حورية البحر
14-07-2011, 06:00 PM
أبو العاص بن الربيع
نسبه وقبيلته:
هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي صهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وزوج ابنته زينب أكبر بناته كان يعرف بجرو البطحاء هو وأخوه.
أهم ملامح شخصيته:
1-الوفاء بالعهد قال الذهبي في تاريخ الإسلام: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أثنى على أبي العاص في مصاهرته وقال: "حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي"
2-الأمانة فلقد كان أبو العاص من رجال قريش المعدودين مالا وأمانة وتجارة.
إسلامه:
لم يزل أبو العاص مقيما على شركه حتى إذا كان قبيل فتح مكة خرج بتجارة إلى الشام بأموال من أموال قريش أبضعوها معه فلما فرغ من تجارته و أقبل قافلا لقيته سرية لرسول الله (صلى الله عليه و سلم) و قيل إن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) كان هو الذي وجه السرية للعير التي فيها أبو العاص قافلة من الشام و كانوا سبعين و مائة راكب أميرهم زيد بن حارثة و ذلك في جمادى الأولى في سنة ست من الهجرة فأخذوا ما في تلك العير من الأثقال و أسروا أناسا من العير فأعجزهم أبو العاص هربا فلما قدمت السرية بما أصابوا أقبل أبو العاص من الليل في طلب ماله حتى دخل على زينب ابنة رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فاستجار بها فأجارته فلما خرج رسول الله( صلى الله عليه و سلم) إلى صلاة الصبح فكبر و كبر الناس معه.
فعن عائشة( رضي الله عنها) قالت: صرخت زينب (رضي الله عنها): أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع قال فلما سلم رسول الله( صلى الله عليه و سلم) من صلاته أقبل على الناس فقال: أيها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا: نعم قال: أما و الذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعت منه ما سمعتم إنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فدخل على ابنته زينب فقال: أي بنية أكرمي مثواه و لا يخلص إليك فإنك لا تحلين له
وعن عائشة (رضي الله عنها): أن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص و قال لهم: إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم و قد اصبتم له مالا فإن تحسنوا تردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك و إن أبيتم ذلك فهو فيىء الله الذي أفاءه عليكم فأنتم أحق به قالوا: يا رسول الله بل نرده عليه
قال: فردوا عليه ماله حتى إن الرجل ليأتي بالحبل و يأتي الرجل بالشنة و الأداوة حتى أن أحدهم ليأتي بالشطاط حتى ردوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئا ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان أبضع منه
ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا: لا فجزاك الله خيرا فقد وجدناك وفيا كريما قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوفا أن تظنوا اني إنما أردت أخذ أموالكم فلما أداها الله عز و جل إليكم و فرغت منها أسلمت ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم.
من مواقفه مع الصحابة:
مع زينب بنت رسول الله قبل إسلامه فعن عائشة زوج النبي( صلى الله عليه وسلم* ) قالت: لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله( صلى الله عليه وسلم) في فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رق لها رقة شديدة
وقال: " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا ". فقالوا: نعم يا رسول الله فأطلقوه وردوا عليها الذي لها. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه ووعده ذلك أن يخلي سبيل زينب إليه إذ كان فيما شرط عليه في إطلاقه ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة
وخلى سبيله بعث رسول الله( صلى الله عليه وسلم) زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار فقال: " كونا ببطن ناجح حتى تمر بكما زينب فتصحبانها فتأتياني بها ". فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجت جهرة.
الوفاة:
قال إبراهيم بن المنذر مات أبو العاص بن الربيع في خلافة أبي بكر في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة من الهجرة وفيها أرخه ابن سعد.
عبد الله بن جحش
هو عبد الله بن جحش بن رئاب من بني خزيمة.
أخو زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله علية وسلم.
حليف بني عبد شمس، أحد السابقين، قال ابن حبان:له صحبة، وقال ابن إسحاق: هاجر إلى الحبشة، وشهد بدرا.
وقد لقب ببحر الجود لكرمه..
آخى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بين عبد الله بن جحش، وعاصم بن ثابت أول أمير في الإسلام وعن سعد بن أبي وقاص قال: بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في سرية، وقال: لأبعثن عليكم رجلا أصبركم على الجوع والعطش، فبعث علينا عبد الله بن جحش، فكان أول أمير في الإسلام وروى السراج من طريق زر بن حبيش قال: أول راية عقدت في الإسلام لعبد الله بن جحش.
أهم ملامح شخصيته:
1ـ حبه الشديد للشهادة..
2ـ حبه الشديد للجهاد في سبيل الله..
3ـ طاعته المطلقة لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفيذه لأوامر القائد ويتضح ذلك لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على رأس سرية وأعطاه كتاباً وأمره ألا يفتحه إلا بعد مسيرة يومين.
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وهم أبو حذيفة بن عتبة وعكاشة بن محصن بن حرثان حليف بني أسد بن خزيمة وعتبة بن غزوان حليف بني نوفل وسعد بن أبي وقاص الزهري وعامر بن ربيعة الوائلي حليف بني عدي وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع التميمي حليف بني عدي أيضا
وخالد بن البكير أحد بني سعد بن ليث حليف بني عدي أيضا وسهيل ابن بيضاء الفهري فهؤلاء سبعة ثامنهم أميرهم عبد الله بن جحش رضي الله عنه.وقال يونس عن ابن إسحاق كانوا ثمانية وأميرهم التاسع. فالله أعلم. قال ابن إسحاق وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحدا فلما سار بهم يومين فتح الكتاب فاذا فيه"
إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم". فلما نظر في الكتاب قال: سمعا وطاعة. وأخبر أصحابه بما في الكتاب وقال: قد نهاني أن أستكره أحدا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف منهم أحد وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له: بحران. أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن الحضرمي - قال ابن هشام واسم الحضرمي عبد الله بن عباد الصدفى. قال السهيلى: وقيل غير هذا في نسبه وعثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي وأخوه نوفل والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه
فلما رأوه أمنوا وقالوا: عمار لا بأس عليكم منهم وتشاور الصحابة فيهم وذلك في آخر يوم من رجب فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام. فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه: إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمنا الخمس. فعزله وقسم الباقي بين أصحابه وذلك قبل أن ينزل الخمس.قال: لما نزلنا الخمس نزل كما قسمه عبد الله بن جحش كما قاله.
قال ابن إسحاق فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام". فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا
وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال. فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة: إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان. وقالت يهود تفائل بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله عمرو عمرت الحرب والحضرمي حضرت الحرب وواقد بن عبد الله وقدت الحرب. فجعل الله ذلك عليهم لا لهم فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا )
أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ أي قد كانوا يفتنون المسلم عن دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه غير تائبين ولا نازعين ولهذا قال الله تعالى (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا..)" الآية.
قال ابن إسحاق فلما نزل القرآن بهذا من الأمر وفرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين وبعثت قريش في فداء عثمان والحكم بن كيسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا يعني سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان فإنا نخشاكم عليهما فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم". فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسلامه وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات بها كافرا.
قال ابن إسحاق فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالو:يا رسول الله أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين؟ فأنزل الله فيهم: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فوصفهم الله من ذلك على أعظم الرجاء.
من كلماته:
قال ابن إسحاق: فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في غزوة عبد الله بن جحش، ويقال بل عبد الله بن جحش قاله، حين قالت قريش: قد أحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه المال وأسروا فيه الرجال - قال ابن هشام: هي لعبد الله بن جحش:
تعدون قتلا في الحرام عظيمة وأعظم منه لو يرى الرشد راشد
صدودكم عما يقول محمد وكفر به والله راء وشاهد
وإخراجكم من مسجد الله أهله لئلا يرى لله في البيت ساجد
فإنا وإن عيرتمونا بقتله وأرجف بالإسلام باغ وحاسد
سقينا من ابن الحضرمي رماحنا بنخلة لما أوقد الحرب واقد
دما وابن عبد الله عثمان بيننا ينازعه غل من القد عاند
أثره في الآخرين:
كان من اجتهاده أنه قسم الغنيمة أخماس، فجعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس وجعل أربعة أخماس في الغانمين، من قبل أن يفرض ذلك، فنزل بعد ذلك قوله تعالى: "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ "
الوفاة:
روى البغوي من طريق إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، حدثني أبي أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد: ألا تأتي فندعو؟! قال: فخلونا في ناحية، فدعا سعد فقال: يا رب إذا لقينا القوم غدا، فلقني رجلا شديدا حرده، أقاتله فيك، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله، وآخذ سلبه، قال: فأمن عبد الله بن جحش، ثم قال عبد الله: اللهم ارزقني رجلا شديدا حرده، أقاتله فيك حتى يأخذني، فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك، قلت هذا فيك، وفي رسولك، فتقول: صدقت. قال سعد: فكانت دعوة عبد الله خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط.
ـ وأخرجه ابن شاهين من وجه آخر، عن سعيد ابن المسيب أن رجلا سمع عبد الله بن جحش، فذكر نحوه، وهذا أخرجه ابن المبارك في الجهاد مرسلا، وقال الزبير كان يقال له المجدع في الله، وكان سيفه انقطع يوم أحد، فأعطاه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عرجونا، فصار في يده سيفا، فكان يسمى العرجون، قال: وقد بقي هذا السيف حتى بيع من بغاء التركي بمائتي دينار.
ـ وروى زكريا الساجي من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: استشار النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أبا بكر وعمر وعبد الله بن جحش في أسارى بدر.. فذكر القصة، وأخرجه أحمد، وكان قاتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق، ودفن هو وحمزة في قبر واحد.
وكان له يوم قتل نيف وأربعون سنة.
نسبه وقبيلته:
هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي صهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وزوج ابنته زينب أكبر بناته كان يعرف بجرو البطحاء هو وأخوه.
أهم ملامح شخصيته:
1-الوفاء بالعهد قال الذهبي في تاريخ الإسلام: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أثنى على أبي العاص في مصاهرته وقال: "حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي"
2-الأمانة فلقد كان أبو العاص من رجال قريش المعدودين مالا وأمانة وتجارة.
إسلامه:
لم يزل أبو العاص مقيما على شركه حتى إذا كان قبيل فتح مكة خرج بتجارة إلى الشام بأموال من أموال قريش أبضعوها معه فلما فرغ من تجارته و أقبل قافلا لقيته سرية لرسول الله (صلى الله عليه و سلم) و قيل إن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) كان هو الذي وجه السرية للعير التي فيها أبو العاص قافلة من الشام و كانوا سبعين و مائة راكب أميرهم زيد بن حارثة و ذلك في جمادى الأولى في سنة ست من الهجرة فأخذوا ما في تلك العير من الأثقال و أسروا أناسا من العير فأعجزهم أبو العاص هربا فلما قدمت السرية بما أصابوا أقبل أبو العاص من الليل في طلب ماله حتى دخل على زينب ابنة رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فاستجار بها فأجارته فلما خرج رسول الله( صلى الله عليه و سلم) إلى صلاة الصبح فكبر و كبر الناس معه.
فعن عائشة( رضي الله عنها) قالت: صرخت زينب (رضي الله عنها): أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع قال فلما سلم رسول الله( صلى الله عليه و سلم) من صلاته أقبل على الناس فقال: أيها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا: نعم قال: أما و الذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعت منه ما سمعتم إنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فدخل على ابنته زينب فقال: أي بنية أكرمي مثواه و لا يخلص إليك فإنك لا تحلين له
وعن عائشة (رضي الله عنها): أن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص و قال لهم: إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم و قد اصبتم له مالا فإن تحسنوا تردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك و إن أبيتم ذلك فهو فيىء الله الذي أفاءه عليكم فأنتم أحق به قالوا: يا رسول الله بل نرده عليه
قال: فردوا عليه ماله حتى إن الرجل ليأتي بالحبل و يأتي الرجل بالشنة و الأداوة حتى أن أحدهم ليأتي بالشطاط حتى ردوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئا ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان أبضع منه
ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا: لا فجزاك الله خيرا فقد وجدناك وفيا كريما قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوفا أن تظنوا اني إنما أردت أخذ أموالكم فلما أداها الله عز و جل إليكم و فرغت منها أسلمت ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم.
من مواقفه مع الصحابة:
مع زينب بنت رسول الله قبل إسلامه فعن عائشة زوج النبي( صلى الله عليه وسلم* ) قالت: لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله( صلى الله عليه وسلم) في فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رق لها رقة شديدة
وقال: " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا ". فقالوا: نعم يا رسول الله فأطلقوه وردوا عليها الذي لها. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه ووعده ذلك أن يخلي سبيل زينب إليه إذ كان فيما شرط عليه في إطلاقه ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة
وخلى سبيله بعث رسول الله( صلى الله عليه وسلم) زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار فقال: " كونا ببطن ناجح حتى تمر بكما زينب فتصحبانها فتأتياني بها ". فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجت جهرة.
الوفاة:
قال إبراهيم بن المنذر مات أبو العاص بن الربيع في خلافة أبي بكر في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة من الهجرة وفيها أرخه ابن سعد.
عبد الله بن جحش
هو عبد الله بن جحش بن رئاب من بني خزيمة.
أخو زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله علية وسلم.
حليف بني عبد شمس، أحد السابقين، قال ابن حبان:له صحبة، وقال ابن إسحاق: هاجر إلى الحبشة، وشهد بدرا.
وقد لقب ببحر الجود لكرمه..
آخى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بين عبد الله بن جحش، وعاصم بن ثابت أول أمير في الإسلام وعن سعد بن أبي وقاص قال: بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في سرية، وقال: لأبعثن عليكم رجلا أصبركم على الجوع والعطش، فبعث علينا عبد الله بن جحش، فكان أول أمير في الإسلام وروى السراج من طريق زر بن حبيش قال: أول راية عقدت في الإسلام لعبد الله بن جحش.
أهم ملامح شخصيته:
1ـ حبه الشديد للشهادة..
2ـ حبه الشديد للجهاد في سبيل الله..
3ـ طاعته المطلقة لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفيذه لأوامر القائد ويتضح ذلك لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على رأس سرية وأعطاه كتاباً وأمره ألا يفتحه إلا بعد مسيرة يومين.
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وهم أبو حذيفة بن عتبة وعكاشة بن محصن بن حرثان حليف بني أسد بن خزيمة وعتبة بن غزوان حليف بني نوفل وسعد بن أبي وقاص الزهري وعامر بن ربيعة الوائلي حليف بني عدي وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع التميمي حليف بني عدي أيضا
وخالد بن البكير أحد بني سعد بن ليث حليف بني عدي أيضا وسهيل ابن بيضاء الفهري فهؤلاء سبعة ثامنهم أميرهم عبد الله بن جحش رضي الله عنه.وقال يونس عن ابن إسحاق كانوا ثمانية وأميرهم التاسع. فالله أعلم. قال ابن إسحاق وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحدا فلما سار بهم يومين فتح الكتاب فاذا فيه"
إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم". فلما نظر في الكتاب قال: سمعا وطاعة. وأخبر أصحابه بما في الكتاب وقال: قد نهاني أن أستكره أحدا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف منهم أحد وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له: بحران. أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن الحضرمي - قال ابن هشام واسم الحضرمي عبد الله بن عباد الصدفى. قال السهيلى: وقيل غير هذا في نسبه وعثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي وأخوه نوفل والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه
فلما رأوه أمنوا وقالوا: عمار لا بأس عليكم منهم وتشاور الصحابة فيهم وذلك في آخر يوم من رجب فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام. فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه: إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمنا الخمس. فعزله وقسم الباقي بين أصحابه وذلك قبل أن ينزل الخمس.قال: لما نزلنا الخمس نزل كما قسمه عبد الله بن جحش كما قاله.
قال ابن إسحاق فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام". فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا
وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال. فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة: إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان. وقالت يهود تفائل بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله عمرو عمرت الحرب والحضرمي حضرت الحرب وواقد بن عبد الله وقدت الحرب. فجعل الله ذلك عليهم لا لهم فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا )
أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ أي قد كانوا يفتنون المسلم عن دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه غير تائبين ولا نازعين ولهذا قال الله تعالى (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا..)" الآية.
قال ابن إسحاق فلما نزل القرآن بهذا من الأمر وفرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين وبعثت قريش في فداء عثمان والحكم بن كيسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا يعني سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان فإنا نخشاكم عليهما فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم". فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسلامه وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات بها كافرا.
قال ابن إسحاق فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالو:يا رسول الله أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين؟ فأنزل الله فيهم: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فوصفهم الله من ذلك على أعظم الرجاء.
من كلماته:
قال ابن إسحاق: فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في غزوة عبد الله بن جحش، ويقال بل عبد الله بن جحش قاله، حين قالت قريش: قد أحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه المال وأسروا فيه الرجال - قال ابن هشام: هي لعبد الله بن جحش:
تعدون قتلا في الحرام عظيمة وأعظم منه لو يرى الرشد راشد
صدودكم عما يقول محمد وكفر به والله راء وشاهد
وإخراجكم من مسجد الله أهله لئلا يرى لله في البيت ساجد
فإنا وإن عيرتمونا بقتله وأرجف بالإسلام باغ وحاسد
سقينا من ابن الحضرمي رماحنا بنخلة لما أوقد الحرب واقد
دما وابن عبد الله عثمان بيننا ينازعه غل من القد عاند
أثره في الآخرين:
كان من اجتهاده أنه قسم الغنيمة أخماس، فجعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس وجعل أربعة أخماس في الغانمين، من قبل أن يفرض ذلك، فنزل بعد ذلك قوله تعالى: "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ "
الوفاة:
روى البغوي من طريق إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، حدثني أبي أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد: ألا تأتي فندعو؟! قال: فخلونا في ناحية، فدعا سعد فقال: يا رب إذا لقينا القوم غدا، فلقني رجلا شديدا حرده، أقاتله فيك، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله، وآخذ سلبه، قال: فأمن عبد الله بن جحش، ثم قال عبد الله: اللهم ارزقني رجلا شديدا حرده، أقاتله فيك حتى يأخذني، فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك، قلت هذا فيك، وفي رسولك، فتقول: صدقت. قال سعد: فكانت دعوة عبد الله خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط.
ـ وأخرجه ابن شاهين من وجه آخر، عن سعيد ابن المسيب أن رجلا سمع عبد الله بن جحش، فذكر نحوه، وهذا أخرجه ابن المبارك في الجهاد مرسلا، وقال الزبير كان يقال له المجدع في الله، وكان سيفه انقطع يوم أحد، فأعطاه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عرجونا، فصار في يده سيفا، فكان يسمى العرجون، قال: وقد بقي هذا السيف حتى بيع من بغاء التركي بمائتي دينار.
ـ وروى زكريا الساجي من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: استشار النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أبا بكر وعمر وعبد الله بن جحش في أسارى بدر.. فذكر القصة، وأخرجه أحمد، وكان قاتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق، ودفن هو وحمزة في قبر واحد.
وكان له يوم قتل نيف وأربعون سنة.