دليل القوافــل
07-12-2007, 01:23 PM
الاتجاهات الاجتماعية عند الشيخ ثامر الملحم
نحو بعض قضايا التنمية الاجتماعية :
قبل رحيل العلم العنزي الشامخ بفكره و وجوده الشيخ ثامر طراد الملحم كتب الله تعالى لنا نصيبا بلقائه على مدى ثلاث سنوات متتالية خلت .
فكان حصادنا منه حصادنا غنيا بمواقف وآراء ثرية و بحمده تعالى كنا السباقون لجمعها وتوثيقه وعرضها بفخر واعتزاز .
وبعد أن رحل هذا الرمز الوائلي رحمه الله نعرض فيما يلي لأخوتنا رواد هذا المنتدى قبسات عطرة من نور سيرته الفكرية عسى أن يدونوها لفلذات أكبادنا الذين لا نعلم ما ينتظرهم من من خير أو شر في مستقبلهم القادم .
*******
ننتقل إلى نموذج آخر من زعماء البدو في سورية خلال القرن العشرين الميلادي ، في حيث سنتناول اتجاهاته الاجتماعية نحو بعض قضايا التنمية الاجتماعية في الفترة المذكورة لنقدم لمن سولت لهم أنفسهم بقصد أو بدون قصد بالتهجم على صرح مجتمعنا البدوي بما فيه من ثروات بشرية ومادية حافظت على استمراره وبقائه وتطوره وتعايشه مع المجتمعات الأخرى . وفقا لما يلي :
أولا : التعريف بابن ملحم :
- إسمه ونسبه : هو ثامر بن طراد بن فندي بن سعود الملحم من عشيرة الحسنة من من المنابهة من بطن الوهب من ضنا مسلم من قبيلة عنزة الوائلية العدنانية العربية .
- ولادته : ولد الشيخ ثامر بن طراد الملحم سنة 1928 م في بادية حمص في سورية ومات سنة 1998م في مدينة حمص حيث دفن في مقبرة الكتيب بعد ان قضى حياته في الاصلاح الاجتماعي والقضاء العشائري والعمل السياسي.
- مكانته الاجتماعية : ورث الشيخ ثامر بن طراد الملحم عن والده المرحوم الشيخ طراد بن فندي الملحم المتوفي سنة 1946 م زعامة قبائل المنابهة في الوطن العربي ، باعتباره الوريث الشرعي لهذه المكانة الاجتماعية ، كما ورث عن والده مركز عضوية النيابة عن عشائر البادية السورية في المجلس النيابي السوري ,وبعد وفاته انتقلت المشيخة في قبائل المنابهة إلى ولده الشيخ موفق الملحم .
- شخصيته : كان للقيم العربية والإسلامية والمثل العليا السامية التي نشأ وترعرع في ظلها ابن ملحم أثر كبير في عملية تكوين شخصيته الحضارية كزعيم عربي اجتماعي وقائد سياسي عُرف بعشقه للرجولة لأنها جزء من حياته كما عُرف بالورع والتقوى فكان سديد الرأي كبير في عملية تكوين اتجاهات شخصيته الحضارية كزعيم عربي اجتماعي وقائد ، حكيم القول ، حاد النظرة ، ملتزماً بقضايا عشائره و أمته وأبناء جلدته ، محباً للخير أهله ، كريماً في بيته وشجاعاً في فصله .
وقد تبلورت الاتجاهات الاجتماعية عند ابن ملحم في ظل الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، التي عاشها المجتمع العربي السوري بادية وريفا ومدينة ، في مرحلة الثلاثينات من القرن العشرين . فجاءت آراء ومواقف اتجاهاته الاجتماعية نحو بعض قضايا التنمية الاجتماعية مُتأثرة كل التأثير بتلك الظروف .
وقد تحددت الاتجاهات الاجتماعية عند ابن ملحم نحو بعض قضايا التنمية الاجتماعية في واقع حياة المجتمع البدوي والمحلي السوري بما يلي( 1 ) :
ثانيا : اتجاهه الاجتماعي نحو عملية الاستقلال الوطني وتحقيق التضامن العربي :
لقد تبلور هذا الاتجاه عند ابن ملحم من خلال إدراكه الواعي لواقع ظروف مجتمعه الوطني والعربي في الخمسينات من القرن العشرين ، حيث أخفقت الثورة العربية في أوائل هذا القرن من تحقيق أهدافها في الاستقلال والوحدة العربية الأمر الذي شكل حافزا للجماهير العربية في متابعة مسيرة نضالها في مواجهة الاستعمار الأوربي ، الذي حل محل الاحتلال العثماني في فترة ما بين الحربين وأقام الحدود المصطنعة بين أقطار الوطن العربي لتسهل عليه السيطرة والاستغلال للثورات العربية . مما أدى إلى اتخاذ النضال العربي شكل الثورات الوطنية والقطرية للمطالبة بالاستقلال الوطني ، بعد ان كان نضالاً قوميا من أجل إقأمة دولة عربية واحدة مستقلة في مطلع القرن العشرين .
في ظل هذه الظروف يؤكد ابن ملحم في هذا الاتجاه على ضرورة الاستمرار بدعم النضال الوطني لكل الدول العربية ، حتى تتمكن من نيل استقلالها السياسي والاجتماعي والاقتصادي وذلك من خلال دعم جميع الثورات المسلحة في أي من هذه البلدان والعمل على استخدام الإضرابات والمظاهرات والصدامات مع قوات الاحتلال كأسلحة فعالة ضده، ثم طرح شعارات الحرية والاستقلال والحكم الذاتي واقأمة حكم دستوري للبلاد قائم على أسس الديمقراطية الصحيحة .
ومن يترقب تطور العملية النضالية العربية في تلك المرحلة وبخاصة في سورية يلاحظ الجذور التاريخية لمواقف ابن ملحم من عملية دعم الاستقلال الوطني على الصعيد الوطني والعربي .
فقد كان والده المرحوم الشيخ طراد الملحم أحد الزعامات المحلية في سورية ( 2 )التي ترجع إلى أصول عشائرية قبلية ، والتي قادت عملية تشكيل الثورات والتجمعات السياسية لقيادة النضال الشعبي وقطف ثماره بما يحقق مصالحها ، وقدمت التضحيات في الأرواح والعتاد لطرد الجيوش الأجنبية . من الأرض العربية والسورية وتحقيق الاستقلال الوطني كخطوة أولى على طريق تحقيق الاستقلال العربي .
ويرى ابن ملحم أن اشتراك الأقطار العربية في كفاحها التحرري ضد الاستعمار الأوربي، قد أدى إلى توثيق العلاقات بين مختلف الفصائل العربية المعادية للاستعمار ، وإلى ولادة حركة التحرر العربي الواحدة على الصعيد القومي أدراك كل فصيل وطني قطري ، بأنه جزء من هذه الحركة الشاملة وأهدافها في الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي .
وهناك يمكن للباحث في مثل هذه الأمور ، أدراك مدى التطور الإيجابي الحادث في الاتجاهات الاجتماعية عند زعماء البدو في العصر الحديث ، من حيث الانتقال في نظرتهم لتقييم الأمور والتعامل معها من نطاق القبيلة الضيق ومصالحها الذاتية إلى إطار الوطن الواحد والأمة الواحدة ، وهذا ما أشار إليه ابن ملحم في هذا الاتجاه، من خلال دعمه العملي على الصعيد الاجتماعي القبلي والسياسي الوطني والعربي لعملية الاستقلال الوطني للبلاد العربية ولمشروع التضامن العربي بين الدول العربية وبخاصة مع تلك الدول التي لم تحصل على استقلالها السياسي بعد . ويرى ابن ملحم ان القيام بمشروع التضامن العربي في هذه المرحلة التاريخية الخطرة من حياة الأمة العربية ، يقتضي تحقيق الأمور التالية :
1 . العمل وفق مبادئ الإسلام الذي وحد العرب في أمة واحدة ، ووحد أهدافها ومثلها وجعلها تشعر بوجودها ووزنها وكرامتها ، وأعدها أعدادا جيدا لحمل راية الإسلام إلى العالم كله وكان لهم شرف حملها بجدارة وتبليغها بإماتة و أشادوا بها حضارة إنسانية رفيعة لازالت آثارها باقية إلى يومنا هذا وستبقى مشعل نور للإنسانية كلها بما طبقته من مبادئ وقيم سامية .
2 . إنشاء جيش وطني وجيش عربي له عقيدة واحدة توحده وتنظم علاقات فراده وتحدد أهدافه وغاياته وأساليبه .
3 . أحداث إصلاحات جذرية اجتماعية واقتصادية تكفل نمو كافة قطاعات المجتمع المحلي والوطني والمجتمع العربي نحو التقدم والارتقاء .
4 . بناء الدولة المركزية الديمقراطية القائمة على أسس العدالة والحرية والمساواة .
5 . تحقيق التضامن والتعاون البناء مع الأقطار العربية ، التي تناضل في سبيل تحررها ومقاومة الدعوات الإقليمية الرجعية التي من شأنها أن تعيق حركة مسيرة بناء الوحدة العربية والإسلامية .
6 . دعم مسيرة النضال في مواجهة المطامع الصهيونية في فلسطين والوطن العربي .
ثالثا : مواقفه الاجتماعية من الاحتلال الصهيوني لفلسطين والأرض العربية :
يؤكد ابن ملحم في هذا الاتجاه على ضرورة دعم العرب والمسلمين للنضال المشرف ضد مطامع الصهيونية في كل من فلسطين والوطن العربي أيمانا منه بان الصهيونية حركة سياسية عنصرية عدوانية استعمارية مرتبطة بالإمبريالية ، هدفها إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين والأراضي العربية المجاورة لها .
هذه الحركة التي ظهرت بعد ظهور الاستعمار وسيطرة الدول الأوربية على الكثير من أراضي البلدان الضعيفة ، وحققت أهدافها نتيجة الدعم الاستعماري لها واستغلالها للشعور اليهودي بالاضطهاد ثم استغلال النزعات القومية في أوربا .
ثم يوضح ابن ملحم أن مبدأ العنصرية الصهيونية يرتكز على ركيزتين : الأولى ادعاء اليهود بأنهم شعب الله المختار والمتفوق على غيره من الشعوب وعدم الاختلاط مع الآخرين لأن في هذا الاختلاط ما يعرضه لفقدان بعض صفاته الخاصة . والثانية هي : العرقية وتتمثل بادعائهم أنهم من نسل العبرانيين الذين هاجروا من فلسطين قبل أكثر من الفي عام .
وفي هذا السياق يرد ابن ملحم كغيره من المفكرين والساسة العرب على هاتين الركيزتين بما يلي :
((إن ادعاء اليهود فيما زعموا باطل وبخاصة من الناحية العلمية وينفيه علماء النسب فلا يوجد شعب صافي الدماء لأن الشعوب قد امتزجت بعضها مع بعض نتيجة عوامل التاريخ من حروب وهجرات . كما أن ادعائهم باطل من الناحية التاريخية لأن الكثير من جماعات الشعوب قد اعتنقت الديانة اليهودية دون أن تكون من فلسطين أو من نسل العبرانيين ومنهم شعب مملكة الخزر وغيره . ثانيا : اتجاهه الاجتماعي نحو عملية الاستقلال الوطني وتحقيق التضامن العربي : ووسيلة للتوسعية .فقد حرص الإسرائيليين كل الحرص على ضرورة التفوق العسكري، لأن القوة في نظرهم هي أساس التوسع وغايته ولذلك فإنه من الطبيعي أن يعتمد الصهاينة في توسعهم على البطش والإرهاب فيلجأون إلى أسلوب التصفية الجسدية ووسائل التعذيب والعقاب الجماعي وتدمير المنازل العربية وإحراق المسجد الأقصى وغير ذلك من أعمال تخريبية وتشريدية مثل :
مذابح دير ياسين وقبية وكفر قاسم وقانا وأخيراً مواجهة ثورة الحجارة الباسلة في الأر اضي العربية المحتلة، بالذخيرة الحية وأساليب التعذيب الوحشي .
ويرى ابن ملحم في الاعتداءات المستمرة على الأراضي العربية والإسلامية في كل بقاع الأرض ، ما هو إلا سياسة دينية لها أوجه اقتصادية وعسكرية واجتماعية وثقافية ، هدفها هدم العقيدة الإسلامية التي ميزت العرب والمسلمين ، عن غيرهم عن الشعوب الأخرى لأنها خزانة لقيمهم ومبادئهم ومثلهم السامية ، وبذلك فهي هجمة عدوانية ذات نزعة دينية .
وفي اتجاه ابن ملحم يمكن ملاحظة مدى تأثره بتعاليم العقيدة الإسلامية المتمثلة بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وما أجمع عليه العلماء المسلمون . فهو ينزع في تقديم حلوله لمثل هذه القضية نزعة دينية علمية إسلامية . تعتمد على تنمية الذات العربية والإسلامية على حد سواء .
ثم يتفق ابن ملحم فيما قدمه مع بعض أنصار أعلام حركة التنوير العربي في عصر النهضة مثل جمال الدين الأفغاني ومع آراء واتجاهات بعض الزعماء والقادة العرب في مرحلتنا الراهنة ، من حيث طرحهم بعض الحلول لمعالجة واقع المجتمع العربي مثل الوحدة والحرية وتحقيق التضامن العربي والاقتصادي والسياسي والعسكري وغير ذلك. للقضاء على مظاهر التخلف والتجزئة والتبعية والاستعمار .
من هنا يمكن أدراك مدى تطور الوعي السياسي عند شيوخ و زعماء البدو ونخص العنزيون في مرحلتنا الراهنة في معالجتهم لقضايا مصير الأمة العربية والإسلامية على حد سواء وذلك فيما طرحه ابن ملحم من أفكار سياسية واجتماعية تتعلق بواقع حياة المجتمع العربي والإسلامي في المرحلة الراهنة وما هذه الاتجاهات في الآراء والمواقف إلا مؤشرات واقعية على مدى التطور التاريخي الحاصل في الاتجاهات الاجتماعية عند البدو في العصر الحديث كما تشير طبيعة هذه الاتجاهات إلى إسهامات البدو الحضارية ممثلين بأدوار زعمائهم في مسيرة التطور السياسي والاجتماعي والثقافي للمجتمع السوري والمجتمع العربي .
رابعا : مواقفه الاجتماعية من مسألة الإصلاح وتنمية واقع عشائر البادية السورية :
تتضح المعالم الرئيسية لاتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو إصلاح و تنمية واقع عشائر البادية السورية في مطلع النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي ، من خلال إدراكه الصحيح ووعيه الاجتماعي والسياسي العميق ، لسمات وخصائص الواقع الاجتماعي لحياة هذه العشائر القبلية وما يعتريه من تأخر على كافة المستويات المعرفية والسياسية والاقتصادية و الخدمية ، مقارنة بواقف حياة المدن السورية ثم نقل هذه الصورة بأبعادها الحقيقية إلى الجهات الحكومية المتخصصة بتنمية هذه القطاعات الاجتماعية في المجتمع السوري . وحثها على متابعة خططها الإصلاحية والتنموية للنهوض بواقع هذه القطاعات وذلك بحكم موقعه الاجتماعي في حياة هذه العشائر ومركزه السياسي من حيث هو نائباً عنها في مجلس النواب السوري .
وقد أكد ابن ملحم في هذا السياق على ضرورة أيجاد نوع من التنسيق والتعاون ، ما بين الجهات الحكومية وأبناء العشائر البدوية ، للوصول إلى حلول وإصلاحات تنموية صحيحة ، لتحقيق عملية النهوض بواقع هذه العشائر على مجمل الصُعد التنموية . وهذا من شأنه أن يخلق نوعاً من التوازن في جوانب عملية التنمية المادية والمعنوية والاجتماعية ، الأمر الذي يعمل على تفادي حدوث تطور أو تقدم في جانب على حساب جانب آخر ، مما يؤدي إلى حدوث عوائق في عملية التنمية المستقبلية الشاملة لواقع هذه المجتمعات العشائرية .
وفيما يتعلق بالسبل الكفيلة بتطور هذه المجتمعات يؤكد ابن ملحم في هذا الاتجاه على ضرورة تقيد الحكومة بما يقدمه لها من الحلول والمشروعات التالية بغية النهوض بواقع هذه المجتمعات العشائرية في البادية السورية ( 1 ):
1 – مواقفه من عملية إصلاح وتنمية واقع عشائر البادية السورية :
لقد تمثلت مواقف ابن ملحم من عملية إصلاح وتنمية واقع عشائر البادية بما قدمه لكل من الحكومة السورية ولأبناء هذه العشائر من الحلول الإصلاحية التنموية التالية وحث كلٍ منها على القيام بدوره تجاه هذا الأمر على أكمل وجه :
أ – تشكيل لجان مختصة في إصلاح شؤون واقع العشائر البدوية من قبل الحكومة السورية، تعمل على دراسة واقع هذه العشائر من النواحي الاجتماعية والمادية والتعليمية والصحية , دراسة علمية للتوصل إلى مجموعة من الحلول والمقترحات العلمية من أجل تطوير واقع تلك العشائر .
ب – ضرورة قيام الدولة بمهمة توطيد الأمن في مجتمع البادية بمنع كافة مظاهر الغزو وحل كافة أنواع الخلافات بين عشائر البادية من جهة وبين هذه العشائر وأهل الأرياف والقرى والمدن من جهة ثانية . وذلك عن طريق التعاون بين مؤسساتها الأمنية والقضائية وشيوخ هذه العشائر .
ج – على الحكومة السورية أن تولي أمر مشروع توطين البدو وتحضيرهم ، وتأمين كافة مستلزمات وسبل هذا المشروع أهمية كبرى . وقد تحدد هذا الأمر عند ابن ملحم بقوله: ((إن مشروع توطين وتحضير عشائرنا البدوية يتطلب من الدولة تأمين كافة مستلزماته وسبل احتياجاته المادية والمعنوية ، وعلى أبناء عشائر البادية الامتثال الكلي لإجراءات هذا المشروع وما تسنه الدولة من قوانين وتصدره من إرشادات وتوجيهات ,خاصة فيما يتعلق بجدوى الانتقال من حياة التنقل و الترحال إلى حياة التوطين والاستقرار في قرى ومساكن : وامتلاكهم للأرض وسبل استثمارها الصحيحة إلى جانب امتهانهم لاسلوب تربية الأبل والماشية )) ، ويرى ابن ملحم في هذا المشروع الطريق الأسرع والأسلم في عملية اصلاح وتنمية واقع عشائر البادية لما فيه من الخير والصلاح والعطاء لهم و لأسرهم والمجتمع السوري.
د – دعم الحكومة السورية لمشروع التعليم في البادية من خلال تأمينها كافة متطلبات هذا المشروع من مدارس ومدرسين وغير ذلك .
ق - قيام الدولة عن طريق مؤسساتها التعليمية والمهنية بتأهيل أبناء عشائر البادية لدخولهم مجال العمل بكافة أنواعه : ( الاجتماعي ، السياسي ، اليدوي ) .
ك – رفع مستوى الواقع الصحي لعشائر البادية من خلال تأمين الحكومة لها المستوصفات المتنقلة والأطباء والممرضين والأدوية ووسائل النقل الإسعاف وغير ذلك .
ويرى ابن ملحم أن في تحسين المستوى الصحي لأبناء عشائر البادية نتائج إيجابية تنعكس آثارها على صعيد الفرد والأسرة والمجتمع حيث تقل نسبة وفيات الرضع ، وبالتالي يزداد عدد السكان وبخاصة من الفئة العمرية المنتجة وهذا يؤدي إلى زيادة في الانتاج المادي في المجتمع ، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع مستوى دخل الفرد وهذا من شأنه أن يعمل على تحسين واقع حياة الأفر اد فيزداد الخير ويعم الرفاه .
ل – يجب أن تعمل الجهات القضائية المختصة في الدولة على البت السريع في شؤون وقضايا أبناء البادية المعروضة عليها من خلال اصدارها للأحكام القضائية أو إحالة هذه القضايا في الأمور الحساسة إلى المختصين بشؤون القضاء العشائري من أبناء العشائر .
م – يجب أن تتولى الدولة بالتعاون مع شيوخ العشائر عملية توزيع الأراضي والمراعي على كافة أبناء عشائر البادية وبالتساوي لتحقيق مبدأ العدل والمساواة في حقوق الملكية .
ن – قيام الدولة بحفر المزيد من الآبار النظامية لتأمين استخراج مياه الشرب الصحية اللازمة لأبناء العشائر في البادية .
هـ - قيام الدولة بتقديم المساعدات المالية والتوجيهية لكافة أبناء عشائر البادية بهدف دعم مشروع تحضير هذه العشائر بتأمين الغذاء واللباس والبذار وأدوات الفلاحة والزراعة لهم .
و – إيفاد خطباء ووعاظ متخصصين في شؤون الدين الإسلامي إلى مجتمعات عشائر البادية لوعظ و إرشاد أبنائها إلى ما يجهلونه من العبادات والمعاملات الإسلامية ، مثل : الدعوة إلى فعل الخير والبر والاحسان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و .....
وبذلك نجد ابن ملحم من خلال ما قدمه من حلول لاصلاح وتنمية واقع حياة عشائر البادية يعطي الدولة الدور الرئيسي في إنجاح هذا المشروع وهذا مؤشر جديد من مؤشرات تطور الاتجاهات الاجتماعية عند شيوخ و زعماء البدو ، بالسماح للحكومة كجهاز سياسي أدارى عسكري للتدخل في الشؤون الداخلية والخارجية لمجتمع العشيرة . ويمكن لنا أن نلتمس من خلال منحى هذا التطور في هذه الاتجاهات الجدوى الإيجابية الصحيحة والضرورية لاصلاح واقع عشائر البادية في معطياته الواقعية لتلك المرحلة الزمنية .
كما يمكن إدراك حقيقة الدور الفاعل لشيوخ و زعماء البدو في سورية ، في إنجاح برامج وخطط ومشاريع التنمية الاجتماعية ، لتحقيق التطور الحضاري للمجتمع البدوي والمحلي والعربي، في مرحلة القرن العشرين .
خامسا – اتجاهه الاجتماعي نحو الديمقراطية والحرية :
تشكل مسألة الديمقراطية والحرية أهم المسائل التي تتضمنها عملية التنمية الاجتماعية في سورية لتطوير واقع حياة مجتمعها ، ولذلك كان لا بد من التعرف على طبيعة الاتجاهات الاجتماعية عند البدو نحو هذه القضية لضرورات علمية وسياسية ترتبط بأسس استراتيجية عملية التنمية والتخطيط الشامل .
وقد وضح ابن ملحم اتجاهه الاجتماعي نحو الديمقراطية والحرية بقوله : (( أن تجربتنا في العمل الاجتماعي والعمل السياسي قد وسعت مداركنا ووعينا لمفهوم الديمقراطية والحرية على حد سواء فالديمقراطية في مجتمع العشيرة القبلية في المراحل السابقة لم تكن موجودة إلا على مستويات محدودة تمثلت بالمشورة في اتخاذ القرارات التي تخص حياة القبيلة ولكن إذا نظرنا إلي واقع مجتمعاتنا العشائرية والمحلية في هذه المرحلة من النصف الثاني من القرن العشرين لوجدنا أن الأمر قد اختلف كثيرا وعلى كافة مستويات الحياة ، الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي و ...
وفي هذه الفترة الزمنية من تطور حياة مجتمعاتنا العشائرية والمحلية لا بد لنا أن ننظر إلى مسألة الديمقراطية من جانبين : الجانب الأول : هو ارتباط مسألة الديمقراطية بمسألة الحرية : والجانب الثاني : هو ارتباط هاتين المسألتين بنظام الإسلام كنظام اجتماعي سياسي ، واقتصادي،و ثقافي ، تنتظم بمبادئه وقوانينه كل أمور حياتنا الخاصة والعامة )) .
سادسا : اتجاهه الاجتماعي نحو العلم :
سبق وذكرنا أن قضية العلم تحتل مكانة رئيسية في مشاريع وخطط التنمية الاجتماعية المحلية والعربية على حد سواء ، ولذلك كان لا بد من التعرف اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحوها من خلال العرض التالي :
اعتمد ابن ملحم في مشروع إصلاح وتنمية واقع حياة عشائر البادية على عامل العلم اعتمادا رئيسيا . فهو ينظر إلى العلم والمعرفة على انهما السبيل الوحيد للقضاء على مشاكل الأمية والجهل والتخلف في حياة عشائر البادية وحياة المجتمع المحلي والعربي . وبذلك يكون العلم عند ابن ملحم هو سبيل التقدم والارتقاء والتغيير البناء في حياة المجتمع الوطني والعربي. ويستهدف ابن ملحم للبرهان على صحة وجدوى اتجاهه الاجتماعي نحو العلم ودوره في تقدم حياة المجتمعات بالتجربة الإسلامية في بنائها لصرح الحضارة الإسلامية .بقوله : (( وهذا الطريق – طريق العلم والمعرفة – قد سبق وسلكه أجدادنا العرب المسلمين منذ القديم وبخاصة خلال إشادتهم لصرح بناء الدولة الإسلامية العظيمة من خلال التزاماتها بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف في هذا الشان ، قال تعالى : (( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم )) تلك الدولة التي سادت المعمورة بأكملها ونشرت بعلمها مبادئ ومثل الدين الإسلامي الحنيف)).
ثم يعرج ابن ملحم في هذا الاتجاه إلى الحديث عن أهمية العلم في الإسلام من حيث هو فريضة على كل مسلم ومسلمة يقول : (( إن الله تعالى قد ميز العالمين عن سوأهم ورد تسأويهم بقوله تعال : (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) ثم رفع الله تعالى درجة المؤمنين العلماء على غيرهم من عامة الناس بقوله : (( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) . إضافة إلى ذلك نرى ابن ملحم يرى في العلم الحياة يقول : (( العلم كالماء به الحياة وينتفع به كل من الفرد والمجتمع إذا عملا به ويهلكان إذا ابتعدا عنه. وإذا أراد الله تعالى خيرا بالأمة فإنه يفقه أبناءها بأمور دينهم بما فيه من مبادئ عليا ومثل سامية تشكل أسسا متينة في بناء المجتمع المتطور الذي ينتهج في حياته سبل التقدم والازدهار )) .
وفي هذا المكان يمكن أن نلاحظ في اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو مسألة العلم مدى تأثره بتعاليم الدين الإسلامي في موضوع العلم وأهميته كأساس لبناء مجتمع متين الأواصر يسير في منحى التقدم والازدهار . وإضافة إلى ذلك أيضاً يمكن ملاحظة اعتماد ابن ملحم في اتجاهه نحو إصلاح واقع مجتمع العشيرة وتنميته على نتائج تاريخ الأمم السابقة وأخذها بعين الاعتبار إذا وجد فيها ما هو مفيد لتطور واقع حياة مجتمعه أفراداً وجماعات .
وفي جانب آخر من جوانب اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو العلم نجد أنه يرتكز في تقديمه الحلول المنطقية للارتقاء بواقع مجتمعه على أسلوب التحليل في التعامل مع الظواهر الاجتماعية السائدة في هذا المجتمع . ومن ثم تشخيصها بناء على نوعيتها السليمة أو المعتلة تشخيصا يأخذ بعين الاعتبار العوامل الرئيسية المسببة لحدوث هذه الظواهر وما تعكسه هذه الظواهر من آثار إيجابية أو سلبية على أفراد المجتمع . فهو يرى أن بنية المجتمع القبلي الاقتصادية تعكس نمطاً من التفكير العلمي على حد تعبيره تتعدى النطاق الاجتماعي لهذا المجتمع إلى بقية مجالات المعرفة الإنسانية فيه ؛ أي أن العلم وما يشمله من تطور في كافة مجالاته واختصاصاته مرتبط بتطور وسائل الإنتاج ( الإنسان ، الأرض ، الآلة ) والظروف الموضوعية له وهو في الوقت الحالي نفسه يعمل على تطوير هذه الوسائل ليحقق الاستفادة القصوى منها لخير الصالح العام في المجتمع ، أي يكون للعلم في هذا الدور أثر كبير في تغيير البنية الاقتصادية بما يطرحه من تقدم معرفي وتكنولوجي يعمل على تحسين الوضع الاقتصادي للفرد والمجتمع من خلال الزيادة في الطاقة الإنتاجية كماً ونوعاً .
ويضيف ابن ملحم إلى العلم دورا آخر يتمثل في تأثيره على توزيع الثورة في المجتمع بشكل يحقق العدالة الاجتماعية في توزيع هذه الثروات العامة الأمر الذي يخلق ظروفاً جديدة في التفاعل الاجتماعي ما بين أفراد المجتمع تسهم في دفع مسيرة التطور الحضاري لحياة هذا المجتمع . هذا من جهة . ومن جهة أخرى يرى ابن ملحم وجود أثر للعلم في البنية الاقتصادية من خلال الاكتشافات التي يتوصل إليها ويقدمها لأفراد المجتمع في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة، فيهيئ لهم موارد جديدة لم تكن متوفرة من قبل(1) .
وفي ضوء هذا الإعجاب والتأييد عند ابن ملحم للعلم ،نجده يركز على مسألة جديدة تتمثل في الترابط الوثيق بين العلم والوعي الاجتماعي من جهة وعملية التحرر الاجتماعي من جهة أخرى . فهو يؤكد على أهمية هذا الترابط البناء على حد تعبيره ما بين العلم وبنية المجتمع من خلال ارتباط العلم بالوعي الاجتماعي ومن ثم ارتباطهما معاً بمسألة التحرر الاجتماعي من عوامل الأمية والفاقة والفقر والمرض والتخلف .
يوضح ابن ملحم في هذا التأكيد على أن لعملية التحرر الاجتماعي في المجتمع العشائري والمحلي ظروفا اجتماعية ، تسهم في ظهور وعي اجتماعي جديد يطرد من خلايا المجتمع رواسب الماضي السلبية وتخلفه وخرافاته ( الوأد ، الغزو ، النهب ،السحر ...) بما يهيئ وضعاً يمكن من بروز أنماط من التفكير السليم العلمي ) تسهم بدورها في خلق أوضاع اقتصادية واجتماعية وثقافية جديدة تدفع مسيرة التطور والتقدم في واقع حياة مجتمع عشائر البادية والمدينة .
وبهذا نجد في عملية التحرر الاجتماعي من منظور ابن ملحم ، جزءاً من المرحلة الاجتماعية ومنطلقا لبروز وعي علمي جديد يسهم في تحقيق الشروط الضرورية لعملية تحضير وتوطين عشائر البادية والارتـقاء بواقع مجتمعاتها .
وهنا يظهر بوضوح أهداف ابن ملحم في اتجاهه الاجتماعي نحو إصلاح وتنمية حال عشائر البادية لتحقيق التوازن بين طرفي عملية التنمية الاجتماعية المادي والاجتماعي بغية تحقيق نمو متواز في جميع قطاعات مجتمع عشائر البادية . وهذا يقترب إلى حد كبير من نظريات التخطيط والتنمية الحديثة في معظم الدول المعاصرة في تطوير واقع مجتمعات أفرادها .
وفيما يتعلق بمشروعية ديمقراطية التعليم ، نجد تأكيد ابن ملحم المستمر على ضرورة أن يكون التعليم، حقا لكافة أبناء عشائر البادية ذكورا وإناثا وعلى ضرورة تضافر الجهود والتعاون بين مؤسسات الحكومةو شيوخ وأبناء هذه العشائر في سبيل تحقيق هذا المشروع على أكمل وجه.
وفي هذا التأكيد نلاحظ بوضوح مدى التطور الحادث في اتجاهات البدو الاجتماعية نحو العلم عن ذي قبل والخاصة فيما يتعلق بوضع المرأة في العشيرة البدوية وحقها في التعليم. وفي هذا الجانب نجد ابن ملحم يفصح عن موقفه كزعيم اجتماعي وقائد سياسي من خلال حديثه عن مكانة الأسرة في حياة مجتمعات أفرادها . فهو ينظر إلى الأسرة على أنها اللبنة الأساسية لتكوين المجتمع سواء كان قبليا أو محليا مدنيا وفي صلاحها يكمن صلاح الفرد والمجتمع . وهذا الموقف الاجتماعي عند ابن ملحم ، يذكرنا بما جاء به الطيار في هذا الخصوص وبمن سبقه من المفكرين والمصلحين .
سابعا : اتجاهه الاجتماعي نحو الأسرة البدوية :
يشير ابن ملحم إلى دور الأسرة البدوية في صلاح كل من الفرد والمجتمع البدوي من خلال تركيزه على الوظائف الأساسية المنوطة بها في المجتمع العشائري أو المحلي, وأثر عملية التطور الاجتماعي للمجتمع عليها .
ويرى ابن ملحم أن الأسرة في القبيلة العربية والمجتمع المحلي قد سلمت في الآونة الأخيرة من هذا القرن – القرن العشرين - بعض وظائفها التنفيذية ( الوظيفة القضائية ، التعليمية ، الاقتصادية، السياسية وغيرها ) إلى مؤسسات الدولة الاجتماعية حيث لها تركيبات أعقد ووسائل أقوى في جانبي التشريع والتنفيذ . وفي ما يتعلق بالوظائف الأساسية المنوطة بالأسرة في مجتمع العشيرة يؤكد ابن ملحم على مجموعة من الوظائف التي ستظل ملازمة للعائلة البدوية إلى أمد طويل ، ويجمل هذه الوظائف من خلال تقديمه للنشاطات الأسرية التالية :
1. تنظيم الزواج والاعتراف الاجتماعي بحق الجنسين في أن يعيشا في منزل واحد في رباط جماعي شرعي : وبهذا يعطي ابن ملحم للعائلة وظيفة تنظيم الناحية الجنسية لدى أفراد مجتمع عشائر البادية بطريقة شرعية تتفق وقوانين عقيدة هذا المجتمع وأعرافه .
2. استمرار الجنس البشري وتكاثره عن طريق انجاب الأطفال بطريقة شرعية
3. التنشئة الاجتماعية للأطفال وتأهيلهم تأهيلا اجتماعيا يمكنهم من اكتساب عضويتهم في المجتمع.
4. تأمين الاستقرار النفسي والاجتماعي لأفراد العائلة .
وإذا ما قارنا هذه الوظائف التي يؤكد عليها ابن ملحم في اتجاهه الاجتماعي نحو الأسرة البدوية مع ما قدمه البعض و ما جاء به علماء الاجتماع في دراساتهم الحديثة لموضوع الأسرة القبلية والعربية من نتائج حول أدوار الأسرة ووظائفها وتطورها ، لوجدنا تقاربا كبيرا بينهم وبين ما يقدمه ابن ملحم في هذا الأمر في الربع الأخير من القرن العشرين ولا سيما في تأكيدهم على أن قيام الأسرة بهذه الوظائف يكفل السيادة للإنسان والتقدم للمجتمع .
وفي دور الأسرة البدوية نحو تعليم الأفراد يوكل ابن ملحم لها مهمتان من خلال تحليله لواقع حياتها في القبيلة العربية ، فهو يرى أن الأسرة البدوية تعاني في مجتمع العشيرة تحديداً في مجال التعليم ويتضح ذلك في محورين أساسيين : يرتبط المحور الأول : في انتشار ظاهرة الأمية بين الأفراد وبخاصة في الأعمار المتقدمة ويتمثل المحور الثاني بتعليم الإناث وتأمين المناخ الاجتماعي الصحيح والمناسب ولرفع مستواهن العلمي والثقافي .
ويطرح ابن ملحم هذين المحورين من خلال نظرته إلى مشكلة الأمية باعتبارها آفة اجتماعية لها علاقة بإعاقة التطور الحضاري لواقع مجتمع العشيرة والمجتمع المحلي يقول: ((إننا نعد محو الأمية في مجتمعاتنا العشائرية وغير العشائرية أحد العوامل الرئيسية والحاسمة في تطور واقع هذه المجتمعات وترقي أفرادها ولذلك كان من الضروري علينا العمل الجاد للقضاء على هذه الظاهرة السلبية. ضمن خطة تعليمية انمائية تتولى الحكومة بالتعاون مع رموز ووجهاء العشائر في البادية السورية تنفيذها على أكمل وجه . وهذا ما قد طرحناه ،مرارا على الجهات الحكومية المعنية بهذه الأمور من خلال مشاركاتنا الفعالة والبناءة في مجلس النواب السوري .
وبحمد الله فقد أخذت الدولة بما طرحناه بعين الاعتبار والتنفيذ . حيث رأت الدولة فيه ضرورة موضوعية في تطوير جوانب مجتمعات أفرادها من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وذلك لأن العلم في المجتمع يحرك الطاقات ويغير البيئة ويرفع من إنتاجه العمل ويعزز من تعليم الأطفال والشباب )) .
وبذلك نجد أن التعليم كما يراه ابن ملحم وسيلة رئيسية لتحريك الشعوب باتجاه مهمات البناء الوطني الصحيح وهذا التعبير عند ابن ملحم لا يمكن أن يحدث بشكله المطلوب إلا إذا شعر أفراد المجتمع في باديته وريفه وحاضرته شعورا قويا بالحاجة إلى تحسين ظروف وجودهم . وبذلك يركز ابن ملحم على مسألة الارتباط الكلي بين واقع حياة البادية وواقع حياة المدينة وهذه نظرة علمية واقعية من شأنها تسريع عملية الارتقاء وتنمية المجتمع الوطني السوري ككل .
وفي ما يتعلق بالمحور الثاني المتعلق بتعليم الإناث يرى ابن ملحم في تعليم الفتاة في الأسرة البدوية شرطا أساسيا لبناء أسرة مسلمة وعصرية تعتمد في تنظيم أمور حياتها الخاصة والعامة على وعيها للأسس الأخلاقية والاجتماعية التي ورثتها الأسرة عن تراث الأجداد والتي أفرزتها عملية التطور الاجتماعي لواقع مجتمعها .
وإضافة إلى ذلك فإن ابن ملحم يرى في هذا المحور شرطا أساسيا لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي ومظهرا من مظاهرهما .
ثم يستشهد ابن ملحم بنتائج إسهاماته في هذا المجال من ملاحظاته الواقعية في تزايد إقبال الفتيات في مجتمع عشائر البادية في هذه المرحلة من أواخر القرن العشرين على تلقي العلم في شتى مجالات المعرفة النظرية وحتى العملية مشيراً إلى جهوده المثمرة و البناءة كزعيم اجتماعي وقائد سياسي في تسريع وتيرة هذه الخطوة إيمانا منه بجدواها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على صعيد حياة الفرد والأسرة والعشيرة والمجتمع ككل .
ويرى ابن ملحم أن نجاح تحقيق هذه المرحلة من التطور العلمي في حياة مجتمع عشائر البادية هو مؤشر ايجابي وفعال على مدى اتساع وعي وإدراك الأسرة في مجتمع العشيرة واستجابتها لمتطلبات تعليم أبنائها . الأمر الذي قد أدى إلى تحقيق حدوث شيء من عملية التحرر الاجتماعي على صعيد واقع المرأة في مجتمعاتنا العشائرية وبخاصة فيما يتعلق باختيار شريك الحياة واختيار نوع التخصص العلمي وإبداء الرأي في شؤون أسرتها الخاصة واختيار أسلوب التنشئة المناسب لأطفالها وتربيتهم بأساليب واتجاهات أفضل تتلاءم مع نمط الحياة الجديد في المرحلة الراهنة .
وفي نهاية هذا الاتجاه نجد ابن ملحم مدرك إدراكا كليا لعوامل التطور الاجتماعي في مجتمع عشائر البادية السورية وما حققه هذا التطور من نتائج إيجابية على صعيد حياة الأفر اد والأسر والمجتمع . ويحدد ابن ملحم عوامل هذا التطور بالعوامل التالية :
1- اعتماد أبناء العشائر على ازدواجية العيش المشترك في نمط حياتهم ما بين حياة المدينة وحياة البادية .
2-
3- تغير أساليب الإنتاج في مجتمع العشيرة إلى أساليب أكثر تطوراً هي : أسلوب الزراعة، أسلوب التجارة ، أسلوب الصناعة اليدوية ، أسلوب العمل الفكري ، وذلك إلى جانب أسلوب الرعي وتربية الإبل والماشية .
4- التمازج والتواصل الحضاري بين أبناء هذه العشائر وأبناء المدن على صعيد دول الوطن العربية والدول الأجنبية . حيث أدى اطلاع أبناء هذه العشائر على أنماط وأساليب متعددة من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للآخرين إلى تعديل بعض مظاهر أنماط حياتهم الخاصة والعامة.
إن ابن ملحم في هذا التحديد يذكرنا بتحديد كل من ابن خلدون لعوامل تطور الدولة في نظرية تعاقب الحضارات وبنظرية عالم الاجتماع فيكون في تحديده لمراحل تطور الأمة وغيرهم .
ومن خلال استعرضنا لمضمون اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو مسألة العلم باعتبارها مسألة جوهرية في مسائل التنمية الاجتماعية المحلية ، يمكن القول فيها : ان ما قدمه ابن ملحم من آراء ومواقف وما حث على تطبيقه في هذا المجال ، يشكل إسهاما حضاريا في مسيرة التطور الاجتماعي للمجتمع المحلي والوطني والعربي .
وفي هذا التقديم مؤشر علمي واقعي على تأثر الجماعات البدوية أفرادا وشيوخ وزعماء في سورية، بعوامل التطور الداخلي والخارجي لهذا المجتمع ، وإلى دورهم التاريخي في مسيرة البناء الحضاري للمجتمع الوطني والعربي و الإسلامي . وما آراء واتجاهات الطيار وابن ملحم وغيرهم من وحدات هذه الدراسة إلا نماذج إيجابية واقعية من حياة شريحة البدو السورية العربية في قولها وفعلها ، والتي قد تجاهلها المؤرخون وكتاب العصر الحديث في دراساتهم لأسباب متباينة .
ثامنا : اتجاهه الاجتماعي نحو العمل :
يتجلى اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو مسألة العمل باعتبارها إحدى أهم قضايا التنمية الاجتماعية من خلال نظرته الحضارية التي تواكب عملية عملية التطور الاجتماعي والتقدم والمعرفي ، لواقع المجتمع البدوي والمجتمع المحلي والعربي . وهو بهذه النظرية الإيجابية نحو موضوع العمل يشكل ثورة في قيم اتجاهات البدو الاجتماعية نحو العمل في المراحل التاريخية السابقة للمرحلة الراهنة التي اتسمت بالنظرة السلبية لهذا الموضوع وأهله .
يقول : (( لقد اقتصرت الأعمال الجديرة بالاحترام عند أهلنا البدو في المراحل السابقة على الرعي وخاصة رعي الإبل وتربيتها ثم تربية الماشية والغزو الصيد ، في حين كانوا يانفون كل الأعمال الأخرى وبخاصة الأعمال اليدوية مثل الزراعة والفلاحة والحدادة ويزدرون أصحابها ، بحجة أن مثل هذه الأعمال يتطلب من أهلها الاستقرار الذي يحرمهم من ممارسة الحرية والانطلاق وهما غاية حياتهم، ولكن بعد أن تشكلت الحكومات الوطنية وسلكت سبل تطوير كافة فئات مجتمعاتها اتجه البدو نحو الاستقرار والتوطين وامتلاك الأراضي والمراعي والعيون وامتهنوا زراعة الأرض والري . وبعد هذه العملية من التحول التدريجي في أسلوب الإنتاج اتصلوا بالمدينة فتعرفوا على أسلوب اقتصادي جديد هو أسلوب التجارة ، فاصبحوا يتبادلون مع التجار منتجاتهم الحيوانية والزراعية مقابل مبالغ مالية معينة وهنا اطلعوا على أنماط جديدة من حياة المدن الأمر الذي أدى إلى حدوث تغيرات كبيرة في قيم اتجاهاتهم الاجتماعية القديمة نحو موضوع العمل وأنواعه ، وتشكلت قيم اتجاهات اجتماعية جديدة تتوافق مع مصالحهم الخاصة والعامة ومع ظروف ومتطلبات المرحلة التي يعيشون بها.
هذا الأمر رتب علينا بحكم موقعنا الاجتماعي ومركزنا السياسي إلى تأييد هذه الاتجاهات الجديدة وتوجيه كافة أفراد عشائرنا إلى ما فيه الخير والصلاح لأحوالهم المُعاشية في عملية امتهانهم لصنوف متعددة من أنواع العمل الفكري والجسدي .
ونطالب والحكومة أن تمد يد العون لهم من حيث التأهيل المهني لممارسة الأعمال الصعبة وتأمين أسواق جديدة لتصريف منتجاتهم وتقديم المساعدات المالية (( كالقروض )) ثم العمل على إرشادهم لإنجاح وتطوير مشاريعهم الزرعية والتجارية والصناعية .
ونحن نرى في هذا الأمر استجابة موضوعية لمتطلبات الحياة العصرية الجديدة والتزاما بتعاليم العقيدة الإسلامية التي شجعت المسلمين على العمل بهدف القضاء على البطالة والعوز-الفقر- )).
ثم يؤكد ابن ملحم على ضرورة وأهمية عملية تقسيم العمل في مجتمع عشائر البادية من خلال قوله : (( مهما بلغت حياة مجتمع البداوة من البساطة لا يستطيع الفرد فيه تأمين كافة مستلزمات حياته الفردية أو الأسرية ، بل هو بحاجة إلى منتجات أعمال الآخرين سواء في مجتمع البادية أو مجتمع المدينة لكي يضمن لنفسه ولأسرته البقاء والاستمرار ).
وبهذا يرى ابن ملحم في عملية تقسيم العمل ضرورة مصيرية لحياة أفراد مجتمع عشائر البادية والمدن على حد سواء .
و أخيرا ليس بوسعنا إلا أن نقول رحم الله ثامر الملحم و أ دخله فسيح جناته
الكاتب الأصلي
إسماعيل السلامات
باحث في شؤون وقضايا المجتمع البدوي
منقول
نحو بعض قضايا التنمية الاجتماعية :
قبل رحيل العلم العنزي الشامخ بفكره و وجوده الشيخ ثامر طراد الملحم كتب الله تعالى لنا نصيبا بلقائه على مدى ثلاث سنوات متتالية خلت .
فكان حصادنا منه حصادنا غنيا بمواقف وآراء ثرية و بحمده تعالى كنا السباقون لجمعها وتوثيقه وعرضها بفخر واعتزاز .
وبعد أن رحل هذا الرمز الوائلي رحمه الله نعرض فيما يلي لأخوتنا رواد هذا المنتدى قبسات عطرة من نور سيرته الفكرية عسى أن يدونوها لفلذات أكبادنا الذين لا نعلم ما ينتظرهم من من خير أو شر في مستقبلهم القادم .
*******
ننتقل إلى نموذج آخر من زعماء البدو في سورية خلال القرن العشرين الميلادي ، في حيث سنتناول اتجاهاته الاجتماعية نحو بعض قضايا التنمية الاجتماعية في الفترة المذكورة لنقدم لمن سولت لهم أنفسهم بقصد أو بدون قصد بالتهجم على صرح مجتمعنا البدوي بما فيه من ثروات بشرية ومادية حافظت على استمراره وبقائه وتطوره وتعايشه مع المجتمعات الأخرى . وفقا لما يلي :
أولا : التعريف بابن ملحم :
- إسمه ونسبه : هو ثامر بن طراد بن فندي بن سعود الملحم من عشيرة الحسنة من من المنابهة من بطن الوهب من ضنا مسلم من قبيلة عنزة الوائلية العدنانية العربية .
- ولادته : ولد الشيخ ثامر بن طراد الملحم سنة 1928 م في بادية حمص في سورية ومات سنة 1998م في مدينة حمص حيث دفن في مقبرة الكتيب بعد ان قضى حياته في الاصلاح الاجتماعي والقضاء العشائري والعمل السياسي.
- مكانته الاجتماعية : ورث الشيخ ثامر بن طراد الملحم عن والده المرحوم الشيخ طراد بن فندي الملحم المتوفي سنة 1946 م زعامة قبائل المنابهة في الوطن العربي ، باعتباره الوريث الشرعي لهذه المكانة الاجتماعية ، كما ورث عن والده مركز عضوية النيابة عن عشائر البادية السورية في المجلس النيابي السوري ,وبعد وفاته انتقلت المشيخة في قبائل المنابهة إلى ولده الشيخ موفق الملحم .
- شخصيته : كان للقيم العربية والإسلامية والمثل العليا السامية التي نشأ وترعرع في ظلها ابن ملحم أثر كبير في عملية تكوين شخصيته الحضارية كزعيم عربي اجتماعي وقائد سياسي عُرف بعشقه للرجولة لأنها جزء من حياته كما عُرف بالورع والتقوى فكان سديد الرأي كبير في عملية تكوين اتجاهات شخصيته الحضارية كزعيم عربي اجتماعي وقائد ، حكيم القول ، حاد النظرة ، ملتزماً بقضايا عشائره و أمته وأبناء جلدته ، محباً للخير أهله ، كريماً في بيته وشجاعاً في فصله .
وقد تبلورت الاتجاهات الاجتماعية عند ابن ملحم في ظل الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، التي عاشها المجتمع العربي السوري بادية وريفا ومدينة ، في مرحلة الثلاثينات من القرن العشرين . فجاءت آراء ومواقف اتجاهاته الاجتماعية نحو بعض قضايا التنمية الاجتماعية مُتأثرة كل التأثير بتلك الظروف .
وقد تحددت الاتجاهات الاجتماعية عند ابن ملحم نحو بعض قضايا التنمية الاجتماعية في واقع حياة المجتمع البدوي والمحلي السوري بما يلي( 1 ) :
ثانيا : اتجاهه الاجتماعي نحو عملية الاستقلال الوطني وتحقيق التضامن العربي :
لقد تبلور هذا الاتجاه عند ابن ملحم من خلال إدراكه الواعي لواقع ظروف مجتمعه الوطني والعربي في الخمسينات من القرن العشرين ، حيث أخفقت الثورة العربية في أوائل هذا القرن من تحقيق أهدافها في الاستقلال والوحدة العربية الأمر الذي شكل حافزا للجماهير العربية في متابعة مسيرة نضالها في مواجهة الاستعمار الأوربي ، الذي حل محل الاحتلال العثماني في فترة ما بين الحربين وأقام الحدود المصطنعة بين أقطار الوطن العربي لتسهل عليه السيطرة والاستغلال للثورات العربية . مما أدى إلى اتخاذ النضال العربي شكل الثورات الوطنية والقطرية للمطالبة بالاستقلال الوطني ، بعد ان كان نضالاً قوميا من أجل إقأمة دولة عربية واحدة مستقلة في مطلع القرن العشرين .
في ظل هذه الظروف يؤكد ابن ملحم في هذا الاتجاه على ضرورة الاستمرار بدعم النضال الوطني لكل الدول العربية ، حتى تتمكن من نيل استقلالها السياسي والاجتماعي والاقتصادي وذلك من خلال دعم جميع الثورات المسلحة في أي من هذه البلدان والعمل على استخدام الإضرابات والمظاهرات والصدامات مع قوات الاحتلال كأسلحة فعالة ضده، ثم طرح شعارات الحرية والاستقلال والحكم الذاتي واقأمة حكم دستوري للبلاد قائم على أسس الديمقراطية الصحيحة .
ومن يترقب تطور العملية النضالية العربية في تلك المرحلة وبخاصة في سورية يلاحظ الجذور التاريخية لمواقف ابن ملحم من عملية دعم الاستقلال الوطني على الصعيد الوطني والعربي .
فقد كان والده المرحوم الشيخ طراد الملحم أحد الزعامات المحلية في سورية ( 2 )التي ترجع إلى أصول عشائرية قبلية ، والتي قادت عملية تشكيل الثورات والتجمعات السياسية لقيادة النضال الشعبي وقطف ثماره بما يحقق مصالحها ، وقدمت التضحيات في الأرواح والعتاد لطرد الجيوش الأجنبية . من الأرض العربية والسورية وتحقيق الاستقلال الوطني كخطوة أولى على طريق تحقيق الاستقلال العربي .
ويرى ابن ملحم أن اشتراك الأقطار العربية في كفاحها التحرري ضد الاستعمار الأوربي، قد أدى إلى توثيق العلاقات بين مختلف الفصائل العربية المعادية للاستعمار ، وإلى ولادة حركة التحرر العربي الواحدة على الصعيد القومي أدراك كل فصيل وطني قطري ، بأنه جزء من هذه الحركة الشاملة وأهدافها في الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي .
وهناك يمكن للباحث في مثل هذه الأمور ، أدراك مدى التطور الإيجابي الحادث في الاتجاهات الاجتماعية عند زعماء البدو في العصر الحديث ، من حيث الانتقال في نظرتهم لتقييم الأمور والتعامل معها من نطاق القبيلة الضيق ومصالحها الذاتية إلى إطار الوطن الواحد والأمة الواحدة ، وهذا ما أشار إليه ابن ملحم في هذا الاتجاه، من خلال دعمه العملي على الصعيد الاجتماعي القبلي والسياسي الوطني والعربي لعملية الاستقلال الوطني للبلاد العربية ولمشروع التضامن العربي بين الدول العربية وبخاصة مع تلك الدول التي لم تحصل على استقلالها السياسي بعد . ويرى ابن ملحم ان القيام بمشروع التضامن العربي في هذه المرحلة التاريخية الخطرة من حياة الأمة العربية ، يقتضي تحقيق الأمور التالية :
1 . العمل وفق مبادئ الإسلام الذي وحد العرب في أمة واحدة ، ووحد أهدافها ومثلها وجعلها تشعر بوجودها ووزنها وكرامتها ، وأعدها أعدادا جيدا لحمل راية الإسلام إلى العالم كله وكان لهم شرف حملها بجدارة وتبليغها بإماتة و أشادوا بها حضارة إنسانية رفيعة لازالت آثارها باقية إلى يومنا هذا وستبقى مشعل نور للإنسانية كلها بما طبقته من مبادئ وقيم سامية .
2 . إنشاء جيش وطني وجيش عربي له عقيدة واحدة توحده وتنظم علاقات فراده وتحدد أهدافه وغاياته وأساليبه .
3 . أحداث إصلاحات جذرية اجتماعية واقتصادية تكفل نمو كافة قطاعات المجتمع المحلي والوطني والمجتمع العربي نحو التقدم والارتقاء .
4 . بناء الدولة المركزية الديمقراطية القائمة على أسس العدالة والحرية والمساواة .
5 . تحقيق التضامن والتعاون البناء مع الأقطار العربية ، التي تناضل في سبيل تحررها ومقاومة الدعوات الإقليمية الرجعية التي من شأنها أن تعيق حركة مسيرة بناء الوحدة العربية والإسلامية .
6 . دعم مسيرة النضال في مواجهة المطامع الصهيونية في فلسطين والوطن العربي .
ثالثا : مواقفه الاجتماعية من الاحتلال الصهيوني لفلسطين والأرض العربية :
يؤكد ابن ملحم في هذا الاتجاه على ضرورة دعم العرب والمسلمين للنضال المشرف ضد مطامع الصهيونية في كل من فلسطين والوطن العربي أيمانا منه بان الصهيونية حركة سياسية عنصرية عدوانية استعمارية مرتبطة بالإمبريالية ، هدفها إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين والأراضي العربية المجاورة لها .
هذه الحركة التي ظهرت بعد ظهور الاستعمار وسيطرة الدول الأوربية على الكثير من أراضي البلدان الضعيفة ، وحققت أهدافها نتيجة الدعم الاستعماري لها واستغلالها للشعور اليهودي بالاضطهاد ثم استغلال النزعات القومية في أوربا .
ثم يوضح ابن ملحم أن مبدأ العنصرية الصهيونية يرتكز على ركيزتين : الأولى ادعاء اليهود بأنهم شعب الله المختار والمتفوق على غيره من الشعوب وعدم الاختلاط مع الآخرين لأن في هذا الاختلاط ما يعرضه لفقدان بعض صفاته الخاصة . والثانية هي : العرقية وتتمثل بادعائهم أنهم من نسل العبرانيين الذين هاجروا من فلسطين قبل أكثر من الفي عام .
وفي هذا السياق يرد ابن ملحم كغيره من المفكرين والساسة العرب على هاتين الركيزتين بما يلي :
((إن ادعاء اليهود فيما زعموا باطل وبخاصة من الناحية العلمية وينفيه علماء النسب فلا يوجد شعب صافي الدماء لأن الشعوب قد امتزجت بعضها مع بعض نتيجة عوامل التاريخ من حروب وهجرات . كما أن ادعائهم باطل من الناحية التاريخية لأن الكثير من جماعات الشعوب قد اعتنقت الديانة اليهودية دون أن تكون من فلسطين أو من نسل العبرانيين ومنهم شعب مملكة الخزر وغيره . ثانيا : اتجاهه الاجتماعي نحو عملية الاستقلال الوطني وتحقيق التضامن العربي : ووسيلة للتوسعية .فقد حرص الإسرائيليين كل الحرص على ضرورة التفوق العسكري، لأن القوة في نظرهم هي أساس التوسع وغايته ولذلك فإنه من الطبيعي أن يعتمد الصهاينة في توسعهم على البطش والإرهاب فيلجأون إلى أسلوب التصفية الجسدية ووسائل التعذيب والعقاب الجماعي وتدمير المنازل العربية وإحراق المسجد الأقصى وغير ذلك من أعمال تخريبية وتشريدية مثل :
مذابح دير ياسين وقبية وكفر قاسم وقانا وأخيراً مواجهة ثورة الحجارة الباسلة في الأر اضي العربية المحتلة، بالذخيرة الحية وأساليب التعذيب الوحشي .
ويرى ابن ملحم في الاعتداءات المستمرة على الأراضي العربية والإسلامية في كل بقاع الأرض ، ما هو إلا سياسة دينية لها أوجه اقتصادية وعسكرية واجتماعية وثقافية ، هدفها هدم العقيدة الإسلامية التي ميزت العرب والمسلمين ، عن غيرهم عن الشعوب الأخرى لأنها خزانة لقيمهم ومبادئهم ومثلهم السامية ، وبذلك فهي هجمة عدوانية ذات نزعة دينية .
وفي اتجاه ابن ملحم يمكن ملاحظة مدى تأثره بتعاليم العقيدة الإسلامية المتمثلة بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وما أجمع عليه العلماء المسلمون . فهو ينزع في تقديم حلوله لمثل هذه القضية نزعة دينية علمية إسلامية . تعتمد على تنمية الذات العربية والإسلامية على حد سواء .
ثم يتفق ابن ملحم فيما قدمه مع بعض أنصار أعلام حركة التنوير العربي في عصر النهضة مثل جمال الدين الأفغاني ومع آراء واتجاهات بعض الزعماء والقادة العرب في مرحلتنا الراهنة ، من حيث طرحهم بعض الحلول لمعالجة واقع المجتمع العربي مثل الوحدة والحرية وتحقيق التضامن العربي والاقتصادي والسياسي والعسكري وغير ذلك. للقضاء على مظاهر التخلف والتجزئة والتبعية والاستعمار .
من هنا يمكن أدراك مدى تطور الوعي السياسي عند شيوخ و زعماء البدو ونخص العنزيون في مرحلتنا الراهنة في معالجتهم لقضايا مصير الأمة العربية والإسلامية على حد سواء وذلك فيما طرحه ابن ملحم من أفكار سياسية واجتماعية تتعلق بواقع حياة المجتمع العربي والإسلامي في المرحلة الراهنة وما هذه الاتجاهات في الآراء والمواقف إلا مؤشرات واقعية على مدى التطور التاريخي الحاصل في الاتجاهات الاجتماعية عند البدو في العصر الحديث كما تشير طبيعة هذه الاتجاهات إلى إسهامات البدو الحضارية ممثلين بأدوار زعمائهم في مسيرة التطور السياسي والاجتماعي والثقافي للمجتمع السوري والمجتمع العربي .
رابعا : مواقفه الاجتماعية من مسألة الإصلاح وتنمية واقع عشائر البادية السورية :
تتضح المعالم الرئيسية لاتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو إصلاح و تنمية واقع عشائر البادية السورية في مطلع النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي ، من خلال إدراكه الصحيح ووعيه الاجتماعي والسياسي العميق ، لسمات وخصائص الواقع الاجتماعي لحياة هذه العشائر القبلية وما يعتريه من تأخر على كافة المستويات المعرفية والسياسية والاقتصادية و الخدمية ، مقارنة بواقف حياة المدن السورية ثم نقل هذه الصورة بأبعادها الحقيقية إلى الجهات الحكومية المتخصصة بتنمية هذه القطاعات الاجتماعية في المجتمع السوري . وحثها على متابعة خططها الإصلاحية والتنموية للنهوض بواقع هذه القطاعات وذلك بحكم موقعه الاجتماعي في حياة هذه العشائر ومركزه السياسي من حيث هو نائباً عنها في مجلس النواب السوري .
وقد أكد ابن ملحم في هذا السياق على ضرورة أيجاد نوع من التنسيق والتعاون ، ما بين الجهات الحكومية وأبناء العشائر البدوية ، للوصول إلى حلول وإصلاحات تنموية صحيحة ، لتحقيق عملية النهوض بواقع هذه العشائر على مجمل الصُعد التنموية . وهذا من شأنه أن يخلق نوعاً من التوازن في جوانب عملية التنمية المادية والمعنوية والاجتماعية ، الأمر الذي يعمل على تفادي حدوث تطور أو تقدم في جانب على حساب جانب آخر ، مما يؤدي إلى حدوث عوائق في عملية التنمية المستقبلية الشاملة لواقع هذه المجتمعات العشائرية .
وفيما يتعلق بالسبل الكفيلة بتطور هذه المجتمعات يؤكد ابن ملحم في هذا الاتجاه على ضرورة تقيد الحكومة بما يقدمه لها من الحلول والمشروعات التالية بغية النهوض بواقع هذه المجتمعات العشائرية في البادية السورية ( 1 ):
1 – مواقفه من عملية إصلاح وتنمية واقع عشائر البادية السورية :
لقد تمثلت مواقف ابن ملحم من عملية إصلاح وتنمية واقع عشائر البادية بما قدمه لكل من الحكومة السورية ولأبناء هذه العشائر من الحلول الإصلاحية التنموية التالية وحث كلٍ منها على القيام بدوره تجاه هذا الأمر على أكمل وجه :
أ – تشكيل لجان مختصة في إصلاح شؤون واقع العشائر البدوية من قبل الحكومة السورية، تعمل على دراسة واقع هذه العشائر من النواحي الاجتماعية والمادية والتعليمية والصحية , دراسة علمية للتوصل إلى مجموعة من الحلول والمقترحات العلمية من أجل تطوير واقع تلك العشائر .
ب – ضرورة قيام الدولة بمهمة توطيد الأمن في مجتمع البادية بمنع كافة مظاهر الغزو وحل كافة أنواع الخلافات بين عشائر البادية من جهة وبين هذه العشائر وأهل الأرياف والقرى والمدن من جهة ثانية . وذلك عن طريق التعاون بين مؤسساتها الأمنية والقضائية وشيوخ هذه العشائر .
ج – على الحكومة السورية أن تولي أمر مشروع توطين البدو وتحضيرهم ، وتأمين كافة مستلزمات وسبل هذا المشروع أهمية كبرى . وقد تحدد هذا الأمر عند ابن ملحم بقوله: ((إن مشروع توطين وتحضير عشائرنا البدوية يتطلب من الدولة تأمين كافة مستلزماته وسبل احتياجاته المادية والمعنوية ، وعلى أبناء عشائر البادية الامتثال الكلي لإجراءات هذا المشروع وما تسنه الدولة من قوانين وتصدره من إرشادات وتوجيهات ,خاصة فيما يتعلق بجدوى الانتقال من حياة التنقل و الترحال إلى حياة التوطين والاستقرار في قرى ومساكن : وامتلاكهم للأرض وسبل استثمارها الصحيحة إلى جانب امتهانهم لاسلوب تربية الأبل والماشية )) ، ويرى ابن ملحم في هذا المشروع الطريق الأسرع والأسلم في عملية اصلاح وتنمية واقع عشائر البادية لما فيه من الخير والصلاح والعطاء لهم و لأسرهم والمجتمع السوري.
د – دعم الحكومة السورية لمشروع التعليم في البادية من خلال تأمينها كافة متطلبات هذا المشروع من مدارس ومدرسين وغير ذلك .
ق - قيام الدولة عن طريق مؤسساتها التعليمية والمهنية بتأهيل أبناء عشائر البادية لدخولهم مجال العمل بكافة أنواعه : ( الاجتماعي ، السياسي ، اليدوي ) .
ك – رفع مستوى الواقع الصحي لعشائر البادية من خلال تأمين الحكومة لها المستوصفات المتنقلة والأطباء والممرضين والأدوية ووسائل النقل الإسعاف وغير ذلك .
ويرى ابن ملحم أن في تحسين المستوى الصحي لأبناء عشائر البادية نتائج إيجابية تنعكس آثارها على صعيد الفرد والأسرة والمجتمع حيث تقل نسبة وفيات الرضع ، وبالتالي يزداد عدد السكان وبخاصة من الفئة العمرية المنتجة وهذا يؤدي إلى زيادة في الانتاج المادي في المجتمع ، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع مستوى دخل الفرد وهذا من شأنه أن يعمل على تحسين واقع حياة الأفر اد فيزداد الخير ويعم الرفاه .
ل – يجب أن تعمل الجهات القضائية المختصة في الدولة على البت السريع في شؤون وقضايا أبناء البادية المعروضة عليها من خلال اصدارها للأحكام القضائية أو إحالة هذه القضايا في الأمور الحساسة إلى المختصين بشؤون القضاء العشائري من أبناء العشائر .
م – يجب أن تتولى الدولة بالتعاون مع شيوخ العشائر عملية توزيع الأراضي والمراعي على كافة أبناء عشائر البادية وبالتساوي لتحقيق مبدأ العدل والمساواة في حقوق الملكية .
ن – قيام الدولة بحفر المزيد من الآبار النظامية لتأمين استخراج مياه الشرب الصحية اللازمة لأبناء العشائر في البادية .
هـ - قيام الدولة بتقديم المساعدات المالية والتوجيهية لكافة أبناء عشائر البادية بهدف دعم مشروع تحضير هذه العشائر بتأمين الغذاء واللباس والبذار وأدوات الفلاحة والزراعة لهم .
و – إيفاد خطباء ووعاظ متخصصين في شؤون الدين الإسلامي إلى مجتمعات عشائر البادية لوعظ و إرشاد أبنائها إلى ما يجهلونه من العبادات والمعاملات الإسلامية ، مثل : الدعوة إلى فعل الخير والبر والاحسان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و .....
وبذلك نجد ابن ملحم من خلال ما قدمه من حلول لاصلاح وتنمية واقع حياة عشائر البادية يعطي الدولة الدور الرئيسي في إنجاح هذا المشروع وهذا مؤشر جديد من مؤشرات تطور الاتجاهات الاجتماعية عند شيوخ و زعماء البدو ، بالسماح للحكومة كجهاز سياسي أدارى عسكري للتدخل في الشؤون الداخلية والخارجية لمجتمع العشيرة . ويمكن لنا أن نلتمس من خلال منحى هذا التطور في هذه الاتجاهات الجدوى الإيجابية الصحيحة والضرورية لاصلاح واقع عشائر البادية في معطياته الواقعية لتلك المرحلة الزمنية .
كما يمكن إدراك حقيقة الدور الفاعل لشيوخ و زعماء البدو في سورية ، في إنجاح برامج وخطط ومشاريع التنمية الاجتماعية ، لتحقيق التطور الحضاري للمجتمع البدوي والمحلي والعربي، في مرحلة القرن العشرين .
خامسا – اتجاهه الاجتماعي نحو الديمقراطية والحرية :
تشكل مسألة الديمقراطية والحرية أهم المسائل التي تتضمنها عملية التنمية الاجتماعية في سورية لتطوير واقع حياة مجتمعها ، ولذلك كان لا بد من التعرف على طبيعة الاتجاهات الاجتماعية عند البدو نحو هذه القضية لضرورات علمية وسياسية ترتبط بأسس استراتيجية عملية التنمية والتخطيط الشامل .
وقد وضح ابن ملحم اتجاهه الاجتماعي نحو الديمقراطية والحرية بقوله : (( أن تجربتنا في العمل الاجتماعي والعمل السياسي قد وسعت مداركنا ووعينا لمفهوم الديمقراطية والحرية على حد سواء فالديمقراطية في مجتمع العشيرة القبلية في المراحل السابقة لم تكن موجودة إلا على مستويات محدودة تمثلت بالمشورة في اتخاذ القرارات التي تخص حياة القبيلة ولكن إذا نظرنا إلي واقع مجتمعاتنا العشائرية والمحلية في هذه المرحلة من النصف الثاني من القرن العشرين لوجدنا أن الأمر قد اختلف كثيرا وعلى كافة مستويات الحياة ، الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي و ...
وفي هذه الفترة الزمنية من تطور حياة مجتمعاتنا العشائرية والمحلية لا بد لنا أن ننظر إلى مسألة الديمقراطية من جانبين : الجانب الأول : هو ارتباط مسألة الديمقراطية بمسألة الحرية : والجانب الثاني : هو ارتباط هاتين المسألتين بنظام الإسلام كنظام اجتماعي سياسي ، واقتصادي،و ثقافي ، تنتظم بمبادئه وقوانينه كل أمور حياتنا الخاصة والعامة )) .
سادسا : اتجاهه الاجتماعي نحو العلم :
سبق وذكرنا أن قضية العلم تحتل مكانة رئيسية في مشاريع وخطط التنمية الاجتماعية المحلية والعربية على حد سواء ، ولذلك كان لا بد من التعرف اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحوها من خلال العرض التالي :
اعتمد ابن ملحم في مشروع إصلاح وتنمية واقع حياة عشائر البادية على عامل العلم اعتمادا رئيسيا . فهو ينظر إلى العلم والمعرفة على انهما السبيل الوحيد للقضاء على مشاكل الأمية والجهل والتخلف في حياة عشائر البادية وحياة المجتمع المحلي والعربي . وبذلك يكون العلم عند ابن ملحم هو سبيل التقدم والارتقاء والتغيير البناء في حياة المجتمع الوطني والعربي. ويستهدف ابن ملحم للبرهان على صحة وجدوى اتجاهه الاجتماعي نحو العلم ودوره في تقدم حياة المجتمعات بالتجربة الإسلامية في بنائها لصرح الحضارة الإسلامية .بقوله : (( وهذا الطريق – طريق العلم والمعرفة – قد سبق وسلكه أجدادنا العرب المسلمين منذ القديم وبخاصة خلال إشادتهم لصرح بناء الدولة الإسلامية العظيمة من خلال التزاماتها بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف في هذا الشان ، قال تعالى : (( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم )) تلك الدولة التي سادت المعمورة بأكملها ونشرت بعلمها مبادئ ومثل الدين الإسلامي الحنيف)).
ثم يعرج ابن ملحم في هذا الاتجاه إلى الحديث عن أهمية العلم في الإسلام من حيث هو فريضة على كل مسلم ومسلمة يقول : (( إن الله تعالى قد ميز العالمين عن سوأهم ورد تسأويهم بقوله تعال : (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) ثم رفع الله تعالى درجة المؤمنين العلماء على غيرهم من عامة الناس بقوله : (( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) . إضافة إلى ذلك نرى ابن ملحم يرى في العلم الحياة يقول : (( العلم كالماء به الحياة وينتفع به كل من الفرد والمجتمع إذا عملا به ويهلكان إذا ابتعدا عنه. وإذا أراد الله تعالى خيرا بالأمة فإنه يفقه أبناءها بأمور دينهم بما فيه من مبادئ عليا ومثل سامية تشكل أسسا متينة في بناء المجتمع المتطور الذي ينتهج في حياته سبل التقدم والازدهار )) .
وفي هذا المكان يمكن أن نلاحظ في اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو مسألة العلم مدى تأثره بتعاليم الدين الإسلامي في موضوع العلم وأهميته كأساس لبناء مجتمع متين الأواصر يسير في منحى التقدم والازدهار . وإضافة إلى ذلك أيضاً يمكن ملاحظة اعتماد ابن ملحم في اتجاهه نحو إصلاح واقع مجتمع العشيرة وتنميته على نتائج تاريخ الأمم السابقة وأخذها بعين الاعتبار إذا وجد فيها ما هو مفيد لتطور واقع حياة مجتمعه أفراداً وجماعات .
وفي جانب آخر من جوانب اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو العلم نجد أنه يرتكز في تقديمه الحلول المنطقية للارتقاء بواقع مجتمعه على أسلوب التحليل في التعامل مع الظواهر الاجتماعية السائدة في هذا المجتمع . ومن ثم تشخيصها بناء على نوعيتها السليمة أو المعتلة تشخيصا يأخذ بعين الاعتبار العوامل الرئيسية المسببة لحدوث هذه الظواهر وما تعكسه هذه الظواهر من آثار إيجابية أو سلبية على أفراد المجتمع . فهو يرى أن بنية المجتمع القبلي الاقتصادية تعكس نمطاً من التفكير العلمي على حد تعبيره تتعدى النطاق الاجتماعي لهذا المجتمع إلى بقية مجالات المعرفة الإنسانية فيه ؛ أي أن العلم وما يشمله من تطور في كافة مجالاته واختصاصاته مرتبط بتطور وسائل الإنتاج ( الإنسان ، الأرض ، الآلة ) والظروف الموضوعية له وهو في الوقت الحالي نفسه يعمل على تطوير هذه الوسائل ليحقق الاستفادة القصوى منها لخير الصالح العام في المجتمع ، أي يكون للعلم في هذا الدور أثر كبير في تغيير البنية الاقتصادية بما يطرحه من تقدم معرفي وتكنولوجي يعمل على تحسين الوضع الاقتصادي للفرد والمجتمع من خلال الزيادة في الطاقة الإنتاجية كماً ونوعاً .
ويضيف ابن ملحم إلى العلم دورا آخر يتمثل في تأثيره على توزيع الثورة في المجتمع بشكل يحقق العدالة الاجتماعية في توزيع هذه الثروات العامة الأمر الذي يخلق ظروفاً جديدة في التفاعل الاجتماعي ما بين أفراد المجتمع تسهم في دفع مسيرة التطور الحضاري لحياة هذا المجتمع . هذا من جهة . ومن جهة أخرى يرى ابن ملحم وجود أثر للعلم في البنية الاقتصادية من خلال الاكتشافات التي يتوصل إليها ويقدمها لأفراد المجتمع في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة، فيهيئ لهم موارد جديدة لم تكن متوفرة من قبل(1) .
وفي ضوء هذا الإعجاب والتأييد عند ابن ملحم للعلم ،نجده يركز على مسألة جديدة تتمثل في الترابط الوثيق بين العلم والوعي الاجتماعي من جهة وعملية التحرر الاجتماعي من جهة أخرى . فهو يؤكد على أهمية هذا الترابط البناء على حد تعبيره ما بين العلم وبنية المجتمع من خلال ارتباط العلم بالوعي الاجتماعي ومن ثم ارتباطهما معاً بمسألة التحرر الاجتماعي من عوامل الأمية والفاقة والفقر والمرض والتخلف .
يوضح ابن ملحم في هذا التأكيد على أن لعملية التحرر الاجتماعي في المجتمع العشائري والمحلي ظروفا اجتماعية ، تسهم في ظهور وعي اجتماعي جديد يطرد من خلايا المجتمع رواسب الماضي السلبية وتخلفه وخرافاته ( الوأد ، الغزو ، النهب ،السحر ...) بما يهيئ وضعاً يمكن من بروز أنماط من التفكير السليم العلمي ) تسهم بدورها في خلق أوضاع اقتصادية واجتماعية وثقافية جديدة تدفع مسيرة التطور والتقدم في واقع حياة مجتمع عشائر البادية والمدينة .
وبهذا نجد في عملية التحرر الاجتماعي من منظور ابن ملحم ، جزءاً من المرحلة الاجتماعية ومنطلقا لبروز وعي علمي جديد يسهم في تحقيق الشروط الضرورية لعملية تحضير وتوطين عشائر البادية والارتـقاء بواقع مجتمعاتها .
وهنا يظهر بوضوح أهداف ابن ملحم في اتجاهه الاجتماعي نحو إصلاح وتنمية حال عشائر البادية لتحقيق التوازن بين طرفي عملية التنمية الاجتماعية المادي والاجتماعي بغية تحقيق نمو متواز في جميع قطاعات مجتمع عشائر البادية . وهذا يقترب إلى حد كبير من نظريات التخطيط والتنمية الحديثة في معظم الدول المعاصرة في تطوير واقع مجتمعات أفرادها .
وفيما يتعلق بمشروعية ديمقراطية التعليم ، نجد تأكيد ابن ملحم المستمر على ضرورة أن يكون التعليم، حقا لكافة أبناء عشائر البادية ذكورا وإناثا وعلى ضرورة تضافر الجهود والتعاون بين مؤسسات الحكومةو شيوخ وأبناء هذه العشائر في سبيل تحقيق هذا المشروع على أكمل وجه.
وفي هذا التأكيد نلاحظ بوضوح مدى التطور الحادث في اتجاهات البدو الاجتماعية نحو العلم عن ذي قبل والخاصة فيما يتعلق بوضع المرأة في العشيرة البدوية وحقها في التعليم. وفي هذا الجانب نجد ابن ملحم يفصح عن موقفه كزعيم اجتماعي وقائد سياسي من خلال حديثه عن مكانة الأسرة في حياة مجتمعات أفرادها . فهو ينظر إلى الأسرة على أنها اللبنة الأساسية لتكوين المجتمع سواء كان قبليا أو محليا مدنيا وفي صلاحها يكمن صلاح الفرد والمجتمع . وهذا الموقف الاجتماعي عند ابن ملحم ، يذكرنا بما جاء به الطيار في هذا الخصوص وبمن سبقه من المفكرين والمصلحين .
سابعا : اتجاهه الاجتماعي نحو الأسرة البدوية :
يشير ابن ملحم إلى دور الأسرة البدوية في صلاح كل من الفرد والمجتمع البدوي من خلال تركيزه على الوظائف الأساسية المنوطة بها في المجتمع العشائري أو المحلي, وأثر عملية التطور الاجتماعي للمجتمع عليها .
ويرى ابن ملحم أن الأسرة في القبيلة العربية والمجتمع المحلي قد سلمت في الآونة الأخيرة من هذا القرن – القرن العشرين - بعض وظائفها التنفيذية ( الوظيفة القضائية ، التعليمية ، الاقتصادية، السياسية وغيرها ) إلى مؤسسات الدولة الاجتماعية حيث لها تركيبات أعقد ووسائل أقوى في جانبي التشريع والتنفيذ . وفي ما يتعلق بالوظائف الأساسية المنوطة بالأسرة في مجتمع العشيرة يؤكد ابن ملحم على مجموعة من الوظائف التي ستظل ملازمة للعائلة البدوية إلى أمد طويل ، ويجمل هذه الوظائف من خلال تقديمه للنشاطات الأسرية التالية :
1. تنظيم الزواج والاعتراف الاجتماعي بحق الجنسين في أن يعيشا في منزل واحد في رباط جماعي شرعي : وبهذا يعطي ابن ملحم للعائلة وظيفة تنظيم الناحية الجنسية لدى أفراد مجتمع عشائر البادية بطريقة شرعية تتفق وقوانين عقيدة هذا المجتمع وأعرافه .
2. استمرار الجنس البشري وتكاثره عن طريق انجاب الأطفال بطريقة شرعية
3. التنشئة الاجتماعية للأطفال وتأهيلهم تأهيلا اجتماعيا يمكنهم من اكتساب عضويتهم في المجتمع.
4. تأمين الاستقرار النفسي والاجتماعي لأفراد العائلة .
وإذا ما قارنا هذه الوظائف التي يؤكد عليها ابن ملحم في اتجاهه الاجتماعي نحو الأسرة البدوية مع ما قدمه البعض و ما جاء به علماء الاجتماع في دراساتهم الحديثة لموضوع الأسرة القبلية والعربية من نتائج حول أدوار الأسرة ووظائفها وتطورها ، لوجدنا تقاربا كبيرا بينهم وبين ما يقدمه ابن ملحم في هذا الأمر في الربع الأخير من القرن العشرين ولا سيما في تأكيدهم على أن قيام الأسرة بهذه الوظائف يكفل السيادة للإنسان والتقدم للمجتمع .
وفي دور الأسرة البدوية نحو تعليم الأفراد يوكل ابن ملحم لها مهمتان من خلال تحليله لواقع حياتها في القبيلة العربية ، فهو يرى أن الأسرة البدوية تعاني في مجتمع العشيرة تحديداً في مجال التعليم ويتضح ذلك في محورين أساسيين : يرتبط المحور الأول : في انتشار ظاهرة الأمية بين الأفراد وبخاصة في الأعمار المتقدمة ويتمثل المحور الثاني بتعليم الإناث وتأمين المناخ الاجتماعي الصحيح والمناسب ولرفع مستواهن العلمي والثقافي .
ويطرح ابن ملحم هذين المحورين من خلال نظرته إلى مشكلة الأمية باعتبارها آفة اجتماعية لها علاقة بإعاقة التطور الحضاري لواقع مجتمع العشيرة والمجتمع المحلي يقول: ((إننا نعد محو الأمية في مجتمعاتنا العشائرية وغير العشائرية أحد العوامل الرئيسية والحاسمة في تطور واقع هذه المجتمعات وترقي أفرادها ولذلك كان من الضروري علينا العمل الجاد للقضاء على هذه الظاهرة السلبية. ضمن خطة تعليمية انمائية تتولى الحكومة بالتعاون مع رموز ووجهاء العشائر في البادية السورية تنفيذها على أكمل وجه . وهذا ما قد طرحناه ،مرارا على الجهات الحكومية المعنية بهذه الأمور من خلال مشاركاتنا الفعالة والبناءة في مجلس النواب السوري .
وبحمد الله فقد أخذت الدولة بما طرحناه بعين الاعتبار والتنفيذ . حيث رأت الدولة فيه ضرورة موضوعية في تطوير جوانب مجتمعات أفرادها من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وذلك لأن العلم في المجتمع يحرك الطاقات ويغير البيئة ويرفع من إنتاجه العمل ويعزز من تعليم الأطفال والشباب )) .
وبذلك نجد أن التعليم كما يراه ابن ملحم وسيلة رئيسية لتحريك الشعوب باتجاه مهمات البناء الوطني الصحيح وهذا التعبير عند ابن ملحم لا يمكن أن يحدث بشكله المطلوب إلا إذا شعر أفراد المجتمع في باديته وريفه وحاضرته شعورا قويا بالحاجة إلى تحسين ظروف وجودهم . وبذلك يركز ابن ملحم على مسألة الارتباط الكلي بين واقع حياة البادية وواقع حياة المدينة وهذه نظرة علمية واقعية من شأنها تسريع عملية الارتقاء وتنمية المجتمع الوطني السوري ككل .
وفي ما يتعلق بالمحور الثاني المتعلق بتعليم الإناث يرى ابن ملحم في تعليم الفتاة في الأسرة البدوية شرطا أساسيا لبناء أسرة مسلمة وعصرية تعتمد في تنظيم أمور حياتها الخاصة والعامة على وعيها للأسس الأخلاقية والاجتماعية التي ورثتها الأسرة عن تراث الأجداد والتي أفرزتها عملية التطور الاجتماعي لواقع مجتمعها .
وإضافة إلى ذلك فإن ابن ملحم يرى في هذا المحور شرطا أساسيا لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي ومظهرا من مظاهرهما .
ثم يستشهد ابن ملحم بنتائج إسهاماته في هذا المجال من ملاحظاته الواقعية في تزايد إقبال الفتيات في مجتمع عشائر البادية في هذه المرحلة من أواخر القرن العشرين على تلقي العلم في شتى مجالات المعرفة النظرية وحتى العملية مشيراً إلى جهوده المثمرة و البناءة كزعيم اجتماعي وقائد سياسي في تسريع وتيرة هذه الخطوة إيمانا منه بجدواها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على صعيد حياة الفرد والأسرة والعشيرة والمجتمع ككل .
ويرى ابن ملحم أن نجاح تحقيق هذه المرحلة من التطور العلمي في حياة مجتمع عشائر البادية هو مؤشر ايجابي وفعال على مدى اتساع وعي وإدراك الأسرة في مجتمع العشيرة واستجابتها لمتطلبات تعليم أبنائها . الأمر الذي قد أدى إلى تحقيق حدوث شيء من عملية التحرر الاجتماعي على صعيد واقع المرأة في مجتمعاتنا العشائرية وبخاصة فيما يتعلق باختيار شريك الحياة واختيار نوع التخصص العلمي وإبداء الرأي في شؤون أسرتها الخاصة واختيار أسلوب التنشئة المناسب لأطفالها وتربيتهم بأساليب واتجاهات أفضل تتلاءم مع نمط الحياة الجديد في المرحلة الراهنة .
وفي نهاية هذا الاتجاه نجد ابن ملحم مدرك إدراكا كليا لعوامل التطور الاجتماعي في مجتمع عشائر البادية السورية وما حققه هذا التطور من نتائج إيجابية على صعيد حياة الأفر اد والأسر والمجتمع . ويحدد ابن ملحم عوامل هذا التطور بالعوامل التالية :
1- اعتماد أبناء العشائر على ازدواجية العيش المشترك في نمط حياتهم ما بين حياة المدينة وحياة البادية .
2-
3- تغير أساليب الإنتاج في مجتمع العشيرة إلى أساليب أكثر تطوراً هي : أسلوب الزراعة، أسلوب التجارة ، أسلوب الصناعة اليدوية ، أسلوب العمل الفكري ، وذلك إلى جانب أسلوب الرعي وتربية الإبل والماشية .
4- التمازج والتواصل الحضاري بين أبناء هذه العشائر وأبناء المدن على صعيد دول الوطن العربية والدول الأجنبية . حيث أدى اطلاع أبناء هذه العشائر على أنماط وأساليب متعددة من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للآخرين إلى تعديل بعض مظاهر أنماط حياتهم الخاصة والعامة.
إن ابن ملحم في هذا التحديد يذكرنا بتحديد كل من ابن خلدون لعوامل تطور الدولة في نظرية تعاقب الحضارات وبنظرية عالم الاجتماع فيكون في تحديده لمراحل تطور الأمة وغيرهم .
ومن خلال استعرضنا لمضمون اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو مسألة العلم باعتبارها مسألة جوهرية في مسائل التنمية الاجتماعية المحلية ، يمكن القول فيها : ان ما قدمه ابن ملحم من آراء ومواقف وما حث على تطبيقه في هذا المجال ، يشكل إسهاما حضاريا في مسيرة التطور الاجتماعي للمجتمع المحلي والوطني والعربي .
وفي هذا التقديم مؤشر علمي واقعي على تأثر الجماعات البدوية أفرادا وشيوخ وزعماء في سورية، بعوامل التطور الداخلي والخارجي لهذا المجتمع ، وإلى دورهم التاريخي في مسيرة البناء الحضاري للمجتمع الوطني والعربي و الإسلامي . وما آراء واتجاهات الطيار وابن ملحم وغيرهم من وحدات هذه الدراسة إلا نماذج إيجابية واقعية من حياة شريحة البدو السورية العربية في قولها وفعلها ، والتي قد تجاهلها المؤرخون وكتاب العصر الحديث في دراساتهم لأسباب متباينة .
ثامنا : اتجاهه الاجتماعي نحو العمل :
يتجلى اتجاه ابن ملحم الاجتماعي نحو مسألة العمل باعتبارها إحدى أهم قضايا التنمية الاجتماعية من خلال نظرته الحضارية التي تواكب عملية عملية التطور الاجتماعي والتقدم والمعرفي ، لواقع المجتمع البدوي والمجتمع المحلي والعربي . وهو بهذه النظرية الإيجابية نحو موضوع العمل يشكل ثورة في قيم اتجاهات البدو الاجتماعية نحو العمل في المراحل التاريخية السابقة للمرحلة الراهنة التي اتسمت بالنظرة السلبية لهذا الموضوع وأهله .
يقول : (( لقد اقتصرت الأعمال الجديرة بالاحترام عند أهلنا البدو في المراحل السابقة على الرعي وخاصة رعي الإبل وتربيتها ثم تربية الماشية والغزو الصيد ، في حين كانوا يانفون كل الأعمال الأخرى وبخاصة الأعمال اليدوية مثل الزراعة والفلاحة والحدادة ويزدرون أصحابها ، بحجة أن مثل هذه الأعمال يتطلب من أهلها الاستقرار الذي يحرمهم من ممارسة الحرية والانطلاق وهما غاية حياتهم، ولكن بعد أن تشكلت الحكومات الوطنية وسلكت سبل تطوير كافة فئات مجتمعاتها اتجه البدو نحو الاستقرار والتوطين وامتلاك الأراضي والمراعي والعيون وامتهنوا زراعة الأرض والري . وبعد هذه العملية من التحول التدريجي في أسلوب الإنتاج اتصلوا بالمدينة فتعرفوا على أسلوب اقتصادي جديد هو أسلوب التجارة ، فاصبحوا يتبادلون مع التجار منتجاتهم الحيوانية والزراعية مقابل مبالغ مالية معينة وهنا اطلعوا على أنماط جديدة من حياة المدن الأمر الذي أدى إلى حدوث تغيرات كبيرة في قيم اتجاهاتهم الاجتماعية القديمة نحو موضوع العمل وأنواعه ، وتشكلت قيم اتجاهات اجتماعية جديدة تتوافق مع مصالحهم الخاصة والعامة ومع ظروف ومتطلبات المرحلة التي يعيشون بها.
هذا الأمر رتب علينا بحكم موقعنا الاجتماعي ومركزنا السياسي إلى تأييد هذه الاتجاهات الجديدة وتوجيه كافة أفراد عشائرنا إلى ما فيه الخير والصلاح لأحوالهم المُعاشية في عملية امتهانهم لصنوف متعددة من أنواع العمل الفكري والجسدي .
ونطالب والحكومة أن تمد يد العون لهم من حيث التأهيل المهني لممارسة الأعمال الصعبة وتأمين أسواق جديدة لتصريف منتجاتهم وتقديم المساعدات المالية (( كالقروض )) ثم العمل على إرشادهم لإنجاح وتطوير مشاريعهم الزرعية والتجارية والصناعية .
ونحن نرى في هذا الأمر استجابة موضوعية لمتطلبات الحياة العصرية الجديدة والتزاما بتعاليم العقيدة الإسلامية التي شجعت المسلمين على العمل بهدف القضاء على البطالة والعوز-الفقر- )).
ثم يؤكد ابن ملحم على ضرورة وأهمية عملية تقسيم العمل في مجتمع عشائر البادية من خلال قوله : (( مهما بلغت حياة مجتمع البداوة من البساطة لا يستطيع الفرد فيه تأمين كافة مستلزمات حياته الفردية أو الأسرية ، بل هو بحاجة إلى منتجات أعمال الآخرين سواء في مجتمع البادية أو مجتمع المدينة لكي يضمن لنفسه ولأسرته البقاء والاستمرار ).
وبهذا يرى ابن ملحم في عملية تقسيم العمل ضرورة مصيرية لحياة أفراد مجتمع عشائر البادية والمدن على حد سواء .
و أخيرا ليس بوسعنا إلا أن نقول رحم الله ثامر الملحم و أ دخله فسيح جناته
الكاتب الأصلي
إسماعيل السلامات
باحث في شؤون وقضايا المجتمع البدوي
منقول