الجشعمي
21-04-2011, 04:56 AM
بين الذهنية السنية، والذهنية الشيعية....و تأصيل الصراع!
بقلم عبد الرحمن الجميعان
إلى اليوم لم يستطع السنة والشيعة تعديل الصورة الذهنية لدى كل أحد من الفريقين، ولهذا لم ولن تهدأ الاحتكاكات و المناوشات، إن لم تصل إلى حرب !
إن الخلط بين الأيدلوجيا، والمعتقد، والموقف السياسي سبب إرباكات كبيرة في العلائق بين الإثنين، وبات المعتقد الأيدلوجي هو السائد بينهما، ولم تستطع العقلية من الطرفين الفصل طوال عشرات القرون!
نعم! هناك المعطى التاريخي والمذهبي يؤطران الذهنية، وما رافق ذلك من أدلجة ولاية الفقيه، وتحويل المذهب إلى دولة، وممارسة العقيدة من خلال الدولة، و لو شكلاً، جعل التركيبة الذهنية للجميع تصور الأمر عداء صرفاً لم تستطع تحولات الأزمنة والأمكنة أن تطمره،بل أحياناً زادت من تأجيجه وإشتعاله.
إننا اليوم قد نعيش أخطر مراحل الأمة، إن لم تكن الأخطر على الإطلاق، و في ظل التطورات التكنلوجية الصناعية، قد تتطور الحالة إلى مالا تحمد عقباه!
إن الذهنية الشيعية، وهي تتعامل مع الواقع السني إنما تلتصق في ذاكرتها التاريخية، العلائق المتوترة بينهم وبين أهل السنة، منذ العهد الأموي وحتى الدولة العثمانية التي بلغ الصراع أوجه في صراع عسكري مسلح!
و الذهنية السنية مازالت تستحضر الزحف التتاري و الدولة الصفوية والعراق و أفغانستان، مما يدل على أننا نحتفظ بذاكرة تاريخية صفحاتها سوداء لكل منا، فالخوف الشيعي ينظر إلى الدولة السنية التي ما إن تقوم حتى تبدأ بنصب المشانق، والتقتيل والتهجير والقضاء على التشيع بكل أشكاله، وهي صورة ليس لها دلائل واقعية، ولكنها رُسمت هكذا مع تراكم الصور الذهنية التاريخية!
و أما أهل السنة فيعتبرون الصور التاريخية مازالت ماثلة أمامهم لم تتزحزح عن بؤرة النظر.
و أقول أن هذه الصور الذهنية، وإن كانت تحمل حقائق تاريخية، لكنها ينبغي أن تتغير، فالخاسر الكبير من هذا الصراع المترتب على هذه التصورات هي هذه الأمة المسلمة، في ظل التصارع الأممي والعلاقات الدولية,والتربص الصليبي والصهيوني وحتى الهندوكي.
إذن حتى نستطيع أن نزيح هذه الصور، ونجعلها تاريخاً لن يتكرر، لا بد من إعطاء الضمانات ، و هذه الضمانات هي أصعب مافي الموضوع، وصعوباتها تكمن في أن الجميع يفقدون الكثير من أدوات الواقع.
و مع كل هذا،هناك قضية ينبغي الالتفات إليها، وهي ضرورة التفريق بين الدولة، وبين المجتمع، فالدولة السنية-التي تمثلت في الدول الحاكمة، والتي لم تمثل أهل السنة خير تمثيل-حسبت أعمالها على أهل السنة، والعكس صحيح، فليست الدولة الصفوية مثلاً تمثل كل الشيعة، و كذلك إيران اليوم، لا تمثل جموع الشيعة، وإن خدع فيها البعض، ولكن لابد من التفريق، وهنا الفصل ضروري حتى نستطيع تخليص الصور الذهنية، هل يملك الشيعة القرار الإيراني اليوم؟ وبالمقابل هل يملك السنة قرار الحكومات المحسوبة عليهم؟ قطعاً الإجابة بالنفي، ولكن الجميع يملكون أنفسهم من الاندفاع نحو التوجهات اللاعقلانية في نصرة شيء لا يعرفون إلى أين يسير ولا أين يمضي، ولا أين ينتهي!
ليس المطلوب اليوم الحماسة الفائرة غير المتزنة، ولا الاندفاع غير المحسوب، ولكننا بحاجة إلى وعي وفقه المرحلة، والتوازن في الحياة، ومحاربة الطائفية بكل أنواعها القاتلة.
إن المطلوب اليوم، أن نفتح نوافذ التفكير، والحوار الطويل، وهذا مطلب أساسي، لا نقوله ترفاً و لا ميوعة فكرية، ولكنه مطلب فرض نفسه في الساحة الخليجية اليوم بعد أحداث البحرين الدامية التي كان الخيط بها مشدوداً من قبل الجميع!
لماذا نحاول أن نكرر مأساة و كارثة البحرين؟ لم نجعل من أنفسنا جسراً أو مطية يعبر من خلالها القادمون الجدد؟
إننا سنة وشيعة، لا نتعامل وفق تخطيط و رؤية استراتيجية، تأخذ في حسبانها الواقع السياسي والمستجدات الدولية على الأرض، و لا نتعامل وفق رؤية الأمة لا رؤية الطائفة والفئة والقبيلة و الحزب، وهذا التعامل البعيد عن الاسترتيجيات والتخطيط والرؤية السياسية، سيكون منقوصاً ومنقوضاً، لأنه يعطي زاوية واحدة فقط من المشهد السياسي الاجتماعي العقدي، أما بقية المشاهد فمتترسة خلف الايدلوجيا، وخلف الفكر الذي يشكل اسمنتاً طويل الحوائط يمتد عرضاً وطولاً.
بقلم عبد الرحمن الجميعان
إلى اليوم لم يستطع السنة والشيعة تعديل الصورة الذهنية لدى كل أحد من الفريقين، ولهذا لم ولن تهدأ الاحتكاكات و المناوشات، إن لم تصل إلى حرب !
إن الخلط بين الأيدلوجيا، والمعتقد، والموقف السياسي سبب إرباكات كبيرة في العلائق بين الإثنين، وبات المعتقد الأيدلوجي هو السائد بينهما، ولم تستطع العقلية من الطرفين الفصل طوال عشرات القرون!
نعم! هناك المعطى التاريخي والمذهبي يؤطران الذهنية، وما رافق ذلك من أدلجة ولاية الفقيه، وتحويل المذهب إلى دولة، وممارسة العقيدة من خلال الدولة، و لو شكلاً، جعل التركيبة الذهنية للجميع تصور الأمر عداء صرفاً لم تستطع تحولات الأزمنة والأمكنة أن تطمره،بل أحياناً زادت من تأجيجه وإشتعاله.
إننا اليوم قد نعيش أخطر مراحل الأمة، إن لم تكن الأخطر على الإطلاق، و في ظل التطورات التكنلوجية الصناعية، قد تتطور الحالة إلى مالا تحمد عقباه!
إن الذهنية الشيعية، وهي تتعامل مع الواقع السني إنما تلتصق في ذاكرتها التاريخية، العلائق المتوترة بينهم وبين أهل السنة، منذ العهد الأموي وحتى الدولة العثمانية التي بلغ الصراع أوجه في صراع عسكري مسلح!
و الذهنية السنية مازالت تستحضر الزحف التتاري و الدولة الصفوية والعراق و أفغانستان، مما يدل على أننا نحتفظ بذاكرة تاريخية صفحاتها سوداء لكل منا، فالخوف الشيعي ينظر إلى الدولة السنية التي ما إن تقوم حتى تبدأ بنصب المشانق، والتقتيل والتهجير والقضاء على التشيع بكل أشكاله، وهي صورة ليس لها دلائل واقعية، ولكنها رُسمت هكذا مع تراكم الصور الذهنية التاريخية!
و أما أهل السنة فيعتبرون الصور التاريخية مازالت ماثلة أمامهم لم تتزحزح عن بؤرة النظر.
و أقول أن هذه الصور الذهنية، وإن كانت تحمل حقائق تاريخية، لكنها ينبغي أن تتغير، فالخاسر الكبير من هذا الصراع المترتب على هذه التصورات هي هذه الأمة المسلمة، في ظل التصارع الأممي والعلاقات الدولية,والتربص الصليبي والصهيوني وحتى الهندوكي.
إذن حتى نستطيع أن نزيح هذه الصور، ونجعلها تاريخاً لن يتكرر، لا بد من إعطاء الضمانات ، و هذه الضمانات هي أصعب مافي الموضوع، وصعوباتها تكمن في أن الجميع يفقدون الكثير من أدوات الواقع.
و مع كل هذا،هناك قضية ينبغي الالتفات إليها، وهي ضرورة التفريق بين الدولة، وبين المجتمع، فالدولة السنية-التي تمثلت في الدول الحاكمة، والتي لم تمثل أهل السنة خير تمثيل-حسبت أعمالها على أهل السنة، والعكس صحيح، فليست الدولة الصفوية مثلاً تمثل كل الشيعة، و كذلك إيران اليوم، لا تمثل جموع الشيعة، وإن خدع فيها البعض، ولكن لابد من التفريق، وهنا الفصل ضروري حتى نستطيع تخليص الصور الذهنية، هل يملك الشيعة القرار الإيراني اليوم؟ وبالمقابل هل يملك السنة قرار الحكومات المحسوبة عليهم؟ قطعاً الإجابة بالنفي، ولكن الجميع يملكون أنفسهم من الاندفاع نحو التوجهات اللاعقلانية في نصرة شيء لا يعرفون إلى أين يسير ولا أين يمضي، ولا أين ينتهي!
ليس المطلوب اليوم الحماسة الفائرة غير المتزنة، ولا الاندفاع غير المحسوب، ولكننا بحاجة إلى وعي وفقه المرحلة، والتوازن في الحياة، ومحاربة الطائفية بكل أنواعها القاتلة.
إن المطلوب اليوم، أن نفتح نوافذ التفكير، والحوار الطويل، وهذا مطلب أساسي، لا نقوله ترفاً و لا ميوعة فكرية، ولكنه مطلب فرض نفسه في الساحة الخليجية اليوم بعد أحداث البحرين الدامية التي كان الخيط بها مشدوداً من قبل الجميع!
لماذا نحاول أن نكرر مأساة و كارثة البحرين؟ لم نجعل من أنفسنا جسراً أو مطية يعبر من خلالها القادمون الجدد؟
إننا سنة وشيعة، لا نتعامل وفق تخطيط و رؤية استراتيجية، تأخذ في حسبانها الواقع السياسي والمستجدات الدولية على الأرض، و لا نتعامل وفق رؤية الأمة لا رؤية الطائفة والفئة والقبيلة و الحزب، وهذا التعامل البعيد عن الاسترتيجيات والتخطيط والرؤية السياسية، سيكون منقوصاً ومنقوضاً، لأنه يعطي زاوية واحدة فقط من المشهد السياسي الاجتماعي العقدي، أما بقية المشاهد فمتترسة خلف الايدلوجيا، وخلف الفكر الذي يشكل اسمنتاً طويل الحوائط يمتد عرضاً وطولاً.