عبير الشوق
23-09-2009, 01:53 PM
الكاتب : فاضل العماني .
صحيفة الوطن السعودية
ما أجمل الكتابة عن الوطن، وما أحلى التغني بتاريخه وأمجاده ومنجزاته وتطلعاته، وحده الوطن الذي تقف أمامه الكلمات عاجزة وحائرة ومرتبكة، لأنها أي تلك الكلمات تستشعر المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق القلم، وتستحضر التاريخ بمراحله المختلفة وبمنعطفاته المهمة والتي شكلت هذا الكيان الشامخ الذي نُباهي ونُفاخر به الأمم.
يطل علينا اليوم الوطني لهذا العام مختلفاً ورائعاً ومميزاً عبر نافذة واسعة وبرّاقة، نافذة العلم والمعرفة والتقنية الحديثة والبحث والشراكة العالمية، حيث يُزامن هذا اليوم المجيد من تاريخ وطننا العزيز بزوغ نجم جديد في سماء الوطن، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «KAUST»، هذا الصرح العلمي الاستثنائي الذي تُعلّق عليه الآمال والأحلام والطموحات والتحديات للمساهمة الفاعلة في تحقيق التنمية الحقيقية بمفهومها الواسع والشامل، وكعنوان كبير لكل فصول التقدم والتطور والإنجاز والإبداع والاكتشاف والاختراع والبحث والدراسة. نشهد اليوم وبـ"الخط العريض الأخضر" هذه المرة بداية التحول الحقيقي في مسيرة هذا الوطن العزيز، ومن مجرد أمة تقبع في زاوية من الظل وتقنع بالأدوار البسيطة التي لا تُحدث ضجة أو تأثيرا، من مجرد أمة مستهلكة تتوسد هانئة رمالا من النفط والثروات والخيرات إلى أمة قوية ومنتجة ومشاركة فاعلة في التنمية العالمية وقادرة على رسم السياسات والمبادرات والقرارات، هذا "التحول الكبير" الذي طال انتظاره ولطالما اعتبرناه من الأحلام، بل من المستحيلات، والذي أرسى معالمه ووضعه على أول الطريق، طريق الحقيقة والتنفيذ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بمجرد توليه الحكم في الأول من أغسطس 2005، وذلك ضمن مشروعه الإصلاحي الكبير الذي يُبشر بـ"سعودية المستقبل"، وذلك في كل تفاصيل الواقع السعودي المعاصر، تفاصيل كثيرة تتمحور في العلم والصناعة ومفهوم الدولة الحديثة والمناهج وثقافة الاعتدال والنموذج الإسلامي الوسطي، وتفاصيل أخرى كثيرة طالها الإصلاح والتجديد والتغيير لضمان فاعلية واستمرارية وديمومة ذلك المشروع الإصلاحي الضخم، والذي يأتي في وقت دقيق وحرج يتناسب مع المرحلة المفصلية الصعبة من تاريخ الصراع العالمي الحديث، إضافة إلى التداعيات الخطيرة الناتجة من الأزمة المالية التي عصفت ومازالت بكل الاقتصادات العالمية في كل دول العالم، ولم يكن الاقتصاد الوطني بمنأى أو بمعزل عنها، ولكنه ولله الحمد يشهد تحسناً ملحوظاً ونمواً مطرداً في مختلف القطاعات الرسمية والخاصة بعد عدة سنوات من التراجع والانكماش.
"لا شيء فوق مصلحة الوطن" شعار جميل طالما ردده خادم الحرمين الشريفين في كل المناسبات والأزمات ليكون بمثابة النبراس والمحك، وليؤكد إصرار هذا الإنسان الكبير بالمضي قدماً باتجاه الأمن والاستقرار والحرية والعدل والمساواة والرفاهية، وتلك حاجات واستحقاقات تضمن العيش الكريم للإنسان على هذه الأرض الطيبة بعيداً عن الاصطفافات الداخلية أو التجاذبات الخارجية، وقد أدرك يحفظه الله بحسه الأبوي وبرغبته الصادقة حجم المعاناة التي يتعرض لها الإنسان السعودي البسيط في حياته اليومية.
لقد جسد اليوم الأول من الميزان عام 1351هـ والمصادف 23 سبتمبر 1932م ملحمة وطنية أسطورية تمثلت في توحيد هذا الكيان الضخم المترامي الأطراف والمتعدد الثقافات والمذاهب والاتجاهات في سابقة لا مثيل لها في أبجديات الصراع وحركات التحرر والاستقلال في بدايات القرن الماضي.
وتبرز أهمية اليوم الوطني لهذا العام لأنه يُمثل مرحلة فاصلة وحاسمة وانعطافة تاريخية لمسيرة هذا الوطن الذي يُعتبر قبلة لكل المسلمين على وجه المعمورة، كما أنه أيضاً قبلة للمستثمرين وللطامعين وللباحثين عن الثراء والفرص الكبيرة. إذاً فالتحديات والصعوبات معقدة وكثيرة جداً وتستدعي حضوراً قوياً لمبادئ الوحدة الوطنية الحقيقية، والانتماء الخالص لهذا الكيان الكبير، والرغبة الصادقة في تجسير هوة الخلافات الداخلية والاستقطابات الخارجية من أجل تكريس ثقافة المواطنة الصالحة، والشراكة الحقيقية في مقدرات وخيرات وأزمات هذا الوطن، والعمل الجاد والمخلص لتجفيف منابع الفتنة والإرهاب، والقضاء التام على كل حلقات الكره والتمييز والاستئثار والازدراء، والتصالح والتسامح بين أطياف وفئات المجتمع السعودي، وعدم الادعاء السافر بأحقية جهة ما بامتلاك الحقيقة المطلقة وتخطئة وإقصاء وتخوين الآخر. وكل ذلك لن يحدث إلا بتضافر الجهود والتعاون الجاد والمخلص بين الدولة بسلطتها وقراراتها وإمكاناتها، والمواطن بغيرته وحبه وانتمائه وولائه لوطنه.
فلنحتفل جميعاً مواطنين ومقيمين بيوم الوطن، وبكل يوم في الوطن، ولتزدان شوارعنا وواجهاتنا الأمامية ومبانينا بعبارات الحب والانتماء والولاء لهذا الوطن، ولننظم الشعر بقصائد عشق في الوطن، ولترفرف أعلامنا الخضراء عالية في سماء الوطن، فلنفعل كل ذلك وأكثر، ولكن الأجمل والأروع حقاً أن تتمظهر كل تلك المشاعر الفياضة والأحاسيس الصادقة في سلوكياتنا وأنماط حياتنا وتعاطينا مع الأحداث والآخرين. ما أجمل أن نكون كذلك، حتى نستحق شرف الانتماء لهذا الوطن.
صحيفة الوطن السعودية
ما أجمل الكتابة عن الوطن، وما أحلى التغني بتاريخه وأمجاده ومنجزاته وتطلعاته، وحده الوطن الذي تقف أمامه الكلمات عاجزة وحائرة ومرتبكة، لأنها أي تلك الكلمات تستشعر المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق القلم، وتستحضر التاريخ بمراحله المختلفة وبمنعطفاته المهمة والتي شكلت هذا الكيان الشامخ الذي نُباهي ونُفاخر به الأمم.
يطل علينا اليوم الوطني لهذا العام مختلفاً ورائعاً ومميزاً عبر نافذة واسعة وبرّاقة، نافذة العلم والمعرفة والتقنية الحديثة والبحث والشراكة العالمية، حيث يُزامن هذا اليوم المجيد من تاريخ وطننا العزيز بزوغ نجم جديد في سماء الوطن، جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «KAUST»، هذا الصرح العلمي الاستثنائي الذي تُعلّق عليه الآمال والأحلام والطموحات والتحديات للمساهمة الفاعلة في تحقيق التنمية الحقيقية بمفهومها الواسع والشامل، وكعنوان كبير لكل فصول التقدم والتطور والإنجاز والإبداع والاكتشاف والاختراع والبحث والدراسة. نشهد اليوم وبـ"الخط العريض الأخضر" هذه المرة بداية التحول الحقيقي في مسيرة هذا الوطن العزيز، ومن مجرد أمة تقبع في زاوية من الظل وتقنع بالأدوار البسيطة التي لا تُحدث ضجة أو تأثيرا، من مجرد أمة مستهلكة تتوسد هانئة رمالا من النفط والثروات والخيرات إلى أمة قوية ومنتجة ومشاركة فاعلة في التنمية العالمية وقادرة على رسم السياسات والمبادرات والقرارات، هذا "التحول الكبير" الذي طال انتظاره ولطالما اعتبرناه من الأحلام، بل من المستحيلات، والذي أرسى معالمه ووضعه على أول الطريق، طريق الحقيقة والتنفيذ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بمجرد توليه الحكم في الأول من أغسطس 2005، وذلك ضمن مشروعه الإصلاحي الكبير الذي يُبشر بـ"سعودية المستقبل"، وذلك في كل تفاصيل الواقع السعودي المعاصر، تفاصيل كثيرة تتمحور في العلم والصناعة ومفهوم الدولة الحديثة والمناهج وثقافة الاعتدال والنموذج الإسلامي الوسطي، وتفاصيل أخرى كثيرة طالها الإصلاح والتجديد والتغيير لضمان فاعلية واستمرارية وديمومة ذلك المشروع الإصلاحي الضخم، والذي يأتي في وقت دقيق وحرج يتناسب مع المرحلة المفصلية الصعبة من تاريخ الصراع العالمي الحديث، إضافة إلى التداعيات الخطيرة الناتجة من الأزمة المالية التي عصفت ومازالت بكل الاقتصادات العالمية في كل دول العالم، ولم يكن الاقتصاد الوطني بمنأى أو بمعزل عنها، ولكنه ولله الحمد يشهد تحسناً ملحوظاً ونمواً مطرداً في مختلف القطاعات الرسمية والخاصة بعد عدة سنوات من التراجع والانكماش.
"لا شيء فوق مصلحة الوطن" شعار جميل طالما ردده خادم الحرمين الشريفين في كل المناسبات والأزمات ليكون بمثابة النبراس والمحك، وليؤكد إصرار هذا الإنسان الكبير بالمضي قدماً باتجاه الأمن والاستقرار والحرية والعدل والمساواة والرفاهية، وتلك حاجات واستحقاقات تضمن العيش الكريم للإنسان على هذه الأرض الطيبة بعيداً عن الاصطفافات الداخلية أو التجاذبات الخارجية، وقد أدرك يحفظه الله بحسه الأبوي وبرغبته الصادقة حجم المعاناة التي يتعرض لها الإنسان السعودي البسيط في حياته اليومية.
لقد جسد اليوم الأول من الميزان عام 1351هـ والمصادف 23 سبتمبر 1932م ملحمة وطنية أسطورية تمثلت في توحيد هذا الكيان الضخم المترامي الأطراف والمتعدد الثقافات والمذاهب والاتجاهات في سابقة لا مثيل لها في أبجديات الصراع وحركات التحرر والاستقلال في بدايات القرن الماضي.
وتبرز أهمية اليوم الوطني لهذا العام لأنه يُمثل مرحلة فاصلة وحاسمة وانعطافة تاريخية لمسيرة هذا الوطن الذي يُعتبر قبلة لكل المسلمين على وجه المعمورة، كما أنه أيضاً قبلة للمستثمرين وللطامعين وللباحثين عن الثراء والفرص الكبيرة. إذاً فالتحديات والصعوبات معقدة وكثيرة جداً وتستدعي حضوراً قوياً لمبادئ الوحدة الوطنية الحقيقية، والانتماء الخالص لهذا الكيان الكبير، والرغبة الصادقة في تجسير هوة الخلافات الداخلية والاستقطابات الخارجية من أجل تكريس ثقافة المواطنة الصالحة، والشراكة الحقيقية في مقدرات وخيرات وأزمات هذا الوطن، والعمل الجاد والمخلص لتجفيف منابع الفتنة والإرهاب، والقضاء التام على كل حلقات الكره والتمييز والاستئثار والازدراء، والتصالح والتسامح بين أطياف وفئات المجتمع السعودي، وعدم الادعاء السافر بأحقية جهة ما بامتلاك الحقيقة المطلقة وتخطئة وإقصاء وتخوين الآخر. وكل ذلك لن يحدث إلا بتضافر الجهود والتعاون الجاد والمخلص بين الدولة بسلطتها وقراراتها وإمكاناتها، والمواطن بغيرته وحبه وانتمائه وولائه لوطنه.
فلنحتفل جميعاً مواطنين ومقيمين بيوم الوطن، وبكل يوم في الوطن، ولتزدان شوارعنا وواجهاتنا الأمامية ومبانينا بعبارات الحب والانتماء والولاء لهذا الوطن، ولننظم الشعر بقصائد عشق في الوطن، ولترفرف أعلامنا الخضراء عالية في سماء الوطن، فلنفعل كل ذلك وأكثر، ولكن الأجمل والأروع حقاً أن تتمظهر كل تلك المشاعر الفياضة والأحاسيس الصادقة في سلوكياتنا وأنماط حياتنا وتعاطينا مع الأحداث والآخرين. ما أجمل أن نكون كذلك، حتى نستحق شرف الانتماء لهذا الوطن.