مشاهدة النسخة كاملة : التفكير في زمن التكفير


الجشعمي
22-07-2010, 09:31 PM
http://i43.tinypic.com/2qmoy37.jpg

لا يسعني الآن إلا أن أذكر الناس بكلمات

قالها سقراط منذ ألفين وأربعمائة عام ،أتذكر كلمات سقراط

وهم يرغمونه علي تجرع السم فيقبل راضياً ليعطيهم آخر دروسه في الحكمة

والتواضع معاً

وليثبت أن كارثة الشعوب الميتة هي في ضيقها بالآراء المتنوعة


***********

ورب قائل يقول :"أما تخجل يا سقراط من أنك قد سلكت في الحياة مسلكا

يعرضك للخطر الحكم بإعدامك؟!"، ويحق لي أن أجيبه قائلا :"إنك لعلى خطأ

أيها الصديق عندما تظن أن رجلا من ذوي الشأن يجب أن ينفق وقته في تدبر

احتمالات الحياة والموت بدلا من أن ينفقه فيما ينبغي، وهو التأكد من أن ما

يفعله حق أو باطل، وما إذا كان يتصرف تصرف الرجل الفاضل أم الرجل

الشرير.

ما أمتاز به عن معظم الآخرين وإذا كان لي أن أدعي أنني أسمى معرفة من أي

فرد، فإنما يأتي ذلك من أنني لما كنت لا أعرف معرفة كافية ما يحدث في

العالم الآخر فإنني لا أتوهم أنني أعرف، وإنما أعرف على العكس أنه من

الإثم والعار أن نرتكب الشر، وأن نعصي من هو خير منا إنسانا كان أم إلها.

ومن ثم فإنني لا يمكن أن أوافق على شر أعرف أنه شر، خوفا من شيء أجهل

أنه خير أو شر وأريد أن أتجنبه.

وإنني لأرى أن المدينة لم يصبها قط خير أعظم من حماستي في تنفيذ هذا

الأمر.

إن مهمتي الوحيدة في الواقع هي أن أجول في الطرقات لأحثكم شيبا وشبابا

على ألا تتحمسوا للعناية بأحسابكم وثرواتكم بقدر ما تتحمسون للعناية

بأرواحكم لتصلوا بها إلى أقصى ما تستطيعون من خير.

نعم، إن مهمتي هي أن أقول لكم إن الثروة لا تصنع الفضيلة، بل أن الثروة

تأتي من الفضيلة كما يأتي كل ما هو خير للأفراد وللدولة.

وإذا كان هذا الحديث هو الذي أفسد به الشباب فلابد أن يكون حديثا ضارا.

وأما أن يدعي أحد أن هذا ليس هو حديثي للشباب فإنه عندئذ لا يكون إلا إفكا.

والآن أيها الأثينيون لا تقاطعوني واستمروا فيما طلبت إليكم من الامتناع عن

الضجيج مهما يكن قولي، ولتتفضلوا بالإصغاء إلي، وإني لمعتقد أنكم ستجدون

نفعا فيما تسمعون.

ولا ريب أن بعض ما سأقوله قد يثير لديكم رغبة في الاعتراض ولكني أرجوكم ألا تفعلوا.

وإني لأعلن أنكم إذا حكمتم علي بالموت وحقيقتي هي ما أوضحت لكم، فإنكم لا

تسيئون بذلك إلي بقدر ما تسيئون إلى أنفسكم.

وعندي أن ميليتوس وأنيتوس لا يستطيعان أن يسيئا إلي أدنى إساءة

وكيف يستطيعان؟

نعم إنه من الممكن لمدع أن يحصل على حكم بإعدامي، أو نفيي، أو حرماني

من حقوقي المدنية، وربما ظن هو أو غيره أن مثل هذه العقوبات كوارث

فادحة، ولكنني لا أرى هذا الرأي. وعندي أن ما يفعله الآن من محاولة إدانة

شخص بغير حق يعد أسوأ من كل تلك العقوبات، ولهذا فإنني الآن لا أدافع عن

نفسي كما قد يظن.. أبدا وإنما أدافع عنكم أنتم، وذلك لأنني أخشى

إذا أدنتموني، أن تصبحوا آثمين لأنكم لم تقدروا ما أعطاكم الله التقدير الواجب.


خصصت نفسي لخدمة كل منكم على حدة حتى أقدم له ما أعتقد أنه أعظم خير
ممكن.

وهو أن أحاول إقناعه بأن يعتني بما يملك أقل من اعتنائه بشخصه لكي يصبح

أسمى ما يستطيع امتيازا وتعقلا، وأن يفكر في أمور المدينة أقل مما يفكر في

المدينة ذاتها، وعلى الجملة يطبق على كل شيء هذه المبادئ نفسها.

وإني لأتساءل :ماذا أستحق بسبب هذا السلوك؟ أستحق أيها الأثينيون معاملة

طيبة إذا أردنا أن نكون عادلين، وأنا أجدر الناس بحسن المعاملة.

ولما كنت متأكدا من أنني لم أسئ إلى أحد، فإنني لا أريد قط أن أسيء إلى

نفسي، ولذلك لا يمكن أعلن أن من العدل أن يساء إلي، ولن أقترح أن يوقع

علي العقاب.

ومع ذلك ما الذي أخشاه؟

أن يحل بي ما اقترحه ميليتوس... ولكنني أخبرتكم منذ لحظات أنني لا أدري

أهذا الذي يقترحه خير أم شر، فهل علي إذا أن أفضل ما أعرف أنه شر وأن

أدين به نفسي؟ السجن؟ ولماذا أعيش في السجن عبدا لأولئك الذين سيتناوبون

على حراستي، عبدا للحراس الأحد عشر؟... غرامة يشترط معها أن ظل

حبيسا حتى أن دفعها، وبذلك يستوي الأمر، لأنني كما سبق أن قلت لا أملك

وسائل الدفع. فهل أقترح النفي إذا؟ ربما قبلتم ولكن لابد أن أكون حتما شديد

الولع بالحياة إذا منعني النزق من أن أقرر أنه إذا كنتم، وأنتم مواطني، لم

تستطيعوا أن تحتملوا أحاديثي وأقوالي التي ضايقتكم وأثارتكم إلى حد أن

أخذتم الآن تسعون للتخلص منها، فهل من الممكن أن يتحملها الآخرون في

سهولة؟... هذا أمر بعيد أيها الأثينيون، يالها من حياة رائعة بالنسبة لرجل في

سني، تلك التي أرحل فيها عن بلدي وأنتقل من مدينة إلى أخرى وأطرد من كل

مكان.. ذلك لأنني على ثقة من أن الشبان سيخفون للاستماع إلي في أي بلد

أذهب إليه كما يفعلون هنا. فإذا أقصيتهم، فإنهم هم الذين سيطردونني بعد إقناع

مواطنيهم الأكبر سنا

وإذا لم أقصهم فإن آبائهم وأقاربهم هم الذين سيطردونني بسببهم.

وهكذا أيها الأثينيون يؤدي بكم نفاذ الصبر إلى تمكين الذين يريدون تشويه

سمعة مدينتنا من أن يتهموكم وأن يسيئوا إلى سمعتكم

لأنكم أعدمتم "سقراط" المشهور بحكمته، فسيقولون إنني كنت حكيما ولو لم

أكن كذلك،مدفوعين في هذا القول بلذة الإساءة إليكم مع أنه ليس عليكم أن

تنتظروا طويلا، فإن طبيعة الأمور كفيلة أن تحقق ما تريدون، فأنتم ترون

سني التي تقدمت بي حتى اقتربت من النهاية.

إن ما أقوله الآن، لا أوجهه إليكم جميعا

بل إلى أولئك الذين قضوا بإعدامي فحسب.


ومع ذلك فأنا لا أطلب منكم إلا شيئا واحدا، أيها الأثينيون، وهو أن تعاقبوا

أبنائي عندما يكبرون بتأنيبهم كما كنت أؤنبكم إذا لاح لكم أنهم يهتمون أقل

اهتمام بالمال أو بأي شيء آخر أكثر من اهتمامهم بالفضيلة، وإذا ادعوا فضلا

لا يملكونه، أنبوهم كما كنت أؤنبكم وآخذوهم بإهمال ما هو جوهري وبانتحال

فضيلة لا يملكونها، إنكم _لو فعلتم ذلك_ كنتم منصفين لي ولأبنائي.

http://i40.tinypic.com/wv5obl.jpg


برئوني أو لا تبرئوني ولكن تأكدوا أنني

لن أغير قط من مسلكي ولو تعرضت ألف مرة للموت.

ملكة الليل
23-07-2010, 04:20 PM
شكرا لك اخي على ما نقلت لنا


كن بخير

الــزعــيــم
23-07-2010, 04:47 PM
مشكوووور على النقل

سقراط فيلسوف زمانه ولكل زمان فيلسوفه

الله يعطيك العافية

تقبل تحياااااااااااااتي الخااااااااااااااصة

الجشعمي
23-07-2010, 06:11 PM
مشكوووور على النقل

سقراط فيلسوف زمانه ولكل زمان فيلسوفه

الله يعطيك العافية

تقبل تحياااااااااااااتي الخااااااااااااااصة
الف شكر على مروركم الرائع تقبلو مني فائق التقدير

الجشعمي
23-07-2010, 06:12 PM
شكرا لك اخي على ما نقلت لنا


كن بخير
الشكر والتقدير لكم على مروركم لكم كل الود