أمير الذوق
28-09-2007, 06:05 PM
من المعلوم في ديننا أن من ترك شيئا لله عز وجل عوضه الله خيرا منه ، وهي قاعدة عظيمة تشحذ الهمم وتحث على الزهد في الدنيا وطلب الآخرة ، وعلى البذل في سبيل الله طلبا لثوابه مع اليقين بأن ما يبذله العبد في هذه الدنيا سيعطيه الله خيرا منه ولا شك.ونجد هذا المعنى واضحا جليا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل" .(رواه مسلم).
فمن تصدق بورك له في ماله وزاد " ما نقصت صدقة من مال" ، ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (سـبأ: من الآية39) ، ومن ترك الانتقام والتشفي مع قدرته على ذلك، عوضه الله انشراحاً في الصدر، وفرحا في القلب؛ ففي العفو من الطمأنينة والسكينة والحلاوة وشرف النفس، وعزها، وترفعها ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام.
" وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا" ، هذا مع ما ينتظره من الأجر والكرامة بين يدي الله تعالى يوم القيامة كما في الحديث الشريف: " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ".
ومن ترك التكبر والتعالي وتواضع كانت الرفعة والمحبة وعلو المكانة من نصيبه: "وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله...". وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها " .
صهيب الرومي يترك ماله لله
كان صهيب الرومي رضي الله عنه ممن شرح الله صدورهم للإسلام ،وكان يعيش في مكة وبارك الله له في ماله ، فلما أراد الهجرة تبعه نفر من قريش حتى إذا أدركوه قال لهم : والله لقد علمتم أني من أرماكم رجلا ، ووالله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم من كنانتي رجلا منكم ، أولا أدلكم على خير من ذلك ؟ مالي بالمكان الفلاني خذوه وخلوا سبيلي ، فرجعوا وهاجر هو إلى الله ورسوله ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: ربح البيع يا صهيب أبا يحيى ، وفيه نزل قول الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة:207). فهل هناك مقارنة بين ما تركه صهيب رضي الله عنه وبين ما عوضه الله عز وجل؟!!.
وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا الباب وقائع تدل على هذا المعنى ، ومما أورده في ذلك أن رجلا من تيم خرج حاجا فلما جن عليه الليل ورد بعض الماء فوجد امرأة قد وضعت جلبابها ، ونشرت شعرها ، فأعرض عنها ، فقالت: هلم إلي ، لم تعرض عني؟
فقال: إني أخاف الله رب العالمين.فقالت: هبت والله مهابا ، ووضعت جلبابها على جسدها وهي تقول: إن أولى من شركك في الهيبة لمن أراد أن يشركك في المعصية ، ثم ولت فتبعها حتى دخلت خيمة من خيام الأعراب فلما أصبح ذهب إلى مكان الخيمة فوجد رجلا جالسا فسأله عن المرأة فأخبره الرجل أنها ابنته فطلب منه أن يزوجه إياها فوافق الأب بعد أن سأل الرجل عن نسبه وقبيلته ، فانظر أيها الحبيب لحال هذا الرجل الذي ترك الحرام لله فرزقه الله المرأة حلالا.
يقول مالك بن دينار رحمه الله تعالى: جنات النعيم بين الفردوس وجنات عدن ، فيها جوار خلقن من ورد الجنة يسكنها الذين هموا بالمعاصي ، فلما ذكروا الله عز وجل راقبوه فانثنت رقابهم من خشيته.
قصة زواج المبارك والد عبد الله بن المبارك
وهي قصة عجيبة تدل على نفس المعنى ـ أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ـ فقد كان المبارك رقيقا فأعتقه سيده ، وعمل أجيرا عند صاحب بستان ، وفي يوم خرج صاحب البستان ومعه نفر من أصحابه إلى البستان وأمر المبارك أن يحضر لهم رمانا حلوا ، فجمع لهم فلما ذاقه قال للمبارك: أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟ فقال المبارك:لم تأذن لي ان آكل حتى أعرف الحلو من الحامض.فظن صاحب البستان أن المبارك يخدعه ، وقال له: أنت منذ كذا وكذا سنة تحرس البستان وتقول هذا؟ثم سأل بعض الجيران عنه فشهدوا له بالخير والصلاح وأنهم ما عرفوا أنه أكل رمانة واحدة ، فجاءه صاحب البستان وقال له إذا أردت أن أزوج ابنتي فممن أزوجها؟ فقال المبارك: إن اليهود يزوجون على المال ، والنصارى يزوجون على الجمال ، والمؤمنين يزوجون على التقوى والدين فانظر من أي الناس أنت؟فقال:وهل أجد لابنتي من هو خير منك؟وعرضها عليه فقبل المبارك وبنى بها ورزق منها أولادا كان منهم عبد الله بن المبارك رحمه الله ، فيا سبحان الله ، عف عن الرمان فسيق إليه البستان وصاحبته ،ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
قصة الراعي مع عبد الله بن عمر
وهي من أعجب القصص التي تدل على هذا المعنى ، إذ سار عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ومعه بعض إخوانه فلقي راعي غنم فقال له ابن عمر: بعنا شاة من هذه الغنم ، فقال : إنها ليست لي إنها لسيدي ، فقال ابن عمر : قل لسيدك أكلها الذئب ، فقال الراعي: فأين الله؟ فبكى ابن عمر رضي الله عنه وظل يردد : فأين الله؟ ثم ذهب إلى سيده فاشتراه وأعتقه ، واشترى الغنم ووهبها له ، فانظر كيف عف عن شاة واحدة فأعتق ووهبت له الشياه كلها!!.
فيا أيها الحبيب: هل أيقنت الآن أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ؟ وهل علمت أن الأمر صبر ساعة ، وأن من يتصبر يصبره الله ومن يستعفف يعفه الله ؟
إن من ترك لله شيئاً عوضه الله خيراً منه، والعوض من الله أنواع مختلفة، وأجل ما يعوض به: الأنس بالله، ومحبته، وطمأنينة القلب بذكره، وقوته، ونشاطه، ورضاه عن ربه تبارك وتعالى، مع ما يلقاه من جزاء في هذه الدنيا، ومع ما ينتظره من الجزاء الأوفى في العقبى ؛ فحري بالعاقل الحازم، أن يتبصّر في الأمور، وينظر في العواقب، وألا يؤثر اللذة الحاضرة الفانية على اللذة الآجلة الدائمة الباقية.
منقــــــــــــــــــــــــــــول
فمن تصدق بورك له في ماله وزاد " ما نقصت صدقة من مال" ، ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (سـبأ: من الآية39) ، ومن ترك الانتقام والتشفي مع قدرته على ذلك، عوضه الله انشراحاً في الصدر، وفرحا في القلب؛ ففي العفو من الطمأنينة والسكينة والحلاوة وشرف النفس، وعزها، وترفعها ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام.
" وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا" ، هذا مع ما ينتظره من الأجر والكرامة بين يدي الله تعالى يوم القيامة كما في الحديث الشريف: " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ".
ومن ترك التكبر والتعالي وتواضع كانت الرفعة والمحبة وعلو المكانة من نصيبه: "وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله...". وكما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك اللباس تواضعا لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها " .
صهيب الرومي يترك ماله لله
كان صهيب الرومي رضي الله عنه ممن شرح الله صدورهم للإسلام ،وكان يعيش في مكة وبارك الله له في ماله ، فلما أراد الهجرة تبعه نفر من قريش حتى إذا أدركوه قال لهم : والله لقد علمتم أني من أرماكم رجلا ، ووالله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم من كنانتي رجلا منكم ، أولا أدلكم على خير من ذلك ؟ مالي بالمكان الفلاني خذوه وخلوا سبيلي ، فرجعوا وهاجر هو إلى الله ورسوله ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: ربح البيع يا صهيب أبا يحيى ، وفيه نزل قول الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة:207). فهل هناك مقارنة بين ما تركه صهيب رضي الله عنه وبين ما عوضه الله عز وجل؟!!.
وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا الباب وقائع تدل على هذا المعنى ، ومما أورده في ذلك أن رجلا من تيم خرج حاجا فلما جن عليه الليل ورد بعض الماء فوجد امرأة قد وضعت جلبابها ، ونشرت شعرها ، فأعرض عنها ، فقالت: هلم إلي ، لم تعرض عني؟
فقال: إني أخاف الله رب العالمين.فقالت: هبت والله مهابا ، ووضعت جلبابها على جسدها وهي تقول: إن أولى من شركك في الهيبة لمن أراد أن يشركك في المعصية ، ثم ولت فتبعها حتى دخلت خيمة من خيام الأعراب فلما أصبح ذهب إلى مكان الخيمة فوجد رجلا جالسا فسأله عن المرأة فأخبره الرجل أنها ابنته فطلب منه أن يزوجه إياها فوافق الأب بعد أن سأل الرجل عن نسبه وقبيلته ، فانظر أيها الحبيب لحال هذا الرجل الذي ترك الحرام لله فرزقه الله المرأة حلالا.
يقول مالك بن دينار رحمه الله تعالى: جنات النعيم بين الفردوس وجنات عدن ، فيها جوار خلقن من ورد الجنة يسكنها الذين هموا بالمعاصي ، فلما ذكروا الله عز وجل راقبوه فانثنت رقابهم من خشيته.
قصة زواج المبارك والد عبد الله بن المبارك
وهي قصة عجيبة تدل على نفس المعنى ـ أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ـ فقد كان المبارك رقيقا فأعتقه سيده ، وعمل أجيرا عند صاحب بستان ، وفي يوم خرج صاحب البستان ومعه نفر من أصحابه إلى البستان وأمر المبارك أن يحضر لهم رمانا حلوا ، فجمع لهم فلما ذاقه قال للمبارك: أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟ فقال المبارك:لم تأذن لي ان آكل حتى أعرف الحلو من الحامض.فظن صاحب البستان أن المبارك يخدعه ، وقال له: أنت منذ كذا وكذا سنة تحرس البستان وتقول هذا؟ثم سأل بعض الجيران عنه فشهدوا له بالخير والصلاح وأنهم ما عرفوا أنه أكل رمانة واحدة ، فجاءه صاحب البستان وقال له إذا أردت أن أزوج ابنتي فممن أزوجها؟ فقال المبارك: إن اليهود يزوجون على المال ، والنصارى يزوجون على الجمال ، والمؤمنين يزوجون على التقوى والدين فانظر من أي الناس أنت؟فقال:وهل أجد لابنتي من هو خير منك؟وعرضها عليه فقبل المبارك وبنى بها ورزق منها أولادا كان منهم عبد الله بن المبارك رحمه الله ، فيا سبحان الله ، عف عن الرمان فسيق إليه البستان وصاحبته ،ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
قصة الراعي مع عبد الله بن عمر
وهي من أعجب القصص التي تدل على هذا المعنى ، إذ سار عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ومعه بعض إخوانه فلقي راعي غنم فقال له ابن عمر: بعنا شاة من هذه الغنم ، فقال : إنها ليست لي إنها لسيدي ، فقال ابن عمر : قل لسيدك أكلها الذئب ، فقال الراعي: فأين الله؟ فبكى ابن عمر رضي الله عنه وظل يردد : فأين الله؟ ثم ذهب إلى سيده فاشتراه وأعتقه ، واشترى الغنم ووهبها له ، فانظر كيف عف عن شاة واحدة فأعتق ووهبت له الشياه كلها!!.
فيا أيها الحبيب: هل أيقنت الآن أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ؟ وهل علمت أن الأمر صبر ساعة ، وأن من يتصبر يصبره الله ومن يستعفف يعفه الله ؟
إن من ترك لله شيئاً عوضه الله خيراً منه، والعوض من الله أنواع مختلفة، وأجل ما يعوض به: الأنس بالله، ومحبته، وطمأنينة القلب بذكره، وقوته، ونشاطه، ورضاه عن ربه تبارك وتعالى، مع ما يلقاه من جزاء في هذه الدنيا، ومع ما ينتظره من الجزاء الأوفى في العقبى ؛ فحري بالعاقل الحازم، أن يتبصّر في الأمور، وينظر في العواقب، وألا يؤثر اللذة الحاضرة الفانية على اللذة الآجلة الدائمة الباقية.
منقــــــــــــــــــــــــــــول