الخليل المغربي
12-09-2010, 03:51 AM
http://targuistino.net/news/filemanager.php?action=image&id=109 (http://targuistino.net/news/filemanager.php?action=image&id=109)
وصفت عائشة رضي الله عنها حالَ المسلمين عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مما قالت: «لما قبِض رسول الله نجمَ[1] النفاق، وارتدت العربُ، وكان المسلمون كالغنم الشاردة في الليلة الماطرة»...
ولستُ أرى صورة وراء هذه الصورة التي ضل فيها النجم، واسودت حواشي الأفق، وغاب فيها الكون في سكون عميق تتعثر خطاه على وقع المطر الشديد، يمكن أن تصور حال المسلمين في مطلع هذا القرن، وقد استيقظوا من ليل الجهل، على أصوات الحضارة الغربية وجلبتها وأضوائها، تبهر العيون وتقرع الآذان!
لقد سارت الحضارة الغربية في طريقها تتسلم زمام الركب البشري الضارب في صحراء الحياة، بعد أن ضيّع االركبَ حداتُه المسلمون، يوم فقدوا ذاتهم، وأغفوا على أحلام الخرافة والأوهام... والقافلة الإنسانية –يا ويحها- ماذا جنت حتى يتسلم قيادتها اللصوص؟َ
لا أريد أن أتحدث عن هذه الحضارة الآثمة وحراسها ونتائجها العريضة في الكون فبحسبي أن أشير إلى ثمرة واحدة من ثمارها الفجة التي غصت بها حلوق الإنسانية بالأمس، ولا تزال تعلك آثارها المُرة إلى اليوم.. إنها الحرب! حربان عالميتان في ربع قرن من الزمان، لم يتجرع كأس سمها أصحاب هذه الحضارة وحدهم، بل أفرغ هذه الكأس في أفواه الشعوب كلها إفراغاً... وخصوصاً تلك الشعوب المسلمة التي كانت تقود القافلة الإنسانية بالأمس؛ لأن بينها وبين قادة اليوم من العدواة، ما بين حراس القافلة ولصوصها.
وهكذا خيل لحضارة الغرب الصليبية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، أنه قد خلا لها وجه الحياة على الأرض، فسعت إلى اقتسام ما تبقى من أجزاء العالم الإسلامي عنيمة سمينة باردة، وكان من بين هذه الأجزاء: المغرب العربي الإسلامي، سعت إلى ذلك بخطوات ثقيلة متلاحقة... لكثرة ما حملت على عاتقها من الحديد، ما أتخمت به معدتها من أقوات الشعوب! وفكرها المخمور لا يصحو إلا على صورة الأندلس: الفردوس المفقود، تحفزهم وتحثهم على «استرجاع» المغرب الإسلامي اليوم كما «غصبوا» أندلس الإسلام بالأمس.
هذه هي «الحقيقة» التي كانت ماثلة في أذهانهم، يومذاك، وكان كل ما حولهم يؤكد لهم أن النصر والغلبة ستكون في جانبهم: القوة المادية بكل صنوفها وغرور النصر ونشوته في أعقاب الحرب، إلى جانب التخلف والفقر والضعف المادي في أرجاء المغرب الكبير.
ليس من شك في أن الجو كان مكفهراً ينذر بالخطر والسوء... ولكن كما يبزغ الفجر من وراء السحب الدكناء فيبدد سوادها ويقصم بعموده القوي اللامع ظهر الليل، بزغ سيف الأمير عبد الكريم الخطابي يلمع في سماء المغرب، ليقصم أصلاب الفرنسيين والإسبان، ويعلم الدنيا أن غزوة بدر مدرسة الجهاء الأولى في الإسلام، لها جندها في كل زمن وحين، وأنها المدرسة التي صمدت للأمواج المتلاطمة، والعواصف الهوج، فأمدت العالم الإسلامي في كل فترات حياته بقادة كبار، يجاهدون في سبيل الله، وعلى بركة الله، وكان من هؤلاء الأبطال في عصر قراعنا مع الاستعمار: عمر المختار وعبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطابي.
منذ مطلع هذا القرن، والغربيون يعتبرون العالم «مزرعة» لهم، ومن يدري فلعل هذا من قواعد حضارتهم؟ ففي عام 1902 اتفقت إيطاليا وفرنسا على أن تطلع يد الأولى في طرابلس الغرب، مقابل حرية العمل في المغرب للثانية، وفي نيسان من عام 1904 اتفقت فرنسا وإنكلترا على أن تتعهد الأولى بعدم عرقلة عمل الإنكليز في مصر، مقابل أن تعترف إنكلترا بحق فرنسا المطلق في المغرب، وفي نفس العام تم الاتفاق بعد ذلك بين فرنسا وإسبانيا على الموافقة على اتفاق نيسان نظير أن يكون لإسبانيا نفوذ في بعض مناطق المغرب!!
وظن بعضهم بألمانيا خيراً حين نزل إمبراطورها عام 1905 بمدينة طنجة وقال فيها: «إن زيارتي هذه لسلطان المغرب، الملك المستقل!» ولكن ما أن اتفقت مصالح ألمانيا وفرنسا على اقتسام «الغنائم» الاستعمارية حتى أطلق ألمانيا يد فرنسا في المغرب، نظير ترك الكونغو الإفريقي لألمانيا. وكان ذلك عام 1911، الذي لم يمض عليه أكثر من عام حتى وقع السلطان معاهدة الحماية على البلاد!
وكان عمر الأمير عبد الكريم يناهز الثلاثين يوم وقعت بلاده تحت وطأة الاستعمار الفرنسي الإسباني، فقد ولد الأمير عام 1301هـ في بلدة «أجدير» وهي خليج صغير على شاطئ المتوسط بين تطوان ومليلة، ونشا على حفظ القرآن ودراسة الفقه والتمسك بقواعد الإسلام الحنيف، ويتصل نسبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
تلقى الأمير عبد الكريم دروسه الابتدائية والثانوية في مليلة، ثم التحق بجامعة القرويين –أقدم جامعة في العالم- بفاس، ثم تخرج مدرساً بمليلة، وعمل محرراً في بعض الصحف اليومية ثم عين قاضياً بعد ذلك، حيث بدأ خطره يشتد على الإسبان، حتى أنهم قبضوا عليه في عام 1915م بتهمة الميل للعثمانيين والعمل على الدفاع عن الخلافة وإلهاب الشعور الإسلامي (ضد الصليبيين الجدد)، وقدموه للمحاكمة أمام مجلس حربي عسكري، ظهرت فيه شجاعة الأمير الفائقة وثقته المطلقة بهذا الدين الذي يعتنق.
التفَتَ إليه الجنرل (اي اسبورو) رئيس المجلس العسكري قائلاً: هل تعمل حقاً ضد الحلفاء؟ فقال: نعم. فسأله: وما هو سبب ذلك؟ يقول الأمير عبد الكريم: فقلتُ له: لأن الدولة العثمانية دخلت الحرب باعتبارها دولة الخلافة الإسلامية، وهي تقف بجانب ألمانيا واستوريا [النمسا]، وأنا مسلم مراكشي والخليفة نادى بالجهاد ضد الحلفاء لتحرير بلادنا التي تحتلها فرنسا وإسبانيا. فقال له الجنرال: وما هي علاقتك بالخلافة؟ فأجابه: إنها خلافة المسلمين كلهم في مشارق الأرض ومغاربها، ولذلك فأنا معهم لنحارب الحلفاء... فضحك الجنرال ثم قال له: أنا أعلم أنك رجل نبيل ومن أسرة نبيلة معروفة،ولكن ألا تعلم أن دولة إسبانيا ملتزمة الحياد، وأنت قاضي القضاة في منطقة الحماية؟ فقال له الأمير عبد الكريم: هذا لا يمنعني من القيام بواجبي، وأنا أرى كثيراً من ضباطكم يتعاملون مع الألمان الموجودين هنا لتغذية الحرب ضد فرنسا بجانب تركيا، ثم إذا كانت الوظيفة تمنعني من القيام بالواجب الوطني فأنا مستقيل من هذه الوظيفة منذ الآن لأتفرغ للقيام بالواجب المحتم علي...
وزج بالأمير عبد الكريم في السجن، وبدأ كفاحه الدامي ضد الإسبان الواغلين، الذين اعتبروا اعتقاله «رهينة» عن والده، الذي بدأ كفاحه ضد الإسبان في الريف المراكشي، وحاول البطل المجاهد الهروب من السجن، فقام في الساعة الحادية عشرة ليلاً بالقفز من أعلى برج في القلعة إلى الأرض بواسطة حبل معلق على طرف حديدي مربوط به فتدلى مع الحبل. ولكن الحبل لم يصل إلى الأرض فبقي فترة من الزمن معلقاً في الفضاء، ثم رأى أن يقفز المسافة الباقية، وكانت الريح شديدة عاتية ، فسقط على رجله اليسرى نتيجة اختلال توازنه من شدة الريح، فكسرت ساقه وشج رأسه وخرج مفصل يده عن موضعه.
وأعيد هذه المرة إلى سجنين سجن القيد وسجن المرض، وعلم والد الأمير عبد القادر بالأمر في الوقت الذي كان يستعد لشن هجوم كبير على الإسبان، فكتب إلى القائد الإسباني يقول له: لا تعتقدوا أن اعتقال ولدي ووجوده عندكم في السجن يمنعني من العمل ضدكم، فهو وأنا وجميع أفراد العائلة مستعدون دائماً لمواجهة الظالمين بما يستحقون.
وعندما دخل بعض الضباط على الأمير السجين وطلب إليه أن يقنع والده بالكف عن محاربة الإسبان، وهدده بنقله إلى سجن «ملقة» وهو سجن المجرمين، التفت إليه الأمير قائلاً: إنني لا أستطيع أن آمر والدي بشيء! بل هو الذي يأمرني وأنا مطيع له في كل شيء، وأنا مستعد للذهاب إلى سجنكم في ملقة، وأنتم ظالمون على كل حال، ولا تنتظروا مني شيئاً غير هذا...
ولما فات على الإسبان الغرض من سجنه خلوا سبيله بعد ذلك. ودرات بين الإسبان وأهل الريف بقيادة والد الأمير عبد الكريم عدة معارك، وكان الجيش الإسباني يحتل شرق الريف وغربه، والفرنسيون يحتلون جنوب الريف، وتوفي والد الأمير قبل أن يسيِّر الإسبان جيشاً كبيراً من الشرق، بمدافعه وطائراته، يزحف غرباً نحو أرض الريف، ولم يترك شبراً من الأرض إلا قام بتحصينه وبناء القلاع فيه، وتقدم الأمير عبد الكريم بألف من المجاهدين لمقابلة خمسة وعشرين ألف جندي مجهزين بالعتاد والذخيرة، ومن روائهم مؤخرة وحاميات...
وتقدم الجيش الإسباني بقيادة الجنرال سلفستري، فاحتل بلدة أنوال، ثم تقدمت فصيلة منه واحتلت المركز الحصين أبسران، وركز المجاهدون هجوماً معاكساً شديداً استردوا فيه المركز وأفنوا الحامية، وغنموا كل مافيه، فأقسم الجنرال العلج ليبيدن جيش الحفاة العصارة، صيادي الأسماك!
واستظل المجاهدون للمعركة الفاصية براية محمد صلى الله عليه وسلم، وطالفت في أذهانهم بطولات بدر... ألف مجاهد في مقابلة خمسة وعشرين ألف جندي في معركة استمرت خمسة أيام كاملة من عام 1921، تسفر عن إبادة الجيش الكبير على أيدي الفئة المؤمنة (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة والله مع الصابرين). إننا ننطلع بشوق إلى اليوم الذي تأخذ فيه مذكرات الأمير الخطابي طريقها للنشر، لنعلم من تفاصيل هذه المعركة ما لم نعلم... أما إسبانيا فقد سقطت حكومتها، وقامت محلها حكومة أخذت على عاتقها تجهيز مائة ألف جندي لتطبق بهم على «أجدير» بلدة الأمير عبد الكريم، من عدة جهات... ولكن فات جميع دول الاستعمار في العالم أن الشرارة التي انقدحت في النفس المسلمة الغافلة فأيقظتها لن تخبو بعد اليوم أبداً، وأن الذي انتصر عليهم اليوم ليسوا أولئك النفر القليل... ,وكن هذا الإسلام العظيم، فلو أن هؤلاء استشهدوا اليوم فسيحمل الراية من بعدهم كثيرون غيرهم... حتى يكتب الله النصر للمؤمنين...
وعمل الأمير عبد الكريم بعد ذلك على تنظيم الجيش وإزاحة العقبات التي تقف في طريق نموه، ولم تنسه الأعمال الحربية القيام بالإصلاحات التي تحتاجها البلاد، فنظم مالية البلاد التي لم تقع تحت قبضة المستعمر وأصلح فيها الإدارة ونظم التجارة والزراعة، وعنى بحالة الريف الصحية والتعليمية.
وتوالى جهاده مع جنوده الذين لم يزيدوا على ألف وستمائة مجاهد، مع إسبانيا في جهة الغرب، وكذلك مع الفرنسيين من الجنوب، في معارك لاهبة متلاحقة، يصيب فيها من الأعداء، ويصيب الأعداء منه، يصيبون من أعدائهم بإيمانهم وسلاحهم، ويصيب منهم الأعداء بـ... الغازات السامة التي استعملها الإسبان أكثر من مرة.
ولما اشتدت وطأة الأمير عبد الكريم على الإسبان بعد الهزيمة التي ألحقها بهم في آب من عام 1924، لم يسع الديكتاتور الإسباني «بريمو دي ريفيرا» إلا أن يتولى القيادة العسكرية بنفسه ليعمل على إنقاذ جيشه، وتفاوض مع الفرنسيين لكي يقوموا بنجدته، وأثمرت مفاوضاته معهم، فاتفقت القوتات الفرنسية والإسبانية على محاربة عبد الكريم، وكانت فرنسا أقوى دولة برية في العالم، والجيش الإسباني ثالث الجيوش الأوروبية.
وفي ربيع عام 1925 بدأ الفرنسيون هجومهم تحت ستار صد هجوم مفتعل، «وكان الفرنسيون يريدون بفتح الجبهة التخفيف عن الإسبان ومساعدتهم، وكان فتح الجبهة مفاجئاً، ولم ينته المجاهدون بعد من القضاء على الإسبان، وكانوا شبه محصورين بين البحر في الشمال، وهو في يد الإسبان والفرنسيين، والإسبان من الشرق والغرب، وثم الفرنسيين من الجنوب».
وسار جيش عبد الكريم بقيادة أخيه لمقابلة الفرنسيين الذين توجهوا إلى فاس، وأخذت الحصون تسقط بأيدي الجيش المجاهد، غير عابئ بالغارات الوحشية التي تشن عليه من هنا وهناك، وبالرغم من أن المجاهدين قد فقدوا ميزتهم في حرب الجبال وهم في طريقهم إلى فاس إلا أن قوتهم تضاعفت بسبب ازدياد عدد القبائل المنضمة إليهم، والتقوا مع الأمداد الفرنسية الكبيرة في «مزيان» فهزم الفرنسيون هزيمة منكرة، وأصبح الطريق إلى العاصمة مفتوحاً، فأسرع رئيس وزراء فرنسا إلى ميدان المعركة وعزل القائد الفرنسي المدعو «لوتي» المعروف بالحنكة والبراعة، وعيّن المارشال «بيتان» كبير العسكريين الفرنسيين، وطلب فرنسا من إسبانيا أن تفتح جبهة رابعة، وغطت الطائرات سماء مراكش، وأخذت تضرب المدنيين على غير هدى، بل أنها تعمدت ضرب الأسواق التجارية ودور العلم والمستشفيات، لتشيع الذعر والخوف، بل لتنفس عن شيء من حقدها الصليبي، وتعمل على تطبيق بند من أهم بنود الحضارة الغربية!
وأسرع القائد الفرنسي الجديد وشن هجوماً انتزع به أهم معاقل المقاومة «البرانس» بينما كانت إسبانيا تستعد للنزول بأجدير، فتم هذا الأمر في نيسان عام 1925 بعد شهر من سقوط «البرانس»، وفي أيام من العام القادم كانت الجيوش الفرنسية والإسبانية تسير مجتمعة تحت قيادة «بيتان» تزحف من جميع الجهات على الأمير عبد الكريم والمجاهدين المغاربة، حين فاوضته وطلبت إليه التسليم، فأبى ذلك عليه دينه ووفاؤه، وفضّل الشهادة في ساحة المعركة، ولم تلبث قوى الشر والعدوان أن أطبقت على الأمير وجماعته وقادته أسيراً في 10 تشرين أول 1926 إلى جزيرة «رينيون» [في] المحيط الهندي، شرقي مدغشقر.
وأمضى المجاهد الأسير مع شقيقه وعمه وأهله عشر سنوات كاملة وراء لجج المحيط يعاني مرارة النفي والوحدة والانقطاع عن العالم، ولكنه ان انقطعت صلاته بالأرض، فإنها موصوله بالسماء بحبل متين.
لقد عكف الأمير رحمه الله على قراءة كتب في التفسير والحديث والعقيدة كان قد اصطحبها معه إلى الجزيرة، وعكف على العبادة والتوجه إلى الله، فأصبح رقيق النفس، مرهف الشعور، يتوجه إلى الله بالدعاء وقد خط الشيب عارضيه، ووراءه سنوات من الجهاد في سبيل الله وحده.. جهاد في الشباب، وعبادة وعلم وورع في المشيب، وإخلاص لله في كل مل، ووعد من الله بالجنة للشهداء. كل ذلك طريق إلى دار الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
ويمضي الأمير في الجزيرة النائية الموحشة أحد عشر عاماً آخر يسمح له فيها بالتنقل في أرجاء الجزيرة الصغيرة وقراءة بعض الصحف والمجلات الفرنسية.
وفي عام 1947 أعلنت فرنسا على العالم نبأ إطلاق سراح بطل الريف الأمير عبد الكريم الخطابي وأقاربه جميعاً، بشرط الإقامة في أحد قصور باريس، الذي أعدته لهم فرنسا، ووصلت الباخرة المقلة للأمير إلى بور سعيد في 29 أيار 1947 لتتابع طريقها إلى فرنسا، وتشاء إرادة الله أن يتمكن الأمير المجاهد من اللجوء إلى مصر، والبقاء فيها... مثلاً رائعاً من أمثال الكفاح والفداء والصبر والجهاد، وليعلم كل من يرى الأمير الخطابي أو يقرأ تاريخ حياته الطويل أن الإسلام يصنع الرجال، وأن الرجال يصنعون التاريخ، وأن مدرسة بدر الكبرى باقية ما دام في الدنيا لسان ينطق وشمس تشرق على الأرض.
قال المستر كورتي عضو مجلس العموم البريطاني: «إن عبد الكريم رجل حرب وجلاد، وزعيم يعرف كيف يجعل الجماهير تنقاد إليه، حتى صار الناس في الهند وبغداد والقاهرة يرون فيه رجلاً يصح أن يكون أميراً للمؤمنين، وحاملاً لسيف الإسلام، فإذا أصبح والحالة هذه في مركز يدعو فيه إلى الجهاد في إفريقية الشمالية وبلاد العرب والأناضول فإن إنكلترا وفرنسا وإيطاليا تتعرض لأخطار جسيمة، ولا يبعد أن تمس هذه الأخطار دولاً أخرى غير هذه أيضاً».
ليطمئن سيادة عضو مجلس العموم البريطاين، فإن إنكلترا وفرنسا وإيطاليا تعرضت وتتعرض لأخطار جسيمة، من غير أن يبايع الأمير الخطابي رحمه الله بالخلافة أو إمارة المؤمنين، لأن الصوت الذي أطلقه الأمير الراحل ما زال يتردد في نفوس شباب الإسلام،وهو يحثهم على طاعة الله ودراسة القرآن، ولأن الجذوة التي اقتبس منها الأمير ما زالت حية مشتعلة، لا يزيدها ضرب الريح إلا اشتعالاً... إنها الإسلام الذي لا تزيده المحن إلا كشفاً عن طبيعته الإلهية المتفردة.. ولأن المدرسة التي أنبتت خالداً وصلاح الدين، والخطابي والمختار، قائمة خالدة، منذ أن حاربت الملائكة مع المسلمين في يوم بدر.
«ولينصرن اللهُ من ينصره إن الله لقوي عزيز».
هده قصة الامير عبد الكريم الخطابي من مدينتي جاهد معه جدي مسعود الحسن وكان رفيق دربه .
وهاته اغاني لاجل بلدي الريف التي عرفت اقوى الرجال في المغرب لاجل اخراج الا ستعمار من بلدنا الريف التي لن ترضخ لاي قوة كيف ما كانت .
بلدنا بلد العروبة وابنائها عرب وأ مزيغ اشداء .
http://www.youtube.com/watch?
v=QhUk166d84w&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=QhUk166d84w&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=NdMq6lQQfAY&feature=related
رحم الله اجدادنا بمعارك الريف ضد المستعمر
http://www.youtube.com/watch?v=Zw65KKpquYk&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=ebQHmIQES2E&feature=related
اغنية قريتي قريتي اشتقت اليك والى بلدي الريف
وصفت عائشة رضي الله عنها حالَ المسلمين عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مما قالت: «لما قبِض رسول الله نجمَ[1] النفاق، وارتدت العربُ، وكان المسلمون كالغنم الشاردة في الليلة الماطرة»...
ولستُ أرى صورة وراء هذه الصورة التي ضل فيها النجم، واسودت حواشي الأفق، وغاب فيها الكون في سكون عميق تتعثر خطاه على وقع المطر الشديد، يمكن أن تصور حال المسلمين في مطلع هذا القرن، وقد استيقظوا من ليل الجهل، على أصوات الحضارة الغربية وجلبتها وأضوائها، تبهر العيون وتقرع الآذان!
لقد سارت الحضارة الغربية في طريقها تتسلم زمام الركب البشري الضارب في صحراء الحياة، بعد أن ضيّع االركبَ حداتُه المسلمون، يوم فقدوا ذاتهم، وأغفوا على أحلام الخرافة والأوهام... والقافلة الإنسانية –يا ويحها- ماذا جنت حتى يتسلم قيادتها اللصوص؟َ
لا أريد أن أتحدث عن هذه الحضارة الآثمة وحراسها ونتائجها العريضة في الكون فبحسبي أن أشير إلى ثمرة واحدة من ثمارها الفجة التي غصت بها حلوق الإنسانية بالأمس، ولا تزال تعلك آثارها المُرة إلى اليوم.. إنها الحرب! حربان عالميتان في ربع قرن من الزمان، لم يتجرع كأس سمها أصحاب هذه الحضارة وحدهم، بل أفرغ هذه الكأس في أفواه الشعوب كلها إفراغاً... وخصوصاً تلك الشعوب المسلمة التي كانت تقود القافلة الإنسانية بالأمس؛ لأن بينها وبين قادة اليوم من العدواة، ما بين حراس القافلة ولصوصها.
وهكذا خيل لحضارة الغرب الصليبية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، أنه قد خلا لها وجه الحياة على الأرض، فسعت إلى اقتسام ما تبقى من أجزاء العالم الإسلامي عنيمة سمينة باردة، وكان من بين هذه الأجزاء: المغرب العربي الإسلامي، سعت إلى ذلك بخطوات ثقيلة متلاحقة... لكثرة ما حملت على عاتقها من الحديد، ما أتخمت به معدتها من أقوات الشعوب! وفكرها المخمور لا يصحو إلا على صورة الأندلس: الفردوس المفقود، تحفزهم وتحثهم على «استرجاع» المغرب الإسلامي اليوم كما «غصبوا» أندلس الإسلام بالأمس.
هذه هي «الحقيقة» التي كانت ماثلة في أذهانهم، يومذاك، وكان كل ما حولهم يؤكد لهم أن النصر والغلبة ستكون في جانبهم: القوة المادية بكل صنوفها وغرور النصر ونشوته في أعقاب الحرب، إلى جانب التخلف والفقر والضعف المادي في أرجاء المغرب الكبير.
ليس من شك في أن الجو كان مكفهراً ينذر بالخطر والسوء... ولكن كما يبزغ الفجر من وراء السحب الدكناء فيبدد سوادها ويقصم بعموده القوي اللامع ظهر الليل، بزغ سيف الأمير عبد الكريم الخطابي يلمع في سماء المغرب، ليقصم أصلاب الفرنسيين والإسبان، ويعلم الدنيا أن غزوة بدر مدرسة الجهاء الأولى في الإسلام، لها جندها في كل زمن وحين، وأنها المدرسة التي صمدت للأمواج المتلاطمة، والعواصف الهوج، فأمدت العالم الإسلامي في كل فترات حياته بقادة كبار، يجاهدون في سبيل الله، وعلى بركة الله، وكان من هؤلاء الأبطال في عصر قراعنا مع الاستعمار: عمر المختار وعبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطابي.
منذ مطلع هذا القرن، والغربيون يعتبرون العالم «مزرعة» لهم، ومن يدري فلعل هذا من قواعد حضارتهم؟ ففي عام 1902 اتفقت إيطاليا وفرنسا على أن تطلع يد الأولى في طرابلس الغرب، مقابل حرية العمل في المغرب للثانية، وفي نيسان من عام 1904 اتفقت فرنسا وإنكلترا على أن تتعهد الأولى بعدم عرقلة عمل الإنكليز في مصر، مقابل أن تعترف إنكلترا بحق فرنسا المطلق في المغرب، وفي نفس العام تم الاتفاق بعد ذلك بين فرنسا وإسبانيا على الموافقة على اتفاق نيسان نظير أن يكون لإسبانيا نفوذ في بعض مناطق المغرب!!
وظن بعضهم بألمانيا خيراً حين نزل إمبراطورها عام 1905 بمدينة طنجة وقال فيها: «إن زيارتي هذه لسلطان المغرب، الملك المستقل!» ولكن ما أن اتفقت مصالح ألمانيا وفرنسا على اقتسام «الغنائم» الاستعمارية حتى أطلق ألمانيا يد فرنسا في المغرب، نظير ترك الكونغو الإفريقي لألمانيا. وكان ذلك عام 1911، الذي لم يمض عليه أكثر من عام حتى وقع السلطان معاهدة الحماية على البلاد!
وكان عمر الأمير عبد الكريم يناهز الثلاثين يوم وقعت بلاده تحت وطأة الاستعمار الفرنسي الإسباني، فقد ولد الأمير عام 1301هـ في بلدة «أجدير» وهي خليج صغير على شاطئ المتوسط بين تطوان ومليلة، ونشا على حفظ القرآن ودراسة الفقه والتمسك بقواعد الإسلام الحنيف، ويتصل نسبه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
تلقى الأمير عبد الكريم دروسه الابتدائية والثانوية في مليلة، ثم التحق بجامعة القرويين –أقدم جامعة في العالم- بفاس، ثم تخرج مدرساً بمليلة، وعمل محرراً في بعض الصحف اليومية ثم عين قاضياً بعد ذلك، حيث بدأ خطره يشتد على الإسبان، حتى أنهم قبضوا عليه في عام 1915م بتهمة الميل للعثمانيين والعمل على الدفاع عن الخلافة وإلهاب الشعور الإسلامي (ضد الصليبيين الجدد)، وقدموه للمحاكمة أمام مجلس حربي عسكري، ظهرت فيه شجاعة الأمير الفائقة وثقته المطلقة بهذا الدين الذي يعتنق.
التفَتَ إليه الجنرل (اي اسبورو) رئيس المجلس العسكري قائلاً: هل تعمل حقاً ضد الحلفاء؟ فقال: نعم. فسأله: وما هو سبب ذلك؟ يقول الأمير عبد الكريم: فقلتُ له: لأن الدولة العثمانية دخلت الحرب باعتبارها دولة الخلافة الإسلامية، وهي تقف بجانب ألمانيا واستوريا [النمسا]، وأنا مسلم مراكشي والخليفة نادى بالجهاد ضد الحلفاء لتحرير بلادنا التي تحتلها فرنسا وإسبانيا. فقال له الجنرال: وما هي علاقتك بالخلافة؟ فأجابه: إنها خلافة المسلمين كلهم في مشارق الأرض ومغاربها، ولذلك فأنا معهم لنحارب الحلفاء... فضحك الجنرال ثم قال له: أنا أعلم أنك رجل نبيل ومن أسرة نبيلة معروفة،ولكن ألا تعلم أن دولة إسبانيا ملتزمة الحياد، وأنت قاضي القضاة في منطقة الحماية؟ فقال له الأمير عبد الكريم: هذا لا يمنعني من القيام بواجبي، وأنا أرى كثيراً من ضباطكم يتعاملون مع الألمان الموجودين هنا لتغذية الحرب ضد فرنسا بجانب تركيا، ثم إذا كانت الوظيفة تمنعني من القيام بالواجب الوطني فأنا مستقيل من هذه الوظيفة منذ الآن لأتفرغ للقيام بالواجب المحتم علي...
وزج بالأمير عبد الكريم في السجن، وبدأ كفاحه الدامي ضد الإسبان الواغلين، الذين اعتبروا اعتقاله «رهينة» عن والده، الذي بدأ كفاحه ضد الإسبان في الريف المراكشي، وحاول البطل المجاهد الهروب من السجن، فقام في الساعة الحادية عشرة ليلاً بالقفز من أعلى برج في القلعة إلى الأرض بواسطة حبل معلق على طرف حديدي مربوط به فتدلى مع الحبل. ولكن الحبل لم يصل إلى الأرض فبقي فترة من الزمن معلقاً في الفضاء، ثم رأى أن يقفز المسافة الباقية، وكانت الريح شديدة عاتية ، فسقط على رجله اليسرى نتيجة اختلال توازنه من شدة الريح، فكسرت ساقه وشج رأسه وخرج مفصل يده عن موضعه.
وأعيد هذه المرة إلى سجنين سجن القيد وسجن المرض، وعلم والد الأمير عبد القادر بالأمر في الوقت الذي كان يستعد لشن هجوم كبير على الإسبان، فكتب إلى القائد الإسباني يقول له: لا تعتقدوا أن اعتقال ولدي ووجوده عندكم في السجن يمنعني من العمل ضدكم، فهو وأنا وجميع أفراد العائلة مستعدون دائماً لمواجهة الظالمين بما يستحقون.
وعندما دخل بعض الضباط على الأمير السجين وطلب إليه أن يقنع والده بالكف عن محاربة الإسبان، وهدده بنقله إلى سجن «ملقة» وهو سجن المجرمين، التفت إليه الأمير قائلاً: إنني لا أستطيع أن آمر والدي بشيء! بل هو الذي يأمرني وأنا مطيع له في كل شيء، وأنا مستعد للذهاب إلى سجنكم في ملقة، وأنتم ظالمون على كل حال، ولا تنتظروا مني شيئاً غير هذا...
ولما فات على الإسبان الغرض من سجنه خلوا سبيله بعد ذلك. ودرات بين الإسبان وأهل الريف بقيادة والد الأمير عبد الكريم عدة معارك، وكان الجيش الإسباني يحتل شرق الريف وغربه، والفرنسيون يحتلون جنوب الريف، وتوفي والد الأمير قبل أن يسيِّر الإسبان جيشاً كبيراً من الشرق، بمدافعه وطائراته، يزحف غرباً نحو أرض الريف، ولم يترك شبراً من الأرض إلا قام بتحصينه وبناء القلاع فيه، وتقدم الأمير عبد الكريم بألف من المجاهدين لمقابلة خمسة وعشرين ألف جندي مجهزين بالعتاد والذخيرة، ومن روائهم مؤخرة وحاميات...
وتقدم الجيش الإسباني بقيادة الجنرال سلفستري، فاحتل بلدة أنوال، ثم تقدمت فصيلة منه واحتلت المركز الحصين أبسران، وركز المجاهدون هجوماً معاكساً شديداً استردوا فيه المركز وأفنوا الحامية، وغنموا كل مافيه، فأقسم الجنرال العلج ليبيدن جيش الحفاة العصارة، صيادي الأسماك!
واستظل المجاهدون للمعركة الفاصية براية محمد صلى الله عليه وسلم، وطالفت في أذهانهم بطولات بدر... ألف مجاهد في مقابلة خمسة وعشرين ألف جندي في معركة استمرت خمسة أيام كاملة من عام 1921، تسفر عن إبادة الجيش الكبير على أيدي الفئة المؤمنة (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة والله مع الصابرين). إننا ننطلع بشوق إلى اليوم الذي تأخذ فيه مذكرات الأمير الخطابي طريقها للنشر، لنعلم من تفاصيل هذه المعركة ما لم نعلم... أما إسبانيا فقد سقطت حكومتها، وقامت محلها حكومة أخذت على عاتقها تجهيز مائة ألف جندي لتطبق بهم على «أجدير» بلدة الأمير عبد الكريم، من عدة جهات... ولكن فات جميع دول الاستعمار في العالم أن الشرارة التي انقدحت في النفس المسلمة الغافلة فأيقظتها لن تخبو بعد اليوم أبداً، وأن الذي انتصر عليهم اليوم ليسوا أولئك النفر القليل... ,وكن هذا الإسلام العظيم، فلو أن هؤلاء استشهدوا اليوم فسيحمل الراية من بعدهم كثيرون غيرهم... حتى يكتب الله النصر للمؤمنين...
وعمل الأمير عبد الكريم بعد ذلك على تنظيم الجيش وإزاحة العقبات التي تقف في طريق نموه، ولم تنسه الأعمال الحربية القيام بالإصلاحات التي تحتاجها البلاد، فنظم مالية البلاد التي لم تقع تحت قبضة المستعمر وأصلح فيها الإدارة ونظم التجارة والزراعة، وعنى بحالة الريف الصحية والتعليمية.
وتوالى جهاده مع جنوده الذين لم يزيدوا على ألف وستمائة مجاهد، مع إسبانيا في جهة الغرب، وكذلك مع الفرنسيين من الجنوب، في معارك لاهبة متلاحقة، يصيب فيها من الأعداء، ويصيب الأعداء منه، يصيبون من أعدائهم بإيمانهم وسلاحهم، ويصيب منهم الأعداء بـ... الغازات السامة التي استعملها الإسبان أكثر من مرة.
ولما اشتدت وطأة الأمير عبد الكريم على الإسبان بعد الهزيمة التي ألحقها بهم في آب من عام 1924، لم يسع الديكتاتور الإسباني «بريمو دي ريفيرا» إلا أن يتولى القيادة العسكرية بنفسه ليعمل على إنقاذ جيشه، وتفاوض مع الفرنسيين لكي يقوموا بنجدته، وأثمرت مفاوضاته معهم، فاتفقت القوتات الفرنسية والإسبانية على محاربة عبد الكريم، وكانت فرنسا أقوى دولة برية في العالم، والجيش الإسباني ثالث الجيوش الأوروبية.
وفي ربيع عام 1925 بدأ الفرنسيون هجومهم تحت ستار صد هجوم مفتعل، «وكان الفرنسيون يريدون بفتح الجبهة التخفيف عن الإسبان ومساعدتهم، وكان فتح الجبهة مفاجئاً، ولم ينته المجاهدون بعد من القضاء على الإسبان، وكانوا شبه محصورين بين البحر في الشمال، وهو في يد الإسبان والفرنسيين، والإسبان من الشرق والغرب، وثم الفرنسيين من الجنوب».
وسار جيش عبد الكريم بقيادة أخيه لمقابلة الفرنسيين الذين توجهوا إلى فاس، وأخذت الحصون تسقط بأيدي الجيش المجاهد، غير عابئ بالغارات الوحشية التي تشن عليه من هنا وهناك، وبالرغم من أن المجاهدين قد فقدوا ميزتهم في حرب الجبال وهم في طريقهم إلى فاس إلا أن قوتهم تضاعفت بسبب ازدياد عدد القبائل المنضمة إليهم، والتقوا مع الأمداد الفرنسية الكبيرة في «مزيان» فهزم الفرنسيون هزيمة منكرة، وأصبح الطريق إلى العاصمة مفتوحاً، فأسرع رئيس وزراء فرنسا إلى ميدان المعركة وعزل القائد الفرنسي المدعو «لوتي» المعروف بالحنكة والبراعة، وعيّن المارشال «بيتان» كبير العسكريين الفرنسيين، وطلب فرنسا من إسبانيا أن تفتح جبهة رابعة، وغطت الطائرات سماء مراكش، وأخذت تضرب المدنيين على غير هدى، بل أنها تعمدت ضرب الأسواق التجارية ودور العلم والمستشفيات، لتشيع الذعر والخوف، بل لتنفس عن شيء من حقدها الصليبي، وتعمل على تطبيق بند من أهم بنود الحضارة الغربية!
وأسرع القائد الفرنسي الجديد وشن هجوماً انتزع به أهم معاقل المقاومة «البرانس» بينما كانت إسبانيا تستعد للنزول بأجدير، فتم هذا الأمر في نيسان عام 1925 بعد شهر من سقوط «البرانس»، وفي أيام من العام القادم كانت الجيوش الفرنسية والإسبانية تسير مجتمعة تحت قيادة «بيتان» تزحف من جميع الجهات على الأمير عبد الكريم والمجاهدين المغاربة، حين فاوضته وطلبت إليه التسليم، فأبى ذلك عليه دينه ووفاؤه، وفضّل الشهادة في ساحة المعركة، ولم تلبث قوى الشر والعدوان أن أطبقت على الأمير وجماعته وقادته أسيراً في 10 تشرين أول 1926 إلى جزيرة «رينيون» [في] المحيط الهندي، شرقي مدغشقر.
وأمضى المجاهد الأسير مع شقيقه وعمه وأهله عشر سنوات كاملة وراء لجج المحيط يعاني مرارة النفي والوحدة والانقطاع عن العالم، ولكنه ان انقطعت صلاته بالأرض، فإنها موصوله بالسماء بحبل متين.
لقد عكف الأمير رحمه الله على قراءة كتب في التفسير والحديث والعقيدة كان قد اصطحبها معه إلى الجزيرة، وعكف على العبادة والتوجه إلى الله، فأصبح رقيق النفس، مرهف الشعور، يتوجه إلى الله بالدعاء وقد خط الشيب عارضيه، ووراءه سنوات من الجهاد في سبيل الله وحده.. جهاد في الشباب، وعبادة وعلم وورع في المشيب، وإخلاص لله في كل مل، ووعد من الله بالجنة للشهداء. كل ذلك طريق إلى دار الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
ويمضي الأمير في الجزيرة النائية الموحشة أحد عشر عاماً آخر يسمح له فيها بالتنقل في أرجاء الجزيرة الصغيرة وقراءة بعض الصحف والمجلات الفرنسية.
وفي عام 1947 أعلنت فرنسا على العالم نبأ إطلاق سراح بطل الريف الأمير عبد الكريم الخطابي وأقاربه جميعاً، بشرط الإقامة في أحد قصور باريس، الذي أعدته لهم فرنسا، ووصلت الباخرة المقلة للأمير إلى بور سعيد في 29 أيار 1947 لتتابع طريقها إلى فرنسا، وتشاء إرادة الله أن يتمكن الأمير المجاهد من اللجوء إلى مصر، والبقاء فيها... مثلاً رائعاً من أمثال الكفاح والفداء والصبر والجهاد، وليعلم كل من يرى الأمير الخطابي أو يقرأ تاريخ حياته الطويل أن الإسلام يصنع الرجال، وأن الرجال يصنعون التاريخ، وأن مدرسة بدر الكبرى باقية ما دام في الدنيا لسان ينطق وشمس تشرق على الأرض.
قال المستر كورتي عضو مجلس العموم البريطاني: «إن عبد الكريم رجل حرب وجلاد، وزعيم يعرف كيف يجعل الجماهير تنقاد إليه، حتى صار الناس في الهند وبغداد والقاهرة يرون فيه رجلاً يصح أن يكون أميراً للمؤمنين، وحاملاً لسيف الإسلام، فإذا أصبح والحالة هذه في مركز يدعو فيه إلى الجهاد في إفريقية الشمالية وبلاد العرب والأناضول فإن إنكلترا وفرنسا وإيطاليا تتعرض لأخطار جسيمة، ولا يبعد أن تمس هذه الأخطار دولاً أخرى غير هذه أيضاً».
ليطمئن سيادة عضو مجلس العموم البريطاين، فإن إنكلترا وفرنسا وإيطاليا تعرضت وتتعرض لأخطار جسيمة، من غير أن يبايع الأمير الخطابي رحمه الله بالخلافة أو إمارة المؤمنين، لأن الصوت الذي أطلقه الأمير الراحل ما زال يتردد في نفوس شباب الإسلام،وهو يحثهم على طاعة الله ودراسة القرآن، ولأن الجذوة التي اقتبس منها الأمير ما زالت حية مشتعلة، لا يزيدها ضرب الريح إلا اشتعالاً... إنها الإسلام الذي لا تزيده المحن إلا كشفاً عن طبيعته الإلهية المتفردة.. ولأن المدرسة التي أنبتت خالداً وصلاح الدين، والخطابي والمختار، قائمة خالدة، منذ أن حاربت الملائكة مع المسلمين في يوم بدر.
«ولينصرن اللهُ من ينصره إن الله لقوي عزيز».
هده قصة الامير عبد الكريم الخطابي من مدينتي جاهد معه جدي مسعود الحسن وكان رفيق دربه .
وهاته اغاني لاجل بلدي الريف التي عرفت اقوى الرجال في المغرب لاجل اخراج الا ستعمار من بلدنا الريف التي لن ترضخ لاي قوة كيف ما كانت .
بلدنا بلد العروبة وابنائها عرب وأ مزيغ اشداء .
http://www.youtube.com/watch?
v=QhUk166d84w&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=QhUk166d84w&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=NdMq6lQQfAY&feature=related
رحم الله اجدادنا بمعارك الريف ضد المستعمر
http://www.youtube.com/watch?v=Zw65KKpquYk&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=ebQHmIQES2E&feature=related
اغنية قريتي قريتي اشتقت اليك والى بلدي الريف