binhlailبن هليــل
30-09-2007, 08:06 AM
في كلمة المملكة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
الفيصل: فرصة تحقيق السلام العادل والشامل سانحة الآن
الأمير سعود الفيصل
نيويورك: واس
أكدت المملكة العربية السعودية أهمية التعاون الجاد تحت مظلة الأمم المتحدة في سبيل إيجاد مناخات صحية لبناء علاقات سلمية ومتوازنة بين الدول أساسها احترام الشرعية الدولية وحل النزاعات بالطرق السلمية على نحو يكفل العدل ويرسخ الثقة المتبادلة ويحقق الشراكة الحقيقية.
وأشارت المملكة إلى مدى دقة الأوضاع وخطورتها في الشرق الأوسط حيث يستمر الاحتلال الإسرائيلي جاثماً على الأراضي العربية محولاً كامل المنطقة إلى بؤر متعددة للعنف والاضطراب منبثقة عن المعاناة الإنسانية المستمرة للفلسطينيين بما تنشره معها من مشاعر اليأس وتوجهات التطرف.
وقال الأمير سعود الفيصل في كلمة المملكة في الدورة الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس إن السبيل الوحيد لتفادي هذه النتائج الخطيرة يبدأ بتحقيق السلام العربي (الإسرائيلي الذي يطغى على كل القضايا الأخرى في المنطقة طيلة العقود الستة المنصرمة).
وأضاف "يمر عالمنا بمتغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية، تزداد سرعتها وحركتها، وتتشعب وتتعقد صلاتها ومؤثراتها، لذا فإننا جميعاً مطالبون بالتعاون الجاد تحت مظلة الأمم لمتحدة في سبيل إيجاد مناخات صحية لبناء علاقات سلمية ومتوازنة بين الدول، أساسها احترام الشرعية الدولية وحل النزاعات بالطرق السلمية على نحو يكفل العدل ويرسخ الثقة المتبادلة ويحقق الشراكة الحقيقية، ويستدعي ذلك منا مواجهة تحديات المستقبل بإرادة أكثر صدقاً في الالتزام، وأسلوب أكثر موضوعية في التناول، وآليات أكثر فعالية في التنفيذ مما يعود بالخير للبشرية جمعاء.
إن نظرة عابرة إلى الأوضاع السائدة في الشرق الأوسط تبين لنا مدى دقة هذه الأوضاع وخطورتها، حيث يستمر الاحتلال الإسرائيلي جاثماً على الأراضي العربية محولاً كامل المنطقة إلى بؤر متعددة للعنف والاضطراب منبثقة عن المعاناة الإنسانية المستمرة للفلسطينيين بما تنشره معها من مشاعر اليأس وتوجهات التطرف. أضف إلى ذلك ما تعانيه السلطات الشرعية في فلسطين والعراق ولبنان والسودان الصومال من تهديدات للوحدة الوطنية وتصاعد في النزاعات الأهلية.
إن السبيل الوحيد لتفادي هذه النتائج الخطيرة يبدأ بتحقيق السلام العربي - الإسرائيلي، فما يزال الصراع العربي - الإسرائيلي يهيمن ويطغى على كل القضايا الأخرى في المنطقة طيلة العقود الستة المنصرمة.
ولا أعتقد أن هناك أزمة إقليمية أخرى تماثل هذا الصراع في درجة تأثيره على بقية قضايا المنطقة وعلى السلم الدولي، حيث إن إهمال هذا الصراع بشمولية وعدالة يوفر مناخات مناسبة لتنامي التطرف ومخاطر الإرهاب التي واجهتنا جميعاً، مما يفرض على العالم برمته حالة وبالية لا تزيدها الأيام إلا استفحالاً وتعقيداً. وكل ذلك يعيق مساعي التنمية والتحديث والإصلاح في هذه المنطقة التي يفترض أن تلعب دوراً حضارياً مهماً وضرورياً بدلاً من انشغالها بالصراعات التي تستنفد طاقاتها وتبدد مواردها.
ومن الملاحظ أن جميع الجهود السابقة قد ركزت على خطوات جزئية محدودة لم تقربنا من تحقيق الحل المنشود، أو على إجراءات أحادية لم ينتج عنها سوى تكريس وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني.
إن التركيز المبالغ فيه على المسائل الإجرائية، وتجاهل القضايا الأساسية التي تشكل جوهر الصراع والسبيل لتحقيق الحل الدائم، والافتقاد إلى خطوات محددة واضحة مرتبطة بجدول زمني ملزم لكلا الطرفين بشكل متوازن وعادل، قد جعل المقاربة السابقة التي اعتمدتها اللجنة الرباعية لإحراز التقدم المأمول في عملية السلام ضعيفة الجدوى ومحدودة النتائج، خاصة في ضوء الافتقاد إلى وجود مراقبين محايدين للاضطلاع بمهمة المراقبة والمتابعة التدقيق في مدى التزام الأطراف بتعهداتها وإخضاع أية تجاوزات لعقوبات ملائمة.
ومن الواضح أن الحاجة باتت ملحة إلى رؤية جديدة تتلافى العوائق والمصاعب الماضية وفي هذا الإطار فإن مبادرة السلام العربية تمثل فرصة فريدة وتاريخية لاستئناف مسيرة السلام بجدية وبما يكفل تحقيق النجاح المطلوب، حيث إنها تتيح لجميع الأطراف المعنية التفاوض على أساس واضح ومتوافق مع قرارات الشرعية الدولية. لقد تعهدت جميع الدول العربية دونما استثناء بإنهاء الصراع والدخول في اتفاقية سلام تتيح الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية بين جميع دول المنطقة على أساس الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة منذ 1967م كما التزم العرب ولأول مرة بالتوصل لحل متوافق عليه بشأن مشكلة اللاجئين.
إن المملكة العربية السعودية، جنباً إلى جنب مع أشقائها العرب، أعلنت ترحيبها بالجوانب الإيجابية المهمة التي تضمنتها دعوة الرئيس الأمريكي لعقد مؤتمر دولي للسلام والتي تشمل الدعوة لإنهاء الاحتلال والتوصل لحلول تفاوضية لقضايا القدس والحدود واللاجئين بحيث يتم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة وقابلة للحياة، تعيش بأمن وسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
إن فرصة تحقيق السلام العادل والشامل سانحة الآن إذا تحمل كل طرف مسؤولياته. وفي هذا الصدد أكد العرب التزامهم بالسلام، ويبقى على القوى الدولية الفاعلة أن تغير أسلوب تعاطيها مع هذا الصراع. ومن غير المنطقي أن تفرض الاشتراطات على الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال بينما تعطى الامتيازات لسلطات الاحتلال في منطق معكوس لا يحقق الثقة في جدية وعدالة مصداقية مسيرة السلام القائمة. ودون أي مبالغة فإن الفشل في تحمل كل منا لمسؤولياته تكون له عواقب وخيمة بل وكارثية لن تقتصر على دولة أو منطقة بعينها.
إن استمرار تدهور الأوضاع الأمنية في العراق ما يزال يتسبب بمعاناة أليمة وغير إنسانية للشعب العراقي، وبإعاقة جهود الدول المخلصة في سعيها لمساعدة العراق على تجاوز محنته وإعادة بناء اقتصاده وعمرانه. لقد أكدت المملكة العربية السعودية دوما على أهمية دعم وحدة العراق والحفاظ على استقلاله وسيادته والامتناع عن التدخل في شؤونه الداخلية.
إن مفتاح الحل للوضع العراقي قد بات واضحاً في ظل إجماع دولي وإقليمي على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية العراقية بأسرع وقت ممكن.
وأوضح أن لبنان يقف اليوم على عتبة استحقاق دستوري حاسم، وحين بدأت تتبلور مبادرات لبنانية جادة لتحقيق الوفاق الداخلي نجد أن يد الغدر والإجرام قد سارعت إلى تنفيذ جريمة اغتيال جديدة لمنع التوافق وتعطيل الحلول. إننا نشعر بقلق عميق من جراء استمرار أزمة لبنان السياسية، والتي تغذيها تدخلات خارجية لا تريد الخير للبنان وأهله بل تريد استباحته وتحويله لساحة لمختلف الصراعات الإقليمية والدولية. ونؤكد في هذا الصدد على الأهمية القصوى لإجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية في موعدها ووفقاً للنصوص الدستورية وعلى نحو يكفل حريتها من التدخلات والتهديدات ومحاولات التعطيل الخارجية. ولا يفوتنا في هذا المجال أن نجدد دعمنا الكامل للحكومة اللبنانية في جهودها لبسط سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية.
وأشار إلى أن أسلحة الدمار الشامل ما تزال تشكل مخاطر جدية ووخيمة على السلم والأمن الدوليين، سواء تم استخدامها في الحروب أو الابتزاز بين الدول، أو تملكتها مجموعات إرهابية.
إن المعالجة الفعالة لمشكلة انتشار أسلحة الدمار الشامل تتطلب التخلي عن ازدواجية المعايير.
ولذلك نؤكد على أهمية خلو منطقة الشرق الأوسط برمتها، بما فيها منطقة الخليج من الأسلحة النووية. فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة المدججة بكل أنواع أسلحة الدمار الشامل والتي لا تخضع مطلقاً لأي شكل من أشكال الرقابة.
وإننا في الوقت الذي نؤيد فيه حق جميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، بما في ذلك الحصول على المعرفة والتقنية النووية السلمية، فإننا ندعو إيران وجميع دول الشرق الأوسط إلى الاحترام الكامل والدقيق لالتزاماتها الواردة في العهود والمواثيق الدولية القائمة والتي تفرض ضوابط محددة على جميع البرامج النووية. ونأمل أن تتجاوب إيران مع الجهود الدولية الساعية إلى تحقيق نهاية سلمية وسريعة لمشكلة البرنامج النووي الإيراني، على نحو يجنب المنطقة سباقات تسلح عبثية ومخاطر بيئية جدية.
وانطلاقاً من حرص السعودية وشقيقاتها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تدعيم وتطوير علاقاتها مع جمهورية إيران الإسلامية، فإننا نأمل أن تبادر الحكومة الإيرانية إلى الاستجابة للدعوات المتكررة الصادرة عن دولة الإمارات العربية المتحدة للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الإماراتية المحتلة.
لقد عانى الشعب الصومالي طويلاً من ويلات الحروب الأهلية والانقسامات الداخلية وغياب الأمن والاستقرار، وهو ما يحتم علينا جميعاً بذل كل جهد ممكن في سبيل عودة الوحدة والأمن والتنمية إلى الصومال.
إن استمرار المعاناة الإنسانية في دارفور أمر غير مقبول لنا جميعاً.
وهدفنا المشترك يظل السعي إلى تحقيق حلول فعالة تكفل معالجة الاحتياجات الإنسانية الملحة لأبناء دارفور، والعودة السريعة للنازحين إلى ديارهم، وتمهد الطريق لجهود إعادة البناء.
إن ظاهرة الإرهاب الدولي باتت مصدر خطر على الجميع، وما زالت الأعمال الإرهابية تختبر تصميمنا على محاربتها وتمتحن عزيمتنا على التصدي لها. وإن المملكة العربية السعودية، باعتبارها من أبرز المستهدفين بالإرهاب، قد أدانت الإرهاب بكل أشكاله وصوره، وحققت نجاحات ملموسة في التصدي له، وانضمت إلى معظم الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، وإلى الاتفاقية العربية، واتفاقية منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب. ونأمل أن يتم خلال هذه الدورة تبني مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، تحت مظلة الأمم المتحدة.
وليس للإرهاب مبررات مقبولة، لكن له جذور ومسببات ينتعش في ظلها ويتغذى من تفاقمها.
إن كل عام يمر علينا يثبت مجدداً الحاجة الملحة والدور الحيوي للأمم المتحدة في عالم اليوم، فمشكلاتنا الكونية لا يمكن إيجاد حلول ناجحة لها إلا في إطار تعاون متعدد الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة.
إن المعاناة الإنسانية الناتجة عن الفقر والجوع وسوء التغذية وانتشار الأوبئة والأمراض ومخاطر الكوارث الطبيعية تؤثر بالضرورة وبشكل أكبر في المجتمعات الأكثر احتياجاً، مما يؤكد على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في تضافر الجهود وتنسيقها ومنح جهود مكافحتها الأولوية اللازمة. ولقد قدمت السعودية، وهي دولة نامية، حوالي 4% من إجمالي ناتجها الوطني خلال العقود الثلاثة الماضية كمساعدات اقتصادية رسمية، وهي أعلى نسبة في العالم. وفي مجال تخفيف عبء الديون تنازلت المملكة عما يزيد على 6 مليارات دولار من ديونها المستحقة على الدول الأكثر احتياجاً.
ولضمان استمرار النمو الاقتصادي حرصت المملكة على الوفاء بتعهداتها بالنسبة لاستقرار الأسواق البترولية، فزادت طاقتها الإنتاجية لضمان توفر الإمدادات البترولية الكافية، وللحد من ارتفاع أسعار البترول بشكل غير طبيعي.
إن السعودية تشارك بكل إيجابية في الجهود العالمية الحثيثة للحفاظ على البيئة ضمن المبادئ التي تحكم العمل الدولي المشترك بوصفها إحدى الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية الرامية إلى الحفاظ على البيئة ومنها بروتوكول كيوتو
جريدة الوطن
الفيصل: فرصة تحقيق السلام العادل والشامل سانحة الآن
الأمير سعود الفيصل
نيويورك: واس
أكدت المملكة العربية السعودية أهمية التعاون الجاد تحت مظلة الأمم المتحدة في سبيل إيجاد مناخات صحية لبناء علاقات سلمية ومتوازنة بين الدول أساسها احترام الشرعية الدولية وحل النزاعات بالطرق السلمية على نحو يكفل العدل ويرسخ الثقة المتبادلة ويحقق الشراكة الحقيقية.
وأشارت المملكة إلى مدى دقة الأوضاع وخطورتها في الشرق الأوسط حيث يستمر الاحتلال الإسرائيلي جاثماً على الأراضي العربية محولاً كامل المنطقة إلى بؤر متعددة للعنف والاضطراب منبثقة عن المعاناة الإنسانية المستمرة للفلسطينيين بما تنشره معها من مشاعر اليأس وتوجهات التطرف.
وقال الأمير سعود الفيصل في كلمة المملكة في الدورة الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس إن السبيل الوحيد لتفادي هذه النتائج الخطيرة يبدأ بتحقيق السلام العربي (الإسرائيلي الذي يطغى على كل القضايا الأخرى في المنطقة طيلة العقود الستة المنصرمة).
وأضاف "يمر عالمنا بمتغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية، تزداد سرعتها وحركتها، وتتشعب وتتعقد صلاتها ومؤثراتها، لذا فإننا جميعاً مطالبون بالتعاون الجاد تحت مظلة الأمم لمتحدة في سبيل إيجاد مناخات صحية لبناء علاقات سلمية ومتوازنة بين الدول، أساسها احترام الشرعية الدولية وحل النزاعات بالطرق السلمية على نحو يكفل العدل ويرسخ الثقة المتبادلة ويحقق الشراكة الحقيقية، ويستدعي ذلك منا مواجهة تحديات المستقبل بإرادة أكثر صدقاً في الالتزام، وأسلوب أكثر موضوعية في التناول، وآليات أكثر فعالية في التنفيذ مما يعود بالخير للبشرية جمعاء.
إن نظرة عابرة إلى الأوضاع السائدة في الشرق الأوسط تبين لنا مدى دقة هذه الأوضاع وخطورتها، حيث يستمر الاحتلال الإسرائيلي جاثماً على الأراضي العربية محولاً كامل المنطقة إلى بؤر متعددة للعنف والاضطراب منبثقة عن المعاناة الإنسانية المستمرة للفلسطينيين بما تنشره معها من مشاعر اليأس وتوجهات التطرف. أضف إلى ذلك ما تعانيه السلطات الشرعية في فلسطين والعراق ولبنان والسودان الصومال من تهديدات للوحدة الوطنية وتصاعد في النزاعات الأهلية.
إن السبيل الوحيد لتفادي هذه النتائج الخطيرة يبدأ بتحقيق السلام العربي - الإسرائيلي، فما يزال الصراع العربي - الإسرائيلي يهيمن ويطغى على كل القضايا الأخرى في المنطقة طيلة العقود الستة المنصرمة.
ولا أعتقد أن هناك أزمة إقليمية أخرى تماثل هذا الصراع في درجة تأثيره على بقية قضايا المنطقة وعلى السلم الدولي، حيث إن إهمال هذا الصراع بشمولية وعدالة يوفر مناخات مناسبة لتنامي التطرف ومخاطر الإرهاب التي واجهتنا جميعاً، مما يفرض على العالم برمته حالة وبالية لا تزيدها الأيام إلا استفحالاً وتعقيداً. وكل ذلك يعيق مساعي التنمية والتحديث والإصلاح في هذه المنطقة التي يفترض أن تلعب دوراً حضارياً مهماً وضرورياً بدلاً من انشغالها بالصراعات التي تستنفد طاقاتها وتبدد مواردها.
ومن الملاحظ أن جميع الجهود السابقة قد ركزت على خطوات جزئية محدودة لم تقربنا من تحقيق الحل المنشود، أو على إجراءات أحادية لم ينتج عنها سوى تكريس وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني.
إن التركيز المبالغ فيه على المسائل الإجرائية، وتجاهل القضايا الأساسية التي تشكل جوهر الصراع والسبيل لتحقيق الحل الدائم، والافتقاد إلى خطوات محددة واضحة مرتبطة بجدول زمني ملزم لكلا الطرفين بشكل متوازن وعادل، قد جعل المقاربة السابقة التي اعتمدتها اللجنة الرباعية لإحراز التقدم المأمول في عملية السلام ضعيفة الجدوى ومحدودة النتائج، خاصة في ضوء الافتقاد إلى وجود مراقبين محايدين للاضطلاع بمهمة المراقبة والمتابعة التدقيق في مدى التزام الأطراف بتعهداتها وإخضاع أية تجاوزات لعقوبات ملائمة.
ومن الواضح أن الحاجة باتت ملحة إلى رؤية جديدة تتلافى العوائق والمصاعب الماضية وفي هذا الإطار فإن مبادرة السلام العربية تمثل فرصة فريدة وتاريخية لاستئناف مسيرة السلام بجدية وبما يكفل تحقيق النجاح المطلوب، حيث إنها تتيح لجميع الأطراف المعنية التفاوض على أساس واضح ومتوافق مع قرارات الشرعية الدولية. لقد تعهدت جميع الدول العربية دونما استثناء بإنهاء الصراع والدخول في اتفاقية سلام تتيح الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية بين جميع دول المنطقة على أساس الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة منذ 1967م كما التزم العرب ولأول مرة بالتوصل لحل متوافق عليه بشأن مشكلة اللاجئين.
إن المملكة العربية السعودية، جنباً إلى جنب مع أشقائها العرب، أعلنت ترحيبها بالجوانب الإيجابية المهمة التي تضمنتها دعوة الرئيس الأمريكي لعقد مؤتمر دولي للسلام والتي تشمل الدعوة لإنهاء الاحتلال والتوصل لحلول تفاوضية لقضايا القدس والحدود واللاجئين بحيث يتم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة وقابلة للحياة، تعيش بأمن وسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
إن فرصة تحقيق السلام العادل والشامل سانحة الآن إذا تحمل كل طرف مسؤولياته. وفي هذا الصدد أكد العرب التزامهم بالسلام، ويبقى على القوى الدولية الفاعلة أن تغير أسلوب تعاطيها مع هذا الصراع. ومن غير المنطقي أن تفرض الاشتراطات على الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال بينما تعطى الامتيازات لسلطات الاحتلال في منطق معكوس لا يحقق الثقة في جدية وعدالة مصداقية مسيرة السلام القائمة. ودون أي مبالغة فإن الفشل في تحمل كل منا لمسؤولياته تكون له عواقب وخيمة بل وكارثية لن تقتصر على دولة أو منطقة بعينها.
إن استمرار تدهور الأوضاع الأمنية في العراق ما يزال يتسبب بمعاناة أليمة وغير إنسانية للشعب العراقي، وبإعاقة جهود الدول المخلصة في سعيها لمساعدة العراق على تجاوز محنته وإعادة بناء اقتصاده وعمرانه. لقد أكدت المملكة العربية السعودية دوما على أهمية دعم وحدة العراق والحفاظ على استقلاله وسيادته والامتناع عن التدخل في شؤونه الداخلية.
إن مفتاح الحل للوضع العراقي قد بات واضحاً في ظل إجماع دولي وإقليمي على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية العراقية بأسرع وقت ممكن.
وأوضح أن لبنان يقف اليوم على عتبة استحقاق دستوري حاسم، وحين بدأت تتبلور مبادرات لبنانية جادة لتحقيق الوفاق الداخلي نجد أن يد الغدر والإجرام قد سارعت إلى تنفيذ جريمة اغتيال جديدة لمنع التوافق وتعطيل الحلول. إننا نشعر بقلق عميق من جراء استمرار أزمة لبنان السياسية، والتي تغذيها تدخلات خارجية لا تريد الخير للبنان وأهله بل تريد استباحته وتحويله لساحة لمختلف الصراعات الإقليمية والدولية. ونؤكد في هذا الصدد على الأهمية القصوى لإجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية في موعدها ووفقاً للنصوص الدستورية وعلى نحو يكفل حريتها من التدخلات والتهديدات ومحاولات التعطيل الخارجية. ولا يفوتنا في هذا المجال أن نجدد دعمنا الكامل للحكومة اللبنانية في جهودها لبسط سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية.
وأشار إلى أن أسلحة الدمار الشامل ما تزال تشكل مخاطر جدية ووخيمة على السلم والأمن الدوليين، سواء تم استخدامها في الحروب أو الابتزاز بين الدول، أو تملكتها مجموعات إرهابية.
إن المعالجة الفعالة لمشكلة انتشار أسلحة الدمار الشامل تتطلب التخلي عن ازدواجية المعايير.
ولذلك نؤكد على أهمية خلو منطقة الشرق الأوسط برمتها، بما فيها منطقة الخليج من الأسلحة النووية. فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة المدججة بكل أنواع أسلحة الدمار الشامل والتي لا تخضع مطلقاً لأي شكل من أشكال الرقابة.
وإننا في الوقت الذي نؤيد فيه حق جميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، بما في ذلك الحصول على المعرفة والتقنية النووية السلمية، فإننا ندعو إيران وجميع دول الشرق الأوسط إلى الاحترام الكامل والدقيق لالتزاماتها الواردة في العهود والمواثيق الدولية القائمة والتي تفرض ضوابط محددة على جميع البرامج النووية. ونأمل أن تتجاوب إيران مع الجهود الدولية الساعية إلى تحقيق نهاية سلمية وسريعة لمشكلة البرنامج النووي الإيراني، على نحو يجنب المنطقة سباقات تسلح عبثية ومخاطر بيئية جدية.
وانطلاقاً من حرص السعودية وشقيقاتها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تدعيم وتطوير علاقاتها مع جمهورية إيران الإسلامية، فإننا نأمل أن تبادر الحكومة الإيرانية إلى الاستجابة للدعوات المتكررة الصادرة عن دولة الإمارات العربية المتحدة للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الإماراتية المحتلة.
لقد عانى الشعب الصومالي طويلاً من ويلات الحروب الأهلية والانقسامات الداخلية وغياب الأمن والاستقرار، وهو ما يحتم علينا جميعاً بذل كل جهد ممكن في سبيل عودة الوحدة والأمن والتنمية إلى الصومال.
إن استمرار المعاناة الإنسانية في دارفور أمر غير مقبول لنا جميعاً.
وهدفنا المشترك يظل السعي إلى تحقيق حلول فعالة تكفل معالجة الاحتياجات الإنسانية الملحة لأبناء دارفور، والعودة السريعة للنازحين إلى ديارهم، وتمهد الطريق لجهود إعادة البناء.
إن ظاهرة الإرهاب الدولي باتت مصدر خطر على الجميع، وما زالت الأعمال الإرهابية تختبر تصميمنا على محاربتها وتمتحن عزيمتنا على التصدي لها. وإن المملكة العربية السعودية، باعتبارها من أبرز المستهدفين بالإرهاب، قد أدانت الإرهاب بكل أشكاله وصوره، وحققت نجاحات ملموسة في التصدي له، وانضمت إلى معظم الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، وإلى الاتفاقية العربية، واتفاقية منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب. ونأمل أن يتم خلال هذه الدورة تبني مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، تحت مظلة الأمم المتحدة.
وليس للإرهاب مبررات مقبولة، لكن له جذور ومسببات ينتعش في ظلها ويتغذى من تفاقمها.
إن كل عام يمر علينا يثبت مجدداً الحاجة الملحة والدور الحيوي للأمم المتحدة في عالم اليوم، فمشكلاتنا الكونية لا يمكن إيجاد حلول ناجحة لها إلا في إطار تعاون متعدد الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة.
إن المعاناة الإنسانية الناتجة عن الفقر والجوع وسوء التغذية وانتشار الأوبئة والأمراض ومخاطر الكوارث الطبيعية تؤثر بالضرورة وبشكل أكبر في المجتمعات الأكثر احتياجاً، مما يؤكد على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في تضافر الجهود وتنسيقها ومنح جهود مكافحتها الأولوية اللازمة. ولقد قدمت السعودية، وهي دولة نامية، حوالي 4% من إجمالي ناتجها الوطني خلال العقود الثلاثة الماضية كمساعدات اقتصادية رسمية، وهي أعلى نسبة في العالم. وفي مجال تخفيف عبء الديون تنازلت المملكة عما يزيد على 6 مليارات دولار من ديونها المستحقة على الدول الأكثر احتياجاً.
ولضمان استمرار النمو الاقتصادي حرصت المملكة على الوفاء بتعهداتها بالنسبة لاستقرار الأسواق البترولية، فزادت طاقتها الإنتاجية لضمان توفر الإمدادات البترولية الكافية، وللحد من ارتفاع أسعار البترول بشكل غير طبيعي.
إن السعودية تشارك بكل إيجابية في الجهود العالمية الحثيثة للحفاظ على البيئة ضمن المبادئ التي تحكم العمل الدولي المشترك بوصفها إحدى الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية الرامية إلى الحفاظ على البيئة ومنها بروتوكول كيوتو
جريدة الوطن