نديم المطر
07-12-2007, 09:43 AM
هذا الموضوع قرأته وأعجبني وحبيت انقله لكم وان شاء الله يعجبكم
الموضوع عن التنويم الغناطيسي
إن استعمال اللغة و كافة أشكال التعبير هي طريقة الدخول إلى عقل الإنسان الآخر والتأثير عليه , فإننا نستطيع بذلك الإيحاء له بأفكار وتصورات ونوايا له عن طريق ذلك . إن هذه المدخلات مهما كانت طبيعتها تفرض تأثيراتها على هذا العقل , فهو مجبر على التعامل معها ومعالجتها والقيام باستجابات لها , وهذا يمكننا من التأثير على هذا الإنسان والتحكم في الكثير من استجاباته وبالتالي تصرفاته .إن هذه الظاهرة أو هذه القدرة التي نملكها كان يستخدمها الإنسان منذ القديم عندما أدرك فاعليتها وجدواها .
وكل منا لاحظ تأثير ذلك على الآخرين وخلق الإيحاءات والاستجابات لديهم وبالتالي التحكم بتصرفاتهم , وذلك عن طريق التكلم معهم بأسلوب وطريقة مناسبة .وقد كان للقصص و للخطابة والأمثال والشعر ( والآن الإعلام ) تأثيرهم الواضح الكبير
. وكانت الخطابة أشد تأثيراً لأنها كانت تستغل ظاهرة القطيع (أو الجمهرة ) التي تعتمد على المحاكاة والتقليد الغريزي للآخرين , وكلنا لاحظنا " هتلر" وغيره كيف كانوا يفرضون أفكارهم ودوافعهم وأهدافهم على الآخرين بواسطة الخطابة . وتأثير الإيحاء يمكن أن يكون ذاتي , " يكذب كذبة ويصدقها " مثل : جحا عندما قال للأولاد الذين يضايقونه . أن هناك وليمة في المكان الفلاني فركض الأولاد إلى هناك , وعندما فكر حجا بما قال , وجد أنه ربما يكون هناك فعلاً وليمة فركض خلفهم .
والوسوسة والتردد والتوهم . . هم ناتج تأثير أفكار وإيحاءات دخلت الدماغ وأعطت تأثيراتها . فإن الإيحاءات تشمل كافة مناحي حياتنا الثقافة والفكرية , والعقائدية بشكل خاص . والإيحاء هو أساس التنويم المغناطيسي , فإن كل منا يسعى لتنويم الآخر عندما يوحي إليه بأن أفكاره ومعارفه وقيمه هي الأفضل
. فنحن نوحي لبعضنا بالأفكار والمفاهيم والقيم التي نعتمدهما ونؤمن بهما , وهذا بمثابة تنويم مغناطيسي نقوم به فنؤثر به عليهم وندفعهم لتبني أفكارنا وقيمنا وثقافتنا , وكذلك لتنفيذ أهدافنا ورغباتنا . وكافة أشكال الإعلام هي إيحاءات فكرية وثقافية وعقائدية وتجارية .
كثيراً ما وصم التنويم المغناطيسي بالدجل , ولكنه تبين أنه ظاهرة حقيقية لها أسسها الفزيولوجية والعصبية , وقد ثبتت فاعليته في الاستخدامات العلاجية وبشكل خاص في التحكم بالألم . والمكتشفات الحديثة توضح كيف تستطيع قوة الإيحاء من خلال التنويم المغناطيسي ( إذا ما استخدمت بشكل صحيح ) أن تغير حالات دماغية أو فكرية مثل الذاكرة والإحساس بالألم
.ويفسر د . جون جروز يليير قوة الإيحاء في حالة التنويم المغناطيسي . يكون الفص الأيسر للمخ , وهو الجانب المسؤول عن النطق والتفسير والتحليل يكون محبوساً عن العمل , مطلقاً العنان للفص الأيمن المسؤول عن الخيالات والأحلام . وبينت تجاربه أنه لكي تنوم شخصاً ما يجب " قطع التيار" عن العقل الواعي – الجزء الواعي المحكوم بالفص الأيسر – , لترك الفص الأيمن حراً في الاستجابة لكل إيحاءات المنوم كما لو كان في حلم .وحسب نظرية " جروز يليير" فإن الطريقة لتعطيل الفص الأيسر للمخ هي جعله يركز على شيء رتيب , مثل الصوت المتكرر أو الساعة المتأرجحة . . . فبمجرد أن قرر الفص الأيسر أنه لا شيء جدياً يستحق توليته الاهتمام , فإنه يترك الأمر للفص الأيمن , الذي يتعامل مع كل الإيحاءات كما لو كانت حقيقية . على مدى السنوات القليلة الماضية وجد الباحثون أن الأشخاص المنومين مغناطيسياً يستجيبون فعلياً للإيحاءات مع أنهم يدركون أحيانا التغيرات المثيرة التي يتعرضون لها في فكرهم وسلوكهم وكأنها تحدث من ذاتها , فكأن الدماغ أثناء النوم المغناطيسي يعلق مؤقتاً محاولاته توثيق المعلومات الحواسية الواردة إليه
.وهناك فروق بين الناس في قابلية الخضوع للتنويم المغناطيسي , ولا يعرف العلماء حتى الآن أسباب ذلك . ولمعرفة استعداد الشخص للتنويم هناك سلسلة اختبارات تستعمل لتحديد مدى استجابة الشخص للتنويم المغناطيسي , ومن هذه الاختبارات سلسلة من اختبار 12 فاعلية مثل مد الذراع أو تنشق محتويات زجاجة ما . . . لاختبار عمق الحالة التنويمية . ففي المثال الأول , يتم إخبار الأشخاص بأنهم يحملون كرة ثقيلة جداً, وهي ليست كذلك , ويحققون درجة نجاح مع بعض الأشخاص الذين لديهم استعداد للتنويم , أو يقولون للمختبرين إنهم لا يملكون حساً للشم ثم تمرر زجاجة نشادر تحت أنوفهم , فإذا لم يقوموا بأي ارتكاس فإنهم يعتبرون سريعي الاستجابة للتنويم , أما إذا كشروا واستدارت أعناقهم , فلا يعتبرون كذلك .وتتراوح الدرجات المعطاة في هذه الاختبارات بين صفر للأشخاص الذين لا يستجيبون لأي من الإيحاءات , ودرجة 12 لأولئك الذين ينجحون في جميعها , ويحصل معظم الأشخاص على درجات متوسطة يبن 5 و7 , ولا تقل الدرجة التي يحرزها 95 من الأشخاص عن الواحد .هناك مبادئ أساسية يتفق الباحثون عليها , منها أن قابلية شخص ما للاستجابة للتنويم تبقى ثابتة بشكل لافت للنظر بعد سن البلوغ , وأن الاستجابة للتنويم يمكن أن تكون ذات مكون وراثي . وكذلك تبقى استجابة الشخص للتنويم ثابتة إلى حد ما مهما تكن خصائص المنوم ( ذكر أم أنثى) وعمره وخبرته لها تأثير ضعيف . وكذلك فإن نجاح التنويم المغناطيسي لا يعتمد على ما إذا كان الشخص المنوم محفزاً بشدة أو شديد الرغبة في ذلك , والشخص الشديد الاستجابة للتنويم ينوم بفعل تشكيلة منوعة من الشروط التجريبية خلافاً للشخص الأقل استجابة للتنويم , وذلك مهما كانت الجهود المبذولة لتحقيق ذلك
. وقد بينت عدة دراسات أن القابلية للتنويم المغناطيسي لا تتعلق بالصفات المميزة للشخص المنوم من سذاجة و هستريا واعتلالات نفسية ووثوق بالنفس وعدوانية وخنوع وتخيل وإذعان , ولكن جرى إلى حد ما ربط هذه القابلية باستعداد الشخص للاستغراق في فعاليات معينة , مثل القراءة والإصغاء وأحلام اليقظة .لا يسلك الأشخاص تحت تأثير التنويم المغناطيسي كآلات ذاتية الحركة , بل يكونون عوضاً عن ذلك حلالين إيجابيين للمشاكل يدمجون أفكارهم الثقافية والأخلاقية في سلوكهم أثناء بقائهم على أشد الاستجابة للتوقعات التي يعبر عنها المنوّم .
ومع ذلك فإن الشخص المنوم لا يعيش السلوك الموحى إليه تنويمياً على أنه شيء بجهد منه , بل يحسبه على العكس تصرفاً نمطياً عفوياً . وغالباً ما يقول من جرى تنويمهم أشياء . مثل : " لقد صارت يدي ثقيلة ونزلت من ذاتها " أو " وجدت نفسي فجأة لا أشعر بالألم .ويعتقد العديد من الباحثين اليوم أن هذه الأنماط من الانفصالات هي لب التنويم المغناطيسي .
ففي استجابة للإيحاء , يؤدي المنومون حركات من دون وعي ويخفقون في اكتشاف المنبه المؤلم بشدة وينسون بشكل مؤقت إحدى الحقائق المألوفة لديهم . وباستخدام التنويم المغناطيسي استطاع العلماء إحداث هلوسات وأشكال من الإكراه وأنماط معينة من فقدان الذاكرة وإثارة ذاكرات زائفة وأوهام لدى المنومين .لقد بينت الاختبارات وجود باحة ( منطقة ) في الدماغ تدعى القشرة الحزامية الأمامية تنشط أثناء الهلوسة للمفحوصين المتطوعين تماما بقدر ما تنشط لدى سماعهم الفعلي للمنبه . وعلى النقيض من ذلك لم تنشط حين تخيل المفحوصين ( دون أن ينوموا )أنهم يسمعون المنبه .
فبطريقة ما خدع التنويم المغناطيسي هذه الباحة الدماغية , بحيث سجلت الصوت المهلوس على أنه صوت حقيقي .وباستخدام التصوير pet , وجد العلماء أن التنويم المغناطيسي ( بالنسبة للشعور بالألم ) يقلل من نشاط القشرة الحزامية الأمامية ( المعروفة بكونها باحة معنية بالألم ) ولكنه لا يؤثر في نشاط القشرة الحسية الجسدية التي تجري فيها معالجة الإحساس بالألم .التنويم المغناطيسي والذاكرة .
ربما لم يثر التنويم المغناطيسي في إحدى نواحيه ما يفوق في ذلك موضوع " الذاكرة المستردة " .- لقد أقرت العلوم المعرفية بقدرة الناس المقبولة على تمييز ما إذا كانت حادثة ما قد جرت حقاً أو أنهم يتخيلوها فحسب . ولكننا في بعض الأحوال نتردد بشأن ذلك . فقد يصدف أن نعتقد ( أو نساق إلى الاعتقاد ) بأن شيئاً ما قد حدث لنا مع أن ذلك لم يحدث بالفعل . ويبدو أن إحدى الدلالات الرئيسية التي يستخدمها البشر للتمييز بين الحقيقة والخيال تتمثل في خبرة الجهد . فكما يبدو عند تكويد ( ترميز) ذاكرة ما , تقوم "بطاقة" بإشعارنا بمقدار الجهد الذي بذلناه : فإذا وسمت الحادثة بأنها تضمنت قدراً كبيراً من الجهد العقلي من جانبنا , فإننا نميل إلى تأويلها كشيء تخيلناه ولم يحدث لنا . أما إذا وسمت الحادثة بأنها تضمنت جهداً عقلياً قليلا نسبيا فإننا نميل إلى تأويلها كشيء حدث لنا فعلاً . وهناك العديد من الدراسات التي تؤيد صحة هذه النتيجة . -وبالنسبة للتنويم المغناطيسي يمكن بسهولة جعل الأفراد المنومين يسردون روايات مفصلة ومثيرة عن الشهور الأولى لحياتهم مع أن تلك الأحداث لم تكن قد حدثت لهم بالفعل ومع أن البالغين ليس لديهم القدرة على تذكر طفولتهم المبكرة .
وعلى نحو مماثل , فإن الأفراد من ذوي القابلية الكبيرة للتنويم يتصرفون بطريقة شبه طفولية إلى حد ما حين توجه إليهم إيحاءات بالعودة إلى طفولتهم , غالباً ما يكونون انفعاليين جداً وقد يصرون لاحقاً على أنهم بالفعل يعيشون طفولتهم مجدداً . ولكن الأبحاث تؤكد أن هذه الاستجابات ليست بحال من الأحوال استجابات طفولية بشكل موثوق , سواء في التحدث أو السلوك أو العاطفة أو الإدراك أو المفردات أو أنماط التفكير . وهذه التصرفات ليست طفولية أكثر من تصرفات الكبار كأطفال , و ليس هناك ما يدل على أن التنويم المغناطيس يتيح للمنوم أن يقفز على الطبيعة الأساسية لذاكرة الإنسان وقيودها . ولا يتيح التنويم المغناطيسي لأي شخص أن ينبش ذكريات مضت عليها عشرات السنين , أو أن يفسد أو يقلب سجل التنامي البشري .لقد اعتبر أن للتنويم المغناطيسي قدرة فعالة على تخفيف آلام السرطان والآلام الحادة للحروق والآلام التي يعاني منها الأطفال أثناء " رشف" نقي العظام والآلام التي تعاني منها النساء أثناء المخاض .
وفي تجربة ظهر أن الإيحاءات التنويمية استطاعت أن تخفف الآلام لدى 75 في المئة من الذين عولجوا بالتنويم المغناطيسي . إن مفهوم غسيل المخ أو برمجة العقول , والذي يستخدم في نشر الثقافات والعقائد والمبادئ , وبالتالي دفع الناس لتبني أهداف ودوافع وغايات معينة , وذلك عن طريق الإيحاءات باستخدام كافة أشكال الإعلام , هو أيضاً شكل من أشكال الإيحاء والتنويم المغناطيسي .فعن طريق اللغة المتطورة المحكية يكتسب أو يتعلم الإنسان التصرفات والأفكار والقيم من أفراد الجماعة التي ولد ضمنها . فهو يكتسب من أمه لغتها وكافة التصرفات والأفكار والتقييمات الأساسية التي هي اكتسبتها من أمها , و يتابع اكتسابه من باقي أفراد أسرته وعشيرته , وبذلك يتم برمجة دماغه بالأفكار والثقافة الموجودة لدى جماعته , أي يبرمج عقله عن طريق ثقافة مجتمعه , ويتم اعتماد ما اكتسبه دماغه في غالبية تصرفاته
وبهذا تنتقل الأفكار والثقافة عبر الأجيال . ولكن كانت تحدث في كل فترة قفزة من تغيير في الأفكار المنقولة نتيجة ظهور أحد المفكرين ينتج عقله أفكار جديدة أو يعدل أو يطور بعض الأفكار الموجودة , ويملك في نفس الوقت القدرة _ كأن يكون رئيس الجماعة أو ذو شخصية قادرة . . . - على نشر أفكاره في عقول جماعته . هذا الرجل كان أول من استعمل طريقة غسل الدماغ , وهو الذي نجح في أن يبدل أو يطور جزء من الثقافة التي تتوارثها جماعته
أما الآن فغسيل الأدمغة أصبح يعتمد على المنجزات التي تحققت في مجال علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الدماغ وما تحقق في مجال التواصل والاتصالات إن كانت سمعية أو مقروءة أو مرئية , وتم الاستفادة مما تم التوصل إليه في مجال الإيحاء والتنويم المغناطيسي , ومن تأثير التكرار وتأثير ظاهرة الجمهرة .فصار غسيل الدماغ يحدث في كافة المجالات وعلى كافة المستويات إن كان على مستوى فرد أو مستوى مجموعة أو مستوى شعب كامل .وطرق غسل الدماغ تنجح بسهولة عندما تطبق على الشبان الصغار فالكبار غالباً يصعب غسل دماغهم , فغسل الدماغ لا يمكن أن يتم بسهولة لدى الكبار , فهو يحتاج إلى وقت , ويمكن تقليل هذا الوقت باستعمال الكثير من الأساليب التي ثبتت صلاحيتها , مثل استخدام الأحاسيس النفسية والجسمية والمشاعر والعواطف القوية إن كانت مؤلمة أو مفرحة ولذيذة , واستعمال الإقناع الفكري , والترغيب والترهيب ولفترة طويلة , بشكل تجبر أغلب الأشخاص على تغيير أفكارهم ومبادئهم وعقائدهم .ومعالجة الأمراض النفسية بالتحليل النفسي يمكن اعتباره نوع من غسيل الدماغ .ويمكن أن يتم غسل أدمغة الأفراد والجماعات دون أن يدروا أن ذلك جرى لهم , وهذا يتم عن طريق الإعلام بكافة أنواعه وأشكاله المسموعة والمقروءة والمرئية صحف ومجلات وكتب وإذاعات ومحطات تلفزيون ودور عبادة ... , وبواسطة أجهزة التعليم بكافة أشكالها .وهذه الوسائل أصبحت تملكها وتتحكم بها الدول والمؤسسات الكبيرة فهي الآن تقوم بغسل أدمغة غالبية الأفراد ووضع الأفكار والدوافع .... التي تريد
.يقول هربرت . أ . شيللر :تكتيكان يشكلان الوعي تستخدم الأساطير بكافة أشكالها القديمة والحديثة من أجل السيطرة على الأفراد , وعندما يتم إدخالهم على نحو غير محسوس في الوعي الجماعي , وهو ما يحدث بالفعل من خلال أجهزة الثقافة والإعلام , فإن قوة تأثيرها تتضاعف من حيث أن الأفراد يظلون غير واعين بأنه قد تم تضليلهم .ويقول جورج جيبرنر :إن بنية الثقافة الشعبية التي تربط عناصر الوجود بعضها ببعض , وتشكل الوعي العام بما هو كائن , بما هو هام , وهو حق , وما هو مرتبط بأي شيء آخر , هذه البنية أصبحت في الوقت الحاضر منتجاً يتم تصنيعه .
فالأفكار والعقائد والمبادئ التي يتبناها كل منا ( أي التي دخلت عقله وتوضعت فيه ) أوحى له الآخرين بها , فصار ملزم بخدمتها وتنفيذ مضمونها حتى وإن تعارضت مع أقوى الدوافع البيولوجية مثل المحافظة على الذات , فهو يضحي بنفسه من أجل الأفكار التي تبناها في النهاية إننا نرى : أن المؤثرين الأساسيين أو المتحكمون فينا , هم مبدعين و خالقين هذه الأفكار " فجلجامش وحمورابي وهوميروس وسقراط وأفلاطون وأرسطو وموسى وعيسى وبوذا و كونفوشيوس و زراتشت وابن عربي وابن رشد وكانت وهيوم وماركس وفرويد وأينشتاين . . . والآلاف غيرهم " هم الذين خلقوا الأفكار وزرعوها في العقول .. سوف يقول الكثيرون أن الدوافع والغايات هي الأساس , وليس الأفكار والثقافة التي يكتسبها الإنسان من مجتمعه , لأنها هي التي ستخدم تأثيرات الأفكار والإيحاءات والإعلام لتحقق نفسها .إن هذا هو الواقع فعلاً , ولكن الغالبية العظمى من هذه الدوافع والغايات , صنعتها الأفكار والثقافة والعقائد المنتشرة في المجتمع .
إن هذا أدركه الإنسان منذ قديم الزمان ( ودون أن يعرفه بشكل واضح ) وهو يستخدمه دوما وبفاعلية كبيرة .فالمتحكم فينا هو الأفكار المنتشرة في العقول وبالذات التي تنشرها وسائل الإعلام , فهي التي توحي لنا بالكثير من تصرفاتنا وتفرض علينا قوها وتأثيراتها , وبالتالي تفرض علينا غالبية استجاباتنا وتصرفاتنا . فالمؤثر الأكبر فينا ليس الأشخاص والمؤسسات والحكومات , بل الأفكار والعقائد .. التي ينشرها الإعلام .
منقول
الموضوع عن التنويم الغناطيسي
إن استعمال اللغة و كافة أشكال التعبير هي طريقة الدخول إلى عقل الإنسان الآخر والتأثير عليه , فإننا نستطيع بذلك الإيحاء له بأفكار وتصورات ونوايا له عن طريق ذلك . إن هذه المدخلات مهما كانت طبيعتها تفرض تأثيراتها على هذا العقل , فهو مجبر على التعامل معها ومعالجتها والقيام باستجابات لها , وهذا يمكننا من التأثير على هذا الإنسان والتحكم في الكثير من استجاباته وبالتالي تصرفاته .إن هذه الظاهرة أو هذه القدرة التي نملكها كان يستخدمها الإنسان منذ القديم عندما أدرك فاعليتها وجدواها .
وكل منا لاحظ تأثير ذلك على الآخرين وخلق الإيحاءات والاستجابات لديهم وبالتالي التحكم بتصرفاتهم , وذلك عن طريق التكلم معهم بأسلوب وطريقة مناسبة .وقد كان للقصص و للخطابة والأمثال والشعر ( والآن الإعلام ) تأثيرهم الواضح الكبير
. وكانت الخطابة أشد تأثيراً لأنها كانت تستغل ظاهرة القطيع (أو الجمهرة ) التي تعتمد على المحاكاة والتقليد الغريزي للآخرين , وكلنا لاحظنا " هتلر" وغيره كيف كانوا يفرضون أفكارهم ودوافعهم وأهدافهم على الآخرين بواسطة الخطابة . وتأثير الإيحاء يمكن أن يكون ذاتي , " يكذب كذبة ويصدقها " مثل : جحا عندما قال للأولاد الذين يضايقونه . أن هناك وليمة في المكان الفلاني فركض الأولاد إلى هناك , وعندما فكر حجا بما قال , وجد أنه ربما يكون هناك فعلاً وليمة فركض خلفهم .
والوسوسة والتردد والتوهم . . هم ناتج تأثير أفكار وإيحاءات دخلت الدماغ وأعطت تأثيراتها . فإن الإيحاءات تشمل كافة مناحي حياتنا الثقافة والفكرية , والعقائدية بشكل خاص . والإيحاء هو أساس التنويم المغناطيسي , فإن كل منا يسعى لتنويم الآخر عندما يوحي إليه بأن أفكاره ومعارفه وقيمه هي الأفضل
. فنحن نوحي لبعضنا بالأفكار والمفاهيم والقيم التي نعتمدهما ونؤمن بهما , وهذا بمثابة تنويم مغناطيسي نقوم به فنؤثر به عليهم وندفعهم لتبني أفكارنا وقيمنا وثقافتنا , وكذلك لتنفيذ أهدافنا ورغباتنا . وكافة أشكال الإعلام هي إيحاءات فكرية وثقافية وعقائدية وتجارية .
كثيراً ما وصم التنويم المغناطيسي بالدجل , ولكنه تبين أنه ظاهرة حقيقية لها أسسها الفزيولوجية والعصبية , وقد ثبتت فاعليته في الاستخدامات العلاجية وبشكل خاص في التحكم بالألم . والمكتشفات الحديثة توضح كيف تستطيع قوة الإيحاء من خلال التنويم المغناطيسي ( إذا ما استخدمت بشكل صحيح ) أن تغير حالات دماغية أو فكرية مثل الذاكرة والإحساس بالألم
.ويفسر د . جون جروز يليير قوة الإيحاء في حالة التنويم المغناطيسي . يكون الفص الأيسر للمخ , وهو الجانب المسؤول عن النطق والتفسير والتحليل يكون محبوساً عن العمل , مطلقاً العنان للفص الأيمن المسؤول عن الخيالات والأحلام . وبينت تجاربه أنه لكي تنوم شخصاً ما يجب " قطع التيار" عن العقل الواعي – الجزء الواعي المحكوم بالفص الأيسر – , لترك الفص الأيمن حراً في الاستجابة لكل إيحاءات المنوم كما لو كان في حلم .وحسب نظرية " جروز يليير" فإن الطريقة لتعطيل الفص الأيسر للمخ هي جعله يركز على شيء رتيب , مثل الصوت المتكرر أو الساعة المتأرجحة . . . فبمجرد أن قرر الفص الأيسر أنه لا شيء جدياً يستحق توليته الاهتمام , فإنه يترك الأمر للفص الأيمن , الذي يتعامل مع كل الإيحاءات كما لو كانت حقيقية . على مدى السنوات القليلة الماضية وجد الباحثون أن الأشخاص المنومين مغناطيسياً يستجيبون فعلياً للإيحاءات مع أنهم يدركون أحيانا التغيرات المثيرة التي يتعرضون لها في فكرهم وسلوكهم وكأنها تحدث من ذاتها , فكأن الدماغ أثناء النوم المغناطيسي يعلق مؤقتاً محاولاته توثيق المعلومات الحواسية الواردة إليه
.وهناك فروق بين الناس في قابلية الخضوع للتنويم المغناطيسي , ولا يعرف العلماء حتى الآن أسباب ذلك . ولمعرفة استعداد الشخص للتنويم هناك سلسلة اختبارات تستعمل لتحديد مدى استجابة الشخص للتنويم المغناطيسي , ومن هذه الاختبارات سلسلة من اختبار 12 فاعلية مثل مد الذراع أو تنشق محتويات زجاجة ما . . . لاختبار عمق الحالة التنويمية . ففي المثال الأول , يتم إخبار الأشخاص بأنهم يحملون كرة ثقيلة جداً, وهي ليست كذلك , ويحققون درجة نجاح مع بعض الأشخاص الذين لديهم استعداد للتنويم , أو يقولون للمختبرين إنهم لا يملكون حساً للشم ثم تمرر زجاجة نشادر تحت أنوفهم , فإذا لم يقوموا بأي ارتكاس فإنهم يعتبرون سريعي الاستجابة للتنويم , أما إذا كشروا واستدارت أعناقهم , فلا يعتبرون كذلك .وتتراوح الدرجات المعطاة في هذه الاختبارات بين صفر للأشخاص الذين لا يستجيبون لأي من الإيحاءات , ودرجة 12 لأولئك الذين ينجحون في جميعها , ويحصل معظم الأشخاص على درجات متوسطة يبن 5 و7 , ولا تقل الدرجة التي يحرزها 95 من الأشخاص عن الواحد .هناك مبادئ أساسية يتفق الباحثون عليها , منها أن قابلية شخص ما للاستجابة للتنويم تبقى ثابتة بشكل لافت للنظر بعد سن البلوغ , وأن الاستجابة للتنويم يمكن أن تكون ذات مكون وراثي . وكذلك تبقى استجابة الشخص للتنويم ثابتة إلى حد ما مهما تكن خصائص المنوم ( ذكر أم أنثى) وعمره وخبرته لها تأثير ضعيف . وكذلك فإن نجاح التنويم المغناطيسي لا يعتمد على ما إذا كان الشخص المنوم محفزاً بشدة أو شديد الرغبة في ذلك , والشخص الشديد الاستجابة للتنويم ينوم بفعل تشكيلة منوعة من الشروط التجريبية خلافاً للشخص الأقل استجابة للتنويم , وذلك مهما كانت الجهود المبذولة لتحقيق ذلك
. وقد بينت عدة دراسات أن القابلية للتنويم المغناطيسي لا تتعلق بالصفات المميزة للشخص المنوم من سذاجة و هستريا واعتلالات نفسية ووثوق بالنفس وعدوانية وخنوع وتخيل وإذعان , ولكن جرى إلى حد ما ربط هذه القابلية باستعداد الشخص للاستغراق في فعاليات معينة , مثل القراءة والإصغاء وأحلام اليقظة .لا يسلك الأشخاص تحت تأثير التنويم المغناطيسي كآلات ذاتية الحركة , بل يكونون عوضاً عن ذلك حلالين إيجابيين للمشاكل يدمجون أفكارهم الثقافية والأخلاقية في سلوكهم أثناء بقائهم على أشد الاستجابة للتوقعات التي يعبر عنها المنوّم .
ومع ذلك فإن الشخص المنوم لا يعيش السلوك الموحى إليه تنويمياً على أنه شيء بجهد منه , بل يحسبه على العكس تصرفاً نمطياً عفوياً . وغالباً ما يقول من جرى تنويمهم أشياء . مثل : " لقد صارت يدي ثقيلة ونزلت من ذاتها " أو " وجدت نفسي فجأة لا أشعر بالألم .ويعتقد العديد من الباحثين اليوم أن هذه الأنماط من الانفصالات هي لب التنويم المغناطيسي .
ففي استجابة للإيحاء , يؤدي المنومون حركات من دون وعي ويخفقون في اكتشاف المنبه المؤلم بشدة وينسون بشكل مؤقت إحدى الحقائق المألوفة لديهم . وباستخدام التنويم المغناطيسي استطاع العلماء إحداث هلوسات وأشكال من الإكراه وأنماط معينة من فقدان الذاكرة وإثارة ذاكرات زائفة وأوهام لدى المنومين .لقد بينت الاختبارات وجود باحة ( منطقة ) في الدماغ تدعى القشرة الحزامية الأمامية تنشط أثناء الهلوسة للمفحوصين المتطوعين تماما بقدر ما تنشط لدى سماعهم الفعلي للمنبه . وعلى النقيض من ذلك لم تنشط حين تخيل المفحوصين ( دون أن ينوموا )أنهم يسمعون المنبه .
فبطريقة ما خدع التنويم المغناطيسي هذه الباحة الدماغية , بحيث سجلت الصوت المهلوس على أنه صوت حقيقي .وباستخدام التصوير pet , وجد العلماء أن التنويم المغناطيسي ( بالنسبة للشعور بالألم ) يقلل من نشاط القشرة الحزامية الأمامية ( المعروفة بكونها باحة معنية بالألم ) ولكنه لا يؤثر في نشاط القشرة الحسية الجسدية التي تجري فيها معالجة الإحساس بالألم .التنويم المغناطيسي والذاكرة .
ربما لم يثر التنويم المغناطيسي في إحدى نواحيه ما يفوق في ذلك موضوع " الذاكرة المستردة " .- لقد أقرت العلوم المعرفية بقدرة الناس المقبولة على تمييز ما إذا كانت حادثة ما قد جرت حقاً أو أنهم يتخيلوها فحسب . ولكننا في بعض الأحوال نتردد بشأن ذلك . فقد يصدف أن نعتقد ( أو نساق إلى الاعتقاد ) بأن شيئاً ما قد حدث لنا مع أن ذلك لم يحدث بالفعل . ويبدو أن إحدى الدلالات الرئيسية التي يستخدمها البشر للتمييز بين الحقيقة والخيال تتمثل في خبرة الجهد . فكما يبدو عند تكويد ( ترميز) ذاكرة ما , تقوم "بطاقة" بإشعارنا بمقدار الجهد الذي بذلناه : فإذا وسمت الحادثة بأنها تضمنت قدراً كبيراً من الجهد العقلي من جانبنا , فإننا نميل إلى تأويلها كشيء تخيلناه ولم يحدث لنا . أما إذا وسمت الحادثة بأنها تضمنت جهداً عقلياً قليلا نسبيا فإننا نميل إلى تأويلها كشيء حدث لنا فعلاً . وهناك العديد من الدراسات التي تؤيد صحة هذه النتيجة . -وبالنسبة للتنويم المغناطيسي يمكن بسهولة جعل الأفراد المنومين يسردون روايات مفصلة ومثيرة عن الشهور الأولى لحياتهم مع أن تلك الأحداث لم تكن قد حدثت لهم بالفعل ومع أن البالغين ليس لديهم القدرة على تذكر طفولتهم المبكرة .
وعلى نحو مماثل , فإن الأفراد من ذوي القابلية الكبيرة للتنويم يتصرفون بطريقة شبه طفولية إلى حد ما حين توجه إليهم إيحاءات بالعودة إلى طفولتهم , غالباً ما يكونون انفعاليين جداً وقد يصرون لاحقاً على أنهم بالفعل يعيشون طفولتهم مجدداً . ولكن الأبحاث تؤكد أن هذه الاستجابات ليست بحال من الأحوال استجابات طفولية بشكل موثوق , سواء في التحدث أو السلوك أو العاطفة أو الإدراك أو المفردات أو أنماط التفكير . وهذه التصرفات ليست طفولية أكثر من تصرفات الكبار كأطفال , و ليس هناك ما يدل على أن التنويم المغناطيس يتيح للمنوم أن يقفز على الطبيعة الأساسية لذاكرة الإنسان وقيودها . ولا يتيح التنويم المغناطيسي لأي شخص أن ينبش ذكريات مضت عليها عشرات السنين , أو أن يفسد أو يقلب سجل التنامي البشري .لقد اعتبر أن للتنويم المغناطيسي قدرة فعالة على تخفيف آلام السرطان والآلام الحادة للحروق والآلام التي يعاني منها الأطفال أثناء " رشف" نقي العظام والآلام التي تعاني منها النساء أثناء المخاض .
وفي تجربة ظهر أن الإيحاءات التنويمية استطاعت أن تخفف الآلام لدى 75 في المئة من الذين عولجوا بالتنويم المغناطيسي . إن مفهوم غسيل المخ أو برمجة العقول , والذي يستخدم في نشر الثقافات والعقائد والمبادئ , وبالتالي دفع الناس لتبني أهداف ودوافع وغايات معينة , وذلك عن طريق الإيحاءات باستخدام كافة أشكال الإعلام , هو أيضاً شكل من أشكال الإيحاء والتنويم المغناطيسي .فعن طريق اللغة المتطورة المحكية يكتسب أو يتعلم الإنسان التصرفات والأفكار والقيم من أفراد الجماعة التي ولد ضمنها . فهو يكتسب من أمه لغتها وكافة التصرفات والأفكار والتقييمات الأساسية التي هي اكتسبتها من أمها , و يتابع اكتسابه من باقي أفراد أسرته وعشيرته , وبذلك يتم برمجة دماغه بالأفكار والثقافة الموجودة لدى جماعته , أي يبرمج عقله عن طريق ثقافة مجتمعه , ويتم اعتماد ما اكتسبه دماغه في غالبية تصرفاته
وبهذا تنتقل الأفكار والثقافة عبر الأجيال . ولكن كانت تحدث في كل فترة قفزة من تغيير في الأفكار المنقولة نتيجة ظهور أحد المفكرين ينتج عقله أفكار جديدة أو يعدل أو يطور بعض الأفكار الموجودة , ويملك في نفس الوقت القدرة _ كأن يكون رئيس الجماعة أو ذو شخصية قادرة . . . - على نشر أفكاره في عقول جماعته . هذا الرجل كان أول من استعمل طريقة غسل الدماغ , وهو الذي نجح في أن يبدل أو يطور جزء من الثقافة التي تتوارثها جماعته
أما الآن فغسيل الأدمغة أصبح يعتمد على المنجزات التي تحققت في مجال علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الدماغ وما تحقق في مجال التواصل والاتصالات إن كانت سمعية أو مقروءة أو مرئية , وتم الاستفادة مما تم التوصل إليه في مجال الإيحاء والتنويم المغناطيسي , ومن تأثير التكرار وتأثير ظاهرة الجمهرة .فصار غسيل الدماغ يحدث في كافة المجالات وعلى كافة المستويات إن كان على مستوى فرد أو مستوى مجموعة أو مستوى شعب كامل .وطرق غسل الدماغ تنجح بسهولة عندما تطبق على الشبان الصغار فالكبار غالباً يصعب غسل دماغهم , فغسل الدماغ لا يمكن أن يتم بسهولة لدى الكبار , فهو يحتاج إلى وقت , ويمكن تقليل هذا الوقت باستعمال الكثير من الأساليب التي ثبتت صلاحيتها , مثل استخدام الأحاسيس النفسية والجسمية والمشاعر والعواطف القوية إن كانت مؤلمة أو مفرحة ولذيذة , واستعمال الإقناع الفكري , والترغيب والترهيب ولفترة طويلة , بشكل تجبر أغلب الأشخاص على تغيير أفكارهم ومبادئهم وعقائدهم .ومعالجة الأمراض النفسية بالتحليل النفسي يمكن اعتباره نوع من غسيل الدماغ .ويمكن أن يتم غسل أدمغة الأفراد والجماعات دون أن يدروا أن ذلك جرى لهم , وهذا يتم عن طريق الإعلام بكافة أنواعه وأشكاله المسموعة والمقروءة والمرئية صحف ومجلات وكتب وإذاعات ومحطات تلفزيون ودور عبادة ... , وبواسطة أجهزة التعليم بكافة أشكالها .وهذه الوسائل أصبحت تملكها وتتحكم بها الدول والمؤسسات الكبيرة فهي الآن تقوم بغسل أدمغة غالبية الأفراد ووضع الأفكار والدوافع .... التي تريد
.يقول هربرت . أ . شيللر :تكتيكان يشكلان الوعي تستخدم الأساطير بكافة أشكالها القديمة والحديثة من أجل السيطرة على الأفراد , وعندما يتم إدخالهم على نحو غير محسوس في الوعي الجماعي , وهو ما يحدث بالفعل من خلال أجهزة الثقافة والإعلام , فإن قوة تأثيرها تتضاعف من حيث أن الأفراد يظلون غير واعين بأنه قد تم تضليلهم .ويقول جورج جيبرنر :إن بنية الثقافة الشعبية التي تربط عناصر الوجود بعضها ببعض , وتشكل الوعي العام بما هو كائن , بما هو هام , وهو حق , وما هو مرتبط بأي شيء آخر , هذه البنية أصبحت في الوقت الحاضر منتجاً يتم تصنيعه .
فالأفكار والعقائد والمبادئ التي يتبناها كل منا ( أي التي دخلت عقله وتوضعت فيه ) أوحى له الآخرين بها , فصار ملزم بخدمتها وتنفيذ مضمونها حتى وإن تعارضت مع أقوى الدوافع البيولوجية مثل المحافظة على الذات , فهو يضحي بنفسه من أجل الأفكار التي تبناها في النهاية إننا نرى : أن المؤثرين الأساسيين أو المتحكمون فينا , هم مبدعين و خالقين هذه الأفكار " فجلجامش وحمورابي وهوميروس وسقراط وأفلاطون وأرسطو وموسى وعيسى وبوذا و كونفوشيوس و زراتشت وابن عربي وابن رشد وكانت وهيوم وماركس وفرويد وأينشتاين . . . والآلاف غيرهم " هم الذين خلقوا الأفكار وزرعوها في العقول .. سوف يقول الكثيرون أن الدوافع والغايات هي الأساس , وليس الأفكار والثقافة التي يكتسبها الإنسان من مجتمعه , لأنها هي التي ستخدم تأثيرات الأفكار والإيحاءات والإعلام لتحقق نفسها .إن هذا هو الواقع فعلاً , ولكن الغالبية العظمى من هذه الدوافع والغايات , صنعتها الأفكار والثقافة والعقائد المنتشرة في المجتمع .
إن هذا أدركه الإنسان منذ قديم الزمان ( ودون أن يعرفه بشكل واضح ) وهو يستخدمه دوما وبفاعلية كبيرة .فالمتحكم فينا هو الأفكار المنتشرة في العقول وبالذات التي تنشرها وسائل الإعلام , فهي التي توحي لنا بالكثير من تصرفاتنا وتفرض علينا قوها وتأثيراتها , وبالتالي تفرض علينا غالبية استجاباتنا وتصرفاتنا . فالمؤثر الأكبر فينا ليس الأشخاص والمؤسسات والحكومات , بل الأفكار والعقائد .. التي ينشرها الإعلام .
منقول