الجشعمي
25-10-2009, 06:29 PM
الخوف والناصية
لقد استطاع العلماء تحديد منطقة الناصية وأهميتها في علاج الخوف، ولكننا كمسلمين كيف ننظر إلى هذه الدراسة وكيف نستفيد منها؟ لنقرأ....
العلماء يحددون المنطقة المسؤولة عن الخوف
حدد عالمان منطقة في المخ تتصل بالشعور بالخوف مما قد يساعد في تطوير علاج للذين يعانون من اضطرابات بعد العمليات الجراحية أو من نوبات القلق.
وقال أحد العالمين وهو غريغوري كويرك من مدرسة الطب في بورتوريكو "اكتشفنا منطقة في المخ تنشط عندما يقل الخوف. ووفقا لذلك إذا ما حفزنا هذه المنطقة كهربيا يمكننا تقليل الخوف". وأضاف كويرك في مقابلة أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحفيز هذه المنطقة في هذا الجزء من القشرة الأمامية للمخ لتقليل الخوف.
ويعتقد كويرك وزميله ويدعى محمد ميلاد أن وظيفة القشرة الأمامية التي وجداها بدراسة سجلات الخلايا العصبية في مخ الفئران تمنع الخوف كرد فعل.
وقال العالمان إنه يبدو أن الذين يعانون من اضطرابات بعد العمليات الجراحية يضعف لديهم نشاط القشرة الأمامية من المخ. واعتقدا أن أسلوبا تجريبيا غير مؤلم يسمى التحفيز المغناطيسي للجمجمة يمكن أن يساعد في السيطرة على الخوف.
الخوف هو رد فعل للإحساس بالخطر وغريزة لحب البقاء لدى الحيوان والإنسان. ويشكك العلماء في أن هناك نظاما بالمخ يقلل الخوف دون إلغاء الذاكرة الخاصة به بالكامل, ولكن حتى الآن لا يعرفون أين يكمن هذا النظام.
رائحة الخوف
أظهرت دراسة علمية حديثة أن للخوف فعلاً رائحة يمكن شمها، وأنه يمكن أن يُعدي الآخرين. وأوضحت الدراسة التي أعدها العلماء أننا لاشعورياً نكتشف ما ينتاب الآخرين من خوف عبر استنشاق ما تفرزه أجسادهم من مواد كيماوية. ويعتقد هؤلاء العلماء أن تلك الإفرازات يمكن أن تكون معدية وتسري لتصيب من يحيطون بصاحبها من أفراد.
وفي التجربة التي أجريت في إطار الدراسة وضع فريق من العلماء بجامعة دوسلدورف الألمانية بقيادة الدكتورة بتينا بوز، ضمادات قطنية تحت آباط مجموعة من الطلاب قبل جلوسهم لأداء امتحاناتهم الجامعية. كما جمعت الدكتورة بتينا العرق الذي تصبّب من مجموعة الطلاب المتطوعين أثناء أدائهم تمارين رياضية على دراجات هوائية.
ثم طّلب من مجموعة أخرى من الطلاب استنشاق الضمادات القطنيَّة، بينما جرى رصد الإشارات الصادرة من أدمغتهم بجهاز مسح بالرنين المغناطيسي. وكانت النتيجة أن أياً من أولئك الطلاب لم يستطع ملاحظة الفرق بين "التعرّق الناجم عن الخوف" و"التعرّق الناتج عن التمارين الرياضية".
لاحظ العلماء أنه عند استنشاق "عرق الخوف" تكون فصوص الدماغ التي تتحكم في الإشارات العاطفية والاجتماعية أكثر حيوية ونشاطاً, وتومض أجزاء الدماغ المعنية بتوارد العواطف أيضاً. ويعتقد الباحثون أن الخوف والقلق يتسببان في إفراز مادة كيميائية هي التي تجعل الآخرين يتشاطرون نفس المشاعر أو ما يعرف بتوارد العواطف.
تعليق على هذه الدراسة
أحبتي في الله! تعودنا أن نقرأ أي خبر علمي قراءة إيمانية، فالغرب يكتشف أسرار العلم لمجرد حب المعرفة أو لعلاج مرض ما أو لكسب مزيد من المال أو غير ذلك من الأهداف الدنيوية، ولكننا كمسلمين نتعرف على أسرار العلم لنزداد إيماناً بالخالق العظيم. إذ أن كل ما في الكون هو من صنع الله وقد أتقنه وقال: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
من ميزات الإسلام أنه يجعل كل أمر تقوم به عبادة لله تُثاب عليها، وربما يكون التفكر في أسرار الكون من العبادات المهمة التي تقوّي الإيمان وتزيد المؤمن قرباً من خالقه وتجعل المؤمن يدرك عظمة الخالق ويقول: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 191].
والدراسة التي بين أيدينا اليوم تؤكد على أهمية منطقة الناصية وهي المنطقة الأمامية من قشرة الدماغ حيث يقول العلماء إنها من أهم مناطق الدماغ، فهي مسؤولة عن الإبداع والتوجه والقيادة والخطأ والكذب... واليوم يكتشف العلماء أهمية هذه المنطقة بالنسبة للشعور بالخوف.
ويمكن القول: إن تنشيط هذه المنطقة يقلل الخوف عند الإنسان، وهذه المنطقة تنشط كثيراً أثناء الخشوع وبخاصة في الصلاة – كما رأينا في أبحاث سابقة – ولذلك فإن تدبر القرآن والخشوع من العبادات التي تعالج الخوف... أي أن من يتبع تعاليم الإسلام يقل لديه الإحساس بالخوف، ولذلك قال تعالى: (فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 38]، وقال أيضاً: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 112]!
تؤكد بعض الدراسات في علم البرمجة اللغوية العصبية أن الإنفاق والتصدق على الفقراء يمنح الإنسان إحساساً بالأمان والراحة النفسية ويقضي على الشعور بالخوف، وربما ندرك أهمية هذا الأمر عندما نقرأ قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 274].
أما بالنسبة "لرائحة الخوف" التي تنتشر و"تعدي" من حولك، فإن هذه القضية تستحق التفكير، وهي تعني أن الخوف لا يتناول صاحبه بل يتعدّاه إلى من يحيطون به. فأنت عندما يسيطر عليك الخوف فإنك تؤثر على أبنائك وعلى أسرتك وعلى أصدقائك... ولذلك فإن الطريقة المثلى لعلاج الخوف هي الخوف من الله تعالى... لأنك عندما تخاف من خالق الكون وخالق البشر وتدرك عظمة هذا الخالق تبارك وتعالى، فإنك تستصغر كل المخلوقات بالنسبة له عز وجل.
وأود أن أقول إن الخوف ليس نوعاً واحداً إنما هناك "خوف إيجابي" وهو الخوف من الله تعالى!! وهذا الخوف هو اطمئنان للمؤمن ولذلك فإنه مطلوب ومحمود وكل مؤمن يسعى له. لأن الخوف من الله يعني النجاة من عذابه والسعادة في الدنيا والآخرة، أما الخوف من الناس يولد الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى... ولذلك يقول تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 173-175].
والخوف نعمة من الله تعالى! ولكن بشرط أن نعرف كيف نخاف وممن نخاف! وهو رد فعل طبيعي لتجنب المخاطر والأضرار وقد سخر الله للإنسان عمليات معقدة تحدث في أنظمة الجسد تقيه من المهالك، ومن التقنيات التي زوده الله بها "الخوف".
وقد علمنا الله كيف نخاف! فلا نخاف من الناس ولا نخاف من المستقبل ولا نخاف من الوهم، بل ينبغي أن نكون كما قال تعالى مخاطباً رسوله الكريم يأمره أن يخاف من الله فقال: (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الأنعام: 15]. إذاً الهدف من الخوف هو تجنب المعصية وتجنب غضب الله تعالى.
وأخيراً أود أن أتوقف مع موقف عصيب مرَّ به سيد البشر عليه الصلاة والسلام وهو في الغار والكفار يحيطون به وبالقرب منه ولو أن أحدهم نظر إلى أسفل قدميه لرأى النبي وصاحبه أبا بكر... ولكن هل خاف النبي أو صاحبه من الكفار؟؟
طبعاً لا! لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الله معه ولن يتركه، ولكن سيدنا أبا بكر رضي الله عنه حزن ولم يخَف، فقال له النبي: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40]. وهذا الموقف نحن بحاجة له اليوم، فنحن نخاف من الفقر ونخاف من المستقبل ونخاف من المرض... ولكن ينبغي أن نوجه خوفنا باتجاه واحد ألا وهو "الخوف من الله عز وجل".
لقد استطاع العلماء تحديد منطقة الناصية وأهميتها في علاج الخوف، ولكننا كمسلمين كيف ننظر إلى هذه الدراسة وكيف نستفيد منها؟ لنقرأ....
العلماء يحددون المنطقة المسؤولة عن الخوف
حدد عالمان منطقة في المخ تتصل بالشعور بالخوف مما قد يساعد في تطوير علاج للذين يعانون من اضطرابات بعد العمليات الجراحية أو من نوبات القلق.
وقال أحد العالمين وهو غريغوري كويرك من مدرسة الطب في بورتوريكو "اكتشفنا منطقة في المخ تنشط عندما يقل الخوف. ووفقا لذلك إذا ما حفزنا هذه المنطقة كهربيا يمكننا تقليل الخوف". وأضاف كويرك في مقابلة أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحفيز هذه المنطقة في هذا الجزء من القشرة الأمامية للمخ لتقليل الخوف.
ويعتقد كويرك وزميله ويدعى محمد ميلاد أن وظيفة القشرة الأمامية التي وجداها بدراسة سجلات الخلايا العصبية في مخ الفئران تمنع الخوف كرد فعل.
وقال العالمان إنه يبدو أن الذين يعانون من اضطرابات بعد العمليات الجراحية يضعف لديهم نشاط القشرة الأمامية من المخ. واعتقدا أن أسلوبا تجريبيا غير مؤلم يسمى التحفيز المغناطيسي للجمجمة يمكن أن يساعد في السيطرة على الخوف.
الخوف هو رد فعل للإحساس بالخطر وغريزة لحب البقاء لدى الحيوان والإنسان. ويشكك العلماء في أن هناك نظاما بالمخ يقلل الخوف دون إلغاء الذاكرة الخاصة به بالكامل, ولكن حتى الآن لا يعرفون أين يكمن هذا النظام.
رائحة الخوف
أظهرت دراسة علمية حديثة أن للخوف فعلاً رائحة يمكن شمها، وأنه يمكن أن يُعدي الآخرين. وأوضحت الدراسة التي أعدها العلماء أننا لاشعورياً نكتشف ما ينتاب الآخرين من خوف عبر استنشاق ما تفرزه أجسادهم من مواد كيماوية. ويعتقد هؤلاء العلماء أن تلك الإفرازات يمكن أن تكون معدية وتسري لتصيب من يحيطون بصاحبها من أفراد.
وفي التجربة التي أجريت في إطار الدراسة وضع فريق من العلماء بجامعة دوسلدورف الألمانية بقيادة الدكتورة بتينا بوز، ضمادات قطنية تحت آباط مجموعة من الطلاب قبل جلوسهم لأداء امتحاناتهم الجامعية. كما جمعت الدكتورة بتينا العرق الذي تصبّب من مجموعة الطلاب المتطوعين أثناء أدائهم تمارين رياضية على دراجات هوائية.
ثم طّلب من مجموعة أخرى من الطلاب استنشاق الضمادات القطنيَّة، بينما جرى رصد الإشارات الصادرة من أدمغتهم بجهاز مسح بالرنين المغناطيسي. وكانت النتيجة أن أياً من أولئك الطلاب لم يستطع ملاحظة الفرق بين "التعرّق الناجم عن الخوف" و"التعرّق الناتج عن التمارين الرياضية".
لاحظ العلماء أنه عند استنشاق "عرق الخوف" تكون فصوص الدماغ التي تتحكم في الإشارات العاطفية والاجتماعية أكثر حيوية ونشاطاً, وتومض أجزاء الدماغ المعنية بتوارد العواطف أيضاً. ويعتقد الباحثون أن الخوف والقلق يتسببان في إفراز مادة كيميائية هي التي تجعل الآخرين يتشاطرون نفس المشاعر أو ما يعرف بتوارد العواطف.
تعليق على هذه الدراسة
أحبتي في الله! تعودنا أن نقرأ أي خبر علمي قراءة إيمانية، فالغرب يكتشف أسرار العلم لمجرد حب المعرفة أو لعلاج مرض ما أو لكسب مزيد من المال أو غير ذلك من الأهداف الدنيوية، ولكننا كمسلمين نتعرف على أسرار العلم لنزداد إيماناً بالخالق العظيم. إذ أن كل ما في الكون هو من صنع الله وقد أتقنه وقال: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
من ميزات الإسلام أنه يجعل كل أمر تقوم به عبادة لله تُثاب عليها، وربما يكون التفكر في أسرار الكون من العبادات المهمة التي تقوّي الإيمان وتزيد المؤمن قرباً من خالقه وتجعل المؤمن يدرك عظمة الخالق ويقول: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 191].
والدراسة التي بين أيدينا اليوم تؤكد على أهمية منطقة الناصية وهي المنطقة الأمامية من قشرة الدماغ حيث يقول العلماء إنها من أهم مناطق الدماغ، فهي مسؤولة عن الإبداع والتوجه والقيادة والخطأ والكذب... واليوم يكتشف العلماء أهمية هذه المنطقة بالنسبة للشعور بالخوف.
ويمكن القول: إن تنشيط هذه المنطقة يقلل الخوف عند الإنسان، وهذه المنطقة تنشط كثيراً أثناء الخشوع وبخاصة في الصلاة – كما رأينا في أبحاث سابقة – ولذلك فإن تدبر القرآن والخشوع من العبادات التي تعالج الخوف... أي أن من يتبع تعاليم الإسلام يقل لديه الإحساس بالخوف، ولذلك قال تعالى: (فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 38]، وقال أيضاً: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 112]!
تؤكد بعض الدراسات في علم البرمجة اللغوية العصبية أن الإنفاق والتصدق على الفقراء يمنح الإنسان إحساساً بالأمان والراحة النفسية ويقضي على الشعور بالخوف، وربما ندرك أهمية هذا الأمر عندما نقرأ قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 274].
أما بالنسبة "لرائحة الخوف" التي تنتشر و"تعدي" من حولك، فإن هذه القضية تستحق التفكير، وهي تعني أن الخوف لا يتناول صاحبه بل يتعدّاه إلى من يحيطون به. فأنت عندما يسيطر عليك الخوف فإنك تؤثر على أبنائك وعلى أسرتك وعلى أصدقائك... ولذلك فإن الطريقة المثلى لعلاج الخوف هي الخوف من الله تعالى... لأنك عندما تخاف من خالق الكون وخالق البشر وتدرك عظمة هذا الخالق تبارك وتعالى، فإنك تستصغر كل المخلوقات بالنسبة له عز وجل.
وأود أن أقول إن الخوف ليس نوعاً واحداً إنما هناك "خوف إيجابي" وهو الخوف من الله تعالى!! وهذا الخوف هو اطمئنان للمؤمن ولذلك فإنه مطلوب ومحمود وكل مؤمن يسعى له. لأن الخوف من الله يعني النجاة من عذابه والسعادة في الدنيا والآخرة، أما الخوف من الناس يولد الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى... ولذلك يقول تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 173-175].
والخوف نعمة من الله تعالى! ولكن بشرط أن نعرف كيف نخاف وممن نخاف! وهو رد فعل طبيعي لتجنب المخاطر والأضرار وقد سخر الله للإنسان عمليات معقدة تحدث في أنظمة الجسد تقيه من المهالك، ومن التقنيات التي زوده الله بها "الخوف".
وقد علمنا الله كيف نخاف! فلا نخاف من الناس ولا نخاف من المستقبل ولا نخاف من الوهم، بل ينبغي أن نكون كما قال تعالى مخاطباً رسوله الكريم يأمره أن يخاف من الله فقال: (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الأنعام: 15]. إذاً الهدف من الخوف هو تجنب المعصية وتجنب غضب الله تعالى.
وأخيراً أود أن أتوقف مع موقف عصيب مرَّ به سيد البشر عليه الصلاة والسلام وهو في الغار والكفار يحيطون به وبالقرب منه ولو أن أحدهم نظر إلى أسفل قدميه لرأى النبي وصاحبه أبا بكر... ولكن هل خاف النبي أو صاحبه من الكفار؟؟
طبعاً لا! لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الله معه ولن يتركه، ولكن سيدنا أبا بكر رضي الله عنه حزن ولم يخَف، فقال له النبي: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40]. وهذا الموقف نحن بحاجة له اليوم، فنحن نخاف من الفقر ونخاف من المستقبل ونخاف من المرض... ولكن ينبغي أن نوجه خوفنا باتجاه واحد ألا وهو "الخوف من الله عز وجل".