حورية البحر
09-06-2013, 02:13 AM
قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) (الحجر:85)
هذه الآية من الآيات المكية التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يؤمر بالقتال ، وبعض السلف رحمهم الله تعالى حين يتعرضون في التفسير لهذه الآية يقولون : ( فاصفح الصفح الجميل ) كان هذا قبل أن يفرض القتال . !
فكنت أتعجب من هذا الأمر ( فاصفح الصفح الجميل ) !
وتحدثني نفسي أن في الأمر لطائف أوسع من أن يكون أمرا بالصفح إلى أمد . . !
فلفت نظري معنى أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حين سئل عن الصفح الجميل فقال : .. صفح بلا عتاب ..!
فوجدت أنه قد أعطى هذا الأمر صفة مهمة في الصفح . . وفي غمرة القراءة وقعت عيني وأنا أقرأ في تفسير هذه الاية على معنى لطيف بديع ذكره العلامة المربي الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - في تفسيره . . يقول : ( فاصفح الصفح الجميل ) هو الصفح الذي لا أذية فيه ، بل قابل إساءة المسيء بالإحسان ، وذنبه بالغفران ، لتنال من ربك جزيل الأجر والثواب .....
يقول : وقد ظهر لي معنى أحسن مما ذكرت هنا ، وهو : أن المأمور به هو الصفح الجميل أي : الحسن الذي قد سلم من الحقد ، والأذية القولية والفعلية . دون الصفح الذي ليس بجميل ، وهو : الصفح في غير محله . !
فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة ، كعقوبة المعتدين الظالمين ، الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة ، وهذا هو المعنى . أ . هـ
ففرحت فرحا عظيماً يهذا المعنى اللطيف البديع الذي أعطى الآية مجالاً أوسع للعمل والتطبيق من أن تكون أمراً ينقضي بأمد أو حال معين !
ومعنىً أعمق من أن يكون الصفح جانباً من اللين دون الشدّة !
ولي أن أقف وإياكم هذه الوقفات مع ( الصفح الجميل )
الوقفة الأولى : صفح بلا أذى .
ان الداعية والمربي الذي يتعرض للناس بالتربية والدعوة لاشك وأنه لن يعاشر أناساً لا يخطئون أو يقصرون ، بل إنه يجد الخطأ حتى من المعين الرفيق معه على الطريق . .
وإساءة الآخرين إما أن تكون إساءة لك في ذاتك وشخصك وإما أن تكون إساءة في المجموعة والأفراد بعدم التزام الأمر أو التقصير في العمل . !
ونستطيع أن نتلمس الموقف النبوي والحكمة النبوية في الموقف من كلا الحالين بتطبيق هذا الأمر الرباني ( فاصفح الصفح الجميل )
فأما إساءة الناس لك بالشتم أو اللمز أو الهمز أو ما شابه ذلك فقابله بالصفح الجميل الذي لا تاب فيه ولا أذى لأن الناس من حولك منهم من يجهلك ويجهل ما تحمل !
ومنهم من يكون غُرر به ، ومنهم الأعرابي ومنهم الحاسد الحاقد . . فإنك حين تتعامل مع
هؤلاء بالصفح الجميل يكون أيلغ في الأثر عليهم وأدعى لقبول دعوتك .
كم قرأنا من قصص الأعراب الذين يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسيئون إليه برفع الصوت أو بجبذ رداءه أو بعدم الأدب معه في المخاطبة والطلب !
ومع ذلك لا يعدو صلى الله عليه وسلم أن يتبسم تبسم المشفق الحريص ويعطي السائل سؤله .
اقرأ مثلا . . قصة الأعرابي الذي قال : يا محمد أعطني من مال الله لا من مالك ولا من مال أبيك . !! وآخر يجبذ رداءه صلى الله عليه وسلم حتى يؤثر الرداء على كتفه صلى الله عليه وسلم . !!
وآخر يدخل وهو يصرخ إنكم يابني عبد المطلب قوم مطل !!
وهكذا . . يجد منها رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كثيرا فما يعدوا التبسم والإشفاق على السائل والطالب .
أمّا حين يجد الداعية ممن يدعوهم خطأ أو تقصيراً أو خللاً أو سوء تنفيذ في أمر أو مهمة فهو هنا إما أن يتجاوز وإما أن يحاسب ويعاقب .
فإن تجاوز فإنه يُخشى من أن يصيب المجموعة برود الشعور والإحساس بالمسئولية والمحاسبة الذاتية ، وهو إن حاسب وعاقب ودقق فقد يصاب بخيبة الهجر والترك والابتعاد والنفور !
وهنا نجد وقع هذا الأمر الرباني ( فاصفح الصفح الجميل ) الصفح الجميل الذي يبين للمخطئ خطأه وتقصيره لكن من غير أذى بقول أو فعل أو توبيخ .
إننا نخطئ في تربيتنا حين نركز على المخطئ لا على الخطأ . . على أن الأهم في العملية التربوية هو تصحيح الخطأ وكسب المخطئ .
فتصحيح الخطأ يكون بالبيان والتنبيه ، وكسب المخطئ يكون بعدم إيذائه والتشنيع عليه . . هذا المنهج نجده واضحا جلياً في حادثة الغامدية التي زنت وجاءت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليطهرها فأقام عليها حدّ الرجم فوقع بعض دمها على بعض الصحابة فتكلم عليها . . فنهاه صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال ( لقد تابت توبة لو وُزّعت على أهل الأرض لكفتهم ) !
تأمل كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حريصا على معالجة الخطأ لا على التشنيع
على المخطئ .. وفي يوم أُتي له برجل قد شار ب الخمر فلعنه أحد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم فقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تلعنه . إنه يحب الله ورسوله ) !
وفي يوم يدخل عليه شاب يمتلئ قوة وفتوة وهو يقول يا رسول الله : أئذن لي بالزنا !!
فيغتاظ بعض الصحابة رضوان الله تعالى عليهم . . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم ويدني هذا الشاب منه ثم يقول له : أترضاه لأمك لأختك . . فكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم وأخواتهم ..
فيخرج الشاب مؤمنا قد ذهب ما في نفسه وكبح جماحها عن ما أراد .
ومن هذه المدرسة النبوية تخرج الصخابة رضوان الله تعالى عليهم وساروا على هذا النهج وقف قليلا مع هذا الموقف .
مرّ أبو الدرداء رضي الله عنه على رجل قد أصاب ذنباً فكانوا يسبّونه فقال : أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه ؟
قالوا : بلى . قال : فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم .
قالوا : أفلا تبغضه ؟
قال : إنما أبغض عمله ، فإذا تركه فهو أخي ،!!!
ان من واجب الدعاة اليوم أن يتعاملوا مع من يدعون على أساس رابطة الأخوة التي جمعهم عليها هذا الدين . . لا أن يتعاملوا معهم كغرماء خصماء ، إما أن يكون ولا نكون أو نكون ولا يكون !!!
هذه الآية من الآيات المكية التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يؤمر بالقتال ، وبعض السلف رحمهم الله تعالى حين يتعرضون في التفسير لهذه الآية يقولون : ( فاصفح الصفح الجميل ) كان هذا قبل أن يفرض القتال . !
فكنت أتعجب من هذا الأمر ( فاصفح الصفح الجميل ) !
وتحدثني نفسي أن في الأمر لطائف أوسع من أن يكون أمرا بالصفح إلى أمد . . !
فلفت نظري معنى أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حين سئل عن الصفح الجميل فقال : .. صفح بلا عتاب ..!
فوجدت أنه قد أعطى هذا الأمر صفة مهمة في الصفح . . وفي غمرة القراءة وقعت عيني وأنا أقرأ في تفسير هذه الاية على معنى لطيف بديع ذكره العلامة المربي الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - في تفسيره . . يقول : ( فاصفح الصفح الجميل ) هو الصفح الذي لا أذية فيه ، بل قابل إساءة المسيء بالإحسان ، وذنبه بالغفران ، لتنال من ربك جزيل الأجر والثواب .....
يقول : وقد ظهر لي معنى أحسن مما ذكرت هنا ، وهو : أن المأمور به هو الصفح الجميل أي : الحسن الذي قد سلم من الحقد ، والأذية القولية والفعلية . دون الصفح الذي ليس بجميل ، وهو : الصفح في غير محله . !
فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة ، كعقوبة المعتدين الظالمين ، الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة ، وهذا هو المعنى . أ . هـ
ففرحت فرحا عظيماً يهذا المعنى اللطيف البديع الذي أعطى الآية مجالاً أوسع للعمل والتطبيق من أن تكون أمراً ينقضي بأمد أو حال معين !
ومعنىً أعمق من أن يكون الصفح جانباً من اللين دون الشدّة !
ولي أن أقف وإياكم هذه الوقفات مع ( الصفح الجميل )
الوقفة الأولى : صفح بلا أذى .
ان الداعية والمربي الذي يتعرض للناس بالتربية والدعوة لاشك وأنه لن يعاشر أناساً لا يخطئون أو يقصرون ، بل إنه يجد الخطأ حتى من المعين الرفيق معه على الطريق . .
وإساءة الآخرين إما أن تكون إساءة لك في ذاتك وشخصك وإما أن تكون إساءة في المجموعة والأفراد بعدم التزام الأمر أو التقصير في العمل . !
ونستطيع أن نتلمس الموقف النبوي والحكمة النبوية في الموقف من كلا الحالين بتطبيق هذا الأمر الرباني ( فاصفح الصفح الجميل )
فأما إساءة الناس لك بالشتم أو اللمز أو الهمز أو ما شابه ذلك فقابله بالصفح الجميل الذي لا تاب فيه ولا أذى لأن الناس من حولك منهم من يجهلك ويجهل ما تحمل !
ومنهم من يكون غُرر به ، ومنهم الأعرابي ومنهم الحاسد الحاقد . . فإنك حين تتعامل مع
هؤلاء بالصفح الجميل يكون أيلغ في الأثر عليهم وأدعى لقبول دعوتك .
كم قرأنا من قصص الأعراب الذين يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسيئون إليه برفع الصوت أو بجبذ رداءه أو بعدم الأدب معه في المخاطبة والطلب !
ومع ذلك لا يعدو صلى الله عليه وسلم أن يتبسم تبسم المشفق الحريص ويعطي السائل سؤله .
اقرأ مثلا . . قصة الأعرابي الذي قال : يا محمد أعطني من مال الله لا من مالك ولا من مال أبيك . !! وآخر يجبذ رداءه صلى الله عليه وسلم حتى يؤثر الرداء على كتفه صلى الله عليه وسلم . !!
وآخر يدخل وهو يصرخ إنكم يابني عبد المطلب قوم مطل !!
وهكذا . . يجد منها رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كثيرا فما يعدوا التبسم والإشفاق على السائل والطالب .
أمّا حين يجد الداعية ممن يدعوهم خطأ أو تقصيراً أو خللاً أو سوء تنفيذ في أمر أو مهمة فهو هنا إما أن يتجاوز وإما أن يحاسب ويعاقب .
فإن تجاوز فإنه يُخشى من أن يصيب المجموعة برود الشعور والإحساس بالمسئولية والمحاسبة الذاتية ، وهو إن حاسب وعاقب ودقق فقد يصاب بخيبة الهجر والترك والابتعاد والنفور !
وهنا نجد وقع هذا الأمر الرباني ( فاصفح الصفح الجميل ) الصفح الجميل الذي يبين للمخطئ خطأه وتقصيره لكن من غير أذى بقول أو فعل أو توبيخ .
إننا نخطئ في تربيتنا حين نركز على المخطئ لا على الخطأ . . على أن الأهم في العملية التربوية هو تصحيح الخطأ وكسب المخطئ .
فتصحيح الخطأ يكون بالبيان والتنبيه ، وكسب المخطئ يكون بعدم إيذائه والتشنيع عليه . . هذا المنهج نجده واضحا جلياً في حادثة الغامدية التي زنت وجاءت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليطهرها فأقام عليها حدّ الرجم فوقع بعض دمها على بعض الصحابة فتكلم عليها . . فنهاه صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال ( لقد تابت توبة لو وُزّعت على أهل الأرض لكفتهم ) !
تأمل كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حريصا على معالجة الخطأ لا على التشنيع
على المخطئ .. وفي يوم أُتي له برجل قد شار ب الخمر فلعنه أحد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم فقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تلعنه . إنه يحب الله ورسوله ) !
وفي يوم يدخل عليه شاب يمتلئ قوة وفتوة وهو يقول يا رسول الله : أئذن لي بالزنا !!
فيغتاظ بعض الصحابة رضوان الله تعالى عليهم . . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم ويدني هذا الشاب منه ثم يقول له : أترضاه لأمك لأختك . . فكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم وأخواتهم ..
فيخرج الشاب مؤمنا قد ذهب ما في نفسه وكبح جماحها عن ما أراد .
ومن هذه المدرسة النبوية تخرج الصخابة رضوان الله تعالى عليهم وساروا على هذا النهج وقف قليلا مع هذا الموقف .
مرّ أبو الدرداء رضي الله عنه على رجل قد أصاب ذنباً فكانوا يسبّونه فقال : أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه ؟
قالوا : بلى . قال : فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم .
قالوا : أفلا تبغضه ؟
قال : إنما أبغض عمله ، فإذا تركه فهو أخي ،!!!
ان من واجب الدعاة اليوم أن يتعاملوا مع من يدعون على أساس رابطة الأخوة التي جمعهم عليها هذا الدين . . لا أن يتعاملوا معهم كغرماء خصماء ، إما أن يكون ولا نكون أو نكون ولا يكون !!!