النجـــــم
10-09-2007, 06:59 PM
نسب العرب (قحطان وعدنان) والعبريين والآراميين
٢٥ آب (أغسطس) ٢٠٠٦ ، بقلم محمد رشيد ناصر ذوق
ان المستشرقين قد تاهو في تحديد المعنى الدقيق والصلة الوثيقة بين الاديان والشعوب ، ولم يفطنوا الى ان التعابير والتسميات للبشر كانت تتعلق بدورهم ونتقلاتهم ، منها كلمة (عبري) التي اطلقت على العرب الذين عبروا من الجزيرة العربية الى افريقيا .
(( يقول الدكتور ويلفنسون : ان بين كلمتي عربي وعبري ارتباط لغوي متين فهما مشتقتان من مصدر ثلاثي واحد هو ( عبر ) بمعنى قطع او اجتاز وهذا الفعل تبدال فاصبح ( عرب ) ، وفي اللغة العربية نفسها كثير من الكلمات المترادفة الدالة على معنى واحد وليس بينها اختلاف الا بترتيب الاحرف مثل يئس وايس ، ويقول ان الفعلين عبر وعرب يؤديان معنى واحد ويدلان على حياة البداوة الصحراوية التي لا تستقر في مكان بل ترحل من بقعة الى بقعة اخرى بإبلها وماشيتها للبحث عن الماء والمرعى ))-(1)
وكلمة عبر تفيد في اللغة العربية التنقل والرحيل من مكان الى مكان ان التاريخ الحديث يؤكد العلاقة بين اللفظتين لكن المهم في طرح هكذا موضوع هو بحثه مفصلا ، خاصة بعد ان قمت بمقارنة كلمة ( ارام - التي اصلها اراب )، في سياق هذه المقارنة بحيث يتبين بشكل واضح ان هذه الشعوب التاريخية الثلاثة شعب واحد ( وهم سكان جزيرة العرب و البلاد المحيطة بها ) وتم لنا فهم الغموض الذي اكتنف استعمال هذه الكلمات في التوراة ، فتارة يكون ابراهيم عبري ، وتارة يكون آرامي ( اربي=عربي). وهذه المقارنة تجعل الارامي هو نفسه العربي وهو نفسه العبري بعد انتقاله الى عبر البحر ، مهما حاول المؤرخون الفصل بينهم .
يختلف عدد من العلماء في اسبقيت كل من هذه الشعوب ، ويعزون هذا الى ان الكتاب المقدس تارة يكون ارامي وتارة يكون عبري ( فابراهيم هو ارامي او عبري ) و موسى عبري .
الشعوب السامية في الاصل شعب واحد: أّذا من الحقائق التاريخية المقررة ان هذه الشعوب الثلاثة العرب و العبرييين و الاراميين في الاصل شعبا واحدا تاريخا ولغة ، فالتاريخ يقوال ان ابراهيم كان اراميا جنسا ولغة ووطنا ، وان العبرانيين كانوا احفاده ، اما العرب العدنانيين ( بالمفهوم الحديث ) فهم من ذرية اسماعيل بن ابراهيم ( اي انهم ايضا احفاده ) اما العرب القحطانيين فينسبون الى عابر الذي انقسم احفاده الى فصيلتين اقامت الاولى في ( اور كلدن ، حسب تقسيم المؤرخين التوراتيين ) وارتحلت الثانية الى بلاد العرب وهم بنو يقطان ( يقطن ، الفعل المضارع من معنى قطن -سكن ) -( او بنو قحطان ، حسب المؤرخين العرب ، من لفظ قحط ) . مهما كان من امر فان جميع المؤرخين يدورون حول نفس النقطة ، منهم الدكتور اوليري الذي يقول (( الاراميون فرع من العرب ))، وعلى ضوء هذا التحليل التاريخي يمكننا ان نؤكد ان الشعوب الثلاثة شعب واحد في الاصل انقسموا جغرافيا في مرحلة تاريخية معينة ، فسكن الاراميون في الشمال من مكة ( ام القرى ) والعرب في الجنوب منها والعبريين في الغرب منها في عبر البحر الاحمر( في ارتريا واثيوبيا ) .
إن المقارنة اللفظية بين ( أرام ) و ( أرمن – ارمينيا ) تجعلنا نقول هذا ايضا عن الشعب الارمني ( المعروف بانه من اقدم الشعوب الهندية الاوروبية ) فنحول بالابدال اللفظي الميم الى باء ( ارمن =اربن - عربا ، بالتنوين )، فتكون بذلك اقدم شعوب الهندية الاوروبية المتفق على قدمها ، قد رحلت الى ارمينيا كقبيلة عربية ، و انها سكنت في العربية قبل رحيلها وكان آدم اول من انطقه الله بالعربية ( وعلمه الاسماء ) فانتشرت هذه الاسماء العربية في ارام و ارمينيا على حد سواء . لذلك فان ( اراب ) أو عرب وارمن ( اربان - عرباً ) هم في الاصل شعب واحد ايضا ، مما يجعل جميع الشعوب التي استوطنت بلاد ارمينيا و فارس و افغان ستان و باك ستان وصولا الى كل بلاد الشرق من اصل واحد ، و لا بد لنا من الذكر أن الفرزيين الذين ورد ذكرهم في التوراة هم الفارسيين ، و العمونيين هم العمانيين ، أما اليبوسيين فهم بني قحطان ( من مصدر يباس القحط ) ، وهم الذين أعطوا اسمهم الى يبوس ( اثيوبيا ) عند ارتحالهم اليها – لذلك نرى أن تاريخ العرب يجعل من القحطانيين سكان اليمن و اثيوبيا على حد سواء .
اللغة الارامية :
يعتقد كثيرون ان اللغة الارامية هي اللغة التي تكلم بها المسيح عليه السلام ، ويحتسبون ذلك على ااساس ان هذه اللغة هي التي كانت تنتشر في طول هذه البلاد وعرضها منذ القرن الثامن قبل الميلاد والتي استمرت بعد ميلاد المسيح بمئتي عام على الاقل ، وتقول كتب التاريخ ان هذه اللغة انتشرت من الهند الى مصر يتمثل ذلك في الشبه بلفظ الكلمات بين الهيراطيه والهيروغليفية واليونانية مقارنة مع الارامية ( ونحن نعتقد انها وصلت الى فرنسا مرورا بالمغرب العرب واسبانيا ) (( في نحو عام 500 ق.م. اصبحت الارامية التي كانت لغة تجارة لاحدى الجماعات السورية ليس فقط اللغة العامة للتجارة والحضارة والحكومة في بلاد الهلال الخصيب كلها بل اللغة التي يستعملها سكان تلك البلاد في كلامهم …. وقبل ان يسمى الاراميين بهذا الاسم كانوا قبائل رحل في بادية شمالي الجزيرة العربية))-(2) ان اسم الاراميين لا تستقيم قراءته بشكل صحيح الا اذا استعملنا الابدال اللفظي بين الباء والميم الذي كان حاصلا عند احد الشعوب الشقيقة للاراميين في ذلك الزمن وهم ( الاشوريين ) فيصبح اسمهم ( الارابيين ) ، في عام 1100 ق. م. اكتسبت هذه القبائل اسمها من التسمية التي اطلقها عليها تغلات فيلاسر حيث ذكرهم هو وحلفاؤه في حملاته في منطقة اسماها ( مات اريمي )، مما جعل المؤرخين يطلقون عليها اسم بلاد الاراميين الاصلية، وبالابدال تصبح ( بات اريبي ) وهو ما معناه بلغة اهل البلاد ( بيت العرب- بيت عريبي) ولقد وصفهم تغلات فيلاسر بقوله (( لقد زحفت الى وسط ( الاكلامي الاراميين )اعداء الاله (اشور) سيدي ))- واللفظ الصحيح لهذه الكلمات هو ( الاكلابي الارابيين- و هم العرب من بني كلاب ) وهذا يعطينا فكرة واضحة ان الاختلاف بين الاشوريين و الاراميين لم يكن في اللغة بل في الاعتقاد والدين ، حيث ان الاراميين ( ومنهم المسيح ) كانوا دائما في حرب مستمرة مع الوثنيين الذين يسكنون في طول البلاد وعرضها و يبدو ان الاشوريين كانوا من هؤلاء الوثنيين ، وعبارة ( مات اريمي ) التي وردت في حولياته قد يفهم منها ان الاشوريين هاجموا ( البيت الحرام ) اذا فهمناها على اساس ( بيت حريمي ) علما ان لفظ ( بيت حريبي ) يفيد المعنى من مصدر ( محراب وحوريب التي هي محرام وحوريم ومعناها جميعها المقدس ).
لقد انتشرت لفظة ارام في هذا القرن على ايدي المستشرقين الذين وجدوا في عمق التاريخ مناطق عديدة تنسب الى ارام مثل -ارام النهرين وارام دمشق وغيرها ، لكننا لا نستطيع ان نفهم هذا العدد الكبير من المدن والقرى الارامية الا اذا قمنا بقارنة ذلك على الشعوب العربية في القرن العشرين حيث يوجد الاف القرى التي تنسب الى جماعات القبائل العربية القاطنة فيها مثل - عرب اللقلوق وعرب شكا وعرب وادي خالد وعرب الدنادشة …الخ . وندرك بعدها ان هذه التسمية كانت تطلق على القبائل الارامية ( العربية ) التي كانت تقطن هذه المدن للتفريق بينها وبين القبائل التي استقرت في هذه المدن منذ زمن اطول لتشكل منها السكان الاصليين للمدن فتفرق بينهم وبين السكان المرتحلون اليها حديثا . يذكر التوراة ان العبريين ايضا هم من اصول ارامية حيث يقول عن ابراهيم ( آراميا تائها كان ابي فتغرب في مصر واصبح امة كبيرة) ، والتوراة مليئة بالقصص عن ابوة الاراميين لكل العبريين ، وبالتالي فان عروبة اسماعيل و ( اراميته ارابيته ) تعود الى ابيه ابراهيم . وهذا يطابق الواقع حيث ان ابراهيم واولا ده اسماعيل واسحق سكنوا في ( بيت الله الحرام ) لمدة غير معروفة من الزمن يتبين لنا الان ان الاراميين احتفظوا بلهجتهم زمنا طويلا جدا جدا يمتد الى عصرنا الحاضر في اللغة العربية ( بلهجة قريش ) وهذا يجعل التاريخ الديني مطابقا للتاريخ العلمي ولا يبقى في انبياء الله شك الا عند كل مستكبر عنيد . ان انتشار اللغة الارامية في الالف الثانية قبل الميلاد وفي اللالف الاولى قبله وعند ميلاد المسيح ثم ان انتشار العربية بعد الاسلام امر واحد لا ينفصل يتمثل في تلك النفحات الالهية والنبوة المتجددة .
انتشار الارامية
لقد وصلت اللغة الاارامية كما يقول المؤرخون الى الهند و ارمينيا ، وهذا الامر نراه بشكل جديد وواضح في اسماء ارامية وعربية موجودة في الهند مثل اسم ( بيرام ) ، وهذا الاسم الهندي هو صيغة محرفة لـ ( ابراهيم ) حيث يمكننا ن نرده الى ( بي راحم ) ابو الارحام الذي هو ابراهيم خليل الله ، وديانة الهند ايضا كما نعلم ليست سوى اقتباس اما للدين الابراهيمي الحنيف اوللمسيحية ، وناخذ طائفة تسمى ( السيخ ) وهي صيغة محرفة لكلمة ( النسيخ ) وهي تتمثل في عقيدة التناسخ ، وكهنة هذه الديانة يسمونهم (الخلسا ) وهي من مصدر كلمة ( الخلصاء ) العربية وهم يمثلون الصورة الحقيقية للمؤمنين (( حيث تمتزج الواجبات الدينية والاجتماعية بالسياسة ايضا في نظام واحد هو نظام - الخلسا )) -تسمى معابد السيخ (( جور دوارا )) ومعنناها الادوار المجاورة حيث يلتقي الخلسا بالسيخ وهم عامة الشعب حيث يقوموا بقراءة كتبهم المقدسة ،(3) ويلفت نظرنا ايضا اسم ذلك النهر ( يا مونا ) الذي احرقت جثة غاندي عند ضفته ، وهذا تعبير عربي صرف لكلمة بحرنا ( يمنا ) ، ناهيك ان هذا التعبير موجود في بحيرات وانهار وبرك وبحار في كل البلاد العربية بدا من اليمن ( يما - بالتنوين ) في اقصى الجنوب وصولا الى بركة اليمونة في لبنان الشام ( الشمال) على الساحل السوري. ان المسافة بين الهند وسوريا والجزيرة العربية واليمن ، ثم المسافة بين كل شعوب الارض تختصرها تلك اللغة المقدسة ( الارامية- الاربية - العربية ) لقد لفظ غادي كلمة اخيرة قبل موته هي ( اي رام ) يعتبرها الهنود نداء الى الله ، ويطابق لفظها لفظ اجداد غاندي من الاراميين العرب بعد الابدال الجائز في اللغات السامية بين الميم و الباء لتصبح ( اي راب ) ومعناها ( يا رب ).
يقول الاب اسحق سكا في معنى التسميات للشعوب السامية وفي تاكيد رايه ان الاراميون هم السريان (( ضبط اللفظ : الاراميون السريانيون قبائل سامية شمالية ترتقي في نسبها الى ارام واشور ابني سام بن نوح ))-(4) ويقول (( ان لفظ ارام بالعبرية معناه ( المرتفع) و كان الااراميون مثل العرب يتالفون من قبائل ))- لقد سلط الاب سكا الضوء في هذه المقولة على كلمة ( مرتفع ) مما جعلنا نستدرك اصلها في كلمة ( رابية = رامية - رامة ) وفي هذا الابدال تنتقل الكلمة العبرية الى العربية ، وفي العلاقة بين كلمة ( سام ) و( مرتفع ) و بين كلمة إسراء و بين رام و رب التي تعني العالي ايضا . (( لقد اثبت ابن حزم ان العربية والسريانية والعبرية كانت في قديم الزمان لغة واحدة ، وعن طريق الهجرة تفرق الشعب السامي في بلاد شتى ، وبتاثير البيئة كانت لغة كل قبيلة تتعرض للتغيير الا انها بقيت متقاربة لفظا ومعنى فالعربي والعبراني والارامي كانوا يتفاهمون بدون واسطة ولا ترجمان بما يشبه حال ( اللهجات ) العربية العامية المنسوبة الى الفصحى في عصرنا الحاضر)) (5)
الحاميون الشرقيون - العرب الذين استوطنوا وادي النيل (6) يقول جرجي زيدان في كتابه ( طبقات الامم والسلائل البشرية ) الصادر عن دار التراث بيروت وهو يصف بعض الاجناس البشرية (( الحاميون الشرقيون هم المصريين القدماء وبقاياهم الاقباط . والبجة بين النيل والبحر الاحمر والدناقيل بين الحبشة وخليج عدن والصومال والغالا والماساي والواهوما او وهيمة المنبثون بين البانتو حول خط الاستواء ))- ص 225 ويقول ان كل هذه الشعوب هي من الجنس القوقازي الذي ينتشر في غرب اسيا وشرق افريقيا واوروبا ، و هذا ما يؤكد ان الاراميين اجداد هؤلاء الشعوب هم الجنس القوقازي نفسه ، بل مما يؤكد ايضا نسبهم جميعهم الى آدم .
(( اما البجة ومنهم الهدندوة والبشارون والاشراف والعبابدة وغيرهم فيقال انهم قدماء قد سماهم هيرودوتس ماكروبي ( مك- ربي ) لاحظ الشبه في التسمية يبن مكارب في اليمن الذين يصح ان نقول عنهم ان اصلهم من مكة او ( المقربين- وما كان يطلق على اهل مكة في العصور القديمة - مكروبي ) ، مما يدل ان هيرودوتس كان دقيقا في نقله للاخبار حين قال (( والمكروبي هم بدو رحل يطوفون الجبال ويحرسون القوافل او يقطعون السابلة من قديم الزمان….ملامحهم اوروبية لونهم برونزي بلون الشوكولاته الفاتح شعورهم جعدة طويلة يقضون ساعات في تصفيفها ))-ص 226- وهذا اللون البرونزي هو الذي ادرج عليهم وعلى جيرانهم في حوض البحر الاحمر اسم ( الحمر ) او ( الاموريين ) ، ومنها حمير و قان ( قانن ) وقينان وكنان ( كنعان ) وكينيا وبونيقي ( بوني ) او فونيقي او فينيقي في عصر مجاورتهم لليونان . (( والدناقيل ( لاحظ الشبه بينها وبين ادنى او داني بمعنى المنخفض ) …يقيمون بين البجة والصومال والغالا في الجنوب وكلاهما من الجنس القوقازي اللطيف ولعل بعض ملامح هذه الامة الحامية قد خالطها من الدم العربي او الزنجي ….الانف مستقيم اعقف قليلا الجبهة مستديرة والعيون كبيرة نوعا ما مع غور قليل وهم قوقاسيون رغم سواد بشرتهم ))..(( والغالا اكثر عددا من سائر الشعوب الحامية الان ويعدهم اهل البحث ارقى عقلا وادبا من الصوماليين والدناقيل ( صمويل ودان ) ونسب اليهم بعض الباحثين دينا توحيديا تخالطه الخرافات ))….(( وقد انتشر الاسلام والنصرانية بينهم تغشاها خرافات الارواح والميثولوجيا وعبادة الاشجار والحيوانات والارواح )) - ص 227 (( وكذلك الماساي ( قد يكون اسمهم نسبة الى موسى ) لكن عبادتهم ارقى قليلا وهم بدو يتنقلون في الجبال المنبسطة بين بحيرة فكتوريا نيانزا ووادي ( وهاد ) الرفت العظيم يخالط معتقداتهم اسماء بعض اباء التوراة ، كقايين وهابيل وابراهيم )) - ص 227 (( المصريون القدماء قوقاسيون اسسوا في وادي النيل اقدم تمدن… والاقباط خلفاء المصريين وقد تعربوا بعد الاسلام ( كما يقول) واحتفظوا بنصرانيتهم على مذهب الطبيعة الواحدة ( بل يمكننا ان نقول اليوم بعد ابحاث الباحثين في العصر الحديث انهم كانوا وما زالوا عربا مع بعض العجمة في لغتهم وما زالوا في مكانهم مع احتفاظهم بنصرانيتهم وطقوسهم حيث ان المسلمين لم يجبروهم على تغيير اي شيء من معتقداتهم ) ……..)) -ص 225 ان لباس وازياء سكان الصعيد المصري والسودان وقسم من ارتريا والحبشة انما تذكرنا بموسى عليه السلام وعصاه وتجعلنا نعتبرهم من اولاد ابراهيم ( الارامي ) ومن العرب ( الارام -الاراب ) الذين تغربوا في مصر كما تذكرنا بقول التوراة عن ابراهيم عليه السلام مرة جديدة (( اراميا تائها كان ابي فتغرب في مصر واصبح ا مة كبيرة)) .
ان بعض العلماء يعتبر اهل المغرب العربي امتدادا لانتشار اهل الجزيرة واليمن في شمال افريقيا وقسمها الشرقي وهذ يفسر العلاقة المستمرة بين الحضارة الفينيقية التي انتشرت في شرق المتوسط وشمال افريقيا والاندلس ، كما يؤمن البعض ان الاراميين انتشروا من الهند الى غرب اوروبة وهذا ايضا يجعل نقطة الانتشار لكل الشعوب ( العربية = الارابية = الارامية) من الجزيرة العربية ويجعل امتدادها الى كل اوروبا وشمال افريقيا وايران والهند وتركستان ، كما يجعل كل هذه الشعوب بما لها من ملامح مختلطة تلك التي اطلق عليها العلماء اسم ( الجنس القوقازي ) وهو الذي يسميه الرسول الكريم ( الاحمر أو الابيض ) فمن هذا النوع الانساني يشتد سواد الذين سكنوا في حر الشمس ( والحميم ) ليطلق عليهم اسم ابناء ( حام ) ، ومنهم ايضا يشتد بياض الذين سكنوا في ظل الشمس بعد هجرتهم من الجزيرة العربية الى القطب الشمالي و سكنهم لفترة من الزمن غير محدودة ( في القطب الشمالي ) حيث اطلق عليهم اسم ابناء يافث ( وهي من مصدر هافت او خافت للدلالة على العرق الاصفر ، فصغر حجم عيونهم و تغير لون بشرتهم ) ثم عادوا واستوطنوا شرق اسيا فاختلط اللون الاصفر الذي اكتسبوه بعدم تعرضهم للشمس خلال فترة سكنهم عند القطب بلون لفحة الشمس الذي اكتسبوه بعد هجرتهم الى المناطق الدافئة. من هنا يمكننا التوصل الى تفسير علمي دقيق لما جاءت به الكتب المقدسة ولما اورثتنا اياه الانبياء والعلماء من تقسيم لابناء نوح ( ابو البشر الثاني ) سام ، حام ، يافث .
من هنا ايضا نفهم ان اسم سام الذي يعني ( شام ) او الشمال وهو عكس ( يمن ) التي تعني الجنوب ولا ندري اي المعنى اسبق اهو معنى ( يماً - يممن بالتنوين لمعنى البحر ) ام هو معنى الجنوب خاصة وان سكان اليمن وعمان ( عوما-بالتنوين ايضا من عام يعوم ) هم ( شعوب وسط البحر) مما يطابق اسمهم على الصفة التي كانت تطلق عليهم قديما شعوب وسط البحر لان بلادهم تقع في شبه جزيرة العرب التي يحيطها البحر من جوانبها ، وبالتالي فان كلمة سام ( شام ) قد تكون معنى جديد و حديث ايضا لما يسمى الشمال نظرا لوجود ابناء سام في المنطقة الشمالية من الجزيرة العربية وبالنسبة لاخوه حام .
واذا حللنا تاريخ الشرق القديم وقارناه مع قصص العرب القدماء وجدنا الاراميون هم العرب العاربة ( المرتحلة لرعي الماشية ) واليقطانيين و القحطانيين و الفينيقيون ( الكنعانيون ) هم العرب المستعربة ( الذين ارتحلوا بسبب القحط ) ، كما ان ارام ويقطان في الكتاب المقدس يمثلان مجتمعي البدو والحضر فارام هو التسمية للناس المتنقلون - ويقطان هو تسمية للقاطنين المستقرين في القرى ، كما ان ( قنعان ) هو من المستقرين القانعين في بلادهم و مدنهم ، فالاراميون ( الارابيون- العرب ) المتنقلون مع مواشيهم في طول البلاد وعرضها عبر الجزيرة العربية الى سوريا وصولا الى ايران ( البختياريون ) وعرب بخارى في وسط اسيا في الشمال ووصولا الى ارمينيا و من جهة اخرى وصولا الى ارتريا ومصر والسودان والحبشة و كينيا عبر بوابة وادي الرفت العظيم في الجنوب . اما يقطان فكان يمثل كل القاطنين في القرى والمدن من الذين تخلوا عن الترحال والتجول واعتمدوا صيد البحر والبر والتجارة . وكما ان عدنان هم سكان المنطقة العدنانية ( الخضرة ) من المقيمين فيها للزراعة والمتجولين سعيا وراء الخضرة للرعي، فان قحطان يمثل اولئك الذين يقطنون في القرى التي تقع على حدود القحط والتي تعيش في اغلب اوقاتها على الصيد ( البري والبحري) . بالتالي فان ابناء سام وابناء حام اقوام عديدة منهم العدناني ومنهم القحطاني ومنهم القنعاني ومنهم اليقطاني وجميعهم في الاصل هم الاراميون ( الارابيون ) المتنقلون في اول عهدهم قبل الاستقرار .
عرب البادية :
وعرب البادية كما يسمونهم الناس هم عرب ( البادئة ) او التي كانت في البدء والاوائل ، أما بالنظر الى قحطان وعدنان هناك مفارقة لا بد من ذكرها ان هذه التسمية تطلق على عرب الشمال وعرب الجنوب بالتوالي وهذا مطابق للواقع تقول كتب التاريخ عنهم (( تنسب القبائل العدنانية الى عدنان المتحدر من اسماعيل بن ابراهيم الخليل )) وهذا التحديد يجعل سكان الواحات والخضرة ( العدنانيين ) ينتسبون الى اسماعيل والحقيقة انهم ينتسبون جغرافيا هم واسماعيل الى ( عدنان ، بمعنى الخضرة ) حيث ان سكنهم في المنطقة المخضرة من البلاد وهم يمثلون تلك القبائل التي كلنت تتجول في المنطقة الممتدة من مشارف الشام الى اليمن مرورا بتهامة و الحجاز وايضا في مصر والسودان وارتريا حيث ان ابناء اسماعيل ايضا في التاريخ ينتمون الى مصر مما يجعل لقب العدنانية نسبة الى خصوبة المرعى اكثر مما هو الى نسب الى رجل معين . ان كلمة ادونيس ( ادوني ) التي اخذت لقب السيد في بعض الحقبات التاريخية المظلمة من التاريخ في العصر اليهودي لا تبعد عن ذلك التحديد الذي جعل من العدنانيين اسيادا وجعل من سواهم عبيدا ، واستمر في كثير من الحقبات كالقول (( من عتق كذا من ولد اسماعيل )) وكأن اسماعيل عبدا مملوكا وليس نبيا رسولا ، مما جعلني اقول ان هذا القول قول مقحم في تاريخ الاسلام مشكوكا بصحته او لا اساس له من الصحة الا بعض الموروثات من عصبية اليهود في محاولة لتاكيد ان اسماعيل وابناءه ( العرب) انما هم من العبيد الذين لا تحق لهم السيادة على الناس . اما في الكتاب المقدس فهناك مايؤكد ان كلمة عدنان ( واصلها عدناً او عدن بالتنوين ) فيقول (( ان الله خلق ادم وحواء ووضعهما في عدن ( عدنا - عدن بالتنوين ) الواقعة في المشرق والتي يسقيها نهر يتفرع منه اربعة انهر هي فيشون وجيحون وحداقل والفرات )) و عدن معناها تماماً الجنة و المكان الاخضر من الارض وقد حقق كمال سليمان الصليبي هذا المكان في كتابه ( التوراة جاءت من جزيرة العرب ) شرق مكة في موقع قرب الطائف يسمى الجنينة ، وقد ذكر الكتاب المقدس جنة ( عدن شرق) لان هناك منطقة ( عدن غرب ) في مصر والسودان وارتريا وكان الفاصل بينها بحر العبور التاريخي البحر الاحمر.
نسب العرب :
ينسب المؤرخين العرب في اخبارهم و في العصر الحديث الى يعرب بن قحطان ، كما يؤكدون انه جد العرب اليمنيين القحطانيون ويسمونهم المتعربة ، اي الذين اقتبسوا اللغة العربية من العرب البائدة ( واصلها الصحيح البادئة ). وهذا التعريف لا يخلو من التسهيل والتبسيط لتلك العلاقة بين اهل اليمن وباقي بلاد العرب ، كونهم ( اي اهل اليمن ) يسكنون على حدود القحط ، حضرموت -( حضر -موت ، سكان الموت ) او ( سكان القحط) . والتاريخ يقول إن يعرب هو اول ملوك الدولة القحطانية التي استوطنت اليمن وحضرومت وامتد ملكها الى كل الجزيرة العربية ، وان يعرباً قسم البلاد على اخوته العشرة ، فكانت الحجاز من نصيب ( جرهم ) والشحر من نصيب ( عاد بن قحطان ) وجبال الشحر من نصيب ( حضر موت بن قحطان ) وعمان من نصيب (عمان بن قحطان ) ، وهذه التسميات تدل انها من وضع المؤرخين عبر العصور القديمة لتسهيل التعريف بين المناطق الجغرافية لمملكة يعرب . لا بد من المقارنة بين قصة( يعرب بن قحطان ) و يربعام ( يعربا ً) الذي استقل بالمملكة الشمالية واسس دولة اسرائيل ( التي تعني السراة و ايضا قد تعني القبائل الرحل من مصدر – سار – العربي ومعناها رحل ) حيث تقول القصة ان يربعام الذي استقل بالقسم الشمالي من مملكة سليمان هو واخوته العشرة الاسباط وتغلب على قوم عاد ( عاد و ثمود جنوب الجزيرة العربية ) وانه تغلب على العمالقة وولى اخوته العشرة( الاسباط ) على المناطق . ولا بد من لفت النظر ان (عاد هم سكان شرق اليمن ) وان ( العمالقة هو لقب سكان الحجاز القدماء). وندرك بعد ذلك ان الاخين من الاسباط الذين بقيا في الجزء الجنوبي من مملكة سليمان هما يهوذا ( وهي تسمية ايضا لسكان الواديان - الوهاد - وهو لقب ينطبق على ارتريا و جيبوتي- جيء بوتي- وقسم من الحبشة ) و بنيمين ( وهو لقب بني يمن او سكان اليمن او المتحدرين من اليمن) . من هنا ندرك ان مملكة يهوذا انما كانت في ارتريا، موكدين ان ما اطلق عليه العرب في العصور الغابرة اسم ( مملكة اليمن وذي ريدان ) انما هو في الحقيقة تسمية ل ( مملكة اليمن وذي يردان ) او مملكة اليمن وعبر البحر الاحمر، مما يعني الحبشة واليمن او ( يهوذا وبنيامين ).
(( ان الجغرافيا دائما محايدة لك او عليك يحدد ذلك البشر انفسهم )) –(7) لذلك نجد في تسمية حائط المبكى التي لا تزال اليوم قائمة لها اسماءها و اسبابها في اليمن – باب المندب- بالاضافة الى قصص تتحدث عن قمران التي تقع في الممر المائي ( ريدان - يردان ) - يقول مصطفى نبيل في استطلاع عن اليمن (( تنقلنا الطائرة من الصحراء الى حائط من الجبال الخشنة . والتي تنتهي بنا الى بحر له شخصية خاصة …على الجانب الاخر يقع القرن الافريقي الزاخر بالتوتر ، وهذه البوابة هي التي تصل البحر الاحمر بخليج عدن ….جزيرة ميون …تشطر الممر المائي الى قسمين ( القسم الشرقي ) .. والذي لا يتجاوز عرضه ثلاثة كيلو متر ات وعمقه اقل من مئة قدم اما الممر الغربي بين ميون وجيبوتي فيبلغ عرضه 20 كيلو متر وعمقه يقرب من الف قدم … مفاتيح بوابة الدموع ومفاتيح باب المندب موزعة على عدد من الجزر والنقاط الاستراتيجية وتعتبر ميون اهمها جميعا يشاركها جزيرة قمران … سميت قمران لان ظل القمر يظهر في بحرها كانه قمران وليس قمرا واحدا … وكانت محجرا صحيا للحجاج ))- (8) وهذا يذكرنا بما كان يفعله ( يوحنا المعمدان ) يحي من عمادة الناس في قمران فيقوم بغسلهم و تطهيرهم قبل ذهابهم الى الحج ، والعمادة لا تصح الا في الماء لذلك نجد في جزيرة قمران الواقعة غرب اليمن موضعاً يمكننا القول فيه انه المكان الذي كان يقوم يوحنا بالعمادة فيه . إن الايات القرآنية التي تتحدث عن مريم (( فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا ، فأجاءها المخاض الى جزع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ، فكلي و اشربي )) إنما تتحدث عن المكان الذي ذهبت اليه مريم من عمران في اليمن الى الشرق الى خليج صوقرة ( صوغر مدينة النخل ) حيث أن هناك ينبت نوع خاص من النخيل و هو ( النارخيل – النارجيل ) جوز الهند ، مما يبرر انها أكلت و شربت من هذا الثمر الذي يحوي الماء في داخله . إن العبارة التوراتية التي تقول عن ( صوغر ) أنها مدينة النخل إنما يبينها أن هذه المنطقة تحوي هذا النوع من النخل الذي لا يوجد مثله في أي مكان آخر في جزيرة العرب .
عربية إسماعيل :
يقول المؤرخون ان اسماعيل عليه السلام هو اول من نطق بالعربية ، وهذا لا يمكننا فهمه الا اذا اخذنا انه اول من نطق بلهجة قريش التي كانت تتكلمها ، واننا نقول ذلك لان اسم اسماعيل هو صيغة عربية لمفهوم لغوي ومعنى دقيق ومحدد يذكره القرآن الكريم بوضوح مفسرا معنى اسم اسماعيل ( الله سميع ) ((الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحق ان ربي لسميع الدعاء )) ، ومن هنا ندرك ان العربية التي قصد منها ان اسماعيل اول من نطق بها هي مفهوم مغاير للعربية التي يتكون اسم اسماعيل منها ، اذا فقبل اسماعيل كانت العربية و بعده اصبحت عربية ذات مدلول ادق . لقد سمى هؤلاء العرب العربية القديمة التي سبقتهم ( بالسريانية الذي معناه بالارامية =الارابية) حين قالوا ان آدم عليه السلام كان ينطق بالسريانية لان علمهم لم يستطع ان يحدد النقطة التي تتمحور عليها هذه السريانية والتي نسميها بالعربية الفصحى (الاولى من مصدر فصح بمعنى بدأ ) . لقد تحدث العديد من المؤرخين القدامى عن اسماعيل بينما لم يتحدث عنه المؤرخون الجدد لانهم لا يعترفون بامكانية الاخذ باراء هؤلاء المؤرخين ، بينما نحن نقول ان المؤرخين القدماء لم ينفردوا برايهم عندما عرضوا لمسائل مثل هذه بل اوردوا اراء كل الناس مما ادخل اعتماد اخبارهم الى دائرة الظن والشك ، ولكننا اليوم بعد ايضاح هذه الامور ووضعها ضمن دائرة الضوء لم يعد من خوف في ايراد مقولاتهم ونقضها بشرح علمي او اعتمادها بادلة علمية.
من هذه المقولات التي لا بد لنا من وضعها ضمن دائرة الضوء وتبيان امرها هو الامر الذي عرضنا له من ان اسماعيل هو اول من نطق بالعربية الامر الذي لا يطابق الواقع الا اذا اعتبرنا ان العربية التي نطق بها اسماعيل هي لسانه و لهجته ( في ذلك العصر ). من هنا فان الرسول عليه الصلاة والسلام قال ( اول ما فتق لسانه بالعربية المتينة ) فنسب اليه نوعا من العربية و لم يجعله مطلقا . لقد ذكر الطبري(*) في كتابه تاريخ الملوك والامم نسب اسماعيل على اوجه مختلفة لا يصح اعتماد اي منها بشكل علمي دقيق لانه اوردها على سبعة اشكال فقال انه جد العرب :
1-(لسبعة ) عدنان بن ادد بن ايتحب بن ايوب بن قيذر بن اسماعيل
2- (لعشرة )عدنان بن ادد بن مقوم بن ناحور بن تيراح بن يعرب بن يشجب بن نايت بن اسماعيل.
3-(لثمانية )عدنان بن ادد بن يرى بن اراق الثرى بن يعرب بن يشجب بن نايت بن اسماعيل.
4-(لتسعة )عدنان بن ادد بن زند بن يرى بن اعلااق الثرى بن يعرب بن يشجب بن نايت بن اسماعيل.
5-(لتسعة مختلفة ) عدنان بن ادد بن الهميسع بن نبت بن اعراق الثرى بن يعرب بن يشجي بن نايت بن اسماعيل.
6-(لعشرة مختلفة ) عدنان بن يدع بن منيع بن مجهول بن كعب بن يشجب بن الهميسع بن قيذار بن اسماعيل.
7-(لواحد واربعون ) ولا مجال لذكرهم نظرا لورود اسماء كثيرة فيها. وهذا الامر انما يدل على ان الطريقة التي كتب بها بني اسرائيل تاريخهم لا تختلف كثيرا عن الطريقة التي اورد بها العرب قصصهم ، لذلك اتى القرآن الكريم ليقص على هذه الشعوب والقبائل العربية و الارامية والعبرية قصصم العلمية الصحيحة التي يستطيع بواسطتها وعن طريق القرآن ، ان يصل الباحث العلمي الى ادلة علمية دامغة لامور دينية وتاريخية على حد سواء.
لماذا يـنسب العرب إلى يعرب ؟
إلى من يجب ان ننسب العرب ( بمفهومها المطلق كاهل البادية والرعاة المتنقلون ) الى يعرب بن قحطان ام الى ادم ؟ وان اسم يعرب هو صيغة المضارع من عرب ومعناها عربي ، ونحن اذا نظرنا الى الجدول التاريخي الذي وضعه العلماء للقبائل العربية نرى انهم جميعهم ينسبون الى ( البائدة ) و ( العدنانية ) و( القحطانية) وهذا ترتيب انما هو جغرافي كما اسلفنا وبالتالي فالبائدة او ما يقال عنهم عرب الشمال ، فهم في الحقيقة ( البادئة- مع بعض التغيير في موضع الحروف وهو شائع عند العرب) وهم ايضا ما يطلق عليهم لقب الاميين ( وهي الاوائل من مصدر ام ) ، والمعنى انهم اول العرب ( واول الناس بمعنى البادئة) والعرب العدنانية وهم ايضا سكان الشمال ويسكنون في ( حويلة= خولان ) شمالي اليمن و( شور= ثور) وهذه الارض تشمل حسب المؤرخين الحجاز ونجد وتهامة ومديان وسيناء ، وقد اطلق على العرب في سفر التكوين اسم الاسماعيليين نسبة الى اسماعيل بن ابراهيم الخليل ، واطلق عليهم لقب بني المشرق لانهم يسكنون في شرق بلاد اليهود بالنسبة للبحر الاحمر ( حيث ان بلاد اليهود التي دخلها يوشع بعد موسى هي ارتريا وجيء بوتي وقسم من الحبشة كما سياتي معنا ) . والقحطانيون وهم العرب المستعربة وهم يسكنون ايضا في الشرق من اليمن وصولا الى الخليج العرب او قسما مما يمسى بلاد عمان . من هنا نستطيع تسمية العاربة ( المتنقلين الذين يرعون الابل والماشية بالفطرة) والمستعربة الذين اصبحوا عربا ، ( الذين اصبحوا يرعون الابل والماشية بعد ارتحالهم من بلادهم ).
ان جميع هذه القبائل تنسب ايضا الى ابراهيم الخليل ( الارامي ) الذي تغرب في مصر واصبح امة عظيمة.
العدنانيون ، القحطانيون ، الاميون
العرب الاميون ، هم العرب البادئة ( نسبة الى أم ) . العرب العدنانيون هم العرب الاميون الذين يسكنون في منطقة ( العدنة ) والقحطانيون هم العرب الاميون الذين يسكنون في منطقة ( القحط ) وبالتالي فان قحطان ليس جد العرب بل ان هذه مقولة صادرة عن اليهود في عهد ( رحبعام ) فانهم نسبوا الى يعرباً ( الذي هو يربعام ) عدة اكذوبات سياسية واجتماعية ودينية ، شانهم دائما ، فقالوا ان يربعام ( يعرباً ) الذي سكن في ارض المشرق لا يحق له الملك لانه من ابناء قحطان اي انه ليس من ابناء ( عدنان - ادوني السيد ) فهو اذا عبد مملوك لا يحق له السيادة . وهذا لا يبعد كثيرا عن التفريق الذي اخترعه اليهود للتفريق بين الكنعاني ( كناني من كنانة او مصر والسودان وارتريا والحبشة ) وبين ( ادوني - العدناني السيد ) من هنا فان القحطاني ايضا هو ابن الجارية بالنسبة لهم تم اختراعه في عهد يربعام ( يعربا). فالعداء الذي ناصبوه لكل الشعوب الكنعانية ( القنعانية ) و القحطانية في بداية عهدهم هو نفسه العداء الذي ناصبوه لقسم من اخوتهم بعد ذلك ، بالاختيار المطلق لفرع من الفروع لتكون له السيادة دون سواه ، ونسبوه الى اله لم يكن سوى اداة سياسية لتنفيذ سياستهم في ذلك الزمن . فكان تعيين الحاكم من المحكوم يتم من قبل احبارهم الذين بالتالي ينسبون الى الههم انه اختار هذا السبط من بين الابناء.
لذلك نرى ان حضرموت و عمان ويعرب وعاد وجرهم وسبا وحمير وكهلان ، وهي القبائل التي ذكرتها التوراة باسم الشعوب العمونيين ( واصلها الشعوب العمانية ) اما الشعوب الكنعانية ( كنانيين من كنانة ) فهم اولئك المتحدرون من مصر والسودان وارتريا أو من القانعين في ارضهم لا يرتحلون عنها . ولا بد لنا من ان نذكر أن القنزيون الذين ورد ذكرهم في التوراة هم ( قنص - وهي قبيلة متفرعة من معد ).
لذلك نقول ان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام عندما قال ( ليست العربية منكم باب أو ام انما هي اللسان ) كان يرد على اولئك الذين ينسبون العربية الى اسماعيل او الى يعرب بينما هي اللسان الذي نطق به ابراهيم و اسماعيل و كل سكان البوادي من قبائل ( عربية - أرامية ) منتشرة في الجزيرة العربية وسوريا ومصر والسودان وصولا الى عمق افريقيا وغربها ، كما انها منتشرة في ايران و وسط اسيا( قبائل البختياري والارمن التي اصلها أرباً بالتنوين والابدال ) وصولا الى كل القارات بالتالي عبر الاطلسي منذ اقدم العصور. ان كل هذه القبائل و الشعوب كانت تجمعها اللغة و اللسان والتاريخ المشترك لادم ونوح وابراهيم .
ان هذه القبائل الامية كانت كما اسلفنا ترحل من قلب الجزيرة العربية ( من أم القرى و من سرة الارض ومركزها - وادي مكة ) وتنتشر شعوبا منها العدنانية التي تسعى وراء المرعى ومنها القحطانية التي تهرب من شدة الجفاف ،من الجنوب من شواطيء( اليمن - وحضر موت وعمان ) الى شاطيء البحر المتوسط ومن حورا ( قرية في اليمن ) الى حوران ( قرية في سوريا) . لقد اطلق على ( اور كلدان) لقب كلدان ( و اصلها عروق الكدن ) تفريقا لها عن ( حور الكنعانية- الكنانية التي تقع في بحر الجليل ( من جل مرتفع ) قرب قانا ( قرية في اليمن ). أما اور كلدان التي انطلق منها ابراهيم و اهله فهي في و سط الجزيرة العربية الى جهة الجنوب و الشرق و تسمى الى يومنا هذا ( العروق ) او ( العروق المعترضة ) أو بتسميتها القديمة ( عروق الكدن ) ، لاحظ كيف تحور اسمها الى ( اور كالدان ).
أما بما يختص بقبيلة قريش فان المؤرخين يجهلون نسب قريش واصولها وتاريخها بالتحديد ، لكنهم يقولون ان قصيا جمع شملها وشتاتها ووطنها في مكة حيث تولت امور الكعبة ( وهنا ندرك ان السبب الذي جعل قصيا ياتى بقريش الى مكة هو كعبة الله المشرفة ) في القرن الرابع الميلادي حسب المؤرخين ، واصبح مركز قريش مرموقا على الصعيدين الديني والسياسي والتجاري ، و لقب قبيلة قريش يعني أهل القرية بلهجة الشنشنة المعروفة في لهجات العرب .
ينتسب الى هذه القبيلة بني هاشم او الهاشميون ابناء هاشم الجد الاعلى للنبي ( عليه الصلاة والسلام ) -ويمكن ان نطلق عليهم اسم (بني هـ-شم ) او ( اشم ) وهم الذين جبروا قريشا فاصبح لقبهم الجبوريين . ( اهم فروع قبيلة قريش ، هاشم - امية - نوفل - وزهرة ومخزوم واسد وجمح وسهم وتميم وعدي )- (9) عندما نقوم بمقارنة التوراة و التاريخ العربي القديم ناخذ الفقرة التوراتية من سفر التكوين التي تتحدث عن ( انوشي هشم ) او ( اهالي هشم ) تقول التوراة باللفظ العبري الاتي :
ا- ويهي كي-هحل هادم لروب عل-فني هادمه ، وبنوت يلدو لهم
- ب- ويراو بني-هالوهيم ات-بنوت هادم كي طوبوت هنه ويقحو لهم نشيم ، مكول اشر بحرو
ج – ويامر يهوه ، لوا يدون روحي بادم لعولم ، بشجم هوا بشر، ويهيو يميو ماه وعشريم شنه.
د- هنفليم هيو بارص ، بيميم ههم ، وجم احرو-كن اشر يبواو بني هالوهيم ال-بنوت هادم ، ويلدوا لهم : همه هجبوريم اشر معولم ، انشي هشم
وترجمتها العربية هي الاتية :
ا- وها هو الذي حصل أدم يربو على افناء (وجه) الاديمة ، و يولد لهم بنات
ب- ويري بني ( هؤلاء ) ان بنات ادم طيبات هناك وياخذوا لهم نساء من كل الذي يختاروا
ج- ويامر (يقول اياه ) لن تدوم الروح بادم الى الابد ، بكونه بشر ( من لحم ) وها هي ايامه مئة و عشرين سنة .
د – (بني نوفل ) كانوا بالارض بتلك الايام وايضا اخرين من الذين وجدوا ، وبني هؤلاء و بنات ادم ولد لهم (ابناء) ، الذين هم (الجبارين) الذين سيبقوا الى الابد بني هاشم .
أما ترجمتها التوراتية المعتمدة فهي كالتالي :
( وحدث لما ابتدا الناس يكثرون في الارض وولد لهم بنات ان بني (هـ ء ل هـ ـي م) ابناء الالهة- و تصحيحها هؤلاء ( والمقصود اولاد نوفل - يترجمها التوراتيون ابناء الالهة ) راوا بنات ادم انهن حسناوات فاتخذوا لانفسهم نساء من كل ما اختاروا ،وقال ( لء دون روحي بءدم ل علم ) او ( لا يدوم روحي بعدن ل علن ) ( بشجم هو ) وايامه مئة وعشرون سنة . وكان ( هـ نفليم ) في تلك الايام . وبعد ذلك دخل ابناء ( هـ ءلهيم - يترجمها التوراتيون ابناء الالهة بينما هي تعني ابناء هؤلاء ) هؤلاء على بنات ادم وولدن لهم اولادا هم ( هـ جبوريم ) الذين منذ ذلك الوقت ( انوشي هشم ) ….)- لقد تم ترجمة كلمة (هـءلهيم) على اساس انها تعني الالهة ، ونحن نفسرها بكلمة ( هؤلاء - بالجمع العبري و المقصود ابناء نوفل ) لا بد من لفت النظر الى تقارب هذه الاسماء التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس( بشكل متشابه للاسماء التاريخية عند العرب ) في الفقرة في سفر التكوين مما تجعل اصول قبيلة قريش وبني هاشم تعود ادم و الى نوح عليه السلام ، و هذا ويؤكد انها من العرب البائدة كما يقول المؤرخون ( البادئة) ويتحقق لنا كونهم اميين ( من مصدر ام فهم من الاحفاد الذين يعودون الى نوح مباشرة ) ويذكرنا هذا ايضا بالمراة الاممية ( الامية - بتشديد الميم ) التي تحدث معها المسيح عليه السلام في محاورة تلفت نظر الناس الى وجود خلاف على مكان بيت لله الحرام الذي يحج اليه الناس ، فيتحقق لنا وجود البيت ( الهيكل ) الذي يعتقده بني اسرائيل و البيت الذي تعتقد فيه هذه المراة الاممية ( الامية ) .
ان التسميات التي اطلقها الكتاب المقدس والانجيل والقران على الاماكن والاشخاص انما هي سجل تاريخي جغرافي للامكنة التي تواجد فيها الانبياء ، فالتشابه موجود ولكن علينا ان نكون حذرين فلا يتم الخلط بينها بدون اساس ، فاننا من خلال اللغة العربية بمنظورها التاريخي نستطيع وضع الاحتمال الاخر الذي يحدد معنى الاسم اذا وجد المكان والمبرر ( مثلا نستطيع ان نقول ان لقب مريم ابنة عمران - هو نسب بانها من مدينة عمران في اليمن ، التي قد تكون منسوبة الى والد مريم ايضا (عمران) او الى فرع من فروع البشرية ، ويوسف النجار يمكننا نسبه الى نجران ، كما ان يسوع الناصري ( نازري - نازاريت ) الىقبيلة نزار ، وبالتالي ينسب هؤلاء كلهم الى اليمن ، ان موسى ينسب ايضا الى عمران ويظن العلماء ان ( عمران ) هو اسم ابوه وقد يكون من هذه القرية نفسها التي ظهر بها المسيح ايضا ، واذا قلنا ان عمران هي القرية التي تقع في جبال اليمن والتي هاجر ابو موسى منها الى ( عبر البحر الاحمر ) وهناك اصبح من امة ( عبرانية - اي عبرت البحر لتصل الى مصر ) ، فتعرضت لضغوط فرعون الذي كان يمنع العبرانيات من انجاب الاولاد الذكور خوفا من تكاثر بني اسرائيل - المرتحلون الى مصر .) فان عودة موسى الى المكان عينه الذي انطلق منه ابوه و ذلك قبل عبور بني اسرائيل الى ارتريا و مصر مرة جديدة تصبح مفهومة بشكل دقيق و ذلك يجعلنا ندرك سبب عودته .
لقد تعرض ابن خلدون وغيره لمثل هذه التفسيرات فلفت النظر الى ان التوراة تحكي عن ابناء نوح الثلاثة ، لكن اليهود نسبوا الى حام الزنوج مع ان التوراة لم تذكر انهم الزنوج ، من هنا يتبين لنا ان اسئلة عديدة عند علماء التاريخ القديم والحديث تبقى عرضة لاحتمالاات الخطا والصواب ( عن قصد أو عن غير قصد) ، لقد درج التاريخ عليها فكان من السهل على البسطاء فهم امور التاريخ على هذا الشكل المبسط .
ان موضوع التفرقة العرقية بين حام وسام ويافث ليس الا مقولة سياسية في زمن رديء استغلت الفرق بين الوان البشر لتنسب هذا التقسيم الى ثلاثة اشخاص اسم كل منهم يطابق صفة لونه وحدود سكنه على الارض وابن خلدون تنبه الى ذلك ولكنه لم يخرج عن الحقيقة الثابتة الواحدة.
لقد قسم ابن خلدون الكرة الارضية الى سبعة اقاليم مناخية وجغرافية ، الاقليم الاوسط والذي يتوسط الارض جعله قسمين ( الاول والثاني ) ثم الثالث والرابع شمالا وهكذا حتى نصل الى الاقليم السابع وهو الاشد برودة ثم بنفس الترتيب جنوبا حتى نصل الى الاقليم السابع ، وعلل ان خير الامور اوسطها فالشمس اكثرها والرطوبة اعلاها لان البحار تحيط بها من كل جانب وتخمتها من الاكل اقلها وصفاء ذهنها اصفاها ولغتها انقاها . لقد حاول ابن خلدون ان يعلل الامور بشكل جغرافي حتى لا يبقى عالقا في التعليل الديني لابناء نوح ، ففتح الباب امام كل مؤرخ اذا وجد اسسا جديدة ان يجدد طرح مسالة من المسائل دون حرج طالما ان النقاش بين الفكر والعقل .
الهوامش
(1) - العربي عدد 91- صفحة 146
(2) - فيليب حتي-تاريخ سوريا ص 174 -
(3) - العربي عدد 416-اب 1995 ص 45
(4) - العربي عدد91- صفحة 48
(5) - عن التمدن الاسلامي ص24-العربي-عدد91- صفحة 145
(6) - جرجي زيدان ( طبقات الامم والسلائل البشرية )
(7) - - العربي عدد 261 -صفحة 70
(8) - العربي عدد 261 -صفحة 78-79
(9) – هنري عبودي - معجم الحضارات السامية - صفحة 684
(*) - الطبري - تاريخ الملوك والامم
٢٥ آب (أغسطس) ٢٠٠٦ ، بقلم محمد رشيد ناصر ذوق
ان المستشرقين قد تاهو في تحديد المعنى الدقيق والصلة الوثيقة بين الاديان والشعوب ، ولم يفطنوا الى ان التعابير والتسميات للبشر كانت تتعلق بدورهم ونتقلاتهم ، منها كلمة (عبري) التي اطلقت على العرب الذين عبروا من الجزيرة العربية الى افريقيا .
(( يقول الدكتور ويلفنسون : ان بين كلمتي عربي وعبري ارتباط لغوي متين فهما مشتقتان من مصدر ثلاثي واحد هو ( عبر ) بمعنى قطع او اجتاز وهذا الفعل تبدال فاصبح ( عرب ) ، وفي اللغة العربية نفسها كثير من الكلمات المترادفة الدالة على معنى واحد وليس بينها اختلاف الا بترتيب الاحرف مثل يئس وايس ، ويقول ان الفعلين عبر وعرب يؤديان معنى واحد ويدلان على حياة البداوة الصحراوية التي لا تستقر في مكان بل ترحل من بقعة الى بقعة اخرى بإبلها وماشيتها للبحث عن الماء والمرعى ))-(1)
وكلمة عبر تفيد في اللغة العربية التنقل والرحيل من مكان الى مكان ان التاريخ الحديث يؤكد العلاقة بين اللفظتين لكن المهم في طرح هكذا موضوع هو بحثه مفصلا ، خاصة بعد ان قمت بمقارنة كلمة ( ارام - التي اصلها اراب )، في سياق هذه المقارنة بحيث يتبين بشكل واضح ان هذه الشعوب التاريخية الثلاثة شعب واحد ( وهم سكان جزيرة العرب و البلاد المحيطة بها ) وتم لنا فهم الغموض الذي اكتنف استعمال هذه الكلمات في التوراة ، فتارة يكون ابراهيم عبري ، وتارة يكون آرامي ( اربي=عربي). وهذه المقارنة تجعل الارامي هو نفسه العربي وهو نفسه العبري بعد انتقاله الى عبر البحر ، مهما حاول المؤرخون الفصل بينهم .
يختلف عدد من العلماء في اسبقيت كل من هذه الشعوب ، ويعزون هذا الى ان الكتاب المقدس تارة يكون ارامي وتارة يكون عبري ( فابراهيم هو ارامي او عبري ) و موسى عبري .
الشعوب السامية في الاصل شعب واحد: أّذا من الحقائق التاريخية المقررة ان هذه الشعوب الثلاثة العرب و العبرييين و الاراميين في الاصل شعبا واحدا تاريخا ولغة ، فالتاريخ يقوال ان ابراهيم كان اراميا جنسا ولغة ووطنا ، وان العبرانيين كانوا احفاده ، اما العرب العدنانيين ( بالمفهوم الحديث ) فهم من ذرية اسماعيل بن ابراهيم ( اي انهم ايضا احفاده ) اما العرب القحطانيين فينسبون الى عابر الذي انقسم احفاده الى فصيلتين اقامت الاولى في ( اور كلدن ، حسب تقسيم المؤرخين التوراتيين ) وارتحلت الثانية الى بلاد العرب وهم بنو يقطان ( يقطن ، الفعل المضارع من معنى قطن -سكن ) -( او بنو قحطان ، حسب المؤرخين العرب ، من لفظ قحط ) . مهما كان من امر فان جميع المؤرخين يدورون حول نفس النقطة ، منهم الدكتور اوليري الذي يقول (( الاراميون فرع من العرب ))، وعلى ضوء هذا التحليل التاريخي يمكننا ان نؤكد ان الشعوب الثلاثة شعب واحد في الاصل انقسموا جغرافيا في مرحلة تاريخية معينة ، فسكن الاراميون في الشمال من مكة ( ام القرى ) والعرب في الجنوب منها والعبريين في الغرب منها في عبر البحر الاحمر( في ارتريا واثيوبيا ) .
إن المقارنة اللفظية بين ( أرام ) و ( أرمن – ارمينيا ) تجعلنا نقول هذا ايضا عن الشعب الارمني ( المعروف بانه من اقدم الشعوب الهندية الاوروبية ) فنحول بالابدال اللفظي الميم الى باء ( ارمن =اربن - عربا ، بالتنوين )، فتكون بذلك اقدم شعوب الهندية الاوروبية المتفق على قدمها ، قد رحلت الى ارمينيا كقبيلة عربية ، و انها سكنت في العربية قبل رحيلها وكان آدم اول من انطقه الله بالعربية ( وعلمه الاسماء ) فانتشرت هذه الاسماء العربية في ارام و ارمينيا على حد سواء . لذلك فان ( اراب ) أو عرب وارمن ( اربان - عرباً ) هم في الاصل شعب واحد ايضا ، مما يجعل جميع الشعوب التي استوطنت بلاد ارمينيا و فارس و افغان ستان و باك ستان وصولا الى كل بلاد الشرق من اصل واحد ، و لا بد لنا من الذكر أن الفرزيين الذين ورد ذكرهم في التوراة هم الفارسيين ، و العمونيين هم العمانيين ، أما اليبوسيين فهم بني قحطان ( من مصدر يباس القحط ) ، وهم الذين أعطوا اسمهم الى يبوس ( اثيوبيا ) عند ارتحالهم اليها – لذلك نرى أن تاريخ العرب يجعل من القحطانيين سكان اليمن و اثيوبيا على حد سواء .
اللغة الارامية :
يعتقد كثيرون ان اللغة الارامية هي اللغة التي تكلم بها المسيح عليه السلام ، ويحتسبون ذلك على ااساس ان هذه اللغة هي التي كانت تنتشر في طول هذه البلاد وعرضها منذ القرن الثامن قبل الميلاد والتي استمرت بعد ميلاد المسيح بمئتي عام على الاقل ، وتقول كتب التاريخ ان هذه اللغة انتشرت من الهند الى مصر يتمثل ذلك في الشبه بلفظ الكلمات بين الهيراطيه والهيروغليفية واليونانية مقارنة مع الارامية ( ونحن نعتقد انها وصلت الى فرنسا مرورا بالمغرب العرب واسبانيا ) (( في نحو عام 500 ق.م. اصبحت الارامية التي كانت لغة تجارة لاحدى الجماعات السورية ليس فقط اللغة العامة للتجارة والحضارة والحكومة في بلاد الهلال الخصيب كلها بل اللغة التي يستعملها سكان تلك البلاد في كلامهم …. وقبل ان يسمى الاراميين بهذا الاسم كانوا قبائل رحل في بادية شمالي الجزيرة العربية))-(2) ان اسم الاراميين لا تستقيم قراءته بشكل صحيح الا اذا استعملنا الابدال اللفظي بين الباء والميم الذي كان حاصلا عند احد الشعوب الشقيقة للاراميين في ذلك الزمن وهم ( الاشوريين ) فيصبح اسمهم ( الارابيين ) ، في عام 1100 ق. م. اكتسبت هذه القبائل اسمها من التسمية التي اطلقها عليها تغلات فيلاسر حيث ذكرهم هو وحلفاؤه في حملاته في منطقة اسماها ( مات اريمي )، مما جعل المؤرخين يطلقون عليها اسم بلاد الاراميين الاصلية، وبالابدال تصبح ( بات اريبي ) وهو ما معناه بلغة اهل البلاد ( بيت العرب- بيت عريبي) ولقد وصفهم تغلات فيلاسر بقوله (( لقد زحفت الى وسط ( الاكلامي الاراميين )اعداء الاله (اشور) سيدي ))- واللفظ الصحيح لهذه الكلمات هو ( الاكلابي الارابيين- و هم العرب من بني كلاب ) وهذا يعطينا فكرة واضحة ان الاختلاف بين الاشوريين و الاراميين لم يكن في اللغة بل في الاعتقاد والدين ، حيث ان الاراميين ( ومنهم المسيح ) كانوا دائما في حرب مستمرة مع الوثنيين الذين يسكنون في طول البلاد وعرضها و يبدو ان الاشوريين كانوا من هؤلاء الوثنيين ، وعبارة ( مات اريمي ) التي وردت في حولياته قد يفهم منها ان الاشوريين هاجموا ( البيت الحرام ) اذا فهمناها على اساس ( بيت حريمي ) علما ان لفظ ( بيت حريبي ) يفيد المعنى من مصدر ( محراب وحوريب التي هي محرام وحوريم ومعناها جميعها المقدس ).
لقد انتشرت لفظة ارام في هذا القرن على ايدي المستشرقين الذين وجدوا في عمق التاريخ مناطق عديدة تنسب الى ارام مثل -ارام النهرين وارام دمشق وغيرها ، لكننا لا نستطيع ان نفهم هذا العدد الكبير من المدن والقرى الارامية الا اذا قمنا بقارنة ذلك على الشعوب العربية في القرن العشرين حيث يوجد الاف القرى التي تنسب الى جماعات القبائل العربية القاطنة فيها مثل - عرب اللقلوق وعرب شكا وعرب وادي خالد وعرب الدنادشة …الخ . وندرك بعدها ان هذه التسمية كانت تطلق على القبائل الارامية ( العربية ) التي كانت تقطن هذه المدن للتفريق بينها وبين القبائل التي استقرت في هذه المدن منذ زمن اطول لتشكل منها السكان الاصليين للمدن فتفرق بينهم وبين السكان المرتحلون اليها حديثا . يذكر التوراة ان العبريين ايضا هم من اصول ارامية حيث يقول عن ابراهيم ( آراميا تائها كان ابي فتغرب في مصر واصبح امة كبيرة) ، والتوراة مليئة بالقصص عن ابوة الاراميين لكل العبريين ، وبالتالي فان عروبة اسماعيل و ( اراميته ارابيته ) تعود الى ابيه ابراهيم . وهذا يطابق الواقع حيث ان ابراهيم واولا ده اسماعيل واسحق سكنوا في ( بيت الله الحرام ) لمدة غير معروفة من الزمن يتبين لنا الان ان الاراميين احتفظوا بلهجتهم زمنا طويلا جدا جدا يمتد الى عصرنا الحاضر في اللغة العربية ( بلهجة قريش ) وهذا يجعل التاريخ الديني مطابقا للتاريخ العلمي ولا يبقى في انبياء الله شك الا عند كل مستكبر عنيد . ان انتشار اللغة الارامية في الالف الثانية قبل الميلاد وفي اللالف الاولى قبله وعند ميلاد المسيح ثم ان انتشار العربية بعد الاسلام امر واحد لا ينفصل يتمثل في تلك النفحات الالهية والنبوة المتجددة .
انتشار الارامية
لقد وصلت اللغة الاارامية كما يقول المؤرخون الى الهند و ارمينيا ، وهذا الامر نراه بشكل جديد وواضح في اسماء ارامية وعربية موجودة في الهند مثل اسم ( بيرام ) ، وهذا الاسم الهندي هو صيغة محرفة لـ ( ابراهيم ) حيث يمكننا ن نرده الى ( بي راحم ) ابو الارحام الذي هو ابراهيم خليل الله ، وديانة الهند ايضا كما نعلم ليست سوى اقتباس اما للدين الابراهيمي الحنيف اوللمسيحية ، وناخذ طائفة تسمى ( السيخ ) وهي صيغة محرفة لكلمة ( النسيخ ) وهي تتمثل في عقيدة التناسخ ، وكهنة هذه الديانة يسمونهم (الخلسا ) وهي من مصدر كلمة ( الخلصاء ) العربية وهم يمثلون الصورة الحقيقية للمؤمنين (( حيث تمتزج الواجبات الدينية والاجتماعية بالسياسة ايضا في نظام واحد هو نظام - الخلسا )) -تسمى معابد السيخ (( جور دوارا )) ومعنناها الادوار المجاورة حيث يلتقي الخلسا بالسيخ وهم عامة الشعب حيث يقوموا بقراءة كتبهم المقدسة ،(3) ويلفت نظرنا ايضا اسم ذلك النهر ( يا مونا ) الذي احرقت جثة غاندي عند ضفته ، وهذا تعبير عربي صرف لكلمة بحرنا ( يمنا ) ، ناهيك ان هذا التعبير موجود في بحيرات وانهار وبرك وبحار في كل البلاد العربية بدا من اليمن ( يما - بالتنوين ) في اقصى الجنوب وصولا الى بركة اليمونة في لبنان الشام ( الشمال) على الساحل السوري. ان المسافة بين الهند وسوريا والجزيرة العربية واليمن ، ثم المسافة بين كل شعوب الارض تختصرها تلك اللغة المقدسة ( الارامية- الاربية - العربية ) لقد لفظ غادي كلمة اخيرة قبل موته هي ( اي رام ) يعتبرها الهنود نداء الى الله ، ويطابق لفظها لفظ اجداد غاندي من الاراميين العرب بعد الابدال الجائز في اللغات السامية بين الميم و الباء لتصبح ( اي راب ) ومعناها ( يا رب ).
يقول الاب اسحق سكا في معنى التسميات للشعوب السامية وفي تاكيد رايه ان الاراميون هم السريان (( ضبط اللفظ : الاراميون السريانيون قبائل سامية شمالية ترتقي في نسبها الى ارام واشور ابني سام بن نوح ))-(4) ويقول (( ان لفظ ارام بالعبرية معناه ( المرتفع) و كان الااراميون مثل العرب يتالفون من قبائل ))- لقد سلط الاب سكا الضوء في هذه المقولة على كلمة ( مرتفع ) مما جعلنا نستدرك اصلها في كلمة ( رابية = رامية - رامة ) وفي هذا الابدال تنتقل الكلمة العبرية الى العربية ، وفي العلاقة بين كلمة ( سام ) و( مرتفع ) و بين كلمة إسراء و بين رام و رب التي تعني العالي ايضا . (( لقد اثبت ابن حزم ان العربية والسريانية والعبرية كانت في قديم الزمان لغة واحدة ، وعن طريق الهجرة تفرق الشعب السامي في بلاد شتى ، وبتاثير البيئة كانت لغة كل قبيلة تتعرض للتغيير الا انها بقيت متقاربة لفظا ومعنى فالعربي والعبراني والارامي كانوا يتفاهمون بدون واسطة ولا ترجمان بما يشبه حال ( اللهجات ) العربية العامية المنسوبة الى الفصحى في عصرنا الحاضر)) (5)
الحاميون الشرقيون - العرب الذين استوطنوا وادي النيل (6) يقول جرجي زيدان في كتابه ( طبقات الامم والسلائل البشرية ) الصادر عن دار التراث بيروت وهو يصف بعض الاجناس البشرية (( الحاميون الشرقيون هم المصريين القدماء وبقاياهم الاقباط . والبجة بين النيل والبحر الاحمر والدناقيل بين الحبشة وخليج عدن والصومال والغالا والماساي والواهوما او وهيمة المنبثون بين البانتو حول خط الاستواء ))- ص 225 ويقول ان كل هذه الشعوب هي من الجنس القوقازي الذي ينتشر في غرب اسيا وشرق افريقيا واوروبا ، و هذا ما يؤكد ان الاراميين اجداد هؤلاء الشعوب هم الجنس القوقازي نفسه ، بل مما يؤكد ايضا نسبهم جميعهم الى آدم .
(( اما البجة ومنهم الهدندوة والبشارون والاشراف والعبابدة وغيرهم فيقال انهم قدماء قد سماهم هيرودوتس ماكروبي ( مك- ربي ) لاحظ الشبه في التسمية يبن مكارب في اليمن الذين يصح ان نقول عنهم ان اصلهم من مكة او ( المقربين- وما كان يطلق على اهل مكة في العصور القديمة - مكروبي ) ، مما يدل ان هيرودوتس كان دقيقا في نقله للاخبار حين قال (( والمكروبي هم بدو رحل يطوفون الجبال ويحرسون القوافل او يقطعون السابلة من قديم الزمان….ملامحهم اوروبية لونهم برونزي بلون الشوكولاته الفاتح شعورهم جعدة طويلة يقضون ساعات في تصفيفها ))-ص 226- وهذا اللون البرونزي هو الذي ادرج عليهم وعلى جيرانهم في حوض البحر الاحمر اسم ( الحمر ) او ( الاموريين ) ، ومنها حمير و قان ( قانن ) وقينان وكنان ( كنعان ) وكينيا وبونيقي ( بوني ) او فونيقي او فينيقي في عصر مجاورتهم لليونان . (( والدناقيل ( لاحظ الشبه بينها وبين ادنى او داني بمعنى المنخفض ) …يقيمون بين البجة والصومال والغالا في الجنوب وكلاهما من الجنس القوقازي اللطيف ولعل بعض ملامح هذه الامة الحامية قد خالطها من الدم العربي او الزنجي ….الانف مستقيم اعقف قليلا الجبهة مستديرة والعيون كبيرة نوعا ما مع غور قليل وهم قوقاسيون رغم سواد بشرتهم ))..(( والغالا اكثر عددا من سائر الشعوب الحامية الان ويعدهم اهل البحث ارقى عقلا وادبا من الصوماليين والدناقيل ( صمويل ودان ) ونسب اليهم بعض الباحثين دينا توحيديا تخالطه الخرافات ))….(( وقد انتشر الاسلام والنصرانية بينهم تغشاها خرافات الارواح والميثولوجيا وعبادة الاشجار والحيوانات والارواح )) - ص 227 (( وكذلك الماساي ( قد يكون اسمهم نسبة الى موسى ) لكن عبادتهم ارقى قليلا وهم بدو يتنقلون في الجبال المنبسطة بين بحيرة فكتوريا نيانزا ووادي ( وهاد ) الرفت العظيم يخالط معتقداتهم اسماء بعض اباء التوراة ، كقايين وهابيل وابراهيم )) - ص 227 (( المصريون القدماء قوقاسيون اسسوا في وادي النيل اقدم تمدن… والاقباط خلفاء المصريين وقد تعربوا بعد الاسلام ( كما يقول) واحتفظوا بنصرانيتهم على مذهب الطبيعة الواحدة ( بل يمكننا ان نقول اليوم بعد ابحاث الباحثين في العصر الحديث انهم كانوا وما زالوا عربا مع بعض العجمة في لغتهم وما زالوا في مكانهم مع احتفاظهم بنصرانيتهم وطقوسهم حيث ان المسلمين لم يجبروهم على تغيير اي شيء من معتقداتهم ) ……..)) -ص 225 ان لباس وازياء سكان الصعيد المصري والسودان وقسم من ارتريا والحبشة انما تذكرنا بموسى عليه السلام وعصاه وتجعلنا نعتبرهم من اولاد ابراهيم ( الارامي ) ومن العرب ( الارام -الاراب ) الذين تغربوا في مصر كما تذكرنا بقول التوراة عن ابراهيم عليه السلام مرة جديدة (( اراميا تائها كان ابي فتغرب في مصر واصبح ا مة كبيرة)) .
ان بعض العلماء يعتبر اهل المغرب العربي امتدادا لانتشار اهل الجزيرة واليمن في شمال افريقيا وقسمها الشرقي وهذ يفسر العلاقة المستمرة بين الحضارة الفينيقية التي انتشرت في شرق المتوسط وشمال افريقيا والاندلس ، كما يؤمن البعض ان الاراميين انتشروا من الهند الى غرب اوروبة وهذا ايضا يجعل نقطة الانتشار لكل الشعوب ( العربية = الارابية = الارامية) من الجزيرة العربية ويجعل امتدادها الى كل اوروبا وشمال افريقيا وايران والهند وتركستان ، كما يجعل كل هذه الشعوب بما لها من ملامح مختلطة تلك التي اطلق عليها العلماء اسم ( الجنس القوقازي ) وهو الذي يسميه الرسول الكريم ( الاحمر أو الابيض ) فمن هذا النوع الانساني يشتد سواد الذين سكنوا في حر الشمس ( والحميم ) ليطلق عليهم اسم ابناء ( حام ) ، ومنهم ايضا يشتد بياض الذين سكنوا في ظل الشمس بعد هجرتهم من الجزيرة العربية الى القطب الشمالي و سكنهم لفترة من الزمن غير محدودة ( في القطب الشمالي ) حيث اطلق عليهم اسم ابناء يافث ( وهي من مصدر هافت او خافت للدلالة على العرق الاصفر ، فصغر حجم عيونهم و تغير لون بشرتهم ) ثم عادوا واستوطنوا شرق اسيا فاختلط اللون الاصفر الذي اكتسبوه بعدم تعرضهم للشمس خلال فترة سكنهم عند القطب بلون لفحة الشمس الذي اكتسبوه بعد هجرتهم الى المناطق الدافئة. من هنا يمكننا التوصل الى تفسير علمي دقيق لما جاءت به الكتب المقدسة ولما اورثتنا اياه الانبياء والعلماء من تقسيم لابناء نوح ( ابو البشر الثاني ) سام ، حام ، يافث .
من هنا ايضا نفهم ان اسم سام الذي يعني ( شام ) او الشمال وهو عكس ( يمن ) التي تعني الجنوب ولا ندري اي المعنى اسبق اهو معنى ( يماً - يممن بالتنوين لمعنى البحر ) ام هو معنى الجنوب خاصة وان سكان اليمن وعمان ( عوما-بالتنوين ايضا من عام يعوم ) هم ( شعوب وسط البحر) مما يطابق اسمهم على الصفة التي كانت تطلق عليهم قديما شعوب وسط البحر لان بلادهم تقع في شبه جزيرة العرب التي يحيطها البحر من جوانبها ، وبالتالي فان كلمة سام ( شام ) قد تكون معنى جديد و حديث ايضا لما يسمى الشمال نظرا لوجود ابناء سام في المنطقة الشمالية من الجزيرة العربية وبالنسبة لاخوه حام .
واذا حللنا تاريخ الشرق القديم وقارناه مع قصص العرب القدماء وجدنا الاراميون هم العرب العاربة ( المرتحلة لرعي الماشية ) واليقطانيين و القحطانيين و الفينيقيون ( الكنعانيون ) هم العرب المستعربة ( الذين ارتحلوا بسبب القحط ) ، كما ان ارام ويقطان في الكتاب المقدس يمثلان مجتمعي البدو والحضر فارام هو التسمية للناس المتنقلون - ويقطان هو تسمية للقاطنين المستقرين في القرى ، كما ان ( قنعان ) هو من المستقرين القانعين في بلادهم و مدنهم ، فالاراميون ( الارابيون- العرب ) المتنقلون مع مواشيهم في طول البلاد وعرضها عبر الجزيرة العربية الى سوريا وصولا الى ايران ( البختياريون ) وعرب بخارى في وسط اسيا في الشمال ووصولا الى ارمينيا و من جهة اخرى وصولا الى ارتريا ومصر والسودان والحبشة و كينيا عبر بوابة وادي الرفت العظيم في الجنوب . اما يقطان فكان يمثل كل القاطنين في القرى والمدن من الذين تخلوا عن الترحال والتجول واعتمدوا صيد البحر والبر والتجارة . وكما ان عدنان هم سكان المنطقة العدنانية ( الخضرة ) من المقيمين فيها للزراعة والمتجولين سعيا وراء الخضرة للرعي، فان قحطان يمثل اولئك الذين يقطنون في القرى التي تقع على حدود القحط والتي تعيش في اغلب اوقاتها على الصيد ( البري والبحري) . بالتالي فان ابناء سام وابناء حام اقوام عديدة منهم العدناني ومنهم القحطاني ومنهم القنعاني ومنهم اليقطاني وجميعهم في الاصل هم الاراميون ( الارابيون ) المتنقلون في اول عهدهم قبل الاستقرار .
عرب البادية :
وعرب البادية كما يسمونهم الناس هم عرب ( البادئة ) او التي كانت في البدء والاوائل ، أما بالنظر الى قحطان وعدنان هناك مفارقة لا بد من ذكرها ان هذه التسمية تطلق على عرب الشمال وعرب الجنوب بالتوالي وهذا مطابق للواقع تقول كتب التاريخ عنهم (( تنسب القبائل العدنانية الى عدنان المتحدر من اسماعيل بن ابراهيم الخليل )) وهذا التحديد يجعل سكان الواحات والخضرة ( العدنانيين ) ينتسبون الى اسماعيل والحقيقة انهم ينتسبون جغرافيا هم واسماعيل الى ( عدنان ، بمعنى الخضرة ) حيث ان سكنهم في المنطقة المخضرة من البلاد وهم يمثلون تلك القبائل التي كلنت تتجول في المنطقة الممتدة من مشارف الشام الى اليمن مرورا بتهامة و الحجاز وايضا في مصر والسودان وارتريا حيث ان ابناء اسماعيل ايضا في التاريخ ينتمون الى مصر مما يجعل لقب العدنانية نسبة الى خصوبة المرعى اكثر مما هو الى نسب الى رجل معين . ان كلمة ادونيس ( ادوني ) التي اخذت لقب السيد في بعض الحقبات التاريخية المظلمة من التاريخ في العصر اليهودي لا تبعد عن ذلك التحديد الذي جعل من العدنانيين اسيادا وجعل من سواهم عبيدا ، واستمر في كثير من الحقبات كالقول (( من عتق كذا من ولد اسماعيل )) وكأن اسماعيل عبدا مملوكا وليس نبيا رسولا ، مما جعلني اقول ان هذا القول قول مقحم في تاريخ الاسلام مشكوكا بصحته او لا اساس له من الصحة الا بعض الموروثات من عصبية اليهود في محاولة لتاكيد ان اسماعيل وابناءه ( العرب) انما هم من العبيد الذين لا تحق لهم السيادة على الناس . اما في الكتاب المقدس فهناك مايؤكد ان كلمة عدنان ( واصلها عدناً او عدن بالتنوين ) فيقول (( ان الله خلق ادم وحواء ووضعهما في عدن ( عدنا - عدن بالتنوين ) الواقعة في المشرق والتي يسقيها نهر يتفرع منه اربعة انهر هي فيشون وجيحون وحداقل والفرات )) و عدن معناها تماماً الجنة و المكان الاخضر من الارض وقد حقق كمال سليمان الصليبي هذا المكان في كتابه ( التوراة جاءت من جزيرة العرب ) شرق مكة في موقع قرب الطائف يسمى الجنينة ، وقد ذكر الكتاب المقدس جنة ( عدن شرق) لان هناك منطقة ( عدن غرب ) في مصر والسودان وارتريا وكان الفاصل بينها بحر العبور التاريخي البحر الاحمر.
نسب العرب :
ينسب المؤرخين العرب في اخبارهم و في العصر الحديث الى يعرب بن قحطان ، كما يؤكدون انه جد العرب اليمنيين القحطانيون ويسمونهم المتعربة ، اي الذين اقتبسوا اللغة العربية من العرب البائدة ( واصلها الصحيح البادئة ). وهذا التعريف لا يخلو من التسهيل والتبسيط لتلك العلاقة بين اهل اليمن وباقي بلاد العرب ، كونهم ( اي اهل اليمن ) يسكنون على حدود القحط ، حضرموت -( حضر -موت ، سكان الموت ) او ( سكان القحط) . والتاريخ يقول إن يعرب هو اول ملوك الدولة القحطانية التي استوطنت اليمن وحضرومت وامتد ملكها الى كل الجزيرة العربية ، وان يعرباً قسم البلاد على اخوته العشرة ، فكانت الحجاز من نصيب ( جرهم ) والشحر من نصيب ( عاد بن قحطان ) وجبال الشحر من نصيب ( حضر موت بن قحطان ) وعمان من نصيب (عمان بن قحطان ) ، وهذه التسميات تدل انها من وضع المؤرخين عبر العصور القديمة لتسهيل التعريف بين المناطق الجغرافية لمملكة يعرب . لا بد من المقارنة بين قصة( يعرب بن قحطان ) و يربعام ( يعربا ً) الذي استقل بالمملكة الشمالية واسس دولة اسرائيل ( التي تعني السراة و ايضا قد تعني القبائل الرحل من مصدر – سار – العربي ومعناها رحل ) حيث تقول القصة ان يربعام الذي استقل بالقسم الشمالي من مملكة سليمان هو واخوته العشرة الاسباط وتغلب على قوم عاد ( عاد و ثمود جنوب الجزيرة العربية ) وانه تغلب على العمالقة وولى اخوته العشرة( الاسباط ) على المناطق . ولا بد من لفت النظر ان (عاد هم سكان شرق اليمن ) وان ( العمالقة هو لقب سكان الحجاز القدماء). وندرك بعد ذلك ان الاخين من الاسباط الذين بقيا في الجزء الجنوبي من مملكة سليمان هما يهوذا ( وهي تسمية ايضا لسكان الواديان - الوهاد - وهو لقب ينطبق على ارتريا و جيبوتي- جيء بوتي- وقسم من الحبشة ) و بنيمين ( وهو لقب بني يمن او سكان اليمن او المتحدرين من اليمن) . من هنا ندرك ان مملكة يهوذا انما كانت في ارتريا، موكدين ان ما اطلق عليه العرب في العصور الغابرة اسم ( مملكة اليمن وذي ريدان ) انما هو في الحقيقة تسمية ل ( مملكة اليمن وذي يردان ) او مملكة اليمن وعبر البحر الاحمر، مما يعني الحبشة واليمن او ( يهوذا وبنيامين ).
(( ان الجغرافيا دائما محايدة لك او عليك يحدد ذلك البشر انفسهم )) –(7) لذلك نجد في تسمية حائط المبكى التي لا تزال اليوم قائمة لها اسماءها و اسبابها في اليمن – باب المندب- بالاضافة الى قصص تتحدث عن قمران التي تقع في الممر المائي ( ريدان - يردان ) - يقول مصطفى نبيل في استطلاع عن اليمن (( تنقلنا الطائرة من الصحراء الى حائط من الجبال الخشنة . والتي تنتهي بنا الى بحر له شخصية خاصة …على الجانب الاخر يقع القرن الافريقي الزاخر بالتوتر ، وهذه البوابة هي التي تصل البحر الاحمر بخليج عدن ….جزيرة ميون …تشطر الممر المائي الى قسمين ( القسم الشرقي ) .. والذي لا يتجاوز عرضه ثلاثة كيلو متر ات وعمقه اقل من مئة قدم اما الممر الغربي بين ميون وجيبوتي فيبلغ عرضه 20 كيلو متر وعمقه يقرب من الف قدم … مفاتيح بوابة الدموع ومفاتيح باب المندب موزعة على عدد من الجزر والنقاط الاستراتيجية وتعتبر ميون اهمها جميعا يشاركها جزيرة قمران … سميت قمران لان ظل القمر يظهر في بحرها كانه قمران وليس قمرا واحدا … وكانت محجرا صحيا للحجاج ))- (8) وهذا يذكرنا بما كان يفعله ( يوحنا المعمدان ) يحي من عمادة الناس في قمران فيقوم بغسلهم و تطهيرهم قبل ذهابهم الى الحج ، والعمادة لا تصح الا في الماء لذلك نجد في جزيرة قمران الواقعة غرب اليمن موضعاً يمكننا القول فيه انه المكان الذي كان يقوم يوحنا بالعمادة فيه . إن الايات القرآنية التي تتحدث عن مريم (( فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا ، فأجاءها المخاض الى جزع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ، فكلي و اشربي )) إنما تتحدث عن المكان الذي ذهبت اليه مريم من عمران في اليمن الى الشرق الى خليج صوقرة ( صوغر مدينة النخل ) حيث أن هناك ينبت نوع خاص من النخيل و هو ( النارخيل – النارجيل ) جوز الهند ، مما يبرر انها أكلت و شربت من هذا الثمر الذي يحوي الماء في داخله . إن العبارة التوراتية التي تقول عن ( صوغر ) أنها مدينة النخل إنما يبينها أن هذه المنطقة تحوي هذا النوع من النخل الذي لا يوجد مثله في أي مكان آخر في جزيرة العرب .
عربية إسماعيل :
يقول المؤرخون ان اسماعيل عليه السلام هو اول من نطق بالعربية ، وهذا لا يمكننا فهمه الا اذا اخذنا انه اول من نطق بلهجة قريش التي كانت تتكلمها ، واننا نقول ذلك لان اسم اسماعيل هو صيغة عربية لمفهوم لغوي ومعنى دقيق ومحدد يذكره القرآن الكريم بوضوح مفسرا معنى اسم اسماعيل ( الله سميع ) ((الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحق ان ربي لسميع الدعاء )) ، ومن هنا ندرك ان العربية التي قصد منها ان اسماعيل اول من نطق بها هي مفهوم مغاير للعربية التي يتكون اسم اسماعيل منها ، اذا فقبل اسماعيل كانت العربية و بعده اصبحت عربية ذات مدلول ادق . لقد سمى هؤلاء العرب العربية القديمة التي سبقتهم ( بالسريانية الذي معناه بالارامية =الارابية) حين قالوا ان آدم عليه السلام كان ينطق بالسريانية لان علمهم لم يستطع ان يحدد النقطة التي تتمحور عليها هذه السريانية والتي نسميها بالعربية الفصحى (الاولى من مصدر فصح بمعنى بدأ ) . لقد تحدث العديد من المؤرخين القدامى عن اسماعيل بينما لم يتحدث عنه المؤرخون الجدد لانهم لا يعترفون بامكانية الاخذ باراء هؤلاء المؤرخين ، بينما نحن نقول ان المؤرخين القدماء لم ينفردوا برايهم عندما عرضوا لمسائل مثل هذه بل اوردوا اراء كل الناس مما ادخل اعتماد اخبارهم الى دائرة الظن والشك ، ولكننا اليوم بعد ايضاح هذه الامور ووضعها ضمن دائرة الضوء لم يعد من خوف في ايراد مقولاتهم ونقضها بشرح علمي او اعتمادها بادلة علمية.
من هذه المقولات التي لا بد لنا من وضعها ضمن دائرة الضوء وتبيان امرها هو الامر الذي عرضنا له من ان اسماعيل هو اول من نطق بالعربية الامر الذي لا يطابق الواقع الا اذا اعتبرنا ان العربية التي نطق بها اسماعيل هي لسانه و لهجته ( في ذلك العصر ). من هنا فان الرسول عليه الصلاة والسلام قال ( اول ما فتق لسانه بالعربية المتينة ) فنسب اليه نوعا من العربية و لم يجعله مطلقا . لقد ذكر الطبري(*) في كتابه تاريخ الملوك والامم نسب اسماعيل على اوجه مختلفة لا يصح اعتماد اي منها بشكل علمي دقيق لانه اوردها على سبعة اشكال فقال انه جد العرب :
1-(لسبعة ) عدنان بن ادد بن ايتحب بن ايوب بن قيذر بن اسماعيل
2- (لعشرة )عدنان بن ادد بن مقوم بن ناحور بن تيراح بن يعرب بن يشجب بن نايت بن اسماعيل.
3-(لثمانية )عدنان بن ادد بن يرى بن اراق الثرى بن يعرب بن يشجب بن نايت بن اسماعيل.
4-(لتسعة )عدنان بن ادد بن زند بن يرى بن اعلااق الثرى بن يعرب بن يشجب بن نايت بن اسماعيل.
5-(لتسعة مختلفة ) عدنان بن ادد بن الهميسع بن نبت بن اعراق الثرى بن يعرب بن يشجي بن نايت بن اسماعيل.
6-(لعشرة مختلفة ) عدنان بن يدع بن منيع بن مجهول بن كعب بن يشجب بن الهميسع بن قيذار بن اسماعيل.
7-(لواحد واربعون ) ولا مجال لذكرهم نظرا لورود اسماء كثيرة فيها. وهذا الامر انما يدل على ان الطريقة التي كتب بها بني اسرائيل تاريخهم لا تختلف كثيرا عن الطريقة التي اورد بها العرب قصصهم ، لذلك اتى القرآن الكريم ليقص على هذه الشعوب والقبائل العربية و الارامية والعبرية قصصم العلمية الصحيحة التي يستطيع بواسطتها وعن طريق القرآن ، ان يصل الباحث العلمي الى ادلة علمية دامغة لامور دينية وتاريخية على حد سواء.
لماذا يـنسب العرب إلى يعرب ؟
إلى من يجب ان ننسب العرب ( بمفهومها المطلق كاهل البادية والرعاة المتنقلون ) الى يعرب بن قحطان ام الى ادم ؟ وان اسم يعرب هو صيغة المضارع من عرب ومعناها عربي ، ونحن اذا نظرنا الى الجدول التاريخي الذي وضعه العلماء للقبائل العربية نرى انهم جميعهم ينسبون الى ( البائدة ) و ( العدنانية ) و( القحطانية) وهذا ترتيب انما هو جغرافي كما اسلفنا وبالتالي فالبائدة او ما يقال عنهم عرب الشمال ، فهم في الحقيقة ( البادئة- مع بعض التغيير في موضع الحروف وهو شائع عند العرب) وهم ايضا ما يطلق عليهم لقب الاميين ( وهي الاوائل من مصدر ام ) ، والمعنى انهم اول العرب ( واول الناس بمعنى البادئة) والعرب العدنانية وهم ايضا سكان الشمال ويسكنون في ( حويلة= خولان ) شمالي اليمن و( شور= ثور) وهذه الارض تشمل حسب المؤرخين الحجاز ونجد وتهامة ومديان وسيناء ، وقد اطلق على العرب في سفر التكوين اسم الاسماعيليين نسبة الى اسماعيل بن ابراهيم الخليل ، واطلق عليهم لقب بني المشرق لانهم يسكنون في شرق بلاد اليهود بالنسبة للبحر الاحمر ( حيث ان بلاد اليهود التي دخلها يوشع بعد موسى هي ارتريا وجيء بوتي وقسم من الحبشة كما سياتي معنا ) . والقحطانيون وهم العرب المستعربة وهم يسكنون ايضا في الشرق من اليمن وصولا الى الخليج العرب او قسما مما يمسى بلاد عمان . من هنا نستطيع تسمية العاربة ( المتنقلين الذين يرعون الابل والماشية بالفطرة) والمستعربة الذين اصبحوا عربا ، ( الذين اصبحوا يرعون الابل والماشية بعد ارتحالهم من بلادهم ).
ان جميع هذه القبائل تنسب ايضا الى ابراهيم الخليل ( الارامي ) الذي تغرب في مصر واصبح امة عظيمة.
العدنانيون ، القحطانيون ، الاميون
العرب الاميون ، هم العرب البادئة ( نسبة الى أم ) . العرب العدنانيون هم العرب الاميون الذين يسكنون في منطقة ( العدنة ) والقحطانيون هم العرب الاميون الذين يسكنون في منطقة ( القحط ) وبالتالي فان قحطان ليس جد العرب بل ان هذه مقولة صادرة عن اليهود في عهد ( رحبعام ) فانهم نسبوا الى يعرباً ( الذي هو يربعام ) عدة اكذوبات سياسية واجتماعية ودينية ، شانهم دائما ، فقالوا ان يربعام ( يعرباً ) الذي سكن في ارض المشرق لا يحق له الملك لانه من ابناء قحطان اي انه ليس من ابناء ( عدنان - ادوني السيد ) فهو اذا عبد مملوك لا يحق له السيادة . وهذا لا يبعد كثيرا عن التفريق الذي اخترعه اليهود للتفريق بين الكنعاني ( كناني من كنانة او مصر والسودان وارتريا والحبشة ) وبين ( ادوني - العدناني السيد ) من هنا فان القحطاني ايضا هو ابن الجارية بالنسبة لهم تم اختراعه في عهد يربعام ( يعربا). فالعداء الذي ناصبوه لكل الشعوب الكنعانية ( القنعانية ) و القحطانية في بداية عهدهم هو نفسه العداء الذي ناصبوه لقسم من اخوتهم بعد ذلك ، بالاختيار المطلق لفرع من الفروع لتكون له السيادة دون سواه ، ونسبوه الى اله لم يكن سوى اداة سياسية لتنفيذ سياستهم في ذلك الزمن . فكان تعيين الحاكم من المحكوم يتم من قبل احبارهم الذين بالتالي ينسبون الى الههم انه اختار هذا السبط من بين الابناء.
لذلك نرى ان حضرموت و عمان ويعرب وعاد وجرهم وسبا وحمير وكهلان ، وهي القبائل التي ذكرتها التوراة باسم الشعوب العمونيين ( واصلها الشعوب العمانية ) اما الشعوب الكنعانية ( كنانيين من كنانة ) فهم اولئك المتحدرون من مصر والسودان وارتريا أو من القانعين في ارضهم لا يرتحلون عنها . ولا بد لنا من ان نذكر أن القنزيون الذين ورد ذكرهم في التوراة هم ( قنص - وهي قبيلة متفرعة من معد ).
لذلك نقول ان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام عندما قال ( ليست العربية منكم باب أو ام انما هي اللسان ) كان يرد على اولئك الذين ينسبون العربية الى اسماعيل او الى يعرب بينما هي اللسان الذي نطق به ابراهيم و اسماعيل و كل سكان البوادي من قبائل ( عربية - أرامية ) منتشرة في الجزيرة العربية وسوريا ومصر والسودان وصولا الى عمق افريقيا وغربها ، كما انها منتشرة في ايران و وسط اسيا( قبائل البختياري والارمن التي اصلها أرباً بالتنوين والابدال ) وصولا الى كل القارات بالتالي عبر الاطلسي منذ اقدم العصور. ان كل هذه القبائل و الشعوب كانت تجمعها اللغة و اللسان والتاريخ المشترك لادم ونوح وابراهيم .
ان هذه القبائل الامية كانت كما اسلفنا ترحل من قلب الجزيرة العربية ( من أم القرى و من سرة الارض ومركزها - وادي مكة ) وتنتشر شعوبا منها العدنانية التي تسعى وراء المرعى ومنها القحطانية التي تهرب من شدة الجفاف ،من الجنوب من شواطيء( اليمن - وحضر موت وعمان ) الى شاطيء البحر المتوسط ومن حورا ( قرية في اليمن ) الى حوران ( قرية في سوريا) . لقد اطلق على ( اور كلدان) لقب كلدان ( و اصلها عروق الكدن ) تفريقا لها عن ( حور الكنعانية- الكنانية التي تقع في بحر الجليل ( من جل مرتفع ) قرب قانا ( قرية في اليمن ). أما اور كلدان التي انطلق منها ابراهيم و اهله فهي في و سط الجزيرة العربية الى جهة الجنوب و الشرق و تسمى الى يومنا هذا ( العروق ) او ( العروق المعترضة ) أو بتسميتها القديمة ( عروق الكدن ) ، لاحظ كيف تحور اسمها الى ( اور كالدان ).
أما بما يختص بقبيلة قريش فان المؤرخين يجهلون نسب قريش واصولها وتاريخها بالتحديد ، لكنهم يقولون ان قصيا جمع شملها وشتاتها ووطنها في مكة حيث تولت امور الكعبة ( وهنا ندرك ان السبب الذي جعل قصيا ياتى بقريش الى مكة هو كعبة الله المشرفة ) في القرن الرابع الميلادي حسب المؤرخين ، واصبح مركز قريش مرموقا على الصعيدين الديني والسياسي والتجاري ، و لقب قبيلة قريش يعني أهل القرية بلهجة الشنشنة المعروفة في لهجات العرب .
ينتسب الى هذه القبيلة بني هاشم او الهاشميون ابناء هاشم الجد الاعلى للنبي ( عليه الصلاة والسلام ) -ويمكن ان نطلق عليهم اسم (بني هـ-شم ) او ( اشم ) وهم الذين جبروا قريشا فاصبح لقبهم الجبوريين . ( اهم فروع قبيلة قريش ، هاشم - امية - نوفل - وزهرة ومخزوم واسد وجمح وسهم وتميم وعدي )- (9) عندما نقوم بمقارنة التوراة و التاريخ العربي القديم ناخذ الفقرة التوراتية من سفر التكوين التي تتحدث عن ( انوشي هشم ) او ( اهالي هشم ) تقول التوراة باللفظ العبري الاتي :
ا- ويهي كي-هحل هادم لروب عل-فني هادمه ، وبنوت يلدو لهم
- ب- ويراو بني-هالوهيم ات-بنوت هادم كي طوبوت هنه ويقحو لهم نشيم ، مكول اشر بحرو
ج – ويامر يهوه ، لوا يدون روحي بادم لعولم ، بشجم هوا بشر، ويهيو يميو ماه وعشريم شنه.
د- هنفليم هيو بارص ، بيميم ههم ، وجم احرو-كن اشر يبواو بني هالوهيم ال-بنوت هادم ، ويلدوا لهم : همه هجبوريم اشر معولم ، انشي هشم
وترجمتها العربية هي الاتية :
ا- وها هو الذي حصل أدم يربو على افناء (وجه) الاديمة ، و يولد لهم بنات
ب- ويري بني ( هؤلاء ) ان بنات ادم طيبات هناك وياخذوا لهم نساء من كل الذي يختاروا
ج- ويامر (يقول اياه ) لن تدوم الروح بادم الى الابد ، بكونه بشر ( من لحم ) وها هي ايامه مئة و عشرين سنة .
د – (بني نوفل ) كانوا بالارض بتلك الايام وايضا اخرين من الذين وجدوا ، وبني هؤلاء و بنات ادم ولد لهم (ابناء) ، الذين هم (الجبارين) الذين سيبقوا الى الابد بني هاشم .
أما ترجمتها التوراتية المعتمدة فهي كالتالي :
( وحدث لما ابتدا الناس يكثرون في الارض وولد لهم بنات ان بني (هـ ء ل هـ ـي م) ابناء الالهة- و تصحيحها هؤلاء ( والمقصود اولاد نوفل - يترجمها التوراتيون ابناء الالهة ) راوا بنات ادم انهن حسناوات فاتخذوا لانفسهم نساء من كل ما اختاروا ،وقال ( لء دون روحي بءدم ل علم ) او ( لا يدوم روحي بعدن ل علن ) ( بشجم هو ) وايامه مئة وعشرون سنة . وكان ( هـ نفليم ) في تلك الايام . وبعد ذلك دخل ابناء ( هـ ءلهيم - يترجمها التوراتيون ابناء الالهة بينما هي تعني ابناء هؤلاء ) هؤلاء على بنات ادم وولدن لهم اولادا هم ( هـ جبوريم ) الذين منذ ذلك الوقت ( انوشي هشم ) ….)- لقد تم ترجمة كلمة (هـءلهيم) على اساس انها تعني الالهة ، ونحن نفسرها بكلمة ( هؤلاء - بالجمع العبري و المقصود ابناء نوفل ) لا بد من لفت النظر الى تقارب هذه الاسماء التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس( بشكل متشابه للاسماء التاريخية عند العرب ) في الفقرة في سفر التكوين مما تجعل اصول قبيلة قريش وبني هاشم تعود ادم و الى نوح عليه السلام ، و هذا ويؤكد انها من العرب البائدة كما يقول المؤرخون ( البادئة) ويتحقق لنا كونهم اميين ( من مصدر ام فهم من الاحفاد الذين يعودون الى نوح مباشرة ) ويذكرنا هذا ايضا بالمراة الاممية ( الامية - بتشديد الميم ) التي تحدث معها المسيح عليه السلام في محاورة تلفت نظر الناس الى وجود خلاف على مكان بيت لله الحرام الذي يحج اليه الناس ، فيتحقق لنا وجود البيت ( الهيكل ) الذي يعتقده بني اسرائيل و البيت الذي تعتقد فيه هذه المراة الاممية ( الامية ) .
ان التسميات التي اطلقها الكتاب المقدس والانجيل والقران على الاماكن والاشخاص انما هي سجل تاريخي جغرافي للامكنة التي تواجد فيها الانبياء ، فالتشابه موجود ولكن علينا ان نكون حذرين فلا يتم الخلط بينها بدون اساس ، فاننا من خلال اللغة العربية بمنظورها التاريخي نستطيع وضع الاحتمال الاخر الذي يحدد معنى الاسم اذا وجد المكان والمبرر ( مثلا نستطيع ان نقول ان لقب مريم ابنة عمران - هو نسب بانها من مدينة عمران في اليمن ، التي قد تكون منسوبة الى والد مريم ايضا (عمران) او الى فرع من فروع البشرية ، ويوسف النجار يمكننا نسبه الى نجران ، كما ان يسوع الناصري ( نازري - نازاريت ) الىقبيلة نزار ، وبالتالي ينسب هؤلاء كلهم الى اليمن ، ان موسى ينسب ايضا الى عمران ويظن العلماء ان ( عمران ) هو اسم ابوه وقد يكون من هذه القرية نفسها التي ظهر بها المسيح ايضا ، واذا قلنا ان عمران هي القرية التي تقع في جبال اليمن والتي هاجر ابو موسى منها الى ( عبر البحر الاحمر ) وهناك اصبح من امة ( عبرانية - اي عبرت البحر لتصل الى مصر ) ، فتعرضت لضغوط فرعون الذي كان يمنع العبرانيات من انجاب الاولاد الذكور خوفا من تكاثر بني اسرائيل - المرتحلون الى مصر .) فان عودة موسى الى المكان عينه الذي انطلق منه ابوه و ذلك قبل عبور بني اسرائيل الى ارتريا و مصر مرة جديدة تصبح مفهومة بشكل دقيق و ذلك يجعلنا ندرك سبب عودته .
لقد تعرض ابن خلدون وغيره لمثل هذه التفسيرات فلفت النظر الى ان التوراة تحكي عن ابناء نوح الثلاثة ، لكن اليهود نسبوا الى حام الزنوج مع ان التوراة لم تذكر انهم الزنوج ، من هنا يتبين لنا ان اسئلة عديدة عند علماء التاريخ القديم والحديث تبقى عرضة لاحتمالاات الخطا والصواب ( عن قصد أو عن غير قصد) ، لقد درج التاريخ عليها فكان من السهل على البسطاء فهم امور التاريخ على هذا الشكل المبسط .
ان موضوع التفرقة العرقية بين حام وسام ويافث ليس الا مقولة سياسية في زمن رديء استغلت الفرق بين الوان البشر لتنسب هذا التقسيم الى ثلاثة اشخاص اسم كل منهم يطابق صفة لونه وحدود سكنه على الارض وابن خلدون تنبه الى ذلك ولكنه لم يخرج عن الحقيقة الثابتة الواحدة.
لقد قسم ابن خلدون الكرة الارضية الى سبعة اقاليم مناخية وجغرافية ، الاقليم الاوسط والذي يتوسط الارض جعله قسمين ( الاول والثاني ) ثم الثالث والرابع شمالا وهكذا حتى نصل الى الاقليم السابع وهو الاشد برودة ثم بنفس الترتيب جنوبا حتى نصل الى الاقليم السابع ، وعلل ان خير الامور اوسطها فالشمس اكثرها والرطوبة اعلاها لان البحار تحيط بها من كل جانب وتخمتها من الاكل اقلها وصفاء ذهنها اصفاها ولغتها انقاها . لقد حاول ابن خلدون ان يعلل الامور بشكل جغرافي حتى لا يبقى عالقا في التعليل الديني لابناء نوح ، ففتح الباب امام كل مؤرخ اذا وجد اسسا جديدة ان يجدد طرح مسالة من المسائل دون حرج طالما ان النقاش بين الفكر والعقل .
الهوامش
(1) - العربي عدد 91- صفحة 146
(2) - فيليب حتي-تاريخ سوريا ص 174 -
(3) - العربي عدد 416-اب 1995 ص 45
(4) - العربي عدد91- صفحة 48
(5) - عن التمدن الاسلامي ص24-العربي-عدد91- صفحة 145
(6) - جرجي زيدان ( طبقات الامم والسلائل البشرية )
(7) - - العربي عدد 261 -صفحة 70
(8) - العربي عدد 261 -صفحة 78-79
(9) – هنري عبودي - معجم الحضارات السامية - صفحة 684
(*) - الطبري - تاريخ الملوك والامم