الجشعمي
17-04-2011, 05:41 AM
النساء في الحرم المكي ضيفات غير مرغوب فيهن
http://ebaa.net/bin/ImgShow.php?aid=2372 (http://ebaa.net/bin/ImgShow.php?aid=2372)
العربية : جريدة الوطن السعوديه
يكفي أن تذكر اسمها لمسلم في مكان ما من هذا العالم حتى يرفع يديه إلى السماء ويقول: " أوعدنا يا رب"! فزيارة مكة لغير أهلها حلم وغاية ومقصد، فكيف تكون مكانتها إذن لدى أهلها وجيرانها، حيث يختلط في حبها حب الدين والأهل والأوطان.
لم أكن أعرف حين كنت طفلة أزور الحرم في مكة وأصلي في الصحن الشريف مقابلة للكعبة أنه سيأتي يوم تصبح صلاتي لأي فرض هناك "كامرأة" حلماً أو بقايا حلم..
لم يكن يدور في بال الطفلة التي كنتها، أنني حين أكبر سأشعر في هذا المكان الحبيب بأنني شخص غير مرغوب فيهيتم "هشه" من هذه البقعة أو تلك، لا لذنب إلا أن الله قدر عليّ وكنت أنثى، والنساء مكانهن في الخلف في الفائض من المكان، مما تنازل عنه الرجال بطيب خاطر.
من يزر المسجد الحرام هذه الأيام فسيسر كثيراً، فالطقس لطيف، والازدحام ليس كبيراً، والخدمات ممتازة، ولكن ومع هذه الأجواء الجميلة فلا بد من منغصات، تزداد عاما بعد عام، وخاصة للزائرات.
يبدأ الأمر من الكعبة المشرفة - حماها الله - فما إن تقترب أي امرأة منها حتى يصاب المشرفون هناك بنوع من الحساسية، فيبدأ التضييق، وينهال سيل النصائح متناسين أنه حين تنصح أحداً بشكل علني وبأسلوب فظ فإن النصيحة تتحول إلى إهانة.
تصدر الأوامر من شباب أكاد أجزم أنهم دون الثلاثين: "يا حاجة استري وجهك"، ويتناسى شيخنا الصغير أن في الإسلام مذاهب عديدة تبيح كشف الوجه، وبعضها مدارس فقهية معتبرة لأهل السنة والجماعة، والخلاف في المسألة قديم بين كبار الصحابة والتابعين، وكشف الوجه من البديهيات للمعتمرات، ثم أليس الأولى أن يغض هو بصره؟
وعلى الرغم من أن الإخوة الرجال يحظون بشرف التعلق بأستار الكعبة وتقبيل الحجر الأسود وسط حسرة نسائية، فإنهم أيضاً يلتصقون ويحتضنون الكعبة الشريفة ولا ينهاهم أحد، ولكن ما إن تقترب بعض النسوة (على استحياء) ويحاولن فعل ذلك في رقعة صغيرة من واجهة واحدة مقابل ثلاثة ونصف للرجال، حتى تأتيهم الصرخة المرعبة: " يا حاجة.. بدعة.. لا يجوز.. ولا ينبغي.. ولم يرد فيه شيء..الحجر الأسود هو الذي تقبيله سنة (وكأن ذلك متاح لهن وهن يرفضن!)".
طبعاً الحديث موجه للجميع مع أنني لا أظن أن الزائرة الأفريقية أو أختها الباكستانية أو رفيقتهما التركية يفهمن كلمة "لا ينبغي" أو "الأحوط" أو "لم يرد"، فليته أراح حباله الصوتية.
ولم يعكر تلك المناجاة بين المرأة وربها وقد تبللت عيناها بالدموع. حتى عامل النظافة الآسيوي في الحرم يتكلم مع الزوار والمعتمرين حين يريدهم أن يفسحوا المكان ليقوم بالتنظيف بشكل أكثر لطفاً واحتراماً.
وقد لوحظ أن النصائح المجانية هذه تكاد تختفي حين يكون ثمة رجل سعودي مرافق للمرأة!
وإذا تركنا هذه البقعة المباركة التي طاف فيها الأنبياء، وانتقلنا إلى الصحن الشريف ذاته خارج المطاف، فسنجد أنه غير مسموح للمرأة أن تصلي أي صلاة مكتوبة مع الإمام في هذا الموضع، حتى لو كان خالياً، ولا يوجد زحام مع الرجال ولا يحزنون!
وكم هو مؤلم أن تشاهد عجوزاً وقد انحنى ظهرها وهي تغادر مكانها بصعوبة لتصعد الدرجات ثم لتمشي بخطى ضعيفة باحثة عن مكان تصلي لربها، وهي المعفاة أصلاً من الصلاة واقفة حتى بعد أن تترك الصحن وتدخل إلى المسجد فإن عليها أن تبحث عن الأماكن المخصصة للنساء وهي قليلة ومسورة بالحواجز بحيث تكاد تحجب رؤية الكعبة، وهي لمحدوديتها ممتلئة عن آخرها.
فتحس المرأة بالاختناق وتصلي الكثير من النساء اللاتي تضيق بهن هذه الأماكن خارجها دون سجاد، في حين أنك عندما تمر على أماكن الرجال تجدها شبه خالية، وتجدهم يتنعمون بالتمدد والاستلقاء في بحبوحة من المكان.
وإذا كان الانتقال من مكان إلى آخر أمراً يمكن احتماله للشابات، فإن الحال ليس كذلك مع النساء الأكبر سناً.
كم كان محزناً لي أن أحس بتعب أمي ونحن نبحث عن مكان مناسب للصلاة المكتوبة فلا نجد، وقتها فكرت بأن الذين يضعون هذه التنظيمات لاشك أيتام! لا يوجد إنسان لديه أم يحبها وتحبه يقبل أن تصيبها كل هذه المشقة في مكان لا تذهب فيه للتسوق أو للترويح عن النفس أو لشرب شاي الضحى، وإنما لتناجي ربها وتسأله أن يوفقها في حياتها. أهينة لدى هؤلاء دعوات الأمهات؟
ما الذي حصل خلال السنوات الأخيرة لتشعر المرأة بأنها زائر غير مرغوب فيه في هذا المكان؟ صدقاً لم أستطع طوال المدة التي زرت فيها الحرم من التخلص من هذا الشعور المزعج والجارح أيضاً.
ألم تكن النساء منذ فجر الإسلام وحتى زمن طفولتي في الثمانينات وأوائل التسعينات يزرن المسجد الحرام والمسجد النبوي شرفهما الله، من دون مشكلات ومن دون تمييز وتفرقة مقيتة ليس لها أصل ولا سند شرعي؟ بل إن ضررها أكثر من نفعها، ولكم أن تتخيلوا ماذا ستشعر مسلمة أوروبية أو أمريكية حديثة عهد بالإسلام حين تمر بهذه التجربة التي لم نتحملها نحن اللاتي نشأنا وتربينا ودرسنا في هذه البلاد.
هل تذكرون صديقتي (إيفا) التي كتبت عنها قبل ثلاثة أسابيع؟ ترى ماذا لو أسلمت واصطحبتها معي إلى مكة ثم سألتني: لماذا يعاملوننا هكذا؟
وقبل أن يتبرع أحد ويقول إن صلاة المرأة في بيتها أفضل وبالتالي فليس من حقها المطالبة بأكثر مما مُنحت، نرد عليه بأن هذا الأمر ليس من شأن أحد، أن تختار المرأة أين تصلي فهذا راجع لها (وهي تعرف هذا الحديث الشريف)، وإنما ينبغي أن تهيأ لها السبل للزيارة وللصلاة، وخاصة في مكة، لأن المرأة لا تستطيع أن تطوف أو تعتمر أو تحج في بيتها، ولأن أجر الصلاة في أحد المساجد الثلاثة لا يعادله شيء، والإسلام يحثنا على زيارتها، فعموم حديث (شد الرحال) يشمل المرأة كما الرجل.
ومنذ مدة طويلة ونحن نسمع ونقرأ ونشاهد تذمر الكثير من المسلمات حول العالم، خاصة المتعلمات من الأوضاع الحالية، وهؤلاء يقمن بكتابة رسائل وتكوين مجموعات إلكترونية بهدف تغيير هذا الواقع، ومع ازدياد عدد هؤلاء خاصة من المسلمات في الغرب، الذين تعلمن الدين مجرداً من عادات الزمان والمكان فأدركن حقوقهن، فسترتفع الأصوات أكثر، فلماذا لا نأخذ زمام المبادرة بأنفسنا ونصلح الخلل؟
لقد كتبت كل من الدكتورة هتون الفاسي والأستاذة نورة الخريجي وغيرهن عن هذه القضية، وكتبت عنها شخصياً في هذه الصفحة أكثر من مرة خلال السنوات الخمس الماضية، وهأنا أجد نفسي مضطرة للكتابة عنها من جديد لأننا لا نملك إلا القلم نشكو به بثنا إلى المسؤولين بعد أن رفعنا أكفنا بالدعاء لله تعالى، موقنات بأنه لن يضيع حق وراءه مطالب
http://ebaa.net/bin/ImgShow.php?aid=2372 (http://ebaa.net/bin/ImgShow.php?aid=2372)
العربية : جريدة الوطن السعوديه
يكفي أن تذكر اسمها لمسلم في مكان ما من هذا العالم حتى يرفع يديه إلى السماء ويقول: " أوعدنا يا رب"! فزيارة مكة لغير أهلها حلم وغاية ومقصد، فكيف تكون مكانتها إذن لدى أهلها وجيرانها، حيث يختلط في حبها حب الدين والأهل والأوطان.
لم أكن أعرف حين كنت طفلة أزور الحرم في مكة وأصلي في الصحن الشريف مقابلة للكعبة أنه سيأتي يوم تصبح صلاتي لأي فرض هناك "كامرأة" حلماً أو بقايا حلم..
لم يكن يدور في بال الطفلة التي كنتها، أنني حين أكبر سأشعر في هذا المكان الحبيب بأنني شخص غير مرغوب فيهيتم "هشه" من هذه البقعة أو تلك، لا لذنب إلا أن الله قدر عليّ وكنت أنثى، والنساء مكانهن في الخلف في الفائض من المكان، مما تنازل عنه الرجال بطيب خاطر.
من يزر المسجد الحرام هذه الأيام فسيسر كثيراً، فالطقس لطيف، والازدحام ليس كبيراً، والخدمات ممتازة، ولكن ومع هذه الأجواء الجميلة فلا بد من منغصات، تزداد عاما بعد عام، وخاصة للزائرات.
يبدأ الأمر من الكعبة المشرفة - حماها الله - فما إن تقترب أي امرأة منها حتى يصاب المشرفون هناك بنوع من الحساسية، فيبدأ التضييق، وينهال سيل النصائح متناسين أنه حين تنصح أحداً بشكل علني وبأسلوب فظ فإن النصيحة تتحول إلى إهانة.
تصدر الأوامر من شباب أكاد أجزم أنهم دون الثلاثين: "يا حاجة استري وجهك"، ويتناسى شيخنا الصغير أن في الإسلام مذاهب عديدة تبيح كشف الوجه، وبعضها مدارس فقهية معتبرة لأهل السنة والجماعة، والخلاف في المسألة قديم بين كبار الصحابة والتابعين، وكشف الوجه من البديهيات للمعتمرات، ثم أليس الأولى أن يغض هو بصره؟
وعلى الرغم من أن الإخوة الرجال يحظون بشرف التعلق بأستار الكعبة وتقبيل الحجر الأسود وسط حسرة نسائية، فإنهم أيضاً يلتصقون ويحتضنون الكعبة الشريفة ولا ينهاهم أحد، ولكن ما إن تقترب بعض النسوة (على استحياء) ويحاولن فعل ذلك في رقعة صغيرة من واجهة واحدة مقابل ثلاثة ونصف للرجال، حتى تأتيهم الصرخة المرعبة: " يا حاجة.. بدعة.. لا يجوز.. ولا ينبغي.. ولم يرد فيه شيء..الحجر الأسود هو الذي تقبيله سنة (وكأن ذلك متاح لهن وهن يرفضن!)".
طبعاً الحديث موجه للجميع مع أنني لا أظن أن الزائرة الأفريقية أو أختها الباكستانية أو رفيقتهما التركية يفهمن كلمة "لا ينبغي" أو "الأحوط" أو "لم يرد"، فليته أراح حباله الصوتية.
ولم يعكر تلك المناجاة بين المرأة وربها وقد تبللت عيناها بالدموع. حتى عامل النظافة الآسيوي في الحرم يتكلم مع الزوار والمعتمرين حين يريدهم أن يفسحوا المكان ليقوم بالتنظيف بشكل أكثر لطفاً واحتراماً.
وقد لوحظ أن النصائح المجانية هذه تكاد تختفي حين يكون ثمة رجل سعودي مرافق للمرأة!
وإذا تركنا هذه البقعة المباركة التي طاف فيها الأنبياء، وانتقلنا إلى الصحن الشريف ذاته خارج المطاف، فسنجد أنه غير مسموح للمرأة أن تصلي أي صلاة مكتوبة مع الإمام في هذا الموضع، حتى لو كان خالياً، ولا يوجد زحام مع الرجال ولا يحزنون!
وكم هو مؤلم أن تشاهد عجوزاً وقد انحنى ظهرها وهي تغادر مكانها بصعوبة لتصعد الدرجات ثم لتمشي بخطى ضعيفة باحثة عن مكان تصلي لربها، وهي المعفاة أصلاً من الصلاة واقفة حتى بعد أن تترك الصحن وتدخل إلى المسجد فإن عليها أن تبحث عن الأماكن المخصصة للنساء وهي قليلة ومسورة بالحواجز بحيث تكاد تحجب رؤية الكعبة، وهي لمحدوديتها ممتلئة عن آخرها.
فتحس المرأة بالاختناق وتصلي الكثير من النساء اللاتي تضيق بهن هذه الأماكن خارجها دون سجاد، في حين أنك عندما تمر على أماكن الرجال تجدها شبه خالية، وتجدهم يتنعمون بالتمدد والاستلقاء في بحبوحة من المكان.
وإذا كان الانتقال من مكان إلى آخر أمراً يمكن احتماله للشابات، فإن الحال ليس كذلك مع النساء الأكبر سناً.
كم كان محزناً لي أن أحس بتعب أمي ونحن نبحث عن مكان مناسب للصلاة المكتوبة فلا نجد، وقتها فكرت بأن الذين يضعون هذه التنظيمات لاشك أيتام! لا يوجد إنسان لديه أم يحبها وتحبه يقبل أن تصيبها كل هذه المشقة في مكان لا تذهب فيه للتسوق أو للترويح عن النفس أو لشرب شاي الضحى، وإنما لتناجي ربها وتسأله أن يوفقها في حياتها. أهينة لدى هؤلاء دعوات الأمهات؟
ما الذي حصل خلال السنوات الأخيرة لتشعر المرأة بأنها زائر غير مرغوب فيه في هذا المكان؟ صدقاً لم أستطع طوال المدة التي زرت فيها الحرم من التخلص من هذا الشعور المزعج والجارح أيضاً.
ألم تكن النساء منذ فجر الإسلام وحتى زمن طفولتي في الثمانينات وأوائل التسعينات يزرن المسجد الحرام والمسجد النبوي شرفهما الله، من دون مشكلات ومن دون تمييز وتفرقة مقيتة ليس لها أصل ولا سند شرعي؟ بل إن ضررها أكثر من نفعها، ولكم أن تتخيلوا ماذا ستشعر مسلمة أوروبية أو أمريكية حديثة عهد بالإسلام حين تمر بهذه التجربة التي لم نتحملها نحن اللاتي نشأنا وتربينا ودرسنا في هذه البلاد.
هل تذكرون صديقتي (إيفا) التي كتبت عنها قبل ثلاثة أسابيع؟ ترى ماذا لو أسلمت واصطحبتها معي إلى مكة ثم سألتني: لماذا يعاملوننا هكذا؟
وقبل أن يتبرع أحد ويقول إن صلاة المرأة في بيتها أفضل وبالتالي فليس من حقها المطالبة بأكثر مما مُنحت، نرد عليه بأن هذا الأمر ليس من شأن أحد، أن تختار المرأة أين تصلي فهذا راجع لها (وهي تعرف هذا الحديث الشريف)، وإنما ينبغي أن تهيأ لها السبل للزيارة وللصلاة، وخاصة في مكة، لأن المرأة لا تستطيع أن تطوف أو تعتمر أو تحج في بيتها، ولأن أجر الصلاة في أحد المساجد الثلاثة لا يعادله شيء، والإسلام يحثنا على زيارتها، فعموم حديث (شد الرحال) يشمل المرأة كما الرجل.
ومنذ مدة طويلة ونحن نسمع ونقرأ ونشاهد تذمر الكثير من المسلمات حول العالم، خاصة المتعلمات من الأوضاع الحالية، وهؤلاء يقمن بكتابة رسائل وتكوين مجموعات إلكترونية بهدف تغيير هذا الواقع، ومع ازدياد عدد هؤلاء خاصة من المسلمات في الغرب، الذين تعلمن الدين مجرداً من عادات الزمان والمكان فأدركن حقوقهن، فسترتفع الأصوات أكثر، فلماذا لا نأخذ زمام المبادرة بأنفسنا ونصلح الخلل؟
لقد كتبت كل من الدكتورة هتون الفاسي والأستاذة نورة الخريجي وغيرهن عن هذه القضية، وكتبت عنها شخصياً في هذه الصفحة أكثر من مرة خلال السنوات الخمس الماضية، وهأنا أجد نفسي مضطرة للكتابة عنها من جديد لأننا لا نملك إلا القلم نشكو به بثنا إلى المسؤولين بعد أن رفعنا أكفنا بالدعاء لله تعالى، موقنات بأنه لن يضيع حق وراءه مطالب