الجشعمي
28-07-2010, 02:12 PM
الأدب في الحجاز ( نبذة تاريخية)
لقد كان لمكة المكرمة الأسبقية من بين مناطق الحجاز ومدنه في معرفة الطباعة والصحافة منذ بداية القرن الرابع عشر وبالتحديد عام 1300هـ (1883م) حيث أنشأت الحكومة التركية فيها مطبعة رسمية هي (المطبعة الأميرية) وقد أنشأها الشيخ أحمد زيني دحلان، وقد تغير اسم هذه المطبعة بعد دخول الملك عبدالعزيز الحجاز عام 1343هـ فأصبحت تسمى (مطبعة أم القرى)
يقول الدكتور عمر الطيب الساسي في كتابه (الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي) : منذ أن اطمأن الناس وهدأت النفوس وسعدت بتوحيد أقطار هذه البلاد وتثبيت الأمن في ربوعها، اتجه الجميع إلى العمل المثمر، كل في ميدانه، فوحد مجموعة من الأدباء جهودهم، واشتركوا في تجميع الآثار الشعرية والنثرية، وإصدارها في كتاب، فكان ذلك هو أول إصدار أدبي طبع ونشر بعد توحيد هذه البلاد، وحمل ذلك الكتاب عنوان (أدب الحجاز)، وأصدره محمد سرور الصبان في شهر شوال سنة 1344هـ حاملاً آثاراً شعرية ونثرية لمجموعة مؤلفة من خمسة عشر أديباً شاباً آنذاك، ووصفه ناشره، محمد سرور الصبان (رحمه الله) بأنه: " صفحة فكرية من أدب الناشئة الحجازية" ، كما كتب في تقديم الكتاب يقول: " أقدم بين يدي القارئ الكريم صفحة فكرية من أدب الشبيبة الحجازية، شعرها ونثرها لهذا العهد، ولأول مرة في التاريخ الأدبي لهذه البلاد، بعد فترة طويلة، وقرون كثيرة، قضى بها سوء الطالع، أن يكون علم الأدب فيها غريباً، والأدب مبتذلاً " .
ويذكر محمد علي مغربي في كتاب (أعلام الحجاز) " كان الأستاذ أحمد قنديل ينشر شعره في صوت الحجاز بتوقيع (الصوت الحساس) وقد استرعى هذا التوقيع انتباه الأستاذ حمزة شحاتة فسألني إن كنت أعرف هذا الشاعر الذي بدأت بواكيره الطيبة منذ القصائد الأولى التي نشرتها له صوت الحجاز فقلت إنه الأستاذ أحمد قنديل وهو مدرس بمدرسة الفلاح وأعرفه منذ أن كنت تلميذاً بها وكان هو في الفصول الأخيرة ثم أستاذاً بالمدرسة المذكورة، وطلب مني الأستاذ حمزة أن أجمعه بالقنديل بل وأعرفه عليه وكان شحاتة يومها أديباً جهيراً وشخصية مرموقة فاتصلت بالقنديل رحمه الله وأعربت له عن إعجاب الأستاذ حمزة بما ينشره من شعر وضربت له موعداً للاجتماع بالأستاذ حمزة في مربعة الجمجوم وهو مبنى كان يومها خارج مدينة جدة بالعمارية قريباً من مقبرة حواء، كان قد بناه المرحوم الشيخ محمد أنيس جمجوم، وكان هذا المبنى الخلوي الذي يسمى مربعة أشبه ما يكون بنادٍ يجتمع فيه آل جمجوم وأصدقاؤهم عصر كل يوم وصدرا من الليل، وكنت والأستاذ حمزة شحاتة من رواد هذا المجتمع الجمجومي كل أصيل ونحن جميعاً في مطلع الشباب في أوائل الخمسينات من هذا القرن وقد استمرت صلة القنديل بالأستاذ شحاتة منذ ذلك الوقت وإلى أن توفي الأستاذ حمزة شحاتة" .
وقال في موضع آخر: " كنا نجتمع في مكة المكرمة الأستاذ حمزة شحاتة وأحمد قنديل رحمهما الله وأنا وكان الوقت صيفاً وكنا نهرب من حر مكة اللاهب إلى أطراف الشهداء وكان في موضع مكاتب وقراج الشركة العربية للسيارات بالزاهر مقهى لرجل اسمه العم حمزة وكان العمران في مكة ينتهي عند قشلة جرول وكانت الأرض بعدها خلاء وكنا نجيء إلى هذا المقهى ونتسامر صدراً من الليل ونتناول عشاءً خفيفاً ثم يأوي كل منا إلى فراشه الذي كان يحفظ في داخل المقهى والذي يحضره لنا العم حمزة مع ابتداء الظلمة وكنا نتخذ من كراسي المقهى العادية الطويلة سرراً ننام عليها تحت السماء.
وقال أيضاً محمد علي مغربي: إننا نستطيع أن نؤرخ لظهور الأدب الحديث في الحجاز بظهور كتابي (أدب الحجاز) و (المعرض) اللذين أصدرهما المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وهما مجموعة مقالات وقصائد لأدباء الحجاز في ذلك العهد وقد شارك فيهما الأستاذ عواد رحمه الله مشاركة واضحة وكذلك بظهور كتاب (خواطر مصرحة) للأستاذ محمد حسن عواد وهو كتاب مستقل بذاته وجميع هذه الكتب ظهرت في النصف الأول من الأربعينيات وفي أوائل العهد السعودي عام 1345هـ ولقد كان الأدب والشعر في هذه البلاد في حالة ركود تام والأدباء الذين ظهرت بعض آثارهم من قبل كانوا أدباء تقليديين إن صح هذا التعبير فالنثر تضيع معانيه بين ثنايا السجع، والشعر تغلب عليه المحسنات البديعية التي تحفل بالمبالغات والاستحالات، والجو الأدبي يخيم عليه الركود والانحلال.. في هذا الوقت بدأ شباب مكة وجدة ممن تعلموا في مدارس الفلاح خاصة يفتحون عيونهم على ما تحفل به الصحف المصرية من نثر وشعر وما تنتجه المطابع العربية من ثمرات القرائح والأفكار لأدباء العرب في مصر وسوريا ولبنان بل وفي المهجر فقد كانت هناك الرابطة القلمية ولها مجلة تصدر في نيويورك وكانت تنشر آثار الأدباء السوريين واللبنانيين المهاجرين في أمريكا كما تطبع مؤلفاتهم ومن أبرزهم جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وايليا أبو ماضي وغيرهم.
وكانت هذه الصحف وتلك الكتب بما تحتوي عليه من أفكار وما تضمه من آثار تجد صدىً عظيماً في نفوس الشباب المتعطش للعلم والراغب في تجديد الحياة في جميع مجالاتها، فلما أتيح لهؤلاء الفتية من المتعلمين أن يعبروا عن رغباتهم وأفكارهم كان هذا التعبير ممثلا أولاً في الكتابين اللذين أصدرهما المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وهما كتابي (أدب الحجاز) و(المعرض) وفي كتاب الأستاذ محمد حسن عواد (خواطر مصرحة).
لقد كان لمكة المكرمة الأسبقية من بين مناطق الحجاز ومدنه في معرفة الطباعة والصحافة منذ بداية القرن الرابع عشر وبالتحديد عام 1300هـ (1883م) حيث أنشأت الحكومة التركية فيها مطبعة رسمية هي (المطبعة الأميرية) وقد أنشأها الشيخ أحمد زيني دحلان، وقد تغير اسم هذه المطبعة بعد دخول الملك عبدالعزيز الحجاز عام 1343هـ فأصبحت تسمى (مطبعة أم القرى)
يقول الدكتور عمر الطيب الساسي في كتابه (الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي) : منذ أن اطمأن الناس وهدأت النفوس وسعدت بتوحيد أقطار هذه البلاد وتثبيت الأمن في ربوعها، اتجه الجميع إلى العمل المثمر، كل في ميدانه، فوحد مجموعة من الأدباء جهودهم، واشتركوا في تجميع الآثار الشعرية والنثرية، وإصدارها في كتاب، فكان ذلك هو أول إصدار أدبي طبع ونشر بعد توحيد هذه البلاد، وحمل ذلك الكتاب عنوان (أدب الحجاز)، وأصدره محمد سرور الصبان في شهر شوال سنة 1344هـ حاملاً آثاراً شعرية ونثرية لمجموعة مؤلفة من خمسة عشر أديباً شاباً آنذاك، ووصفه ناشره، محمد سرور الصبان (رحمه الله) بأنه: " صفحة فكرية من أدب الناشئة الحجازية" ، كما كتب في تقديم الكتاب يقول: " أقدم بين يدي القارئ الكريم صفحة فكرية من أدب الشبيبة الحجازية، شعرها ونثرها لهذا العهد، ولأول مرة في التاريخ الأدبي لهذه البلاد، بعد فترة طويلة، وقرون كثيرة، قضى بها سوء الطالع، أن يكون علم الأدب فيها غريباً، والأدب مبتذلاً " .
ويذكر محمد علي مغربي في كتاب (أعلام الحجاز) " كان الأستاذ أحمد قنديل ينشر شعره في صوت الحجاز بتوقيع (الصوت الحساس) وقد استرعى هذا التوقيع انتباه الأستاذ حمزة شحاتة فسألني إن كنت أعرف هذا الشاعر الذي بدأت بواكيره الطيبة منذ القصائد الأولى التي نشرتها له صوت الحجاز فقلت إنه الأستاذ أحمد قنديل وهو مدرس بمدرسة الفلاح وأعرفه منذ أن كنت تلميذاً بها وكان هو في الفصول الأخيرة ثم أستاذاً بالمدرسة المذكورة، وطلب مني الأستاذ حمزة أن أجمعه بالقنديل بل وأعرفه عليه وكان شحاتة يومها أديباً جهيراً وشخصية مرموقة فاتصلت بالقنديل رحمه الله وأعربت له عن إعجاب الأستاذ حمزة بما ينشره من شعر وضربت له موعداً للاجتماع بالأستاذ حمزة في مربعة الجمجوم وهو مبنى كان يومها خارج مدينة جدة بالعمارية قريباً من مقبرة حواء، كان قد بناه المرحوم الشيخ محمد أنيس جمجوم، وكان هذا المبنى الخلوي الذي يسمى مربعة أشبه ما يكون بنادٍ يجتمع فيه آل جمجوم وأصدقاؤهم عصر كل يوم وصدرا من الليل، وكنت والأستاذ حمزة شحاتة من رواد هذا المجتمع الجمجومي كل أصيل ونحن جميعاً في مطلع الشباب في أوائل الخمسينات من هذا القرن وقد استمرت صلة القنديل بالأستاذ شحاتة منذ ذلك الوقت وإلى أن توفي الأستاذ حمزة شحاتة" .
وقال في موضع آخر: " كنا نجتمع في مكة المكرمة الأستاذ حمزة شحاتة وأحمد قنديل رحمهما الله وأنا وكان الوقت صيفاً وكنا نهرب من حر مكة اللاهب إلى أطراف الشهداء وكان في موضع مكاتب وقراج الشركة العربية للسيارات بالزاهر مقهى لرجل اسمه العم حمزة وكان العمران في مكة ينتهي عند قشلة جرول وكانت الأرض بعدها خلاء وكنا نجيء إلى هذا المقهى ونتسامر صدراً من الليل ونتناول عشاءً خفيفاً ثم يأوي كل منا إلى فراشه الذي كان يحفظ في داخل المقهى والذي يحضره لنا العم حمزة مع ابتداء الظلمة وكنا نتخذ من كراسي المقهى العادية الطويلة سرراً ننام عليها تحت السماء.
وقال أيضاً محمد علي مغربي: إننا نستطيع أن نؤرخ لظهور الأدب الحديث في الحجاز بظهور كتابي (أدب الحجاز) و (المعرض) اللذين أصدرهما المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وهما مجموعة مقالات وقصائد لأدباء الحجاز في ذلك العهد وقد شارك فيهما الأستاذ عواد رحمه الله مشاركة واضحة وكذلك بظهور كتاب (خواطر مصرحة) للأستاذ محمد حسن عواد وهو كتاب مستقل بذاته وجميع هذه الكتب ظهرت في النصف الأول من الأربعينيات وفي أوائل العهد السعودي عام 1345هـ ولقد كان الأدب والشعر في هذه البلاد في حالة ركود تام والأدباء الذين ظهرت بعض آثارهم من قبل كانوا أدباء تقليديين إن صح هذا التعبير فالنثر تضيع معانيه بين ثنايا السجع، والشعر تغلب عليه المحسنات البديعية التي تحفل بالمبالغات والاستحالات، والجو الأدبي يخيم عليه الركود والانحلال.. في هذا الوقت بدأ شباب مكة وجدة ممن تعلموا في مدارس الفلاح خاصة يفتحون عيونهم على ما تحفل به الصحف المصرية من نثر وشعر وما تنتجه المطابع العربية من ثمرات القرائح والأفكار لأدباء العرب في مصر وسوريا ولبنان بل وفي المهجر فقد كانت هناك الرابطة القلمية ولها مجلة تصدر في نيويورك وكانت تنشر آثار الأدباء السوريين واللبنانيين المهاجرين في أمريكا كما تطبع مؤلفاتهم ومن أبرزهم جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وايليا أبو ماضي وغيرهم.
وكانت هذه الصحف وتلك الكتب بما تحتوي عليه من أفكار وما تضمه من آثار تجد صدىً عظيماً في نفوس الشباب المتعطش للعلم والراغب في تجديد الحياة في جميع مجالاتها، فلما أتيح لهؤلاء الفتية من المتعلمين أن يعبروا عن رغباتهم وأفكارهم كان هذا التعبير ممثلا أولاً في الكتابين اللذين أصدرهما المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وهما كتابي (أدب الحجاز) و(المعرض) وفي كتاب الأستاذ محمد حسن عواد (خواطر مصرحة).