binhlailبن هليــل
06-09-2007, 11:53 PM
تعريف المسرح والمسرحية
--------------------------------------------------------------------------------
المَسْرَح شكل من أشكال الفنون يؤدى أمام المشاهدين، يشمل كل أنواع التسلية من السيرك إلى المسرحيات. وهناك تعريف تقليدي للمسرح هو أنه شكل من أشكال الفن يترجم فيه الممثلون نصًّا مكتوبًا إلى عرض تمثيلي على خشبة المسرح. يقوم الممثلون، عادة بمساعدة المخرج على ترجمة شخصيات ومواقف النص التي ابتدعها المؤلف.
عادة ما يكون الحدث المسرحي الناجح عملاً مشوقًا لكل من المشاهد والممثل والفني، بغض النظر عن مكان عرضها: مسرحًا محترفًا أو مسرحًا مدرسيًّا أو مجرد مساحة أقيمت مؤقتا لهذا الغرض. وتندرج العروض من التسلية الخفيفة، مثل العروض الموسيقية والكوميديا، إلى تلك التي تبحث في مواضيع سياسية وفلسفية جادة.
وليس المسرح كالمسرحية بالرغم من أن الكلمتين تُستخدمان عادة وكأنهما تحملان المعنى نفسه، ذلك لأن المسرحية تشير إلى الجانب الأدبي من العرض؛ أي النص ذاته. وعلاقة المسرح بالمسرحية علاقة العام بالخاص، أو بمعنى آخر: المسرح شكل فني عام، أحد موضوعاته أو عناصره النص الأدبي (المسرحية). انظر: المسرحية. ويعتقد بعض النقاد أن النص لا يصبح مسرحية إلا بعد تقديمه على خشبة المسرح وأمام الجمهور. ويقول آخرون: إن النص ليس سوى مخطط يستخدمه المخرج والفنانون الآخرون كأساس للعرض.
والعرض المسرحي من أكثر الفنون تعقيدًا؛ لأنه يتطلب العديد من الفنانين لأدائه. ومن بين هؤلاء المتخصصين: المؤلف والممثلون والمخرج ومصممو الديكور والأزياء والإضاءة ومختلف أنواع الفنيين. كما تتطلب بعض العروض الأخرى مصممي رقصات وموسيقيين وملحنين. ويُسمى المسرح أحيانًا الفن المختلط؛ لأنه يجمع بين النص والجو الذي يبتكره مصممو الديكور والإلقاء والحركات التي يقوم بها الممثلون.
كان الكاتب المسرحي في عهد المسرح الأول يقوم بجميع الأعمال الفنية مثل كتابة النص والتمثيل والإخراج، وبالتدريج أصبح هناك مختصون. وبرزت فنون المسرح العديدة، واكتسب كلٌّ من الممثل وكاتب النص شهرة في البداية بسبب أن الواحد منهما يعتمد على الآخر في إخراج فنهما إلى حيز الوجود.
وفي المسرح الحديث، اعتاد المخرج على مواءمة جميع خصائص العرض من تصميم الديكور إلى تصميم الأزياء والإضاءة والمؤثرات الصوتية والموسيقية والرقص. وربما كان أهم عمل للمخرج هو قيادة الممثلين في عملية إبداعهم، ومساعدتهم على أداء أدوارهم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصالة.
هي الجزء الذي يجلس فيه المشاهدون خلال العرض. وبشكل عام، تحتوي الصالة على مرافق أخرى مثل شباك التذاكر والمداخل والمخارج وأماكن الاستراحة والعرض وتناول المرطبات.
تسمح الصالة المصممة تصميمًا جيدًا للجمهور بالمشاهدة والاستماع بسهولة، كما تسمح لهم بالدخول والخروج من أماكنهم بيسر. ويكون داخلها مزينًا بصور جميلة ولكن ليس لدرجة تشغل المشاهدين عن التركيز على العرض على خشبة المسرح. ويتراوح حجم الصالات بين الصغير والكبير؛ كما أنها تختلف في مرافقها الأساسية. وتكون مقاعد الصالة جميعها في طابق واحد أو في الطابق الرئيسي أو في واحدة أو أكثر من الشرفات الداخلية. وكانت الصالات القديمة تحتوي على مقصورات خاصة قريبة جدًا من خشبة المسرح. أما في المسرح الحديث فيتقاسم الممثلون والمشاهدون نفس الحيز في الصالة.
يتغير ترتيب مقاعد المشاهدين في العديد من المسارح من عرض لآخر. وفي حالات معينة يُطلب من الجمهور تغيير أماكنهم أثناء العرض. وتُسمّى العروض التي تتطلب تغيير ترتيب مقاعد الجمهور أو تحتم على الممثلين التنقل بين المشاهدين في بريطانيا بعروض البرومينيد.
خشبة المسرح.
هناك أربعة أنواع رئيسية من خشبة المسرح الحديث: 1- خشبة المسرح الوجاهية 2- خشبة المسرح المفتوحة، وتسمى أيضًا خشبة المسرح الناتئة 3- خشبة المسرح المدوَّرة 4- خشبة المسرح المرن. وتوجد كل من هذه الأنواع نوعًا معينًا من العلاقة بين الممثلين والمشاهدين ويتطلب كل منها ترتيبًا من الإخراج.
خشبة المسرح الوجاهية هي الأكثر شيوعًا ومصممة لتشاهد من الأمام فقط، وتسمى في بعض الأحيان إطار الصورة، لأن المساحة التي يرى المشاهدون الأحداث من خلالها تشبه إطارًا للديكور وتحركات الممثلين؛ كما أن لها تسمية ثالثة وهي القوس الوجاهي. ويحتوي هذا النوع من خشبة المسرح على مساحة في مقدمته تفصل مقاعد الجمهور عن تلك التي خلف الإطار. ويمكن للموسيقيين الجلوس في هذا الحيز دون حجب رؤية مكان العرض عن المشاهدين.
في خشبة المسرح المدوّر، يجلس الجمهور المشاهد على جوانب المنصة الأربعة. وتحتوي جميع المسارح من هذا النوع على عدد محدد من المقاعد. وتكون المنصة المستعملة في المسرح المدوّر منخفضة تسمح للمشاهد برؤية كل ما يجري في دائرة الحدث على المسرح. ودائمًا ما توضع في نهاية الممشى أو خلف المشاهدين. ويتم تغيير المناظر في الظلام أو على مرأى من المشاهدين. ويدخل الممثلون إلى المسرح المدوّر من خلال الصالة. ويجب أن يكون تمثيلهم موجهًا إلى جميع الجهات.
في المسرح المرن، يتم تغيير الأمكنة المخصصة للعرض وللمشاهدين حتى يتناسب مع كل عرض. ومثل هذا التكيف يسمح للمخرج بحرية اختيار نوع العلاقة المناسبة بين العرض والمشاهدين. تستوعب معظم المسارح المرنة عددًا صغيرًا من المشاهدين وليس مستغربًا أن تكون خشبة المسرح المرن أكبر من صالة المشاهدين.
تؤدى العديد من العروض اليوم، كما كان الوضع في الماضي، في أماكن مستحدثة؛ أي أمكنة لم تخصص أصلاً للعرض المسرحي. ويمكن للمشاهدين الجلوس أو الوقوف في مثل هذه الأمكنة، كما يفعلون في المسارح ذات الخشبة المرنة. إن الشيء المشوق بشأن مسارح اليوم هو تنوع الأمكنة المخصصة للممثلين والمشاهدين.
مساحة خلف الكواليس. يمكن أن يحتوي المسرح المجهز تجهيزًا جيدًا على ورشة لصنع الملابس، والديكور، وغرف ملابس، وتدريبات ومقصورات إضاءة وصوت ومستودعات ملابس وديكور وغرفة خضراء لأعضاء هيئة المسرح. وتعمل معظم مسارح الهواة في أمكنة محدودة. تملك الفرق الكبيرة مساحات عمل خلف المسرح في نفس المبنى. أما الفرق الصغيرة فتكون ورش عملها في بنايات أخرى.
المُنْتِج
--------------------------------------------------------------------------------
تبدأ عملية إنتاج العرض بالمنتج الذي يمكن أن يكون شخصًا واحدًا أو عدة أشخاص أو فرقة مسرحية. والمنتج هو المسؤول الرئيسي عن العرض بشكل كامل. ومن بين واجباته واحدة أو أكثر مما يلي: 1- الحصول على النص 2- تدبير الأموال اللازمة للعرض 3- الحصول على المسرح 4- التعاقد مع الفريق الفني 5-مراقبة الشؤون المالية.
الحصول على النص. نقطة البداية بالنسبة لجميع العروض المسرحية، إن كانت محترفة أم لا، هو الحصول على مسرحية مكتوبة. يحصل المنتج بعد الاتفاق مع المؤلف على عقد يحدد حقوق الإنتاج الكاملة لمدة معينة من الزمن، والمبلغ الذي يتقاضاه المؤلِّف والنسبة المئوية من الأرباح ... إلخ. كما يحدد العقد مدى تحكم المنتج في نص المسرحية. على سبيل المثال، يمكن أن يحدد العقد وجود المؤلِّف للمشورة واحتمال إعادة كتابة بعض الفقرات أثناء فترة التدريبات.
تدبير الأموال اللازمة للعرض. تعتبر خطوة تدبير الأموال لإنتاج مسرحية أو عرض موسيقي من أصعب مهمات المنتج؛ فقد أصبحت كلفة إنتاج العروض المسرحية باهظة وهي تتجه للارتفاع بشكل مُطّرِد. فإنتاج عرض مسرحية صغيرة ذات ديكور ثابت، على مسارح برودواي في نيويورك، على سبيل المثال، قد يكلِّف مئات الآلاف من الدولارات الأمريكية. كما تكلف العروض الموسيقية أكثر من مليون دولار أمريكي على نفس المسارح. لهذا لا يجرؤ إلا القليل على استثمار أمواله في هذه العروض؛ وعادة ما يبحث معظم المنتجين عن تمويل مثل هذه العروض من أناس عديدين أو مجموعات أو مؤسسات تجارية.
الحصول على المسرح. يمكن أن يكوِّن المنتج فرقة مسرحية تملك مسرحها الخاص بها. أما إذا كان الأمر غير ذلك، فيتعين على المنتج العثور على مسرح مناسب للعروض والتدريبات.
كانت العادة في الماضي أن العروض التي كانت تستهدف مسارح لندن ونيويورك تعرض أولاً في مدن أخرى قبل الافتتاح الرسمي ليلة العرض الأولى. ويتولى المنتج في هذه المرحلة تدبير وسائل النقل وأماكن الإقامة والمسرح في المدينة التي تستضيف العرض أو العروض التجريبية. والهدف الرئيسي من وراء العروض التجريبية هو استطلاع رأي المشاهدين كمؤشر لتحسين العرض قبل ليلة الافتتاح. غير أن العروض التجريبية نادرة اليوم بسبب التكاليف الباهظة. وبدلاً من ذلك، فقد أصبح من المستحسن تقديم عروض تجريبية على نفس المسرح وتكون أسعار تذاكر هذه العروض مخفَّضة.
التعاقد مع الفريق الفني. يبدأ التعاقد حالما يتم تأمين الأموال اللازمة للعرض أو ربما قبل ذلك. فربما حاول المنتج الحصول على التزام من أحد المخرجين أو الممثلين ليساعده مثل هذا الالتزام على جذب المستثمرين. وبعد الحصول على الأموال المطلوبة، يبدأ المنتج اختيار الأشخاص وتوقيع العقود معهم.
يجب على المنتج أن يتعامل مع نقابات العمال التي تمثل مجموعات المتعاقدين المختلفة. ولا نعني بهؤلاء المتعاقدين المُخْرِج والممثلين والمصممين فقط، ولكن أيضاً العمال والموسيقيين والراقصين وعمال شباك التذاكر.
مراقبة الشؤون المالية. يطلع المنتج على جميع المصاريف والإيرادات في فترة العرض؛ لأنه يجب أن يتأكد أن جميع الفواتير قد سُدِدت وأن المرتبات ومصاريف الديكور والملابس والإعلانات قد دُفعت. وربما كان على المنتج أن يزود المستثمرين بتقارير مالية عن سير العرض المالي من وقت لآخر.
المُخْرِج
--------------------------------------------------------------------------------
المخرج هو الشخص المسؤول عن قوة العرض الفنية بشكل عام في المسرح الحديث، فهو الذي يقرر تفسير النص وينسق جهود جميع الفنانين. ويمتلك المخرج سلطة كبيرة في المسرح لدرجة أن المقولة الشائعة في عالم المسرح اليوم هي: إن العرض ملك للمخرج. ومع هذا فالعديد من المخرجين الكبار متسامحون ومستعدون لتقبل أفكار الفنانين الذين يعملون معهم طيلة مدّة العرض.
يتمتع المخرج عادة بالصلاحيات التالية: 1- تحليل النص وتقرير التفسير المناسب الذي سيحدد شكل العرض. 2- العمل مع المؤلف والفنيين ومصممي الديكور والإضاءة والأزياء في تخطيطه لإخراج المسرحية. 3- قيادة الممثلين. 4- الإشراف على التدريبات. 5- تنسيق جميع عناصر الإنتاج النهائية.
تفسير النص. يجب على المخرج أن يكون مُلِمًّا جدًا بالنص حتى يستطيع اختيار الممثلين وتدريبهم وإرشاد المصممين. يتحتم عليه دراسة بنية المسرحية وتفحص الآليات التي يستخدمها المؤلف لسرد قصته وبناء عنصر التشويق فيها. فإن كانت المسرحية لا تستخدم البنية التقليدية، كما هو الحال في المسرح الجديد، يعمد المخرج إلى اكتشاف طريقة المؤلف في ابتكار جو النص وذلك بدراسة واستشفاف رد فعل المشاهدين. يعمد المخرج بعدها إلى تحليل تصرفات الشخصيات والجو المسيطر في كل جزء من النص، ليقرر علاقة الجزء الواحد بالجزء الآخر وعلاقة الاثنين بالنص ككل.
على المخرج أن يفهم عمل كل شخصية في المسرحية والدور المطلوب من الممثل إزاءها. ويتقبَّل المخرج رأي الممثلين والممثلات بشأن شخصية النص أثناء عملية التدريب. إن فهم سمات الشخصية الجسدية والعاطفية والصوتية يساعد المخرج كثيرًا في إخراج عمل أمين من الناحية الفنية.
ينبغي على المخرج أن يتمتع بالقدرة على تصور متطلبات الديكور والأزياء والإضاءة في العرض، وتقبل آراء شركائه في عملية الإنتاج؛ غير أن المسؤولية النهائية في اختيار الأفضل والأنسب تقع على عاتقه هو فقط.
تعتمد الاستعدادات التي يعتمدها المخرج على المسرحية ومتطلبات الإنتاج. فالعمل على مسرحية جديدة يفصح عن مشاكل تختلف عن متطلبات عرض مسرحية كلاسيكية. ففي إخراج مسرحية جديدة، على سبيل المثال، يجب على المخرج أن يشتغل مباشرة مع المؤلف، إذ ربما أراد اقتراح تغيير في النص أو إعادة كتابة بعضه. وقد تستمر هذه العملية طوال فترة التدريب.
أما في إخراج نص قديم، فالمسؤول الوحيد هو المخرج الذي يتعامل ليس مع مؤلف إنما مع النص بصورة مباشرة. والتغيير هنا يعتمد على حكمته ومدى معرفته بالنص. قد يرى المخرج تغيير نص بشكل جذري حتى يصبح مقبولاً للمشاهد المعاصر. فالعديد من المخرجين يرون أن من واجبهم جعل المسرحية تعني شيئًا للمشاهد المعاصر بتغيير زمنها ومكانها أو بإعادة تفسيرها. وقد يتطلب هذا التغيير حذف أو استبدال بعض الكلمات الغامضة أو حذف بعض المشاهد أو مناظر بكاملها. كما أن المخرج قد يطلب مساعدة أديب مختص لنصحه بشأن المسائل والتفاصيل المتعلقة بالأسلوب والفترة الزمنية التي كتبت فيه المسرحية. ومازال هناك خلاف بخصوص مدى صلاحية المخرج في التحكم في النص كما ذُكر سابقًا.
العمل مع المصممين. قبل إجراء البروفات (التدريبات)، يجب أن يبحث المخرج تفسير المسرحية مع مصممي الديكور والأزياء والإضاءة. يقدم هؤلاء المختصون اقتراحاتهم عن تصميماتهم، وللمخرج أن يتقبلها أو يطلب إجراء بعض التعديلات عليها. يجب على المخرج التأكد من أن التصميمات المقترحة تناسب الأحداث والحالة النفسية والموضوع والأشخاص والفترة الزمنية التي كتبت فيها المسرحية. كما يجب أن تكون الملابس والديكورات عملية حتى لا تعيق حركة الممثلين على خشبة المسرح.
اختيار الممثلين. أول عمل من أعمال المخرج هو اختيار الممثلين لجميع أدوار المسرحية. وعادة يتم التعاقد مع خبير اختيار الممثلين الذين اختيروا في تجربة الأداء النهائية. قد يكون هناك تجربة أداء يشترك فيها كل من يرغب في ذلك. إن مثل هذه التجارب الأدائية إجبارية في جميع عروض المحترفين في مدينة نيويورك؛ وتسمى التجارب في مثل هذه الحالة تجارب أدائية خاصة.
قد يُعطى الممثلون الذين سيشتركون في التجربة الأدائية المسرحية لقراءتها قبل التجربة. وقد يعطى بعض المخرجين أجزاء من مسرحيات مختلفة لحفظها عن ظهر قلب، وتمثيلها أمام لجنة الاستماع. وقد يطلب بعض المخرجين من المتسابقين استعمال طريقة البانتومايم (طريقة التمثيل بالحركات). ثم إن نوعًا آخر من المخرجين قد يطلب من المتسابق ارتجال تمثيل مشهد يقترحه المخرج نفسه أو أحد الحاضرين.
هناك العديد من العوامل التي تحدد اختيار المجموعة التي ستشترك في العرض. قد تتطلب بعض الأدوار سمات جسمانية وصوتية محددة. كما أن حيز الدور العاطفي يجب أن يؤخذ بالحسبان. ويحاول المخرج تصور الدور بعلاقته بالأدوار الأخرى في المسرحية والعرض، وذلك حتى يخلق فريقًا متجانسًا في أدائه.
التدريبات. تختلف طريقة التدريب من مخرج إلى آخر، ومن مسرحية إلى أخرى. وهناك أشياء يهتم بها معظم المخرجين التقليديين وهي: 1- الحضور المسرحي 2- الحركات والإشارات وتعابير الوجه 3- الصوت والإلقاء. ويعتقد الفريق الآخر من المخرجين أن الاهتمام الرئيسي يتمحور في الحصول على أفضل العروض من الممثلين بوصفهم شركاء في عملية إبداع، وذلك بتدريبهم على تقديم عرض موحد.
يعتقد المخرجون التقليديون أن كل لحظة في حياة المسرحية يجب أن تكون حضورًا مسرحيًّا؛ بمعنى أن المشهد يجب أن يقدم نفسه للمشاهد دون مساعدة الحوار. يجب على كل حضور مسرحي أن يقدم عنصر اهتمام يعكس عاطفة المنظر المسيطرة آنيًّا والعلاقة بين الممثلين. إن عمل المخرج بالنسبة لهذا المنحى هو تركيز انتباه المشاهدين على العناصر المهمة وهذه تكون عادة واحدًا أو أكثر من أبطال العرض في فترة زمنية معينة. وتحصل هذه الحركة بالتحكم في مواقف الممثلين بعلاقتهم بالمشاهدين وعلاقتهم ببعضهم. يعتقد العديد من المخرجين اليوم خطأ المنهج الذي يركز على الحضور المسرحي؛ أي خصائص المسرح الميكانيكية على حساب الخصائص المسرحية الأخرى.
على سبيل المثال، تعتبر الحركة أكثر حيوية من الحضور المسرحي فقط؛ لأن الحركة هي العنصر الأساسي الذي يمزج المشهد المسرحي مع غيره لإيجاد الشعور بسير الحدث وتطوره. كما يجب على الحركة أن تناسب الشخصية والموقف والحالة النفسية ونوع المسرحية. إضافة إلى ذلك، تعتبر الإشارات وتعابير الوجه مكملة للحركة. صحيح أن الممثلين هم المسؤولون عن التغلب على مشاكل الصوت والإلقاء، غير أن المخرج هو المسؤول عن جعل الممثلين يتحدثون بطريقة واضحة ومؤثرة.
تتم التدريبات عادة في غرفة خاصة بدلاً من خشبة المسرح. يتكون برنامج التدريب على مسرحية تقليدية من عدة مراحل: أولاً يقوم المخرج والممثلون بقراءة ودراسة المسرحية. بعدها، يقوم المخرج بقولبة الحدث؛ أي تحضير الإطار العام لحركة الممثلين بصورة مبدئية. بعد ذلك، يتم العمل المُفصل في دراسة تقمص الشخصيات وقراءة النص سطرًا سطرًا والقيام بالأدوار التمثيلية، وتغيير المناظر ودمج الممثلين في وحدة متناغمة وفنيّات التغلب على مشاكل الإضاءة والديكور والأزياء وأية اهتمامات فنيّة أخرى. ويقوم المخرج أخيرًا، في مرحلة التجربة بالأزياء، بدمج جميع عناصر العرض لتقديم الصورة النهائية التي ستظهر بها المسرحية في ليلة الافتتاح.
مساعدو المخرج. يشمل مساعدو المخرج مدير المسرح ومدير أو مديري خشبة المسرح (ويعتمد وجود هؤلاء على الميزانية) ومساعد مدير مسرح، وسكرتيرًا للتدريبات. وعادة ما يقوم شخص واحد بعمل مساعد مدير المسرح وسكرتير التدريبات.
يجلس السكرتير بجانب المخرج أثناء التدريبات لكتابة الملاحظات. وبإمكان مساعد مدير المسرح قيادة التدريب في تمثيل بعض المشاهد؛ كما أن بمقدوره العمل كحلقة وصل بين المخرج والمصممين. ويقوم مدير مسرح فرق المحترفين بتنظيم تجارب الأداء؛ كما يحضر كلَّ التدريبات ويسجل التغيير في الحوار وقولبة الحوادث في النسخة الأصلية من النص.
الممثلون
--------------------------------------------------------------------------------
الممثلون هم من بين القلة من الفنانين الذين لا يمكنهم فصل وسائل التعبير لديهم عن أنفسهم، لأنهم يبدعون باستخدام أجسادهم وأصواتهم وميزاتهم النفسية والعقلية؛ أي أن إبداعهم لا ينفصل عن شخصياتهم. إنه لمن الصعب فصل موهبة الممثل وإبداعه عن شخصيته، غير أن التمثيل فن، وكما هو الحال في أي فن، فلا بد من توافر عناصر أساسية لدى الممثل، مثل المقدرة والدراسة والممارسة.
الجسم والصوت. يحتاج الممثلون إلى أجساد مرنة مطواعة معبرة. ويتحتم عليهم استخدام أجسادهم لعرض مواقف عديدة ومتنوعة. ويمكنهم اكتساب هذه الخبرات بدراسة مقررات في الحركة على المسرح والرقص والمبارزة بالسيف، أو باشتراكهم في تمارين رياضية تتطلب الكثير من التنسيق والقدرة. إن الرقص والمبارزة بالسيف رياضتان مفيدتان لأنهما تزودان الجسم بالرشاقة والتحكم بالحركة. إضافة إلى ذلك، يستطيع الممثلون الذين يجيدون الرقص والمبارزة بالسيف الحصول على عمل أكثر من غيرهم. إن نفس متطلبات المرونة والتحكم والتعبير تنطبق على الصوت أيضًا. يتدرب الممثلون على طريقة التنفس بطريقة صحيحة وعلى التنويع في إيقاع الصوت والنبرة. كما أنهم يتعلمون التحدث بلهجات مختلفة. إن التدرب على الإلقاء والغناء والاسترخاء شيء مهم. غير أن معظم الممثلين يتدربون سنين عديدة لاكتساب القدرة على تطويع أصواتهم بشكل كبير يسمح لهم بالتحدث بصوت مرتفع أو منخفض أو بشكل حاد أو ناعم. بناء عليه، يجب على الممثلين المحترفين التدرب الدائم على تحسين قدراتهم الصوتية ومرونة أجسادهم طوال مدة ممارستهم لمهنة التمثيل.
الملاحظة والخيال. يجب على الممثلين أن يلمّوا بالعواطف والمواقف والدوافع الإنسانية حتى يتمكنوا من القيام بأدوارهم جيدًا، وأن يكونوا قادرين على التعبير عن هذه العناصر حتى يتم للمشاهدين فهمهم. إن الممثل الجيد يبني في نفسه عادة ملاحظة الآخرين وتذكر طريقة تصرفهم. فلو قبل ممثل دور رجل عجوز، على سبيل المثال، فيمكنه التحضير للدور جزئياً بملاحظة كيف يمشي المسنون وكيف يقفون وكيف يجلسون. بعدها، يمكنه تطبيق هذه الحركات لتتماشى مع الشخصية التي يريد تصويرها. ويتعلم الممثل كيف يستجيب أناس مختلفون لنفس العواطف (مثل السعادة والحزن والخوف) بطُرق مختلفة.
ويمكن للممثلين تطوير ذاكرة عاطفية تمكنهم من استرجاع الموقف الذي أوجد عندهم رد فعل عاطفي مماثل لذلك الذي يودون تصويره. غير أن هذه طريقة تمثيل معقدة ولايجب استخدامها إلا بعد أن يطور الممثل فهمًا شاملاً وعميقًا لها. ويتعلم الممثلون فهم الآخرين بفهم ذواتهم وقدراتهم العاطفية قدر المستطاع. إنهم يصورون الآخرين باستعمال معلوماتهم عن أنفسهم وتطوير نوع من التحكم بالاستجابة بعواطفهم.
التركيز. يعد التركيز شيئًا مهما للممثل. يجب أن يكون الممثل قادرًا على زج نفسه في مواقف خيالية لحجب جميع المؤثرات الخارجية عنه، موهمًا نفسه بأنه لا يمثل بل يقوم بدور حقيقي. وحتى يتسنى له فعل ذلك، يجب عليه التركيز والاستماع للممثلين الآخرين في المسرحية والاستجابة لما يقولون بشكل جيد. ويتطلب ذلك منه أيضًا التركيز على كلّ لحظة بدلاً من ملاحظة الحدث وانتظار ما سينتج عنه.
مناهج التمثيل. لا يستطيع الممثلون استخدام كامل مهاراتهم وقدراتهم في التمثيل، بغض النظر عن مستوى موهبتهم، دون تبنّي طريقة عمل ثابتة. يجب على الممثلين استخدام أكبر عدد ممكن من مناهج التمثيل حتى يستقروا في النهاية على واحد أو على مجموعة من تلك المناهج التي تناسب مواهبهم وقدراتهم.
ويمكن أن توصف الاختلافات بين مناهج التمثيل بطريقتين مختلفتين تمام الاختلاف، تسمى الأولى المنهج الآلي الخارجي والثانية المنهج النفساني الداخلي. ويختلف المنهجان حول انفعال الممثل أثناء الأداء. يرى المدافعون عن المنهج الآلي الخارجي أن الانفعال يضر عملية التمثيل. ويعتقدون أنه لا ينبغي على الممثل سوى تصوير عواطفه بإشارات خارجية. ويدّعي غلاة المنهج النفساني الداخلي أن الممثل لا يستطيع أن يمثل حقيقة إلا من خلال الأحاسيس الداخلية التي يجب أن تُجنَّد في تصوير الشخصية والموقف. ويُطلق على هذا المنهج أحيانًا منهج ستانيسلافسكي نسبة إلى المخرج الروسي قسطنطين ستانيسلافسكي. وتعرف صورة معدلة عن هذا المنهج في الغرب بالطريقة. ومع هذا، لا يعترف معظم الممثلين أن أيًا من المنهجين يقدم خيار التمثيل الأفضل الذي يرتضيه المشاهدون.
إيجاد الدور. ينبغي على الممثلين التغلب على مشاكل متنوعة ومعينة في كل مرة يمثلون فيها دورًا جديدًا، خاصة في المسرحيات التقليدية. وتحتوي هذه المشاكل عادة على: 1- تحليل الدور 2- الحركة والإشارة 3- مميزات الصوت 4- الاقتصاد والبناء 5- الأداء الموحّد.
تحليل الدور يبدأ بدراسة المسرحية بشكل إجمالي، يركّز بعدها الممثلون على الأدوار الخاصة بهم. إن أول ما يقومون به هو تحليل خصائص الشخصية المختلفة مثل: المظهر والوظيفة والمكانتين الاجتماعية والاقتصادية والسمات العامة. بعد ذلك، يفحصون هدف الشخصية وتصرفاتها في المسرحية بشكل عام وفي المشاهد كل واحد على انفراد. فعندما تصور المسرحية عصرًا معينًا يتحتم على الممثلين دراسة ذلك العصر من أكثر من ناحية.
الحركة والإشارة هما الطريقتان اللتان يصور فيهما الممثل طريقة مشي الشخصية المسرحية وقامتها وإشاراتها ومميزاتها الجسمانية الخاصة. صحيح أن المخرج يعرض إطار حركة الشخصية العام، غير أن الممثل هو المسؤول عن إخراج هذا النموذج التجريدي إلى حيز الوجود، وذلك بقدرته على فهم هدف كل دافع عاطفي وراء كل حركة تقوم بها الشخصية.
ميزات الصوت نعني بها خصائص الشخصية الصوتية. يحدد الممثلون الميزات المرغوبة في الصوت ويوائمون أصواتهم بناء على هذه الميزات. يمكن أن يتطلب دور معين طبقة صوت حادة؛ بينما دور آخر قد يتطلب صوتًا ناعمًا مريحًا. يتحتم على الممثل أن يدرس متطلبات كل مشهد على حدة. تكون بعض المشاهد حالمة، وهذه تتطلب صوتًا ناعمًا خافتًا؛ أما المشاهد الصاخبة فتتطلب أصواتًا مرتفعة جهورية وحادة.
الاقتصاد والبناء يحتويان على الطرق التي يقتصد فيها الممثلون في قواهم لدفع هذه القوى إلى الذروة عند الحاجة. فمعظم الشخصيات تتغير أو على الأقل تتطور أثناء عرض المسرحية، ويجب على الممثل في مثل هذه الحالة أن يعكس هذا التغيير أو التطور. إن الحاجة للمحافظة على بناء الدور مهمة جدًا في المسرحيات العاطفية؛ فلو بدأ الممثل دوره بوتيرة عاطفية مرتفعة أكثر من اللازم فسيجد صعوبة حقيقية فيما بعد في رفع هذه الوتيرة إلى مستوى أعلى. ويفشل الدور، لأنه سيكون بعد ذلك رتيبًا ومملاً. يجب على الممثلين أن يبدأوا على مهل حتى يتسنى لهم أن يُكسبوا تمثيلهم قوة وتشويقًا تمشيًا مع متطلبات النص المكتوب.
الأداء الموحّد يعني الإحساس بالتناغم والترابط اللذين ينتجان عن جهد الممثلين التعاوني الشامل. لن يكون هناك عرض فردي مؤثر إلا إذا كان منسجمًا مع العروض الفردية الأخرى، ويتأتى الأداء الموحد عندما يتأقلم كل ممثل مع حاجيات المسرحية ككل، ويكون في نفس الوقت على بينة من طرق تمثيل زملائه الآخرين ومواطن ضعفهم وقوتهم.
--------------------------------------------------------------------------------
المَسْرَح شكل من أشكال الفنون يؤدى أمام المشاهدين، يشمل كل أنواع التسلية من السيرك إلى المسرحيات. وهناك تعريف تقليدي للمسرح هو أنه شكل من أشكال الفن يترجم فيه الممثلون نصًّا مكتوبًا إلى عرض تمثيلي على خشبة المسرح. يقوم الممثلون، عادة بمساعدة المخرج على ترجمة شخصيات ومواقف النص التي ابتدعها المؤلف.
عادة ما يكون الحدث المسرحي الناجح عملاً مشوقًا لكل من المشاهد والممثل والفني، بغض النظر عن مكان عرضها: مسرحًا محترفًا أو مسرحًا مدرسيًّا أو مجرد مساحة أقيمت مؤقتا لهذا الغرض. وتندرج العروض من التسلية الخفيفة، مثل العروض الموسيقية والكوميديا، إلى تلك التي تبحث في مواضيع سياسية وفلسفية جادة.
وليس المسرح كالمسرحية بالرغم من أن الكلمتين تُستخدمان عادة وكأنهما تحملان المعنى نفسه، ذلك لأن المسرحية تشير إلى الجانب الأدبي من العرض؛ أي النص ذاته. وعلاقة المسرح بالمسرحية علاقة العام بالخاص، أو بمعنى آخر: المسرح شكل فني عام، أحد موضوعاته أو عناصره النص الأدبي (المسرحية). انظر: المسرحية. ويعتقد بعض النقاد أن النص لا يصبح مسرحية إلا بعد تقديمه على خشبة المسرح وأمام الجمهور. ويقول آخرون: إن النص ليس سوى مخطط يستخدمه المخرج والفنانون الآخرون كأساس للعرض.
والعرض المسرحي من أكثر الفنون تعقيدًا؛ لأنه يتطلب العديد من الفنانين لأدائه. ومن بين هؤلاء المتخصصين: المؤلف والممثلون والمخرج ومصممو الديكور والأزياء والإضاءة ومختلف أنواع الفنيين. كما تتطلب بعض العروض الأخرى مصممي رقصات وموسيقيين وملحنين. ويُسمى المسرح أحيانًا الفن المختلط؛ لأنه يجمع بين النص والجو الذي يبتكره مصممو الديكور والإلقاء والحركات التي يقوم بها الممثلون.
كان الكاتب المسرحي في عهد المسرح الأول يقوم بجميع الأعمال الفنية مثل كتابة النص والتمثيل والإخراج، وبالتدريج أصبح هناك مختصون. وبرزت فنون المسرح العديدة، واكتسب كلٌّ من الممثل وكاتب النص شهرة في البداية بسبب أن الواحد منهما يعتمد على الآخر في إخراج فنهما إلى حيز الوجود.
وفي المسرح الحديث، اعتاد المخرج على مواءمة جميع خصائص العرض من تصميم الديكور إلى تصميم الأزياء والإضاءة والمؤثرات الصوتية والموسيقية والرقص. وربما كان أهم عمل للمخرج هو قيادة الممثلين في عملية إبداعهم، ومساعدتهم على أداء أدوارهم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصالة.
هي الجزء الذي يجلس فيه المشاهدون خلال العرض. وبشكل عام، تحتوي الصالة على مرافق أخرى مثل شباك التذاكر والمداخل والمخارج وأماكن الاستراحة والعرض وتناول المرطبات.
تسمح الصالة المصممة تصميمًا جيدًا للجمهور بالمشاهدة والاستماع بسهولة، كما تسمح لهم بالدخول والخروج من أماكنهم بيسر. ويكون داخلها مزينًا بصور جميلة ولكن ليس لدرجة تشغل المشاهدين عن التركيز على العرض على خشبة المسرح. ويتراوح حجم الصالات بين الصغير والكبير؛ كما أنها تختلف في مرافقها الأساسية. وتكون مقاعد الصالة جميعها في طابق واحد أو في الطابق الرئيسي أو في واحدة أو أكثر من الشرفات الداخلية. وكانت الصالات القديمة تحتوي على مقصورات خاصة قريبة جدًا من خشبة المسرح. أما في المسرح الحديث فيتقاسم الممثلون والمشاهدون نفس الحيز في الصالة.
يتغير ترتيب مقاعد المشاهدين في العديد من المسارح من عرض لآخر. وفي حالات معينة يُطلب من الجمهور تغيير أماكنهم أثناء العرض. وتُسمّى العروض التي تتطلب تغيير ترتيب مقاعد الجمهور أو تحتم على الممثلين التنقل بين المشاهدين في بريطانيا بعروض البرومينيد.
خشبة المسرح.
هناك أربعة أنواع رئيسية من خشبة المسرح الحديث: 1- خشبة المسرح الوجاهية 2- خشبة المسرح المفتوحة، وتسمى أيضًا خشبة المسرح الناتئة 3- خشبة المسرح المدوَّرة 4- خشبة المسرح المرن. وتوجد كل من هذه الأنواع نوعًا معينًا من العلاقة بين الممثلين والمشاهدين ويتطلب كل منها ترتيبًا من الإخراج.
خشبة المسرح الوجاهية هي الأكثر شيوعًا ومصممة لتشاهد من الأمام فقط، وتسمى في بعض الأحيان إطار الصورة، لأن المساحة التي يرى المشاهدون الأحداث من خلالها تشبه إطارًا للديكور وتحركات الممثلين؛ كما أن لها تسمية ثالثة وهي القوس الوجاهي. ويحتوي هذا النوع من خشبة المسرح على مساحة في مقدمته تفصل مقاعد الجمهور عن تلك التي خلف الإطار. ويمكن للموسيقيين الجلوس في هذا الحيز دون حجب رؤية مكان العرض عن المشاهدين.
في خشبة المسرح المدوّر، يجلس الجمهور المشاهد على جوانب المنصة الأربعة. وتحتوي جميع المسارح من هذا النوع على عدد محدد من المقاعد. وتكون المنصة المستعملة في المسرح المدوّر منخفضة تسمح للمشاهد برؤية كل ما يجري في دائرة الحدث على المسرح. ودائمًا ما توضع في نهاية الممشى أو خلف المشاهدين. ويتم تغيير المناظر في الظلام أو على مرأى من المشاهدين. ويدخل الممثلون إلى المسرح المدوّر من خلال الصالة. ويجب أن يكون تمثيلهم موجهًا إلى جميع الجهات.
في المسرح المرن، يتم تغيير الأمكنة المخصصة للعرض وللمشاهدين حتى يتناسب مع كل عرض. ومثل هذا التكيف يسمح للمخرج بحرية اختيار نوع العلاقة المناسبة بين العرض والمشاهدين. تستوعب معظم المسارح المرنة عددًا صغيرًا من المشاهدين وليس مستغربًا أن تكون خشبة المسرح المرن أكبر من صالة المشاهدين.
تؤدى العديد من العروض اليوم، كما كان الوضع في الماضي، في أماكن مستحدثة؛ أي أمكنة لم تخصص أصلاً للعرض المسرحي. ويمكن للمشاهدين الجلوس أو الوقوف في مثل هذه الأمكنة، كما يفعلون في المسارح ذات الخشبة المرنة. إن الشيء المشوق بشأن مسارح اليوم هو تنوع الأمكنة المخصصة للممثلين والمشاهدين.
مساحة خلف الكواليس. يمكن أن يحتوي المسرح المجهز تجهيزًا جيدًا على ورشة لصنع الملابس، والديكور، وغرف ملابس، وتدريبات ومقصورات إضاءة وصوت ومستودعات ملابس وديكور وغرفة خضراء لأعضاء هيئة المسرح. وتعمل معظم مسارح الهواة في أمكنة محدودة. تملك الفرق الكبيرة مساحات عمل خلف المسرح في نفس المبنى. أما الفرق الصغيرة فتكون ورش عملها في بنايات أخرى.
المُنْتِج
--------------------------------------------------------------------------------
تبدأ عملية إنتاج العرض بالمنتج الذي يمكن أن يكون شخصًا واحدًا أو عدة أشخاص أو فرقة مسرحية. والمنتج هو المسؤول الرئيسي عن العرض بشكل كامل. ومن بين واجباته واحدة أو أكثر مما يلي: 1- الحصول على النص 2- تدبير الأموال اللازمة للعرض 3- الحصول على المسرح 4- التعاقد مع الفريق الفني 5-مراقبة الشؤون المالية.
الحصول على النص. نقطة البداية بالنسبة لجميع العروض المسرحية، إن كانت محترفة أم لا، هو الحصول على مسرحية مكتوبة. يحصل المنتج بعد الاتفاق مع المؤلف على عقد يحدد حقوق الإنتاج الكاملة لمدة معينة من الزمن، والمبلغ الذي يتقاضاه المؤلِّف والنسبة المئوية من الأرباح ... إلخ. كما يحدد العقد مدى تحكم المنتج في نص المسرحية. على سبيل المثال، يمكن أن يحدد العقد وجود المؤلِّف للمشورة واحتمال إعادة كتابة بعض الفقرات أثناء فترة التدريبات.
تدبير الأموال اللازمة للعرض. تعتبر خطوة تدبير الأموال لإنتاج مسرحية أو عرض موسيقي من أصعب مهمات المنتج؛ فقد أصبحت كلفة إنتاج العروض المسرحية باهظة وهي تتجه للارتفاع بشكل مُطّرِد. فإنتاج عرض مسرحية صغيرة ذات ديكور ثابت، على مسارح برودواي في نيويورك، على سبيل المثال، قد يكلِّف مئات الآلاف من الدولارات الأمريكية. كما تكلف العروض الموسيقية أكثر من مليون دولار أمريكي على نفس المسارح. لهذا لا يجرؤ إلا القليل على استثمار أمواله في هذه العروض؛ وعادة ما يبحث معظم المنتجين عن تمويل مثل هذه العروض من أناس عديدين أو مجموعات أو مؤسسات تجارية.
الحصول على المسرح. يمكن أن يكوِّن المنتج فرقة مسرحية تملك مسرحها الخاص بها. أما إذا كان الأمر غير ذلك، فيتعين على المنتج العثور على مسرح مناسب للعروض والتدريبات.
كانت العادة في الماضي أن العروض التي كانت تستهدف مسارح لندن ونيويورك تعرض أولاً في مدن أخرى قبل الافتتاح الرسمي ليلة العرض الأولى. ويتولى المنتج في هذه المرحلة تدبير وسائل النقل وأماكن الإقامة والمسرح في المدينة التي تستضيف العرض أو العروض التجريبية. والهدف الرئيسي من وراء العروض التجريبية هو استطلاع رأي المشاهدين كمؤشر لتحسين العرض قبل ليلة الافتتاح. غير أن العروض التجريبية نادرة اليوم بسبب التكاليف الباهظة. وبدلاً من ذلك، فقد أصبح من المستحسن تقديم عروض تجريبية على نفس المسرح وتكون أسعار تذاكر هذه العروض مخفَّضة.
التعاقد مع الفريق الفني. يبدأ التعاقد حالما يتم تأمين الأموال اللازمة للعرض أو ربما قبل ذلك. فربما حاول المنتج الحصول على التزام من أحد المخرجين أو الممثلين ليساعده مثل هذا الالتزام على جذب المستثمرين. وبعد الحصول على الأموال المطلوبة، يبدأ المنتج اختيار الأشخاص وتوقيع العقود معهم.
يجب على المنتج أن يتعامل مع نقابات العمال التي تمثل مجموعات المتعاقدين المختلفة. ولا نعني بهؤلاء المتعاقدين المُخْرِج والممثلين والمصممين فقط، ولكن أيضاً العمال والموسيقيين والراقصين وعمال شباك التذاكر.
مراقبة الشؤون المالية. يطلع المنتج على جميع المصاريف والإيرادات في فترة العرض؛ لأنه يجب أن يتأكد أن جميع الفواتير قد سُدِدت وأن المرتبات ومصاريف الديكور والملابس والإعلانات قد دُفعت. وربما كان على المنتج أن يزود المستثمرين بتقارير مالية عن سير العرض المالي من وقت لآخر.
المُخْرِج
--------------------------------------------------------------------------------
المخرج هو الشخص المسؤول عن قوة العرض الفنية بشكل عام في المسرح الحديث، فهو الذي يقرر تفسير النص وينسق جهود جميع الفنانين. ويمتلك المخرج سلطة كبيرة في المسرح لدرجة أن المقولة الشائعة في عالم المسرح اليوم هي: إن العرض ملك للمخرج. ومع هذا فالعديد من المخرجين الكبار متسامحون ومستعدون لتقبل أفكار الفنانين الذين يعملون معهم طيلة مدّة العرض.
يتمتع المخرج عادة بالصلاحيات التالية: 1- تحليل النص وتقرير التفسير المناسب الذي سيحدد شكل العرض. 2- العمل مع المؤلف والفنيين ومصممي الديكور والإضاءة والأزياء في تخطيطه لإخراج المسرحية. 3- قيادة الممثلين. 4- الإشراف على التدريبات. 5- تنسيق جميع عناصر الإنتاج النهائية.
تفسير النص. يجب على المخرج أن يكون مُلِمًّا جدًا بالنص حتى يستطيع اختيار الممثلين وتدريبهم وإرشاد المصممين. يتحتم عليه دراسة بنية المسرحية وتفحص الآليات التي يستخدمها المؤلف لسرد قصته وبناء عنصر التشويق فيها. فإن كانت المسرحية لا تستخدم البنية التقليدية، كما هو الحال في المسرح الجديد، يعمد المخرج إلى اكتشاف طريقة المؤلف في ابتكار جو النص وذلك بدراسة واستشفاف رد فعل المشاهدين. يعمد المخرج بعدها إلى تحليل تصرفات الشخصيات والجو المسيطر في كل جزء من النص، ليقرر علاقة الجزء الواحد بالجزء الآخر وعلاقة الاثنين بالنص ككل.
على المخرج أن يفهم عمل كل شخصية في المسرحية والدور المطلوب من الممثل إزاءها. ويتقبَّل المخرج رأي الممثلين والممثلات بشأن شخصية النص أثناء عملية التدريب. إن فهم سمات الشخصية الجسدية والعاطفية والصوتية يساعد المخرج كثيرًا في إخراج عمل أمين من الناحية الفنية.
ينبغي على المخرج أن يتمتع بالقدرة على تصور متطلبات الديكور والأزياء والإضاءة في العرض، وتقبل آراء شركائه في عملية الإنتاج؛ غير أن المسؤولية النهائية في اختيار الأفضل والأنسب تقع على عاتقه هو فقط.
تعتمد الاستعدادات التي يعتمدها المخرج على المسرحية ومتطلبات الإنتاج. فالعمل على مسرحية جديدة يفصح عن مشاكل تختلف عن متطلبات عرض مسرحية كلاسيكية. ففي إخراج مسرحية جديدة، على سبيل المثال، يجب على المخرج أن يشتغل مباشرة مع المؤلف، إذ ربما أراد اقتراح تغيير في النص أو إعادة كتابة بعضه. وقد تستمر هذه العملية طوال فترة التدريب.
أما في إخراج نص قديم، فالمسؤول الوحيد هو المخرج الذي يتعامل ليس مع مؤلف إنما مع النص بصورة مباشرة. والتغيير هنا يعتمد على حكمته ومدى معرفته بالنص. قد يرى المخرج تغيير نص بشكل جذري حتى يصبح مقبولاً للمشاهد المعاصر. فالعديد من المخرجين يرون أن من واجبهم جعل المسرحية تعني شيئًا للمشاهد المعاصر بتغيير زمنها ومكانها أو بإعادة تفسيرها. وقد يتطلب هذا التغيير حذف أو استبدال بعض الكلمات الغامضة أو حذف بعض المشاهد أو مناظر بكاملها. كما أن المخرج قد يطلب مساعدة أديب مختص لنصحه بشأن المسائل والتفاصيل المتعلقة بالأسلوب والفترة الزمنية التي كتبت فيه المسرحية. ومازال هناك خلاف بخصوص مدى صلاحية المخرج في التحكم في النص كما ذُكر سابقًا.
العمل مع المصممين. قبل إجراء البروفات (التدريبات)، يجب أن يبحث المخرج تفسير المسرحية مع مصممي الديكور والأزياء والإضاءة. يقدم هؤلاء المختصون اقتراحاتهم عن تصميماتهم، وللمخرج أن يتقبلها أو يطلب إجراء بعض التعديلات عليها. يجب على المخرج التأكد من أن التصميمات المقترحة تناسب الأحداث والحالة النفسية والموضوع والأشخاص والفترة الزمنية التي كتبت فيها المسرحية. كما يجب أن تكون الملابس والديكورات عملية حتى لا تعيق حركة الممثلين على خشبة المسرح.
اختيار الممثلين. أول عمل من أعمال المخرج هو اختيار الممثلين لجميع أدوار المسرحية. وعادة يتم التعاقد مع خبير اختيار الممثلين الذين اختيروا في تجربة الأداء النهائية. قد يكون هناك تجربة أداء يشترك فيها كل من يرغب في ذلك. إن مثل هذه التجارب الأدائية إجبارية في جميع عروض المحترفين في مدينة نيويورك؛ وتسمى التجارب في مثل هذه الحالة تجارب أدائية خاصة.
قد يُعطى الممثلون الذين سيشتركون في التجربة الأدائية المسرحية لقراءتها قبل التجربة. وقد يعطى بعض المخرجين أجزاء من مسرحيات مختلفة لحفظها عن ظهر قلب، وتمثيلها أمام لجنة الاستماع. وقد يطلب بعض المخرجين من المتسابقين استعمال طريقة البانتومايم (طريقة التمثيل بالحركات). ثم إن نوعًا آخر من المخرجين قد يطلب من المتسابق ارتجال تمثيل مشهد يقترحه المخرج نفسه أو أحد الحاضرين.
هناك العديد من العوامل التي تحدد اختيار المجموعة التي ستشترك في العرض. قد تتطلب بعض الأدوار سمات جسمانية وصوتية محددة. كما أن حيز الدور العاطفي يجب أن يؤخذ بالحسبان. ويحاول المخرج تصور الدور بعلاقته بالأدوار الأخرى في المسرحية والعرض، وذلك حتى يخلق فريقًا متجانسًا في أدائه.
التدريبات. تختلف طريقة التدريب من مخرج إلى آخر، ومن مسرحية إلى أخرى. وهناك أشياء يهتم بها معظم المخرجين التقليديين وهي: 1- الحضور المسرحي 2- الحركات والإشارات وتعابير الوجه 3- الصوت والإلقاء. ويعتقد الفريق الآخر من المخرجين أن الاهتمام الرئيسي يتمحور في الحصول على أفضل العروض من الممثلين بوصفهم شركاء في عملية إبداع، وذلك بتدريبهم على تقديم عرض موحد.
يعتقد المخرجون التقليديون أن كل لحظة في حياة المسرحية يجب أن تكون حضورًا مسرحيًّا؛ بمعنى أن المشهد يجب أن يقدم نفسه للمشاهد دون مساعدة الحوار. يجب على كل حضور مسرحي أن يقدم عنصر اهتمام يعكس عاطفة المنظر المسيطرة آنيًّا والعلاقة بين الممثلين. إن عمل المخرج بالنسبة لهذا المنحى هو تركيز انتباه المشاهدين على العناصر المهمة وهذه تكون عادة واحدًا أو أكثر من أبطال العرض في فترة زمنية معينة. وتحصل هذه الحركة بالتحكم في مواقف الممثلين بعلاقتهم بالمشاهدين وعلاقتهم ببعضهم. يعتقد العديد من المخرجين اليوم خطأ المنهج الذي يركز على الحضور المسرحي؛ أي خصائص المسرح الميكانيكية على حساب الخصائص المسرحية الأخرى.
على سبيل المثال، تعتبر الحركة أكثر حيوية من الحضور المسرحي فقط؛ لأن الحركة هي العنصر الأساسي الذي يمزج المشهد المسرحي مع غيره لإيجاد الشعور بسير الحدث وتطوره. كما يجب على الحركة أن تناسب الشخصية والموقف والحالة النفسية ونوع المسرحية. إضافة إلى ذلك، تعتبر الإشارات وتعابير الوجه مكملة للحركة. صحيح أن الممثلين هم المسؤولون عن التغلب على مشاكل الصوت والإلقاء، غير أن المخرج هو المسؤول عن جعل الممثلين يتحدثون بطريقة واضحة ومؤثرة.
تتم التدريبات عادة في غرفة خاصة بدلاً من خشبة المسرح. يتكون برنامج التدريب على مسرحية تقليدية من عدة مراحل: أولاً يقوم المخرج والممثلون بقراءة ودراسة المسرحية. بعدها، يقوم المخرج بقولبة الحدث؛ أي تحضير الإطار العام لحركة الممثلين بصورة مبدئية. بعد ذلك، يتم العمل المُفصل في دراسة تقمص الشخصيات وقراءة النص سطرًا سطرًا والقيام بالأدوار التمثيلية، وتغيير المناظر ودمج الممثلين في وحدة متناغمة وفنيّات التغلب على مشاكل الإضاءة والديكور والأزياء وأية اهتمامات فنيّة أخرى. ويقوم المخرج أخيرًا، في مرحلة التجربة بالأزياء، بدمج جميع عناصر العرض لتقديم الصورة النهائية التي ستظهر بها المسرحية في ليلة الافتتاح.
مساعدو المخرج. يشمل مساعدو المخرج مدير المسرح ومدير أو مديري خشبة المسرح (ويعتمد وجود هؤلاء على الميزانية) ومساعد مدير مسرح، وسكرتيرًا للتدريبات. وعادة ما يقوم شخص واحد بعمل مساعد مدير المسرح وسكرتير التدريبات.
يجلس السكرتير بجانب المخرج أثناء التدريبات لكتابة الملاحظات. وبإمكان مساعد مدير المسرح قيادة التدريب في تمثيل بعض المشاهد؛ كما أن بمقدوره العمل كحلقة وصل بين المخرج والمصممين. ويقوم مدير مسرح فرق المحترفين بتنظيم تجارب الأداء؛ كما يحضر كلَّ التدريبات ويسجل التغيير في الحوار وقولبة الحوادث في النسخة الأصلية من النص.
الممثلون
--------------------------------------------------------------------------------
الممثلون هم من بين القلة من الفنانين الذين لا يمكنهم فصل وسائل التعبير لديهم عن أنفسهم، لأنهم يبدعون باستخدام أجسادهم وأصواتهم وميزاتهم النفسية والعقلية؛ أي أن إبداعهم لا ينفصل عن شخصياتهم. إنه لمن الصعب فصل موهبة الممثل وإبداعه عن شخصيته، غير أن التمثيل فن، وكما هو الحال في أي فن، فلا بد من توافر عناصر أساسية لدى الممثل، مثل المقدرة والدراسة والممارسة.
الجسم والصوت. يحتاج الممثلون إلى أجساد مرنة مطواعة معبرة. ويتحتم عليهم استخدام أجسادهم لعرض مواقف عديدة ومتنوعة. ويمكنهم اكتساب هذه الخبرات بدراسة مقررات في الحركة على المسرح والرقص والمبارزة بالسيف، أو باشتراكهم في تمارين رياضية تتطلب الكثير من التنسيق والقدرة. إن الرقص والمبارزة بالسيف رياضتان مفيدتان لأنهما تزودان الجسم بالرشاقة والتحكم بالحركة. إضافة إلى ذلك، يستطيع الممثلون الذين يجيدون الرقص والمبارزة بالسيف الحصول على عمل أكثر من غيرهم. إن نفس متطلبات المرونة والتحكم والتعبير تنطبق على الصوت أيضًا. يتدرب الممثلون على طريقة التنفس بطريقة صحيحة وعلى التنويع في إيقاع الصوت والنبرة. كما أنهم يتعلمون التحدث بلهجات مختلفة. إن التدرب على الإلقاء والغناء والاسترخاء شيء مهم. غير أن معظم الممثلين يتدربون سنين عديدة لاكتساب القدرة على تطويع أصواتهم بشكل كبير يسمح لهم بالتحدث بصوت مرتفع أو منخفض أو بشكل حاد أو ناعم. بناء عليه، يجب على الممثلين المحترفين التدرب الدائم على تحسين قدراتهم الصوتية ومرونة أجسادهم طوال مدة ممارستهم لمهنة التمثيل.
الملاحظة والخيال. يجب على الممثلين أن يلمّوا بالعواطف والمواقف والدوافع الإنسانية حتى يتمكنوا من القيام بأدوارهم جيدًا، وأن يكونوا قادرين على التعبير عن هذه العناصر حتى يتم للمشاهدين فهمهم. إن الممثل الجيد يبني في نفسه عادة ملاحظة الآخرين وتذكر طريقة تصرفهم. فلو قبل ممثل دور رجل عجوز، على سبيل المثال، فيمكنه التحضير للدور جزئياً بملاحظة كيف يمشي المسنون وكيف يقفون وكيف يجلسون. بعدها، يمكنه تطبيق هذه الحركات لتتماشى مع الشخصية التي يريد تصويرها. ويتعلم الممثل كيف يستجيب أناس مختلفون لنفس العواطف (مثل السعادة والحزن والخوف) بطُرق مختلفة.
ويمكن للممثلين تطوير ذاكرة عاطفية تمكنهم من استرجاع الموقف الذي أوجد عندهم رد فعل عاطفي مماثل لذلك الذي يودون تصويره. غير أن هذه طريقة تمثيل معقدة ولايجب استخدامها إلا بعد أن يطور الممثل فهمًا شاملاً وعميقًا لها. ويتعلم الممثلون فهم الآخرين بفهم ذواتهم وقدراتهم العاطفية قدر المستطاع. إنهم يصورون الآخرين باستعمال معلوماتهم عن أنفسهم وتطوير نوع من التحكم بالاستجابة بعواطفهم.
التركيز. يعد التركيز شيئًا مهما للممثل. يجب أن يكون الممثل قادرًا على زج نفسه في مواقف خيالية لحجب جميع المؤثرات الخارجية عنه، موهمًا نفسه بأنه لا يمثل بل يقوم بدور حقيقي. وحتى يتسنى له فعل ذلك، يجب عليه التركيز والاستماع للممثلين الآخرين في المسرحية والاستجابة لما يقولون بشكل جيد. ويتطلب ذلك منه أيضًا التركيز على كلّ لحظة بدلاً من ملاحظة الحدث وانتظار ما سينتج عنه.
مناهج التمثيل. لا يستطيع الممثلون استخدام كامل مهاراتهم وقدراتهم في التمثيل، بغض النظر عن مستوى موهبتهم، دون تبنّي طريقة عمل ثابتة. يجب على الممثلين استخدام أكبر عدد ممكن من مناهج التمثيل حتى يستقروا في النهاية على واحد أو على مجموعة من تلك المناهج التي تناسب مواهبهم وقدراتهم.
ويمكن أن توصف الاختلافات بين مناهج التمثيل بطريقتين مختلفتين تمام الاختلاف، تسمى الأولى المنهج الآلي الخارجي والثانية المنهج النفساني الداخلي. ويختلف المنهجان حول انفعال الممثل أثناء الأداء. يرى المدافعون عن المنهج الآلي الخارجي أن الانفعال يضر عملية التمثيل. ويعتقدون أنه لا ينبغي على الممثل سوى تصوير عواطفه بإشارات خارجية. ويدّعي غلاة المنهج النفساني الداخلي أن الممثل لا يستطيع أن يمثل حقيقة إلا من خلال الأحاسيس الداخلية التي يجب أن تُجنَّد في تصوير الشخصية والموقف. ويُطلق على هذا المنهج أحيانًا منهج ستانيسلافسكي نسبة إلى المخرج الروسي قسطنطين ستانيسلافسكي. وتعرف صورة معدلة عن هذا المنهج في الغرب بالطريقة. ومع هذا، لا يعترف معظم الممثلين أن أيًا من المنهجين يقدم خيار التمثيل الأفضل الذي يرتضيه المشاهدون.
إيجاد الدور. ينبغي على الممثلين التغلب على مشاكل متنوعة ومعينة في كل مرة يمثلون فيها دورًا جديدًا، خاصة في المسرحيات التقليدية. وتحتوي هذه المشاكل عادة على: 1- تحليل الدور 2- الحركة والإشارة 3- مميزات الصوت 4- الاقتصاد والبناء 5- الأداء الموحّد.
تحليل الدور يبدأ بدراسة المسرحية بشكل إجمالي، يركّز بعدها الممثلون على الأدوار الخاصة بهم. إن أول ما يقومون به هو تحليل خصائص الشخصية المختلفة مثل: المظهر والوظيفة والمكانتين الاجتماعية والاقتصادية والسمات العامة. بعد ذلك، يفحصون هدف الشخصية وتصرفاتها في المسرحية بشكل عام وفي المشاهد كل واحد على انفراد. فعندما تصور المسرحية عصرًا معينًا يتحتم على الممثلين دراسة ذلك العصر من أكثر من ناحية.
الحركة والإشارة هما الطريقتان اللتان يصور فيهما الممثل طريقة مشي الشخصية المسرحية وقامتها وإشاراتها ومميزاتها الجسمانية الخاصة. صحيح أن المخرج يعرض إطار حركة الشخصية العام، غير أن الممثل هو المسؤول عن إخراج هذا النموذج التجريدي إلى حيز الوجود، وذلك بقدرته على فهم هدف كل دافع عاطفي وراء كل حركة تقوم بها الشخصية.
ميزات الصوت نعني بها خصائص الشخصية الصوتية. يحدد الممثلون الميزات المرغوبة في الصوت ويوائمون أصواتهم بناء على هذه الميزات. يمكن أن يتطلب دور معين طبقة صوت حادة؛ بينما دور آخر قد يتطلب صوتًا ناعمًا مريحًا. يتحتم على الممثل أن يدرس متطلبات كل مشهد على حدة. تكون بعض المشاهد حالمة، وهذه تتطلب صوتًا ناعمًا خافتًا؛ أما المشاهد الصاخبة فتتطلب أصواتًا مرتفعة جهورية وحادة.
الاقتصاد والبناء يحتويان على الطرق التي يقتصد فيها الممثلون في قواهم لدفع هذه القوى إلى الذروة عند الحاجة. فمعظم الشخصيات تتغير أو على الأقل تتطور أثناء عرض المسرحية، ويجب على الممثل في مثل هذه الحالة أن يعكس هذا التغيير أو التطور. إن الحاجة للمحافظة على بناء الدور مهمة جدًا في المسرحيات العاطفية؛ فلو بدأ الممثل دوره بوتيرة عاطفية مرتفعة أكثر من اللازم فسيجد صعوبة حقيقية فيما بعد في رفع هذه الوتيرة إلى مستوى أعلى. ويفشل الدور، لأنه سيكون بعد ذلك رتيبًا ومملاً. يجب على الممثلين أن يبدأوا على مهل حتى يتسنى لهم أن يُكسبوا تمثيلهم قوة وتشويقًا تمشيًا مع متطلبات النص المكتوب.
الأداء الموحّد يعني الإحساس بالتناغم والترابط اللذين ينتجان عن جهد الممثلين التعاوني الشامل. لن يكون هناك عرض فردي مؤثر إلا إذا كان منسجمًا مع العروض الفردية الأخرى، ويتأتى الأداء الموحد عندما يتأقلم كل ممثل مع حاجيات المسرحية ككل، ويكون في نفس الوقت على بينة من طرق تمثيل زملائه الآخرين ومواطن ضعفهم وقوتهم.