الجشعمي
27-12-2009, 02:08 PM
خالد بن سعيد
رضي الله عنه
" لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه "
خالد بن سعيد
*****()()()*****
هو خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، والده زعيم في
قريش ، كان شابا هادىء السمت ، ذكي الصمت ، منذ بدأ أخبار الدين الجديد كان
النور يسري إلى قلبه ، وكتم ما في نفسه خوفا من والده الذي لن يتوانى لحظة عن
تقديمه قربانا لآلهة عبد مناف000
اسلامه
ذات ليلة رأى خالد بن سعيد في منامه أنه واقف على شفير نار عظيمة ، وأبوه من ورائه يدفعه نحوها بكلتا يديه ، ويريد أن يطرحه فيها ، ثم رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل عليه ، ويجذبه بيمينه المباركة من إزاره فيأخذه بعيدا عن النار واللهب000ويصحو من نومه فيسارع إلى دار أبي بكر ويقص عليه رؤياه ، فيقول أبو بكر له :( إنه الخير أريد لك ، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاتبعه ، فإن الإسلام حاجزك عن النار )000
وينطلق خالد إلى رسول الله فيسأله عن دعوته ، فيجيب الرسول الكريم :( تؤمن بالله وحده لا تشرك به شيئا ، وتؤمن بمحمد عبده ورسوله ، وتخلع عبادة الأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولاتضر ولا تنفع )000ويبسط خالد يمينه فتتلقاها يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حفاوة ويقول خالد :( إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله )000وهكذا أصبح من الخمسة الأوائل في الإسلام000
والده والعذاب
وحين علم والده (سعيد) بإسلامه دعاه وقال له :( أصحيح إنك اتبعت محمدا وأنت تسمعه يعيب آلهتنا ؟)000 قال خالد :( إنه والله لصادق ، ولقد آمنت به واتبعته )000هنالك انهال عليه أبوه ضربا ، ثم زج به في غرفة مظلمة من داره ، حيث صار حبيسها ، ثم راح يضنيه ويرهقه جوعا وظمأ ، وخالد يصرخ من وراء الباب :( والله إنه لصادق ، وإني به لمؤمن )000
وأخرجه والده الى رمضاء مكة ، ود سه بين حجارتها الملتهبة ثلاثة أيام لا يواريه فيها ظل ، ولا يبلل شفتيه قطرة ماء ، ثم يئس والده فأعاده الى داره وراح يغريه ويرهبه وخالد صامد يقول لأبيه :( لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه )000وصاح سعيد :( إذن فاذهب عني يا لُكَع ، فواللات لأمنعنك القوت )000فأجاب خالد :( والله خير الرازقين )000 وغادر خالد الدار ، وراح يقهر العذاب بالتضحية ، ويتفوق على الحرمان بالإيمان000
جهاده مع الرسول
كان خالد بن سعيد من المهاجرين الى الحبشة في الهجرة الثانية ، وعاد مع إخوانه الى المدينة سنة سبع فوجدوا المسلمين قد انتهوا للتو من فتح خيبر ، وأقام -رضي الله عنه- في المدينة لايتأخر عن أي غزوة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ويحضر جميع المشاهد ، وقد جعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته واليا على اليمن000
خلافة أبوبكر
لما وصل نبأ وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لخالد في اليمن عاد من فوره الى المدينة ، وعلى الرغم من معرفته لفضل أبي بكر إلا أنه كان من الجماعة التي ترى أحقية بني هاشم في الخلافة ووقف الى جانب علي بن أبي طالب ولم يبايع أبا بكر ، ولم يكرهه أبوبكر على ذلك ، وإنما بقي على حبه وتقديره له ، حتى جاء اليوم الذي غير فيه خالد رأيه فشق الصفوف في المسجد وأبو بكر على المنبر ، فبايعه بيعة صادقة000
عزله عن الإمارة
يُسير أبو بكر الجيوش للشام ، ويعقد ل( خالد بن سعيد ) لواء ، فيصير أحد أمراء الجيوش ، إلا أن عمر بن الخطاب يعترض على ذلك ويلح على الخليفة حتى يغير ذلك ، ويبلغ النبأ خالدا فيقول :( والله ما سرتنا ولايتكم ، ولا ساءنا عزلكم )000ويخف الصديق -رضي الله عنه- الى دار خالد معتذرا له مفسرا له هذا التغيير ، ويخيره مع من يكون من القادة : مع عمرو بن العاص ابن عمه أو مع شرحبيل بن حسنة ، فيجيب خالد :( ابن عمي أحب الي في قرابته ، وشرحبيل أحب الي في دينه )000
ثم يختار كتيبة شرحبيل ، ودعا أبو بكر -رضي الله عنه- شرحبيل وقال له :( انظر خالد بن سعيد ، فاعرف له من الحق عليك ، مثل ما كنت تحب أن يعرف من الحق لك ، لو كنت مكانه ، وكان مكانك000انك لتعرف مكانته في الإسلام ، وتعلم أن رسول الله توفى وهو له وال ، ولقد كنت ولّيته ثم رأيت غير ذلك ، وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه ، فما أغبط أحدا بالإمارة000وقد خيرته في أمراء الأجناد فاختارك على ابن عمه ، فاذا نزل بك أمر تحتاج فيه الى رأي التقي الناصح ، فليكن أول من تبدأ به : أبوعبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ولْيَكُ خالد بن سعيد ثالثا ، فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا ، وإياك واستبداد الرأي دونهم ، أو إخفاءه عنهم )000
استشهاده
وفي معركة ( مرج الصُفَر ) حيث المعارك تدور بين المسلمين والروم ، كان خالد بن سعيد في مقدمة الذين وقع أجرهم على الله ، شهيد جليل ، ورآه المسلمون مع الشهداء فقالوا :( اللهم ارض عن خالد بن سعيد )000
*****()()()*****
عمرو بن سعيد بن العاص
رضي الله عنه
لا تَفِـرّوا فإنّ اللـه يراكـم "
" ومَنْ رآه فارّاً عن نصرِ دينهِ مَقَتَهُ
عمرو بن سعيد
*****()()()*****
عمرو بن سعيد بن العاص القرشي الأموي صحابي جليل أسلم قديماً
وهاجر الهجرتين إلى الحبشة هو وأخوه خالد بن سعيـد بن العاص
ثم هاجر إلى المدينة000
فضله
عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت :( قدم علينا عمّي عمرو بن سعيد أرض الحبشة بعد مقدم أبي بيسير ، فلم يزل هنالك حتى حُمل في السفينتين مع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وقدموا عليه وهو بخيبر سنة سبع من الهجرة ، فشهد عمرو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الفتحَ وحُنيناً والطائف وتبوك ، فلمّا خرج المسلمون إلى الشام كان فيمن خرج ، فقُتِلَ يوم أجنادين شهيداً )000
واستعمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن سعيد على قرى عربية منها تبوك وخيبر وفَدَك000
الحَلْقَةُ
قَدِمَ عمرو بن سعيد مع أخيه على النبي -صلى الله عليه وسلم- فنظر إلى حَلْقةٍ في يده فقال :( ما هذه الحَلْقَةُ في يدك ؟)000فقال :( هذه صنعتُها يا رسول الله )000قال :( فما نَقْشُها ؟)000قال :( محمد رسول الله )000قال :( أرِنيهْ )000فتختَّمَهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونهى أن ينقش أحد عليه ، و مات -صلى الله عليه وسلم- وهو في يده ، ثم أخذه أبو بكر بعد ذلك فكان في يده ، ثم أخذه عمر ، فكان في يده عامّة خلافته حتى سقط منه في بئر أريس000
وفاة رسول الله
كان خالد على اليمن وأبان على البحرين وعمرو على سواد خيبر ، فلمّا بلغتهم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجعوا عن أعمالهم ، فقال لهم أبو بكر :( ما أحدٌ أحقّ بالعمل منكم )000فأبوا عليه فخرجوا إلى الشام فاتحين مجاهدين فقتلوا بها جميعاً000
أجنادين
وعن عبد الله بن قُرط الثُّمالي أنه قال : مررتُ يوم أجنادين بعمرو بن سعيد ، ومعه رجالٌ من المسلمين سبعة أو ثمانية ، وهو بارزوا أيديهم نحو العدو ويقول000
قال تعالى :"( يا أيُّها الذينَ آمنوا إذا لقيتُمُ الذينَ كفروا زَحفاً فلا تُوَلُّهُمُ الأدْبارَ )"000 الأنفال ( 15 )000
حتى فرغ من الآية فقال :( ولكن الجنة نِعْمَ المصير ، ولمن ؟ هي والله لمن يشتري نفسه لله ، وقاتل في سبيل الله )000ونادى :( يا أهل الإسلام أنا عمرو بن سعيد بن العاص ، لا تَفِرّوا فإنّ الله يراكم ، ومَنْ رآه فارّاً عن نصرِ دينهِ مَقَتَهُ ، فاستحيوا من ربِّكم أن يراكم تُطيعون أبغضَ خَلْقه إليه -الشيطان الرجيم- وتعصونه وهو أرحم الراحمين )000
قال عبدالله بن قَرْط :( ودَنَا القومُ من الروم فحملوا حملةً منكرة فرّقت بيني وبين أصحابي ، فانتهيتُ إلى عمرو بن سعيد ، فقلتُ في نفسي :( ما أنا بواجدٍ اليوم في هذا العسكر رجلاً أقدمَ صحبةً ولا أقربَ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرابةً من هذا الرجل)000فدنوتُ منه ومعي رمحي ، وقد أحاطت به من العدو جماعةٌ ، فحملتُ عليهم فأصرع منهم واحداً ، ثم أقبلتُ إليه وأقف معه ، ثم قلتُ له :( يا ابن أبي أحيحة أتعرفني ؟)000قال :( نعم ، ألستَ أخا ثقيف ؟)000فقلتُ له :( لِمَ تبعد من الإخوان والجيران والحُلفاء ؟ أنا أخو ثُمالة ، أنا عبدالله بن قَرْط ؟!)000قال :( مرحباً بك أنتَ أخي في الإسلام وأقرب نسباً ، والله لئن استشهدتُ لأشفعنَّ لك )000
قال : فنظرتُ فإذا هو مضروب على حاجبه بالسيف ، وإذا الدماء قد ملأت عينيه ، وإذا هو لا يستطيع أن يفتح عينيه من الدم ، فقلتُ :( أبشر بخيرٍ فإنّ الله معافيك من هذه الضربة ، ومُنزّل النَّصْر على المسلمين )000
قال :( أمّا النصر على أهل الإسلام فأنزله الله فعجَّلَ ، وأمّا أنا فجعل الله لي هذه الضربة شهادةً وأهدى إليّ بأخرى مثلها ، فوالله ماأحبُّ أنّها بعرض أبي قُبيس -أي الجبل المقابل لباب الكعبة المشرفة- والله لولا أن قتلي يكسر بعضَ من ترى حولي لأقدمتُ على هذا العدو حتى ترى -يا ابن أخي- إن ثواب الشهادة عظيم ، وإنّ الدنيا دارٌ لا نسلم فيها )000
الشهادة
قال عبدالله :( فما كان بأسرع أن شدّت علينا منهم جماعة ، فمشى إليهم بسيفه فضَارَبَهم ساعةً ، وانكشف الكفار ، فشددنا عليهم فصرعنا منهم ثلاثةً ، وإذا نحن بصاحبنا صريع ، وقد قُتِلَ وبه أكثر من ثلاثين ضربة ، ممّا رأوا من شدّة قتاله إيّاهم ، فحنقوا عليه ، فأخذوه يجزّعونه بأسيافهم -أي يقطعونه بها-)000 وكانت وقعة أجنادين في جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة000
*****()()()*****
عثمان بن أبي العاص
رضي الله عنه
يا رسول الله إني قد رأيتُ هذا الغلام منهم من "
" أحرصهم على التفقهِ في الإسلام وتعلّم القرآن
أبو بكر الصديق
*****()()()*****
عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفيّ الطائفيّ ، قدِمَ مع وفد ثقيف سنة تسع
على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكان أصغرهم سنّاً ، فأسلموا وأمّرَهُ
عليهم ، ثم أمّـره أبو بكر على الطائـف ، واستعمله عمر على عُـمان و
البحرين ، ثم قـدّمه على جيـش فافتتـح ( توّج ) بفارس سنة 21 هـ
ومصّرها ، ثم سكن البصرة000
وفد ثقيف
عن عثمان بن أبي العاص قال : قدمت في وفد ثقيف حين قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلمّا حللنا بباب النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا :( من يمسك لنا رَوَاحِلَنَا ؟)000فكل القوم أحب الدخول على النبي -صلى الله عليه وسلم- وكره التخلف عنه000
قال عثمان : وكنت أصغرهم فقلت :( إنْ شئتم أمسكتُ لكم على أن لي عليكم عهد الله لتمسكنّ لي إذا خرجتم )000قالوا :( فذلك لك )000فدخلوا عليه ، ثم خرجوا فقالوا :( انطلق بنا )000قلتُ :( أين ؟)000قالوا :( إلى أهلك )000فقلتُ :( ضربتُ من أهلي حتى إذا حللتُ بباب النبي -صلى الله عليه وسلم- أرجع ولا أدخل عليه ؟! وقد أعطيتموني ما قد علمتم !)000
قالوا :( فأعجل فإنا قد كفيناك المسألة ، لم ندع شيئاً إلا سألناه عنه )000فدخلتُ فقلتُ :( يا رسول الله ، ادعُ الله لي أن يفقهني في الدّين ويعلمني )000قال :( ماذا قلت ؟)000فأعدتُ عليه القول ، فقال :( لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحدٌ من أصحابك ، فأنت أميرٌ عليهم وعلى من يَقْدِمُ عليه من قومِكَ )000
ولمّا أسلم القوم ، وأرادوا الرجوع إلى قومهم ، قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- على المنبر وبيده كتابٌ قاضاهم عليه ، فقال :( لأعطينَّ هذا الكتاب رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، قُمْ يا عثمان بن أبي العاص )000فقام عثمان بن أبي العاص ، فدفعه إليه000
أمير الطائف
قال عثمان بن أبي العاص :( استعملني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الطائف ، فكان آخر ما عهد إليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ قال :( خفّفْ عن الناس الصلاة -حتى وقف أو وقت- ثم اقرَأ باسم ربّك الذي خلق ، وأشباهها من القرآن )000فلم يزل عثمان بن أبي العاص على الطائف حتى قُبِضَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وخلافة أبي بكر الصديق ، وخلافة عمر بن الخطاب ، وعثمان بن أبي العاص هو الذي منع أهل الطائف من الردّة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأطاعوه000
حتى إذا أراد عمر أن يستعمل على البحرين فسمّوا له عثمان بن أبي العاص ، فقال :( ذلك أميرٌ أمّرهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الطائف فلا أعزله )000قالوا له :( يا أميـر المؤمنيـن تأمره يستخلف على عمله من أحبّ ، وتستعين به فكأنّك لم تعزله )000فقال :( أمّا هذا فنعم )000فكتب إليه :( أن خلّف على عملك من أحببتَ وأقْدِمْ عليّ )000فخلّف أخاه الحكم بن أبي العاص على الطائف ، وقدم على عمر بن الخطاب ، فولاه البحرين000
توّج
استعمل عمر بن الخطاب عثمان بن أبي العاص سنة ( 15هـ ) على عُمان والبحرين ، وسار إلى ( توج ) فافتتحها ، ومصّرَها ، وقتل ملكها ( شهرك ) سنة ( 21هـ ) وكان يغزو سنوات في خلافة عمر وعثمان ، يغزو صيفاً ويشتو بتوج000
شط عثمان
ولمّا عُزِلَ عثمان عن البحرين نزل البصرة هو وأهل بيته ، وشرفوا بها ، والموضع الذي بالبصرة يُقال له شط عثمان إليه ينسب000
البطل المقدام
وكان عُثمان بن أبي العاص بطلاً مقداماً ، كان قد شدّ في الجاهلية على عمرو بن معد يكرب ، فهرب عمرو فقال عثمان000
لَعَمْرُكَ لولا الليلُ قامتْ مآتم ***** حَواضِرُ يخمنَ الوجوه على عمرو
فأفْلتنَـا فَوْتَ الأسنّـة بعدما ***** رأى الموتَ والخطى أقربَ من شبر
العشّار
ومرّ عثمان بن أبي العاص بكلاب بن أميّة بن الأسكر ، وهو بالأبلّة - بلدة بجانب البصرة - فقال :( ما يحبسـك هاهنـا ؟)000قال :( على هذه القرية )000قال عثمان :( أعشّارٌ ؟)000 قال :( نعم )000قال :( إنّي سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :( إذا انتصف الليل أمر الله تعالى منادياً ينادي :( هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من داعٍ فأجيبه ؟ هل من سائل فأعطيه ؟)000فما تردّ دعوةُ داعٍ إلا ..... بفرجها أو عشّار )000
الوفاة
توفي عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- سنة ( 51 هـ )000
*****()()()*****
ثابت بن قيس
خطيب رسول الله
انك لست منهم000بل تعيش حميدا000وتقتل شهيدا000"
ويدخلك الله الجنة"000
حديث شريف
*****()()()*****
الخوف
لمّا نزلت الآية الكريمة :( ان الله لا يحب كل مختال فخور )000
أغلق ثابت باب داره وجلس يبكي000وطال مكثه على هذه الحال ، حتى دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وسأله عن حاله ، فقال ثابت :( يا رسول الله ، اني أحب الثوب الجميل ، والنعل الجميل وقد خشيـت أن أكون بهذا من المختاليـن )000فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يضحك راضيا :( انك لست منهم00بل تعيش بخير00وتموت بخير00وتدخل الجنة )000
ولما نزل قول الله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي000ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )000
أغلق ثابت -رضي الله عنه-عليه داره ، وطفق يبكي ، وافتقده الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسأل عنه ، ثم أرسل من يدعوه ، وجاء ثابت ،وسأله النبي عن سبب غيابه ، فأجابه :( اني امرؤ جهير الصوت ، وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسول الله ، واذن فقد حبط عملي ، وأنا من أهل النار )000وأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( انك لست منهم000بل تعيش حميدا000وتقتل شهيدا000ويدخلك الله الجنة) 000فقال :( رضيتُ ببُشرى الله ورسوله ، لا أرفعُ صوتي أبداً على رسول الله )000فنزلت الآية الكريمة :(000
قال تعالى :( إنَّ الذينَ يغُضُّونَ أصواتَهُمْ عند رسولِ الله أولئِكَ الذَّينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلوبَهُم للتَّقْوَى ، لهم مَّغْفِرةٌ وِأجْرٌ عَظِيمٌ )000
خطيب الإسلام
كان ثابت -رضي الله عنه- خطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والاسلام ، وكانت الكلمات تخرج من فمه قوية ، صادعة جامعة رائعة ، ففي عام الوفود أذن له الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يجيب على خطيب وفد ( بني تميم )000
فبعض مما قال ثابت :( الحمد لله ، الذي السماوات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ، ووسع كرسيه علمه، ولم يك شيء قط الا من فضله000ثم كان من قدرته أن جعلنا أئمة ، واصطفى من خير خلقه رسولا ، أكرمهم نسبا ، وأصدقهم حديث وأفضلهم حسبا فأنزل عليه كتابه ، وائتمنه على خلقه ، فكان خيرة الله من العالمين 000 ثم كنا - نحن الأنصار - أول الخلق اجابة 000 فنحن أنصار الله ، ووزراء رسوله )000
جهاده
شهد ثابت -رضي الله عنه- مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- غزوة أحد والمشاهد بعدها ، ولم يشهد بدراً ، وشهد بيعة الرضوان ، وكانت فدائيته من طراز فريد000
في حروب الردة ، كان في الطليعة دائما ، يحمل راية الأنصار ، ويضرب بسيف لا يكبو000 وفي موقعة اليمامة ، رأى ثابت -رضي الله عنه- وقع الهجوم الذي شنه جيش مسيلمة الكذاب على المسلمين أول المعركة فصاح بصوته :( والله ، ما هكذا كنا نقاتل مع رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- )000 ثم ذهب غير بعيد ، وعاد وقد تحنط ، ولبس أكفانه ، وصاح مرة أخرى :( اللهم اني أبرأ اليك مما جاء به هؤلاء -يعني جيش مسيلمة- وأعتذر اليك مما صنع هؤلاء )000يعني تراخي المسلمين في القتال 000 وانضم اليه سالم مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يحمل راية المهاجرين ، وحفر الاثنان لنفسيهما حفرة عميقة ثم نزلا فيها قائمين ، وأهالا الرمال عليها حتى غطت وسط كل منهما 000
الشهادة
وهكذا وقفا طودين شامخين ، نصف كل منهما غائص في الرمال مثبت في أعماق الحفرة ، في حين نصفهما الأعلى -صدرهما وجبهتهما وذراعاهما- يستقبلان جيوش الوثنية والكذب ، وراحا يضربان بسيفيهما كل من يقترب منهما من جيش مسيلمة حتى استشهدا في مكانهما ، وكان مشهدهما -رضي الله عنهما- هذا أعظم صيحة أسهمت في رد المسلمين الى مواقعهم ، حيث جعلوا من جيش مسيلمة ترابا تطؤه الأقدام000
الوصية
ويروى أنه بعد استشهاد ثابت -رضي الله عنه- مر به أحد المسلمين حديثي العهد بالاسلام ، فأخذ درعه الثمين ظنا منه أنها من حقه000وبينما أحد المسلمين نائم أتاه ثابت -رضي الله عنه- في منامه ، فقال له :( أوصيك بوصية ، فاياك أن تقول هذا حلم فتضيعه ، اني لما استشهدت بالأمس ، مر بي رجل من المسلمين ، فأخذ درعي وان منزله في أقصى الناس ، وفرسه يُستَن في طوله ، وقد كفأ على الدرع بُرمه ، وفوق البُرمه رَحْلاً ، فأت خالدا ، فمره أن يبعث فيأخذها ، فاذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله أبي بكر ، فقل له : ان علي من الدين كذا وكذا ، فليقم بسداده )000فلما استيقظ الرجل من نومه ، أتى خالد بن الوليد ، فقص عليه رؤياه ، فأرسل خالد من يأتي بالدرع ، فوجدها كما وصف ثابت ، ولما رجع المسلمون الى المدينة ، قص المسلم على الخليفة الرؤيا ، فأنجز وصية ثابت -رضي الله عنه-!!000
رضي الله عنه
" لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه "
خالد بن سعيد
*****()()()*****
هو خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، والده زعيم في
قريش ، كان شابا هادىء السمت ، ذكي الصمت ، منذ بدأ أخبار الدين الجديد كان
النور يسري إلى قلبه ، وكتم ما في نفسه خوفا من والده الذي لن يتوانى لحظة عن
تقديمه قربانا لآلهة عبد مناف000
اسلامه
ذات ليلة رأى خالد بن سعيد في منامه أنه واقف على شفير نار عظيمة ، وأبوه من ورائه يدفعه نحوها بكلتا يديه ، ويريد أن يطرحه فيها ، ثم رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل عليه ، ويجذبه بيمينه المباركة من إزاره فيأخذه بعيدا عن النار واللهب000ويصحو من نومه فيسارع إلى دار أبي بكر ويقص عليه رؤياه ، فيقول أبو بكر له :( إنه الخير أريد لك ، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاتبعه ، فإن الإسلام حاجزك عن النار )000
وينطلق خالد إلى رسول الله فيسأله عن دعوته ، فيجيب الرسول الكريم :( تؤمن بالله وحده لا تشرك به شيئا ، وتؤمن بمحمد عبده ورسوله ، وتخلع عبادة الأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولاتضر ولا تنفع )000ويبسط خالد يمينه فتتلقاها يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حفاوة ويقول خالد :( إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله )000وهكذا أصبح من الخمسة الأوائل في الإسلام000
والده والعذاب
وحين علم والده (سعيد) بإسلامه دعاه وقال له :( أصحيح إنك اتبعت محمدا وأنت تسمعه يعيب آلهتنا ؟)000 قال خالد :( إنه والله لصادق ، ولقد آمنت به واتبعته )000هنالك انهال عليه أبوه ضربا ، ثم زج به في غرفة مظلمة من داره ، حيث صار حبيسها ، ثم راح يضنيه ويرهقه جوعا وظمأ ، وخالد يصرخ من وراء الباب :( والله إنه لصادق ، وإني به لمؤمن )000
وأخرجه والده الى رمضاء مكة ، ود سه بين حجارتها الملتهبة ثلاثة أيام لا يواريه فيها ظل ، ولا يبلل شفتيه قطرة ماء ، ثم يئس والده فأعاده الى داره وراح يغريه ويرهبه وخالد صامد يقول لأبيه :( لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه )000وصاح سعيد :( إذن فاذهب عني يا لُكَع ، فواللات لأمنعنك القوت )000فأجاب خالد :( والله خير الرازقين )000 وغادر خالد الدار ، وراح يقهر العذاب بالتضحية ، ويتفوق على الحرمان بالإيمان000
جهاده مع الرسول
كان خالد بن سعيد من المهاجرين الى الحبشة في الهجرة الثانية ، وعاد مع إخوانه الى المدينة سنة سبع فوجدوا المسلمين قد انتهوا للتو من فتح خيبر ، وأقام -رضي الله عنه- في المدينة لايتأخر عن أي غزوة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ويحضر جميع المشاهد ، وقد جعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته واليا على اليمن000
خلافة أبوبكر
لما وصل نبأ وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لخالد في اليمن عاد من فوره الى المدينة ، وعلى الرغم من معرفته لفضل أبي بكر إلا أنه كان من الجماعة التي ترى أحقية بني هاشم في الخلافة ووقف الى جانب علي بن أبي طالب ولم يبايع أبا بكر ، ولم يكرهه أبوبكر على ذلك ، وإنما بقي على حبه وتقديره له ، حتى جاء اليوم الذي غير فيه خالد رأيه فشق الصفوف في المسجد وأبو بكر على المنبر ، فبايعه بيعة صادقة000
عزله عن الإمارة
يُسير أبو بكر الجيوش للشام ، ويعقد ل( خالد بن سعيد ) لواء ، فيصير أحد أمراء الجيوش ، إلا أن عمر بن الخطاب يعترض على ذلك ويلح على الخليفة حتى يغير ذلك ، ويبلغ النبأ خالدا فيقول :( والله ما سرتنا ولايتكم ، ولا ساءنا عزلكم )000ويخف الصديق -رضي الله عنه- الى دار خالد معتذرا له مفسرا له هذا التغيير ، ويخيره مع من يكون من القادة : مع عمرو بن العاص ابن عمه أو مع شرحبيل بن حسنة ، فيجيب خالد :( ابن عمي أحب الي في قرابته ، وشرحبيل أحب الي في دينه )000
ثم يختار كتيبة شرحبيل ، ودعا أبو بكر -رضي الله عنه- شرحبيل وقال له :( انظر خالد بن سعيد ، فاعرف له من الحق عليك ، مثل ما كنت تحب أن يعرف من الحق لك ، لو كنت مكانه ، وكان مكانك000انك لتعرف مكانته في الإسلام ، وتعلم أن رسول الله توفى وهو له وال ، ولقد كنت ولّيته ثم رأيت غير ذلك ، وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه ، فما أغبط أحدا بالإمارة000وقد خيرته في أمراء الأجناد فاختارك على ابن عمه ، فاذا نزل بك أمر تحتاج فيه الى رأي التقي الناصح ، فليكن أول من تبدأ به : أبوعبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ولْيَكُ خالد بن سعيد ثالثا ، فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا ، وإياك واستبداد الرأي دونهم ، أو إخفاءه عنهم )000
استشهاده
وفي معركة ( مرج الصُفَر ) حيث المعارك تدور بين المسلمين والروم ، كان خالد بن سعيد في مقدمة الذين وقع أجرهم على الله ، شهيد جليل ، ورآه المسلمون مع الشهداء فقالوا :( اللهم ارض عن خالد بن سعيد )000
*****()()()*****
عمرو بن سعيد بن العاص
رضي الله عنه
لا تَفِـرّوا فإنّ اللـه يراكـم "
" ومَنْ رآه فارّاً عن نصرِ دينهِ مَقَتَهُ
عمرو بن سعيد
*****()()()*****
عمرو بن سعيد بن العاص القرشي الأموي صحابي جليل أسلم قديماً
وهاجر الهجرتين إلى الحبشة هو وأخوه خالد بن سعيـد بن العاص
ثم هاجر إلى المدينة000
فضله
عن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت :( قدم علينا عمّي عمرو بن سعيد أرض الحبشة بعد مقدم أبي بيسير ، فلم يزل هنالك حتى حُمل في السفينتين مع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وقدموا عليه وهو بخيبر سنة سبع من الهجرة ، فشهد عمرو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الفتحَ وحُنيناً والطائف وتبوك ، فلمّا خرج المسلمون إلى الشام كان فيمن خرج ، فقُتِلَ يوم أجنادين شهيداً )000
واستعمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن سعيد على قرى عربية منها تبوك وخيبر وفَدَك000
الحَلْقَةُ
قَدِمَ عمرو بن سعيد مع أخيه على النبي -صلى الله عليه وسلم- فنظر إلى حَلْقةٍ في يده فقال :( ما هذه الحَلْقَةُ في يدك ؟)000فقال :( هذه صنعتُها يا رسول الله )000قال :( فما نَقْشُها ؟)000قال :( محمد رسول الله )000قال :( أرِنيهْ )000فتختَّمَهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونهى أن ينقش أحد عليه ، و مات -صلى الله عليه وسلم- وهو في يده ، ثم أخذه أبو بكر بعد ذلك فكان في يده ، ثم أخذه عمر ، فكان في يده عامّة خلافته حتى سقط منه في بئر أريس000
وفاة رسول الله
كان خالد على اليمن وأبان على البحرين وعمرو على سواد خيبر ، فلمّا بلغتهم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجعوا عن أعمالهم ، فقال لهم أبو بكر :( ما أحدٌ أحقّ بالعمل منكم )000فأبوا عليه فخرجوا إلى الشام فاتحين مجاهدين فقتلوا بها جميعاً000
أجنادين
وعن عبد الله بن قُرط الثُّمالي أنه قال : مررتُ يوم أجنادين بعمرو بن سعيد ، ومعه رجالٌ من المسلمين سبعة أو ثمانية ، وهو بارزوا أيديهم نحو العدو ويقول000
قال تعالى :"( يا أيُّها الذينَ آمنوا إذا لقيتُمُ الذينَ كفروا زَحفاً فلا تُوَلُّهُمُ الأدْبارَ )"000 الأنفال ( 15 )000
حتى فرغ من الآية فقال :( ولكن الجنة نِعْمَ المصير ، ولمن ؟ هي والله لمن يشتري نفسه لله ، وقاتل في سبيل الله )000ونادى :( يا أهل الإسلام أنا عمرو بن سعيد بن العاص ، لا تَفِرّوا فإنّ الله يراكم ، ومَنْ رآه فارّاً عن نصرِ دينهِ مَقَتَهُ ، فاستحيوا من ربِّكم أن يراكم تُطيعون أبغضَ خَلْقه إليه -الشيطان الرجيم- وتعصونه وهو أرحم الراحمين )000
قال عبدالله بن قَرْط :( ودَنَا القومُ من الروم فحملوا حملةً منكرة فرّقت بيني وبين أصحابي ، فانتهيتُ إلى عمرو بن سعيد ، فقلتُ في نفسي :( ما أنا بواجدٍ اليوم في هذا العسكر رجلاً أقدمَ صحبةً ولا أقربَ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرابةً من هذا الرجل)000فدنوتُ منه ومعي رمحي ، وقد أحاطت به من العدو جماعةٌ ، فحملتُ عليهم فأصرع منهم واحداً ، ثم أقبلتُ إليه وأقف معه ، ثم قلتُ له :( يا ابن أبي أحيحة أتعرفني ؟)000قال :( نعم ، ألستَ أخا ثقيف ؟)000فقلتُ له :( لِمَ تبعد من الإخوان والجيران والحُلفاء ؟ أنا أخو ثُمالة ، أنا عبدالله بن قَرْط ؟!)000قال :( مرحباً بك أنتَ أخي في الإسلام وأقرب نسباً ، والله لئن استشهدتُ لأشفعنَّ لك )000
قال : فنظرتُ فإذا هو مضروب على حاجبه بالسيف ، وإذا الدماء قد ملأت عينيه ، وإذا هو لا يستطيع أن يفتح عينيه من الدم ، فقلتُ :( أبشر بخيرٍ فإنّ الله معافيك من هذه الضربة ، ومُنزّل النَّصْر على المسلمين )000
قال :( أمّا النصر على أهل الإسلام فأنزله الله فعجَّلَ ، وأمّا أنا فجعل الله لي هذه الضربة شهادةً وأهدى إليّ بأخرى مثلها ، فوالله ماأحبُّ أنّها بعرض أبي قُبيس -أي الجبل المقابل لباب الكعبة المشرفة- والله لولا أن قتلي يكسر بعضَ من ترى حولي لأقدمتُ على هذا العدو حتى ترى -يا ابن أخي- إن ثواب الشهادة عظيم ، وإنّ الدنيا دارٌ لا نسلم فيها )000
الشهادة
قال عبدالله :( فما كان بأسرع أن شدّت علينا منهم جماعة ، فمشى إليهم بسيفه فضَارَبَهم ساعةً ، وانكشف الكفار ، فشددنا عليهم فصرعنا منهم ثلاثةً ، وإذا نحن بصاحبنا صريع ، وقد قُتِلَ وبه أكثر من ثلاثين ضربة ، ممّا رأوا من شدّة قتاله إيّاهم ، فحنقوا عليه ، فأخذوه يجزّعونه بأسيافهم -أي يقطعونه بها-)000 وكانت وقعة أجنادين في جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة000
*****()()()*****
عثمان بن أبي العاص
رضي الله عنه
يا رسول الله إني قد رأيتُ هذا الغلام منهم من "
" أحرصهم على التفقهِ في الإسلام وتعلّم القرآن
أبو بكر الصديق
*****()()()*****
عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفيّ الطائفيّ ، قدِمَ مع وفد ثقيف سنة تسع
على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكان أصغرهم سنّاً ، فأسلموا وأمّرَهُ
عليهم ، ثم أمّـره أبو بكر على الطائـف ، واستعمله عمر على عُـمان و
البحرين ، ثم قـدّمه على جيـش فافتتـح ( توّج ) بفارس سنة 21 هـ
ومصّرها ، ثم سكن البصرة000
وفد ثقيف
عن عثمان بن أبي العاص قال : قدمت في وفد ثقيف حين قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلمّا حللنا بباب النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا :( من يمسك لنا رَوَاحِلَنَا ؟)000فكل القوم أحب الدخول على النبي -صلى الله عليه وسلم- وكره التخلف عنه000
قال عثمان : وكنت أصغرهم فقلت :( إنْ شئتم أمسكتُ لكم على أن لي عليكم عهد الله لتمسكنّ لي إذا خرجتم )000قالوا :( فذلك لك )000فدخلوا عليه ، ثم خرجوا فقالوا :( انطلق بنا )000قلتُ :( أين ؟)000قالوا :( إلى أهلك )000فقلتُ :( ضربتُ من أهلي حتى إذا حللتُ بباب النبي -صلى الله عليه وسلم- أرجع ولا أدخل عليه ؟! وقد أعطيتموني ما قد علمتم !)000
قالوا :( فأعجل فإنا قد كفيناك المسألة ، لم ندع شيئاً إلا سألناه عنه )000فدخلتُ فقلتُ :( يا رسول الله ، ادعُ الله لي أن يفقهني في الدّين ويعلمني )000قال :( ماذا قلت ؟)000فأعدتُ عليه القول ، فقال :( لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحدٌ من أصحابك ، فأنت أميرٌ عليهم وعلى من يَقْدِمُ عليه من قومِكَ )000
ولمّا أسلم القوم ، وأرادوا الرجوع إلى قومهم ، قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- على المنبر وبيده كتابٌ قاضاهم عليه ، فقال :( لأعطينَّ هذا الكتاب رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، قُمْ يا عثمان بن أبي العاص )000فقام عثمان بن أبي العاص ، فدفعه إليه000
أمير الطائف
قال عثمان بن أبي العاص :( استعملني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الطائف ، فكان آخر ما عهد إليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ قال :( خفّفْ عن الناس الصلاة -حتى وقف أو وقت- ثم اقرَأ باسم ربّك الذي خلق ، وأشباهها من القرآن )000فلم يزل عثمان بن أبي العاص على الطائف حتى قُبِضَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وخلافة أبي بكر الصديق ، وخلافة عمر بن الخطاب ، وعثمان بن أبي العاص هو الذي منع أهل الطائف من الردّة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- فأطاعوه000
حتى إذا أراد عمر أن يستعمل على البحرين فسمّوا له عثمان بن أبي العاص ، فقال :( ذلك أميرٌ أمّرهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الطائف فلا أعزله )000قالوا له :( يا أميـر المؤمنيـن تأمره يستخلف على عمله من أحبّ ، وتستعين به فكأنّك لم تعزله )000فقال :( أمّا هذا فنعم )000فكتب إليه :( أن خلّف على عملك من أحببتَ وأقْدِمْ عليّ )000فخلّف أخاه الحكم بن أبي العاص على الطائف ، وقدم على عمر بن الخطاب ، فولاه البحرين000
توّج
استعمل عمر بن الخطاب عثمان بن أبي العاص سنة ( 15هـ ) على عُمان والبحرين ، وسار إلى ( توج ) فافتتحها ، ومصّرَها ، وقتل ملكها ( شهرك ) سنة ( 21هـ ) وكان يغزو سنوات في خلافة عمر وعثمان ، يغزو صيفاً ويشتو بتوج000
شط عثمان
ولمّا عُزِلَ عثمان عن البحرين نزل البصرة هو وأهل بيته ، وشرفوا بها ، والموضع الذي بالبصرة يُقال له شط عثمان إليه ينسب000
البطل المقدام
وكان عُثمان بن أبي العاص بطلاً مقداماً ، كان قد شدّ في الجاهلية على عمرو بن معد يكرب ، فهرب عمرو فقال عثمان000
لَعَمْرُكَ لولا الليلُ قامتْ مآتم ***** حَواضِرُ يخمنَ الوجوه على عمرو
فأفْلتنَـا فَوْتَ الأسنّـة بعدما ***** رأى الموتَ والخطى أقربَ من شبر
العشّار
ومرّ عثمان بن أبي العاص بكلاب بن أميّة بن الأسكر ، وهو بالأبلّة - بلدة بجانب البصرة - فقال :( ما يحبسـك هاهنـا ؟)000قال :( على هذه القرية )000قال عثمان :( أعشّارٌ ؟)000 قال :( نعم )000قال :( إنّي سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :( إذا انتصف الليل أمر الله تعالى منادياً ينادي :( هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من داعٍ فأجيبه ؟ هل من سائل فأعطيه ؟)000فما تردّ دعوةُ داعٍ إلا ..... بفرجها أو عشّار )000
الوفاة
توفي عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- سنة ( 51 هـ )000
*****()()()*****
ثابت بن قيس
خطيب رسول الله
انك لست منهم000بل تعيش حميدا000وتقتل شهيدا000"
ويدخلك الله الجنة"000
حديث شريف
*****()()()*****
الخوف
لمّا نزلت الآية الكريمة :( ان الله لا يحب كل مختال فخور )000
أغلق ثابت باب داره وجلس يبكي000وطال مكثه على هذه الحال ، حتى دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وسأله عن حاله ، فقال ثابت :( يا رسول الله ، اني أحب الثوب الجميل ، والنعل الجميل وقد خشيـت أن أكون بهذا من المختاليـن )000فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يضحك راضيا :( انك لست منهم00بل تعيش بخير00وتموت بخير00وتدخل الجنة )000
ولما نزل قول الله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي000ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )000
أغلق ثابت -رضي الله عنه-عليه داره ، وطفق يبكي ، وافتقده الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسأل عنه ، ثم أرسل من يدعوه ، وجاء ثابت ،وسأله النبي عن سبب غيابه ، فأجابه :( اني امرؤ جهير الصوت ، وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسول الله ، واذن فقد حبط عملي ، وأنا من أهل النار )000وأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( انك لست منهم000بل تعيش حميدا000وتقتل شهيدا000ويدخلك الله الجنة) 000فقال :( رضيتُ ببُشرى الله ورسوله ، لا أرفعُ صوتي أبداً على رسول الله )000فنزلت الآية الكريمة :(000
قال تعالى :( إنَّ الذينَ يغُضُّونَ أصواتَهُمْ عند رسولِ الله أولئِكَ الذَّينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلوبَهُم للتَّقْوَى ، لهم مَّغْفِرةٌ وِأجْرٌ عَظِيمٌ )000
خطيب الإسلام
كان ثابت -رضي الله عنه- خطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والاسلام ، وكانت الكلمات تخرج من فمه قوية ، صادعة جامعة رائعة ، ففي عام الوفود أذن له الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يجيب على خطيب وفد ( بني تميم )000
فبعض مما قال ثابت :( الحمد لله ، الذي السماوات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ، ووسع كرسيه علمه، ولم يك شيء قط الا من فضله000ثم كان من قدرته أن جعلنا أئمة ، واصطفى من خير خلقه رسولا ، أكرمهم نسبا ، وأصدقهم حديث وأفضلهم حسبا فأنزل عليه كتابه ، وائتمنه على خلقه ، فكان خيرة الله من العالمين 000 ثم كنا - نحن الأنصار - أول الخلق اجابة 000 فنحن أنصار الله ، ووزراء رسوله )000
جهاده
شهد ثابت -رضي الله عنه- مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- غزوة أحد والمشاهد بعدها ، ولم يشهد بدراً ، وشهد بيعة الرضوان ، وكانت فدائيته من طراز فريد000
في حروب الردة ، كان في الطليعة دائما ، يحمل راية الأنصار ، ويضرب بسيف لا يكبو000 وفي موقعة اليمامة ، رأى ثابت -رضي الله عنه- وقع الهجوم الذي شنه جيش مسيلمة الكذاب على المسلمين أول المعركة فصاح بصوته :( والله ، ما هكذا كنا نقاتل مع رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- )000 ثم ذهب غير بعيد ، وعاد وقد تحنط ، ولبس أكفانه ، وصاح مرة أخرى :( اللهم اني أبرأ اليك مما جاء به هؤلاء -يعني جيش مسيلمة- وأعتذر اليك مما صنع هؤلاء )000يعني تراخي المسلمين في القتال 000 وانضم اليه سالم مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يحمل راية المهاجرين ، وحفر الاثنان لنفسيهما حفرة عميقة ثم نزلا فيها قائمين ، وأهالا الرمال عليها حتى غطت وسط كل منهما 000
الشهادة
وهكذا وقفا طودين شامخين ، نصف كل منهما غائص في الرمال مثبت في أعماق الحفرة ، في حين نصفهما الأعلى -صدرهما وجبهتهما وذراعاهما- يستقبلان جيوش الوثنية والكذب ، وراحا يضربان بسيفيهما كل من يقترب منهما من جيش مسيلمة حتى استشهدا في مكانهما ، وكان مشهدهما -رضي الله عنهما- هذا أعظم صيحة أسهمت في رد المسلمين الى مواقعهم ، حيث جعلوا من جيش مسيلمة ترابا تطؤه الأقدام000
الوصية
ويروى أنه بعد استشهاد ثابت -رضي الله عنه- مر به أحد المسلمين حديثي العهد بالاسلام ، فأخذ درعه الثمين ظنا منه أنها من حقه000وبينما أحد المسلمين نائم أتاه ثابت -رضي الله عنه- في منامه ، فقال له :( أوصيك بوصية ، فاياك أن تقول هذا حلم فتضيعه ، اني لما استشهدت بالأمس ، مر بي رجل من المسلمين ، فأخذ درعي وان منزله في أقصى الناس ، وفرسه يُستَن في طوله ، وقد كفأ على الدرع بُرمه ، وفوق البُرمه رَحْلاً ، فأت خالدا ، فمره أن يبعث فيأخذها ، فاذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله أبي بكر ، فقل له : ان علي من الدين كذا وكذا ، فليقم بسداده )000فلما استيقظ الرجل من نومه ، أتى خالد بن الوليد ، فقص عليه رؤياه ، فأرسل خالد من يأتي بالدرع ، فوجدها كما وصف ثابت ، ولما رجع المسلمون الى المدينة ، قص المسلم على الخليفة الرؤيا ، فأنجز وصية ثابت -رضي الله عنه-!!000