليلة. أما مقاديره الكبيرة فتحدث مغصاً في عضلات الحوض لذا لا يجوز إعطاؤه للحوامل مطلقاً. ويمزج عادة مع اللفاح أو البلادونا لمنع المغص. أو إلى غسل الوريقات بالغول. كما أن الغلي الطويل ينقص تأثير الأوراق المسهل. كما أن مزجها بالشمرة أو الأينسون يخفف المغص الذي يمكن أن تحدثه.
يقول الطبيب موفق الدين البغدادي: السنا مأمون الغائلة يقوي القلب ويسهل بلا عنف لذا أدخله الأطباء في أجل الأدوية لشرفه عندهم وكثرة منافعه، فيدخل في النقوعات المسهلة والحقن والسفوفات وما ذاك إلا لحسن إسهاله... وفي قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أسماء: بم تستمشين....، سِرٌ لطيف ومعنى جليل وبرهان على أنه صلى الله عليه وسلم مطلع على كثير من المعلومات فإن الشبرم دواء منكر قوي الإسهال، ترك الأطباء استعماله لخطره وشدة إسهاله.
و يلخص النسيمي موانع استعمال السّنا بحالات التهاب المعدة والأمعاء والتهاب الزائدة والتهاب الكولون التشنجي والتهابات المثانة والرحم، وفي حالة الحمل والإرضاع وذلك لأن عناصرها الفعالة يمكن أن تفرز في الحليب.
و حديثاً فإن العديد من معامل الأدوية الشهيرة في العالم تصنع من السَّنا أفضل أنواع العقاقير مثل Pursennid وهي حبوب وشراب تعالج الإمساك. أو تدخلها في تركيب تلك العقاقير مثل Eucarbon وAgiolax وCarbon 80.
و في دراسة عشوائية قام بها كارني قارن فيها النتائج العلاجية للأجيولاكس الحاوي على السّنا مع ثلاثة مستحضرات أخرى لا تحوي عليه فأكد التفوق النوعي للأجيولاكس وأن هذه النتائج يمكن أن تعزى للتركيبة المتوازنة لهذا العقار. وأن ألياف السّنا الداخلة في تركيبه تؤدي بانتباجها إلى زيادة حجم الماء واحتباسه ضمن الكتلة البرازية، كما أنها لا تؤدي إلى أي تخريش في المعدة أو المعي مما يمكن من استعماله الطويل.
و في دراسة قام بها باس O. Bass: " Coparative Laxation of Psylium with and without Senna " The American j. of Gastroenterolgy , 82 , 1987] أكد التفوق النوعي للأجيولاكس كعقار ملين مضاد للإمساك المزمن باحتوائه على السَّنا كمادة متميزة.
أما المقدار المسّهل فهو 10 - 15 وريقة تسحق وترفع أعوادها وتمزج مع 2 غ من الشمرة بعد سحقها أو الأنيسون، تسف ويشرب فوقها ماء، أو تعجن مع 100 غ من العسل و100 غ من الماء وتؤخذ على الريق. أو تنقع في 200 - 300 من الماء المغلي وتشرب بعد ذلك على الريق. أما المقدار الملين فهو 3 / 1 - 2 / 1 المقدار المسهل كما أن المنقوع نفسه يمكن أن يستعمل رحضة _ حقنة شرجية _ لوحده أو بعد مزجه مع مغلي الخطمي _ الختمية _.
و في الهند دراسات واسعة يقوم بها الباحثان أرون ميصرا وراكليومارسينها حول التأثير الدوائي لفصائل مختلفة من السَّنا أو الكاسيا Cassia تنبت في الهند. فقد استعملت الأزهار واللب لفصيلة Cassia fistola كمسهل،، واستعمل اللب مضاداً للديدان، وفي التهاب الحلق تستعمل البذور واللب على شكل غرغرة واستعملوا Cassia Sufora لعلاج لدغة الثعبان واستعملوا أوراق Cassia Tura لتنقية الدم واستعملت بذةورها لمعالجة الربو.
كما قام الباحثان المذكوران بدراسة مخبرية حول تأثير خلاصات السّنا على معلق يحوي على الفيروس الذي يصيب أوراق التبغ ويدهن بالمزيج أوراق التبغ. وأكدت النتائج أن فصيلة Cassia Siam أوقفت تماماً نمو الفيروس، أما فصائل Cassia Fistola وCassia Oxyde Yant وCassia Eltora فكانت نتائجها المضادة للفيروس أضعف. كما تبين لهما أن خلاصة الأوراق في البنزول والخلاصة المائية لهما نفس النتائج. أما الراسب البروتيني والبروتين الذي استخلص من Cassia Siam واستعمل في اختبار حيوي لوقف نمو الفيروس فقد أعطى نتائج عالية وصلت إلى 100 % في بعض الأحيان.
كما أورد الباحثان عدداً من التقارير عن فاعلية بعض المواد الكيماوية ضد الجراثيم تم استخلاصها من نبتة السَّنا، ومنها مواد تستعمل ضد الفطريات استخلصت من Cassia Fistola Dekora تبين أنها غليكوسية - فلافونية وحامض كريزوفونيك - 9 أنتراسين ,
و صفوة القول في الوقت الحاضر أن نبتة السّنا وخاصة من فصيلة Cassia Siam تحتوي على مادة قاتلة للفيروسات لها صفات بروتينية. ولا بد من متابعة الأبحاث لمعرفة تأثيرها على الأمراض الفيروسية المختلفة سريراً على البشر وحتى تصدق نبوءة النبي العظيم حين قال: " لو أن شيئاً كان فيه شفاء من الموت لكان السَّنا ".
و من المعروف أن غياب دواء قاتل للفيروسات يفتح باب الأمل في معالجة الأمراض الفيروسية.
و اختلف في تعريف السنّوت على ثمانية أقوال ذكرها الكحال علي بن طرخان [عن كتابه الأحكام النبوية في الصناعة الطبية] أحده أنه العسل، والثاني أنه ربّ عكة السمن، والثالث حب يشبه الكمون، الرابع أنه الكمون الكرماني، الخامس أنه الرازيانج، السادس الشِّبت، والسابع التمر والثامن: أنه العسل الذي في زقاق السمن. حكاه البغدادي وقال: بأنه الأجدر بالمعنى وأقرب للصواب أي يخلط السّنا مدقوقاً مع العسل المخالط للسمن ويلعق فيكون أصلح من استعماله مفرداً لما فيهما من إصلاحه وإعانته على الإسهال.
و يؤيد الدكتور النسيمي تفسير السنّوت بالعسل أو بالعسل الذي يكون في زقاق السمن أي الذي يخالطه شيء زهيد من السمن، خاصة إذا أردنا زيادة التأثير المسهل أو تحسين طعم الدواء وذلك بأن يحل العسل مكان جزء من الدواء _ السَّنا _ الذي يوصف عادة.
أما داود الأنطاكي فيرى أن السنّوت هو الكمون وهو أسود وأصفر وأبيض. أما الرازيانج فهو الأنيسون ويسمى بالشمار أو الشمرة والشبت نبت كالرازيانج إلا أن بزره أدق وأشدّ حدة.
و يرى الدكتور أمين رويحة [عن كتابه (التداوي بالأعشاب) 1973] أن السنّوت Anethum Graveoleons بقلة سنوية من التوابل قريبة من الشمار الحلو، تسمى في الشام بالشِّبت، تؤكل أوراقها الغضة مع السَّلطات. ثمارها بعد النضج حبوب كالعدس المجنح تمتد عليها خطوط سمراء، هذه الحبوب هي الجزء الطبي المستعمل منها، فيها زيت طيار يحوي مواد فعالة مثل Limonin Carvon.
يستعمل مغليها لغسل العيون المتقيحة من الرمد. ويشرب لتسكين مغص المعدة وطرد الغازات منها ولتسكين آلام العادة الشهرية عند النساء وإدرار الحليب عند المرضع _ 1 - 2 فنجان من المغلي في اليوم _ كما يفيد شربه مساءً لمعالجة الأرق، ويحقن في الشرج لمعالجة البواسير. ولا يعطى السنّوت للمصابين بأمراض الكلى.
الكَباث - الأراك
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرِّ الظهران نجني الكباث وهو ثمر الأراك ويقول: " عليكم بالأسود منه فإنه أطيب " فقلت: أكنت ترعى الغنم؟ قال: وهل من نبي إلا ورعاها؟ [أخرجه البخاري ومسلم].
قال ابن القيم: الكباث _ بفتح الكاف _ ثمر الأراك وهو بأرض الحجاز. يقوي المعدة ويجيد الهضم ويجلو البلغم وينفع من أوجاع الظهر وكثير من الأدواء، وقال ابن جلجل: إذا شرب طبيخه أدرّ البول ونقى المثانة. وقال البغدادي: الكباث هو النضيج من ثمر الأراك حارٌ يابس يقوي المعدة ومنافعه كمنافع الأراك، الذي قال عنه أبو حنيفة الدينوري: هو أفضل ماستيك به لأنه يفصح الكلام ويطلق اللسان ويطيب النكهة ويشهي الطعام وينقّي الدماغ. والأراك نبات شجري صحراوي دائم الخضرة يزرع للزينة ولاستعمالاته الطبية خاصة وأن فروع أغصانه تستعمل للاستياك _ المسواك _. وهو من الفصيلة الأراكية Salvacloraceae وثمره الناضج _ الكباث _ لذيذ الطعم، يأكله الناس وترعاه الأغنام، ,هو مرٌّ ما دام أخضر لكنه يحلو متى نضج واسودَّ. وهو قاطع للبلغم والرطوبات اللزجة، طارد للغازات، مشه ومقبل يفيد المصابين بآفات الصدر، ممدر للبول، مضاد للرثية _ الروماتيزم _ يشرب مغلي أوراقه كمسهل جيد ولمعالجة البواسير ووقف نزف الدم.
و يمتاز السواك كيماوياً بوجود ألياف السللوز وبعض الزيوت الطيارة وفيه راتنج عطري وز قلورين وحمض العفص وغيره من الأملاح المعدنية من كلس وسيليس وحماضات، فالسواك فرشاة طبيعية زودت بمسحوق مطهر وتبين الدراسات الحديثة أن الطبقة من الأسنان والمسماة Dental Black والتي لا تصلها شعيرات الفرشاة فإن ألياف السواك تصل إلى هذه الطبقة وتزيل رائحة الفم. كما أن السواك يفيد في أوجاع الأسنان وأمراض اللثة وداء الحفر
هذا وسنفصل حول معجزة الأمر النبوي بالاستياك وتوافقها مع الطب الحديث في الجزء التالي من بحوثنا في الطب الإسلامي.
الورس
عن زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان ينعت الزيت والورس من ذات الجنب، قال قتادة: يلده، ويلَدّ به من الجانب الذي يشتكيه، [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح] وعنه أيضاً قال: نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذات الجنب ورساً وقسطاً وزيتاً: يلد به. [رواه ابن ماجة].
و عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانت النفساء تقعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً، , كانت إحدانا تطلى الورس على وجهها من الكلف، [رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وصحح الحاكم إسناده، , قال النووي: حديث حسن وقال الخطابي: أثنى البخاري على هذا الحديث]. وروى البخاري عن النبي مسلم أنه نهى عن أن يلبس المحرم ثوباً مصبوغاً بورس وزعفران، وعلق البغدادي عليه بأن الثوب المصبوغ بالورس يقوي الباه والمحرم يحرم عليه الباه.
و الروس شجيرة من الفصيلة الورسية Memecyclon Tinctarium، ينبت في الهند أو سيلان كما يزرع بأرض اليمن، وهي تعمر إلى عشر سنوات. جذوره صفراء صابغة ويستعمل طبياً مسحوق هذه الجذور.
و ذكر ابن القيم: أجوده الأحمر اللين، القليل النخالة. ينفع من الكلف والحكة والبثور الكائنة على سطح الجلد إذا شرب نفع من الوضح ومقدار الشربة منه وزن درهم... وإذا لطخ به على البهاق والحكة والبثور والسعفة نفع منها، ,الثوب المصبوغ منه مقوٍ للباه.
و ذكر الدكتور الزيتوني فوائد تناوله عن طريق الفم بأنه طارد للغازات، مذيب للرمال منبه ومفرح للمعدة. أما الطلي به فينفع من الجرب، ,يضاف إلى المراهم لتأثيره المجفف للحروق والقروح. وأكد ابن سينا أن الورس ينفع من الكلف والنمش، وأنه إذا شرب نفع من الوضح _ يعني البرص
و قد روى الشيخان عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها وعندها صبي يسيل منخريه فقال: ما هذا؟ فقالت: إنه العذرة. فقال: ويلكن لا تقتلن أولادكن، أيما امرأة أصاب ولدها العذرة أو وجع في رأسه فلتأخذ قسطاً هندياً فلتحكه ثم يسعط به، فأمرت عائشة فصنعت به فبرئ. وقد روى البخاري أن أم قيس بنت محصن الأسدية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها قد أعلقت عليه من العذرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: علام تدغرن أولادكن بهذا العلاق؟ عليكن بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب، يريد الكُست...
و في رواية أخرى للبخاري عن أم قيس بنت محصن أنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " عليكم بهذا العود الهندي فإنّ فيه سبعة أشفية: يستعط به من العذرة ويُلَدُّ به من ذات الجنب ".
قال ابن حجر: والسعوط ما يُجعل في الأنف مما يتداوى به وقوله " استعطّ " أي استعمل السعوط وهو أن يستلقي على ظهره ويجعل ما بين كتفيه يرفعهما لينحدر رأسه ويقطر في أنفه ماءً أو دهناً فيه دواء _ ينطبق القول على أيّ قطرة _ ليتمكن بذلك من الوصول إلى دماغه _ المقصود بلعومه الخلفي _ لاستخراج ما فيه من الداء بالعطاس.
و العُذرة _ بضم العين _ وجع في الحلق يهيج من الدم وتسميها العامة ببنات الأذن. وهذا التفسير يوافق في الطب أمراض الحلق التي تترافق باحتقان دموي سواء أكان التهاب لوزات أو التهاب لهاة أم التهاب بلعوم. وكان نساء المدينة وما يزال نساؤنا حتى اليوم يلجأن إلى معالجة العذرة بالإصبع أو غمز الحلق بها. والإعلاق الدغر أيضاً في اللغة تعني غمز العذرة بالإصبع. وقد يلجأن إلى إدخال فتيل من خرقة في أنف المريض فيطعن به البلعوم الأنفي فينفجر منه دم ويقال عذرت المرأة الصبي إذا غمزت أو أعلقت أو دغرت حَلقَهُ من العذرة.
و من توجيهات النبي الكريم في هذا المجال أنه نّبه إلى وجوب تجنب الخطأ في بعض المعالجات الشعبية والتي لا تستند إلى أساس علمي فنهى النساء عن مثل هذه المعالجة والمؤذية أحياناً مقدماً لهن العلاج الأمثل في هذه الحالة وهو القسط.
قوله " ويُلَد به من ذات الجنب " يعني يسقاه في أحد شقي فمه وهو تنبيه إلى طريقة لسقي المريض دواءه عندما لا يتمكن من الجلوس أو من تناوله بيده أو عندما يثير ذلك ألماً شديداً لديه، واللدود ما يسقى الإنسان في أحد شقي الفم، أُخذ من لديدَي الوادي وهما جنباه، واللُّدود _ بضم اللام _ الفعل. فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير ما تداويتم به اللدود والسعوط والحجامة والمشيّ " [رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب]. وروى زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تداووا من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت " [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد والحاكم وقال: صحيح الإسناد].
و لقد ذكر ابن سينا في معالجة سقوط اللهاة القسط مع الشب اليماني وزر الورد، وسقوط اللهاة هو ضخامتها المتأتية عن التهابها.
و قال الموفق البغدادي: وذات الجنب قسمان: حقيقي وهو ورم حاد يعرض في الغشاء
المستبطن للأعضاء، وغير الحقيقي وهو ما يعرض في نواحي الجنب من رياح غليظة تحتقن بين الصفاقات، إلا أن الوجع في هذا القسم ممدود وفي الحقيقي ناخس. وقال الدكتور القلعجي معلقاً: تنطبق هذه العلامات على التهاب الغشاء المبطن للرئة Pleurisy الذي يترافق بألم حاد شديد يتفاقم مع التنفس العميق أو السعال بالإضافة إلى سعال جاف وارتفاع حرارة وإنهاك القوى العامة وقد يتجمع في الغشاء سوائل في بعض الحالات. ويرى النسيمي أن ذات الجنب الواردة في الأحاديث هي الألم الجانبي الناتج غالباً عن البرد أو الرثية _ الروماتيزم _
و ذكر ابن الكحال ابن طرخان طريقة المعالجة بالقسط للألم الجانبي فقال: يُدقُّ القسط ناعماً ويخلط بالزيت المسخن دون غلي أو قلي ويدلك به مكان الألم، ويلعق.
أما ابن القيم فقد أكد هذا المعنى بقوله: والعلاج الموجود في الحديث عن آفة في الصدر تنجم عن ريح غليظة فإن القسط البحري إذا دُقَّ ناعماً وخلط بالزيت المسخن ودلك به مكان الريح المذكور أو لُعق كان دواءً موافقاً لذلك نافعاً له محللاً لمادته مذهباً لها، مقوياً للأعضاء الباطنة.
قوله صلى الله عليه وسلم: " فإن فيه سبعة أشفية " قال البخاري: قال الراوي: فسمعت الزهري يقول: بّين لنا اثنتين ولم يبين لنا خمسة. وقال ابن حجر: كذا وقع الاختصار في الحديث عن السبعة على اثنين، فإما أن يكون ذكر السبعة فاختصره الراوي أو اقتصر على الاثنين لوجودهما حينئذ دون غيرهما. وقد ذكر الأطباء من منافع القسط أنه يدر الطمث والبول ويقتل ديدان الأمعاء ويدفع السُّم وحمى الربع والورد ويسخن المعدة ويحرك شهوة الجماع ويذهب الكلف طلاءً.
و عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري " [رواه البخاري ومسلم والإمام مالك في موطئه وأخرجه الإمام أحمد في المسند]. قال الموفق البغدادي: وفي جمعه صلى الله عليه وسلم بين الحجامة والقسط سرٌّ لطيف وهون أنه إذا طُلي به شرط الحجامة لم يتخلف في الجلد أثر المشاريط وهذا من غرائب الطب فإن هذه الآثار إذا نبتت في الجلد قد يتوهم من رآها أنها بهق أو برق والطباع تنفر من هذه الآثار. فحيث علم ذلك مع الحجامة ما يؤمن من ذلك. والقسط قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أمثل ما يتداوى به لكثرة منافعه، ينفع الفالج ويحرك الباه وهو ترياق لسمّ الأفاعي، واشتمامه على الزكام يذهبه ودهنه ينفع وجع الظهر.
قال ابن حجر: ويحتمل أن تكون السبعة أصول التداوي بها لأنها إما طلاءٌ أو شربٌ أو تكميدٌ أو تقطيرٌ أو تبخيرٌ أو سعوطٌ أو لدود. فالطلاء يدخل في المراهم ويحل يالزيت ويلطخ، ,كذا التكميد. والشرب يسحق ويجعل في عسل أو ماء وغيرها. وكذا التقطير والسعوط يسحق في زيت ويقطر في الأنف والدهن والتبخير واضح. وتحت كل واحدة من السبعة منافع لأدواء مختلفة ولا يستغرب ذلك ممن أوتي جوامع الكلم.
و لكن... ما هو القسط Costus؟
ذكر المرشد إلى المصادر العالمية للنباتات النافعة [صدر بالروسية وألفه العالمان: فول ومالييفا - موسكو: 1952] أن للقسط أنواعاً كثيرة، وأكدّ على المنافع الطبية لثلاثة أنواع:
القسط الجميل Costus Speciosus:
و هو المسمى أيضاً بالقسط العربي Costus Arabicus وهو ينتشر تلقائياً في جنوب شرقي آسيا من جبال هيمالايا وحتى سيلان وفي الهند الصينية والفليبين وتايوان. ويزرع في الهند وأندونيسيا وتؤكل سوقه الحاوية على 24 % من تركيبها على النشاء. ويستعمل علاجياً في آفات الصدر والسعال والربو.
القسط الإفريقي Costus Afrri:
و يسميه الإنكليز Ginger Lily وهو منتشر في إفريقيا الاستوائية، تستخدم جذوره لتحضير عجينة لصنع الورق. أما طبياً فيستعمل مسحوق سوقه لمعالجة السعال. أما الصبغة المحضرة من جذوره فتدخل في عداد تركيبة دوائية من داء النوم. وتطبق أوراقه المسلوقة موضعياً لمعالجة الرثية، أما الجذور المسلوقة فتفيد موضعياً لشفاء التقرحات الجلدية.
القسط الموبّر Costus Villosissimus:
و من أسمائه Costus Spicatus , Costus Spetimus. وينتشر في كولمبيا وأمريكا الاستوائية وخاصة في البيرو وغويانا ويستعمل طبياً لعلاج النزلات الشعبية وخاصة المعوية منها وفي حمىّ التيفوس.
و في كتاب النباتات النافعة في غرب أفريقيا أشار J. Dolziel فقط إلى القسط الإفريقي وأكد فائدته كدواء للسعال حيث يؤخذ مغلي سوقه أو مدقوق ثمرته أو تعلك سوقه طازجة وقد يستعمل مغلي جذوره لنفس الغرض. كما تطبق أوراقه المسلوقة كمادة محمّرة لمعالجة الآلام الرثوية. ويشير إلى ما يعتقده سكان سيراليون وساحل الذهب وغيرها حول القدسية لهذه المادة العلاجية عندهم.
و خلاصة ما كتبه شراح الحديث أن نبات القسط _ الموصوف في السنة _ نبات يعيش في الهند وخاصة كشمير وفي الصين، وتستعمل قشور جذوره التي قد تكون بيضاء أو سوداء، وكان التجار العرب يجلبونها إلى الجزيرة العربية عن طريق البحر لذا سميت بالقسط البحري. كما كان يسمى بالقسط الهندي. وقد يُدعى الأبيض بالقسط البحري وز الأسود بالقسط الهندي الذي يتخذ في البخور وله نفس الاسم مع أنهما نباتان مختلفان. وقال البخاري تحت باب السعوط الهندي أو البحري، وهو الكُست _ بالقاف والكاف _ مثل كافور وقافور وكشطت وقشطت.
قال ابن القيم: القسط نوعان: أبيض يقال له البحري وأسود هو الهندي وهو أشدهما حرارة والأبيض ألينهما ومنافعهما كثيرة: ينشفان البلغم، قاطعان للزكام، وإذا شربا نفعا من ضعف الكبد والمعدة وقطعا وجع الجنب ونفعا من السموم وإذا طلي الوجه بمعجونه مع الماء والعسل قلع الكلف.
أما الدكتور أحمد الرشيدي [عن كتابه (عمدة المحتاج في علمي الأدوية والعلاج)] فقد ذكر أن للقسط نحواً من 15 صنفاً وأن الأصلي منه هو القسط الجميل C. Speciosus ومأواه الهند، ومن أنواعه القسط العربي. وذكر أن ابن سينا نقل عن ديسقوريدس بأن للقسط ثلاثة أنواع: صنف أبيض خفيف عطري هو القسط العربي أو البحري،و صنف أسود خفيف غليظ قليل العطرية هو الهندي، وصنف ثالث ثقيل يشبه خشب البقس، رائحته ساطعة هو القسط الشامي.
و ينقل عن الدكتور ميره قوله أننا إذا أجرينا على كلام المؤلفين نسبنا الجذر الذي يسمى عندنا الآن بالقسط العربي للقسط الجميل وهو أبيض فطري مائي عذب الطعم يقرب قليلاً لرائحة الزنجبيل،, هذا يوافق ما يسمى بالقسط الحلو Costus Duleis.
و يرى الدكتور النسيمي أن القسط الأبيض المر الذي يكون بلون البقس والذي يكثر في بلاد الشام والمسمى لذلك بالقسط الشامي والذي يعرف أيضاً بـ الرندة ليس هو القسط الذي وصفه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وليس له فائدة القسط الهندي أو البحري.
أما قسط أظفار فهو نوع من الطيب غير القسط الذي نتداوى به، وقد ورد ذكره في صحيح البخاري عن حفصة عن أم عطية قالت: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس مصبوغاً إلا ثوب عصب وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كُست أظفار.
و ذكر ابن حجر في تعليقه على حديث القسط البحري: وهو محمول على أنه وصف لكلٍ ما يلائمه، فحيث وصف الهندي كانت الحاجة إلى معالجة أشدَّ حرارة، وحيث وصف البحري كان دون ذلك في الحرارة.
و حيث لم نجد أبحاثاً حديثة تكشف أسرار هذه المادة العلاجية النبوية الذي دعانا للتداوي بها من لا ينطق عن الهوى فإننا نحث همم الباحثين من علمائنا وأطبائنا على دراسة هذه النبتة ومعرفة خواصها الدوائية واستطباباتها السريرية في مختلف المجالات.
الأترج
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحه طيب " [رواه البخاري ومسلم].
قال ابن القيم: وفي الأترج منافع كثيرة من قشر ولحم وحمض وبزر. ومن منافع قشره أن رائحته تصلح فساد الهواء، ويطيب النكهة إذا أمسكها بالفم وإذا جعل في الطعام أعان على الهضم. وأما لحمه فملطف للمعدة.
و قال الغافقي: أكل لحمه ينفع من البواسير. وأما حماضه فقابض، كاسر للصفراء، ومسكن للخفقان، نافع من اليرقان، مشه للطعام ونافع من الإسهال الصفراوي، وتنفع طلاءً من الكلف، وله قوة تطفئ حرارة الكبد، وتقوي المعدة، وتسكن العطش... وأما بزره فله قوة مجففة.
و قال ابن ماسويه: خاصة حبة النفع من السموم القاتلة إذا شرب منه وزن مثقالين مقشراً بماء فاتر، وإن دق ووضع على موضع اللسعة نفع... وحقيق بشيء من منافعه أن يشبه النبي صلى الله عليه وسلم خلاصة الوجود وهو المؤمن الذي يقرأ القرآن.
و الأترج Citrus Medica Cedrata من الحمضيات، ومن أسمائه تفاح العجم وليمون اليهود. وهناك اختلاف بين المؤلفين. هل هو نفسه ما يدعى بالكباد (في ديار الشام) أو أن الكبّاد هو نوع قريب من نفس الفصيلة البرتقالية Aurantiaceae.
يزرع في المناطق المعتدلة الحارة وثمره كالليمون الكبار ذهبي اللون، ذكي الراحة، حامض الماء. وقد جاء ذكره في سفر اللاوّيين من التوراة: {تأخذون لأنفسكم ثمر الأترج بهجة}.
و هو نبات دائم الخضرة من أشجار الحمضيات، يؤكل طازجاً ويشرب عصيره بعد مزجه بالماء وتحليته بالسكر كشراب منعش ومرطب ومهضم. وهو مصدر جيد للفيتامينات " ج " و" ب 1 " و" ب 2 ".
و يصنع من قشره مربى لذيذ الطعم. والقشر هاضم وطارد للرياح لاحتوائه على زيت عطري. كما يفيد كمقشع صدري ومضاد لداء الحفر.
و ذكر ابن سينا أن حامض الأترج يجلو العين _ إن اكتحل به _ ويذهب الكلف من الوجه _ طلاء _ ويسكن غلمة النساء _ شرباً _.
و مغلي أوراقه يسكن النفخ، ويقوي المعدة، ويقوي الأحشاء، وزهره ألطف في تسكين النفخ.
اكتحلوا بالاثمد
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر وينبت الشعر "، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل يكتحل في اليمنى ثلاثة يبتدئ بها ويختم بها وفي اليسرى ثنتين [رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة والإمام أحمد وقال الترمذي: حديث حسن]. عن ابن عباس أيضاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر " [رواه الترمذي وحسنه وابن ماجة، وصححه ابن حيان].
قال ابن حجر: والإثمد حجر معروف أسود يضرب إلى الحمرة يكون في بلاد الحجاز وأجوده ما يؤتى من أصفهان. وفي هذه الأحاديث استحباب الكحبل بالإثمد للرجال وللنساء قال الرئيس ابن سينا عن الإثمد أنه يحفظ صحة العين ويذهب وسخ قروحها. وقال العلامة البغدادي: الإثمد ينبت الهدب ويحسن العيون ويحببها إلى القلوب ولا يوافق الرمد الحارّ، وقال الكحال ابن طرخان: هو أجود أكحال العين لا سيما للمشايخ والذين ضعفت أبصارهم إذا جعل فيه شيء من المسك.
و الإثمد من أشباه المعادن ورمزه Sb ويدعى بالأنتموان Antimony. ويوجد في الطبيعة بشكل حر ولكن الأغلب وجوده بحالة سولفيد أو أكسيد أو أوكسي سولفيد وشكله بحالة سولفيد هو المصدر الرئيسي للمعدن. وهو معدن هشّ سريع التفتت، لامع ذو تركيب رقائقي بلون أبيض فضي عندما يكون نقيّاً وبلون سنجابي عندما يكون مرتبطاً وعندما يفرك بين الأصابع ينشر رائحة واضحة [هذا التعريف عن الإثمد منقول عن كتاب Rewington
و يوجد للإثمد مركبات عضوية كالأنتومالين والفؤادين والغلوكانتيم، وأخرى معدنية مثل طرطرات الإثمد والبوتاسيوم، طرطرات الإثمد والصوديوم، وله خصائص دوائية عديدة من مقشعة ومقيئة، كما تصنع منها بعض المراهم الجلدية. كما ويؤثر على زمر جرثومية كثيرة ويبيد العديد من الطفيليات كاللايشمانيا والبلهارسيا والمثقبيات والخيطيات. ويستعمل في بريطانيا لمعالجة البلهارسيا.
و يؤكد الدكتور حسن هويدي أن جلاء البصر بالإثمد إنما بتأثيره على زمر جرثومية متعددة، وبذلك يحفظ العين وصحتها، إذ أن آفات العين التهابية جرثومية، وعندما تسلم الملتحمة من الاحتقان يمكن أن يكون البصر جيداً. ويقول أن إنباته للشعر ثابت علمياً، إذ أن من خصائص الإثمد الدوائية تأثيره على البشرة والأدمة فينبه جذر الشعرة ويكون عاملاً في نموها، لذا يستعملون مركباته (طرطرات الإثمد والبوتاسيوم) لمعالجة بعض السعفات والصلع، تطبق على شكل مرهم بنسبة 2 _ 3 %. وهذه الفائدة في إنبات الشعر تنفع العين أيضاً لأنها تساعد على نمو الأهداب التي تحفظ العين وتزيد جمالها.
يا لروعة الاختيار النبوي. لقد كان عند العرب زمن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأكحال استعملوها للزينة، وكما يقول الدكتور محمود ناظم النسيمي: فقد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم كحل الإثمد لأنه يقوي بصيلات أهداب العين فيحفظ الرموش فتطول أكثر، وبذلك تزداد قدرتها في حفظ العين من أشعة الشمس، وفي تصفية الغبار والأوساخ، فتزيد الرؤيا وضوحاً وجلاءً أكثر منها في استعمال الأكحال الخالية من الإثمد.
و إذا كان البعض يريد أن يطعن في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للاكتحال بالإثمد من جراء وجود حوادث انسمام عند بعض الحوامل نتيجة الاكتحال بأكحال مغشوشة تحتوي على عنصر الرصاص السام، فالانسمام إنما يحصل من غش الإثمد بالرصاص وليس من الاكتحال بالإثمد كما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
و إننا نتوجه بالدعوة إلى صناع الدواء ومواد التجميل من المسلمين الغيورين أن يقدموا لأمتهم كحلاً صافياً من الإثمد، خالياً من مركبات الرصاص السّامة، كي يتمكن أن يطبقه بأمان، كل من رغب في إحياء سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام بالاكتحال بالإثمد.
التكميد Pomentation
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مكان الكي التكميد " [رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن في سنده إبراهيم النخعي وهولم يسمع من عائشة إلا أن عدم سماعه لا يضر لأن مراسليه صحيحة عند أهل الحديث (الأستاذ محمد عوامة)].
عن عبد الله بن مسعود أن ناساً أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن لنا صاحباً لنا اشتكى أفنكويه؟ فسكت ساعة ثم قال: " إن شئتم فاكووه، وإن شئتم فارضغوه " [رواه الطبراني وقال الهيثمي رجاله ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. إلا أن البخاري نقل في كتاب (الكنى) ما يفيد سماعه عن أبيه]. قال ابن الأثير: أي كمده بالرضف وهي الحجارة المحّماة على النار وواحدتها رضفة.
لقد أكثر العرب في جاهليتهم من استعمال الكي ولا سيما في معالجة الآلام، وجاء الإسلام فنهاهم عن الكي دون وجود استطباب صحيح من ذوي الخبرة وأهل الفن. وأشار عليه الصلاة والسلام إلى أن البديل هو واسطة علاجية فيزيائية مسكنة للألم، لها فوائدها الجمة وهي التكميد.
و تكميد العضو: تسخينه بخرق ونحوها وكذا الكِمادُ بالكسر، فإذا أطلق الكماد فالمراد به الحار. ولا يزال الطب الشعبي حتى زماننا هذا يعالج مغص البطن وبعض الآلام لا سيما من منشأ بردي وذلك بتكميدها بخرقة (بشكير) مسخن أو بحجرة أو فخارة مسخنة بعد لفها بخرقة لتحاشي حدوث حرق جلدي.
و الطب الحديث يستعمل التكميد لمكافحة الألم ويستعمل لذلك القماش البلول بالماء الحار في حرارة محتملة وقد يضاف إليه بعض الأدوية. وتحضر الكمادات الحارة بغطس منشفة أو قطعة من الشاش الطري، مطوية عدة طيات، في الماء الحار، ثم يلف بها العضو المراد تكميده من صدر أو بطن أو أحد الأطراف، وقد يوضع فوقها قطعة من المشمع الكتيم أو المطاط أ والنايلون ويلف فوقها رباط لحفظها.
و تفيد الكمادات الحارة في معالجة احتقانات الرئة وذات القصبات، وذات القصبات والرئة، وآلام البطن والحوض، وفي الالتصاقات المختلفة التالية للالتهابات أو العمليات المختلفة أو تسريع عملية نضج القيح في الخراجات والدمامل وبذلك تخفف من آلامها وينحصر القيح في الخراج وذلك يساعد على انبثاقه وخروجه أو إلى تفجيره بالمبضع.
الذريرة
عن عائشة رضي الله عنها قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة في حجة الوداع لحلّه وإحرامه [رواه البخاري ومسلم].
و روى ابن السني عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل عَلَي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرج في إصبعي بثرة فقال: عندك ذريرة؟ قلت: نعم. قال: ضعيها عليها وقولي: اللهم مصغر الكبير ومكبر الصغير صغّر ما بي، [أخرجه الحاكم وصححه وأقره الذهبي].
و عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: دخل عليها _ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عندك ذريرة؟ قالت: نعم، فدعا بها فوضعها على بثر بين أصابع رجليه ثم قال: اللهم مصغر الكبير ومكبر الصغير أطفئها عني فطفئت، [رواه الإمام أحمد، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: إسناد أحمد رجاله رجال الصحيح عدا مريم بنت إياس فهي مقبولة]
قال ابن القيم: والذريرة دواء هندي يتخذ من قصب الذريرة، تنفع من أورام المعدة والكبد والاستسقاء، وتقوي القلب لطيبها. أما البثرة فهي خراج صغير يكون عن مادة حارّة تدفعها الطلبعة فتسترق مكاناً من الجسد تخرج منه، فهي تحتاج إلى ما ينضجها ويخرجها والذريرة تفعل بها ذلك فإن فيها إنضاجاً وإخراجاً مع طيب رائحتها.
و قال ابن سينا: إنه لأفضل لحرق النار من الذريرة بدهن الورد والخل، وقصب الذريرة ملطف وفيه قبض يسير مع حرافته ... وتجفيفه أكثر يحلل الأورام.
و قصب الذريرة Acorus Calamus , Sweet Flag نبات عشبي معمر من جنس القصب من فصيلة القلقسيات، أحمر اللون عطر الرائحة، له ريزومات متفرعة وأفرعاً هوائية قصبية الشكل، ويسمى بقصب الطيب لرائحته الزكية وقد ورد ذكره في التوراة ضمن أفخر الأطياب، وإذا كسرت فروعه ظهر منها ذرور أبيض هو الذريرة، تضاف إلى الحناء لتعطيرها وتدخل في صنع الصابون المعطر.
منابته في الأهواز ومصر والصين.
يستخرج من ريزوماته _ الجذامير _ زيت عطري مذكور في دستور الأدوية الألماني كعقار طبي يحتوي على الإيجبينول والآزارون وحمض النخل وسيتيلك وفيتامين " ب " والكولين والعفص. تستعمل خلاصة جذاميره أو زيته، إذ هو نافع للمعدة مقو لها، هاضم، ومطمث، طارد للغازات، ويعالج به النهاك والملاريا وسوء الهضم. يعطى للمصابين بالحيات كمخفف للحرارة، ومسكن في الآلام العضلية والمفصلية _ الرثية _. وإذا مزج مع الكرفس وشرب نفع من برد الكلى والالتهابات البولية.
الثُفّاء
عن قيس بن رافع القيسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ماذا في الأمرين من الشفاء: الثفاء والصبر " [أخرجه أبو داود في مراسليه والبيهقي، ونقله عنهما السييوطي رمز له بالضعف (فيض القدير)].
عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ماذا في الأمرين من الشفاء: الثفاء والصبر " [في الجامع الأصول: أخرجه رزين، وأثبته الحافظ الذهبي من إخراج الترمذي].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بالثفاء فإن الله جعل فيه شفاء من كل داء " [رواه ابن السني وأبو نعيم في الطب، وعنهما السيوطي، وسكت عنه مما يرمز عادة للحسن (فيض القدير)].
قال الكحال بن طرخان: الحرف وهو الثُفّاء _ وتسميه العامة حب الرشاد _ وهو يسخن ويلين البطن ويخرج الدود ويحرك شهوة الجماع. وإذا طبخ مع الأحساء _ جمع حساء _ أخرج الفضول من الصدر، ويمسك تساقط الشعر، وإذا تضمد به مع الماء والملح أنضج الدمامل، وينفع الربو وعسر التنفس وينقي الرئة ويدر الطمث. وإن شرب منه بعد سحقه وزن خمسة دراهم بالماء الحار أسهل الطبيعة وحلل الرياح ونفع من وجع القولنج البارد، وإذا سحق وشرب نفع من البرص وإن لطخ عليه وعلى البهق الأبيض نفع منهما ونفع من الصداع الكائن من البرد والبلغم.
و قد نقل ابن القيم ما ذكره الكحال دون أن يشير إليه وزاد عن جالينوس: قوته مثل قوة بزر الخردل لذلك قد يسخن به أوجاع الورك المعروفة بالنساء وأوجاع الرأس ...
و الثُفّاء Cresson أو Lepidium Sativum نبات عشبي حولي قائم من الفصيلة الصليبية Cruciferae موطنه منطقة الشرق الأوسط والحجاز ونجد. وأزهاره بيضاء متعددة.
و من أسماء الثفّاء _ الرشاد _ في سورية _ البقدونس الحاد _ يؤكل من غير طبخ حيث تضاف أوراقه الغضة إلى السلطات والحساء ومع اللحوم والسمك كمادة مشهية، مسهلة للهضم. ويجب ألا يضاف إليه الملح للاستفادة من خواصه الطبيعية. وتفيد مادة اليخضور الموجودة فيه امتصاص الروائح من الجسم، كما أن أوراقه مدرة للحليب عند المرضعات.
و هو أكثر النباتات غنى بمادة اليود وهذا ما يجعله سهل الهضم كما يحتوي على الحديد والكبريت والكلس والفوسفور والمنغنيز والزرنيخ، وهو غني بالفيتامين " ج " = " C " وفيه نسبة قليلة من الفيتامين " أ " و" ب " و" PP " والكاروتين، وتدل دراسات حديثة على احتوائه عنصراً من المضادات الحيوية المبيدة للجراثيم.
و يرى الدكتور جان فالينه أن الثفّاء مقو ومرمم ومشه، مفيد لمعالجة فقر الدم، وضد داء الحفر، مدر للبول، مقشع ومهدئ، خافض للضغط، ومنشط لحيوية بصيلات الشعر حيث تطبق عصارته على فروة الرأس لمنع تساقط الشعر، ولمعالجة التقرحات الجلدية.
تؤخذ عصارة الأوراق بمقدار 60 _ 150 غ مع الماء أو الحساء لطرد الدود ومكافحة التسمم وينصح بتناوله المصابون بالتعب والإعياء وللحوامل والمرضعات والمصابين بتحسس في الطرق التنفسية والجلدية كما في الأكزيما، وهو نافع للبواسير النازفة. أما البذور فيستعمل مغليها أو منقوعها او مسحوقها لمعالجة الزحار والإسهال والأمراض الجلدية وتضخم الطحال، ويصنع كمادة من المسحوق كمسكن لمعالجة آلام البطن والآلام الرئوية وغيرها، كما يفيد تناوله داخلاً كطارد ومقو جنسي ومطمث للنساء.
عليكم بالسّنا والسّنوت
عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: بِمَ تستمشين؟ فقالت: بالشُبرم. فقال: حارٌّ جارٌّ. فقالت: ثم استمشيت بالسَّنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو أن شيئاً كان فيه شفاء من الموت لكان السَّنا " [أخرجه الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد والحاكم وقال حديث صحيح الإسناد].
و له شاهدٌ قوي من حديث البصريين ووافقه الذهبي فقال: عن أسماء بنت عميس أن رسول الله دخل عليها ذات يوم وعندها شبرم تدقه فقال: ما تصنعين بهذا؟ فقال: يشربه فلان. فقال: " لو أن شيئاً يدفع الموت أو ينفع من الموت شيئاً نفع السَّنا " [حديث صحيح ".
و في رواية لرزين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عليكم بالسَّنا والسَّوت فإنه لو كان شيء ينفع من الموت كان السَّنا.
و عن عبد الله بن حِرام قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " عليكم بالسّنا والسّنوت فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السّام. قيل يا رسول الله وما السّام؟ قال: الموت. [الحديث رمز السيوطي لحسنه وأخرجه ابن ماجة والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي بأن عمر بن بكر اتهمه ابن حبان وقال ابن عدي له مناكير.]
و قد روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث فيهن شفاء من كلّ داء إلا السّام: السّنا والسّنوت " قالوا: هذا السّنا عرفناه فما السّنوت؟ قال: لو شاء الله لعرفكموه، قال محمد ونسيت الثالثة [أخرجه النّسائي وذكره السيوطي في الجامع الصغير وأشار إليه بالصحة إليه بالصحة (فيض القدير)].
قوله: بم تستمشين: أي بم تستطلقين؟ وبأي دواء تسهلين بطنك، فكّنى عن ذلك بالمشي لأن الإنسان يحتاج إلى المشي إلى أن يتردد إلى الخلاء مع شرب الدواء. والشّبرم حب صغير شبيه بالحمص يُتخذ في الأدوية.
أما النسيمي فيعرفه بأنه قشور جذور شجيرة مسهلة. وقوله حارٌّ جارٌّ، اتباع له كقوله حار يار وحران يّران، وهو الشديد الإسهال.
و السَّنا Cassia - Senna شجيرة من الفصيلة البقلية يصل طولها من 2 - 3 متر. أوراقها خماسية أو سباعية الأزواج. لها أنواع عديدة منها السنامكي والسنا الإسكندري _ المصرية _ وفي الهند الكاسيا أكوتيفوليا والكاسيا أنجستوفوليا، وتستعمل وريقاتها ملّينة ومسهلة.
و قد ذكر الدكتور زيتوني أنَّ المادة المؤثرة هي حمض الكريزفاني وبعض أشباه السكريات الحاوية على أنتراكينون وأمودين. أما H. Carni [H. Carni: Sch. Rundschau (Praxis) 7Y. (6) , 1985.] وأحمد محمد عوض [مقالته عن العطارات الملينة (المجلة العربية) حزيران: 1982] فيذكران أن الجوهر المؤثر كمسهل أو ملين هو السنوسايد Sinnoside الذي ينشط غدد الأنبوب الهضمي ويحرض عضلاته الملس. وأكثر تأثيره يقع على حركات القولون بمقاديره القليلة. أما مقاديره الكبيرة فتحدث مغصاً في عضلات الحوض لذا لا يجوز إعطاؤه للحوامل مطلقاً. ويمزج عادة مع اللفاح أو البلادونا لمنع المغص. أو إلى غسل الوريقات بالغول. كما أن الغلي الطويل ينقص تأثير الأوراق المسهل. كما أن مزجها بالشمرة أو الأينسون يخفف المغص الذي يمكن أن تحدثه.
يقول الطبيب موفق الدين البغدادي: السنا مأمون الغائلة يقوي القلب ويسهل بلا عنف لذا أدخله الأطباء في أجل الأدوية لشرفه عندهم وكثرة منافعه، فيدخل في النقوعات المسهلة والحقن والسفوفات وما ذاك إلا لحسن إسهاله... وفي قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أسماء: بم تستمشين....، سِرٌ لطيف ومعنى جليل وبرهان على أنه صلى الله عليه وسلم مطلع على كثير من المعلومات فإن الشبرم دواء منكر قوي الإسهال، ترك الأطباء استعماله لخطره وشدة إسهاله.
و يلخص النسيمي موانع استعمال السّنا بحالات التهاب المعدة والأمعاء والتهاب الزائدة والتهاب الكولون التشنجي والتهابات المثانة والرحم، وفي حالة الحمل والإرضاع وذلك لأن عناصرها الفعالة يمكن أن تفرز في الحليب.
و حديثاً فإن العديد من معامل الأدوية الشهيرة في العالم تصنع من السَّنا أفضل أنواع العقاقير مثل Pursennid وهي حبوب وشراب تعالج الإمساك. أو تدخلها في تركيب تلك العقاقير مثل Eucarbon وAgiolax وCarbon 80.
و في دراسة عشوائية قام بها كارني قارن فيها النتائج العلاجية للأجيولاكس الحاوي على السّنا مع ثلاثة مستحضرات أخرى لا تحوي عليه فأكد التفوق النوعي للأجيولاكس وأن هذه النتائج يمكن أن تعزى للتركيبة المتوازنة لهذا العقار. وأن ألياف السّنا الداخلة في تركيبه تؤدي بانتباجها إلى زيادة حجم الماء واحتباسه ضمن الكتلة البرازية، كما أنها لا تؤدي إلى أي تخريش في المعدة أو المعي مما يمكن من استعماله الطويل.
و في دراسة قام بها باس O. Bass: " Coparative Laxation of Psylium with and without Senna " The American j. of Gastroenterolgy , 82 , 1987] أكد التفوق النوعي للأجيولاكس كعقار ملين مضاد للإمساك المزمن باحتوائه على السَّنا كمادة متميزة.
أما المقدار المسّهل فهو 10 - 15 وريقة تسحق وترفع أعوادها وتمزج مع 2 غ من الشمرة بعد سحقها أو الأنيسون، تسف ويشرب فوقها ماء، أو تعجن مع 100 غ من العسل و100 غ من الماء وتؤخذ على الريق. أو تنقع في 200 - 300 من الماء المغلي وتشرب بعد ذلك على الريق. أما المقدار الملين فهو 3 / 1 - 2 / 1 المقدار المسهل كما أن المنقوع نفسه يمكن أن يستعمل رحضة _ حقنة شرجية _ لوحده أو بعد مزجه مع مغلي الخطمي _ الختمية _.
و في الهند دراسات واسعة يقوم بها الباحثان أرون ميصرا وراكليومارسينها حول التأثير الدوائي لفصائل مختلفة من السَّنا أو الكاسيا Cassia تنبت في الهند. فقد استعملت الأزهار واللب لفصيلة Cassia fistola كمسهل،، واستعمل اللب مضاداً للديدان، وفي التهاب الحلق تستعمل البذور واللب على شكل غرغرة واستعملوا Cassia Sufora لعلاج لدغة الثعبان واستعملوا أوراق Cassia Tura لتنقية الدم واستعملت بذةورها لمعالجة الربو.
كما قام الباحثان المذكوران بدراسة مخبرية حول تأثير خلاصات السّنا على معلق يحوي على الفيروس الذي يصيب أوراق التبغ ويدهن بالمزيج أوراق التبغ. وأكدت النتائج أن فصيلة Cassia Siam أوقفت تماماً نمو الفيروس، أما فصائل Cassia Fistola وCassia Oxyde Yant وCassia Eltora فكانت نتائجها المضادة للفيروس أضعف. كما تبين لهما أن خلاصة الأوراق في البنزول والخلاصة المائية لهما نفس النتائج. أما الراسب البروتيني والبروتين الذي استخلص من Cassia Siam واستعمل في اختبار حيوي لوقف نمو الفيروس فقد أعطى نتائج عالية وصلت إلى 100 % في بعض الأحيان.
كما أورد الباحثان عدداً من التقارير عن فاعلية بعض المواد الكيماوية ضد الجراثيم تم استخلاصها من نبتة السَّنا، ومنها مواد تستعمل ضد الفطريات استخلصت من Cassia Fistola Dekora تبين أنها غليكوسية - فلافونية وحامض كريزوفونيك - 9 أنتراسين ,
و صفوة القول في الوقت الحاضر أن نبتة السّنا وخاصة من فصيلة Cassia Siam تحتوي على مادة قاتلة للفيروسات لها صفات بروتينية. ولا بد من متابعة الأبحاث لمعرفة تأثيرها على الأمراض الفيروسية المختلفة سريراً على البشر وحتى تصدق نبوءة النبي العظيم حين قال: " لو أن شيئاً كان فيه شفاء من الموت لكان السَّنا ".
و من المعروف أن غياب دواء قاتل للفيروسات يفتح باب الأمل في معالجة الأمراض الفيروسية.
و اختلف في تعريف السنّوت على ثمانية أقوال ذكرها الكحال علي بن طرخان [عن كتابه الأحكام النبوية في الصناعة الطبية] أحده أنه العسل، والثاني أنه ربّ عكة السمن، والثالث حب يشبه الكمون، الرابع أنه الكمون الكرماني، الخامس أنه الرازيانج، السادس الشِّبت، والسابع التمر والثامن: أنه العسل الذي في زقاق السمن. حكاه البغدادي وقال: بأنه الأجدر بالمعنى وأقرب للصواب أي يخلط السّنا مدقوقاً مع العسل المخالط للسمن ويلعق فيكون أصلح من استعماله مفرداً لما فيهما من إصلاحه وإعانته على الإسهال.
و يؤيد الدكتور النسيمي تفسير السنّوت بالعسل أو بالعسل الذي يكون في زقاق السمن أي الذي يخالطه شيء زهيد من السمن، خاصة إذا أردنا زيادة التأثير المسهل أو تحسين طعم الدواء وذلك بأن يحل العسل مكان جزء من الدواء _ السَّنا _ الذي يوصف عادة.
أما داود الأنطاكي فيرى أن السنّوت هو الكمون وهو أسود وأصفر وأبيض. أما الرازيانج فهو الأنيسون ويسمى بالشمار أو الشمرة والشبت نبت كالرازيانج إلا أن بزره أدق وأشدّ حدة.
و يرى الدكتور أمين رويحة [عن كتابه (التداوي بالأعشاب) 1973] أن السنّوت Anethum Graveoleons بقلة سنوية من التوابل قريبة من الشمار الحلو، تسمى في الشام بالشِّبت، تؤكل أوراقها الغضة مع السَّلطات. ثمارها بعد النضج حبوب كالعدس المجنح تمتد عليها خطوط سمراء، هذه الحبوب هي الجزء الطبي المستعمل منها، فيها زيت طيار يحوي مواد فعالة مثل Limonin Carvon.
يستعمل مغليها لغسل العيون المتقيحة من الرمد. ويشرب لتسكين مغص المعدة وطرد الغازات منها ولتسكين آلام العادة الشهرية عند النساء وإدرار الحليب عند المرضع _ 1 - 2 فنجان من المغلي في اليوم _ كما يفيد شربه مساءً لمعالجة الأرق، ويحقن في الشرج لمعالجة البواسير. ولا يعطى السنّوت للمصابين بأمراض الكلى.
الكَباث - الأراك
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرِّ الظهران نجني الكباث وهو ثمر الأراك ويقول: " عليكم بالأسود منه فإنه أطيب " فقلت: أكنت ترعى الغنم؟ قال: وهل من نبي إلا ورعاها؟ [أخرجه البخاري ومسلم].
قال ابن القيم: الكباث _ بفتح الكاف _ ثمر الأراك وهو بأرض الحجاز. يقوي المعدة ويجيد الهضم ويجلو البلغم وينفع من أوجاع الظهر وكثير من الأدواء، وقال ابن جلجل: إذا شرب طبيخه أدرّ البول ونقى المثانة. وقال البغدادي: الكباث هو النضيج من ثمر الأراك حارٌ يابس يقوي المعدة ومنافعه كمنافع الأراك، الذي قال عنه أبو حنيفة الدينوري: هو أفضل ماستيك به لأنه يفصح الكلام ويطلق اللسان ويطيب النكهة ويشهي الطعام وينقّي الدماغ. والأراك نبات شجري صحراوي دائم الخضرة يزرع للزينة ولاستعمالاته الطبية خاصة وأن فروع أغصانه تستعمل للاستياك _ المسواك _. وهو من الفصيلة الأراكية Salvacloraceae وثمره الناضج _ الكباث _ لذيذ الطعم، يأكله الناس وترعاه الأغنام، ,هو مرٌّ ما دام أخضر لكنه يحلو متى نضج واسودَّ. وهو قاطع للبلغم والرطوبات اللزجة، طارد للغازات، مشه ومقبل يفيد المصابين بآفات الصدر، ممدر للبول، مضاد للرثية _ الروماتيزم _ يشرب مغلي أوراقه كمسهل جيد ولمعالجة البواسير ووقف نزف الدم.
و يمتاز السواك كيماوياً بوجود ألياف السللوز وبعض الزيوت الطيارة وفيه راتنج عطري وز قلورين وحمض العفص وغيره من الأملاح المعدنية من كلس وسيليس وحماضات، فالسواك فرشاة طبيعية زودت بمسحوق مطهر وتبين الدراسات الحديثة أن الطبقة من الأسنان والمسماة Dental Black والتي لا تصلها شعيرات الفرشاة فإن ألياف السواك تصل إلى هذه الطبقة وتزيل رائحة الفم. كما أن السواك يفيد في أوجاع الأسنان وأمراض اللثة وداء الحفر
هذا وسنفصل حول معجزة الأمر النبوي بالاستياك وتوافقها مع الطب الحديث في الجزء التالي من بحوثنا في الطب الإسلامي.
الورس
عن زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان ينعت الزيت والورس من ذات الجنب، قال قتادة: يلده، ويلَدّ به من الجانب الذي يشتكيه، [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح] وعنه أيضاً قال: نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذات الجنب ورساً وقسطاً وزيتاً: يلد به. [رواه ابن ماجة].
و عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانت النفساء تقعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً، , كانت إحدانا تطلى الورس على وجهها من الكلف، [رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وصحح الحاكم إسناده، , قال النووي: حديث حسن وقال الخطابي: أثنى البخاري على هذا الحديث]. وروى البخاري عن النبي مسلم أنه نهى عن أن يلبس المحرم ثوباً مصبوغاً بورس وزعفران، وعلق البغدادي عليه بأن الثوب المصبوغ بالورس يقوي الباه والمحرم يحرم عليه الباه.
و الروس شجيرة من الفصيلة الورسية Memecyclon Tinctarium، ينبت في الهند أو سيلان كما يزرع بأرض اليمن، وهي تعمر إلى عشر سنوات. جذوره صفراء صابغة ويستعمل طبياً مسحوق هذه الجذور.
و ذكر ابن القيم: أجوده الأحمر اللين، القليل النخالة. ينفع من الكلف والحكة والبثور الكائنة على سطح الجلد إذا شرب نفع من الوضح ومقدار الشربة منه وزن درهم... وإذا لطخ به على البهاق والحكة والبثور والسعفة نفع منها، ,الثوب المصبوغ منه مقوٍ للباه.
و ذكر الدكتور الزيتوني فوائد تناوله عن طريق الفم بأنه طارد للغازات، مذيب للرمال منبه ومفرح للمعدة. أما الطلي به فينفع من الجرب، ,يضاف إلى المراهم لتأثيره المجفف للحروق والقروح. وأكد ابن سينا أن الورس ينفع من الكلف والنمش، وأنه إذا شرب نفع من الوضح _ يعني البرص