مشاهدة النسخة كاملة : جناية مغترب


مهاجر
18-02-2022, 09:44 AM
جناية مغترب.

ارتحل بصمت في سبعينات القرن الماضي، محاولا التخلص من تلك الاحزان التي سكنته، منذُ مات والده، وزوجته بداء لم يمهلها طويلا... ولديه طفلة صغيرة،، استودعها اخوانه..وغادر (مشايم).

وصل ( يحيى) الى جدة، بعد جهد وتعب لايحتمله الا الرجال الاشداء امثاله، بقي عام كامل بدون عمل يدر عليه ولو القليل، ولكن كان يدبر امره، فقد عمل اعمال غير مستقرة، وبأجر يومي زهيد..
من عمله المؤقت في توزيع البريد للبيوت،
وجد عمل عند احد الشخصيات الكبيرة، براتب قليل، رب العمل رجل غني وكريم، شاعرا واديب ، انه الشاعر السعودي الكبير/ احمد قنديل..
منزل الشاعر/ قنديل ملتقى لكثيرا من الشعراء والادباء والكتاب، ويشغل وظيفة مرموقة، فهو مدير عام الحج، من هؤلاء الادباء الكبار، محمد العواد، ومحمد المغربي، وشحاته وأخرين،،،،
شاهدهم ( يحيي) وشاهد نقاشاتهم وادبياتهم ومحاوراتهم، وشاركهم بصمت ، واندمج معهم كثيرا، ولكن مشكلته انه أمي، فهو لايقرأ ولايكتب، ورغم ذلك حفظ الكثير من القصص والقصائد والنوادر، واقتني عدد من الكتب في غرفته،،
واصبح محبوبا من الجميع...ووجد فيه الشاعر احمد قنديل الامانة والصدق والدين، وحب القرأن الكريم، ومواظبته على الصلاة، فقربه منه كثيرا،
بقي مع قنديل اكثر من سبعة اعوام، لم يفارقه، وقرر اخيرا الرحيل والعودة الى قريته واخوانه، وطفلته اليتيمة التى تركها هناك في قرية نائية في الجنوب، تنتظره، كل صباح و مساء، تراقب الطريق وتسأل عنه كل القادمين، لعل احدا يخبرها عنه،،

من أجلها جهز ( يحيي) امره واستلم جميع رواتبه، واهداه (قنديل) بعض الكتب، التي اصبحت فيما بعد تشكل لي هاجسا وعشقا سرمديا، منها كتاب،،، علي بن ابي طالب وحروبه مع الجن، وكتاب المقداد والمياسة... وكتاب لا اذكر اسمه، تتحدث الحيوانات فيما بينها وتتناقش( اعتقد أخوان الصفا) . وكتاب (خواطر مصرحة) ،،، واشترى كثيرا من الهدايا والمستلزمات، لطفلته واخوانه وجيرانه، وعادة المغترب ان يتذكر الجميع، وانطلق عائدا مع ( ساعية) سفينة شراعية، من جدة الى القنفذة، ووصل اليها بعد ثلاثة ايام، رغم قصر المسافة، ولكن تأتي الرياح بمالا تشتهي السفن.
واخذ طريقه برا، بعد ان اشترى له ثلاثة جمال، ووضع عليها كل حاجاته التي احضرها من جدة، وزاد عليها احمالا من الحب والارزاق من البندر (القنفذة) ، وانطلق في رحلة محفوفة بالمخاطر، ومليئة بقطاع الطرق، واللصوص الذين صنعهم الفقر،، والتحق بقافلة في الطريق، متجهة شرقا الى (محائل) ، وبعد وصول القافلة لجهتها ، اتجه هو جنوبا، لرجال المع،
كله شوق لتلك الصغيرة.. واخوانه الاصغر منه.

ذات مساء، شارف على قريته من بعيد، وعند ذلك،، انطلق احد الرجال المشهورين بالعدو السريع بالبشارة الى قريتنا، واطلق صوته الندي المموسق بالفرح والبشرى، قائلا،،،،، البشارة يا ال هادي، غايبكم وصل..... البشارة للمبشر،،، وللمانع الندم.
اخترق صوت المبشر سمع صغيرة تنتظر ذلك الصوت منذُ عدة سنوات... ،
ابتسمت ( راعية) ، حينما اتى نداءا مبشرا بعودة والدها.. وانطلقت تعدو تكاد من الفرح ان تطير، تضحك حينا من الفرح وتبكي من لوعة الشوق. وتعثرت باشياءها البسيطة، واختطفت ( لحاف) عمها الذي يرعاها، وشقت طريقها على غير هدى، دليلها صوت المبشر، ووضعت عليه ذلك اللحاف، كضمانة منها في البشارة له، وانطلقت تكمل الطريق نحو والدها.
وتقابلا وجه لوجه....
كبرت راعية، عن اخرة مرة شاهدها قبل رحيله. استقبلها والدها بالاحضان، وعانقها عناق الاحباب،، وضمته الى صدر مشتاق اضناه الغياب، وتلاقت عيناها، بوجه والدها، وفاضت بالدمع مقلتاها ، وتلعثمت احرف كلماتها مرحبة بغائب عاد بعد طول غياب، فرحة يتيم اضناه الشوق،،، كانت تعيش مع اعمامها، والكل يعاني من الفقر، وشاهد ملابسها المهترئة، واقدامها الحافية، وشعرها الباهت من اثر عدم وجود الام،،،
ركبت راعية مع والدها، على احد الجمال الثلاثة المحملة بالطعام والهدايا، وتحدثت معه كثيرا،، وكل حديثها عن تلك الاحلام التى كانت تشاهدها اثناء نومها،،، وكيف شاهدته عدة مرات ومرات ومرات عائدا لها،،، وحكت له عن امها التي كانت تزورها في الاحلام...
لم يكن يسمع حديثها، او يجاوب على استفساراتها، فقد كان يبكى، فرحا بلقاء طفلته الصغيرة، ويتذكر والده وزوجته التى ماتت، منذُ امد بعيد،،،،
استقبل العم ( يحيي) استقبال العائد من المجهول،،، واطلقت عدة عيارات نارية، شقت سكون ليل القرية،، وفرح اخوانه بعودته اليهم سالم معافى،،، وكل الفرح كان لراعية....
كان في استقبال العائد، كل الاخوة واولادهم ونسائهم والجيران، الكبير منهم والصغير،
وبعد وقت ليس بالقصير، على الصغيرة، انفض اجتماع المرحبين من اهل وجيران،،،، وانفردت بوالدها مكررة ذلك الحديث الذي سمعه منها في الطريق، وغلبها النوم، وكان النوم في حضن والدها له طعم اخر، استيقظت عدة مرات مرعوبة خوف ان يكون ما حدث لها مجرد حلم،،،، وقبضت باناملها الصغيرة على والدها خوف ان تفقده صباحا، وعادت لنومها،، ولما تأكد والدها من استغراقها في النوم، انسل خارجا من الغرفة، واختار مكانا، ليصلي كعادته كل ليل،، وما ان سجد في ركعته الاولى ووضع وجهه في الارض، الاوشق ظلمة الليل صراخ ينبعث من الغرفة التي تنام فيها طفلته، واكمل صلاته سريعا ، وذهب اليها، فوجدها تجلس القرفصاء، تبكي، فقد كانت تعتقد انه كان مجرد حلم عابر مثل كل مرة...

عاد (يحيى) لطفلته فعادت لها الحياة، وبقي في قريته عدة اشهر، زاره فيها الكثير من الناس مرحبين به، او لعل معه رسالة او خبر من احبة لهم هناك.. ويبقون معه طويلا،، ويجلس بشكل مهيب واضعا يده على تلك الكتب، ويبدأ يتحدث معهم، بنفس الاسلوب الذي شاهده في بيت (قنديل) ويلقي عليهم بعض القصائد والنوادر، ويخرجون من عنده مبهورين بهذا العلم الذي اتاه الله، ويتحدثون فيما بينهم ان في تلك الكتب ( جان) فهو يضع يده على الكتاب ويروي لهم مما سمعه في جدة.. وعاده الحنين للرحيل مرة اخرى، ولكن برفقة طفلته.... وغادر الي جدة ....

اثناء مغادرته قام باهداء والدي تلك الكتب، التي احضرها.... وطلب من والدي الحرص عليها ووضعها في مكان أمين.... وافهمه ان احد تلك الكتب،، كتاب ممنوع ويجب ان لايراه احد او يطلع عليه... تسربت الاخبار عن تلك الكتب للناس، وهنا زاد الناس في نقل الخبر،،، ووصل بعد فترة،،، ان في تلك الكتب علم الاولين والاخرين وما حدث وماسوف يحدث..... واعتقد الناس في والدي.... وقالوا عنه ان عنده علم ومعرفة،،،، وهو لايقرأ ولايكتب،،،،واصبح مرجع للناس يروي لهم تلك القصص والنوادر التي سمعها من اخيه الذي عاد بها من جدة....
ولما خاف والدي من تلك الكتب،، ولانه لايعرف مافيها.. قام والدي، بلفها في قماش وحرزها بشكل كبير وجيد،،، ووضعها في سقف ( سفلي) الغنم بشكل لاتشاهد ولايصل اليها احد،،،، ومرت السنوات، وكبرت قليلا، واصبحت اقرأ جيدا واكتب ،،، واسمع عن تلك الكتب مع الاخرين،،،، فبحثت عنها، ووصلت لها بالصدفة،،، واستوليت عليها،،، وهربتها مع اغنامي للجبال،،، دون ان يعلم عنها احد،،، وقررت ان اقرأ هذا العلم،، ومنيت النفس كثيرا، بان اصبح ذو مستقبل مبهر، وان اصبح (ساحر) ،،، وبدأت يوميا اقرأ واتفقه في الدين،،، واول كتاب، كان خواطر مختصرة،،، ولم اجد فيه اي خبر عن السحر او الجن،،، وانتهيت منه... واخذت كتاب المقداد والمياسة وانتهيت منه،،،، ثم الاخير الذي اعجبني كثيرا ففيه صور لعلي ابن ابي طالب،،، وفرسان اخرين منهم عمرو بن ود العامري،، وخرافات لا اول لها ولا اخر،،، ولكن لم اكن اعلم انها خرافات،،، واساطير،،، وكررت قرأة ذلك الكتاب عشرات المرات في الجبال، واخذني ذلك الكتاب بعيدا،،، فاصبحت اقلد الفرسان وامشي مشيتهم،،، واستخدم مشعابي كسيف (حيدرة) واقاتل الاغنام،، وانتصر بكل بساطة،،،، احيانا اسمع صوت في اسفل الجبل او في الليل فامسك بمشعابي واخرج، واتكلم مع الجن واطلبهم في الهدوء والسكينة واهدد واتوعد واهز مشعابي،،،،،
ووصل بي الامر ،،، انني فكرت في صناعة سيف،، واخذ حمارنا وانزل في البئر، لاطارد فلول جنود الجن، مثل علي بن ابي طالب،،، واشتبك معهم وادعوهم للاسلام غصب،،،،، وفعلا،،، عملت ذلك،،، جهزت سيف واخذت الحمار بعد مغرب احد الايام ولبست درعي الذي صنعته من جلد نعجة، واخذت معي عصا طويلة مثل الرمح،، فشاهدني أبي،،، واستغرب،،، وانتظرني في الطريق،،، ووصلت الى عنده راكبا على الحمار، ومتلثم بالشماغ،،، وتوقفت للسلام على الفارس الذي يقف في الطريق( والدي) واخبرته بعلمي ووجهتي وما قررت عليه،،،، قال انزل من على جوادك،،، فنزلت،،، واعطاني بعصاته ثلاث ضربات مؤلمة على مؤخرتي،،، والرابعة في ظهر الحمار،، وانطلقنا باتجاه البيت، نتسابق واستطعت ان اسبق الحمار، بجزء من الثانية ، مهزوم مضروب،،، احس بالنار في مؤخرتي،،،،
وسقط سيفي ورمحي ودرعي،،،، وعدت الى الجبال واحرقت تلك الكتب،،، وتبت الى الله فلا اريد ان اضرب مرة أخرى. ،،،، 🌹

لاحق ال هادي
رجال المع

فارس الأحلام
18-02-2022, 09:47 AM
قصة مؤلمة

شكرا لجهودك

موفق

خالد زين
18-02-2022, 09:49 AM
يعطيك العافية

اختيار ممتاز

احترامي

صمت الشفائف
18-02-2022, 09:50 AM
معاناة الزمن الماضي

الفقر والجهل اكبر مصيبة

binhlailبن هليــل
20-02-2022, 02:32 AM
قصة جميلة

شكرا لجهودك
تقديري

سم وعسل
20-02-2022, 02:44 AM
قصة مؤلمة

تقبل تواجدي بمتصفحك

وافي الوافي
23-02-2022, 05:55 AM
قصة معبرة من زمن جميل

احترامي

شقران
25-02-2022, 07:14 AM
قصة معبرة


يعطيك العافية

مالي شبيه
26-02-2022, 06:26 PM
قصة ممتازة

وفقك الله

احترامي

الكابتن
27-02-2022, 01:16 AM
قصة اكثر من ممتازة

تقبل اعجابي

الرقيب
27-02-2022, 01:20 AM
جميل ما نقلت الينا

تقبل التحية

عذبة الروح
27-03-2022, 09:50 PM
قصة معبرة

شكرا لك

احترامي

شيخة البنات
27-03-2022, 09:53 PM
قصة فيها عبرة

يعطيك العافية

دقة قلب
31-03-2022, 06:14 PM
ماقصرت

قصة معبرة عن زمن قاسي

القنـــــاص
02-04-2022, 11:17 PM
قصة مؤثرة


يعطيك الف عافية

ذياب بن غانم
03-04-2022, 05:31 PM
قصة معبرة

تسلم الايادي

واصل

دليل القوافــل
06-04-2022, 08:13 PM
قصة معبرة

يعطيك العافية

احترامي

صاحب المعالي
06-04-2022, 08:19 PM
قصة مؤلمة

الله يعين من صارت عليه

عديل الروح
07-04-2022, 11:34 PM
قصة جميلة ومعبرة

شكرا لك

شيخة البنات
03-05-2022, 07:16 PM
قصة مؤثرة جدا

يعطيك الف عافية