المستشــار
04-12-2007, 11:00 AM
فلسفة الاختلاف
ضمد كاظم وسمي
تشاد الحداثة على اقانيم محددة تشكل نظاما فكريا واحدا ينتج الفعل الاداتي الصارم في التطبيق ضمن عنايتها بالعالم الواقعي.. الذي تعمل على دراسته بصفته موضوعيا (ماديا).. قائما لذاته ومستقلا عن العقل على ضوء تحليل المفاهيم..
وهي اذ تفعل ذلك فانما تسعى للوصول الى اليقين ودراسته لانها ترى ان لكل شيء جوهرا كضرورة لوجوده.. وهي اذ تقوم على تأصيل الثنائيات الضدية ضمن صدام مرير بين (ارتدادات الماضي.. واشرئبابات المستقبل) فانها تقول بوجود قيم افضل من بين مجموعة قيم مختلفة..
فالحداثة القائمة على فلسفة الذات ونفي الآخر.. انتجت وسائلها، الصدام الاستعماري المعروف بين التمركز الغربي من جهة والثقافات الغيرية من جهة ثانية.. لان الحداثة تفهم نفسها ـ التمركز الغربي ـ على انها قطيعة مع الماضي الآخر/ الشرق.. في حين ان الطرف الاخر ضد الحداثة فهذا الاستخدام غير منتج وعقيم الامر الذي حدا بفلاسفة الاختلاف لتوجيه نقودات لاذعة لـ(فلسفة الذات والهوية) باعتبارها اداة لتهميش (الاخر سواء كان هذا الاخر كتابة” دريدا “ او رغبة” دولوز “ او حمقى” فوكو “) في عملية زحزحة لمفهوم (الذات) الكلية المتوحدة عن مركزه لاحلال مفهوم آخر هو مفهوم الذات المتموضعة.. المتشظية والتي يعاد بناؤها باستمرار.. في عملية انتاج مفاهيم جديدة لا تؤمن باستقلال الواقع عن العقل.. بل تدرسه دراسة خلاقة لانها تعد العالم (بناءات عقلية) لا وجودا موضوعيا ان دعائم ما بعد الحداثة تقوم على اساس (الاختلاف) اكثر من انتاج الثنائيات الضدية.. وفيها يتم التعامل آركيولوجيا لاستيلاد الاخر المقصي.. يقول جيل دولوز: (ان الاخر ليس هو ذلك الموضوع المرئي، وليس ذلك الاخر، ان الاخر بنية الحقل الحراكي كما انه نظام من التفاعلات بين الافراد كأغيار فحين تدرك الذات شيئا ما فانها لا تستطيع ان تحيط به في كليته الا من خلال الاخرين، فالاخر يتمم ادراكي للاشياء).
من هنا ما بعد الحداثة تؤمن بالاختلاف والتعددية.. ولا تفضل نظاما فكريا على اخر على مستوى المجتمع.. وهي بخلاف الحداثة ترى ان اللايقين هو صفة العلم باعتبار ان الواقعي ليس عقلانيا والعقلاني ليس واقعيا وبذلك ترى استحالة تفضيل مجموعة قيم من بين القيم المختلفة لذلك استخدمت مفهوم الاختلاف.. وهي ترفض جوهرانية الاشياء ولا تقول بالهوية والمطابقة، لانها ذات طابع بنيوي علائقي (ماهية الشيء تتوقف على علاقته بسواه اي بما يختلف عنه ولا ينفك عن استدعاء ضده).
ان القدم والحداثة كلاهما مسحورة بأوهام الايديولوجيا سواء اكانت دينية ام علمانية بشطرها العالم الى نقيضين تامين، الخير والشر، الايمان والكفر، الشرق والغرب،.. التراث والحداثة،.. الخ، وهذه المعتقدات تنطوي على بنى قمعية.. دوغماطيقية.. اكد دريدا خطورتها لانها تهدد بالعودة دائما مصحوبة بتأثيرات مدمرة.. من هنا كان جهاده في سبيل التغلب على الانماط التي تقصي الاختلاف وكل ما هو (آخر) لان اقصاء الاخر قابل لان يصير قمعا، الامر الذي تترتب عليه آثار كارثية حذر منها من قبل سيغموند فرويد ضمن جدلية العلاقة بين القمع والاقصاء.. وهو ما اظهره فوكو في منهجه الآركيولوجي في تعريته لآليات القمع الرامية الى تدجين البشر.. لان الموجة الجديدة من نظريات ما بعد الحداثة تؤمن بالاختلاف حتى على مستوى الفرد.. بمعنى ان توصيفها للفرد هو عدم تنميطه.. بل يكون له اكثر من نظام فكري يمكن ان يشتغل عليه.. وبالتالي فان نتاجه الفكري والعلمي ما قد يكون متعارضا او متناقضا.. لان هذا الاشتغال يجري في دراسة الممكنات (والممكنات تشكل نظما فكرية عديدة ومختلفة فيما بينها).
ان السوبر حداثة.. التي تلت ما بعد الحداثة.. لا تدرس العالم الواقعي.. وانما تدرس العوالم الممكنة، وحيث ان العالم الواقعي قد يكون عالما ممكنا في هذه الحالة ربما يكون من مفعولات السوبر حداثة.. والعالم الممكن قائم بذاته.. ومستقل عن العقل ومعتمد عليه في آن معا.. كما يصفه المفكر القدير حسن عجمي في كتابه القيم (السوبر حداثة) وبذلك تتجاوز السوبر حداثة اشكاليات الحداثة وما بعد الحداثة لتوصيف العلاقة بين الكون والعقل، لانها تدرس اللامعقول واللايقين في العالم الواقعي باعتبارهما معقولا ويقينا في العوالم الممكنة من خلال اداتها المتمثلة في علم الافكار الممكنة الذي يجترح عوالم ممكنة وبذلك فهي تسعى الى خلق قيم المستقبل الممكنة.
فالسوبر حداثة بخلاف ما بعد الحداثة تعترف بوجود جواهر الاشياء.. ولكنها فقط موجودة في العوالم الممكنة.. لا في عالمنا الواقعي كما تقول به الحداثة من هنا اجترحت امكان دراسة الجواهر وتحليل المفاهيم.. كما هي في العوالم الممكنة هذا الاجتراح ينطوي على تعدد الجواهر للشيء الواحد الامر الذي يملي تحليلات متعددة بل ومختلفة تحتمل الصدق للمفهوم الواحد في عوالم ممكنة مختلفة.. لذلك صار الاخر ليس النقيض للذات ـ الأنا ـ بل هو ما تنطوي عليه الانا.. يقول ـ لاكان ـ في كتابه (لغة الذات): (في حدود ان ـ انا الذات ـ مدمجة في جدليات النرجسية والتماهي باعتبارها مراحل حاسمة في حياتها، يمكن القول ان الذات مدرجة في موضوعية المحور المتخيل في الوقت نفسه بما هي علاقة رمزية لا واعية بين الذات والاخر)..
منقول
ضمد كاظم وسمي
تشاد الحداثة على اقانيم محددة تشكل نظاما فكريا واحدا ينتج الفعل الاداتي الصارم في التطبيق ضمن عنايتها بالعالم الواقعي.. الذي تعمل على دراسته بصفته موضوعيا (ماديا).. قائما لذاته ومستقلا عن العقل على ضوء تحليل المفاهيم..
وهي اذ تفعل ذلك فانما تسعى للوصول الى اليقين ودراسته لانها ترى ان لكل شيء جوهرا كضرورة لوجوده.. وهي اذ تقوم على تأصيل الثنائيات الضدية ضمن صدام مرير بين (ارتدادات الماضي.. واشرئبابات المستقبل) فانها تقول بوجود قيم افضل من بين مجموعة قيم مختلفة..
فالحداثة القائمة على فلسفة الذات ونفي الآخر.. انتجت وسائلها، الصدام الاستعماري المعروف بين التمركز الغربي من جهة والثقافات الغيرية من جهة ثانية.. لان الحداثة تفهم نفسها ـ التمركز الغربي ـ على انها قطيعة مع الماضي الآخر/ الشرق.. في حين ان الطرف الاخر ضد الحداثة فهذا الاستخدام غير منتج وعقيم الامر الذي حدا بفلاسفة الاختلاف لتوجيه نقودات لاذعة لـ(فلسفة الذات والهوية) باعتبارها اداة لتهميش (الاخر سواء كان هذا الاخر كتابة” دريدا “ او رغبة” دولوز “ او حمقى” فوكو “) في عملية زحزحة لمفهوم (الذات) الكلية المتوحدة عن مركزه لاحلال مفهوم آخر هو مفهوم الذات المتموضعة.. المتشظية والتي يعاد بناؤها باستمرار.. في عملية انتاج مفاهيم جديدة لا تؤمن باستقلال الواقع عن العقل.. بل تدرسه دراسة خلاقة لانها تعد العالم (بناءات عقلية) لا وجودا موضوعيا ان دعائم ما بعد الحداثة تقوم على اساس (الاختلاف) اكثر من انتاج الثنائيات الضدية.. وفيها يتم التعامل آركيولوجيا لاستيلاد الاخر المقصي.. يقول جيل دولوز: (ان الاخر ليس هو ذلك الموضوع المرئي، وليس ذلك الاخر، ان الاخر بنية الحقل الحراكي كما انه نظام من التفاعلات بين الافراد كأغيار فحين تدرك الذات شيئا ما فانها لا تستطيع ان تحيط به في كليته الا من خلال الاخرين، فالاخر يتمم ادراكي للاشياء).
من هنا ما بعد الحداثة تؤمن بالاختلاف والتعددية.. ولا تفضل نظاما فكريا على اخر على مستوى المجتمع.. وهي بخلاف الحداثة ترى ان اللايقين هو صفة العلم باعتبار ان الواقعي ليس عقلانيا والعقلاني ليس واقعيا وبذلك ترى استحالة تفضيل مجموعة قيم من بين القيم المختلفة لذلك استخدمت مفهوم الاختلاف.. وهي ترفض جوهرانية الاشياء ولا تقول بالهوية والمطابقة، لانها ذات طابع بنيوي علائقي (ماهية الشيء تتوقف على علاقته بسواه اي بما يختلف عنه ولا ينفك عن استدعاء ضده).
ان القدم والحداثة كلاهما مسحورة بأوهام الايديولوجيا سواء اكانت دينية ام علمانية بشطرها العالم الى نقيضين تامين، الخير والشر، الايمان والكفر، الشرق والغرب،.. التراث والحداثة،.. الخ، وهذه المعتقدات تنطوي على بنى قمعية.. دوغماطيقية.. اكد دريدا خطورتها لانها تهدد بالعودة دائما مصحوبة بتأثيرات مدمرة.. من هنا كان جهاده في سبيل التغلب على الانماط التي تقصي الاختلاف وكل ما هو (آخر) لان اقصاء الاخر قابل لان يصير قمعا، الامر الذي تترتب عليه آثار كارثية حذر منها من قبل سيغموند فرويد ضمن جدلية العلاقة بين القمع والاقصاء.. وهو ما اظهره فوكو في منهجه الآركيولوجي في تعريته لآليات القمع الرامية الى تدجين البشر.. لان الموجة الجديدة من نظريات ما بعد الحداثة تؤمن بالاختلاف حتى على مستوى الفرد.. بمعنى ان توصيفها للفرد هو عدم تنميطه.. بل يكون له اكثر من نظام فكري يمكن ان يشتغل عليه.. وبالتالي فان نتاجه الفكري والعلمي ما قد يكون متعارضا او متناقضا.. لان هذا الاشتغال يجري في دراسة الممكنات (والممكنات تشكل نظما فكرية عديدة ومختلفة فيما بينها).
ان السوبر حداثة.. التي تلت ما بعد الحداثة.. لا تدرس العالم الواقعي.. وانما تدرس العوالم الممكنة، وحيث ان العالم الواقعي قد يكون عالما ممكنا في هذه الحالة ربما يكون من مفعولات السوبر حداثة.. والعالم الممكن قائم بذاته.. ومستقل عن العقل ومعتمد عليه في آن معا.. كما يصفه المفكر القدير حسن عجمي في كتابه القيم (السوبر حداثة) وبذلك تتجاوز السوبر حداثة اشكاليات الحداثة وما بعد الحداثة لتوصيف العلاقة بين الكون والعقل، لانها تدرس اللامعقول واللايقين في العالم الواقعي باعتبارهما معقولا ويقينا في العوالم الممكنة من خلال اداتها المتمثلة في علم الافكار الممكنة الذي يجترح عوالم ممكنة وبذلك فهي تسعى الى خلق قيم المستقبل الممكنة.
فالسوبر حداثة بخلاف ما بعد الحداثة تعترف بوجود جواهر الاشياء.. ولكنها فقط موجودة في العوالم الممكنة.. لا في عالمنا الواقعي كما تقول به الحداثة من هنا اجترحت امكان دراسة الجواهر وتحليل المفاهيم.. كما هي في العوالم الممكنة هذا الاجتراح ينطوي على تعدد الجواهر للشيء الواحد الامر الذي يملي تحليلات متعددة بل ومختلفة تحتمل الصدق للمفهوم الواحد في عوالم ممكنة مختلفة.. لذلك صار الاخر ليس النقيض للذات ـ الأنا ـ بل هو ما تنطوي عليه الانا.. يقول ـ لاكان ـ في كتابه (لغة الذات): (في حدود ان ـ انا الذات ـ مدمجة في جدليات النرجسية والتماهي باعتبارها مراحل حاسمة في حياتها، يمكن القول ان الذات مدرجة في موضوعية المحور المتخيل في الوقت نفسه بما هي علاقة رمزية لا واعية بين الذات والاخر)..
منقول