القنـــــاص
14-07-2018, 10:00 AM
إذا كان رب البيت بالدف ضارباً..
فشيمة أهل البيت كلهم الرقص
هذا البيت عنوان هذه الزاوية من الأبيات المشهورة، كنا ومازلنا نتمثل به ويعد قاعدة عند بعض الناس، اما البعض الآخر فلا يسلم به بأي حال من الأحوال، وكلاهما على حق، وأميل إلى عدم التسليم بهذه القاعدة لأننا قد نرى رجلا صالحا مستقيما مذكورا بالخير بين الناس، علما ان اباه لم يكن كذلك.
هذا الامر كسر قاعدة هذا البيت استمعوا معي إلى هذه القصة وخذوا العبرة منها، فربما اقتنعتم بوجهة نظري.
يروى ان فتيانا من أهل المدينة المنورة، على ساكنها افضل الصلاة والسلام، توفي والدهم وكان قد ترك عند اخيه «عم الفتيان» مالا لان ابناءه كانوا صغارا فلم يعطهم المال فذهب الفتية إلى امير المدينة المنورة وهو عمر بن عبدالعزيز ودخلوا عليه، فقال اكبر الفتية اصلح الله الأمير، ان أبانا قد توفي، وترك مالا عند عمنا حميد الأمجي ونحن أحق به، وأحوج ما نكون له. فبعث عمر وراء عمهم واحضره وكان يعرفه، فحضر حميد وما ان رآه عمر بن عبدالعزيز حتى قال له: انت الذي تقول:
«حميد الذي أمج داره
اخو الخمر ذو الشيبة الاصلع
اتاه المشيب على شربها
وكان كريما فلم يقلع».
قال: «نعم أنا قائلها».
قال عمر: «ما اراني إلا سوف احدك انك اقررت بشرب الخمر، وقلت انك لم تنزع منها».
قال حميد: ايهات اين يذهب بك؟ ألم تسمع الله عز وجل يقول: «وانهم يقولون مالا يفعلون»؟
فقال عمر: «أولى لك يا حميد، ويحك كان ابوك رجلاً صالحا وانت رجل سوء».
قال: «أصلحك الله، وأينا يشبه اباه؟ كان ابوك رجل سوء وانت رجل صالح». ودار حديث طويل بينهما ولا يهمنا منه إلا انه ليس بالضروري ان يكون الابن على سيرة أبيه، إلا اذا كان معنى البيت على نحو قول رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه»، فهذا معنى آخر وعموما هذا البيت يضرب مثلا للبيت الذي لا رقابة فيه، فاذا كان الاب لا يسأل ابناءه اين ذهبتم ومن اين جئتم يصبح البيت سائبا، وايضا اذا شاهد الناس رجلا غير سوي قالوا: «لا عجب في ذلك كان ابوه مثله»، وكذلك المسؤول الغشاش المرتشي لا تتعجب اذا رأيت موظفيه يأخذون الرشوة، واذا كان مدير ادارة لا يصل إلى عمله إلا متأخرا فستجد الموظفين يسيرون على نهجه لان القدوة فاسد فيتأخرون ويعطلون مصالح العباد والبلاد، واذا عدنا إلى البيت المشهور فربما يكون كثير من الناس لا يعرفون صاحبه رغم شهرته، وهو شاعر عراقي عباسي العصر، بغدادي المولد والوفاة لقبه سبط ابن التعاويذي ، ابو الفتح، محمد بن عبدالله بن عبدالله ولد في سنة 519 هجرية وهو شاعر عصره دون مدافع، له اخبار كثيرة مع الخليفة العباسي الناصر لدين الله احمد بن الحسن المستضيء بأمر الله «575هـ – 622هـ» كان هذا الشاعر يلي الكتبة في ديوان الولايات وكف بصره قبل وفاته بأربع سنين، سنة 579هـ وكانت وفاة سبط ابن التعاويذي سنة 583هـ ومن اشهر ما قاله في الرويبضة.
«وقالوا استبانت يا ابن عروة ابنتك
فقلت لهم: ماذاك في حقه نقص
اذا كان رب البيت بالدف ضاربا
فشيمة أهل البيت كلهم الرقص»
وقد ورد آنفا ذكر الخليفة العباسي الناصر لدين الله فاحببت ان اترجم له: هو احمد بن الحسن بن يوسف بن محمد بن أحمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن اسحاق بن جعفر بن احمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب بن هاشم،الخليفة العباسي الرابع والثلاثون ولد عام 553هـ وحكم خمسين عاما وكان كما يصفه مؤرخو الاسلام سد بني العباس، اعاد للخلافة العباسية هيبتها وهو ايضا عالم وشاعر واديب، راو لحديث رسول الله «صلى الله عليه وسلم» لم يول الخلافة احد اطول منه مدة، قمع الاعداء واستظهر على الملوك وساس الخلافة سياسة صارمة، عرف بذكائه المفرط، توفي في رمضان سنة 622هـ بعد ان دانت له الدنيا، رحمه الله تعالى.. أكتفي بهذا القدر.
دمتم سالمين وفي أمان الله.
منقول
فشيمة أهل البيت كلهم الرقص
هذا البيت عنوان هذه الزاوية من الأبيات المشهورة، كنا ومازلنا نتمثل به ويعد قاعدة عند بعض الناس، اما البعض الآخر فلا يسلم به بأي حال من الأحوال، وكلاهما على حق، وأميل إلى عدم التسليم بهذه القاعدة لأننا قد نرى رجلا صالحا مستقيما مذكورا بالخير بين الناس، علما ان اباه لم يكن كذلك.
هذا الامر كسر قاعدة هذا البيت استمعوا معي إلى هذه القصة وخذوا العبرة منها، فربما اقتنعتم بوجهة نظري.
يروى ان فتيانا من أهل المدينة المنورة، على ساكنها افضل الصلاة والسلام، توفي والدهم وكان قد ترك عند اخيه «عم الفتيان» مالا لان ابناءه كانوا صغارا فلم يعطهم المال فذهب الفتية إلى امير المدينة المنورة وهو عمر بن عبدالعزيز ودخلوا عليه، فقال اكبر الفتية اصلح الله الأمير، ان أبانا قد توفي، وترك مالا عند عمنا حميد الأمجي ونحن أحق به، وأحوج ما نكون له. فبعث عمر وراء عمهم واحضره وكان يعرفه، فحضر حميد وما ان رآه عمر بن عبدالعزيز حتى قال له: انت الذي تقول:
«حميد الذي أمج داره
اخو الخمر ذو الشيبة الاصلع
اتاه المشيب على شربها
وكان كريما فلم يقلع».
قال: «نعم أنا قائلها».
قال عمر: «ما اراني إلا سوف احدك انك اقررت بشرب الخمر، وقلت انك لم تنزع منها».
قال حميد: ايهات اين يذهب بك؟ ألم تسمع الله عز وجل يقول: «وانهم يقولون مالا يفعلون»؟
فقال عمر: «أولى لك يا حميد، ويحك كان ابوك رجلاً صالحا وانت رجل سوء».
قال: «أصلحك الله، وأينا يشبه اباه؟ كان ابوك رجل سوء وانت رجل صالح». ودار حديث طويل بينهما ولا يهمنا منه إلا انه ليس بالضروري ان يكون الابن على سيرة أبيه، إلا اذا كان معنى البيت على نحو قول رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه»، فهذا معنى آخر وعموما هذا البيت يضرب مثلا للبيت الذي لا رقابة فيه، فاذا كان الاب لا يسأل ابناءه اين ذهبتم ومن اين جئتم يصبح البيت سائبا، وايضا اذا شاهد الناس رجلا غير سوي قالوا: «لا عجب في ذلك كان ابوه مثله»، وكذلك المسؤول الغشاش المرتشي لا تتعجب اذا رأيت موظفيه يأخذون الرشوة، واذا كان مدير ادارة لا يصل إلى عمله إلا متأخرا فستجد الموظفين يسيرون على نهجه لان القدوة فاسد فيتأخرون ويعطلون مصالح العباد والبلاد، واذا عدنا إلى البيت المشهور فربما يكون كثير من الناس لا يعرفون صاحبه رغم شهرته، وهو شاعر عراقي عباسي العصر، بغدادي المولد والوفاة لقبه سبط ابن التعاويذي ، ابو الفتح، محمد بن عبدالله بن عبدالله ولد في سنة 519 هجرية وهو شاعر عصره دون مدافع، له اخبار كثيرة مع الخليفة العباسي الناصر لدين الله احمد بن الحسن المستضيء بأمر الله «575هـ – 622هـ» كان هذا الشاعر يلي الكتبة في ديوان الولايات وكف بصره قبل وفاته بأربع سنين، سنة 579هـ وكانت وفاة سبط ابن التعاويذي سنة 583هـ ومن اشهر ما قاله في الرويبضة.
«وقالوا استبانت يا ابن عروة ابنتك
فقلت لهم: ماذاك في حقه نقص
اذا كان رب البيت بالدف ضاربا
فشيمة أهل البيت كلهم الرقص»
وقد ورد آنفا ذكر الخليفة العباسي الناصر لدين الله فاحببت ان اترجم له: هو احمد بن الحسن بن يوسف بن محمد بن أحمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن اسحاق بن جعفر بن احمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب بن هاشم،الخليفة العباسي الرابع والثلاثون ولد عام 553هـ وحكم خمسين عاما وكان كما يصفه مؤرخو الاسلام سد بني العباس، اعاد للخلافة العباسية هيبتها وهو ايضا عالم وشاعر واديب، راو لحديث رسول الله «صلى الله عليه وسلم» لم يول الخلافة احد اطول منه مدة، قمع الاعداء واستظهر على الملوك وساس الخلافة سياسة صارمة، عرف بذكائه المفرط، توفي في رمضان سنة 622هـ بعد ان دانت له الدنيا، رحمه الله تعالى.. أكتفي بهذا القدر.
دمتم سالمين وفي أمان الله.
منقول