مشاهدة النسخة كاملة : ثروتنا ضائعة


نجم العرب
09-10-2010, 11:32 AM
انتبهوا...ثروتنا ضائعة

الثروة الضخمة تتسرب من بين أيدينا كل عام ولا يبقى منها إلا الفتات، أما في العام الحالي فقد تسربت كلها ولم يبق منها ولا حتى الفتات


يمكن أن نعتبر العام المالي الحالي 2010 أكثر الأعوام المالية تميزاً، ففيه تم اعتماد أكبر ميزانية في تاريخ المملكة، والمفروض بل الحاصل أنه يتم فيه أعلى معدل صرف للحكومة، أما القطاع الخاص فإن الأرباح التي صرفتها البنوك والشركات لمساهميها كانت من أعلى المعدلات أيضاً، أي أن ما دخل جيب الموظف والمقاول والتاجر بل والمنتمي للضمان الاجتماعي هو الأعلى، والمفروض وفقاً لهذا أن يصرف الموظف والتاجر والمقاول وغيرهم ما يصرفونه عادة ويزيدوا على ذلك بنسبة الزيادة في الدخل ليترجم هذا على شكل واردات أو تحويلات للخارج من العمالة أو ما شابه ذلك، وما بقي بعد ذلك يتحول كما جرت العادة ودائع في البنوك كما يحصل كل عام، أي أن المفروض ليس فقط أن تضاف لودائع البنوك مبالغ إضافية مماثلة أو مقاربة للزيادة في ودائع البنوك كل عام، بل المفروض أن تزيد نسبة الزيادة في ودائع البنوك هذا العام بما يتناسب مع زيادة الميزانية الحكومية هذا العام وزيادة معدلات الصرف الشهرية الحكومية، ولا تنسوا بعد ذلك تلك الأربعمئة مليار التي خصصتها الحكومة زيادة على الميزانية بغرض تحفيز النمو الاقتصادي تمشياً مع مقررات مجموعة العشرين، والتي من المفروض أن تتحول إلى مصروفات في الداخل وتسهم في زيادة ودائع البنوك، فهل يا ترى حصل هذا وزادت الودائع في البنوك في عام 2010 بما يتمشى مع كل ذلك..؟؟ تعالوا نتابع ونر.
حتى تكون المسألة واضحة، دعونا أولاً نتابع نمو ودائع البنوك في الأعوام السابقة 2005، 2006، 2007، 2008، 2009 ثم نأتي للعام 2010، وللمعلومية فإن الودائع التي سنستعرضها تمثل كافة أنواع الودائع.. أي ودائع الأفراد، وودائع الشركات، والمؤسسات، والأجهزة الحكومية، والودائع بالريال، والدولار، وكافة العملات، أي الودائع بكل أنواعها.
في عام 2005 كانت جملة الودائع في البنوك (489) مليار ريال، وتطورت في العام الذي يليه 2006 فأصبحت 591 ملياراً، أما في العام 2007 فقد ارتفعت إلى (717) مليار ريال، وفي عام 2008 زادت إلى (846) مليار ريال، أما في عام 2009 فقد أصبحت (940) مليار ريال، أي أن معدل الزيادة السنوية في المتوسط في حدود 15% وأكثر من مئة مليار كل عام، فماذا حصل يا ترى في عام 2010 الذي كانت الميزانية فيه في أعلى معدلاتها، وكانت معدلات الصرف الشهري في أوجها، وفيها اعتمدت ونفذت أغلى المشاريع بعشرات المليارات كجامعة الأميرة نورة (في حدود الثلاثين مليارا)، وتوسعة الحرمين الشريفين (في حدود الأربعين ملياراً) ومشاريع جامعة الملك سعود، ومشاريع قطار الحرمين وقطار المشاعر وقطار الشمال، وغيرها من المشاريع التي صرفت ومازالت تصرف عليها المبالغ الضخمة خلال العام الحالي محل البحث 2010.
أرقام إحصاءات مؤسسة النقد العربي السعودي التي تنشرها تباعاً في موقعها على الإنترنت توضح -ويا للعجب الشديد- أن معدل ودائع البنوك خلال الأشهر الماضية من العام الحالي 2010، لا تزيد بل تتناقص، ففي الوقت الذي كان فيه حجم الودائع في نهاية عام 2009 يبلغ (940) مليار ريال، أصبح حجم الودائع في الشهر الأول من عام 2010 (917) مليار ريال، أي نقص بمقدار (23) مليار ريال، وفي الشهر الثاني أصبحت جملة الودائع (921) مليار ريال، وفي الثالث كانت (920) ملياراً، وفي الرابع تراجعت إلى (911) ملياراً، وفي الخامس أصبحت (921) مليار ريال، أما في السادس فقد أصبحت (943) ملياراً، ثم تراجعت في السابع فأصبحت (942) ملياراً، وفي الثامن تراجعت أكثر فأصبحت (925) ملياراً، أي أنه بعد مضي ثمانية أشهر من عام 2010 تراجعت الودائع بمقدار (15) ملياراً، في حين أنها كانت تزيد سنوياً أكثر من مئة مليار في العام، ولإلقاء مزيد من الضوء على الحالة أقول إن موجودات البنوك كلها (ودائع وغير ودائع) كانت تزيد في السنوات السابقة بمعدل مقارب حيث كانت موجودات البنوك في عام 2005 تبلغ (759) مليار ريال، فأصبحت في عام 2009 (1370) مليار ريال، أي أن هناك زيادة سنوية في موجودات البنوك خلال تلك السنوات بمعدل (150) مليار ريال، أما في عام 2010 وحتى الشهر الثامن منه فلم تزد موجودات البنوك بل على العكس تراجعت فأصبحت (1358) مليار ريال.
هذا يفرض علينا سؤالاً حاداً وملحاً عن أسباب تراجع الودائع في البنوك خلال عام 2010 بعكس الأعوام السابقة، وتراجع موجودات البنوك أيضاً مع أن المفروض أن يحصل العكس لكون مصروفات الميزانية في عام 2010 قد زادت عن معدلها خلال الأعوام السابقة، فما هو تفسير هذا الأمر الغريب، ولماذا تسربت تلك المبالغ الضخمة من بين أيدينا وأين ذهبت؟
طبعاً ذهبت إلى الخارج، هذا أمر معروف، ولكن نحن لا نبحث عن هذا التفسير العام، ولكن نبحث عن أسباب خروجها وكيفية ذلك..؟؟
بصراحة نحن نهدر ثروة ضخمة بكل المقاييس على نحو عجيب، فمبلغ مصروفات الميزانية الضخم الذي لا يقل حسب تقديري عن خمسين مليار ريال شهرياً، والمبالغ الضخمة التي صرفتها البنوك والشركات لمساهميها كأرباح، والمبالغ الأخرى التي ربحها القطاع الخاص. هذه الثروة الضخمة تتسرب من بين أيدينا كل عام ولا يبقى منها إلا الفتات، أما في العام الحالي فقد تسربت كلها ولم يبق منها ولا حتى الفتات، وهذا أمر لافت يحتاج للتأمل والبحث لمعرفة السبب.
إنني أظن أن ترسية المشاريع الضخمة على شركات مقاولات قليلة كبيرة أرصدتها وتعاملاتها المالية مرتبطة بالخارج واحتياجاتها كلها تأتي من الخارج، قد يكون له دور في هذا، ولكن هذا مجرد تخمين، وسأحاول في مقال قادم عن طريق الأرقام الإحصائية التي توفرها الجهات المختصة معرفة السبب الحقيقي، ولكن في الختام لا بد أن أكرر مرة ثانية وخامسة وعاشرة أن ما نفعله بالغ العجب، فأغلب شعوب الدنيا تعمل وتنتج لتقايض بإنتاجها مختلف احتياجاتها، ومع هذا يزيد إنتاجهم عن احتياجاتهم فيوفرون، أما نحن فتهطل علينا ثروة شبه مجانية ضخمة، والمفروض أن تصب كلها أو أغلبها أو كثير منها على الأقل في صندوق التوفير، ويكون لنا إنتاج يواجه احتياجاتنا أو أغلبها أو كثيرا منها على الأقل، لكن الذي يحدث أننا لا ننتج، بل ونستورد من يخدمنا حتى في الأعمال العادية، ونهدر ثروتنا في مصاريف استهلاكية ضعيفة أو معدومة العائد، وفي قصور وناطحات سحاب ومشاريع خرافية تحتاج إلى مبالغ شهرية ضخمة لصيانتها.
انتبهوا أيها السادة.. فنحن نهدر ثروة ضخمة.. ونثقل مستقبلنا بالتزامات هائلة.. أي أننا الآن نصنع لأحفادنا مستقبلاً أخشى إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه الآن وبدأت مرحلة نضوب النفط فقد يكون أسود من ريش الغراب.

عبدالله ناصر الفوزان

الوطن

صقـر عتيبـة
11-10-2010, 03:39 AM
الله يعين المواطن هو الوحيد المتضرر

مشكور يا أخوي على الطرح وان شاء الله

تنصلح الاحوال تسلم يمينك على الطرح الجميل

تقبل تحياااااتي الخاااااصه

صقر عتيبة